• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات تاريخية
علامة باركود

إفريقيا : كانت .. وينبغي لها أن تكون

مجلة قراءات إفريقية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2013 ميلادي - 3/9/1434 هجري

الزيارات: 6744

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إفريقيا

كانت.. وينبغي لها أن تكون


الحمد لله الكبير المتعال، ذي العزة والجلال، والصلاة والسلام على النبي المفضال، والصحب والآل، وبعد:

فبات من المهم التذكير بأمور ربما طواها النسيان، فيما يتعلق بقارة الإسلام (إفريقيا)؛ من حيث تاريخها وكفاحها، وحقوقها وحاجاتها، وبخاصة في زمن تداعت أمم الكفر على القارة من جديد، في الوقت الذي شُغل فيه أهل الإسلام بأنفسهم، وغلب العجز على كثير منهم اختيارًا أو اضطرارًا.

 

ولعل حديثًا حول ذلك ينتظم في عدة محاور، تفصح عن أهمية هذه القارة المهملة، وتكشف عن موقعها من التاريخ والواقع الدولي، وتوضح الواجب حيالها على أمة الإسلام.

 

أولاً: أمة.. وتاريخ:

لم تكن إفريقيا وثنية..، بل كانت على التوحيد الذي هو الأصل في البشرية، قبل طروء الشرك والكفر، ثم دخلها الإسلام منذ قرنه الأول، لما وطئت القارة أقدامُ مهاجري الحبشة رضي الله عنهم، ثم استقر الإسلام في بعض بلدانها إبَّان فتوحات المسلمين، ولم يلبث الأمر حتى انساح المسلمون بتجارتهم، ودعوتهم في عمق إفريقيا.

 

حفل تاريخ القارة بأعلام من العلماء والدعاة والمصلحين والمجاهدين المجددين الذين صنعوا تاريخ القارة، وبنوا مجدها، أمثال: عثمان بن فودي، وعبدالله بن ياسين، وساموري توري، والحاج عمر وابنه أحمد، والقائد رباح، وعبدالقادر الجزائري، وماء العينين، وعبدالكريم الخطابي، وعمر المختار.. وغيرهم، رحمة الله عليهم.

 

عرفت إفريقيا حضارةَ الدولة منذ أمد، وقامت لأهلها ممالكُ في القرن الثاني الهجري.

 

ومن أبرز الممالك الإفريقية في غرب إفريقيا مثلاً: مملكة غانا، التي زارها وهب بن منبه عام 137هـ، والفزاري عام 200هـ، وسمَّاها: أرض الذهب، وقد كانت دولة قوية، نشأت على أساس تجاري اقتصادي متين؛ مما شجع المسلمين على ولوجه، حتى كانوا سببًا في إسلام كثير من ملوكها وأهلها، وصار أكثر سلاطينها ووزرائها مسلمين.

 

اشتهرت بالذهب والحديد، وصناعة الأسلحة والتجارة المنظمة، وأظهر أهلها قدرتهم على تدبير شؤونهم، حتى شهد بعض منصفي الغرب بأن حضارة تلك البلاد في العصور الوسطى لم تكن دون حضارة البِيض[1].

 

وامتدت مملكة غانا إسلامية إلى القرن الخامس الهجري، حتى ورثتها دولة المرابطين في الشمال الإفريقي التي حفِظ الله بها الأندلس للمسلمين أربعة قرون.

 

كان من فضل مملكة غانا تمهيدُها لقيام ممالك تالية؛ كمملكة مالي الممتدة عبر قرون أربعة، التي اضطلعت بدور عظيم في نشر الإسلام، والتي وجد في مدينة واحدة من مدنها (مدينة جني): 4200 (عالم مسلم)[2]، ثم قامت على تركتها مملكة سنغاي، التي امتدت إلى القرن الثاني عشر الهجري؛ حيث استلم الزمام (الفولانيون) أنصار دعوة الشيخ عثمان بن فودي، الذي أقام دولة سوكوتو، والتي قضى عليها الاحتلال البريطاني أوائل القرن الرابع عشر الهجري، عام 1900م.

 

ثانيًا: استهداف.. وابتزاز:

تقاسمت الدول الاستعمارية إفريقيا في مؤتمرها الذي عقدته في برلين عام 1282هـ/ 1884م، وتعاهدت فيه على احتلال العالم الإسلامي، ونصت قرارات المؤتمر على أنه لا يكفي إعلان الحماية على بلد ما دون احتلاله فعليًّا[3]، وكان ذلك واقعًا عانت منه القارة كغيرها دهرًا.

 

ولعل الإنجليز لم يفتقروا إلى نية إبادة الأفارقة في بلدانهم، أسوة بما فعلوه بالهنود الحمر في أمريكا لولا لطف الله بهذه القارة، ومن الطريف أن الصحفي الألماني (يواخيم برناو) يرى أن العائق عن استيطان الإنجليز القارة وإبادة أهلها: آفتا إفريقيا؛ الملاريا، وذبابة التسي تسي[4].

 

ليس الحال اليوم بأفضل من ذي قَبْل، ويكفي برهانًا واحدةٌ من ثلاثِ إشارات:

القمة الأوروبية الإفريقية الأولى، عام 2000م، جاءت لتحقيق الأولويات الأوروبية لا الإفريقية، من الوصول إلى الموارد الطبيعية، والمواد الأولية، وإيجاد أسواق لتسويق المنتجات، وما يتطلبه الحفاظ على تلك المصالح من مواجهة للإسلام، وعلاج للهجرة الإفريقية إلى أوروبا، وتسابق ضد النفوذ الأمريكي[5].

 

الشراكة الإفريقية الأمريكية بدأت عام 1998م، وكانت في جوهرها اقتصادية أمنية سياسية[6]، لا تنموية مدنية، أما المبادرة الأمريكية المطروحة قبل ذلك عام 1996م، فقد جاءت بعد محاولة أمريكا إحباط المبادرة الثلاثية الأمريكية الفرنسية البريطانية بالانسحاب منها، لتتفرد بمبادرتها القائمة على التدريب العسكري، والتموين الغذائي، والخدمات الإنسانية، وحين قوبلت بمعارضة فرنسية إفريقية عملت أمريكا على تفتيت التحالف الإفريقي، وتفكيك التحالف الفرنسي الإفريقي ليخلو الجوُّ لعملية استعمارية جديدة أمريكية مبطنة[7].

 

(الحرب على الإرهاب) التي استهدفت فيها: المؤسسات الخيرية بأعمالها الإغاثية، وبرامجها الدعوية، بالرغم من حداثة عهدها ومحدودية مواردها وأعمالها، بالنسبة لواقع التنصير الذي استغل الحرب لإزالة المعوقات، وفتح الطرق أمام برامجه ومنصريه، ثم جاء الاستنزاف الأمريكي بدفع الدول الإفريقية إلى العمل الأمني المشترك، والتدريب على مكافحة الإرهاب في سبع دول إفريقية[8]، وبذلك تمكنت أمريكا من توجيه الأعمال الأمنية والعسكرية في تلك البلدان، كما تمكَّنت من إدخال جنودها للعمل مع القوات الحكومية في محاربة كل من يريد "بوش" وحرسه أن يصِمَهم بالإرهاب!

 

فأي استهداف وابتزاز فوق هذا؟!

 

ثالثًا: طموحات.. ومحاولات:

سعت البلدان الإفريقية إلى التحرر، ورفعت لواء الاستقلال، وطرد المحتل، وكان لها ذلك تباعًا، في العقود المنصرمة، غير أن ذلك لم يوقف الاستهداف، ومحاولات التهميش والإضعاف المتزايدة المقترنة بعمليات الابتزاز، والنهب، والتسابق إلى السيطرة، وفرض السيادة، بأساليب المكر والخديعة والنفاق.. في ظل اكتشاف للثروات والطاقات.

 

والمجتمع الدولي اليوم يبصر تزايد آلام إفريقيا متفرجًا، وعلى أحسن تقدير، فإنه غير جادٍّ في وقف مشكلاتها، أو الحد منها، ولا غرو فهو المتسبب فيها أصلاً.

 

لا يُنتظر من العالم إذًا إلا مزيد من التجويع للقارة، واستنزاف خيراتها، واستمرار تخلفها، بطرق أكثر مكرًا، اللهم إلا إذا استثنينا بعض أصحاب الضمائر الحية التي تضعف عن مواجهة التيار في الأغلب، ممن يشك في وجودهم، أو تأثيرهم بالشكل الذي عرفته الجاهلية في حربها على الإسلام في مكة.

 

فلا خيار أمام القارة من الاعتماد على الذات، ومحاولة النهوض بالقدرات المتوفرة، دون انتظار فرَجٍ من عدو تسيِّره مصالحه الذاتية - أيًّا كان مستواها - على حساب حياة الآخرين وحريتهم.

 

ويمكنها اليوم أن تحمل لواء التحرر من التبعية، كما حملت لواء طرد المحتل، وبخاصة أن إفريقيا تملك مقومات نجاح كثيرة؛ فقد أودع خالقها في باطنها خيرات وبركات كثيرة، فهي غنية بثرواتها، فقيرة في مواردها وشعبها؛ بسبب ما كِيدَ لها، وقد قدَّم (مركز جنوب إفريقيا للشؤون الدولية) دراسات حول الأقفال المانعة من استثمار إفريقيا لخيراتها، والمفاتيح المؤدية إلى النهوض[9].

 

أقرَّ القادة الأفارقة خطة عمل "لاجوس" للتنمية في إفريقيا عام 2000م، بيد أن تطبيق هذا البديل أو غيره يحتاج أولاً إرادة سياسية إفريقية حديدية، كما أنه يتطلب اتخاذ مجموعة من التدابير السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمواجهة عمليات التهميش[10].

 

وهذا على كل حال ليس الخطوة الأولى للتغيير، بل الخطوة الأولى هي: التنمية المعنوية التي تسهم في حل المشكلة على المدى البعيد، كرفع مستوى الوعي، وإحياء التدين الصحيح، وتأهيل الكفاءات، والتطوير الشمولي الحقيقي، الذي يقوم به حمَلةُ رسالة، لا أصحابُ أهواء.

 

وهنا يأتي دور الأمة الخاتمة الشهيدة على الأمم.

 

رابعًا: مكانة.. وحقوق:

إفريقيا قارة الإسلام: لأنها القارة التي يشكِّلُ المسلمون أكثر من نصف سكانها، وهي قارة العرب؛ لأن أكثر من ثلثي العرب مستقرون في إفريقيا، ولئن حفل مشرق الإسلام بأعلام العلم، فلقد حفل مغربه أيضًا بحمَلةِ رسالة وعلمٍ ودعوة وجهاد.

 

ولإفريقيا أيضًا: مزيَّةُ قُرْبِ الجوار من مهبط الوحي؛ لكونها على الضفة المقابلة لمكة شرَّفها الله تعالى؛ فهي قريبة من قلب الأمَّة.

 

ولإفريقيا ثالثًا: واجب الأخوة الإسلامية العامة، المستلزم للنُّصح، والنصرة والتعاون.

 

ولها رابعًا وبشكل أخصَّ: واجب رعاية الضعفاء قليلي الحيلة ممَّن لا يُفطَن لهم، ويتجرَّأُ الناس على حقوقهم، وهم كثرةٌ في إفريقيا.

 

وبعد هذا لا يقال: لماذا نهتمُّ بإفريقيا؟ إذ الاهتمامُ بها أمر ظاهرُ الفضل والوجوب، والتفريط بها تفريطٌ بموطن هام من مواطن الإسلام.

 

ولعل السؤال الصحيح هو: لماذا نُهمل إفريقيا؟ ومَن يتحمَّل مسؤولية ذلك؟


خامسًا: احتياجات.. ومتطلبات:

لعل أبرز جوانب العناية التي ينبغي أن يضرب الجادون فيها بسهمٍ:

1- ترسيخ المنهج الإسلامي الصحيح النقي؛ حيث اقترن الإسلامُ في القارة الإفريقية بالتصوف، في كثير من الأحيان؛ فهي أحوج ما تكون لتصحيح المسار العقدي والمنهجي، وفِقْهِ الإسلامِ على حقيقتِه التي أنزلها اللهُ - تعالى.

 

2- دعم التعليم الإفريقي بالمناهج الإسلامية الإفريقية، وإعداد المعلمين، وتطوير الإشراف، مع السعي لاستمرار المِنَح الدراسية في البلدان الإسلامية، والعناية بطلاب المنح.

 

3- إحياء البُعد التربوي في القارة، واستثمار بعض الفرص المحلية في تنميته، مثل: المحاضن المنزلية الخاصة ببعض طلبة العلم، والدعاة الذين يستضيفون عددًا من الطلاب في بيوتهم استضافة كاملة سنين عَددًا.

 

4- إنشاء معاهد إعداد الدعاة في إفريقيا، سعيًا في (أفرقة) الدعوة، بصناعة رجالها من أبناء القارة؛ ليحملوا الرسالة بلسان قومهم، وهي الطريق التي نهجها النصارى في عملهم؛ إذ على الرغم من طروء النصرانية وحداثتها، فإنها رفعت شعارًا خطيرًا: (إفريقيا نصرانية عام 2000م)، وما كان لها أن ترفعَه لو اكتفت بمنصِّريها، مهما كانت أعدادهم؛ ولذا عملت على أفرقة النصرانية والكنائس، وأوجدت من الأفارقة منصِّرين وقساوسةً، ولا زالت تحثُّ السَّير بعد تمديد الخطة إلى عام 2025م.

 

5- كتابة تاريخ القارة الإسلامي، وإبراز أصالة الإسلام، وطروء النَّصرانية، وكشف الحضارة التي نشأت إبَّان ممالكه، ودور المغتصب النَّصراني في إضعافِها وإسقاطها، ثم سرقة أهلها، واستعبادهم، ثم احتلال أوطانهم ونهب خيراتهم، وإبراز سِيَرِ رموز القارة؛ من العلماء، والدعاة، والمصلحين، والمجاهدين المجدِّدين الذين صنَعوا تاريخ القارة، وبنَوا مجدها.

 

6- العناية بالجوانب التنموية والحضارية، والإنسانية تطويرًا وتدريبًا، بشكل مؤسسي وحكومي وفردي، إسهامًا في رفع الحاجة الملحة التي يدخل المنصِّر من خلالها، وهي: الجهل، والمرض، والفقر.

 

7- إنشاء حركة تجارية حديثة تهدف إلى دخول القارة، وإنمائها في شتى الجوانب؛ لمزاحمة المدِّ التنصيريِّ الذي أرادت ذراعُه الاستعماريةُ احتواءَ التِّجارة لتمرير مخططاتِه عبْرها، زاعمًا إرادتَه تحريرَها[11].

 

8- الاهتمام الخاص من قِبَل الرموز الإسلامية من علماء ودعاة، والقيام بزيارة القارة، والتواصل مع أبنائها بشكل مباشر، واستثمار شبكة العلاقات التي تورثها العولمة الاقتصادية بين الدول بقصد، أو بغير قصد.

 

ولا زال أبناء القارة يذكرون زيارة شيخ الأزهر (جاد الحق) في وقته لكلٍّ من نيجيريا، والصومال، والسنغال، والمغرب، ويعيشون على ذكراها، وكذا زيارات الشيخ (محمد محمود الصواف) إلى جُلِّ الديار الإفريقية بتكليف من الملك فيصل لزيارة الأقطار الإسلامية، والتعرف على أحوالها، بل إن زيارات الزعيم الليبي ذات الطابع والبُعد السياسي تُلقي ببعض الظلال الدَّعَوية؛ نظرًا لِما يقوم به أثناءها من خُطبٍ بالجوامع الكبرى[12].

 

ولعل الشعور بالنقص الذي خلَّفه المحتلُّ في نفوسِ كثيرين من أبناء القارة - إضافة إلى العاطفة الإسلامية، والبساطة - كان وراء تلك الحفاوة بتلك الزيارات.

 

9- إصدار الكتب والدوريات المتعلقة بها، والتواصل الحميم عبر الشبكة الإلكترونية مع الرموز والقيادات والمثقفين، بترجمة بعض المواقع والصحف الإلكترونية إلى اللغات الحية، إن لم يمكنْ إنشاؤها أصالة، مع توجيه الباحثين الأفارقة إلى الموضوعات الأَولى بالدراسة والبحث، سواءٌ عبر الرَّسائل الجامعية، أم مراكز البحوث المطلوب إنشاؤها.

 

10- التصميم على مواصلة العمل الدعوي والخيري، ومواجهة الهجمة الشرسة على العمل الخيري التي هي في حقيقتِها جزءٌ من المخطط التنصيري، المسعِّر للحرب على الإرهاب التي نحَتْ في مرحلتِها الثانية منحَى محاربةِ الجمعيات الخيريَّة بوَصْمِها بالإرهاب، وإدراجها ضمن اللائحة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، ثم القيام بموجب ذلك بحظرِ تمويلها ومصادرة أموالها، في سياسة رهيبة لتجفيف المنابع الدَّعوية، وفتح للطريق أمام العمل الكنسي التنصيري الاستعماري الكبير.

 

أمام تلك الحالة لم يعُدْ من السهل الدعم المباشر للعمل الدَّعوي في إفريقيا ونحوِها، وصار الخيارُ الأمثل - وهو الأجدى من قبلُ ومن بعدُ - الأخذَ بالأسباب التي انتشر الإسلامُ عن طريقِها أولَ الأمر؛ من تفعيل الواقع المحلي والمحليين للقيام بدورهم، والقيام بدعمهم؛ حيث يثير التدخُّلُ الخارجيُّ المباشرُ المخاوفَ.

 

والواجب على كل حال:

التحلي بالتفاؤل يقينًا بغلبة الإسلام، وأن أعداءه بقدر ما تُفتَح أمامهم الأبواب بقدر ما يعانون؛ بسبب عجز عقائدهم عن إشباع الحاجة للتديُّن، وتخلُّف تشريعاتهم عن إصلاح الحياة، وهذا ما يفسِّر الإقبالَ الكبير على الإسلام، حتى إن تقريرًا يفيد بأن كل عشرة يتحولون عن عقائدهم التقليدية: يدخل تسعةٌ منهم الإسلامَ، وواحدٌ النَّصرانيةَ[13]!

 

يكفينا تفاؤلاً:

منجزات المؤسسات الخيرية المعدودة، وآثارها المباركة في الساحة الإفريقية، بالرغم من محدودية الإمكانات والكفاءات.

 

لكن التحدي الأكبر: هل نحن جادون في التعامل مع المرحلة؟ وهل نأتي البيوت من أبوابها؟

 

قد ولَّى العهد الأول من العمل الدعوي في القارة، فلا مكان للعمل الذي يُدار من الخارج، ولا سبيلَ إلى القدوم من الخارج.

 

والقضية تواجه تحديات كبرى، تتطلب ابتداءً أمرين: تفتيق الأذهان عما يمكنُ عملُه، مع العمل على تحقيقه بجدية وقوة، واستمرار اللجوء إلى الجليل الكبير - سبحانه وتعالى.

 

ومما يلفت النظر في المؤتمر التنصيري التاريخي (كولورادو) عام 1978م: أن القائمين به توفَّر لهم الأمران: جدية في الطرح والعمل، ثم اللجوء إلى الرب! وقد كان ذلك معلَمًا بارزًا أفرزته ضخامةُ الهدف، وشدَّةُ التحدي.

 

إن في هذا لعبرةً لأهل الإسلام!

 

سادسًا: آفاق التغيير:

كيف عمل المحتلُّ (المستعمر) حين أُجبر أو اختار الانتقالَ من مرحلة الممارسة والتنفيذ المباشر، إلى مرحلة المساندة والإدارة عن بُعد؟

 

وهل يا ترى خطَر بباله أن يبلغ من أمتنا حال بعده أشد مما بلغ منها حال قُربِه؟

 

لا عجب إذا علمنا نهجه، وخططه مع القيادات والرموز، والقضايا الكبيرة البعيدة، وعالم المناهج والأفكار، والدعم اللوجستي والمالي الذي اشترى به ذِممًا، وصنَع به عقولاً.

 

المرجو أن تثمر محاصرة العمل الخيري عن آليات مبدِعة، وأعمالٍ عبقرية تنقل العمل الخيري مراحلَ بعيدة.

 

شرط ذلك: سَعة الأفق، والتفكير بعقلية مفتوحة، والاستعداد لمثل: فك الارتباط عن بعض المسميات، والتحرر من بعض القوالب، والتفاعل مع مقتضيات المرحلة المعاصرة للتحليق في فضاءات أوسعَ، ومجالات أرحبَ، وأعمال أكبرَ وأكثرَ.

 

من المؤكد أن المؤسسات الخيرية قد حققت منجَزات في الساحة الإفريقية، والمرجو منها في ظل تقلصها، وانحسارها فيها: أن تعدِّلَ في زوايا النظر تعديلاً ضخمًا ضخامة التحديات، وتغيِّر من طريقة العمل تغييرًا كبيرًا كِبَر الأزمة، وترسم خططًا عظيمة عِظَم التطلعات.. وحينها ستعمل ليس بإبداع فحسب، بل بـ (عبقرية فذة).

 

من الأعمال العبقرية:

1- خطْب ودِّ القيادات العلمية والدعوية الإفريقية داخل القارة، وخارجها، وجعلها محور العمل الدعوي ومنطلقه؛ لتقوم هي بالعمل، والمؤسسات تساندها، متخففة من أعباء الممارسة والمتابعة، متفرغة لآفاق إستراتيجية طموحة.

 

2- وضع خطة لإبراز القيادات عن طريق مؤلفاتهم، وتوفير بعض المراجع لهم، وتكليفهم النسج على منوالها بلُغةٍ محلية، لتوزيعها بكميات تبلغ الملايين، ليصل الصوت الإسلامي إلى كل بيت إفريقي، وتجتمع القروش القليلة لتحقق عائدًا ماديًّا، يستثمر في مؤلفات أخرى، وهكذا، ومثله يقالُ في البرامج، والمواد الإعلامية.

 

3- تقديم دعم دعوي، ومالي، ولوجستي لطلاب الدراسات العليا الأفارقة، لبناء عدد من الرموز المستقبَلية، بالإضافة إلى عدد من الرسائل العلمية والدعوية الموجهة نسبيًّا، لتُسهمَ في تشكيل نهضة، وتحقيق مكاسبَ لا تُقارَن أبدًا بنتائج برامج مألوفة قد تقام سنين عددًا.

 

4- دراسة الفرص الدعوية الاستثمارية، ليكون الدعاة مستثمرين، أو شركاءَ لمستثمرين في مجالات التغيير، من تعليم ونشر، وإعلام، ونحوها.

 

عجَبٌ ألا ترى مؤسسة إسلامية تجعل بناء القيادات ورعايتها محور رسالتها، في حين أن ذلك هو محور عمل الماسونية، وحليفتها الصِّهيونية، التي تمكنت في (59) عامًا من تحقيق الحُلْم، وإنشاء الدولة النشاز التي تزداد امتدادًا يومًا بعد يوم، بعد الذِّلَّة المكتوبة عليهم أينما ثقفوا، والشَّتات الذي عاشوه في العالم!

 

لن تعجز المؤسسات الخيرية - بإذن الله - أن تعمل ما عمله أفراد في تاريخ أممهم، ولن يكون أنجح منهم مَن غضِب اللهُ عليهم وجعَل منهم القردةَ والخنازير، وعبَد الطاغوتَ، بعد أن كانوا في مزبلةِ التاريخ.

 

لكن: يا ترى لو بقي العملُ على وتيرته الحالية، فهل يستطيع الوصول إلى نصف ما وصلوا إليه في المدة الزمنية نفسها؟ مؤكَّد أن ذلك على كلِّ حال لن يكونَ بالآليات المعمول بها حاليًّا.

 

لقد آن الأوان أن نمنح الثقة لإخواننا الأفارقة، ونمكنهم إداريًّا، ونشاركهم في القرارات الإستراتيجية، فهم إنما يفكرون ويقرِّرون لبيئة هم أهلها، ولشعبٍ هم من أميز أفراده، إننا قد نخسر أموالاً ومواقف جرَّاء منح الثقة، لكننا بسحب الثقة - حالاً أو مقالاً - نخسر الرجال، نخسر النفوس، نخسر المواقع، نخسَر الخطط والنتائج.

 

الواجب التشمير والاجتهاد في التنفيذ، وإلا تحولت الأفكار أمنيات، والبرامج تسليات.

 

ولا شك أن للعمل تبعاتِه وضريبتَه ومسؤولياتِه الكثيرةَ الكبيرة، التي ما لم تُحتمل فلن يكون ثمة عملٌ، اللهم إلا برامج هزيلة لا تُسمن، ضعيفة لا تغني.

 

ولنسأل أنفسنا: هل يمكن أن نكون ممن يصنَعون التغيير، ويكتبون التاريخ؟ وذلك لن يكونَ ما لم نصدُقْ مع الله، ونفرِّغ قلوبَنا له تعالى، مع تضرُّع المضطرين، وبكاء المتذللين الخاشعين، وأعمال الكبار المصلحين المجددين، وذلك أمرٌ كبير، وهو على الله ليس بعسيرٍ، لكنَّ واقعَنا بالنسبة إليه خطير.

 

والله المعين، وهو العلي الكبير.



[1] انظر: حركة التجارة والإسلام والتعليم الإسلامي في غرب إفريقيا، د. مهدي رزق الله أحمد 159.

[2] انظر حركة التجارة 2006، نقلاً عن: تاريخ السودان للسعدي 12-13.

[3] انظر: إفريقيا التي يراد لها أن تموت جوعًا، د. جمال عبدالهادي ود. وفاء محمد 6.

[4] انظر مقالاً له بعنوان: رحمتك يا الله.. صفحات مجهولة من تاريخ أمريكا http:www.aleman.com/karat/details.asp?ID=684.

[5] انظر مقالاً بعنوان: القمة الإفروأوربية الأولى.. صراع الأولويات، حمدي عبدالرحمن حسن، في موقع إسلام أون لاين، http:/www.islsmonlone.net/iol-arabic/qpolitic-mar-2000/qpolitic23.asp.

[6] انظر مقالاً بعنوان: أبعاد السياسة الأمريكية الجديدة في إفريقيا، د. حمدي عبدالرحمن، في موقع: إسلام أون لاين، http:/www.islsmonlone.net/iol-arabic/dowalia/qpolitic-1/ qpolitic4.asp.

[7] انظر مقالاً بعنوان: المبادرة الأمريكية في إفريقيا.. استعمار مهذب، للخضر عبدالباقي محمد، في موقع: إسلام أون لاين، http:/www.islsmonlone.net/iol-arabic/politics/2000/08/ article33.shtml /.

[8]انظر: http:/www.akhbar-libya.com/modules.php?name=news file=article sid=19437.

[9] انظر ملفًّا بعنوان: إفريقيا 2005 - أقفال ومفاتيح، http:/www.islsmonlone.net/iol-arabic/politics/20004/12/ article13.shtml.

[10] انظر مقالاً بعنوان: إفريقيا وتحديات الألفية الثالثة.. الديون والفقراء، أ.د. حمدي عبدالرحمن، في موقع: إسلام أون لاين، http:/www.islsmonlone.net/iol-arabic/dowalia/qpolitic-1mojryat1.asp/

[11] انظر: حركة التجارة والإسلام والتعليم الإسلامي في غرب إفريقيا، د. مهدي رزق الله أحمد 752.

[12] الإسلام في إفريقيا وواقع المسيحية والديانة التقليدية، د. حورية توفيق مجاهد 374.

[13] المرجع السابق 11.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزو واغتصاب إفريقيا.. أكذوبة الاكتشافات الجغرافية
  • ألم الجوع في إفريقيا
  • خمس شهادات من الغرب وإفريقيا على تدمير الحركة النسوية للزواج والأسرة
  • الفقر في إفريقيا .. خصوصيته وإستراتيجية اختزاله
  • نداء غيور إلى إفريقيا وأبنائي الغيورين الأبرار!

مختارات من الشبكة

  • إفريقيا الوسطى: اتحاد علماء إفريقيا يحمل فرنسا مسؤولية قتل المسلمين في إفريقيا الوسطى(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفريقيا الوسطى: قادة أفارقة وأوربيون يبحثون في بروكسل أزمة إفريقيا الوسطى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • جنوب إفريقيا: الجمعيات الخيرية الإسلامية تدشن حملات لمساعدة الفقراء في إفريقيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إفريقيا الوسطى: الأمم المتحدة تطلب المساعدة المالية لإنقاذ إفريقيا الوسطى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إفريقيا الوسطى: استعداد أممي لإجلاء 19 ألف مسلم من إفريقيا الوسطى(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفريقيا الوسطى: آلاف المسلمين في إفريقيا الوسطى يواجهون مذبحة(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفريقيا الوسطى: الألماس يشعل المجازر ضد المسلمين في إفريقيا الوسطى(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفريقيا الوسطى: مساعدات إغاثية عاجلة للاجئي إفريقيا الوسطى(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفريقيا الوسطى: مسلمو إفريقيا الوسطى بلا مغيث(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفريقيا الوسطى: لاجئو إفريقيا الوسطى يغمرون الكاميرون(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- الدعوة إلى الإسلام لا إلى الطائفية
المربي الوفي - الجزائر 14-07-2013 07:42 AM

تعاني إفريقيا معاناة شديدة من آثار الانقسام والتناحر المذهبي بين قيادات الدعوة الإسلامية في إفريقيا:
- فالدعوة الشيعية والدعوة السلفية اتجاهان متعاكسان أفرزا تشرذما وتنافسا غير شريف في ساحة الدعوة الإسلامية الإفريقية.
- التيارات الإسلامية المتشددة التي دخلت إفريقيا متجاهلة فقه الواقع، أنتجت صداما مع الزوايا والمرجعيات الدينية الصوفية كان نتيجتها خسارة الجانبين للأتباع وتدني مستوى الاستقامة والتدين فيهم.
- يضاف إلى هذا وذاك بعض الجشعين الذين استغلوا الدعوة الإسلامية وركبوا موجها لبناء امبراطوريات مالية من أموال الزكاة والأوقاف وتحولت دعوتهم إلى شراء الذمم والمتاجرة بالدين.
ولا حول ولا قوة إلابالله العلي العظيم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب