• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الإنسان في ظل الكنيسة وبعدها

الإنسان في ظل الكنيسة وبعدها
أ. صالح بن أحمد الشامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/3/2014 ميلادي - 29/5/1435 هجري

الزيارات: 10333

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإنسان في ظل الكنيسة

ميادين الجمال في الظاهرة الجمالية في الإسلام

الإنسان في ظل الكنيسة وبعدها (1)

 

تحولت الدولة الرومانية إلى دولة نصرانية حين جعل قسطنطين الأكبر المسيحية ديناً رسمياً للدولة سنة 313م.

 

"ونتيجة لذلك أصبحت روما مركزاً من المراكز الأساسية في العالم المسيحي، وما إن أصبحت النصرانية ديناً رسمياً للدولة الرومانية حتى دافع عنها وتحمس لها كثير من أهل الدنيا والمشركين وعباد الأصنام الذين لم يكونوا على صلة بها، وذلك بغية الحصول على المناصب والأموال"[1].

 

وإزاء هذا التحول السريع إلى النصرانية، الذي لم يكن بدافع العقيدة والإيمان والقناعة الفكرية، وإنما كان بدافع الدنيا والحرص عليها... لم تستطع الكنيسة أن تهيمن على التيار القوي الذي غمرها فاستطاع أن يُشْرِبَها لونه ويبث فيها روحه.. ولم يبق لها إلا المظهر الخارجي.


يقول "درابر" الأمريكي في كتابه: تاريخ الصراع بين العلم والدين:

"ودخلت الوثنية والشرك في النصرانية بتأثير المنافقين الذين تقلدوا وظائف خطيرة، ومناصب عالية في الدولة الرومية بتظاهرهم بالنصرانية، ولم يكونوا يحفلون بأمر الدين، ولم يخلصوا له يوماً من الأيام، وكذلك كان قسطنطين، فقد قضى عمره في الظلم والفجور ولم يتقيد بأوامر الكنيسة الدينية إلا قليلاً في آخر عمره سنة 337م".


"إن الجماعة النصرانية.. لم تتمكن من أن تقطع دابر الوثنية وتقتلع جرثومتها وكان نتيجة كفاحها أن اختلطت مبادئها، ونشأ عن ذلك دين جديد، تتجلى فيه النصرانية والوثنية سواء بسواء.."[2].


إن ما تقوم عليه الكنيسة لا يمت إلى المسيح عليه السلام بصلة لذا كان السبيل الأمثل أن ننسب هذه النظرة إلى الكنيسة، لا إلى المسيحية، إذ ليس بين الأيدي ما يصح نسبته إلى المسيح عليه السلام.


1) الوضع الاجتماعي:

للتعرف إلى طبيعة النظرة الكنسية إلى الإنسان من حيث جماله، كان لا بد من وقفة يسيرة نتعرف بها إلى ما آل إليه وضع المجتمع الروماني بعد الانقلاب الذي طرأ عليه.


لم تتدخل الكنيسة في تغيير البنية الاجتماعية للمجتمع الروماني، بل أبقته على ما كان عليه، فقد "زعمت أن المسيح عليه السلام قد أعطى قيصر وحكمه شرعية الوجود، حين وضعت على لسانه هذه الكلمات. (إذن أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله) وفسرتها - عملياً - بترك القانون الروماني يحكم العالم المسيحي بدلاً من شريعة الله"[3].


وبهذا استمر الوضع الاجتماعي السابق بكل أبعاده، وتقدمت الكنيسة بموعظتها إلى طبقة الأرقاء والعبيد خاصة، بأن لا يحاولوا التخلص من الرق، بل عليهم أن يحافظوا عليه حتى ولو أتيح لهم التحرر، لأن ذلك سيجعل حسابهم يسيراً.

 

يقول القديس (باسيلوس) مخاطباً الرقيق:

"إني لأنصحك بالبقاء في الرق، حتى ولو عرض عليك مولاك تحريرك، فإنك بذلك تحاسب حساباً يسيراً، لأنك تكون خدمت مولاك الذي في السماء ومولاك الذي في الأرض"[4].


"وقد قررت الكنائس في تعاليمها: أن الرق كفارة عن ذنوب البشر يؤديها العبيد لما استحقوه من غضب السيد الأعظم"[5].


على أنه لا بد من الإشارة إلى التغيير الوحيد الذي طرأ على هذه البنية، وهو أن الطبقة العليا في المجتمع، وهي طبقة الحكام الأباطرة، لم تعد وحدها تتبوأ هذه السدة العالية، بل ارتقى إلى مصافها طبقة ثانية هي طبقة رجال الدين، أو رجال الكنيسة. وكان التنافس بينهما شديداً في كثير من الأحيان.. فتارة تكون الصدارة والكلمة الفصل للأباطرة والحكام، ويكون رجال الكنيسة تبعاً لهم، وتارة يكون الأمر لرجال الكنيسة...[6]


ونتيجة لذلك كان على الفرد أن يعلن طاعته وولاءه للفريقين معاً، وإن كان سلطان الكنيسة هو الطاغي والغالب في أكثر الأحيان، وذلك بما تمتلكه من الهيمنة الروحية على القلوب.. وكثيراً ما كان سلطانها يفرض بعامل القوة والإرهاب[7].


وهكذا تبوأ رجال الكنيسة المنزلة العليا في المجتمع، لأن بيدهم ملكوت الرحمة.. يقول الأستاذ محمد قطب:

"لقد مضت الكنيسة تزاول سلطانها على القلوب والمشاعر.. وذهبت في فرض هذا السلطان إلى المدى الذي جاوز كل حد معقول، لقد احتجز الكهنة لأنفسهم ملكوت السماء واحتكروه! فلا يدخلون فيه إلا من رضي عنهم ورضوا عنه، أما الآخرون فهم (محرومون) من الرضوان"[8].


2) الإنسان في التصور الكنسي:

ذلك هو وضع "الإنسان" من حيث خضوعه وولاؤه، من حيث مكانته وطبقاته.. أما الإنسان ذاته، ما هو شأنه بعيداً عن العوامل الخارجية التي تحيط به، بعيداً عن سلوكه وعمله، بعيداً عن غناه وفقره.. والإنسان من حيث هو مخلوق لله، هذا ما نريد التعرف إليه من وجهة نظر الكنيسة:

يولد الإنسان - يوم يولد - مسربلاً "بالخطيئة"، خطيئة أبيه آدم وأمه حواء يوم أكلا من الشجرة، وتظل هذه الخطيئة الموروثة ملازمة له طوال حياته.


فالخطيئة جبلة أصيلة في الإنسان، ولذا فهو ميال إليها دائماً..


هذا ما قررته الكنائس المختلفة في شخصية هذا الإنسان... إنه وارث الخطيئة، وبسبب هذه الخطيئة وبناء عليها كانت قصة الصلب[9]..


ونتيجة لهذا التصور أصبح الإنسان كائناً مهيناً، فلا كرامة له ما دام يحمل هذا الإرث القائم في كيانه، ولهذا فهو لا يستطيع أن يظفر براحة الضمير أو الشعور بالرضا عن النفس.


هذا هو "الإنسان" في مرآة الكنيسة!!


على أن للمرأة - في هذه التصور - زيادة فضل على الرجل؟! فينبغي أن يكون شعورها بالخطيئة أكبر، ذلك أنها مبعث الشر و"ينبوع المعاصي، وأصل السيئة والفجور، وهي للرجل باب من أبواب جهنم من حيث هي مصدر تحريكه وحمله على الآثام، ومنها انبجست عيون المصائب الإنسانية جمعاء، فبحسبها ندامة وخجلاً أنها امرأة.. قال "ترتوليان" أحد أقطاب المسيحية الأول، في المرأة: إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعة بالمرء إلى الشجرة الممنوعة، ناقضة لقانون الله، ومشوهة لصورة الله - أي الرجل -.


وقال سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة: هي شر لا بد منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ورزء مطلي مموه"[10].


ذلك هو الإنسان في حقيقته، صفحة بيضاء سودتها "الخطيئة"!! وظلت كذلك غير قابلة في هذه الحياة إلى أي محاولة في إعادة نصاعتها..

 

وإذا كانت تلك حقيقته، فما شأن ظاهره؟

حددت الكنيسة لنفسها مهمة الإصلاح الروحي، بعيداً عن الاهتمام بالجسد أو العناية به.. أو تلبية رغباته، وما الأيمان التي يحلفها الراهب في بدء سلوكه الطريق إلى الكنيسة إلا التعبير عن النظرة المثلى التي تسعى الكنيسة إلى تحقيقها..[11]


ولم يقف الأمر عند حدود الإعراض عن الجسد، بل أصبح تعذيبه وإجهاده قربة يتقرب بها الإنسان.. في طريقه إلى نقاء الروح.


ومن هذا المنطلق.. كانت العناية بالجسد إثماً ينبغي الابتعاد عنه وغدت القذارة غاية تطلب، وأصبح البعد عن الطهارة فضيلة يسعى إليها.


يقول (ليكي) في كتابه تاريخ أخلاق أوربا: عن حياة الرهبان - وهم القدوة -: "وكانوا يعدون طهارة الجسم منافية لنقاء الروح، ويتأثمون من غسل الأعضاء، وأزهد الناس عندهم وأتقاهم أبعدهم عن الطهارة وأرغبهم في النجاسات والدنس.. يقول الراهب لتهينس: إن الراهب أنتوني لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره، وكان الراهب ابراهام لم يمس وجهه ولا رجليه الماء خمسين سنة.."[12].


وابتعد الملتزمون بأوامر الكنيسة.. عن النظافة وهي الوسيلة الأولى والأهم في تجميل الجسم وتحسين مظهره.


ولكن الجسم نفسه شكلاً ولوناً، هو من صنع الله وليس للإنسان قدرة على تغييره في حال كونه جميلاً.. ومع ذلك فإن الذي يملك شيئاً من جمال الجسم فإن هذا يعني الدلالة على فساد الروح، وإذا كان جمال الرجال أمراً ثانوياً فقد اتجه الاهتمام إلى المرأة..


فالمرأة التي أوتيت جسماً جميلاً ووجهاً حسناً، "ينبغي أن تستحيي من حسنها وجمالها، لأنه سلاح إبليس الذي لا يوازيه سلاح من أسلحته المتنوعة، وعليها أن تكفر ولا تنقطع عن أداء الكفارة أبداً، لأنها هي التي قد أتت بما أتت به الرزء والشقاء للأرض وأهلها..."[13].


3) الروح:

تبين مما سبق أن النظرة الكنسية إلى الإنسان قد اتجهت إلى الاهتمام "بالروح" وغضت الطرف عن الجوانب الأخرى، إن لم نقل إنها أعطتها شهادة بالقبح.


وفي سبيل العناية بالروح كانت الرهبانية، ثم كانت الكنيسة.


"عانى المسيحيون في عهد الاضطهاد صنوفاً من التعسف والقسوة، ويبرر الكتاب المسيحيون ذلك بأنه كان تدريباً للمسيحيين على التضحية وحب الفداء، فلما بدأ عهد الحرية، ونشر ظلاله عليهم تحسر أولئك الذين فاتهم أن يضحوا بدمائهم، فقرروا أن يضحوا بمتعهم.. ولجأوا إلى الجبال ليعيشوا فيها ويبتعدوا عن حياة المدن، كما لجأوا إلى تعذيب الجسم بالجوع والعطش وخشن الثياب والتبتل وعدم الزواج والعكوف على العبادة والطاعة تقديراً للمسيح الذي بذل نفسه من أجل البشر..


"ولما كثر عدد الراغبين في الترهب اجتمعوا وبنوا لهم صوامع متجاورة ثم أحاطوها بأسوار عالية حيث تسمى بالأديرة، وقد فعلوا ذلك حماية لأنفسهم من اللصوص"[14].


ثم وجدت الكنائس.. والنظام الكنسي..


"ولا شك أن المسيحية ألقت في أوربا كلها مفهوماً جديداً من الرحمة والسماحة خفف كثيراً من آثار الأعوام الألف التي قضتها الحضارة اليونانية الرومانية في نظامها العبودي وقسوتها الوحشية، وعبادة الجسد وتأليه الإنسان، والصراع والترف والانحلال، فلما جاءت المسيحية دعت إلى الحب والرحمة والزهد في متاع الحياة.."[15].


كان ذلك في البدء.. ولم يمض زمن يسير حتى كانت الكنيسة هي السلطة الأولى، تسيطر على حياة الناس، وتفرض سلطانها "على العقول والأرواح والأبدان مستغلة سلطانها على القلوب، الذي يصاحب الجانب الروحي عادة في حياة الناس"[16].


وتحول الزهد والعزوف عن الدنيا إلى ترف لا يجاريه ترف الأباطرة. يقول الراهب جروم: "إن عيش القسوس ونعيمهم كان يزري بترف الأمراء والأغنياء المترفين، وقد انحطت أخلاق البابوات انحطاطاً عظيماً.. وقد بذّروا المال تبذيراً، حتى اضطر البابا (أنوسنت) الثامن أن يرهن تاج البابوية.."[17].


وتحول التبتل، إلى سعي حثيث وراء المحرمات من زنا ولواط..


يقول "ول ديورانت" في كتابه قصة الحضارة:

"وصف ماستشيو الرهبان بأنهم: خدم الشيطان، منغمسون في الفسق واللواط والشره وبيع الوظائف الدينية..


"ويبدو أن الراهبات ملائكة الرحمة في هذه الأيام كان لهن نصيب في هذا المرح، وأنهن كن مرحات رشيقات في البندقية بنوع خاص حيث كانت أديرة الرجال والنساء متقاربة قرباً يسمح لمن فيها بالاشتراك من حين إلى حين في فراش واحد. وتحتوي سجلات الأديرة على عشرين مجلداً من المحاكمات بسبب الاتصال الجنسي بين الرهبان والراهبات..".


"إن من الخطأ أن يظن المرء أن القساوسة كانوا في رومة أكثر فساداً منهم في غيرها من المدن. ذلك أن لدينا من الوثائق ما يثبت بالدليل القاطع فساد أخلاق القسيسين في كل مدينة تقريباً من مدن شبه الجزيرة الإيطالية.."[18].


وبرزت السماحة بكل معانيها في محاكم التفتيش:

يقول "ول ديورانت": وإذا ما عفونا عن بعض هذا الشذوذ الجنسي والانهماك في ملاذ المأكل والمشرب فإننا لا نستطيع أن نعفو عن أعمال محاكم التفتيش"[19].


فمن الأمثلة على ما قامت به هذه المحاكم.. ما أنجزته خلال 18 سنة، من سنة 1481 - 1499 وهو ما يأتي:

"1- حكمت على عشرة آلاف ومئتين وعشرين شخصاً بأن يحرقوا وهم أحياء. فأحرقوا.

2- وحكمت على (6860) شخصاً بالشنق بعد التشهير بهم، فشهروا بهم ثم شنقوهم.

3- حكمت على (97320) شخصاً بعقوبات مختلفة ونفذت عليهم.."[20].

• • •


قضت الكنيسة على مفهوم "الروح" الذي قامت من أجله، وقضت بسلوكها على كل سمو خلقي...


نظرت الكنيسة إلى الإنسان من خلال نفسه وجسمه فأعطته وسام القبح، ونظر الإنسان إلى الروح وسموها من خلال سلوك رجال الكنيسة فحكم عليها بالقبح والفساد..


وانتهى الإنسان إلى هذه النتيجة المؤسفة في ظل الكنيسة.


الخلاصة:

نستطيع أن نقول بعد هذا العرض المقتضب: إن واقع الكنيسة لم يخرج عملياً عما كان عليه عامة الرومان قبل تنصرهم، إذ لم تستطع الكنيسة أن ترتقي برجالها - فضلاً عن عامة المسيحيين - إلى المستوى الخلقي الذي كان ينبغي الوصول إليه، فكان أن هبطوا إلى المستوى الذي كان يعيش فيه عامة الشعب الروماني من إباحية وانحطاط وسعي وراء الملذات..


يقول "ول ديورانت":

"لقد كان يسع الكنيسة أن تحتفظ بحقوقها القدسية.. لو أن رجالها تمسكوا بأهداب الفضيلة والورع.. ولكن كثرتهم الغالبة ارتضت ما في أخلاق زمانها من شر وخير، وكانوا هم أنفسهم مرآة ينعكس عليها ما في سيرة غير رجال الدين من أضداد.."[21].


ومع هذا فقد كان للكنيسة آثار في الحياة الاجتماعية نذكر منها:

• كان الإغريق والرومان يهتمون بالجسد، جماله وقوته، واعتبرت الكنيسة الشر كله ممثلاً في الجسد أي عالم المادة.


• لم يهتم الإغريق والرومان بأمر الروح.. والسمو الخلقي.. حتى جاءت الكنيسة فأثبتت بواقعها أن الحديث عن هذا الجانب ضرب من التعامل مع الخيال الذي لا يمكن تطبيقه في الواقع، فقد هدم رجالها بسلوكهم كل القيم الرفيعة.. حتى كفر الناس بفكرة الروح وبالسمو المرتبط بها.


• قضت على كل احترام أو تقدير "للدين" إذ كانت ممثلة له، حيث لم ير الناس فيه إلا حب السيطرة والتعالي من رجاله على الناس.. وسكتت الأصوات عن الدعوة إلى القيم.. وأصبح "الدين" عنواناً للتخلف والجهل والفساد..


وقد كان لهذه الآثار فعلها الكبير في سقوط الكنيسة وبدء حياة جديدة خالية من هيمنة رجالها.



[1] الاسلام تشكيل جديد للحضارة ص 22 - 23.

[2] ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين. للسيد أبي الحسن الندوي ص 185 ط 10.

[3] مذاهب فكرية معاصرة. محمد قطب ص 43 دار الشروق - ط 1.

[4] نظرات إسلامية في مشكلة التمييز العنصري ص 61 - 62نقلاً عن حقائق الإسلام وأباطيل خصومه للعقاد.

[5] المرجع السابق.

[6] انظر الأمثلة على سيطرة الكنيسة على الحكام في كتاب: مذاهب فكرية معاصرة ص 46.

[7] وما محاكم التفتيش إلا مظهر من مظاهر هذا الإرهاب.

[8] جاهلية القرن العشرين. محمد قطب ص 33. ط 1 مكتبة وهبة.

[9] إن عقيدة الصلب أصل من أصول المسيحية الكنسية، وهي قائمة على فكرة الخطيئة، وننقل ما قاله الأستاذ محمود محمد شاكر في هذا الصدد:

"وترتيب هذه الكلمات الأربعة في دلالتها عند القوم يأتي هكذا (الخطيئة) ثم (الفداء) ثم (الصلب) ثم (الخلاص)".

وتلخيص معنى هذه الألفاظ الأربعة في العقيدة المسيحية: أن الله سبحانه وتعالى لما خلق آدم من تراب وقال له: (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) فأزلهما الشيطان عنها. فبهذه المعصية - كما نقول نحن - وهي "الخطيئة" عند النصارى أصبحا هما وذريتهما تحت سلطان هذه الخطيئة لا ينفكون منها، واستحق البشر جميعاً بخطيئة والديهم عقاب الآخرة وهلاك الأبد. وهذا هو ناموس العدل الذي لا يتغير، ويستحقه من عصى الله سبحانه عندهم ومن ورث خطيئة آدم وزوجه..

ولكن ناموس رحمته يستوجب العفو عنهم، فناقض ناموس العدل، ناموس الرحمة، فتطلب الأمر شيئاً يجمع بين الرحمة والعدل، فكانت الفدية.. ولكن ينبغي أن تكون الفدية طاهرة غير مدنسة، وليس في الكون ما هو طاهر بلا دنس إلا الله سبحانه وتعالى. ولكن تعالى الله عن أن يكون فدية، فأوجبت المشيئة أن يتخذ جسداً يتحد فيه اللاهوت والناسوت، فاتحدا في بطن امرأة من ذرية آدم هي مريم. فيكون ولدها إنساناً كاملاً من حيث هو ولدها وكان الله - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - في الجسد إلهاً كاملاً، فكان المسيح الذي أتى ليكون فدية لخلقه وهذا هو "الفداء".

ثم احتمل هذا الإنسان الكامل والإله الكامل أن يقدم ذبيحة، ليكون ذبحه تمزيقاً لصك الدينونة المصلت على رأس بني آدم، فمات المسيح على الصليب فاستوفى ناموس العدل بذلك حقه، واستوفى ناموس الرحمة بذلك حقه، وهذا هو "الصلب".

وكان احتمال ذلك كله كفارة لخطايا العالمين، فخلصهم من ناموس هلاك الأبد، وهذا هو "الخلاص".

ولما كان البشر كلهم خطأة بخطيئة أبيهم آدم وأمهم، فهم هالكون هلاك الأبد ولا ينجيهم سوى إيمانهم بالمسيح الفادي..

[عن كتاب "أباطيل وأسمار" ط 2 مطبعة المدني ص 209 - 210].

[10] الحجاب، للمودودي ص 21 - 22.

[11] الأيمان هي الالتزام بالفقر والعفة والطاعة. وقد أغفلت هذه الأيمان حين انكب رجال الكنيسة على الدنيا.. [مذاهب فكرية معاصرة ص 57].

[12] ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين. الندوي ص 187 ط 10.

[13] الحجاب للمودودي ص 21.

[14] النصرانية والإسلام. محمد عزت اسماعيل الطهطاوي ص (70) دار الأنصار بالقاهرة. أقول: ومن المحتمل أن يكون العامل الأول في نشوء الرهبنة هو البعد عن الناس في فترة الاضطهاد فراراً بدينهم ثم استمرت كمنهج للعبادة.

[15] الإسلام والعالم المعاصر. أنور الجندي ص 84. دار الكتاب اللبناني. بيروت.

[16] مذاهب فكرية معاصرة ص 25.

[17] ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص 191.

[18] مذاهب فكرية معاصرة. ص 55 - 57.

[19] المصدر السابق ص 67.

[20] النصرانية والإسلام. محمد عزت إسماعيل الطهطاوي ص 146.

[21] مذاهب فكرية معاصرة ص 54.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإنسان الآلة
  • فلسفة الجمال في الفكر الإنساني
  • الإنسان كقيمة
  • الإنسان بعد الكنيسة
  • الإنسان في الفن المعاصر
  • الإنسان في نظر الإسلام

مختارات من الشبكة

  • ظلم الإنسان لأخيه الإنسان(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أنت أيها الإنسان؟ (2) بداية خلق الإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)
  • الإنسان ذئب الإنسان خصوصًا في هذا الزمان...(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • ما جاء في بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما يفعل الإنسان بالإنسان؟ (بطاقة أدبية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أصل الإنسان ونظرية الصدفة في فكر علي عزت بيجوفيتش(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإنسان المستثنى(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب