• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الإسلام والزواج

الإسلام والزواج
عثمان السعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/9/2013 ميلادي - 18/11/1434 هجري

الزيارات: 28215

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام والزواج


لا غَرابة إزاء ما قدَّمنا أن يحثَّ الإسلام على الزواج، ويَجعلَه رُكنًا مهمًّا في حياة المسلم، ويجعله ضرورةً لكلِّ قادرٍ عليه؛ فيقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - مُوَجِّهًا حديثَه إلى الشباب: ((يا معشر الشباب، مَن استَطاع منكم الباءَةَ فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج، ومَن لَم يَستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاءٌ)).

 

وَيزيد الرسول الأمين - صلى الله عليه وسلم - الأمرَ وضوحًا وتحديدًا بقوله: ((مَن رَغِب عن سُنَّتي فليس مني، وإن من سُنَّتي النكاحَ، فمَن أحبَّني، فليَستَنَّ بسُنَّتي)).

 

وقد ذهَب العلاَّمة ابن حزم وفريقٌ من علماء المسلمين، إلى أنَّ الزواج فرْضٌ لازمٌ للمسلم القادر، فمَن ترَكه أو تثاقَل عنه، فهو آثِمٌ إِثْمَ مَن تَرْك فريضةً من فرائض الإسلام.

 

ولأصالة الزواج ومكانتِه من نواميس الوجود، بَرِئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن نَهْج أولئك الذين يُعطِّلونه ويُعرِضون عنه بقوله: ((مَن كان مُوسرًا لأن يتزوَّج، ثم لَم يتزوَّج، فليس مني))، وقال أيضًا: ((ثلاثة حقٌّ على الله عونُهم: المُكاتَب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يُريد العَفاف، والمُجاهد في سبيل الله)).

 

وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا صَرورة في الإسلام))، والصرورة: هو الرجُل الذي أضرَب عن الزواج، أو أمسَك عن الحج أو نحوهما؛ فرارًا من تكاليفِهما، سُمِّي بذلك؛ لأنه يَصُرُّ على المال، فلا يُخرجه.

 

وكان عمر بن الخطاب يقول: "لا يَمنع من الزواج إلا عَجزٌ، أو فجورٌ".

 

وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: "لا يتمُّ نسكُ الناسك حتى يتزوَّج".

 

وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: "لو لَم يَبقَ من عُمري إلاَّ عشَرة أيام، لأحْبَبتُ أن أتزوَّج؛ لكيلا ألْقى الله عزَبًا".

 

ويَجدر بنا هنا في هذا المقام أن نَستعين برأي حُجَّة الإسلام الإمام الغزالي في مزايا الزواج والهدف منه:

أ- الولد:

فهو الأصل الذي شُرِع الزواج من أجْلِه؛ لإبقاء النوع؛ حتى لا يَخلو العالم من الجنس البشري، ومن التمديُن الإنساني، وينشأ عن هذا الغرض الأساسي فوائدُ جَمَّة، أهمُّها إرضاءُ الله، وموافقة محبَّته بالسَّعي في تحصيل الولد؛ بقاءً لجنس الإنسان، وإرضاءً للرَّسول الكريم في تكثير نَسْل المسلمين، فيُباهي يوم القيامة وهو القائل: ((خيرُ نسائِكم الولودُ الودود)).

 

وإلى جانب هذا طلَبُ التبرُّكِ بدعاء الولد الصالح من بعدنا، ودوام ذِكرنا، وطلبُ الشفاعة بموت الولد الصغير؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن ماتَ له ثلاثةٌ لَم يَبلغوا الحِنْثَ، أدْخَله الله الجنَّة بفضْل رحمته إيَّاهم))، قيل: يا رسول الله، واثنانِ؟ قال: ((واثنانِ)).

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مات الإنسانُ انقطَع عنه عملُه إلاَّ من ثلاثةٍ، إلاَّ من صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له)).

 

ب- ترويحُ النَّفس وإيناسُها بالمُجالسة والنظر والمُلاعبة:

إنَّ النفس مَلُولٌ، وهي عن الحقِّ نَفُور؛ لأنه على خلاف طَبْعها، فلو كُلِّفت المداومةَ بالإكراه على ما يُخالفها جَمَحت وتأبَّت، وإذا رُوِّحت بالمسرَّات في بعض الأوقات، قَوِيتْ ونَشِطت، وفي الائتناس بالنِّساء من الرَّاحة ما يُزيل الكرب، ويروِّحُ القلب، ويَنبغي أن يكون لنفوس المُتَّقين استراحاتٌ بالمُباحات؛ ولذلك قال - تعالى -: ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم: 21]، وقال حكيمٌ: "رَوِّحوا القلوب ساعة؛ فإنها إذا كَرِهت عَمِيَتْ".

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((حُبِّب إليَّ من دنياكم: الطِّيبُ والنِّساء، وجُعِلت قُرَّة عيني في الصلاة))، وفي الخبَرِ: "لا يكونُ العاقل طمِعًا إلاَّ في ثلاثةٍ: تَزَوُّد لمعاد، وحِرفة لِمَعاش، ولذَّة في غير مُحَرَّم".

 

ج - تفريغ القلب عن تدبير المنزل:

فالمرأة هي التي تتكفَّل بشغل الطَّبخ والكنس، والفرش وتنظيف الأواني، وتهيئة أسباب المَعيشة؛ فإنَّ الإنسان لو لَم يكن له ميلُ الوِقاع؛ لتعذَّر عليه العيش في منزله وَحْده؛ إذ لو تكفَّل بجميع أشغال المنزل، لضاع أكثرُ وقتِه، ولَم يتفرَّغ للعلم والعمل، فالمرأة الصالحة عونٌ على الدِّين، بقيامها على زوجِها بشؤون البيت، واختلالُ هذه الأسباب شواغلُ ومُهوِّشاتٌ للقلب، ومُنغصات للعيش؛ ولذلك قال أبو سليمان الدَّاراني - رحمه الله -: "الزَّوجة الصالحة ليستْ من الدنيا؛ فإنها تُفَرِّغك للآخرة"، وإنما تفرُّغها بتدبير المنزل، وبقضاء الميْل الجنسي جميعًا.

 

وقال محمَّد بن كعب القُرظي في معنى قولِهِ - تعالى -: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ﴾ [البقرة: 201]؛ قال: المرأة الصالحة، وفي بعض التفاسير في قوله - تعالى -: ﴿ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] قيل: الزوجة الصَّالحة.

 

وكان عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: "ما أُعْطِي العبدُ بعد الإيمان بالله خيرًا من امرأةٍ صالحة".

 

د- مجاهدة النَّفس ورِياضتُها بالرِّعاية والولاية، والقيام بحقوق الأهل والصَّبر على أخلاقهنَّ:

احتمال الأذى من النساء والأولاد، والسَّعي في إصلاحهنَّ وإرشادِهنَّ إلى طريق الدِّين، والاجتهاد في كَسْب الحلال لأجْلهنَّ، والقيام بتربيته لأولاده، فكلُّ هذه أعمال عظيمة الفضْل، فإنَّ الولد والأهل رعيَّة، وفضْل الرعاية عظيمٌ، وليس مَن اشتغَل بإصلاح نفسه وغيره، كمَن اشتغَل بإصلاح نفسِه فقط، ولا مَن صبَر على الأذى، كمَن رَفَّه نفسَه وأراحَها، فمُقاساة الأهل والولد بمنزلة الجهاد في سبيل الله؛ ولذلك قال بِشْر بن الحارث: فُضِّلَ عليَّ أحمد بن حنبل بثلاثٍ: إحداها أنه يطلب الحلالَ لنفسِه ولغيره، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أنفَقه الرجُل على أهله، فهو صدقةٌ، وإنَّ الرجل ليُؤْجَر في اللُّقمة يَرفعها إلى فِي امرأتِه)).

 

وقال ابنُ المبارك - وهو مع إخوانِه في الغزو -: "تعلَمون عملاً أفضلَ مما نحن فيه؟ قالوا: ما نعلم ذلك! قال: أنا أعلمُ، قالوا: فما هو؟ قال: رجُل مُتَعفِّف ذو عائلةٍ، قامَ من الليل، فنظَر إلى صِبيانه نيامًا مُتَكشِّفين، فستَرهم وغطَّاهم بثوبِه، فعَمَلُه أفضلُ مما نحن فيه".

 

وقال بعض السَّلف: من الذنوب ذنوبٌ لا يُكَفِّرها إلاَّ الهمُّ بالعِيال".

 

وقد تزوَّج الإمام أحمدُ بن حنبل في اليوم الثاني من وفاةِ أمِّ ولده عبدِالله، وقال: "أكْرَه أن أبيتَ عزبًا!".

 

وقال رجُل لإبراهيم بن أدْهمَ - رحمه الله -: "طوبَى لكَ، لقد تفرَّغت للعبادة بالعزوبة، فقال: لروعةٌ منك بسبب العيال أفضلُ من جميع ما أنا فيه".

 

إنَّ الذين يقولون: إنَّ الزواج يَحمل معه مسؤوليَّاتٍ وآلامًا، لَم يَدروا أنَّ هذه المسؤوليَّات هي أسمى نواحي السَّعادة التي يَشعر بها الإنسان المُنصِف، وهي أشرفُ واجبٍ يقوم به في الحياة.

 

وقد رَمَتنا حضارة الغرب - فيما رَمَتنا به - بضَرْبٍ من الحريَّة - سَمَّوه: الحريَّة الشخصيَّة - يُتيح للمرء من قُدرته الماليَّة أن يَظَلَّ بلا زواجٍ؛ اكتفاءً بما يَجده مُيسَّرًا لقضاء مآرِبه الجنسيَّة، وهذا ضَرْبٌ من الصَّعلكة والتشرُّد الجنسيِّ، يَلجأ إليه بعض الشباب؛ تنميةً للثروة، وفرارًا من تكاليف الزواج، ومحافظةً على مستوًى من الطعام والشراب واللِّباس، لا يريد أن يُضحِّي به إذا صارَت له زوجةٌ وأولاد، فإذا أجازَ المجتمعُ لأفراده أن تكون الرَّغبات الماديَّة أعزَّ من مُقدَّسات الفضائل، وأن المال وما إليه من ميول البدن أفضلُ من معاني الشرف والرُّجولة، وصيانة العِرض، فأيُّ خيرٍ يُرجى أن يكون عليه المجتمع؟!

 

إنَّ فطرة المجتمع تسير تحت حُكم الإسلام الذي يأمر بالزَّواج، ويَرعى الفضائل، ويَكره أن تَشيع الفاحشة في الناس.

 

ألا ترى أنَّ الزواج يُحقِّق لدينا رغباتٍ نفسيَّة وميولاً رُوحيَّة، تتجلَّى في تلك المُتعة التي يَشعر بها الأزواج في تحمُّل المسؤوليَّات الكبرى المُلقاة على عاتقهم، ونحن - وإن تقبَّلنا هذه المسؤوليَّات واحتَمَلنا تلك الأعباء عن طِيب خاطرٍ، أو بشيءٍ من السَّخط والتبرُّم أحيانًا - سعداء بها على الحاليْنِ، مُطَمئنُّون إليها؛ لأننا إنما نُرضي أنفسنا على الأقل بما يَمْلَؤها ثقةً؛ إذ نَعُول أسرة، ونُشبع غرائزَ الأُبوَّة والأمومة الكامنة فينا.

 

ومن الناحية الاجتماعيَّة في الزواج - التي تُرضي في الإنسان غرائزَه كفردٍ في المجتمع - إقامةُ المجتمع، أفَليس بالزواج تكون شركة الحياة وبناء الأسرة التي هي نواة المجتمع الإنساني؟

 

فالزواج ضرورة إن حقَّقتْ للفرد آمالاً، وأرْضَت نزعاتٍ، وأشْبَعت رغباتٍ تَجِيش في نفسه، فهي للمجتمع أكثرُ لزومًا، وللإنسانية أشدُّ ضرورةً.

 

وكما أنَّ الزواج ضرورةٌ دينيَّة واجتماعيَّة، فهو بجانب ذلك ضرورة نفسيَّة، فالنُّمو النفسي السليم للفرد لا يتمُّ إلاَّ إذا توافَرَت العوامل الآتية:

أولاً: أن تُتاح الفرصة للفرد لأنْ يَشعر بأنه محبوبٌ كما يُحِبُّ في الوقت نفسه، والحب الهادف الذي لا يُداخله قلقُ المنافسة أو الصِّراع، لا يتوافَر إلاَّ في الأُسرة بين زوجٍ وزوجة، تَربط بينهما رابطةٌ مُقَدَّسة هي رابطة الزواج، أمَّا الحبُّ الذي يُمارَس في الخَفاء - لأنه حبٌّ مُحَرَّم - فغالبًا ما يكون مَبْعَثَ قلقٍ وخوفٍ لدى الفرد، ويُوقعُ الإنسان في صراعٍ شديد بين دافعيْنِ قويِّين؛ فالعاطفة تَدفع من ناحية، والدافع الدِّيني والخوف من عَقبات المجتمع، يَعملان في طيَّات نفسِه من جهة أخرى.

 

ثانيًا: ولكي ينمو الفرد نموًّا نفسيًّا سليمًّا، لا بدَّ لطاقته الجنسيَّة أن تجدَ لها مُتنفَّسًا ومَخرجًا، والإشباع الجنسيُّ الذي يؤدي إلى راحة نفسيَّة، ينبغي أن يُصاحبَه عاملُ الطُّمَأْنينة النفسيَّة، وهذا العامل لا يتوافَر إلاَّ في ظلِّ الحياة الزوجيَّة.

 

أمَّا العلاقة الجنسيَّة المحرَّمة، فهي مَبْعَثُ صراعٍ وقلقٍ ومخاوفَ لكلا الطرفين، ومن هنا تَقوم في النفس معاركُ عنيفة - شعوريَّة ولا شعوريَّة - أحيانًا بين دوافعَ نفسيَّة عِدَّة، وإذا استمرَّ هذا الصراع النفسيُّ أدَّى بالفرد إلى الوقوع في هُوَّة الأمراض النفسيَّة.

 

ثالثًا: أنَّ الدافع الاجتماعي من أهمِّ الدوافع النفسيَّة التي يُسَبِّب إشباعُها توازُنًا في الشخصيَّة، فالإنسان لا يَستطيع أن يعيشَ في عُزلة عن الآخرين، ولا بدَّ له من أن يعيشَ في مجتمعٍ تَربطه بأفراده علاقاتٌ اجتماعيَّة سليمةٌ، وقد قيل في هذا: إنَّ الإنسان اجتماعيٌّ بطبْعه، وحِرمانُ الإنسان من إشباع هذا الدافع كثيرًا ما يُسبِّب له انحرافاتٍ نفسيَّة.

 

ولا توجد وسيلةٌ لإشباع هذا الدافع الاجتماعي أحسنُ وأكملُ، إلاَّ في الأسرة في ظلِّ حياة زوجيَّة سعيدة.

 

رابعًا: يَربط علماء التَّحليل النفسي بين الهروب من الزَّواج والقلق، ويَرون أنَّ العزوبة الطويلة تَكمُن في طيَّاتها بعضُ آثار القلق، فالزواج يتطلَّب تحمُّلَ الفرد لمسؤوليَّات الأسرة؛ سواءٌ كانت مسؤوليَّاتٍ اقتصادية أم اجتماعيَّة، والإنسان المريض بالقلق يَهرب من المسؤولية، ويتوقَّع الشرَّ، ولا يَستشعر الطُّمَأْنينة في نفسِه؛ لذلك فهو يَهرب من الزواج أيضًا.

 

خامسًا: في حالاتٍ كثيرة يُخلِّص الزواجُ الفردَ من بعضِ الانحرافات النفسيَّة التي كان يُعاني منها في عزوبته.

 

فالأفراد الانطوائيُّون الذين يعيشون في أنفسِهم، عادةً ما تَنصلح أحوالُهم إذا انصرَفت طاقتُهم النفسيَّة إلى الخارج؛ حيث يجدون في تَبِعات الزواج أمورًا جديرةً بالتفكير فيها.

 

والأفراد الأنانيُّون إذا ما وجَدوا الزوجة والأولاد، وزَّعوا بحُكمِ الضرورة اهتماماتِهم - التي كانت موجَّهة نحو أنفسهم - إلى ذَوِي قَرابتهم.

 

سادسًا: ليس أقوى في الحياة الإنسانية من دافع الأُمومة لدى المرأة، والأُبوَّة لدى الرجل، فكثيرٌ من الشباب الذين يُضربون عن الزواج مدَّة طويلة في حياتهم، لا يَلبثون أن يجدوا أنفسَهم مَسُوقين - حين تتقدَّم بهم السنُّ - إلى الزواج.

 

ويُقال: إنَّ الفرد يجد نفسه في ابنه؛ أيْ: في طفله، وهو يعمل جاهدًا؛ ليَجعلَ من أبنائه أفرادًا ناجحين في المجتمع؛ لأنهم جزءٌ منه، والرجل يَشعر بالسعادة إذا تفوَّق عليه ابنُه، وهذا يدلُّ على أنَّ الإنسان يُؤثِر أبناءَه على نفسه، ولا يُوفِّر للإنسان هذه السعادة الكبرى إلاَّ الزواج.

 

سابعًا: أنَّ الزواج يُحقِّق الدَّافعَ إلى ثبات الذات، فالعزوبة الطويلة - كما بيَّنَّا - مَبعثُها القلق وعدمُ الشعور بالطُّمَأْنينة، وفِقدان الثِّقة بالنَّفْس؛ لذلك قد يكون الزواج دعمًا لثقة الإنسان في نفسه، فهو يَشعر بأنه شخصٌ سَوِيٌّ، وأنه يُسهم في بناء مجتمعه بالزَّهو عندما يُنجب ويُصبح وَحْدةً مُنتجة، وكذلك عندما يُحقِّق أبناؤه نجاحًا ملحوظًا في الحياة.

 

أمَّا إذا كان الشابُّ العَزَب حسَنَ الحظِّ، فلم يُصَب بالمرض، فما زال هناك خوفٌ شديد على حياته، فهو مثلاً أكثرُ تهوُّرًا، ومِن ثَمَّ فهو أكثر تعرُّضًا للحوادث من الرجُل المتزوِّج، والإحصاءات تُقَدِّم لنا الدَّليل الذي لا يَقبل الشكَّ.

 

ومعظم المُضربين عن الزواج يُعَلِّلون إحجامهم بأنَّ 33 % من الزِّيجات غالبًا ما تنتهي بالفشل، والرجل الذي لا يريد أن يتزوَّج إلاَّ على أساس تَحقُّق النجاح الكامل لكلِّ الزيجات - رجلٌ يَنقصُه التَّفكير والعقل السليم!

 

إنَّ أيَّ عملٍ في العالم لا يَستطيع مخلوقٌ أن يضمنَ نجاحه التامَّ، فكيف نُحقِّق هذا النجاح الكامل لكلِّ الزِّيجات؟ فالأجْدَر بمثْل هؤلاء الناس أن يتأمَّلوا الحقيقة الأخرى التي تقول: إنَّ فوائدَ الزواج أكثرُ ألفَ مرَّة من مضارِّه.

 

إنَّ الزواج ضرورةٌ للرجل، وإلاَّ فلماذا يعود الرجال الذين تَنتهي حياتُهم الزوجيَّة بالطلاق للزواج من جديد، كما أنَّ بعضهم لا يكتفي بواحدةٍ، بل يتزوَّج اثنين أو ثلاثًا؟!

 

نستطيع أن نقول أيضًا: إنه إلى جانب النواحي الفسيولوجيَّة، هناك أيضًا الجوانب الوجدانيَّة والعاطفيَّة التي تُكمل الصورة.

 

إنَّ الرجل المتزوِّج أقدرُ على تحمُّل صدمات الحياة المتوالية دون أن ينهارَ؛ ولذلك نجد أن الغالبيَّة العُظمى ممن يَحلُّون ضيوفًا على مستشفيات الأمراض العقلية من غير المتزوِّجين.

 

ولقد جمَع الإسلام كلَّ تلك المميزات السابقة التي أوْرَدناها من أبحاث العلماء والمُفكرين، مُبَيِّنًا قيمةَ النواحي النفسيَّة والفسيولوجيَّة للرجل عندما يتزوَّج، في قوله - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دعوة إلى الزواج
  • الزواج والمهور
  • الشباب الملتزم والزواج
  • الزواج .. نعمة
  • الدعوة إلى تيسير الزواج
  • مهر الزواج وتيسيره
  • لماذا التفكير في الزواج؟
  • من أهداف الزواج في الإسلام
  • أدلة مشروعية الزواج

مختارات من الشبكة

  • حوار الدكتور محمد مختار المهدي حول بناء الأسرة والزواج في الإسلام (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار الدكتور محمد مختار المهدي حول بناء الأسرة والزواج في الإسلام (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الهند: مقتل نائبة برلمان لاعتناقها الإسلام والزواج من مسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب