• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

أحمد بن فضلان السفير الرحالة

وائل عزت معوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/7/2009 ميلادي - 15/7/1430 هجري

الزيارات: 81155

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

 (1) 

 هو أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد، لا نعرف عنه أكثر من أنه «كان حيـاً سنة 309هـ - 921م»[1]. وكان مولى للقائد العسكري العباسي محمد بن سلمان الذي قاد في نهاية القرن التاسع وبداية القرن العاشر الميلاديين حملات عسكرية امتدت من مصر في الغرب إلى حدود الصين في الشرق.

لم تحتفظ لنا المصادر التاريخية بأي معلومات عن صاحب الرحلة فلا نعرف سنة ميلاده، أو وفاته على وجه التحديد، حتى أن ياقوت الحموي في معجم البلدان وصف رحلته بالقصة المشهورة، ولكنه أهمل ذكره في معجم الأدباء، ولم يذكره حتى في طبقة الموالي!

يتردد اسم ابن فضلان عندما يصل إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله رسالة من ملك الصقالبة، يطلب فيها من الخليفة العباسي بعثة دينية تفقهه في الدين ويطلب مساعدة مالية لبناء مسجد وحصن يتحصن فيه من اعتداءات وظلم ملك دولة الخزر اليهودية. ووقع اختيار الخليفة على أحمد ابن فضلان ليكون على رأس البعثة، ويبدو لنا ابن فضلان في اختيار الخليفة له أنه صاحب مكانة عند الخليفة، ويحظى بثقته، قد أهلته مواهبه أن يكون من المقربين للخليفة، وأن يكون صاحب مكانه علمية، له من المؤهلات ما يجعله رئيساً لبعثة دينية وسياسية.



(2)

«لما وصل كتاب ألمش بن يلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر، يسأله فيه البعثة إليه ممن يفقهه في الدين ويعرفه شرائع الإسلام، ويبني له مسجداً، وينصب له منبراً ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له فأجيب إلى ما سأل من ذلك»[2].

وقد وضح ابن فضلان أمر هؤلاء الملوك المخالفين لأمير المؤمنين في الدين، وهم الخزر فقال: «وعلى ملك الصقالبة ضريبة يؤديها إلى ملك الخزر من كل بيت في مملكته جلد سمور. وإذا قدمت السفينة من بلد الخزر إلى بلد الصقالبة ركب الملك فأحصى ما فيها، وأخذ من جميع ذلك العشر، وإذا قدم الروس أو غيرهم من سائر الأجناس برقيق فللملك أن يختار من كل عشرة أرؤس رأساً. وابن ملك الصقالبة رهينة عند ملك الخزر.

وقد كان اتصل بملك الخزر عن ابنة ملك الصقالبة جمال فوجه يخطبها، فاحتج عليه، ورده، فبعث وأخذها غصباً، وهو يهودي، وهي مسلمة، فماتت عنده، فوجه يطلب بنتاً له أخرى. فساعة اتصل ذلك بملك الصقالبة بادر فزوجها لملك اسكل وهو من تحت يده خيفة أن يغتصبه إياها كما فعل بأختها، وإنما دعا ملك الصقالبة أن يكاتب السلطان ويسأله أن يبني له حصناً خوفاً من ملك الخزر»[3].



(3)

خط سير الرحلة

تكون الوفد الرسمي من أربعة أشخاص، هم سوسن الرسى، وتكين التركي، وبارس الصقلابي، وأحمد بن فضلان، وهو رئيس البعثة، ومعهم دليل هو رسول الصقالبة، وابن فضلان في كل الظروف يأمر وينهى وهو الذي يقرر الرحلة أو البقاء. 

رحل الوفد من بغداد 11 صفر 309هـ، وظل يصعد شرقاً وشمالاً ماراً بإقليم الجبال، فهمذان فالري قرب طهران، وعبر نهر جيحون، ووصل إلى سمرقند، ومنها إلى بخارى، ثم توجه إلى خوارزم، عبر أراضي الأغوز التركية، ثم تقدم حتى وصل إلى نهر الفلجا عند ملك الصقالبة 12 محرم 310هـ، وبذلك تكون الرحلة قد استغرقت أحد عشر شهراً في الذهاب، حتى وصلت إلى مملكة البلغار جنوبي روسيا.

أبدى الدكتور عبد الله إبراهيم اندهاشه من أن «ابن فضلان يخترق العالم الإيراني دون أن يبدي تطلعات استكشافية، لا يستوقفه منه شيء إلى أن يبلغ تخومه الشمالية الشرقية في بخارى»[4] وربما كان هذا سبباً لأن تعتقد الباحثة الخامسة علاوي بفارسية ابن فضلان!

المهم أن ابن فضلان سلك الطريق الصحراوي الوعر من بغداد إلى خوارزم إلى أغوز في رحلة شاقة، فقد فيها الموكب رجاله بين البرد والمرض، ولم يبق سوى بعض الخدم والمرافقين.

ومن ثم وصل إلى بخارى، وفيها يصف لنا النقود الغطريفية قائلاً: «ورأيت الدراهم ببخارا ألواناً شتى، منها دراهم يقال لها الغطريفية: وهي نحاس وشبه وصفر يؤخذ منها عدد بلا وزن مئة منها بدرهم فضة، وإذا شروطهم في مهور نسائهم: تزوج فلان ابن فلان فلانة بنت فلان على كذا وكذا ألف درهم غطريفية وكذلك أيضاً شراء عقارهم وشراء عبيدهم، لا يذكرون غيرها من الدراهم ولهم دراهم أخر صفر وحده؛ أربعون منها بدانق، ولهم أيضاً دراهم صفر يقال لها السمرقندية ستة منها بدانق»[5].

لم ينجح ابن فضلان في تحصيل الأموال التي أمره الخليفة بجمعها من مدن خوارزم وسمرقند وبخارى، حيث رفضوا دعم البعثة بالأموال اللازمة، لتلبية طلب ملك البلغار. اجتهد ابن فضلان ورأى أن من الأفضل مواصلة الرحلة تنفيذاً لأمر الخليفة.

ثم يداهمة الشتاء في الجرجانية على نهر جيحون فيصف البرد والصقيع وصفاً رائعاً فيقول: «فأقمنا بالجرجانية أياماً وجمد نهر جيحون من أوله إلى آخره وكان سمك الجمد سبعة عشر شبراً وكانت الخيل والبغال والحمير والعجل تجتاز عليه كما تجتاز على الطرق وهو ثابت لا يتخلخل فأقام على ذلك ثلاثة أشهر. فرأينا بلداً ما ظننا إلا أن باباً من الزمهرير قد فتح علينا منه ولا يسقط فيه الثلج إلا ومعه ريح عاصف شديدة وإذا أتحف الرجل من أهله صاحبه وأراد بره قال له: تعال إلي حتى نتحدث فإن عندي ناراً طيبة هذا إذا بالغ في بره وصلته إلا أن الله تعالى قد لطف بهم في الحطب أرخصه عليهم: حمل عجلة من حطب الطاغ بدرهمين من دراهمهم تكون زهاء ثلاثة آلاف رطل.

ورسم سؤالهم أن لا يقف السائل على الباب بل يدخل إلى دار الواحد منهم فيقعد ساعة عند ناره يصطلي ثم يقول: بكند يعني الخبز فإن أعطوه شيئاً أخذ وإلا خرج. وتطاول مقامنا بالجرجانية وذلك أنا أقمنا بها أياماً من رجب وشعبان وشهر رمضان وشوال وكان طول مقامنا من جهة البرد وشدته ولقد بلغني أن رجلين ساقا اثني عشر جملاً ليحملاً عليها حطباً من بعض الغياض فنسيا أن يأخذا معهما قداحة وحراقة وأنهما باتا بغير نار فأصبحا والجمال موتى لشدة البرد. ولقد رأيت لهواء بردها بأن السوق بها والشوارع لتخلو حتى يطوف الإنسان أكثر الشوارع والأسواق فلا يجد أحداً ولا يستقبله إنسان ولقد كنت أخرج من الحمام فإذا دخلت إلى البيت نظرت إلى لحيتي وهي قطعة واحدة من الثلج حتى كنت أدنيها إلى النار.

ولقد كنت أنام في بيت جوف بيت وفيه قبة لبود تركية وأنا مدثر بالأكسية والفرى فربما التصق خدي على المخدة ولقد رأيت الجباب بها تكسي البوستينات من جلود الغنم لئلا تتشقق وتنكسر فلا يغني ذلك شيئاً. ولقد رأيت الأرض تنشق فيها أودية عظام لشدة البرد وأن الشجرة العظيمة العادية لتنفلق بنصفين لذلك»[6].



(4)

ثم يصل في رحلته إلى بلاد الترك، ويصف أحوال قبيلة منهم قائلاً: «يعرفون بالغزية وإذا هم بادية لهم بيوت شعر يحلون ويرتحلون ترى منهم الأبيات في كل مكان ومثلها في مكان آخر على عمل البادية وتنقلهم وإذا هم في شقاء وهم مع ذلك كالحمير الضالة لا يدينون لله بدين ولا يرجعون إلى عقل ولا يعبدون شيئاً بل يسمون كبراءهم أرباباً فإذا استشار أحدهم رئيسه في شيء قال له: يا رب إيش أعمل في كذا وكذا وأمرهم شورى بينهم غير أنهم متى اتفقوا على شيء وعزموا عليه جاء أرذلهم وأخسهم فنقض ما قد أجمعوا عليه»[7].

ويصدم ابن فضلان عدم نظافتهم وقلة اعتنائهم بأنفسهم «ولا يستنجون من غائط ولا بول ولا يغتسلون من جنابة ولا غير ذلك، وليس بينهم وبين الماء عمل، خاصة في الشتاء، ولا يستتر نساؤهم من رجالهم ولا من غيرهم، وكذلك لا تستر المرأة شيئاً من بدنها عن أحد من الناس»[8].
ومع ذلك هم لا يعرفون الزنا، ومن فعله منهم شقوه نصفين، مع انتشار اللواط فيهم، ثم تكلم عن بعض عاداتهم وتقاليدهم في الزواج والموت والمرض، وكذلك ديانتهم وعقيدتهم.



(5)

ثم ارتحل وحط به الترحال الى ملك الصقالبة، وقد حضر صلاة الجمعة «وقد كان يخطب له على منبره قبل قدومي: اللهم وأصلح الملك يلطوار ملك بلغار.

فقلت أنا له: إن الله هو الملك ولا يسمى على المنبر بهذا الاسم غيره -  جل وعز -  وهذا مولاك أمير المؤمنين قد رضي لنفسه أن يقال على منابره في الشرق والغرب: اللهم أصلح عبدك وخليفتك جعفر الإمام المقتدر بالله أمير المؤمنين وكذا من كان قبله من آبائه الخلفاء»[9].

وأمره أن يخطب باسمه واسم أبيه بدون لفظ ملك، فامتثل الملك وتسمى باسم جعفر تيمناً باسم أمير المؤمنين و «تقدم إلى الخطيب بذلك ففعلت فكان يخطب له: اللهم وأصلح عبدك جعفر بن عبد الله أمير بلغار مولى أمير المؤمنين»[10].

ويبدو لي أن ملك البلغار قد أسلم وحسن إسلامه، فهو ملك متواضع ورع ومتدين يدين بالولاء التام للخليفة العباسي، يقول: «فوالله إني لبمكاني البعيد الذي تراني فيه وإني لخائف من مولاي أمير المؤمنين، وذلك أني أخاف أن يبلغه عني شيء يكرهه، فيدعو علي فأهلك بمكاني، وهو في مملكته وبيني وبينه البلدان الشاسعة»[11].

وسأل ابن فضلان ملك البلغار يوماً عن سر طلبه للمال من أمير المؤمنين رغم كثرة أمواله: «فقال: رأيت دولة الإسلام مقبلة، وأموالهم يؤخذ من حلها، فالتمست ذلك لهذه العلة، ولو أني أردت أن أبني حصناً من أموالي من فضة أو ذهب لما تعذر ذلك علي، وإنما تبركت بمال أمير المؤمنين فسألته ذلك»[12].

كما لاحظ أن علاقة الرجل بالمرأة عند البلغار هي علاقة متحررة من كل القيود، لكنه فشل في إقناعهم بأنها من العادات الرذيلة «وينزل الرجال والنساء إلى النهر فيغتسلون جميعاً عراة لا يستتر بعضهم من بعض، ولا يزنون بوجه ولا سبب، ومن زنا منهم كائناً من كان ضربوا له أربع سكك، وشدوا يديه ورجليه إليها وقطعوا بالفأس من رقبته إلى فخذيه، وكذلك يفعلون بالمرأة أيضاً. ثم يعلق كل قطعة منه ومنها على شجرة، وما زلت أجتهد أن يستتر النساء من الرجال في السباحة فما استوى لي ذلك»[13].



(6)

وفي روسيا لاحظ ابن فضلان عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية وأعرب عن اشمئزازه من هؤلاء الشماليين، قائلاً: «وهم أقذر خلق الله لا يستنجون من غائط ولا بول، ولا يغتسلون من جنابة، ولا يغسلون أيديهم من الطعام، بل هم كالحمير الضالة، يجيئون من بلدهم فيرسون سفنهم بإتل وهو نهر كبير، ويبنون على شطه بيوتاً كباراً من الخشب.

ويجتمع في البيت الواحد العشرة والعشرون والأقل والأكثر، ولكل واحد سرير يجلس عليه، ومعهم الجواري الروقة للتجار، فينكح الواحد جاريته، ورفيقه ينظر إليه. وربما اجتمعت الجماعة منهم على هذه الحال بعضهم بحذاء بعض. وربما يدخل التاجر عليهم ليشتري من بعضهم جارية فيصادفه ينكحها فلا يزول عنها حتى يقضي أربه.

ولا بد لهم في كل يوم من غسل وجوههم ورؤوسهم بأقذر ماء يكون وأطفسه. وذلك أن الجارية توافي كل يوم بالغداة، ومعها قصعة كبيرة فيها ماء، فتدفعها إلى مولاها فيغسل فيها يديه ووجهه، وشعر رأسه فيغسله ويسرحه بالمشط في القصعة، ثم يمتخط ويبصق فيها، ولا يدع شيئاً من القذر إلا فعله في ذلك الماء. فإذا فرغ مما يحتاج إليه حملت الجارية القصعة إلى الذي إلى جانبه ففعل مثل فعل صاحبه، ولا تزال ترفعها من واحد إلى واحد حتى تديرها على جميع من في البيت. وكل واحد منهم يمتخط ويبصق فيها ويغسل وجهه وشعره فيها»[14].

كما وصف ابن فضلان الاحتفالات الخاصة التي تقام لحرق جثة الموتى في روسيا «وكان يقال لي إنهم يفعلون برؤسائهم عند الموت أموراً أقلها الحرق، فكنت أحب أن أقف على ذلك، حتى بلغني موت رجل منهم جليل، فجعلوه في قبره، وسقفوا عليه عشرة أيام حتى فرغوا من قطع ثيابه وخياطتها.

وذلك أن الرجل الفقير منهم يعملون له سفينة صغيرة، ويجعلونه فيها ويحرقونها، والغني يجمعون ماله، ويجعلونه ثلاثة أثلاث: فثلث لأهله وثلث يقطعون له به ثياباً، وثلث ينبذون به نبيذاً يشربونه يوم تقتل جاريته نفسها وتحرق مع مولاها..... فرحة مستبشرة»[15].

ولقد وصف كثير من المؤرخين تلك الرحلة بأنها المصدر الوحيد لتاريخ روسيا وبلغاريا وتركيا، فرحلة ابن فضلان هي أقدم نص لرحلة قام بها عربي إلى الأصقاع البعيدة في أوروبا، في تلك الفترة من القرن العاشر الميلادي (الثالث الهجري).

يقول كريشون: «يعد مخطوط ابن فضلان أقدم تسجيل معروف كتبه شاهد عيان عن حياة الشعب الاسكندنافي، وهو بذلك وثيقة فريدة من نوعها، تصف بدقة متناهية أحداثاً وقعت منذ ما لا يزيد عن ألف عام»[16].



(7)

وعند عودته سجل ابن فضلان وصفاً كاملاً للرحلة بكل أحداثها وتفاصيلها، ورفع ابن فضلان تقريره في رسالته إلى الخليفة، وصف فيها بلاد الروس والبلغار والأتراك وأصقاع الشمال النائية. لم يصف ابن فضلان ما جرى في طريق العودة؛ لأن همه الأصلي ليس كتابة رحلة وإنما قيادة وفد.

إن رحلة ابن فضلان رحلة تكليفية سفارية، حيث كلفة الخليفة المقتدر بعدة مهام منها:
أن يقوم بمهمة جمع الأموال اللازمة لبناء المسجد والحصن (وهي مهمة سياسية وحربية)، لأن ملك الصقالبة يطلب مساعدة مالية من الخليفة العباسي المقتدر، لبناء حصن يحميه من اليهود الخزر، فأراد الخليفة مساعدته لأن هؤلاء اليهود يقفون للعباسيين بالمرصاد، فينهبون قوافلهم، ويقتلون تجارهم، وما زالوا على قوتهم منذ ثلاثة قرون.

لم يذكر لنا ابن فضلان في رسالته شيئاً عن النتائج السياسية والحربية لهذه الرحلة! ولا نعرف هل ساعد الخليفة العباسي المقتدر بالله ملك البلغار في تشييد الحصون المطلوبة أم لا؟

ومن المهام التي كلف بها ابن فضلان، مهمة دينية ودعوية، فقد طلب ملك البلغار إرسال بعثة تشرح مبادئ الإسلام وشرائعه، فكان ابن فضلان مكلف بتعليم الملك مبادئ الدين الإسلامي في رحلة ذات أغراض دينية ودعوية.

لم يتعرض ابن فضلان إلى الجانب الجغرافي «فلا نرى له ذكراً لدرجات الطول والعرض ومواقع البلدان، ودرجات الحرارة وموازنة الأقاليم بعضها ببعض كما يصنع الجغرافيون»[17]. 

ولم يلاحظ إلا طول فترة الليل في فصل الشتاء، وطول فترة النهار في فصل الصيف، الأمر الذي تعذر علية تحديد ساعات الصلاة، فيقول: «ورأيت النهار عندهم طويلاً جداً وإذا أنه يطول عندهم مدة من السنة ويقصر الليل، ثم يطول الليل ويقصر النهار»[18].



(8)

لقد صاغ ابن فضلان ودون رحلته، في شكل تقرير يرفعه إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله، فحدد لنا تاريخ خروج الرحلة ووصف الطريق الذي مرت به الرحلة. وكتب ابن فضلان تقريره عن الرحلة إلى بلاد البلغار بأسلوب سهل وبسيط، بعيد عن التكلف والتقعر، قصصي مثير وشيق، وعبارة موجزة، ولفظه دقيق، ووصف جميل بارع، قال عنه محقق رحلته سامي الدهان إنه: «لا يبتعد عن أسلوب الأديب، ولا يتقرب من أسلوب الجغرافي»[19].

يتمتع ابن فضلان بدقة التصوير، وبراعة في الوصف، وقوة الملاحظة، وتصوير مشاعره وما يجول في نفسه من مشاعر الفرح والغبطة والخوف والفزع. «وقد كانت الحيوية التي تميز بها وصفه رائعة لدرجة أوحت إلى أحد الفنانين بأن يصورها في لوحة موجودة حالياً في متحف التاريخ بموسكو»[20]. 

كتب ابن فضلان تقريراً وافياً عن حياة الشعب الاسكندنافي اليومية، فاهتم ابن فضلان بوصف جزيئات الحياة اليومية، وبذكر ثقافة وعقائد من يلتقي بهم من الناس، حيث يصف ابن فضلان أحوال البلاد، وعلاقات الرجال بالنساء، وصف عادتهم وتقاليدهم واحتفالاتهم في الزواج والموت ومراسم الدفن، كما يذكر الجرائم الشائعة في كل مجتمع مثل الزنى والسرقة، والعقوبات التي توقع على مرتكب هذه الجرائم، كما يهتم بوصف عادات الشعوب في حال الصحة والمرض، وكيف يتعاملون مع مرضاهم. 

لقد رصد ابن فضلان الواقع بكل ما فيه من محاسن ومساوئ، وقد صدمه كثير من المشاهد، ويحكي ما يروي بصراحة وبأسلوب مشرق واضح لا مجال للخيال عنده، ولا يهتم بالقصص الخرافية والأساطير؛ لأن الواقع كان أغنى من الخيال. وابن فضلان رجل دين ورع شديد الإيمان بالله، عظيم التمسك بدينه وأخلاقه وتقواه فكان يستر وجهه حياءاً من كشف النساء لعوراتهن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يمنع ملك الصقالبة من تسمية نفسه بالملك، لأن الله هو الملك.

ــــــــــــــــــــــــ
[1] عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين- ج1 - ص 220 - مؤسسة الرسالة - ط 1 - بيروت 1993م.
[2] أحمد ابن فضلان: رسالة ابن فضلان - تحقيق وتعليق سامي الدهان - ص67 وما بعدها - مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق - 1959م.
[3] المرجع السابق - ص145.
[4] عبد الله إبراهيم: المركزية الإسلامية - ص102.
[5] أحمد ابن فضلان: رسالة ابن فضلان - ص79 وما بعدها.
[6] المرجع السابق - ص83.
[7] المرجع السابق - ص91.
[8] المرجع السابق - ص92.
[9] المرجع السابق - ص117.
[10] المرجع السابق - ص118.
[11] المرجع السابق - ص122.
[12] المرجع السابق - ص146.
[13] المرجع السابق - ص134.
[14] المرجع السابق - ص151 وما بعدها.
[15] المرجع السابق - ص155 وما بعدها.
[16] مايكل كرايتون: أكلة الموتى - ترجمة تيسير كامل - سلسلة روايات الهلال - الطبعة الثانية - 1999م -ص8.
[17] ابن فضلان: رسالة ابن فضلان - ص28.
[18] المرجع السابق - ص 125.
[19] المرجع السابق - ص28.
[20] عبد العزيز طريح شرف: الموجز في تاريخ الكشف الجغرافي - ص74 - مؤسسة الثقافة الجامعية - 1993م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أدب الرحلات عند الشيخ علي الطنطاوي
  • رحلات أهل العلم في الحج
  • أثر الإسلام في تغيير مفهوم العالم لمعنى الرحلة
  • ابن العربي: القاضي الفقيه والرحالة الأديب
  • أدب الرحلات
  • مذكرات رحالة عن المصريين وعاداتهم وتقاليدهم في الربع الأخير من القرن 18 (1)
  • سفير السلام

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة إجازة محمد بن عبدالوهاب بن أحمد بركات الشافعي الأحمدي إلى حسين أفندي بن مراد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء فيه من آمالي الشيخ الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مسائل الإمام أحمد الفقهية برواية أحمد بن القاسم (من أول كتاب البيع إلى آخر باب الصلح)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • ترجمة مختصرة لفضيلة الشيخ محمد بن أحمد سيد أحمد (رحمه الله)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح بيتي المقولات للشيخ الفقيه المتفنن أحمد بن أحمد السجاعي (ت: 1197هـ)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في طبقات أصحاب الإمام أحمد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في درء المثالب التي تنمى لمذهب الإمام أحمد (نسخة ثالثة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في درء المثالب التي تنمى لمذهب الإمام أحمد (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عرض كتاب: القول الأحمد في بيان غلط من غلط على الإمام أحمد(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
11- لماذا
أبو حنين - مصر 19-07-2009 10:47 PM

لماذا يا أخي لم تضف تعليقاتك إلي المقال الأصلي .... لقد أفادتنا جداً.
بارك الله فيك

10- و....وبعد
أبو شعيب - مصر 19-07-2009 03:07 PM

الأستاذ وائل يملك حسا أدبيا عاليا ويتعامل مع النصوص بعناية شديدة لما له من تذوق أدبى واضح جدا فى مقالاته المتميزة .
نتمنى دوام الكتابة فى مثل هذه المقالات وأ ن نرى المقال الذى وعدت به .

9- استدراك
وائل عزت معوض - مصر 18-07-2009 10:05 AM

الأخ الفاضل / حسن مبارك
بارك الله فيك....
من الواضح جداً أنك قد ألممت بموضوع الرحالة أحمد بن فضلان، وقد أثار الغموض الذي يحيط بهذه الشخصية ما أثارني في الحقيقة، وكان ذلك أحد دوافعي للكتابة عنه.
والذي توصلت إليه، أنني لا أستطيع إلقاء اللوم علي أحد من المؤرخين المعاصرين لابن فضلان، كالمسعودي مثلاً، أو حتى من المؤرخين اللاحقين عليه، كياقوت الحموي أو الخطيب البغدادي أو ابن الأثير، حيث لا نستطيع ونحن نتحدث عن ابن فضلان أن نفصل بينه وبين عصره، حيث عاش ابن فضلان في عصر المقتدر بالله العباسي، وقد قلت من خلال البحث:
«أن وقوع اختيار الخليفة العباسي المقتدر بالله على أحمد ابن فضلان ليكون على رأس البعثة الدينية المسافرة إلي ملك الصقالبة، أن ابن فضلان من المقربين للخليفة، وصاحب مكانة عنده، ويحظى بثقته، وهذا بخلاف مواهبه العقلية والعلمية التي أهلته لأن يكون رئيساً لبعثة دينية وسياسية».
ومن المعروف والمشهور عن عصر المقتدر بالله أن أيام خلافته شر كلها، فما زاد شيء في الدولة العباسية إلا ونقص في خلافة المقتدر بالله، ويرجع ذلك إلي توليه الخلافة وهو صغير في الثالثة عشر من عمره، ولم يتولي من الخلفاء من هو أصغر منه.
اضطربت الأمور والأحوال الداخلية للدولة في عصره، وتحكم النساء والخدم في أمور الدولة، وبدأ ظهور فرقة القرامطة الباطنية، وتزايد التهديد الفاطمي للدولة العباسية، حتي كان مقتل المقتدر بالله علي يد قوم من المغاربة البربر.

وقد يرجع تجاهل المصادر التاريخية والأدبية ذكر ابن فضلان إلى عدة أسباب منها:
• ربما لتشيع ابن فضلان.
ولقد ذكرت رأي الدكتور عبد الله إبراهيم ومدي اندهاشه من أن «ابن فضلان يخترق العالم الإيراني دون أن يبدي تطلعات استكشافية، لا يستوقفه منه شيء إلى أن يبلغ تخومه الشمالية الشرقية في بخارى».
• وربما لـ«فارسية ابن فضلان!.». كما تعتقد الباحثة الخامسة علاوي.
ولكن أنا لا أي صواب هذا الرأي؛ لأن ابن فضلان رجل دين ورع، شديد الإيمان بالله، عظيم التمسك بدينه وأخلاقه وتقواه فكان يستر وجهه حياءاً من كشف النساء لعوراتهن، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، منع ملك الصقالبة من تسمية نفسه بالملك، لأن الله هو الملك، ثم يروي ابن فضلان حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله». وفي رواية هذا الحديث دليل علي عدم تشيع ابن فضلان؛ لأن راوي الحديث هو عمر بن الخطاب، والذي خرج الحديث هو البخاري، وكلا الرجلين غير موثوق بهما عند الشيعة [حسبي الله ونعم الوكيل].
كما أن المسعودي - وهو المعروف بتشيعه، ومعاصرته لابن فضلان - لم يذكر شيئاً عن رحلة ابن فضلان، فلو كان ابن فضلان شيعياً لاهتم المسعودي بذكره، كما أن الدوائر الأدبية والعلمية الشيعية قد أهملت ذكر ابن فضلان تماماً، رغم اهتمامها بمن هو أقل منه شأناً.

• وقد يرجع السبب إلي أن ملك الصقالبة ليس جاداً في إعلانه الدخول في الإسلام، والدخول تحت طاعة أمير المؤمنين، خاصة أن الأخبار تنقطع عن الصقالبه وملكها، ولا تسعفنا مصادرنا بأن بلاد البلغار كانت تحت الحكم الإسلامي في أي وقت خلال العصر العباسي.
وربما كان هذا ما جعل مؤرخي عصر المقتدر لا يذكرون واقعة إسلامه، لشكهم في إسلام ملك الصقالبة، وأن إعلانه الإسلام ما هو إلا حيلة سياسية، حتي يرهب بها أعدائه، وهو فقط يريد معونة خليفة المسلمين ويطلب مساعدة مالية لبناء مسجداً وحصناً يتحصن فيه من اعتداءات وظلم ملك دولة الخزر اليهودية.
فإذا ما أعلن دخوله الإسلام يحصل علي حماية الخليفة العباسي من ألد أعدائه وهو ملك الخزر اليهودي.
ومن المعلوم، أن قبيلة الخزر تسكن تخوم بلاد الروم (تركيا)، وهي مجاورة للبلاد الإسلامية، التي يحكمها الخليفة العباسي المقتدر بالله.
ثم يُذَكِر ملك الصقالبه أمير المؤمنين بأن هؤلاء الملوك - ملوك الخزر- مخالفين له في الدين لأنهم يدينون باليهودية، ولأنهم يقفون للعباسيين بالمرصاد؛ فينهبون قوافلهم، ويقتلون تجارهم، فكان هذا التذكير أقرب إلي التحريض والتحرش بهم.
- ثم هو يطمع أمير المؤمنين في خيرات الصقالبة وكيف يستأثر بها ملوك الخزر:
«وعلى ملك الصقالبة ضريبة يؤديها إلى ملك الخزر من كل بيت في مملكته جلد سمور. وإذا قدمت السفينة من بلد الخزر إلى بلد الصقالبة ركب الملك فأحصى ما فيها، وأخذ من جميع ذلك العشر، وإذا قدم الروس أو غيرهم من سائر الأجناس برقيق فللملك أن يختار من كل عشرة أرؤس رأساً. وابن ملك الصقالبة رهينة عند ملك الخزر. وقد كان اتصل بملك الخزر عن ابنة ملك الصقالبة جمال فوجه يخطبها، فاحتج عليه، ورده، فبعث وأخذها غصباً، وهو يهودي، وهي مسلمة، فماتت عنده، فوجه يطلب بنتاً له أخرى. فساعة اتصل ذلك بملك الصقالبة بادر فزوجها لملك اسكل وهو من تحت يده خيفة أن يغتصبه إياها كما فعل بأختها، وإنما دعا ملك الصقالبة أن يكاتب السلطان ويسأله أن يبني له حصناً خوفاً من ملك الخزر».
ويلعب ملك الصقالبة علي وتر الدين فيذكر له أن ابنته مسلمة وقد أخذها ملك الخرز اليهودي غصباً فماتت عنده، فوجه يطلب بنتاً له أخرى.
إلا أن هذا الرأي مردود عليه، وغير مقبول عندي، فمن القراءة المتأنية لرسالة ابن فضلان، نري أن الملك يحضر صلاة الجمعة، وكان له مؤذن يثني الإقامة فنصحه ابن فضلان بأن يفرد الإقامة، إذن يبدو علي أن ملك البلغار أنه قد أسلم قبل مجيء ابن فضلان إليه، وقد حسن إسلامه، فهو ملك متواضع ورع ومتدين يدين بالولاء التام للخليفة العباسي، حتي أنه امتثل لرأي ابن فضلان عندما كان يخطب له على منبره قبل قدوم ابن فضلان «اللهم وأصلح الملك يلطوار ملك بلغار. فقلت أنا له: إن الله هو الملك ولا يسمى على المنبر بهذا الاسم غيره - جل وعز -».
وقد غير الملك اسمه وتسمى باسم جعفر تيمناً باسم أمير المؤمنين، قائلاً: «أبي كان كافراً ولا أحب أن أذكر اسمه على المنبر، وأنا أيضاً فما أحب أن يذكر اسمي إذ كان الذي سماني به كافراً».
ويقول: «فوالله إني لبمكاني البعيد الذي تراني فيه وإني لخائف من مولاي أمير المؤمنين، وذلك أني أخاف أن يبلغه عني شيء يكرهه، فيدعو علي فأهلك بمكاني، وهو في مملكته وبيني وبينه البلدان الشاسعة».

8- إضافات من أجل الموضوع
حسن مبارك - السعودية- الأحساء 15-07-2009 02:46 PM

الأخ الفاضل/ وائل عزت معوض
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ فترة كان لي اهتمام بشخصية ابن فضلان ورحلته، وكان ممَّا خرجت به الآتي:

-1-
وقفتُ عند إشكال كبير لم أجد له حلاً في بعض المصادر ألا وهو/
أين المسعودي عن شخصية ابن فضلان، لماذا لم يضع ولو إشارة عابرة في كتابه الموسوعي (مروج الذهب) عن رحلة ابن فضلان الشهيرة في تلك الفترة؟، وقد أرَّخ لخلافة المقتدر بالله، وذكر الأحداث التي حصلت في عهده، ولم يشر إلى الرحلة لا من قريب ولا من بعيد، ولم يشر أيضاً حتى إلى اسم ابن فضلان، وهو المعاصر له.
وأين بقية المؤرخين بعد المسعودي عن شخصية ابن فضلان، ورحلته؟، كالخطيب البغدادي (ت 463هـ) مثلاً في كتابه: تاريخ بغداد، إذ لم يكتب عن شخصية ابن فضلان الذي كانت بغداد منطلقاً لرحلته، وصولاً إلى ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه: (الكامل في التاريخ)، حينما أرخ لخلافة المقتدر إلى مقتله، ولم يشر في تأريخه للخلافة إلى شخصية ابن فضلان.
ثمَّ أليس من الغريب أن يأتي ياقوت الحموي (ت 626هـ) بعد ثلاثة قرون من رحلة ابن فضلان، فيورد في كتابه معظم أحداث الرحلة، نقلاً عن نسخ رآها كما يقول؟.
لماذا بقيت نسخة الرسالة مجهولة لا ذكر لها خلال ثلاثة قرون، وقد كان خلال هذه القرون اهتمام واسع بالتدوين، وتسجيل كل صغيرة وكبيرة؟.



-2-
جاءت أعمال فنية رائعة، كانت فيها رحلة ابن فضلان هي الأفق الذي حلَّقوا فيه، واستوحوا منه إبداعاتهم المتنوعة، من هذه الأعمال:

1- لوحة الفنان الروسي (هنري سميرادسكي) الذي استقى من رسالة ابن فضلان مشهد الدفن عند الروس، وهي اليوم تزين أزهى متاحف الروس في لننغراد .
2- رواية: أكلة الموتى، بتجميع مخائيل كريكتون، وهي أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة.
3- فيلم: المحارب الثالث عشر (The Thirteenth Warrior)، وهو مأخوذ عن رواية "أكلة الموتى" السابقة .
4- رواية: شجرة المسرات ، للكاتب الفلسطيني محمد الأسعد، وقد كتب عليها سيرة ابن فضلان السرية، وهي سيرة افتراضية خيالية مستوحاة من رحلة ابن فضلان، إنها أشبه بعالم (الفنتازيا) الذي يخترق حدود الزمان والمكان.
5- المسلسل التلفزيوني: سقف العالم، اعتماداً على ما أورده كريكتون في روايته التخييلية أيضاً .


-3-
أما عن النسخة الأكثر دقة والأقرب للوثاقة فهي تحقيق الدكتور سامي الدهان، فمن خلال مقدمته تلمس الجهد الذي قام به للوصول إلى نص الرسالة الموثق من خلال التدقيق والتحقيق في المخطوطات المعتمدة وتحديداً "مخطوط مشهد"، ومقارنتها ببعض المراجع المطبوعة كمعجم البلدان.
أمَّا عن نسخة (كرايكتون) فهي نسخة أقرب إلى الخيال وقصص الأساطير.
على أن (كرايكتون) نفسه يشكك في مصادر هذا المخطوط، ويرمي مترجميه بعدم الدقة، كما هو مذكور في مقدمته.


-4-
مؤلفات كتبت عن الرحلة:
1- رسالة ابن فضلان – أحمد بن فضلان – حققها وعلق عليها وقدم لها – الدكتور سامي الدهان – مطبوعات المجمع العلمي العربي - دمشق، 1379هـ، 1959م.

2- رسالة ابن فضلان – جمع وترجمة وتقديم الدكتور حيدر محمد غيبة – الشركة العالمية للكتاب ش م ل – بيروت – الطبعة الأولى، 1414هـ، 1994م.
(وقد ادعى أنه استدرك على نسخة الدكتور الدهان بقية القصة المفقودة من نسخة (كرايكتون) المليئة بالأساطير والخيالات، مع أنه أورد مقدمة "كرايكتون" التي تدحض هذه النسخة)

3- رحلة ابن فضلان إلى بلاد الترك والروس والصقالبة – أحمد بن فضلان – حرَّرها وقدّم لها شاكر لعيبي – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت – ضمن سلسلة ارتياد الآفاق – دار السويدي – أبوظبي – الطبعة الأولى، 2003م.
(ميزة هذه النسخة الشرح الوافي للمخطوطة، وقد اعتمد ما عتمده الدكتور الدهان)

وتقبل احترامي وتقديري

7- رداً علي تعليق الأستاذ سيد مختار
وائل عزت معوض - مصر 12-07-2009 12:51 PM

السلام عليكم
لقد اسعدتني بقراءتك للمقال وتعليقك عليه، والذي أسعدني أكثر هو رأيك في المقال.
وأحب أن أخبرك بأنني عاكف الآن علي كتابة مقال عن رحلة أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الاشبيلي صاحب المصنفات المشهورة في العقيدة والتفسير والحديث.
إن شاء الله سوف أنشره علي الألوكة قريباً جداً.
يا رب يعجبك

6- توضيح
وائل عزت معوض - مصر 11-07-2009 09:11 PM

السلام عليكم
أحب أن أقول لك أن كل هذه الكتب التي ذكرتها لك مصورة بصيغة pdf علي موقع المصطفي للكتب الالكترونية، وبسهولة جداً تستطيع تنزيلها، والحصول عليها بدون أي مجهود.
أرجو لك مزيد النفع والمعرفة
أخيك: وائل عزت معوض

5- ردا على الاستاذ
فارس الأزدي - امريكا 11-07-2009 08:40 AM

السلام عليكم إن شاء أنا سياتيني الكتاب عن طريق البريد واول ماياتي سأعطيك اسمه ولكن انا اريد منك ان سمحت لي إعطائي افضل الكتب اعلاه بارك الله فيك

4- رائع
سيد مختار - مصر 10-07-2009 11:20 PM

مقال رائع , بارك الله فيك أبا خالد , ونرجو المزيد من هذه المقالات النادرة

3- شكرا للكاتب
أسماء محمد - السعودية 10-07-2009 12:12 PM

شكرا للكاتب على مقالته الرائعة.
وأتمنى له كتابة المزيد من كلماته الرائعة.

2- مصادر رحلة ابن فضلان
وائل عزت معوض - مصر 10-07-2009 09:34 AM

إن أفضل المصادر
1- رسالة ابن فضلان - تحقيق وتعليق سامي الدهان - مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق - 1959م.
2- الرحالة المسلمون في العصور الوسطي - زكي محمد حسن - دار الرائد العربي - بيروت.
3- الرحلة والرحالة المسلمون - أحمد رمضان أحمد - دار البيان العربي - جدة.
4- رواد علم الجغرافيا في الحضارة العربية والاسلامية - علي بن عبد الله الدفاع - مكتبة التوبة.
5- أعلام الجغرافيين العرب - عبد الحميد حميدة - دار الفكر - دمشق.

ورجاء لو تتكرم بأن تذكر اسم الكتاب الذي قرأته أو اسم مؤلفه بدقة حتي يمكنني البحث عنه خاصة أنه اعتمد علي مخطوط للرازي كما تقول.

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب