• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

صفحات من الذكريات مع الدكتور مانع الجهني

صفحات من الذكريات مع الدكتور مانع الجهني
د. هدى عافشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/2/2014 ميلادي - 3/4/1435 هجري

الزيارات: 5111

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفحات من الذكريات

مع الدكتور مانع الجهني

 

حينما طُلِب منِّي أن أكتبَ عن د. مانع الجهني - رحمه الله، وأسكنه فسيحَ جنَّاته - تزاحمتِ الذِّكريات في ذِهني وقلبي، كلُّ ذِكرى بمعانيها الزاخرة تحاول أن تقفزَ قبلَ الأخرى لأعبِّر عنها بقَلمي، وأجدُ نفسي حائرةً، عن أيِّ شيءٍ أكتب؟!

 

أأكتبُ عن مانعٍ الزَّوج، أم مانع الأب، أم مانع الابن، أم مانع الأخ، أم مانع الصَّديق، أم مانع الدَّاعية، أم مانع الإنسان؟!

 

كلُّ تساؤل مِن هذا له عندي صفحاتٌ وصفحات من الذِّكريات العبقة المشرقة.

 

إنَّ الكتابة عن مانع ليستْ بالأمر الهيِّن؛ لأنَّه رجلٌ جَمَع كثيرًا من الصِّفات الحميدة، وليس بمقدور قلمي أن يُعبِّر بشمولية عن تلك المحامِد، لكنَّني أحاول أن أُصوِّر ومضاتٍ من حياته علَّها تَزيد معرفةَ العارفين به، وتُفرِح قلوبَ مُحبِّيه، وتكون دروسًا لِمَن يحبُّ أن يقتديَ بسِيَر الصالحين.

 

على الرَّغم من ثِقَل المسؤولية الأسريَّة عليه؛ حيثُ كان زوجًا لثلاث نساء، وأبًا لثمانية عشرَ ولدًا بين ذكور وإناث، فإنَّه كان يُعمِل جهدَه لإرضاء الجميع وخِدمة الجميع، لم يبخلْ يومًا على أحد، فكان يُساعد الابنَ الكبيرَ، كما يُساعد الصغير، كان ينبوعًا للحَنان والرحمة، يحبُّ الأطفال، ويَفرَح بهم، ويساعد في قضاء شؤونهم حين يسمحُ له الوقتُ بذلك، يأخذهم للطبيب حين يحتاجون العلاجَ، حتى لو كان في ذِروةِ عمله، ولا ينسى أبدًا نَصيبَهم في الترويح عن أنفسهم، فكثيرًا ما كان يأخذُهم خلالَ عطلةِ الأسبوع للتنزُّه، حتى لو كان عندَه من المشاغل الشيءُ الكثير.

 

يلعب معهم الكرة، أو يَركب معهم بعضَ الألعاب، أو يتسابق معهم، أو يجلسون حولَه، ويَحكي لهم حكاياتٍ وقصصًا من خبرات حياته، أو غير ذلك، وكان إذا حكى الحكاية شدَّ إليه الجميع بقُدرتِه على السَّرْد، واختياره للألفاظ، إلى جانب رُوح الدُّعابة التي كان يُضفيها على حكاياته في غالب الأحيان.

 

وفي الإجازات الصيفيَّة كان يُفكِّر في أولاده كثيرًا، على رغمِ ارتباطاته المتعدِّدة في الصيف لزيارة أماكنَ مختلفةٍ في العالَم؛ من أجْلِ الدَّعوة إلى الله، إلاَّ أنَّه كان يحاول أن يُوفِّر وقتًا لأولاده يأخذهم فيه لقضاءِ بعض الأيَّام في مكَّة المكرَّمة، أو الطائف، أو أبها، يَعتمِر مع الصِّغار والكِبار، يُلقِّنُهم الأدعية، ويُعينهم على أن يستمتعوا بروحانيةِ الأماكن المقدَّسة.

 

وفي الطَّائف أو أبها يتبسَّط مع أولاده، يسوق بهم ويُمازحهم، ويروي لهم القصص والطرائف، ثم إذا حان وقتُ وجبةِ الطعام اشترى (الأرز المندي) - وكان يُحبُّه كثيرًا - وجلس وعائلتُه في حديقة أو بر، وفَرَش فرشة على الأرض، ووضَع الطعام، وحولَه عائلتُه ليتناولَ هذا قطعةً من اللَّحم، والآخرُ شيئًا من الأرز، يُحيط الجميعَ برعايته واهتمامه.

 

كان قليلَ التعبير عن عواطفه، لا يَرفع صوتَه إلاَّ نادرًا، يتكلَّم بهدوء، وفي المنزل قلَّما تسمع صوتَه يرتفع، لكنَّ المرء لا يستطيع أن يستشِفَّ الكثيرَ من تعابيرِ وجهه، فكان يكتمُ مشاعرَه، ولكنَّ وجهَه قد يُبدي ذلك أحيانًا.

 

كنتُ أعرف من وجهه أنَّ هناك مشكلةً ما يمُرُّ بها قبلَ أن يقول شيئًا، ولا أنسى يومَ سالتِ الدُّموع مِن عينيه، وبَكى من أجْل ابنةٍ له صادفتْها بعضُ المشكلات، وقليلاً ما رأيتُه يبكي، وسواء أكان في حِلِّه أم تَرْحاله لا يرتاح أبدًا، فهذا الابن يتَّصِل لحلِّ مشكلته، وذلك لمساعدته في أمرٍ ما، ويتَّصل هذا البيتُ لطلب حاجةٍ ما، وذلك للسُّؤال عن سبب التأخير، والآخَرُ معاتبًا على أمرٍ ما، وهكذا يُجيبُ هذا وذاك وتلك، بكلِّ هدوء واتزان، يمتصُّ غضبَ الغاضبين، ويهوِّن الأمرَ على المُعاتبين، إنْ ضاقت به الأمور، ولم يجد جوابًا لغاضب أو مُعاتب، قال: خيرًا - إن شاء الله.

 

يأكل ويشكر الله:

إنَّ من أكبر سمات شخصيته في تعامُله الأسري أنَّه كان سهلاً هيِّنًا ليِّنًا، قريبًا رفيقًا، ليس بالفَظِّ ولا بالصَّعْب، يأكل ما يُقدَّم له ويَشكر، وإن لم يَجدِ الطعام جاهزًا يصبر من دون أيِّ تعبير غاضب، حتى لو كان في شِدَّة من الجوع، إن أعجبه الطعام مدَحَه، وإن لم يُعجِبه يأكل ولا يعيبه، يقتنع حتى بالقليل القليل، يكره الإسرافَ في كلِّ شيءٍ: في اللِّباس والأثاث، وغير ذلك، يغضب إن اشتُريَ له الغالي، إن خُدِم شَكَر، وإن لم يُخدَم قام بخِدمةِ نفسه من دون نقْد أو تجريح لأحد، يقول دائمًا: "أَقبلُ مِن زوجاتي ما يستطِعْنَ عملَه لي وأشكرهنَّ عليه، وما لا يستطِعن عملَه لا أُحاسبهنَّ عليه، حتى لو كنتُ في حاجة إليه"، كان يكره الاتَّكالية، حتى في أبسط الأمور، فنادرًا ما يطلب من أحدٍ شربةَ ماء، بل يقوم بنفسه ليفعل ذلك.

 

في برنامجه اليوميِّ تراه ابنَ الثلاثين في نشاطه وممارسته للعمل، يقوم مُبكِّرًا قبلَ الفجر ليُصلِّي ما يستطيع، ثم ينزل مع أذان الفَجْر إلى المسجد لأداء الصلاة، وغالبًا ما يَمشي ما بين النِّصف ساعة والساعة بعدَ الفجْر من أجل تخفيف الوزن، وتعديل نِسبة السُّكر؛ حيث كان يُعاني غالبًا مِن ارتفاعٍ في السُّكر، ثم بعد عودته ينام قليلاً لينهضَ من جديد للذَّهاب إلى عمله، أمَّا إن كان لديه بحثٌ أو كتاب يقوم بكتابته، فغالبًا لا ينام بعدَ الفجر؛ بل يجلس ليكتب، وعند عودتِه من عمله عصرًا، فلا يكاد يأكلُ وجبة الغداء ويستلقي قليلاً حتى يُؤذَّن للمغرب، فيجمع أشياءَه، ويأخذ حقيبتَه ويُودِّع أهل البيت ذاهبًا إلى الندوة، أو إلى اجتماع ما، وغالبًا ما ينتهي من هذا أو ذاك حوالي العاشرة، ولا يَنسى أبدًا أن يمُرَّ على إحدى المكتبات، خاصَّة المستعملة ليُلقيَ نظرةً على الكتب، ثم يذهب إلى البيت الآخَرِ، وقد كان ذلك في كثيرٍ من الأحيان سببًا لعتاب زوجاتِه له؛ حيث كان يَزيد مِن تأخيره على بيوته، ولكنْ للكتاب جاذبيةٌ وسِحْر لا يستطيع أن يُقاومها أبدًا.

 

لقد كان مانع - رحمه الله - حريصًا جدًّا على أن يَعدِل بين زوجاته، وكان المبِيتُ في كلِّ بيت من بيوته الثلاثة على الترتيب أمرًا مهمًّا لا يَحيدُ عنه أبدًا، حتى لو كانتِ الزوجة غائبةً ما دام الأولادُ موجودين.

 

وأذكر أنَّه أُصيب مرَّة بآلام شديدة في ظهرِه وقدميه جعلتْ تحرُّكَه صعبًا جدًّا، ولكنَّه كان يتحامل على نفسه لينتقلَ من منزل إلى آخَرَ؛ حرصًا على العدل.

 

الكتاب يُلازمه:

مِن أكثر ما كان يُميِّز مانعًا - رحمه الله - في حياته في بيته تعلُّقه بالكتاب، فقد كان الكتاب غاليًا عليه لا يَستطيع أن يجلس بدونه، وتراه مسرورًا حين يكون الكتاب في يديه، وكان مِن عادته أن يقرأَ كثيرًا قبلَ أن ينام، ثم إذا جافاه النومُ في اللَّيل يُمسك الكتابَ أيضًا ليقرأ، وإذا أتى مِن عمله في اللَّيل أو النهار وجلس في صالة المنزل، لا بُدَّ أن تكونَ هناك أكوامٌ مِن الكتب والجرائد بجانبه، يُسارِقُ النظرَ إليها بين الحين والآخر، حين لا يكون هناك موضوعٌ يتحدَّث به مع أهله، وكم ضجَّت النِّساءُ من هذا، ولكنْ للكتاب مكانةٌ في قلبِه لا يستطيع أحدٌ أن يُنازعه عليها.

 

ولم يكن فقط قارئًا جيِّدًا سريعًا في قراءته واستخلاصه للمعنى، بل كان مشتريًا غيرَ عادي للكتاب، فلم أرَ أحدًا مثلَه في كثرة جَمْعه للكتب وشرائه لها، يدفع الغالي والرَّخيصَ من أجل كتاب، ويقف في المكتبات ومحلاَّت بيْع الكتب الساعاتِ والساعاتِ ناسيًا نفسَه من أجْل الاطلاع على الجديد في عالَم الكُتب، ونادرًا ما يخرج من مكتبةٍ من دون أن يكونَ قد اشترى ولو كتابًا واحدًا.

 

ولا أنسى كيف كان في كلِّ رِحلة يُسافر فيها يسأل أوَّلَ ما يسأل عن محلاَّت الكتب الموجودة في المنطقة التي يُزورها، ثم يستأذنُ رفقاءَه إن كان معه رُفقة، ويُخبرهم أن تنزُّهَه في زيارتِه للمكتبة، ويَقضي الساعاتِ هناك ويعود محمَّلاً بصناديق من الكتب، يقوم بترتيبها وتربيطها بكلِّ اهتمام، ويقول: "هذه الكتبُ أحبابي".

 

وأعتقد أنَّه مِن بين القلائل في المملكة الذين يَملِكون كميَّة ضخمةً من الكتب في مختلف المجالات، سواء في الدِّراسات الإسلاميَّة، أو الأدب العربي، أو التاريخ أو الدَّعوة، وإنَّ ما لديه من كتب في الدعوة باللغة الإنجليزية لا يُعدُّ، كما أنَّ لديه عددًا ضخمًا من كتب الأدب الإنجليزي واللغة الإنجليزية؛ حيث كانت اللُّغة الإنجليزية تخصَّصه في الدراسة، وكان الأدب هوايتَه.

 

ثم إنَّه كان مُحبًّا شغوفًا بقراءة الشِّعر، وكان - رحمه الله - يحفظ كثيرًا من القصائد المشهورة، ومِن الأبيات التي كان يتمثَّل بها دائمًا قول الشاعر:

إِذَا غَامَرْتَ فِي شَرَفٍ مَرُومِ
فَلاَ تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ
فَطَعْمُ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقِيرٍ
كَطَعْمِ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمِ

 

وكم كان يُسَرُّ حين أقرأ عليه قصائدَ يُحبُّها، وكثيرًا ما كنَّا نمضي الوقت في قراءة كتب نختارها من مكتبة المنزل لنقرأها معًا.

 

كان مانع - رحمه الله - وَرِعًا يخشى الله في كلِّ صغيرة وكبيرة، فقد كانت صلاةُ المسجد بالنسبة إليه أمرًا أساسيًّا لا يفوته، حتى حين يكون مريضًا، كان حريصًا على الصلاة متى حان وقتُها، فتراه يبحث عن مسجد في أيِّ مكان يكون فيه ليُؤدِّيَ صلاة الجماعة، وحتى عند سفره إلى الخارج كان يُصلِّي متى حانتِ الصلاة، سواء في مطار، أو مجمع تجاري، أو مستشفى، لا يعبأُ بنظرات المارَّة، بل يشعر بالفَخْر؛ لأنَّه يؤدِّي طاعة لله – تعالى - وكان يقول لي: "هُم يعملون المنكراتِ علنًا ولا يستحيون، أفنستحي نحن من عبادة الله أمامَهم؟!".

 

وكان أوَّل ما يهتمُّ به في السَّفر إذا نزل فندقًا أن يطلبَ منهم إيقاظَه لصلاة الفجر، كما كان حريصًا على قِراءة القرآن الكريم وفَهْمه، وقراءة التفسير، وإنَّ ترجمتَه للقرآن الكريم مع أحد الإخوة الأمريكيِّين المسلمين لهو أكبرُ دليلٍ على اهتمامه بكتاب الله.

 

إنَّ ورع مانع - رحمه الله - يظهر جليًّا في تعامُله مع الناس، فلا تسمعه أبدًا يغتاب أحدًا، أو يحسد أحدًا، أو يتكلَّم عن أحدٍ إلاَّ بخيرٍ، وكان قليلَ الكلام يتمثَّل دائمًا قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم: ((كفى بالمرء إثمًا أن يُحدِّثَ بكلِّ ما سَمِعَ))، ثم إنَّه كان واصلاً لرَحِمِه، حنونًا على أقربائِه، رأيتُه كيف يعامل زوجةَ أبيه ويخدمها وكأنَّها أمه، وكيف يُساعد إخوانَه من أبيه وأخواته بكلِّ حبٍّ ورضًا، وكأنهم أبناؤه؛ حيث كان الأخَ الأكبر للجميع، ولا أنسى كيف كان يهتمُّ عند زيارته للمدينة المنورة أو الطائف بزيارة إخوته هناك، حتى إنَّه عندما زار الطائف قبلَ يومين فقط من وفاته - رحمه الله - كان جُلُّ اهتمامه زيارةَ شقيقه الوحيد هناك.

 

كان يحترم أصهارَه ويُقدِّرهم، ويُقبِّل رؤوسَ آباء وأمَّهات زوجاته حين يلقاهم، ويحرِص على إجابة دعواتهم، وزيارتهم بين الحِين والآخر؛ احترامًا منه وتقديرًا لهم، فكانوا لذلك يحبُّونه حبًّا جمًّا، ويُقدِّرونه ابنًا بارًّا، وأخًا كريمًا.

 

وقد حضرته أيضًا قبل وفاة أبيه - رحمهما الله تعالى - حين مَرِض والده، وأدخل المستشفى، كيف كان يَحرِص هو على النَّوم في المستشفى، وإن لم يستطعْ يطلب من أحد أولادِه الكِبار فعلَ ذلك، ثم إنَّه منذُ صغره فَقَد والدتَه، وعَمِل ودَرَس في وقت واحد؛ ليكفُلَ حياةً طيِّبةً لأبيه الذي كان لا يستطيع العمل.

 

كان - رحمه الله - يُحبُّ الطيب من الطعام، ويحبُّ أن يأخذ قسطًا جيِّدًا من النوم إن لم يكن ملتزمًا بعمل ما، ويأنس باللَّطيف من القول، خاصَّة إن كان شِعرًا أو حِكمًا أو أمثالاً، وكان دائمًا يُردِّد: "أنا لست ماهرًا في التعبير عن مشاعري، فأنا بدويٌّ ولم أَعْتدْ رِقَّة القول".

 

كان يكره الثرثرةَ وكثرةَ السؤال، إن تكلَّم فباختصار، وإن ألقى محاضرةً أو خطبةً فالإيجازُ بُغيتَه دائمًا، يتبسَّط مع الأهل والأصدقاء الحميمِين له، وكان يحبُّ كثيرًا حضورَ دورية الأربعاء؛ حيث يلتقي أصدقاءَ الدِّراسة والإخوة الأحبَّاء له، وكان يقول عن نفسه: إنَّه شخص خجول وعاطفي، ولكنَّه يُؤكِّد أنَّه واقعيٌّ في نظرته إلى الأمور، وقد كانتْ لديه ثقة بنفسه وبقدراته وبمعلوماته، ولكنَّه جُبِل على تواضع جمٍّ جعله محبوبًا من الجميع: الكبير والصغير، القريب والبعيد، الغني والفقير، حتى أولئك الذين خَدَموا في بيته، حزنوا كثيرًا على موته - رحمه الله - لأنَّه لم يرفعْ صوتَه عليهم قط، ولم يُكلِّفهم بشيءٍ إلاَّ نادرًا، وباليسير من الأمور.

 

كان - رحمه الله - حريصًا على أن يحفظ أولاده القرآنَ الكريم، وقد كان دائمًا يُشجِّعُهم بمكافآتٍ ماليَّة كلما أتمُّوا حفظَ جزءٍ من القرآن، وكان حريصًا على لِقاء الجُمُعة مع أولاده؛ حيث يجتمع معهم كِبارًا وصغارًا بعدَ صلاة الجمعة؛ لتدارسِ القرآن الكريم والحديث الشريف، كما كان - رحمه الله - يُحفِّزهم دائمًا على التبرُّع لصالح المسلمين، وكم كان يفرح حين يُناوله أولادُه الصِّغار تبرُّعًا، ولو بريالٍ واحد!

 

لم يكن مانع - رحمه الله - يعرف الكذبَ، حتى في الأمور التي قد تَحميه من كثيرٍ من المشاكل، وكان دائمًا يقول: "ما تعوَّدت الكذبَ ولا أستطيعه"، وكان من أبرز صِفاته محبَّتُه لفِعْل الخير للناس؛ مَن يَعرف ومَن لا يَعرف، وكان دائمًا يُردِّد: "إذا كانت شفاعتي لأحدٍ تنفعه، فلن أبخلَ بها أبدًا"، وكم كان يشعر بالحُزن عندَ عدم قدرته على مساعدة مُسلِم يطلب يدَ المساعدة، ويقول دائمًا: "الله المستعان".

 

كان قلْبُه يتقطَّع ألَمًا على أوضاع المسلمين في العالَم، خاصَّة في فلسطين، ويحزن لوضع الأمَّة المسلمة، ويدعو الله دائمًا لها بالفرج القريب.

 

وكثيرًا ما كان يُجيبني إذا سألتُه عن سبب حُزْنه: "إنَّه لا يوجد في هذه الدنيا شيءٌ يُفرِح"، ولكن مع هذا كان لا يَقطع الأملَ بالله أبدًا، ويعمل ما يستطيعه من أجْل صلاحِ هذه الأمَّة على رغم شعوره بضآلة عَملِه.

 

رحِمَ الله مانعًا الرجل الصالِح - أحسبُه كذلك ولا أُزكِّي على الله أحدًا - فقدْ كان شمعةً نستضيءُ بها، وظلاًّ وارفًا نحتمي به، وقلبًا كبيرًا يحتوينا، إنَّ فقده لعظيم، وخسارته كبيرة، ولكنَّه قَدرُ الله، ولا نقول إلاَّ ما يُرضيه - سبحانه وتعالى -: "لا حول ولا قوَّةَ إلاَّ بالله، وإنَّا لله، وإنَّا إليه راجعون".

 

المصدر: عدد المجلة "المستقبل الإسلامي"





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوداع ( في رثاء الدكتور مانع الجهني )
  • محطات من حياة الدكتور مانع الجهني .. بقلمه
  • ثلاثون عاما مع الدكتور مانع الجهني
  • وصية الدكتور مانع الجهني لابنه محمد
  • د. مانع الجهني: محطات في حياتي

مختارات من الشبكة

  • الأعظمية وصفحة جديدة من صفحات الطائفية في العراق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات من ذكريات رائد الفلسفة الإسلامية الدكتور محمد السيد الجليند(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • محاضرة (صفحات مشرقة من حياة المحدثين) للشيخ الدكتور سعد بن عبدالله الحميّد(مقالة - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • صفحات رمضانية(مقالة - ملفات خاصة)
  • صفحات منسية من تاريخ الإسلام في روما والأملاك البابوية (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مع الدكتور مانع الجهني كانت لنا أيام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صفحات من حياة الفقيد العالم الزاهد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: ماذا لو كان بيننا اليوم؟ (11)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: وداعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (10)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب