• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الرقيق في الإسلام

د. عبدالجبار فتحي زيدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/2/2014 ميلادي - 22/4/1435 هجري

الزيارات: 126308

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرقيق في الإسلام


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومَن والاه.

 

الرق هو استعباد الناس، والرقيق هم العبيد عند أسيادهم.

 

تفخر أمريكا اليوم على العالم؛ لأن رئيسها "إبراهام لنكن" الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة عام 1860م يعدُّ أول رئيس في العالم وفي تاريخ البشرية أعلن إلغاء الرق.

 

وكذلك تفخرُ أوروبا بنفسها؛ لأنها أصدرت مثل هذا الإعلان في القرون الأخيرة، ويعزِّزون هذا الفخر بأن الإسلام لم يفعل مثل ما فعلوا؛ إذ لم يحرِّم الرق كما حرَّموه.

 

نقول في البَدْء:

إن الإسلام لم يوجد الرق ولم يشرعه؛ لأنه جاء والرقُ منتشرٌ بين الناس، وعند الأمم كلها، ولم يوجد في القرآن نصٌّ يبيح الرق، وإنما جاء فيه وفي السنة النبوية الدعوة إلى تحرير العبيد، واتخذ وسائلَ شتى لإنقاذ العبيد من العبودية؛ من هذه الوسائل ما يأتي:

• جعل الإسلام عتقَ السيدِ عبدَه طريقًا إلى رحمة الله وجنته، قال - تعالى -: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ [البلد: 11 - 14]، و(فك رقبة) تحرير عبد من سيِّده في سبيل الله.

 

جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، دلَّني على عمل يدخلني الجنة، فقال: ((عتق النسمة، وفك الرقبة))، فقال: يا رسول الله، أوليسا واحدًا؟ أي: أليس عتق النسمة وفك الرقبة معناهما واحد، فقال: ((لا، عتق النسمة أن تتفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تساعد في ثمنها)).

 

وجعل الإسلام كفارة الحنث في اليمين؛ أي: يحلف بالله على فعل شيء ولم يفعله، جعل الإسلام كفارةَ ذلك أمورًا من بينها عتق الرقبة، فقال - تعالى -: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ [المائدة: 89].

 

وكذلك جعل الإسلام كفَّارة الظِّهار وهو أن يقول الرجل لزوجته: أنتِ عليَّ كظهر أمي، أنه جعل كفَّارة ذلك لتحل له زوجته عتقَ رقبة، فقال الله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 3].

 

وقد جعل القرآن الكريم كفارة القتل الخطأ تحرير رقبة، قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 92].

 

وجعل مَن نذر أن يحرِّر رقبةً وجب عليه الوفاء بنذرِه، فهذه الذنوب التي كثيرًا ما يقع فيها الناس حين جعل الإسلامُ كفَّارتَها عتق العبيد، أدى ذلك إلى تحرير عدد كبير منهم، فالإسلام بهذا التشريع ضيَّق من مصادر الرق، وفتح للرقيق أبواب التحرير، بل نستطيع أن نقول في هذا الصدد: إن أمريكا وأوروبا ألغتا الرقَّ في مجال الدستور، ولكن لم تلغياه في مجال الواقع والتطبيق، في حين أن الإسلام وإن لم يلغِ الرق في مجال الدستور إلا أنه ألغاه في ميدان العمل والمعاملة، وهذا هو المهم، وقد شرع الإسلام في هذا الميدان مبدأين:

• أولهما: مبدأ المكاتبة: شرع الإسلام مبدأ المكاتبة، وهو منح الحرية للعبد متى ما طلبها بنفسه مقابل مبلغ من المال، وهذا الأمر ثابت في نص القرآن، قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ [النور: 33].

 

وعتق العبيد هنا - أي: تحريرهم - أمر إجباري، لا يملك السيِّد رفضَه ولا تأجيله بعد أداء المبلغ المتفق عليه، وإلا تدخَّلتِ الدولة الإسلامية - القاضي أو الحاكم - لتنفيذ عتق العبد بالقوة.

 

وبتقرير مبدأ المكاتبة يكون الإسلام قد فتح في الواقع بابَ تحريرِ العبد متى ما رغِب العبد في ذلك، ولم ينتظر من سيِّده ليمنَّ عليه بتحريره، والدولة تساعده بتسديد هذا المبلغ كله أو شيء من أدائه، قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]، وفي الرقاب: هم العبيد.

 

بل الإسلام بتقريرِ هذا المبدأ قد ألغى الرقَّ في الحقيقة والواقع والتطبيق، أو بتعبير أدق إنه قد ألغى الرق من قبل الدولة ومن قبل السيد، وبقي إلغاء الرق منوطًا فقط بالعبد نفسه.

 

• والمبدأ الثاني: أن العبودية قبل الإسلام كانت قائمةً على أن السيد أعلى من عبده درجةً، وأن للسيد الحقوق كلها على عبده، وأن العبد لا يملك أي حق كان على سيده، فكان السادة يعاملون العبيدَ كما تعامل البهائم أو أدنى، فلما جاء الإسلام ألغى هذه الفروقات بينهما، وساوى بينهما في الإنسانية وفي الحقوق جميعًا، فلما رأى السادة أن العبيد في ظل الإسلام ارتقوا إلى مستواهم وأنهم لا يتميزون منهم بشيء، وجدوا أنفسهم أنهم لا حاجة لهم بعد ذلك في استرقاق العبيد، فتركوا الرق طوعًا.

 

وقد انتبه لهذه الحقيقة مستشرقٌ غير مسلم من قساوسة الغرب لا يؤمن بالإسلام، وهو "مونتكمري واط" في كتابه الذي اطلعت عليه: "محمد في المدينة"، ترجمة شعبان بركات، فقد ذكر ص450 - 451 من هذا الكتاب أن دعوة القرآن والرسول إلى أخوَّة العبيد والسادة، جعلت السادة يتركون الرق؛ لأنهم لم يعدُّوا أنفسهم متميِّزين منهم، وهذا أدى إلى أن يفقد المسلمُ السيد الرغبةَ في استرقاق أخيه، فتركوا الرق بعد أن شعروا أن عبيدهم قد صاروا مثلهم في ظل الإسلام.

 

فالإسلام ألغى الرق في الواقع، فقد اتبع الإسلام في هذه القضية وفي كل قضية الأسلوبَ الحكيم في تحرير العبيد، وهو الأسلوب الذي تفتقده أنظمةُ الدنيا كلها قديمُها وحديثُها.

 

فقد ألغى الغرب الرق في مجال الدستور، في حين بقي العبيد عندهم مكبَّلين بأغلال العبودية في الواقع نفسيًّا وماليًّا، والدليل على ذلك أن الرئيس الأمريكي حين أصدر قرارًا منع بموجبه الرق وأمر السادة بتسريح عبيدهم، ضاعوا وتاهوا وجاعوا، حتى عاد كثير منهم بعد أسابيع وأشهر إلى سادتهم يرجون منهم أن يُعِيدوهم عبيدًا عندهم كما كانوا؛ لأنهم وجدوا أنفسهم لا يُحسِنون غير عمل العبودية.

 

فقد كان إلغاء الرق عندهم في الظاهر فقط ومن أجل الإعلام، وإلا كما يقول أحد الكتَّاب المسلمين: فأين هو الرق الذي أُلغي؟! فما اسم ما كانت تصنعه فرنسا في المغرب العربي؟! وما اسم ما كانت تصنعه أمريكا في الزنوج، وإنكلترا في الملونين في جنوب إفريقيا؟!

 

أليس الرق في حقيقته هو تبعية قومٍ لقوم آخرين، وحرمان طائفةٍ من البشر الحقوقَ المتاحة للآخرين؟

 

تزعم أوروبا أنها أعلنت إلغاء الرق في بلادها، وهي لا تملك ولم تطبق من مبادئ المساواة بين السادة والعبيد غير هذه الإعلان.

 

وأوروبا لم تُلغِ حين ألغته متطوعة، وكتَّابهم يعترفون بأن الرق ألغي حين ضعف إنتاج الرقيق؛ لسوء أحوالهم المعيشية، وفقدان الرغبة والقدرة على العمل؛ حيث أصبحت تكاليف العبد من إعالة وحراسة أكثر من إنتاجه، فهي إذًا حسبةٌ اقتصادية لا غير، يحسب فيها المكسب والخسارة، ولا ظِلَّ فيها لأي معنى من معاني الإنسانية التي تشعر بكرامة الجنس البشري فتمنح الرقيق حريتها من أجلها.

 

كما أن أوروبا اضطرَّت إلى إلغاء الرقيق نتيجةَ الثورات المتتابعة التي قام بها الرقيق، فاستحال معها دوام استرقاقهم.

 

وأين إلغاء الرق الذي تدَّعيه أمريكا، فماذا يسمى التمييز العنصري الذي تمارسه ضد الزنوج، إنه حين مشى رجل أسود بجانب فتاة بيضاء بإذنها ورضاها لا كرهًا منها، ثارت حفيظة البيض، لا لأن واحدةً منهم قد دُنِّس عِرْضُها، فتدنيس الأعراض عندهم شيء مباح، ولكن لأن واحدًا من السود استطاع أن يصادقها، فثاروا بغضب وطرحوه أرضًا، وما زالوا يضربونه بأحذيتهم حتى فاضت روحه.

 

كل هذا حدث ورجل البوليس ينظر ويشاهد بعينِه هذا القتل البشع، وهو واقف لا يتحرك ولا يتدخل، ولا يهم لنجدة أخيه في الوطن واللغة والدين، فضلاً عن الأخوَّة البشرية، كل هذا لأنه أسود، فأين الحرية؟! وأين المساواة وإلغاء الرق التي يدَّعونها؟

 

ألغَوا الرق في الاسم، لكن لم يُلغُوه في الواقع، فها هي أمريكا في القرن العشرين الذي أعلن رئيسُها "إبراهام لنكن" إلغاء الرق قبل أكثر من قرن ونصف، ها هم الأمريكان اليوم في مدنهم يضعون على فنادقهم لافتات مكتوب عليها: (للبيض فقط)، وعلى لافتات أخرى: (ممنوع دخول الكلاب والسود).

 

وتتجاوز التفرقةُ إلى تكاليف التعليم؛ فالأسود تنفق عليه الحكومة الأمريكية 58 دولارًا في السنة، في حين تنفق على الأبيض 1047 دولارًا في السنة.

 

وقد أصدرت أمريكا التشريعات التي تدعو إلى إلغاء التفرقة، فلم تستطع إلغاءها، كما حدث في نوفمبر عام 1957م في ولاية أركياس؛ إذ حكمت المحكمة الأمريكية بإلغاء التفرقة العنصرية ودخول أولاد الزنوج مدارس البيض، فتحدَّى حاكم الولاية هذا الحكم، ودعا رجال الحزب الوطني في ولايته ليمنعوا بالقوة تنفيذ هذا الحكم.

 

ومما روته أنباء العالم في أكتوبر عام 1957م أن وزير مالية "غانة" لكونه أسود طُرِد من أحد المطاعم في مدينة "دوفر" بالولايات المتحدة الأمريكية؛ لأنه غير مسموح للملونين (أي السود) بتناول الطعام في هذا المطعم.

 

ولم نزل ونحن في القرن العشرين نجدُ بعض الولايات الأمريكية تنصُّ دساتيرها على أحكام غريبة لا يستسيغها الضمير الإنساني، ولا يقرها عقل سليم، فمن ذلك النص أن الزواج بين شخص أبيض وامرأة سوداء يعد زواجًا باطلاً، والنص على أن كل مَن يطبع أو ينشر أو يوزِّع ما فيه حث للجمهور على إقرار المساواة الاجتماعية والزواج بين أبيض وأسود، أو تقديم حجج للجمهور، أو مجرد اقتراح في هذا السبيل، يعدُّ عمله جريمة يعاقب عليها القانون بغرامة 500 دولار، أو بسجن لا يتجاوز أشهرًا أو بالعقوبتين معًا.

 

وتأكيدًا لما ذُكِر عن التمييز العنصري، فقد سمعت بأُذنيَّ من إذاعة أمريكا، ليلة 27/ 6/ 2000م في برنامج (صور من الحياة في أمريكا)، تحدَّث فيها المذيع عن قصة حياة رجل أسود تقاعد عن منصبه بعد أن خدم أمريكا نصف قرن، اسمه "سيركد مارشال"، بأنه في بداية هذا القرن - القرن العشرين - أراد الالتحاق بكلية القانون في جامعة مارلن، فرفضته الجامعة مع كونه طالبًا يتمتع بدرجات عالية ومن المتفوقين، رفضته لا لشيء إلا لكونه رجلاً أسود، فاضطر أن يلتحق بجامعة أخرى خاصة بالكلاب السود، فتخرج فيها محاميًا وقاضيًا بارعًا، ووسع من عمله في مجال اختصاصه حتى إن الكثير من أفكاره أخذ بها القانون الأمريكي، وأصبح أستاذًا مشهورًا، مما اضطرت أن تقبله جامعة مارلن أستاذًا يدرِّس فيها، وهي الجامعة التي رفضته من قبل أن يكون طالبًا فيها!

 

ثم عيَّنه الرئيس الأمريكي عام 1976م قاضيًا في المحكمة العليا، ويعدُّ أول رجل أسود يعيَّن في هذا المنصب حتى تقاعد عام 1991م.

 

وسمعتُ من المذيع يعرض أفكار هذا القاضي الأسود وأن من الأفكار التي دافع عنها دعوته إلى إلغاء التفرقة العنصرية بين السود والبيض، وأنه لا ينبغي أن يمنع من التحاق المواطن الأمريكي أية مدرسة أو جامعة كانت لكونه أسود.

 

وكان يدعو أيضًا إلى إلغاء التفرقة في الاهتمام بتعليم البيض دون الاهتمام بتعليم السود، وكان يقول: إن هذه التفرقة مخالفة للقانون الأمريكي، ويبدو أنه قصد القانون الذي أصدره "إبراهام لنكن"؛ حيث ترأس أمريكا عام 1860م.

 

فهذه نماذج من التفرقة العنصرية التي لم تزل تمارسُها جماعات أو ربما ولايات في المجتمع الأمريكي والأوروبي، فأين هي من المعاملة التي تمتَّع بها العبيد السود في ظل الإسلام، فقد روى علي - رضي الله عنه - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((اتَّقوا الله فيما ملكتْ أنفسُكم))، والمعنى: احذروا الله في معاملة الأرقاء الذين تملكونهم، وفي الأثر عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لقد أوصاني حبيبي جبريل بالرفق بالرقيق حتى ظننتُ أن الناس لا تُستعبَد ولا تُستخدَم))، وقد رأى أبو هريرة - رضي الله عنه - رجلاً على دابَّتِه وغلامُه (عبده) يجري خلفه، فقال له: احمله خلفك يا عبد الله، فإنما هو أخوك، وروحه مثل روحك، وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((اضرِبْ عبدَك إذا عصى الله، واعفُ عنه إذا عصاك))، وقد وصَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرقيق قبيل وفاته بقوله: ((اتَّقوا الله فيما ملكتْ أيمانكم، أطعموهم مما تأكلون، واكسُوهم مما تلبسون، ولا تكلِّفوهم من العمل ما لا يُطِيقون، ولا تعذِّبوا خلق الله، فإن الله ملكَّكم إياهم، ولو شاء لملكهم إياكم)).

 

يضاف إلى ذلك أنه في ظل الإسلام طُبِّقت المساواة بينهم وبين السادة بصفة عملية؛ من ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين بلالِ بن رباح الحبشي وخالد بن رويحة الخثعمي، وآخى بين مولاه زيدٍ وعمه حمزة بن عبدالمطلب، وبين المولى خارجة بن زيد وأبي بكر - رضي الله عنهم جميعًا - وكانت هذه المؤاخاة صلةً حقيقية، تعدل رابطةَ الدم وتصل إلى حدِّ الاشتراك في الميراث.

 

ولم يكتفِ الإسلام بهذا الحدِّ، فقد زوج الرسول - صلى الله عليه وسلم - السيدة القرشية زينب بنت عمه من مولاه زيد، وكان زيد عبدًا اشترته خديجة ثم أهدته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والزواج قضية مهمة جدًّا من جانب المرأة، فهي ترغب في أن تتزوَّج من يفضلها مقامًا، ولكن تأبى أن يكون زوجُها دونها في الحسب والنسب والثروة، وتشعر أن مثل هذا الزواج يحطُّ من شأنها، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرمي من وراء ذلك رفع الرقيق إلى أعلى مراتب السادة، وبلغ الأمر إلى أن يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه البخاري: ((اسمَعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبدٌ حبشي كأن رأسه زبيبة، ما أقام فيكم كتاب الله - تبارك وتعالى)).

 

فأعطى الإسلام الموالي (العبيد من قبل) الحق في تولي أعلى مناصب الدولة، وهي خلافة المسلمين، وقد قال عمر - رضي الله عنه - وهو يستخلف: "لو كان سالم - العبد - مولى أبي حذيفة حيًّا، لولَّيته"، فيسير على المبدأ نفسه الذي سار عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل مثل هذا ما وقع في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ولَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولاه زيدَ بن حارثة قيادةَ جيشٍ قوامُه ثلاثة آلاف مقاتل، يضم خيرة الصحابة من سادات قريش، لمقاتلة الروم في غزوة سميت بغزوة مؤتة، وأمَرَ - عليه الصلاة والسلام - أنه إذا قُتِل زيد يتولَّى القيادة من بعده جعفر بن أبي طالب، وإذا قُتِل جعفر يتولى القيادة من بعده عبدالله بن رواحة، وقد استشهد الثلاثة في هذه الغزوة، فقد جعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ابنَ عمه جعفر بن أبي طالب تحت إمرةِ عبدِه ومولاه زيد بن حارثة.

 

وبعد استشهاد زيد - رضي الله عنه - جهَّز رسول الله حملة أخرى لمقاتلةِ الروم في بلاد الشام، جعل هذه الحملة بقيادةِ أسامة بن زيد بن حارثة، وقد كان شابًّا، بَيْدَ أن مرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووفاته حالت دون إرسال هذه الحملة في حياته - صلى الله عليه وسلم - فلما تمَّت البيعة لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - كان أوَّل عملٍ قام بتنفيذه غداة بيعته هو إنفاذ بعث أسامة، وقد ضم جيش أسامة عددًا كبيرًا من الصحابة من أهل المدينة، وقد شكا نفرٌ من الصحابة من تأمير أُسامة بن زيد على الجيش، وفيه عدد من كبار الصحابة، في حين أن أسامة كان شابًّا من جهة، وابنَ عبدٍ ومولى من جهة أخرى، وطلب هذا النفرُ من عمر - رضي الله عنه - أن يُكلِّم أبا بكر الصديق بشأن تبديلِه، فلما فعل ذلك عمر، ردَّ عليه أبو بكر بغضب شديد قائلاً: "ثكلتك أُمُّك وعدمتك يا بن الخطاب، استعمَلَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وعيَّنه قائدًا) وتأمرني أن أنزعه؟!" وقد كان عمر - رضي الله عنه - جنديًّا من جنود أسامة في هذا الجيش.

 

وانطلق جيش أسامة من المدينة في آخر شهر ربيع الأول سنة 11 هجرية، وخرج أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في توديعه، وهنا يحصل في ظل هذا الدين أعظم معجزة؛ إذ يجيء أبو بكر الصديق الخليفة والسيد القرشي وصاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة والغار، إلى مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبدِه من قبلُ - يلتمس منه ليأذن له أن يتخلف عن هذه الغزوة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سيد قريش في الجاهلية والإسلام؛ لحاجته الماسة إليه في إدارة الدولة، فأذِن له بذلك.

 

لم يحظَ العبيد بمثل هذه المعاملة ولم يحلموا بها في ظل أي نظام آخر منذ أن وُجد الرقيق في الدنيا، فقد عاش العبيد في ظل الإسلام عيشةَ السادة الأعزاء، وكم من سيِّد يعيش اليوم في ظل غيرِه عيشة العبيد الأذلاء؟

 

وقد كان الصحابي أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - سيِّدًا وصحابيًّا جليلاً، اختلف مع بلال في حضرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو ذر: يا بن السوداء، فعيَّره بأصله بأنه عبد، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((طفَّ الصاع، طف الصاع))؛ (أي: تجاوز الأمر الحد، وبلغت العصبية أقصاها)، وصاح في وجه أبي ذر: ((إنك امرؤ فيك جاهلية، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى))، فيشعر أبو ذر بالذنب، ويندم لما زل به لسانه، وسرعان ما ينام على وجه الأرض ويضع خده على رمالها، ويطلب من بلال أن يطأ خدَّه بنعاله؛ ليكفِّر عن ذنبه.

 

فهذه مبادئنا، وأنَّى لأمريكا وأوروبا مثل هذه المبادئ؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منظمة تعيد البشرية إلى عصور الرق والعبودية!
  • نكبة هايتي في العبودية
  • العمل على تحرير الرقيق
  • تعارض الحرية مع العبودية
  • الجواري في الإسلام
  • الرق: شبهة يلعب بها أعداء الإسلام
  • الرق في الإسلام
  • الرق عند اليونان
  • صور من معاملة الرقيق في الدولة الرومانية
  • الإسرائيليون عرفوا نوعين من الاسترقاق
  • ماذا صنعت أوروبا الحديثة للرقيق؟
  • تضييق الإسلام لروافد الرق
  • حث الإسلام على العتق
  • حث الإسلام على حسن معاملة الرقيق
  • حماية الإسلام للرقيق من أذى سيده
  • هل في العالم اليوم رق؟
  • أين الرقيق اليوم عند المسلمين؟
  • ماذا عن التسري بملك اليمين؟
  • الرد على فرية أن الإسلام يدعو إلى الرق
  • تسمية العبد الآبق كافرا
  • مكاتبة العبد

مختارات من الشبكة

  • سماحة الإسلام في معاملة الرقيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نفقة ماشية الرقيق(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • النفقة على الرقيق(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • مسألة ميراث الرقيق(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الرقيق الأبيض وبنات القبيلة!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ابن الرقيق لا ابن الدقيق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • محمد - صلى الله عليه وسلم - الإنسان الرقيق(مقالة - ملفات خاصة)
  • الرق عبر التاريخ الإنساني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كن جميلا (11)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ( المدبر والمكاتب وأم الولد ) من بلوغ المرام(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
حسين - مصر 04-03-2016 04:54 PM

أشكر القائمين على الصفحة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب