• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الإنسان في العالم القديم ( عند الرومان )

الإنسان في العالم القديم ( عند الرومان )
أ. صالح بن أحمد الشامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/3/2014 ميلادي - 22/5/1435 هجري

الزيارات: 33950

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإنسان في العالم القديم .. عند الرومان

ميادين الجمال في الظاهرة الجمالية في الإسلام


جاء الرومان بعد اليونان. وحلوا محلهم بعد سقوط دولتهم سنة 146 ق. م.


ولئن كان اليونانيون قد هزموا عسكرياً، فإن "إغريقيتهم" قد سيطرت على الحياة الرومانية في جميع جوانبها. سواء أكان ذلك في ميدان الفكر أم كان في منهج الحياة. بل إن كثيراً من الآلهة الرومانية قد استوردت من اليونان[1].


على أننا لا نستطيع أن نغفل ذلك الجانب المهم الذي تميز فيه الرومان على غيرهم، وهو تقدمهم في مجال التقنين والتشريع.


ولكن هذا التقنين الذي هدف إلى العدل - كما هو مفروض - لم يحقق "للإنسان" أي تقدم أو رقي في وضعه الاجتماعي العام، فقد كان "عدلاً" خاصاً بالرومان أنفسهم لا يتجاوزهم إلى غيرهم.


وظل الإنسان غير الروماني - في ظل العدل الروماني - في وضع لا يحسد عليه، واستمرت الصورة التي كانت قائمة إبان السيطرة اليونانية فلم يتغير فيها شيء، سوى قيام الرجل الروماني في مقام الرجل اليوناني.


فقد "كان العنصر الروماني المتغلب، الذي بسط نفوذه السياسي والإداري ردحاً من الزمن، يعتز بعنصريته، ويرى أنه أرقى أهل الأرض جميعاً، وأعظمهم مدنية وثقافة، وكان يلقب الشعوب الخاضعة له، بل سائر شعوب العالم: بالبرابرة"[2] ولم يمنحهم إلا بعض الحقوق ليست السيادة واحداً منها.


وأما الأرقاء والعبيد فلم تكن لهم حقوق قانونية على الإطلاق، إذ ليس العبد إلا "أداة ناطقة" كما عبر عنه القانون الروماني[3].

••••


كان ذلك شأنهم في الميدان الاجتماعي. أما أمرهم في شأن الجسد والسعي إلى تحقيق ملذاته، فقد سلكوا طريق من كان قبلهم، ووصلوا إلى الحد الذي "تراخت - فيه - عرى الأخلاق.. واندفع تيار من العري والفواحش وجموح الشهوات، فأصبحت المسارح مظاهر للخلاعة والتبرج الممقوت والعري المشين، وزينت البيوت بصور ورسوم كلها دعوة سافرة إلى الفجور والدعارة والفحشاء، ومن جراء ذلك كله راجت مهنة المومسات والداعرات وانجذبت إليها نساء البيوتات.."[4].


وإزاء رواج هذه المهنة واتساع نطاقها، فقد اضطر القانون إلى تنظيمها وإخضاعها لإشرافه، بل تدخل في تحديد الأجور بحيث لا ترهق أي فئة من الناس[5].


وبما أن مهنة الفحش قد اتسعت هذا الاتساع فقد طرأ عليها بعض المرغبات إذ بدأت تلك المومسات يسعين لكسب الأنصار بإنشاد الشعر والغناء والموسيقى والرقص.. وكذلك الاهتمام بالثقافة..[6] وأصبح لبعضهن المكانة المرموقة في المجتمع، الأمر الذي دفع بنساء البيوت أن يخرجن ويحترفن هذه المهنة، وهذا ما دفع القوم إلى وضع قانون خاص في عهد القيصر "تائي بيريس" (4 - 37م) لمنع هؤلاء النساء من احتراف تلك المهنة[7].


ولم يقف هذا السعي المجنون وراء الشهوات عند حدود الطبيعة البشرية وفق السنن التي خلقت له، بل سار شوطاً أبعد وراء الانحراف والشذوذ الجنسي "فكان في البلاد رجال مخنثون، وكان اللواط محرماً بحكم القانون ولكنه كان مباحا ًبحكم العادة واسع الانتشار لا يرى فيه مسبة ولا عار"[8].

••••


ولقد كان للجسم الإنساني جماله وإغراؤه في ميدان آخر، فما أبهاه من مشهد، وما أجمله من منظر، حيث يوشح ذلك الجسم بالسائل الأحمر القاني متدفقاً تدفق الحياة... - والجسم مضطرب اضطراب الدفاع عن الحياة - ويظل كذلك حتى يسكن وقد فارقته تلك الحياة..


إنه المشهد الذي كانت تستمتع به روما حيث تجتمع "في أعيادها ومناسباتها لتتلذذ وتتمتع بإيلام الإنسان وقتله وهلاكه، فكانت المصارعات تجري بين إنسان وإنسان أو بين إنسان وحيوان، وكان الرومان يتمتعون بمنظر الدماء وهي تسيل، وبمنظر الجرحى وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، وكانت هذه العادة تسمى: السيافة"[9].


ولنستمع إلى أحد الكتاب وهو يصف ذلك: "إن هؤلاء الذين يقاتلون الوحوش يبدون، وكأن لحومهم قد نهشت من قبل، مثل أكوام الجراح والأتربة والدماء، فيذهب بهم الأمر إلى أن يلتمسوا منحهم الحياة إلى اليوم التالي، رغم علمهم بأنهم سيلقون مرة أخرى على الأنياب والمخالب ذاتها"[10].


ملاحظات:

كان ذلك استعراضاً سريعاً، حاولنا فيه التعرف إلى النظرة الإغريقية والنظرة الرومانية إلى هذا الإنسان، وقد لاحظنا التشابه الكبير بين وجهتي النظر، بل الاتفاق الكامل والتطابق التام في أكثر الأحيان، حيث سار الرومان متتبعين أثر الإغريق في كل شيء..


ولا بد لنا من وقفة تأمل نسجل فيها بعض الملاحظات حول النظرة الجمالية القديمة إلى هذا الإنسان.


1) وفقد الإنسان "إنسانيته":

إن كلاً من اليونان والرومان انطلقوا في نظرتهم للإنسان من زاوية ضيقة هي زاوية "المواطنة" ففي دولة اليونان كان الإنسان هو: "اليوناني" وحده. وفي دولة الرومان كان "الروماني" هو الإنسان.. أما بقية الناس فهم إما ناقصو الإنسانية ولذا فهم ناقصو الأهلية وإما فاقدو الإنسانية وهم بالتالي فاقدو الأهلية.. ونظر إلى الإنسان على أنه حيوان، أو ينبغي أن يعامل معاملة الحيوان، ما لم يكن إغريقياً - في العهد اليوناني - أو رومانياً - في العهد الروماني -.


2) النظرة الجمالية:

تتحدث كتب الحضارة والتاريخ - الغربيين - عن تميز اليونان بنظرتهم الجمالية وتأثرهم بالجمال.. ولا تعوز الكاتب أو المؤرخ الدلائل على ذلك، ألم يتخذ اليونان "إلهة للجمال" اسمها "أفروديت" ثم أخذها الرومان عنهم وسموها "فينوس"؟.


ثم أليس التقدم الفني دليلاً على تذوق الجمال والإحساس به؟ وليس أدلّ على اهتمامهم الفني من وجود "آلهة" لكل فن من الفنون، وقد اتخذت هذه الآلهة!! منزلاً لها هو "جبل هليكون"، حيث اجتمعت ربات الفنون التسع:

ربة الشعر الملحمي.

ربة التاريخ.

ربة العزف على المزمار.

ربة الرقص والغناء الجوقي.

ربة الشعر الغنائي أو التسابيح والأناشيد الدينية.

ربة التراجيديا.

ربة الكوميديا.

ربة فن التمثيل.

ربة الفلك"[11].


والغريب أنها كلها ربات - فهن من الجنس اللطيف - وليس بينهن إله واحد؟!


إنها أدلة واضحة على الأثر الجمالي في النفس الإغريقية!! ولكن هل كان هذا الأثر مسيطراً على النفس في كل أبعادها أم اتخذ اتجاهاً واحداً وأغفل الجوانب الأخرى؟.


3) الجمال الحسّي:

سيطر الاتجاه الحسي على النظرة الجمالية اليونانية ثم الرومانية، فقد نظر إلى الإنسان من ظاهره، أي من خلال جسمه، ولم يهتم به من حيث روحه وإنسانيته..


فالمرأة - وهي إنسان - لم يكن لها في المجتمع اليوناني منزلة أو مقام كريم "وكانت الأساطير اليونانية قد اتخذت امرأة خيالية تسمى (باندورا) ينبوع جميع آلام الإنسان ومصائبه.. وقد أثرت هذه الأسطورة في عقولهم وأذهانهم، فلم تكن المرأة عندهم إلا خلقاً من الدرك الأسفل، في غاية من المهانة والذل في كل جانب من جوانب الحياة الاجتماعية.."[12].


"ثم جعلت الشهوات النفسية تتغلب على أهل اليونان، ويجرف بهم تيار الغرائز البهيمية والأهواء الجامحة، فتبوأت العاهرات والمومسات مكانة عالية في المجتمع لا نظير لها في تاريخ البشرية كله، وأصبحت بيوت العاهرات مركزاً يؤمه سائر طبقات المجتمع، ومرجعاً يلجأ إليه الأدباء والشعراء والفلاسفة، فكانت شموساً في سماء العلم والأدب يدور حولها كواكب الفلسفة والأدب والشعر والتاريخ وما عداها من الفنون.."[13].


وتكررت الصورة مرة أخرى في المجتمع الروماني "يقول جايوس: توجب عاداتنا على النساء الرشيدات أنفسهن أن يبقين تحت الوصاية لخفة عقولهن، ثم زال القسط الأكبر من هذه الوصاية في عهد الجمهورية المتأخر وفي عهد الإمبراطورية، وكان سبب زواله مفاتن النساء وقوة إرادتهن واستجابة الرجال لهذه المفاتن وهيامهم بالنساء، فكان المجتمع الروماني من أيام كاتوا الأكبر إلى أيام كمودس خاضعاً لسلطان النساء.."[14].


وهكذا سيطرت النظرة الحسية، فكان جمال الأجسام لتلك النساء هو الفاعل في نفوس القوم بغض النظر عن مكانتهن في مقاييس الفضيلة والأخلاق.


ولمَ التمسك بالعفة والفضيلة والأخلاق، أليست إلهة الجمال (أفروديت) هي قدوة النساء؟ فها هي قد "خادنت ثلاثة آلهة مع كونها زوجة إله خاص، وأيضاً كان من أخدانها رجل من عامة البشر علاوة على تلك الآلهة، ومن بطنها تولد (كيوبيد) إله الحب نتيجة اتصالها بذلك الخدن البشري"[15].


على أن هذه النظرة الحسية في الجمال لم تظل في حدود الفطرة والغريزة السوية، بل خرجت على هذا الإطار إلى الشذوذ الجنسي الذي لم يكن أمراً عارضاً في حياة هاتين الأمتين، وإنما أصبح أمراً عاماً لا يستنكره المجتمع، وأصبح الرجل يعشق الجمال في رجل آخر... "وشهد علماء الأخلاق اليونان بأن هذه العلاقة آصرة للصداقة وثيقة بين الرجلين. واليونانيان اللذان هما أول من عظمتهم الأمة وأكرمتهم ببناء تماثيلهم - وهما في علاقة آثمة - هما: (هرموديس) و(ارستوجيتن) اللذان جمع بينهما ذلك الحب..."[16].


وهذا (هوارس) الشاعر الروماني يقول: "لقد أصاب قلبي سهم الحب.. فهل يعرف القارئ من الذي رمى الشاعر بهذا السهم؟ إنه ليسيكيوس الذي لا تضارعه أية امرأة في رقته.."[17].


إنه اتجاه حسي مفرط في هبوطه حتى بات حساً حيوانياً، لا حساً إنسانياً.

 

4) الفن:

لم يكن الفن، في مختلف فروعه، أكثر من نقل للواقع وتجسيد له، فهو صورة صادقة لذلك المجتمع.. لأحاسيسه ونزواته، لميوله وانحرافاته،.. لتطلعاته نحو جمال أرقى، ولذة أكبر.


وذهب الفنان يجسد ذلك في فنه، وقد استطاع أن يبلغ به شأواً بعيداً، أظهر من خلاله حب اليونان للجمال وتذوقهم المفرط له، وظهرت على مسرح الحياة التماثيل العارية التي تفنن صانعوها في إتقانها، حتى باتت مبعثاً للشهوات، وإيقاداً لنارها التي لا تخمد، وكثرت مراكز عبادة (أفروديت)، حيث أصبحت المومسات متنسكات وخوادم للمعابد وباسم الفن أمكن تزيين العري وإبراز مفاتن الجسد وما خفي من جماله...[18]


كان ذلك هو الاتجاه العام.. وذهب سقراط يحاول تعديل هذا المسار، ويبين أهمية الجمال الباطن، الذي يعني جمال النفس الفاضلة، "ولم يأبه للجمال الحسي الذي يتغنى به فنانو عصره وشعراؤه.."[19] ولكن صرخته كانت في واد مقفر.. بل رأى بعضهم أن موقفه ذاك يفسر السر في ثورة الشعراء عليه، فقال: "وعلى أساس هذا الموقف من سقراط يمكننا أن نفهم سر ثورة الشعراء عليه، ثورة ظهرت في سخرية (اريستوفان) وحنق وصل إلى حد مطالبة بعضهم بمحاكمته وإعدامه على نحو ما نجده مصوراً في محاورة الدفاع لأفلاطون"[20].


وفي ضوء ما سبق نستطيع تعليل تلك الحظوة العظيمة التي نالتها مسرحية (فلورا) لدى الرومان.. فما ذاك إلا لكونها تحتوي على سباق النساء العاريات[21].


إنه الفن في ظل الإغريق والرومان..!


5) تعجب!!

"عجب المطران الفيلسوف (انج) لغفلة أولئك (القدماء) - واليونان منهم على وجه الخصوص - عن دمامة المناظر القاسية التي كانوا يتلهون بها ويخفون إليها على ما في فطرتهم من حسن الذوق وحب الجمال"[22].


وإن يعجب فقد عجب من قبله الشاعر الروماني (سنيكا) (3 ق. م - 65م) حيث قال: "إن الإنسان الذي يجب أن تكون له قدسية لدى أخيه الإنسان نراه يقتل للهو والتسلية"[23].


إن "سنيكا" تعجب من الفعل ذاته بغض النظر عن فاعله، فهو لا يرى أنه يمكن أن يصدر عن إنسان.


ولكن "انج" يذهب شوطاً أبعد، حيث يرى أن ذلك الفعل ربما صدر عن إنسان عادي، لم يمنح ذلك الحس المرهف والذوق الرفيع، أما أن يصدر عمن يملكون ذلك، فهو ما يعجب له!!


ولكن (انج) لو أمعن النظر في الأمر لصدر في تعجبه عما صدر عنه (سنيكا) فالإنسان العادي يملك من توازن المشاعر ما لا يملكه هؤلاء الذين تضخم لديهم الجانب الحسي على حساب الجانب الروحي.


إن الصدود عن هذه المناظر لا يكون مبعثه إلا من روح رفرافة عرفت معنى الإنسانية وفضائلها، فتذوقت جمال الفضائل النفسية، ولم تبق رهينة الجمال الحسي، بل تجاوزته إلى المشاعر الروحية.


إن نظرتهم كانت مادية بحتة، حسية صرفة، تقف عند حدود الجسد لا تتجاوزه إلى الروح. التي مرضت مع مرور الأيام ففقدت مشاعرها وتبلد حسها. وهكذا أضحى الذوق الجمالي من ورائه التطلع إلى اللذة الحسية.


ولو أمعنا النظر لوجدنا أن المشهد الآخر - مشهد الإنسان يرمى به بين براثن حيوان.. - لا يختلف كثيراً من حيث النتيجة عن المشاهد الجمالية الجسدية.. إنه يلبي رغبة حسية أخرى في نفس اليوناني أو الروماني تلك هي الشعور بالقوة والسيادة والغلبة على الشعوب الأخرى، وتأكيد شعوره النفسي بأفضليته عليها.


إنهما مشهدان، كل منهما يلبي نزوة من النزوات.


وفي ضوء ما سبق نستطيع أن نتفهم موقف الإمبراطور الروماني "نيرون" الذي أمر جنده بقتل أمه، ثم جاء بعد ذلك ليقف عليها جثة هامدة... وما كان منه بعد أن رآها إلا أن قال: لم أكن أعرف أن لي أماً بمثل هذا لجمال؟!


إنه الإحساس المرهف تجاه الجمال، أبى إلا أن يعبر عن وجوده، وحتى في مثل هذا الموقف!!


إن الجريمة على بشاعتها لم تحرك مشاعر نيرون، ولم تجعله ينطق بكلمة واحدة تعبر عن تأثره، ولم ذاك؟ أليس مصرعها يلبي رغبة ملحة في نفسه، فقد كانت تريد إبعاده عن العرش.. ومصرعها يعني استقراره عليه. وإذن فلا داعي لمشاعر الأسى، بل لِمَ لا نقول إنها مشاعر سرور...


وما ندري ماذا كان يقصد بكلماته التي عبر بها عن إعجابه بجمال أمه؟


هل هو التأسف على لذات فاتته؟ وقد اشتهر والده بمضاجعة محارمه.. أم كان قوله ذاك بدافع من مشاعر فنان[24] رأى الجمال فأبى إلا أن يمجده؟

••••


خلاصة:

لقد فقد الإنسان في ظل هاتين الحضارتين!! أهم مقومات جماله:

• فقد أهملت الروح وأسدل عليها الستار مع كل ما ينبثق عنها من عواطف ومشاعر، ولم يكن لها في الحساب أي وزن.


• كما فقد النظرة الصحيحة القائمة على تصور كامل متوازن.. للإنسان والكون والحياة.. الأمر الذي أدى به إلى فساد في تقدير الأشياء، وإعطائها حقها. في الميدان الجمالي خاصة وفي ميدان الحياة عامة.


وفي ظل هذا الوضع فقد الإنسان إنسانيته، وبقي يعمل بحيوانيته، كما فقد روحه وبقي جسمه، وفقد مشاعره وبقيت غرائزه.


لقد أعجب الكثيرون بآثار اليونان الفنية، وغالوا في تقدير حسهم الفني وتقديرهم الجمالي، وما كان عجبهم إلا من خلال دراسة تلك الآثار بعيداً عن دراسة الواقع الاجتماعي الذي عاشه أولئك.. وقد نسي هؤلاء الدارسون أن الفن من إنتاج الإنسان ويحكم عليه من خلال هذا الإنسان، وأن التقدير الجمالي ينبعث من نظرة الإنسان، فإذا لم تكن هذه النظرة مستقيمة في حد ذاتها متوازنة في كيانها.. فلا قيمة للأحكام المنبثقة عنها.



[1] انظر (الإسلام تشكيل جديد للحضارة) لمؤلفه محمد تقي الأميني ص 18.

[2] نظرات إسلامية في مشكلة التمييز العنصري. عمر عودة الخطيب ص 42.

[3] انظر (أوربا منذ أقدم العصور: دولة الروم) لمؤلفيه د. جمال عبد الهادي ود. وفاء محمد رفعت. دار الشروق - جدة ص 202، 225.

[4] الحجاب. للمودودي ص 20 طبعة دار الفكر.

[5] أوربا منذ أقدم العصور (دولة الروم) ص 228.

[6] أوربا منذ أقدم العصور (دولة الروم) ص 228.

[7] الحجاب ص 20.

[8] أوربا منذ أقدم العصور (دولة الروم) ص 228.

[9] الإسلام تشكيل جديد للحضارة ص 20.

[10] أوربا منذ أقدم العصور (دولة الروم) ص 229 - 230.

[11] أوربا منذ أقدم العصور (اليونان) ص 151. نقلاً عن (التاريخ اليوناني) د. عبد اللطيف علي.

[12] الحجاب للمودودي ص 12 - 13.

[13] المصدر السابق ص 14.

[14] أوربا منذ أقدم العصور (دولة الرومان) ص 201.

[15] الحجاب للمودودي ص 15.

[16] انظر الحجاب للمودودي ص 16 والمرأة بين الفقه والقانون د. مصطفى السباعي ط 3 ص 14.

[17] أوربا منذ أقدم العصور (دولة الروم) ص 228.

[18] انظر الحجاب للمودودي ص 16.

[19] فلسفة الجمال د. أميرة حلمي مطر ص 24 ط 1984.

[20] المصدر السابق ص 26.

[21] الحجاب، للمودودي ص 20.

[22] ساعات بين الكتب. العقاد. ص 36 ط 4 مكتبة النهضة المصرية.

[23] أوربا منذ أقدم العصور (دولة الرومان) ص 229.

[24] كان نيرون يأمل أن يصبح فناناً، وقد ظهر على المسرح ممثلاً دور أوديب، كما مثل دور (ارستين) قاتل أمه. وقد قال عند موته: ما أعظم الفنان الذي سيخسره العالم بموتي. (انظر: أوربا منذ أقدم العصور (دولة الروم) ص 160 - 162 وانظر: الموسوعة العربية الميسرة، بإشراف محمد شفيق غربال).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإنسان في العالم القديم ( عند اليونان )
  • الإنسان بعد الكنيسة
  • الإنسان في الفن المعاصر

مختارات من الشبكة

  • ظلم الإنسان لأخيه الإنسان(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أنت أيها الإنسان؟ (2) بداية خلق الإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)
  • الإنسان ذئب الإنسان خصوصًا في هذا الزمان...(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • ما جاء في بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أصل الإنسان ونظرية الصدفة في فكر علي عزت بيجوفيتش(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ما يفعل الإنسان بالإنسان؟ (بطاقة أدبية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإنسان المستثنى(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب