• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

ثلاثون عاما مع الدكتور مانع الجهني

ثلاثون عاما مع الدكتور مانع الجهني
د. إبراهيم القعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/2/2014 ميلادي - 9/4/1435 هجري

الزيارات: 6643

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

د. إبراهيم القعيد

وقصة ثلاثين عامًا مع الدكتور الجهني

الرجل صاحب اللحية والعقال الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة!

 

منذ ثلاثين عامًا عرفتُ الدكتور مانعًا الجُهنيَّ - رحمه الله - وارتبطتُ به ارتباطًا وثيقًا منذُ أوَّل لقاء معه في ربيع عام 1972م، حتى وافاه الأجل، عرفتُ فيه خلالَ هذه العقود الثلاثة والارتباط القويِّ والصلةِ الوثيقة بيننا - الداعيةَ الذي نَذر جُلَّ وقتِه وجهده لخِدمة الدِّين، والمفكِّرَ والباحث، والأكاديمي الذي يلتزم بالمنهج العِلميِّ، وواحدًا مِن أبرز رُوَّاد العمل الخيري الدَّعَوي والإغاثي.

 

قابلتُه لأوَّل مرَّة في بداية التسعينيات الهِجريَّة، وبداية السبعينيات الميلاديَّة، في إحدى المحاضرات بجامعة الملك سعود، وكان شُعلةً من النشاط الدعويِّ في رِحاب الجامعة، وأعتقدُ أنَّ هذا اللِّقاء كان في نفس العام الذي أُنشِئت فيه الندوة العالَميَّة للشباب الإسلامي، وكان - يرحمه الله - مُعيدًا في قِسْم اللُّغة الإنجليزيَّة بكلية الآداب بالجامعة، وكنتُ أنا طالبًا في السَّنة الثانية في قِسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية، وكان يجمعُنا نشاطُ اللغة الإنجليزية في الجامعة، ولفتَ انتباهي ذلك الرُّجل الملتحي، الذي يَلْبَس العقال، ويتحدَّث الإنجليزيَّة بطلاقة، بل بلُغة أهلها، وقد كان هذا الأمر غريبًا عليَّ، وهو الذي دفعني إلى توثيق صِلتي به، وتعرَّفت منه - بحكم عَلاقته الوثيقة بها - على الندوة العالَميَّة للشباب الإسلامي، ومناشطِها وأهدافها.

 

ثم جمعتْنا الزمالةُ خارجَ الوطن في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما ذهبنا لاستكمال دراستنا للماجستير والدكتوراه، وشاركْنا في قِيادة العمل الإسلامي في اتِّحاد الطلبة المسلمين بجامعة أنديانا، ثم بعدَ ذلك في رابطةِ الشباب المسلم العربي، والاتِّحاد الإسلامي لأمريكا الشماليَّة "الأسنا".

 

وقد كان الدكتور مانع - رحمه الله - يُمثِّل الصورةَ الحقيقيَّة للمسلم الداعية الجادِّ، الذي يحمل رسالةً سامية، هي رسالةُ التوحيد، وكنت تلمس ذلك جيِّدًا في شخصيته القويَّة الجادة، وسَمتِه الإسلامي الخاص، وسلوكياتِه وعَلاقاتِه القويمة مع زملائه، وكان شُعلةً من النشاط، يُقدِّم المحاضراتِ، ويُنظِّم الندواتِ والحواراتِ التي تُعرِّف بالإسلام، ويُؤلِّف الكتيبات، بل يزور الكنائس، ويُشارِك في المناظرات التي تُنظِّمها، ويجمع الشباب المسلم في تجمُّعات ومنتديات، ويُدير النقاشاتِ حولَ قضايا الإسلام والمسلمين.

 

ومِن الأمور التي لا يُمكن أنْ أنساها عنه:

تلك الخُطب الناريَّة التي كان يُلقِيها في مسجد جامعة أنديانا، وتركيزه على هُويَّة الإنسان المسلِم، وضرورةِ ارتباطه بدِينه وعقيدته، والذَّودِ عنها، وعدم الاستسلام لمغريات الحضارة الغربية، والذَّوبان في هذه المجتمعات اللاَّدِينيَّة، والانبهار بوسائل الرفاهية، وتحذيراته الدائمة من الشُّبهات والانزلاقِ في الشَّهوات.

 

فقد كان - يرحمه الله - يَلمس في خُطبِه جوانبَ مهمَّة، وهو يَعلم أنَّ أعدادًا كبيرة من أبناء المسلمين الذين جاؤوا للدِّراسة في الولاياتِ المتحدة وقعوا في شِراك الشهوات، وذابوا في المجتمع الأمريكي، وتحلَّلوا مِن قِيَمهم وعاداتهم وتقاليدهم، وكان يُدرِك أنَّ الحضارة الغربيَّة لها تاريخٌ عريق في صَهْر قِيَم الأجانب الذين يَفِدون إلى بلدانها، وتغيير اتجاهاتهم، وإبعادِهم عن دِينهم وعقيدتهم.

 

وقد كنت أُرافقه في محاضراته وندواتِه وزياراته للكنائس، وتتلمذتُ على يديه، وتعلَّمتُ منه الكثيرَ، وبعد أن تَرَك مدينة "جتن"، أصبحتُ أقوم بالمهمَّة الدعويَّة التي وضع هو أُسسَها، وترأستُ لجنةَ الدعوة.

 

الشخصية المنفتحة:

وكان الدكتور مانعٌ ذا شخصية مُنفتِحة على الآخَرِين، بل على المجتمع كلِّه، وكان ذا نَفْس رَضيَّة، يحظَى باحترام الجميع، بغضِّ النظر عن مكانتهم الاجتماعيَّة، يُحبُّه عوامُّ الناس والبسطاءُ، كما يحبُّه أصحابُ المكانة والمراكز المرموقة، لم أَجِدْه يومًا يغضب لنفسه، أو لحظٍّ مِن حظوظ الدنيا، بل كان دائمًا غضبُه لله، وإذا انتُهِكَت حُرمةٌ من حرمات المسلمين، أو كان هناك أمرٌ يُسيء للإسلام ولأبناء المسلمين، أمَّا إذا كان الأمرُ يَخُصُّه فلا يبالي به، وكان - رحمه الله - ذا أُفقٍ واسع، وذا صَبر وأناة، ينظر دائمًا إلى المستقبل الإسلاميِّ أكثرَ مِن توقُّفه أمامَ الواقع، همُّه هو الإسلام، وعندما كان مسؤولاً عن الدَّعوة في المرْكز الإسلامي في (بلومنت)، كان يُخصِّص ساعةً كلَّ يومِ أَحدٍ - يوم الإجازة في الولايات المتحدة - كنَّا نُسمِّيها ساعةَ القهوة، ففيها مجال مفتوحٌ للدَّعوة، ندعو فيها غيرَ المسلمين إلى المرْكز، ونُقيم فيها حواراتٍ ونقاشًا منفتحًا معهم، وهي أشبهُ بالحوارات الاجتماعيَّة، وكانت امتدادًا لمناشطنا داخلَ الجامعة، وفي الكنائس والمنتديات العامَّة، وقد دخل الكثيرون من الأمريكيِّين الإسلامَ من خلال هذه اللِّقاءات المفتوحة، والذين لم يدخلوا الإسلام تعرَّفوا على هذا الدِّين.

 

قصة لن أنساها:

ومِن القصص التي لن أنساها: أنَّ الكنيسة الرُّوسيَّة - الشيوعيَّة - أرسلت أحدَ القساوسة إلى مدينة (بلومنت)، عندما شعرتْ بتنامي العملِ الإسلاميِّ في المدينة، وانتشار الدَّعوة، ودخول الكثيرين في الإسلام، وتأثُّرِ المجتمع الأكاديمي في أنديانا بنشاط الطَّلبة المسلمين، واسم هذا القِسِّ "ستيف جونسون"، وبدأَ في إثارة المشكلات والقضايا، وكان د. مانع عندما يُلْقي محاضرةً كان القسُّ ستيف يُثير بعضَ الطلاب ويُحرِّضُهم ضدَّ المسلمين، ويدعوهم إلى مقاطعةِ المحاضرات الإسلاميَّة، بل أخذ يتهجَّم على الإسلام والمسلمين، وكانت رؤيةُ الدكتور مانع بألاَّ نُقابِل السيِّئةَ بالسيِّئة، وأن نصمُتَ ونستمرَّ في عملنا، ونتجاهل إساءاتِه تمامًا، بل نردُّ على الشبهات ونركِّز عليها، في الوقت الذي نتعامل معه برُوح طيِّبة، وبعد وقت وجدْنا هذا القسَّ يتغيَّر، ويُغيِّر أسلوبُه تُجاهَنا، ويُعاملنا برُوح طيِّبة، ولم يعد يتهجَّم على الإسلام، ولا يُثير أيَّ قضايا ضدَّنا، وأخذْنا نطرح علاماتِ الاستفهام حولَ الرجل؛ ماذا حَدَث له؟! ماذا يُريد أن يُخفيَه بعد أن يهاجمنا علنًا ويتهجَّم على دِيننا؟! فهل تغيَّر فعلاً أم ماذا؟!

 

ولم يمرَّ وقتٌ طويل حتى فوجئنا بالقسِّ ستيف جونسون يأتي إلينا في المرْكز الإسلامي، ويقول لنا: "أريد الدُّخول في الإسلام"! الرَّجل الذي كان عدوًّا لدِين الله تغيَّر بالأسلوب الحَسن والمعاملة الطيِّبة، ومنطقِ الداعية الذي اتَّبعه معه د. مانع الجهني، وطالَب إخوانَه وزملاءَه بالالتزام به، وفعلاً أسلمَ، وصار مِن دُعاة الإسلام، بل صار رئيسًا لقِسم الدعوة في المرْكز الإسلامي، كلُّ همِّه نشْرُ الدعوة، ومقارعة المُنصِّرين في الكنائس!

 

قضايا المسلمين:

د. مانع رَجلٌ أَوْلَى قضايا الإسلام والمسلمين جُلَّ همِّه، فلم تكن هناك قضيَّةٌ إسلاميَّة إلاَّ كان له مشاركة فيها معرِّفًا بها، ومُدافعًا عنها، ومُحذِّرًا من تَرْك هذه القضايا الإسلاميَّة، وتجاوزتْ أطروحاتُه الإطارَ المحليَّ والإقليمي إلى النِّطاق العالميِّ الواسع، وكانت كلُّ قضية إسلاميَّة هي قضيته، بل قضية المسلمين جميعًا، وحاول أن يكون للندوة العالَميَّة للشباب الإسلامي، بصفتها مؤسَّسةً وهيئة إسلاميَّة ذات مكانةٍ ودَور رائد، دورٌ في هذه القضايا بالدَّعوة والإغاثة، وكانت القضية الفلسطينيَّة قضيتَه المركزيَّة، وكان دائمًا يُردِّد أنها قضية المسلمين، وهي وقفٌ عليهم جميعًا، وكان له دَورُه البارز في قضية البوسنة والهرسك، وشارَك في الهيئة العُليا لجمْع التبرُّعات لمسلمي البوسنة والهرسك برئاسة صاحبِ السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، والتي جَسَّدت العطاءَ السعوديَّ تُجاهَ الشعب البوسني المسلم.

 

رجل المبادرات:

والدكتور مانع الجهني كان رَجُلَ المبادرات في عمله الدعوي، فكان دائمًا صاحبَ رؤية مستقبليَّة، وذا طرْحٍ جديد، ولم يكن ينتظرُ مبادراتِ الآخَرِين، فهو مثال للداعين، كرَّس وقتَه كلَّه للدعوة ولقضايا الأمَّة الإسلاميَّة، وكنتُ في فترة مِن فترات الزمن أسأله "أبا عمر، أنت بحاجةٍ إلى الاهتمام بنفسك وأولادِك وتأمين المسكن المناسب لهم، وشيءٍ مِن هذا القبيل"، فكان الردُّ دائمًا: "دَعْها لله"، لقد كان عازفًا عن الكثير من الأمور الدُّنيويَّة، وعملُه منصبًّا على الدعوة والأعمال الأُخرويَّة، وكلِّ ما فيه خيرٌ للإسلام والمسلمين.

 

نصير الأقليات المسلمة:

وتجاوزتِ اهتماماتُ الدكتور مانع الإطارَ العربيَّ والإسلاميَّ إلى بلاد الأقليَّات المسلمة، فقد أَوْلَى هذه الأقليات جُلَّ الاهتمامِ والرِّعاية، وكان له صولاتٌ وجولات في هذا المجال، بل إنَّه كان يحرِص أن يكون للندوة دورٌ بارزٌ في إغاثة ودَعْمِ الأقليات المسلمة في شتَّى بِقاع الأرض، وكان يُشدِّد على أن يكون للندوة العالميَّة للشباب الإسلامي دورٌ في هيئة الأمم المتحدة، من خلالِ منظَّماتها الفرعيَّة والتطوعيَّة والإنسانيَّة، حتى تستطيعَ أن تصل إلى الأقليات الإسلاميَّة تحت المظلَّة الدوليَّة.

 

السهل الممتنع:

وكان - رحمه الله - رجلاً سهلاً، ولكن مِن النَّوع السَّهل الممتنع، يَعرِف تمامًا كيف يُخاطِب الناس، وكيف يُدافع عن قضايا أمَّتِه، ولم يرضخْ لضغوطٍ من أيِّ نوع، بل كان يجد الدَّعْم والمساعدةَ والمساندة من الجميع؛ لأنَّهم كانوا يَعرِفون الرَّجلَ وأهدافَه السامية التي يَسعَى إليها، وكانوا يَثِقون فيه وفي توجيهاته وتحرُّكاته، ولله الحمدُ كان لهذه التحرُّكات دَورُها في أن تصلَ الندوةُ العالمية للشباب الإسلامي إلى هذه المكانة في نفوس المسلمين جميعًا، ونستطيع القول: إنَّ الدكتور مانعًا - رحمه الله - كان ينطبق عليه وصف رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- أنَّه ما خُيِّر في أمرين إلاَّ اختار أيسرَهما؛ ما لم يكن إثمًا، فكان دائمًا يختارُ طريقَ الخير واليُسر، ويحرِص على انتقاء الكلماتِ الطيِّبة، والطرْح المتوازن، تُجاهَ القضايا التي تُثار حولَها بعضُ الحساسيات.

 

العقلية الغربية:

وإتقانُ الدكتور مانع الجهني للغة الإنجليزيَّة كأهلِها، حتى قبلَ أن يذهبَ إلى الولايات المتحدة الأمريكيَّة لاستكمال دراسته العُليا - جعلَ له أسلوبَه الدَّعويَّ الخاص في مخاطبة العقل الغربيِّ، وكيف يؤثِّر فيه، فهو يَعرِف جيِّدًا أنَّ لهذا العقل مفاتيحَ معيَّنةً، إذا لم تسلكْها فلن تؤثِّر فيه، ولذلك كان له أسلوبُه الفريد في توجيه خِطابِه الدعويِّ للعالَم الغربي، سواء من خلال كتاباته أو أحاديثه أو المحاضرات والندوات، وقد أجرى الله على يديه الكثيرَ في هذا الجانب.

 

الرجل الموسوعي:

ويَنطبق على الدكتور مانع الجهني وصفُ الرجل الموسوعي، فإذا جلستَ معه جلسةً غيرَ رسميَّة تحدَّث في قضايا متنوِّعة بشكل عميق، يَنمُّ عن ثقافة موسوعيَّة، ورؤيةٍ عمليَّة ومنهجيَّة في الطرْح، وكان - رحمه الله - ذا ذاكرة قويَّة، وكنَّا في جلساتِ المسامرات الوُديَّة ننتظر بشوق أبا عمر عندما يتحدَّث، ويُضفي على الأجواء البهجةَ والبشاشة، ويحكي لنا تجارِبَ السِّنين، وإن كان في السنوات الأخيرة قليلَ الكلام، كثيرَ الإنصات؛ فأحوالُ المسلمين تدعو للأسى والحزن، وكان جدولُ أعماله اليومي مزدحمًا جدًّا بالأعمال والمواعيد واللِّقاءات، بل إنَّه كان لا يستطيع حضورَ دوريةِ الأربعاء، وهي الدورية الوحيدة لزملائِه في الجامعة بالولايات المتحدة، وكانتْ هي المكانَ الوحيد الذي يَروْنَه فيه، ويتسامرون معه، ويتبادلون أطرافَ الحديث، فجعلتْه مسؤولياتُه الكبرى يبتعد قليلاً.

 

التلقائية والمثالية:

وللدكتور مانع أسلوبٌ بسيط في النِّظام الإداري، وكان ذا شخصيَّة مميَّزة في هذا الجانب، وإن لم يكن معروفًا عنه اهتمامُه بقضايا الإدارة أو نظرياتها، بل كان يتَّبع الأسلوب التلقائي العفوي البسيط بقلْب متفتِّح، وشخصية مباركة، وقد عزَّزتِ الندوةُ هذا البُعد بوضْع منظومة من اللوائح والقواعد والنُّظم التي تُسيِّر عملَها، وهو الذي نَقلَها من العمل الفرديِّ والتطوُّعي إلى العمل المؤسَّسي، الذي يخضع للقواعد والنُّظُم في حركته.

 

وكان د. مانع الجهني يلتزم بالشُّورى في العمل، والعملِ الجماعيِّ في الحَرَكة، وعندما كان يترأَّس مجلسَ الأمناء، كان يطرح القضايا بموضوعيَّة وحَيْدَة، ويطلب النِّقاش ولا يتَّخِذ رأيًا نهائيًّا، وعندما يكون له رأيٌ مُعيَّن يُخالِف رأيَ إخوانه في الأمانة كان يلْتزم بالشورى، ويتنازل عن رأيه، ويَقبل رأيَ الجماعة، وأعتقدُ أنَّ هذا سِرٌّ من أسرار نجاح الدكتور مانع في إدارتِه للندوة، أو أيِّ عملٍ آخَرَ، فالندوة خلالَ العشرين عامًا الماضية كانت تُدار بطريقة القِيادة الجماعيَّة والشوريَّة في أخْذ الرأي واتِّخاذ القرارات.

 

الرجل المنفتح على الجميع:

وعلى رغم مسؤولياته الجِسام، وجدول أعماله المزدحِم، كان أيُّ شخص يستطيع التحدُّثَ مع الدكتور مانع، بل يَأْلَفَ الحديثَ معه، بل كان الدخولُ إليه في المكتب مِن قِبَل أيِّ شخص أمرًا يسيرًا، فلم يكن يضع أيَّ حواجزَ بينه وبين الآخرين، وكان يهتمُّ بالصغير ويُولِيه الرِّعايةَ والاهتمام، وتهمُّه شؤونُ الكبير.

 

هذا هو البُعدُ الإنساني، والأنموذج الدعوي، والتجارِب التي عِشتُها مع الدكتور مانع خلالَ ثلاثة عقود من الزَّمان، لقد كان نِعْمَ الأخُ والصديق.

 

21 عامًا في رحاب الندوة العالمية:

ويُعتبر الدكتور مانع الجهني - رحمه الله - أكثرَ الأمناء العامِّين خِدمةً للندوة؛ حيث عمل من 1402- 1406هـ أمينًا عامًّا مساعدًا، ثم انتُخب أمينًا عامًّا في المؤتمر العالمي السادس الذي عُقِد بالرِّياض في شهر جمادى الأولى 1406هـ، واستمرَّ في أمانة الندوة حتى وفاتِه في 25/5/1423هـ؛ أي: إنَّه خَدَم الندوة حوالي واحد وعشرين عامًا، منها سبعة عشر عامًا بصفته أمينًا عامًّا، وقد أُنشئِت الندوة في عام 1392هـ بموافقة من الملك فيصل - رحمه الله - تعزيزًا لرِسالة المملكة في نشْر التضامُن الإسلامي، ورعايةً لشباب الأمة الإسلاميَّة، انطلاقًا من هذا البلد المبارك، وأوَّلُ أمين عام للندوة كان معالي الدكتور عبدالحميد أبو سليمان - حفظه الله - الذي قاد الندوةَ عندَ إنشائها، وعَمِل على انتشارها وانطلاق أعمالها، وبَقِي عدَّة سنوات، ثم أعقبه الدكتور أحمد باحفظ الله لثلاثِ أو أربع سنوات، ثم جاء بعدَه الأخ الأستاذ الدكتور توفيقُ القصير الذي استمرَّت أمانته لأربع سنوات.

 

وأُريد أن أُؤكِّد هنا أنَّ الإنجازاتِ التي حُقِّقت في عهد الدكتور مانع - رحمه الله - ليستْ إنجازاتٍ شخصيَّةً، بل هي ثمرةُ أسلوبِ الإدارة الجماعيَّة الذي تبنَّاه - رحمه الله - وأطلق عن طريق هذا الأسلوب عمليةَ تفويض ومشاركة وتحفيز؛ لانطلاق الندوة، وانتشار أعمالها كمًّا ونوعًا، وحضور اسمها حتى صارتْ أهمَّ وأعرقَ المنظَّمات الإسلاميَّة الشبابية، التي انخرطتْ في عضويتها أهمُّ المنظَّمات الطلابيَّة الإسلامية على المستوى العالَمي، والمعلومات المتوافرة لديَّ - بحُكم رئاستي للجنة العضويَّة في الندوة - أنَّ الأعضاء المرتبطين بالندوة قد وصَل عددُهم حوالي خمسمائة عضو - ما بين عضو عامل ومؤازر - حتى هذا التاريخ.

 

ومِن بين الإنجازاتِ العظيمة التي حقَّقتْها الندوة في عهْده - رحمه الله - تبرز للعيان الأمورُ التالية:

 

انتشار الندوة أفقيًّا ورأسيًّا:

في السَّنوات العشر الماضية اكتسبتِ الندوةُ انتشارًا ملحوظًا على كلِّ المستويات، فمِن ناحية أُفقيَّة ازدادتْ مكاتبُ الندوة في الخارج إلى 53 مكتبًا خارجيًّا، وأسَّست المكاتب الداخليَّة للندوة: المكاتب الرئيسة في جدَّة، والشرقية، والجنوبية، والمدينة المنورة، والقصيم، والمكاتب الفرعية في مكَّة المكرمة، والطائف، وجيزان، والأحساء، والجبيل، وحفر الباطن، وينبع، ووادي الدواسر، وغيرها، ووصل عددُ المكاتب الداخليَّة إلى 27 مكتبًا، وقد أسهمتْ هذه المكاتبُ في نشْرِ رسالة الندوة، والتعريف بها، ودَعْم برامجها الدَّعوية والتربوية والإغاثية والإنمائيَّة، كما أنَّ التقسيمَ القديم لممثِّلي الندوة في القارات (ستة ممثلين) أُعِيد النظر فيه، وتمَّ تقسيم العالَم إلى ممثِّلين رئيسَين وممثِّلَين إقليميَّين، وأوصل مكاتب الندوة إلى أكثرَ من عشرين مكتبًا على مستوى العالَم.

 

ومن ناحية رَأْسية اهتمَّتِ الندوةُ بمناشطها وبرامجها، وشكَّلت اللِّجان المختلفةَ لتخطيط ومتابعة هذه المناشطِ، ووضعتِ الخططَ التفصيليَّة لتنفيذ هذه المناشط.

 

ومن الأهداف الإستراتيجيَّة التي ركَّزتْ عليها الندوة خلالَ عهد الدكتور مانع - رحمه الله -: قضية العضوية؛ حيث صدرتْ أنظمة مفصَّلة ولوائحَ وقوانين تؤسِّس العَلاقة بين الندوة والمنظَّمات الأعضاء، كما وضعتْ معاييرَ وشروطًا لاختيار وقَبول المنظَّمة العضوَ في الندوة، وقد وصَلَتْ عضويةُ الندوة حتى الآن حوالي خمسمائة منظَّمة، ما بين عاملة ومؤازِرة.

 

ومن الأهداف الإستراتيجيَّة أيضًا: تشكيل الهيئة الشرعيَّة، التي كانت الندوةُ حريصةً على تشكيلها منذُ زمنٍ بعيد، خاصَّة أنَّ الندوة اتَّسعتْ أعمالها، وتشعَّبَت برامجها، ولا بدَّ لها من ضوابطَ شرعيَّة تَسير عليها، وتُرشد سياساتِها.

 

اللجان المؤازِرة:

ومِن أهمِّ الإنجازات في عهده - رحمه الله -: إنشاءُ اللِّجان المؤازِرة؛ كلجنةِ شباب فلسطين، ولجنة كشمير، ولجنة الصومال في وقت أزمة الجَفاف، ولجنة أمريكا الشماليَّة، ولجنة أوروبا الشرقيَّة، ولجنة الطبيب المسلم، وغيرها من اللِّجان الكثيرة المؤازِرة، وقد أعطتْ هذه اللِّجانُ أعمالَ الندوة قفزاتٍ نوعيَّةً واضحة؛ بسبب تركيزها على النواحي الإعلاميَّة والتربويَّة والإغاثيَّة، ونصْرها لقضايا محدودة رَكَّزت فيها الجهود مِن قِبَل مجموعات من المحتسِبين المتطوعين، وقد مارستِ الندوةُ من طريق هذه اللِّجان إطلاقَ جهود الشباب المسلم وتنظيمه وتأطيره؛ لخِدمة أهداف الأمَّة، بعيدًا عن العمل الفَرْديِّ أو العشوائيِّ، وبعد عشرِ سنوات من إطلاق هذه اللِّجان المباركة تجد الندوة أنَّ هذه اللِّجان جزءًا لا يتجزَّأ من عملها لنُصرة قضايا الإسلام والمسلمين، بدعم وتشجيع ورعايةٍ مِن حكومة هذه اللِّجان المباركة، التي فتحتِ المجالَ واسعًا لأعمال الخير، ولمدِّ يدِ العون والمساعدة للمسلمين في كلِّ مكان.

 

الندوة والجهات الرسمية:

نشطتِ الندوة منذُ إنشائها على تأسيس عَلاقة جيِّدة مع جميع الجِهات الرسميَّة في داخل المملكة وخارجها، فالندوة عندما أنشأتْها هذه البلادُ المباركة بمرسوم ملكيٍّ وقَّعه جلالةُ الملك فيصل - رحمه الله - نصَّ مرسومُها على استقلاليتها، ولكنَّها رُبِطتْ برئيس (له موقع رسمي في الدولة)؛ وذلك لتسهيل تعامُلاتِها، وإعطائها ما تستحقُّ من أهمية، في وقت لم تتبلورْ لدى الناس فكرةُ المنظَّمات المدنية الشعبية، التي تعتبر مِن أهمِّ روافد التنمية والتطوير على النِّطاق العالَمي.

 

وبالجهود المباركة لرؤساء الندوة واهتمامِهم بمصلحة الندوة لتعزيزِ مكانتها المحليَّة والعالمية، تأسَّست علاقات جيِّدة للندوة مع الجِهات الرسميَّة، وأصبحتْ من السياسات المعروفة للندوة والتقاليد المتوارثة هذه السياسات: التعاون مع جميع الأجهزة الرسميَّة وغير الرسمية؛ لتحقيق أهداف الندوة وخِدمة مصلحة الإسلام والمسلمين، والتعاُون مع الجِهات الإسلاميَّة المعروفة بسلامة عقيدتِها، وجَوْدة منهجها، وقد أسهمتْ هذه السِّياسات في نشْر رسالةِ الندوة وتعزيز مكانتها واتِّساع نشاطاتها، وجنّبتها بعضَ الأمواج العاتية التي عَصَفت ببعض المنظَّمات الإسلاميَّة.

 

ولم يقفِ الأمرُ عند هذا الحدِّ، بل سعتِ الندوة منذُ زمن طويل إلى تأسيس علاقات تعاوُنٍ وتفاهم مع المنظَّمات العالميَّة، حتى أصبحتْ في آخِرِ المطاف عضوًا في المنظَّمات غير الحكومية لهيئةِ الأمم المتحدة، ممَّا جعلها تشترك بفعالية في المؤتمرات العالميَّة التي تُنظِّمها هيئة الأمم المتحدة، وتُقدِّم وجهةَ النظر الإسلاميَّة، وتَرْفع صوتَ الإسلام في المحافل الدولية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوداع ( في رثاء الدكتور مانع الجهني )
  • محطات من حياة الدكتور مانع الجهني .. بقلمه
  • صفحات من الذكريات مع الدكتور مانع الجهني
  • وصية الدكتور مانع الجهني لابنه محمد
  • د. مانع الجهني: محطات في حياتي

مختارات من الشبكة

  • نودع عاما ونستقبل عاما جديدا (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • صيام يوم عرفة يكفر الله بها عامين وصيام يوم عاشوراء يُكفر الله بها عاما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل الأذكار بعد الصلوات المكتوبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مع آية: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثلاثون وقفة مع عاشوراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات رمضانية تدبرية: ثلاثون نفحة تدبرية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • ثلاثون فائدة في صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثلاثون حديثا في الصيام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • المسابقة الثلاثون للقرآن الكريم بعاصمة كرواتيا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب