• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

تلخيص كتاب: قواعد في التعامل مع العلماء

د. شادي محمد راضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/12/2013 ميلادي - 11/2/1435 هجري

الزيارات: 28474

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تلخيص كتاب

قواعد في التعامل مع العلماء


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، ثم أمَّا بعد، فأبدأ بالله مستعينًا بتلخيص كتاب مهم، يحتاجه الناس عامة، ويحتاجه طالب العلم خاصة، وهو بعنوان: "قواعد في التعامل مع العلماء"؛ لمؤلفه فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن معلا اللويحق، وقدَّم له سماحة الشيخ الوالد عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى - نشرَتْه دار الوراق عام 1415هـ، ويقع الكتاب في 193 صفحة، في مقدمة وفصلين، يحتوي الفصل الأول على أربعة مباحث، والفصل الثاني على خمسة عشر مبحثًا، حاولت تلخيصه؛ ليستفيد منه من يقرؤه، ويحيط علمًا بأفانينه ورياحينه، فأسأل الله التوفيق والإعانة.

 

الفصل الأول: المقدمات

المبحث الأول: من هم العلماء؟

العلماء هم ورثة الأنبياء، وفقهاء الإسلام، أئمة الدِّين، العارفون بشرع رب العالمين، هداة الناس لاتباع الهدْي القويم، والمنهج السليم، وهم رأس الجماعة التي أُمِرْنا بلزومها، وحُذِّرْنا من مفارقتها، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة".

 

المبحث الثاني: كيف يُعرف العلماء؟

وبمعنًى آخر: ما هي أوصاف هؤلاء العلماء الأَجِلاَّء، فالعلماء يُعرَفون بخشيتهم وتنَسُّكهم، ودعوتهم وجهادهم؛ ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِه الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، ويُعرَفون بالعلم والرسوخ فيه، قال ابن القيم - رحمه الله -: "إن الراسخ في العلم لو وَرَدَت عليه من الشُّبَه بعدد أمواج البحر، ما أزالتْ يقينَه، ولا قدحت فيه شكًّا؛ لأنه قد رسخ في العلم، فلا تستفزُّه الشبهات، بل إذا وردت عليه رَدَّهَا حرسُ العلم وجيشُه مغلولةً مغلوبةً"؛ (انظر: مفتاح دار السعادة 1/140)، ويُعرفَون بشهادة مشايخهم بالعلم، وبدروسهم وفتاواهم ومؤلفاتهم، ويُعرَفون باستعلائهم على حطام الدنيا الزائل، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "ومن له في الأمة لسانُ صِدْق؛ بحيث يُثنَى عليه، ويُحمَد في جماهير أجناس الأمة، فهؤلاء أئمة الهدى، ومصابيح الدجى"؛ (الفتاوى 11/ 43).

 

المبحث الثالث: التفريق بين العلماء وبين من قد يشتبه بهم:

اعلم أن هناك فرقًا جوهريًّا واضحًا بين طبقة العلماء، وبين غيرهم من القراء - من يجيد القراءة والكتابة - والمثقفين، والمفكرين، والوُعاظ، والخطباء.

 

فالعالم الفقيه ذو فَهْم شُمولي للإسلام، واطِّلاع على مجمل الأحكام الشرعية، صاحب مَلَكة في فهم النص، صاحب معرفة بمقاصد الشريعة وأهدافها، قال الإمام مالك - رحمه الله -: "الحكمة والعلم نور يهدي به الله من يشاء، وليس بكثرةِ المسائل".

 

فلا بد أن يُفَرَّق بين هذا العالم الرباني، وبين من قرأ نُتَفًا من العلم هنا وهناك، ويفرَّق بين من مازج بين ثقافة إسلامية عامة، وأخرى غربية كلامية جدلية، ويفرق بين قَصَّاص واعظ، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "إنكم في زمانٍ كثير علماؤه، قليل خطباؤه، وسيأتي من بَعدِكُم زمان كثيرٌ خطباؤه، والعلماء فيه قليلٌ"؛ (رواه البخاري في الأدب المفرد ص 346)، وقال مجاهد - رحمه الله -: "ذهب العلماء فلم يبق إلا المتكلمون، وما المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم".

 

المبحث الرابع: مكانة العلماء ومنزلتهم:

لقد اعتبرت الشريعة الإسلامية للعلماء منزلتهم، وجُعِل ذلك اعتبارًا شرعيًّا واجبًا من جهة أن طاعتهم طاعة لله ولرسوله، فلا تُقَدَّسُ ذواتُهم وأشخاصهم، ويُتعلَّم منهم العلم الشرعي، والسمت، والهدي التربوي، والتطبيق العملي، يصل توافق أقوالهم فتقوى إلى الإجماع، فيكون القول حجة، وأصلاً شرعيًّا معتبرًا أيضًا، وعلى ذلك أدلة، منها:

• ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "يعني أهل الفقه والدين، وأهل طاعة الله، الذين يُعلِّمون الناس معاني دينهم، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، فأوجب الله سبحانه طاعتهم على عباده".

 

• ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، قال السعدي في تفسيره: "وعموم هذه الآية فيها مَدْح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلمُ بكتاب الله المنزَّل؛ فإن الله أمَرَ من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديلٌ لأهل العلم، وتزكيةٌ لهم؛ حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يَخْرُج الجاهل من التَّبِعة".

 

• ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، قال القرطبي في تفسيره: "في هذه الآية دليل على فضل العلم، وشرف العلماء وفضلهم؛ فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء، لقَرَنَهُم الله باسمه واسم ملائكته، كما قرن اسم العلماء".

 

• ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]، قال الطبري في تفسيره: "ويرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان، على المؤمنين الذين لم يؤتَوا العلم، بفضل علمهم - درجاتٍ، إذا عملوا بما أُمِرُوا به".

 

• ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، قال ابن كثير في تفسيره: "وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم، المتضلعون منه".

 

• ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِه الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، قال السعدي في تفسيره: "فكل مَنْ كان بالله أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية الله الانكفافَ عن المعاصي، والاستعداد للقاء مَنْ يخشاه، وهذا دليل على فضيلة العلم؛ فإنه داعٍ إلى خشية الله".

 

وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((... وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثُوا العلم؛ فمن أخذه، أخذ بحظ وافر)).

 

وعن جُبَير بن مطعِم - رضي الله تعالى عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((نضَّرَ الله عبدًا، سمع مقالتي، فحفظها ووعاها، وبلَّغها مَنْ لم يسمعْها، فَرُبَّ حاملِ فقهٍ لا فِقْهَ له، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هُوَ أفقَهُ منه))، قال الشاطبي - رحمه الله - في الموافقات: "إنَّ المُفْتِيَ شَارِعٌ من وجه؛ لأن ما يبلِّغه من الشريعة إما منقول عن صاحبها، وإما مستنبَط من المنقول؛ فالأول: يكون فيه مُبلِّغًا، والثاني: يكون فيه قائمًا مقامه في إنشاء الأحكام، وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع، فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسَب نظره واجتهاده، فهو من هذا الوجه شارع، واجِبٌ اتباعُه، والعمل على وَفْق ما قاله، وهذه هي الخلافة على التحقيق". التصحيح من الموافقات (5/ 255).

 

فالحذَر ممن يهدر مكانة العلماء، ويُردِّد مستخفًّا بقول: "الإسلام ليس دينًا كهنوتيًّا"، و"ليس في الإسلام قداسة لأحد"، حينها ستُشَابِه الخوارج؛ كونهم لم يرفعوا لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسًا، والحَذَر ممن يجعل لهم قداسة؛ بحيث لا يُسأَلون عما يفعلون، فتُشَابِه الرافضة، وليكن موقفك وسَطًا تحفظ للعالِم قدْرَه، وتعْلَم أنهم غير معصومين، فالسلف يعرفون الرجال بالحق، وغيرهم يعرف الحق بالرجال، والله المستعان.

 

الفصل الثاني: قواعد في التعامل مع العلماء

موالاة العلماء ومحبتهم:

قال الإمام الطحاوي - رحمه الله - في العقيدة الطحاوية: "وعلماء السلف من السابقين، ومَنْ بعدَهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومَنْ ذَكَرَهُم بسوءٍ، فَهُمْ على غير السبيلِ"، ويقول شيخ الإسلام: "وليس لأحد أن ينتسب إلى شيخ يوالي على متابعته ويعادي على ذلك، بل عليه أن يوالي كل من كان من أهل الإيمان، ومن عُرِف منه التقوى مِنْ جميع الشيوخ وغيرهم، ولا يَخُص أحدًا بمزيد موالاة، إلا إذا ظهر له مزيد إيمانه وتقواه، فيقَدِّم من قدَّم الله تعالى ورسوله عليه، ويُفضِّل من فضَّله الله ورسوله".

 

احترام العلماء وتقديرهم:

قال طاوس بن كيسان - رحمه الله -: "مِنَ السُّنة أن يوقَّر أربعة: العالم، وذو الشَّيْبة، والسُّلطان، والوالد"، ولقد أخذ ابن عباس - رضي الله عنهما - مع جلالته وعلو مرتبته، بِرِكَاب زيد بن ثابت الأنصاري، وقال: "هكذا أُمِرْنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا"؛ (رواه الحاكم، ووافقه الذهبي)، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن حديث، ما منعني منه إلا هيبَتُه".

 

الأخذ عن العلماء والسعي إليهم:

قال سلمان الفارسي - رضي الله عنه -: "لا يزال الناس بخير، ما بقي الأول حتى يتعلَّم، أو يُعلِّم الآخِرَ، فإن هلك الأول قبل أن يُعَلِّم أو يتعلم الآخِر، هلك الناس"، وقال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: "ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهَّالَكُم لا يتعلمون، فتعلَّموا قبل أن يُرفَع العلم؛ فإنَّ رَفْعَ العلم ذَهَابُ العلماء"، وقال ميمون بن مِهران - رحمه الله -: "العلماء هم ضالتي في كل بلد، وهم بُغيتي، إذا لم أجدهم، وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء".

 

رعاية مراتب العلماء:

إن العلم درجات، والعلماء مراتب، ومنه مراعاة التخصص، ومراعاة السن، قال الإمام الذهبي - رحمه الله - في سيره: "أقْرَأُ هذه الأمةِ أُبَيُّ بن كعب، وأقضاهم علِيٌّ، وأفرَضُهُم زيدٌ، وأعلمهم بالتأويل ابنُ عباس"، وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم، فإذا كان العلم في صغاركم، سفَّه الصغيرُ الكبير".

 

الحذر من القدح في العلماء:

قال عبدالله بن المبارك - رحمه الله -: "حقٌّ على العاقل ألا يستخف بثلاثة: العلماء، والسلطان، والإخوان؛ فإنه من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته"، وقال الحافظ ابن عساكر: "واعلم يا أخي - وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتَّقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار مُنْتَقِصِيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم - بما هم منه براءٌ - أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم لِنَشْرِ العلم خُلُق ذميم".

 

الحذر من تخطئة العلماء بغير علم:

قال سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله -: "الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه عما لا ينبغي، وألا يتكلم إلا عن بصيرة، فالقول بأن فلانًا لم يفقه الواقع، هذا يحتاج إلى علم، ولا يقوله إلا مَنْ عنده علم؛ حتى يستطيع الحكم بأن فلانًا لم يفقه الواقع، أما من يقول هذا جُزافًا، ويحكُمُ برأيه على غير دليل، فهذا منكر عظيم لا يجوز، والعلم بأن صاحب الفتوى لم يفقه الواقع يحتاج إلى دليل، ولا يتسنى ذلك إلا للعلماء".

 

ومما يجب الحذر منه رَمْي العالم بجهله بحال المنافقين والعلمانيين، ومما يجب الحذر منه رمي العالم بالبدعة، من غير دليل ولا برهان، وللاستزادة من هذا، فليراجع رسالة الشيخ العلاَّمة بكر أبو زيد - رحمه الله – وعنوانها: "كشف الجلة، عن الغلط على الأئمة".

 

التماس العذر للعلماء:

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "لا تظُنَّ بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءًا، وأنت تجد لها في الخير محملاً"، ويقول السبُّكي - رحمه الله -: "فإذا كان الرجل ثقة مشهودًا له بالإيمان والاستقامة، فلا ينبغي أن يُحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تُعُوِّدَ منه ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن الواجب به وبأمثاله".

 

الرجوع إلى العلماء والصدور عن رأيهم، خصوصًا في الفتن:

يقول الشيخ العلامة صالح الفوزان - حفظه الله -: "فالواجب علينا التثبُّت، وعدم التسرع، والله - سبحانه وتعالى - أمرَنا بالتثبت فيما يختص بالعامة من الأمة، وجعل أمور السلم والحرب، والأمور العامة، جعل المرجع فيها إلى ولاة الأمور، وإلى العلماء خاصة، ولا يجوز لأفراد الناس أن يتدخلوا فيها؛ لأن هذا يشتت الأمر، ويفرِّق الوَحدة، ويتيح الفرصة لأصحاب الأغراض، الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر".

 

ليس أحدٌ إلا وتُكُلِّمَ فيه؛ فَتَثَبَّتْ؛ قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: "ليس إلى السلامة من الناس سبيل؛ فانظر الذي فيه صلاحك فالْزمْه"، فالموقف الرشيد من هذا هو التثبت، وهو دليل تَقْوَى الرجل وخوفه من الله - عز وجل.

 

الاعتبار في الحكم بكثرة الفضائل:

قال سعيد بن المسيب - رحمه الله -: "ليس من عالِم، ولا شريف، ولا ذي فضل، إلا وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه، ذهب نقصُه لفضله، كما أنَّ مَنْ غلب عليه نقصانه، ذهب فضله"، ويقول الإمام ابن عبدالبر - رحمه الله -: "لا يسلم العالم من الخطأ، فمن أخطأ قليلاً وأصاب كثيرًا، فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيرًا، فهو جاهل"، ويقول ابن رجب - رحمه الله -: "والمنصِفُ مَنِ اغتفر قليلَ خطأِ المرءِ في كثيرِ صَوَابِهِ".

 

الحذر من زلات العلماء:

فكما هو متقرر أن العلماء غير معصومين، فمن وقع في زلة، فلا تعتمد هذه الزلة، ولا تأخذ بها؛ لأنها جاءت خلاف الشريعة؛ ولهذا قال الشاطبي - رحمه الله -: "إن زلة العالم لا يصح اعتمادها، من جهة، ولا الأخذ بها تقليدًا؛ وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع؛ ولذلك عُدَّت زلة، وإلا فلو كانت مُعتَدًّا بها، لم يُجعل لها هذه الرتبة، ولا نَنْسُب إلى صاحبها الزللَ فيها"؛ ولهذا قال الأوزاعي - رحمه الله -: "من أخذ بنوادر العلماء، خرج من الإسلام".

 

ثم إذا علمت هذه الزلة، فلا بد من العدل والإنصاف في التعامل معها، وفي هذا قال الإمام الشاطبي - رحمه الله -: "لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يُشَنَّع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه المخالفة بحتًا؛ فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين"، ولهذا لا بد من المناصحة، وتبيين الزلة بأسلوب علمي، وأدب رفيع، تعريضًا لا تصريحًا.

 

كلام الأقران في بعض يُطوى ولا يُروى:

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "استمعوا علم العلماء، ولا تُصدِّقوا بعضهم على بعض"، وقال الإمام الذهبي: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يؤبَهُ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب، أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عَصَمَهُ اللهُ، وما علمْتُ أن عصرًا من الأعصار سَلِمَ أهله من ذلك سوى الأنبياء والصِّدِّيقين، ولو شئتُ لسردْتُ من ذلك كراريس"، وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: "كلام الأقران غير معتبَر في حق بعضهم بعضًا، إذا كان غير مفسَّر".

 

ومن أسباب هذا الكلام وجود المنافسة في البلد، أو التخصص العلمي، الغضب الشديد، الاختلاف المذهبي، وجود بعض الإحَن والمخاصمات، ومع هذا فَصُوَر العلماء مشرقة، واضحة في العدل والإنصاف، ومنه قول الإمام أحمد في إسحاق بن راهويه؛ حيث قال: "لم يَعبُرِ الجسرَ إلى خراسان مثلُ إسحاقَ، وإن كان يخالفنا في أشياءَ، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا".

 

العدل في الحكم على المجتهدين:

اعلم أن المجتهد مأجور، غير مأزور في اجتهاده؛ فعن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب، فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ، فله أجر))، وقال ابن تيمية - رحمه الله -: "ومذهب أهل السنة أنه لا إثم على من اجتهد، وإن أخطأ، واعلم أيضًا أن الاختلاف بين العلماء أمر مقدور، لا يمكن تجاوزه، كما أن اختلافهم في الأحكام له أسباب معتبرة، ولم يكن عن تعمُّد، ولا اعتباطًا، أو لِهَوًى، أو غير ذلك".

 

ولقد ألف شيخ الإسلام رسالة ثمينة في هذا الباب، فلتُراجَع، وهي بعنوان: "رفع الملام عن الأئمة الأعلام".

 

ومما يجب علمه أيضًا: ليس كلُّ اختلاف بين العلماء يُعَدُّ اختلافا حقيقيًّا، بل قد يكون من باب اختلاف التنوع لا التضاد، ولا بد أن يُرجَع كل خلاف إلى القرآن والسنة للفصل فيه، ولا بُدَّ أن تدرك أن العصمة لا تكون لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- فكُلٌّ يؤخذ من قوله ويُرَدُّ إلا محمدًا - صلى الله عليه وسلم.

 

ترك المبادرة إلى الاعتراض على العلماء:

ومثال ذلك الإرشاد النبوي في واقعة الحديبية، بعد كتابة وثيقة الصلح مع قريش، واعترض الصحابة - رضي الله عنهم - على بنودها، ومن أشدهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ثم تبين بعد ذلك أن هذا الصلح كان خيرًا وفتحًا مُبِينًا للمسلمين، وتاب الصحابة - رضي الله عنهم - عن اعتراضهم، وما زال عمر - رضي الله عنه - يصوم، ويتصدق، ويعتق؛ كفارة عن ذلك اليوم.

 

وخذ بوصية الحسن بن علي - رضي الله عنهما - حيث أوصى ابنه قائلاً له: "يا بُنَي، إذا جالسْتَ العلماء، فكن على أن تسمع أحرصَ منك على أن تقول، وتعلَّم حسن الاستماع، كما تتعلم حسن الصمت".

 

وضع الثقة في العلماء:

إن من الناس من يطالب العلماء الربانين ببيان كل شيء، يتعلق بأمور العامة، وهذه المطالبة مخالِفَة للشرع والعقل؛ فليس كل أمر يصلح إخبار الناس به، وهم أعلم بما يَصْلُح للمتعلم من العِلْم، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتُحِبُّون أن يُكَذَّب اللهُ ورسوله؟!"، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما أنت بمحدِّث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة".

 

وأخيرًا:

اعلم أيها المبارك الكريم: أن توقير العلماء واحترامهم سنة ماضية، حض عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- ودَرَج عليها سلف الأمة.

 

وفي الختام، اعلم أن البستان ما زال يحوي أزهارًا، لم أقطفها لك؛ حتى تذهب أنت بنفسك لقطفها، وشَمِّ رياحينها، وما زال في البحر درر كامنة، تبحث عمن يفتش عنها ليخرجها، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقسام العلماء
  • تعظيم قدر العلماء وخطورة تنقصهم
  • مكانة العلماء ومكر السفهاء
  • فضل العلم والعلماء
  • تلخيص وعرض هام لكتاب: نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان

مختارات من الشبكة

  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قواعد في التعامل مع العلماء (باللغة الفرنسية)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • قواعد في التعامل مع العلماء (باللغة الألبانية)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • قواعد في التعامل مع العلماء(محاضرة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • قواعد في التعامل مع العلماء (PDF)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • مهارة تلخيص الكتب: قواعد ومقاصد(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من قواعد التعامل مع الآخرين: ابتسم فهذا لا يكلفك شيئا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرات نقدية في قواعد في التعامل مع السنة(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • قواعد التعامل مع الشدائد(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • من قواعد فقه التعامل مع المخالفين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب