• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الصدقة في القرآن (1)

الصدقة في القرآن (1)
فتحي حمادة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/2/2014 ميلادي - 3/4/1435 هجري

الزيارات: 15856

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصدقة في القرآن


جاء في تفسير الطبري:

القول في تأويل قوله - تعالى -: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].


قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، ومَن عَنَى بقوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾؛ فقال بعضهم: عنى بذلك: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، و"سبيل الله" طريقه الذي أمر أن يسلك فيه إلى عدوِّه من المشركين لجهادهم وَحرْبهم.


﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، يقول: ولا تتركوا النفقة في سبيل الله؛ فإن الله يُعوِّضكم منها أجرًا ويرزقكم عاجلاً.


وعن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في هذه الآية: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: تُنفِق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقَصٌ.


وعنه قال: إن لم يكن لك إلا سهم أو مشقصٌ أنفقته.


وقال أيضًا: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، ليس التهلكة أن يُقتَل الرجل في سبيل الله، ولكنِ الإمساك عن النفقة في سبيل الله.


وعنه أيضا في قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: لا يقولنَّ أحدُكم: إنِّي لا أجد شيئًا، إن لم يجد إلا مشقصًا فليتجهَّز به في سبيل الله.


وعن عكرمة قال: نزلتْ في النفقات في سبيل الله؛ يعني: قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾.


وعن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: كان القوم في سبيل الله، فيتزوَّد الرجل، فكان أفضل زادًا من الآخر، أنفقَ البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء، أحب أن يواسيَ صاحبه، فأنزل الله: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾.


وعن عامر: أن الأنصارَ كان احتبس عليهم بعضُ الرزق، وكانوا قد أنفقوا نَفقاتٍ، قال: فساءَ ظنُّهم وأمسكوا، قال: فأنزل الله: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: وكانت التهلكة سوء ظنِّهم وإمساكهم.


وعن مجاهد في قول الله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: تمنعكم نفقةً في حقٍّ خيفةُ العَيْلَة.


وعن قتادة قوله: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، كان قتادة يحدِّث أن الحسن حَدَّثه: أنهم كانوا يُسافرون ويَغزُون، ولا ينفقون من أموالهم، أو قال: ولا ينفقون في ذلك، فأمرهم الله أن يُنفقوا في مَغازيهم في سبيل الله.


وعن قتادة أيضًا في قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، يقول: لا تُمسِكوا بأيديكم عن النفقةِ في سبيل الله.


وعن السدي: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، أنفق في سبيل الله ولو عقالاً، ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، تقول: ليس عندي شيءٌ.


وعن عكرمةَ في قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: لما أمر اللهُ بالنفقة، فكانوا - أو بعضهم - يقولون: نُنفِق فيذهبُ مالُنا ولا يبقى لنا شيء! قال: فقال: أنفقوا ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، قال: أنفقوا وأنا أرزقُكم.


وعن الحسن، قال: نزلتْ في النفقة، وأمرهم الله بالنفقة في سبيل الله، وأخبرهم أن تَرْك النفقة في سبيل الله التهلكة.


وعن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن قوله: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: يقول: أنفقوا في سبيل الله ما قلَّ وكَثُر، قال: وقال لي عبدالله بن كثير: نزلتْ في النفقة في سبيل الله.


وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لا يقولنَّ الرجل: لا أجد شيئًا! قد هَلكتُ! فليتجهَّز ولو بمشقَص.


وعنه أيضًا: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، أنفقوا مَا كان من قليل أو كثير، ولا تستسلموا، ولا تنفقوا شيئًا فتهلِكوا.


وعن الضحاك، قال: "التَّهْلُكَة": أن يُمسِك الرجل نفسه وماله عن النفقة في الجهاد في سبيل الله.


وعن الحسن في قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، فتدعوا النفقة في سبيل الله.


وقال ابن زيد في قوله: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: إذا لم يكن عندك ما تُنفِق، فلا تَخرُج بنفسك بغير نفقة ولا قوة، فتُلقِي بيديك إلى التهلكة.


وقال آخرون: بل معناه: أنفقوا في سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم فيما أصبتم من الآثام إلى التهلكة، فتَيْئَسوا من رحمة الله، ولكن ارجوا رَحمته، واعملوا الخيرات.


وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأنفقوا في سبيل الله، ولا تتركوا الجهاد في سبيله.


فعن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، قال: غَزَونا المدينة - يريد بالقسطنطينية - وعلى أهل مصر عُقبة بن عامر، وعلى الجماعة عبدالرحمن بن خالد بن الوليد، قال: فصففنا صفَّين لم أر صَفَّين قط أعرضَ ولا أطولَ منهما، والروم مُلصقون ظهورهم بحائط المدينة، قال: فحمل رجلٌ منا على العدو، فقال الناس: مَهْ! لا إله إلا الله، يُلقِي بيده إلى التهلكة! قال أبو أيوب الأنصاري: إنما تتأوَّلون هذه الآية هكذا، أنْ حَمل رجلٌ يُقاتل يلتمس الشهادة، أو يُبلي من نفسه! إنما نزلت هذه الآية فينا مَعشرَ الأنصار! إنا لما نَصرَ الله نبيَّه وأظهرَ الإسلام، قُلنا بَيننا معشرَ الأنصار خَفيًّا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا قد كنا تركنا أهلنا وأموالنا أن نُقِيم فيها ونصلحها حتى نصر الله نبيَّه، هلمَّ نقيم في أموالنا ونصلحها! فأنزل الله الخبرَ من السماء: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ الآية، فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نُقيم في أموالنا ونُصلحها، وندع الجهاد، قال أبو عمران: فلم يَزَلْ أبو أيوب يُجاهدُ في سبيل الله حتى دُفِن بالقسطنطينية.


وقال محمد بن عمارة الأسدي، وعبدالله بن أبي زياد: حدثنا أبو عبدالرحمن عبدالله بن يزيد، قال: أخبرني حيوة وابن لَهِيعة، قالا: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، قال: حدثني أسلم أبو عمران مولى تُجيب، قال: كنا بالقسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أهل الشام فَضالة بن عبيد صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج من المدينة صفٌّ عظيم من الروم، قال: وصففنا صفًّا عظيمًا من المسلمين، فحمل رجلٌ من المسلمين على صَفِّ الروم حتى دخلَ فيهم، ثم خرج إلينا مُقبلاً فصاح الناسُ وقالوا: سبحان الله! ألقى بيده إلى التهلكة! فقام أبو أيوب الأنصاري صاحبُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أيها الناس، إنكم تتأوَّلون هذه الآية على هذا التأويل! وإنما أنزلتْ هذه الآية فينا معاشر الأنصار! إنا لما أعزَّ الله دينه وكثَّر ناصريه، قلنا فيما بيننا بعضُنا لبعض سرًّا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنَّا أقمنا فيها، فأصلحنا ما ضَاع منها! فأنزل الله في كتابه يرُدُّ علينا ما هممنا به، فقال: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، بالإقامة التي أردنا أن نُقِيم في الأموال ونصلحها، فأمرنا بالغزو، فما زال أبو أيوب غازيًا في سبيل الله حتى قبضَه الله.


قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أنْ يُقال: إنَّ الله - جل ثناؤه - أمرَ بالإنفاق في سبيله بقوله: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، وسبيلُه: طريقُه الذي شَرَعه لعباده وأوضَحَه لهم، ومعنى ذلك: وأنفقوا في إعزاز ديني الذي شرعتُه لكم، بجهاد عدوِّكم الناصبين لكم الحربَ على الكفر بي، ونَهاهم أن يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، فقال: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، وذلك مثلٌ، والعرب تقول للمستسلم للأمر: "أعطَى فلان بيديه"، وكذلك يقال للمُمَكِّن من نفسه مما أريد به: "أعطى بيديه"؛ فمعنى قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾: ولا تستسلموا للهلكة، فتُعطوها أزمَّتكم فتهلكوا.


والتارك النفقة في سبيل الله عند وجوب ذلك عليه، مستسلمٌ للهلكة بتركه أداءَ فرضِ الله عليه في ماله؛ وذلك أن الله - جل ثناؤه - جَعل أحد سِهام الصدقات المفروضات الثمانية "في سبيله"، فقال: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾، فمَن ترك إنفاق ما لزمه من ذلك في سبيل الله على ما لزمه، كان للهلكة مستسلمًا، وبيديه للتهلكة ملقيًا.


وكذلك الآيس من رحمة الله لذنب سلف منه، مُلقٍ بيديه إلى التهلكة؛ لأن الله قد نهى عن ذلك، فقال: ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، وكذلك التارك غزوَ المشركين وجهادَهم، في حال وجوب ذلك عليه، في حال حاجة المسلمين إليه، مُضيعٌ فرضًا، مُلقٍ بيده إلى التهلكة.


فإذ كانت هذه المعاني كلها يحتملها قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، ولم يكن الله - عز وجل - خصَّ منها شيئًا دون شيء، فالصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله نهى عن الإلقاء بأيدينا لما فيه هلاكنا، والاستسلام للهلكة - وهي العذاب - بترك ما لزمنا من فرائضه، فغيرُ جائز لأحدٍ منا الدخولُ في شيء يكرهه الله منا، مما نستوجب بدخولنا فيه عَذابَه.


غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن الأغلب من تأويل الآية: وأنفقوا أيها المؤمنون في سبيل الله، ولا تتركوا النفقة فيها، فتهلِكوا باستحقاقكم - بترككم ذلك - عذابي؛ كما حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثنا معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: التهلكة عذابُ الله.


قال أبو جعفر: فيكون ذلك إعلامًا منه لهم - بعد أمره إياهم بالنفقة - ما لِمَن ترك النفقة المفروضة عليه في سبيله مِنَ العقوبة في المعاد.


جاء في تفسير ابن كثير في هذه الآية:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].


قال البخاري: حدثنا إسحاق، أخبرنا النضر، أخبرنا شعبة عن سليمان قال: سمعت أبا وائل، عن حذيفة: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: نزلتْ في النفقة.


ورواه ابن أبي حاتم، عن الحسن بن محمد بن الصباح، عن أبي معاوية عن الأعمش، به مثله. قال: وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء، والضحاك، والحسن، وقتادة، والسدي، ومقاتل بن حَيَّان، نحو ذلك.


وقال الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران قال: حمل رجل من المهاجرين بالقسطنطينية على صفِّ العدو حتى خَرَقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا، صحبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشَهِدنا معه المشاهد ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر، اجتمعنا معشر الأنصار نَجِيًّا، فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ونَصْرِه، حتى فشا الإسلام وكثر أهلُه، وكنا قد آثرناه على الأهلين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحربُ أوزارَها، فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيهما، فنزل فينا: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال، وترك الجهاد؛ رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وعَبْدُ بن حُمَيد في تفسيره، وابن أبي حاتم، وابن جرير، وابن مَرْدَويه، والحافظ أبو يعلى في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، كلهم من حديث يزيد بن أبي حبيب، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وقال الحاكم: على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.


ولفظ أبي داود عن أسلم أبي عمران: كنا بالقسطنطينية - وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى أهل الشام رجل، يريد فَضَالة بن عُبَيد - فخرج من المدينة صَف عظيم من الروم، فصففنا لهم، فحَمَل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم، ثم خرج إلينا، فصاح الناس إليه، فقالوا: سبحان الله، ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: يا أيها الناس، إنكم لتتأوَّلون هذه الآية على غير التأويل، وإنما نزلت فينا معشر الأنصار، وإنا لما أعز الله دينه، وكَثُر ناصروه قلنا فيما بيننا: لو أقبلنا على أموالنا فأصلحناها، فأنزل الله هذه الآية.


وقال أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق السَّبِيعي قال: قال رجل للبراء بن عازب: إنْ حملتُ على العدوِّ وحدي فقتلوني أكنت ألقيتُ بيدي إلى التهلكة؟ قال: لا، قال الله لرسوله: ﴿ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ﴾ [النساء: 84]، إنما هذا في النفقة؛ رواه ابن مردويه، وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق به، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ورواه الثوري، وقيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن البراء، فذكره، وقال بعد قوله: ﴿ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ﴾: ولكن التهلكة أن يُذنب الرجلُ الذنبَ، فيلقي بيده إلى التهلكة ولا يتوب.


وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح - كاتب الليث - حدثني الليث، حدثنا عبدالرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام: أن عبدالرحمن بن الأسود بن عبديغوث أخبره: أنهم حاصروا دمشقَ، فانطلق رجل من أزد شنوءة، فأسرع إلى العدو وحدَه ليستقبل، فعاب ذلك عليه المسلمون ورفعوا حديثه إلى عَمْرو بن العاص، فأرسل إليه عمرو فَرَدَّه، وقال عمرو: قال الله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾.


وقال عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، ليس ذلك في القتال، إنما هو في النفقة أن تُمْسكَ بيدك عن النفقة في سبيل الله، ولا تلقِ بيدك إلى التهلكة.


وقال حماد بن سلمة، عن داود، عن الشعبي، عن الضحاك بن أبي جُبَيْرة، قال: كانت الأنصار يتصدَّقون وينفقون من أموالهم، فأصابتْهم سَنَة، فأمسكوا عن النفقة في سبيل الله، فنزلت: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾.


وقال الحسن البصري: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، قال: هو البخل.


وقال سِمَاك بن حرب، عن النعمان بن بشير في قوله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، أن يُذنِب الرجل الذنب، فيقول: لا يُغفَر لي، فأنزل الله: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ رواه ابن مَرْدويه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الصدقة
  • الصدقة وعلاقتها بالجهاد والنصر
  • الصدقة في القرآن (2)
  • الطبيعة في القرآن
  • الصدقة في القرآن (3)
  • الصدقة في زمن الابتلاء

مختارات من الشبكة

  • الصدقة في رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الصدقة الإلكترونية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الصدقات تدخلك الجنة من باب الصدقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدقة في رمضان: فوائد وأحكام وآداب (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الصدقة - أهميتها وعلاقتها بالصحة والقوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الصدقة في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس السابع: الصدقة(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحاديث في فضل صلاة الضحى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وآله(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب