• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

الجفاف في إفريقيا .. القنبلة الموقوتة

الجفاف في إفريقيا .. القنبلة الموقوتة
محمد الزواوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/8/2013 ميلادي - 24/9/1434 هجري

الزيارات: 30462

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجفاف في إفريقيا

القنبلة الموقوتة


المياه عَصب الحياة وشريانها النابض؛ عليها تقوم الدول، وبدونها تشتعل الحروب؛ فهي إكسير الحياة لمخلوقات الله على الأرض، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30].

 

معادلة المياه لها محدّدات كثيرة؛ فالمياه تعني الزراعة والرعي، ومن ثَمَّ ازدهار الاقتصاد، فبسْط السيادةِ على المناطق المجاوِرة، وفِقدانُ المياه يعني الموت، والنزوح الجماعي، والهجرة، وانتشار اللاجئين، وتصدير المشكلات إلى دول مجاوِرة، وقد تَصِل الأزمة إلى الانزلاق نحو شفير الحرب.

 

وتُعَد قارة إفريقيا من أشد مناطق العالم جدبًا، وأكثرها فقرًا في مصادر المياه، وكان للاحتلال الغربي لقارة إفريقيا دور كبير في تصعيد أزمة المياه فيها وتعميقها، فبعد أن نهَب ثرواتِ القارة وترَك سكانها فقراء، قسَّمها تقسيمًا جغرافيًّا يَضمَن تفجير الخلافات الدينية والعِرقية والجغرافية، وكانت مصادر المياه محورًا أساسيًّا في هذا التقسيم؛ مما جعل المياه ومناطق الرعي مصدرًا للقلاقل والحروب بين العديد من دول إفريقيا، لا سيما وسطها.

 

يتكوَّن مخزون المياه بالقارة الإفريقية من البحيرات العظمى، وهي مجموعة من البحيرات العَذْبة، مثل بحيرة فيكتوريا التي يَنبع منها نهر النيل، وهي ثاني أكبر بحيرة مياه عَذْبة في العالم من حيث مساحة سطحها، وبحيرة تانجانيقا، وهي ثاني أكبر بحيرة في العالم من حيث حجم المياه وعُمْقها، وهناك بحيرات أخرى أصغر حجمًا، وهي بحيرات: تشاد، ومالاوي، وتوركانا، وألبرت، وكيفو.

 

وتتوسَّط البحيرات العظمى الدول الآتية: بوروندي، ورواندا، والشمال الشرقي للكونغو الديموقراطيَّة، وأوغندا، وشمال غرب كينيا، وتنزانيا، كما تُحيط بدول زامبيا، ومالاوي، وموزمبيق، وإثيوبيا.

 

وبسبب كثافة السكانِ والوفرة الزراعية في تلك المنطقةِ؛ قامت دول الاستعمار الأوروبي بتقسيمها إلى دول صغيرة نسبيًّا، شهِدت العديد من الحروب البينية والأهليَّة في معظم مناطقها، ما عدا تنزانيا التي نجت من أتون تلك الحروب وآثارها، وظلَّت المناطق الأخرى تُعاني الفقر حتى يومنا هذا.

 

وهكذا عمِل الاستعمار على تَفاقُم مشكلات الأفارقة بتقسيمه السياسي والجغرافي لدول القارة على أساس مصادر المياه؛ مما جعل فتيلَ الحروب يشتعل الفينة بعد الفَيْنة على مصادر المياه والأنهار، وعلى المراعي، أو بسبب نَصْب السدود، أو بسبب الاختلاف حول توزيع حصص المياه ومناطق الرعي.

 

وإضافة إلى البحيرات العُظمى هناك الأنهار، مِثل: نهر النيل - وهو أهم أنهار القارة - ونهري النيجر وفولتا في الغرب، ونهر زامبيزي في الجنوب.

 

وبخلاف البحيرات والأنهار تَعتمِد قارة إفريقيا بصورة أساسيَّة على الأمطار الموسميَّة في الرعي والزراعة، لكن في ظلِّ عدم استقرار أجواء كوكبنا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري؛ فإن مواسم الأمطار أصبحت أكثر تقلُّبًا؛ إذ تسبَّبت الحرارة الزائدة في غلافنا الجوي في حدوث تغيرات في المناخ، وفي نِسَب بَخْر المياه وتكوُّن السُّحب، وهو ما أدَّى إلى قلة هطول الأمطار في كثير من مناطق العالم، وعلى رأسها إفريقيا، وزيادة نِسبة جفاف الأرض الزراعية وتصحُّرها.

 

الجدب والتصحر:

من المعروف أن التصحُّر وجفاف الأرض من أهم الأسباب البيئيَّة لهجرة البشر، وتحوُّلهم إلى لاجئين حول مناطق المياه والرعي، كما أنهما يُشعلان التقاتل على المصادر الطبيعية المتقلِّصة والغذاء؛ مما يُسفِر عن المجاعات، وعدم الشعور بالأمان، وتدمير المدن والقرى، وإحداث عدم توازُن بيولوجي، وزيادة القلاقل الاجتماعية والاقتصادية، والفقر المُحتم.

 

ويؤدي الجفاف والتصحُّر إلى حدوثِ خسائر عظيمة لقارة إفريقيا، لا يقاسي مرارتَها إلا الفقراءُ واللاجئون، وبخاصة النساء والأطفال، وقد شهِدت القارة السمراء بسبب نُدرة المياه العديد من المجاعات الفتَّاكة، والتي أدَّت إلى انتشار ظاهرة الاعتلال الصحي والموت جوعًا، وأصبح الإنسان في إفريقيا فريسة سهلة لسماسرة الموت، والمنصِّرين، وكلِّ مَن يتاجرون بآلامهم.

 

والإنسان الإفريقي نفسه له دورٌ في تعميق آثار هذا الجفاف والتصحر بممارساته غير المسؤولة؛ مِثل: قطع الأشجار، وإزالة الغابات، وزيادة استهلاكِ الماشية للمراعي، واستعمال الوسائل الخاطئة أو غير الجيدة في حصاد المزروعاتِ، والتي تُقلِّل من احتفاظ التربةِ بالمياه، والعمل بأساليب خاطئة في استخدام التربة، كالإفراط في الزراعة، ويؤدي هذا كله في النهاية إلى جدْب الأرض وجفافها، كما أن سوء إدارة الموارد المائيَّة والإدارة الزراعية يتسبَّب في إهدار كميَّات عظيمة من المياه، وإقفار الأرض؛ مما نَتَج عنه أزمة غذاء أدَّت بدورها إلى حروب وقلاقل حصدت أرواحًا لا حصر لها في العقود الأخيرة.

 

وإذا كان ما سبق كافيًا وحده في إثارة المخاوف على حاضر القارة ومستقبلها، فإن المشكلات لم تَقِف عند هذا الحد، فقد أصبح العالم اليوم يعيش في خضمِّ أزمة ارتفاع أسعار الغذاء والحبوب، حيث قفزتْ تلك الأسعار إلى أرقامٍ لم يَشهَدها العالم منذ سنوات طويلة، وهو ما يَزيد من خطورة الأزمةِ في القارة الإفريقية - انظر الجدول - فقد أكَّدت منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) التابعة للأمم المتَّحِدة، أن زيادة أسعار الغذاء أدَّت إلى كارثة غذاء في ست وثلاثين دولة، معظمها في إفريقيا، وكلها بحاجة إلى إعانات عاجلة، كما أعلن البنك الدولي بأن "المجاعات هي أكبر مشكلة منسيَّة في العالم"، وأشار البنك إلى أن أسعار الغذاء العالمية ازدادت بنسبة 75 % منذ عام 2000م، بزيادة في أسعار القمح وحده وصلت إلى 200%[1].

 

العام

متوسط أسعار

المواد الغذائية

لحوم

ألبان

حبوب

زيوت

ودهون

سكر

2000

92

100

106

85

72

105

2001

94

100

117

87

72

111

2002

93

96

86

95

91

88

2003

102

105

105

98

105

91

2004

113

118

130

108

117

92

2005

116

121

145

104

109

127

2006

126

115

138

122

117

190

2007

156

121

247

168

174

129

2007

أكتوبر

174

122

297

197

202

128

نوفمبر

179

126

302

199

221

130

ديسمبر

186

123

295

219

226

137

2008

يناير

195

126

281

234

250

154

فبراير

215

128

278

277

273

173

مارس

217

132

276

276

285

169

أبريل

214

132

266

278

276

161

مايو

215

142

265

270

280

155

يونيو

219

144

263

273

292

156

يوليو

213

143

264

255

273

183

أغسطس

201

146

247

240

230

188

سبتمبر

188

144

218

226

209

174

أكتوبر

164

135

193

190

165

153

 

جدول يوضح الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية والحبوب في السنوات الأخيرة المصدر: منظَّمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية (الفاو).

 

وتُعَد منطقة جنوب الصحراء وشرق إفريقيا أشد المناطق جدبًا على الإطلاق، وكثير من الحروبِ اندلعتْ في إفريقيا بسبب المياه والتنافس على مناطق الرعي والري، كما كان الفقرُ والتخلف سببًا في تعميق جراح الأفارقة، فقد عجزوا عن استثمارِ ثرواتهم المائية واستغلالها، بل عجزوا عن الحِفاظ على الأرض الخِصبة التي كانوا يَمتلِكونها؛ حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نِسَب الأرض الخِصبة قد تقلَّصت بصورة كبيرة بسبب الجدْب والجفاف، ففي عام 2004م قدَّرتْ لجنة مكافحة التصحر التابعة للأمم المتحدة، أن إفريقيا فقدتْ ما يَقرُب من ستة ملايين هكتار من الأرض الزراعيَّة سنويًّا منذ عام 1990م؛ بسبب جفاف الأرض، ولا تزال الأرض الخِصبة في تقلُّص، حتى وصلت الخسائر المالية في مستوى الدخل إلى 42 مليار دولار سنويًّا.

 

ومن المتوقَّع أن تَفقِد إفريقيا ثلثي أرضها الصالحة للزراعة بحلول عام 2025م، ويؤدي جفاف الأرض حاليًّا إلى خسارة أكثر من 3% سنويًّا من إجمالي الدخل القومي من الزراعة في دول جنوب الصحراء الإفريقية، ففي إثيوبيا على سبيل المثال كانت خسائر الدخل القومي تُمثِّل 130 مليون دولار سنويًّا، وفي أوغندا انخفضت إنتاجيَّة الأرض بسبب تزايد الأرض القاحلة، مما هدَّد بحدوث فوضى في اقتصاد البلاد وازدياد الفقر.

 

كما تشير الأرقام إلى تقلُّص واحدة من أكبر بحيرات إفريقيا، وهي بحيرة تشاد، في السنوات الماضية؛ بسبب سوء الممارسات الزراعيَّة والرعوية، وتقلُّص البحيرة أدى إلى زيادة التوترات بين الرعاة والمزارعين وصائدي الأسماك في الدول الإفريقية الأربعة التي تُطِل عليها، وكانت مساحتها في الستينيات 25 ألف كيلو مترًا مربَّعًا من المياه، لتَفقِد اليوم 90% من مياهها؛ بسبب الجفاف والتصحر، وغياب الإدارة الحكوميَّة للمياه، وبسبب الممارسات الزراعية السيئة.

 

تقول (أليس لي) - مسؤولة الفضاء الخارجي بالأمم المتَّحِدة، والمسؤولة عن مراقبةِ الأرض بالأقمار الصناعية - في ندوة عُقِدت مؤخَّرًا بشأن تطبيقات مراقَبة التغيُّر المناخي وأثرها في النمو الزراعي والأمن الغذائي: إن بحيرة تشاد على وشك الجفاف بصورة تامَّة؛ بسبب الاحترار والنشاطات الإنسانيَّة في المنطقة، وإذا لم تُتَّخَذ إجراءات سريعة، مع الاستعانة بصور الأقمار الصناعيَّة، فإن إفريقيا سوف تتحوَّل إلى صحراء كبيرة قريبًا، تَعِج بمشكلات كبيرة فيما يتعلَّق بتوفير الغذاء، وارتفاع نِسب الفقر إلى مستويات غير مسبوقة.

 

كما أن الجفاف كان له النصيب الأكبر في حصْد الأرواح وفي الخسائر الاقتصادية التي مُنيت بها إفريقيا؛ فقد أدَّى الجفاف في زيمبابوي بين عامي 1990م و1991م إلى انخفاضٍ قدره 45% في الإنتاج الزراعي، كما أدَّى إلى تدهورٍ بقيمة 62% في سوق الأسهم، وانخفاض قدره 9% في منتجات التصنيع، وانخفاض قدره 11% في الناتج القومي، وكان سببًا في 80% من حالات الوفاة بالبلاد.

 

وفي كينيا أدَّى جفاف السنوات العشر في الفترة من 1991م إلى 2001م إلى خسائر اقتصادية قُدِّرت بنحو 2.5 مليار دولار، وهي خَسارة ضخمة إذا قُورِنت بالناتج القومي الإجمالي للدولة، وكان يُمكِن استثمار تلك الأموال في بناء المدارس والمستشفيات[2].

 

وقد أَعدَّ باحثان من (جامعة ويسكونسن الأمريكية) دراسة عن تقلُّص بحيرة تشاد، نُشِرت في دوريَّة الأبحاث الجيوفيزيائية، خلَصت الدراسة إلى أن تقلُّص البحيرة يرجِع في المقام الأول وبصورة مباشرة إلى النشاطات والممارسات الإنسانية السيئة لسكان تلك المنطقة، والعدد المتزايد من السكان، وأكَّد الباحثان (جوناثان فولي) و(مايكل كوي) أن هناك العديد من الأسباب العامة وراء تلك الظاهرة، مثل ارتفاع حرارة الأرض، وزيادة بخر المياه دون تعويض موازٍ من الأمطار، واعتمد الباحثان على نماذج حاسوب وصور من الأقمار الصناعية، قدَّمتها لهم شبكة ناسا الأمريكية لأبحاث الفضاء.

 

ولأن معظم سكان قارة إفريقيا يعيشون في أرض هامشية في المناطق النائية، ويمارسون عمليات الزراعة المعتمدة على مياه الأمطار؛ فإن التصحر يهدد الإنتاج الزراعي في تلك الأرض، ويفاقم مشكلة الفقر، ويقوض التنمية الاقتصادية.

 

ومن المتوقَّع أن يزداد الفقر والتصحر في كثير من الدول الإفريقيَّة في القرن الحادي والعشرين، وخصوصًا مع عجز مُعظم الحكومات عن زيادة الإنفاق على الإنتاج الاقتصادي والزراعي لقيادة التنمية الاقتصادية والحضريَّة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن إفريقيا بها 13% من سكان العالم (800 مليون نسمة)، ولكن إنتاجها في المقابل يُمثِّل 2% فقط من الإنتاج الإجمالي لدول العالم، وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن 650 إنسانًا يموتون يوميًّا في إفريقيا بسبب الجفاف، معظمهم من الأطفال دون الخامسة، كما أن هناك 14 دولة في القارة تُعاني نُدْرة في المياه، ومن المتوقَّع أن يَنضمَّ لها 11 دولة أخرى بحلول عام 2025م، وسيعاني 50% من سكان إفريقيا نُدرة المياه، ويُقدَّر عددهم في ذلك الوقت بنحو 1.45 مليار نسمة.

 

وهناك ستة أمراض على الأقل متعلِّقة بالمياه يُعانيها أكثر من نصف سكان القارة، وعلى سبيل المثال أصيب أكثر من 10 آلاف شخص بالكوليرا التي تَنتشِر عن طريق المياه الملوثة، وذلك عندما انتشرت في جنوب القارة عام 2001م[3]، ويفتقر حاليًّا 51% من سكان دول جنوب الصحراء البالغ عددهم 300 مليون نسمة إلى إمدادات مياه الشرب، في حين يفتقِر 41% منهم إلى المياه الصحيَّة.

 

وبالرغم من أن إفريقيا فيها كثير من مصادر المياه، مِثل الأنهار الكبيرة كأنهار النيل والكونجو وزامبيزي والنيجر، إضافة إلى بحيرة فيكتوريا التي تُعَد ثاني أكبر بحيرة مياه عذبة في العالم، فإنها ثاني قارة من حيث معدَّلات الجفاف بعد قارة أستراليا، ولكن مشكلة الأخيرة لا تكاد تُذكَر بسبب قلَّة السكان، أما الأفارقة فيُعاني الملايين منهم نُدرةَ المياه؛ بسبب اختلال توزُّع السكان، فعلى سبيل المثال يحتوي حوض نهر الكونجو على 30% من أرض إفريقيا المتشبِّعة بالمياه، لكن يَسكُنها 10% فقط من سكان القارة.

 

حروب المياه:

كل تلك المشكلات السابقة تُهدِّد بنشوب حروب المياه في السنوات القادمة، وأبرز تحدِّيات المياه تَكمُن في منابع النيل الذي يسقي مصر والسودان وسبع دول أخرى، حيث بدأت بعض دول النيل، مثل كينيا وأوغندا، والتي وقَّعت مع مصر اتفاقية منابع النيل، تُعلِن عن نيَّتها في الانسحاب من الاتفاقية، ونشرت صحيفة "سودان تايمز" في الثامن من نوفمبر 2008م أن كينيا اتَّهمت مصر والسودان بأنهما يَحتكِران مياه النيل، وأن اتفاقيَّة عام 1929م الموقَّعة بين مصر وبريطانيا بشأن استغلال مياه النيل لم تَعُد سارية، حيث تمنع تلك الاتفاقية كلاًّ من كينيا وأوغندا وتنزانيا وإثيوبيا والسودان من نَصْب مشاريع تتحكَّم في مياه النيل دون إذن مُسبَق من مصر، وهو ما يلوِّح ببوادر أزمة مياه بين مصر ودول منابع النيل، قد تتحوَّل في المستقبل القريب إلى مُعضِلة غاية في الخطورة، وخصوصًا إذا تدخَّلت إسرائيل والدول الغربية لإذكاء نار الحرب في تلك المنطقة الإستراتيجية بالنسبة إلى الأمن القومي المصري.

 

ودعا وزير المياه الكيني مصر والسودان إلى توقيع اتفاقيَّة إضافية بشأن مياه النيل، إلا أن مصر والسودان رفضتا أحد بنود الاتفاقية ومن ثَمَّ توقيعها، ولكن دول حوض النيل السبعة وقَّعته، وهي بوروندي والكونغو الديموقراطية وإثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا، وحذَّرت كينيا من أنه سيتمُّ تطبيق الاتفاقية دون مصر والسودان، وهو ما يُنذِر بتأزم الموقف في منابع النيل.

 

ويبلُغ إجمالي مياه النيل سنويًّا ما مقداره 83 مليار متر مكعب، تبلُغ حصة مصر منها 55 مليارًا، وهي الحصة التي اتَّفقَت عليها مع بريطانيا التي كانت تُمثِّل آنذاك مستعمرات شرق إفريقيا، وتعتزم كينيا وتنزانيا انتهاك الاتفاقية وإقامة مشاريع تقوم بسحب المياه من بحيرة فيكتوريا، وهو ما يُمثِّل تهديدًا مباشرًا لحصة مصر من المياه.

 

وقد لعِبت الأيدي الصهيونيَّة في الخفاء في منطقة مياه النيل منذ سنوات طويلة، واستطاعت أن تُحقِّق نفوذًا ملموسًا في دول منابع النيل، وأقامت هناك مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فيكتوريا، كما استطاع الكِيان الصهيوني أن يحظى بتسهيلات عسكرية في بعض تلك الدول، فأنشأ فيها قواعدَ بحريَّة وجوية تابِعة له، والتاريخ يَذكُر المساعدات الإسرائيليّة من قواعدها بإثيوبيا في حرب 1967م، كما تستخدم إسرائيل الدول الإفريقية كمنصة تَجسُّس على الدول العربية، وتُصرِّف منتجاتها العسكرية هناك، وتدرِّب قادة في الجيوش الإفريقية، كان من أبرزهم جون جارانج الذي كان رأس الحربة لمشروع تقسيم السودان، والذي تَحطَّمت طائرته في جنوب البلاد في الأول من أغسطس عام 2005م.

 

وكان الصهاينة منذ هرتزل عام 1903م يَحلُمون بالحصول على مياه النيل، فقد تقدَّم مؤسسُ الكِيان الصهيوني بطلب إلى الحكومة البريطانيَّة في ذلك العام لإنشاء مشروع لمد فلسطين بمياه النيل عبر صحراء النقب وسيناء، وتَجدَّد ذلك الحُلم في سبعينيات القرن الماضي؛ لكنه قوبل برفض قاطعٍ من مصر، إلا أن ذلك الحُلْم لا يزال يُداعِب مُخيّلة الصهاينة حتى اليوم بسبب نُدرةِ المياه في كِيانهم؛ لذا التفُّوا حول تلك المطالب بزيادة نفوذهم في دول منابع النيل، وإقناعها ببناء السدود على النهر؛ لتقليل حصة مصر من المياه، ووعدهم بالدعم السياسي والدبلوماسي.

 

ولهذا تَظلُّ مشكلة المياه في القارة السمراء قضيَّة حياة أو موت لكل الأفارقة من الشمال إلى الجنوب، وتظل المياه هي شريان الحياة الذي يمد دول القارة بسبب وجودهم، ومع ارتفاع حرارة الأرض، وتقلُّب مواسم الأمطار، وإمساك السماء لمياهها، ومع ازدياد عدد سكان القارة، وزيادة عدد الماشية، سوف يتحوَّل الجميع إلى البحيرات والأنهار لإرواء ظمئهم، وتظلُّ منسوبات تلك الأنهار والبحيرات في انخفاض حتى يأتي ذلك اليوم الذي يَدقُّ فيه ناقوس الخطر مؤذِنًا ببَدء جولة جديدة من الصراع حول مصادر المياه.

 

مجلة قراءات إفريقية، العدد الثالث، ذو الحجة 1429هـ



[1] المصدر: منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية (الفاو).

[2] المجلس العالمي للتنمية المستدامة.

[3] الصندوق الدولي للمحافظة على البيئة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجفاف الشديد ينبئ بحدوث فيضانات سريعة في أفغانستان
  • الكوكب الأرضي في طريقه إلى الجفاف!!
  • الفقر في إفريقيا .. خصوصيته وإستراتيجية اختزاله
  • الدعوة الإسلامية المعاصرة في غرب إفريقيا ( معوقات وحلول )
  • هل ننتظر قنبلتك هيروشيما ؟!

مختارات من الشبكة

  • الجفاف العاطفي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسلمو أستراليا يساعدون متضرري الجفاف بكوينزلاند(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المياه العربية بين تحديات الجفاف وضرورات ترشيد الاستهلاك(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجفاف من منظور اقتصادي(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الجفاف العاطفي مع المرأة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجفاف العاطفي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ميانمار: الجفاف يهدد عشرات الآلاف بولاية أراكان بأمراض خطيرة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فرنسا: مسلمو فرنسا يؤدون صلاة الاستسقاء بسبب حدة الجفاف(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ندرة المياه؟!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • جفاف المشاعر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب