• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

مفهوم التحريف (دراسة في تأصيل المصطلح)

د. وليد محمد السراقبي

المصدر: مجلة عالم الكتب مج22، ع1-2، ص51-55، تنشر باتفاق خاص مع المجلة.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/3/2007 ميلادي - 21/2/1428 هجري

الزيارات: 81564

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
تقديم:
كنت قد وقفت في عدد سابق من أعداد مجلة عالم الكتب الغراء، عند مفهوم التصحيف، وحاولت التأصيل لهذا المصطلح. ولما كان مصطلح التحريف قرين المصطلح الأول، جهدت – عبر هذه الدراسة المتواضعة – في التأصيل له، وإماطة اللثام عن مدلولاته لدى كل من علماء اللغة، وعلماء الحديث، ومصنفي كتب التصحيف والتحريف. وعرَّجت بعد ذلك للوقوف على نماذج منه كما تبدَّت في كتاب ((التنبيه)) لمحمد بن ناصر السلامي (ت550هـ)، الموضوع أصلاً لإزالة التصحيفات والتحريفات التي وقعت في كتاب ((الغريبين)) لأبي عبيد الهروي (ت401هـ). ثم وقفت عند أهم النتائج التي تنجم عن التصحيف والتحريف، كما يعكسها كتاب ((التنبيه)) السابق ذكره.
ولست أدّعي لهذه الدراسة أنها تنطق بالقول الفصل في هذا الميدان، بل هي ليست أكثر من محاولة جادّة يحدوها الإخلاص للوصول إلى مفهوم دقيق لهذا المصطلح؛ فإن أصبت فبفضل الله ومنته وتوفيقه، وإن كانت الأخرى، فحسبي أنني اجتهدت، ومبلغ نفسٍ عذرها مثل منجح، وفوق كل ذي علم عليم.

مفهوم التحريف في معاجم اللغة:
يأخذ التحريف في معاجم اللغة معنى التغيير[1] والميل بالكلمة عن معناها، قال الخليل: ((والتحريف في القرآن تغيير الكلمة عن معناها... وتحرف فلان عن فلانٍ وانحرف واحرورف: أي مال))[2].
وأصَّل ابن فارس الكلمة فجعلها تعني حدَّ الشيء، والعدولَ، وتقدير الشيء. وأراد بالعدولِ: الانحراف عن الشيء، يقال: انحرفَ عنه ينحرف انحرافاً، وحرفته أنا عنه، أي عدلتُ به عنه، ولذلك يقال: مُحَارَف، وذلك إذا حُورف كَسبه فمِيل به عنه، وذلك كتحريف الكلام وهو عدله عن جهته[3].
ويبدو أن الأصل في هذه الكلمة الدلالة على المحسوس، فالأصل فيها من تحريف القلم، إذا عُدل بأحد طرفيه عن الآخر، ثم انتقلت فيما بعد إلى المجرَّد، قال الجَوهريُّ: ((وتحريف القلم: قَطّه مُحَرفاً))[4]. وقال الزمخشري أيضاً متدرِّجاً بالدلالة من المحسوس إلى المعنوي: ((انحرفَ عنه، وتحرَّف، وحرَّف القلمَ، وقلم محرف، وحرَّف الكَلِمَ))[5].
وجاء في (تاج العروس): ((حرَّف الشيء عن وجهه: صَرَفه... والتحريف: التغييرُ والتبديل... وهو في القرآن: تغيير الحرف عن معناه والكلمة عن معناها. وقول أبي هريرة: آمنت بمُحرِّف القلوب، أي بمصرِّفها، أو مميلها، أو مزيلها... والتحريف: قطّ القلم محرّفا، يقال: قلمُ محرّف، إذا عُدِلَ بأحد طرفيه عن الآخرِ))[6].
فأصحاب المعاجم يذكرون للتحريف عدة معان، وهي: التغيير، والتبديل، والصرف، والميل، والإزالة. ويمكن توجيه هذه المعاني كلها إلى معنى التغيير والتبديل، فصرف الشيء عن وجهه تغيير له، وكذلك إزالته والميل به.
ونلاحظ من جهة ثانية أن لا علاقة للتحريف بهيئة الكلمة، وإنما هو تغيير يتناول دلالتها فحسب. فهو بخلاف التصحيف الذي هو تغيير في هيئة الكلمة، سواء أكان ذلك عن طريق النقط، أو الرسم، أو الحركة.

مفهوم التحريف اصطلاحاً:
يعرف الشريف الجرجاني التحريف بأنه تغيير في اللفظ من غير المعنى[7]، ولم يقل أحد بذلك، إلا ما نقل عن القرطبي الذي فسر الفعل (يُحرِّفون) بما فسره غيره من أنه التغيير في المعنى، ثم زاد عليه قوله: ((... وقيل: معناه يبدلون حروفه))[8].
وذكر التهانوي للتحريف ثلاثة تعريفات، أولها: في اللغة، وهو تغيير الشيء عن موضعه. وثانيها: عند المحدِّثين فجعل بعضهم التصحيف هو التحريف نفسه، وفرَّق بعضهم بين المصطلحين، وثالثهما: عند القراء، وهو تغيير ألفاظ القرآن لمراعاة الصوت[9].
فالشريف الجرجاني يجعل مفهوم التحريف مناقضاً لدلالته في معاجم اللغة، وبتّ الصلة بين مفهومه اللغوي ومفهومه الاصطلاحي. أما التهانوي فيجعل التعريف عاماً شاملاً، ثم يضيق النطاق قليلاً فيذكر تعريف المحدثين له، ويردف تعريفاً جديداً لم يذكر من قبل، وهو تعريفه عند القراء، ولعل هذا التعريف خاص بعلماء التجويد.
ويظهر من الأمر أن التحريف لدى اللغويين عمدته التفسير لما ورد في آيات القرآن الكريم، فانصرف المعنى لديهم إلى التغيير الدلالي، أما أصحاب كتب الاصطلاح المتأثرون بالفقهاء والمحدثين، فتواضعوا على دلالة أخرى للكلمة، وعنوا بها حين ترد لديهم تغيير اللفظ لا المعنى.

مفهوم التحريف عند المؤلفين في هذا الفن:
لم يرد مصطلح التحريف لدى كل من حمزة الأصفهاني (ت360هـ)، وعلي بن حمزة الأصفهاني (ت376هـ)، واقتصر الأول منهما على التصحيف الذي وقفنا مطولاً عنده في الصفحات السابقة، إذ كان أكثر ما يريد به التغيير الحاصل في هيئة الكلمة. واقتصر الثاني على استخدام مصطلح التصحيف على نحو ما هو معروف لدى حمزة، إلا أنه أطلق على مصطلح التغير في الدلالة مصطلح (الغلط).
وورد مصطلح التحريف عند أبي أحمد العسكري ابتداء من عنوان كتابه (شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف). وهو يريد بالتحريف التصحيف، وإبدال الكلمة بأخرى، أي تغيير الرواية.
قال: ((شرحتُ في كتابي هذا الألفاظ والأسماء المشكلة التي تتشابه في صورة الخط فيقع فيها التصحيف ويدخلها التحريف))[10]. فهو يجعل للتصحيف والتحريف سبباً رئيسياً واحداً، وهو التشابه في الخط، ومعنى قوله: ((فيقع فيها التصحيف)): أي يقع فيها تغير بصورة ما، ويدخلها التحريف، أي يبدل معناها.
ومن أمثلته على التحريف قوله: ((أنشد أحدهم قول ابن أحمر الباهلي الذي يوصي فيه امرأته بألا تنكح من بعده رجلاً مطروقاً ضعيفاً مسترخياً، يطرقه كل أحد لضعفه:
فلا تصلي  بمطروق  إذا  ما        سرى بالقوم أصبح مستكينا
فلفته الفرزدق إلى خطئه وقال له: إذا كان يسري بالقوم، أي يسيِّرهم ليلاً ويقودهم فليس بمطروق، وإنما هو: (إذا ما سرى في الحي)، ومراد الشاعر: إن هلكت وصرت إلى أن تتزوجي غيري فلا تنكحي رجلاً ضعيفاً إذا ما سار ليلاً في الحي أصبح مسترخياً... وهذا من التحريف لا من التصحيف))[11].
فالتحريف واقع هنا في قوله: (في الحي) التي غيرت إلى (بالقوم).

مفهوم التحريف عند علماء الحديث:
انتفى مصطلح ((التحريف)) عند ابن الصلاح (ت643هـ) واقتصر على استخدام مصطلح ((التصحيف)). ولعل ذلك ما يؤكد أن المصطلح طارئ على علوم الحديث[12]، وأن التصحيف والتحريف كانا يندرجان تحت مصطلح ((التصحيف))، فحسب.. وقد أورد أمثلة على التصحيف اللفظي والتصحيف المعنوي، ويفهم من أمثلته على التصحيف المعنوي أنه ما أصبح يطلق عليه اسم التحريف فيما بعد.
وأطلق ابن حجر (ت852هـ) التصحيف على ما كان فيه تغيير في النقط كما رأينا سابقاً، وأطلق مصطلح ((التحريف)) على ما كان فيه تغيير في الشكل، فقال: ((إن كانت المخالفة بتغيير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق، فإن كان ذلك بالنسبة إلى النقط فالمصحّف[13]، وإن كان بالنسبة إلى الشكل فالمحرّف))، وهذا يعني أن التحريف لديه ينصب على اللفظ لا المعنى.
وكذلك الأمر لدى السيوطي الذي نظر إلى أن التحريف هو التغير الحاصل في شكل الكلمة بتقديم أو تأخير، ولا يراد به ما غيّرت أحرفه تغييراً كاملاً، قال في ألفيته:
فما     يغير     نقطه      مُصَحَّفٌ        أو شَكْلُه، لا أحرفٌ مَحَرَّفُ[14]
ومن هنا يمكن الانتهاء إلى نتيجة مفادها أن المتقدمين كانوا يجعلون التصحيف والتحريف نوعاً واحداً، فيسمون أحدهما باسم الآخر، وأن مصطلح ((التحريف)) مصطلح جديد طارئ في علوم الحديث[15]، وأن وجوده في ميدان اللغة والأدب أسبق منه في ميدان الحديث.

مفهوم التحريف عند السلامي:
إن ما يلفت النظر في كتاب ((التنبيه)) أن المصنّف لم يصرح بمصطلح ((التحريف)) إلا في موضعين، أما الأول فهو قوله: في مقدمة كتابه: ((فجردتُ منه الألفاظ التي وقع فيها السهو والتحريف، والغلط والتصحيف))[16]. وأما الثاني فهو قوله: ((وهذا خطأ في التفسير وتحريف للمعنى)).
ومراد السلامي من هذا المصطلح الخطأ الدلالي، سواء أوقع في تفسير ألفاظ الحديث الشريف، أم في تفسير آيات القرآن الكريم. وربما سمي التحريف خطأ في التفسير.
فمن أمثلته في الحديث النبوي تفسير الهروي لكلمة (المَلَّةِ) الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم مجيباً الذي سأله عن أقربائه الذين يصلهم ويقطعونه: ((فكأنَّما تَسفي في وجوههم المَلّة)). وفسر الهروي (المَلَّةَ) بالتراب المحمي فرد السلامي هذا التفسير فقال: وهذا خطأ، وإنما هي الرماد الحارُّ))[17].
ومنه أيضاً تفسير الهروي لكلمة (المُفاوضة) الواردة في سؤال معاوية لدغفل: بم ضبطتَ ما أرى، فقال دغفل: بمفاوضة العلماء. ففسرها أبو عبيد بأنها (المساواة)، فردَّ السلامي هذا التفسير أيضاً، فقال: ((وهذا التفسير خطأ، لأنَّ المفاوضة للعلماء ليست المساواة لهم، وإنما المفاوضة هي المخالطة والمذاكرة والمباحثة بالعلم حتى يصير عالماً. فأما المساواة فلا معنى في هذا، إذ لو ساواهم في العلم والحفظ لما كان لقوله (بمفاوضة العلماء) معنى، إذ هو مثلهم))[18].
ومنه أيضاً تفسير الهروي لكلمة (النقيعة)، فقد فسَّرها بأنها الطعام الذي يصنع عند الإملاك، وقد رد السلامي هذا التفسير فقال: ((قوله: النقيعة التي تُصنَعَ عند الإملاك خطأ ولا نعرف ذلك في اللغة. وإنما النقيعة الطعام الذي يُصْنَعَ للقادم من السفر))[19]. وعوّل السلامي في هذا المعنى على ابن السكيت في كتابه (إصلاح المنطق) وابن قتيبة في (أدب الكاتب)، والذي ينقله ابن السكيت هو ما جاء به الهروي.
وأما التحريف في معاني الآيات، فمن أمثلته ما فسر به الهروي قوله تعالى: {واسجد واقترب}، فقد جعل الخِطاب في (اسجد) للنبي صلى الله عليه وسلم، وفي (اقتربْ) لأبي جهل[20]. ورد السلامي هذا التفسير وخطأ الهروي فيه، وبين أن هذا التفسير لمن ينقل عن واحد من أئمة هذا الشأن، قال: ((... وقوله: اقتربْ يا أبا جهل، خطأ منه في تفسير القرآن ومعانيه، وما بلغني ذلك عن واحد من العلماء ولا عرفته عن صحابي ولا تابعي في الكتب التي قرأت وسمعت من تفسير القرآن ومعانيه))[21].
وفسر الهروي قوله تعالى: {وهم ينهون عنه ويَنأونَ عنه} فقال: ((أي ينهون الناس ويتباعدون عنه)). فخطأه السلامي بقوله: ((وهذا تفسير لم ينقل عن أحد ممن ذكر عنه التفسير من أهل العلم ولا سمعنا به إلا في كتابه، وهو غير صحيح ولا يليق بمعنى الآية. فإن المفسرين للقرآن مجمعون كلهم على أن الآية نزلت في حق أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه كان ينهى الكفار عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم)).
ومنه أيضاً أن الهروي فسر كلمة (عزّا) في قوله تعالى: {ليكونوا لهم عِزا}، فقال: ((أي أعواناً وَمَنعة، يعني أولاداً))[22]. ورد السلامي هذا التفسير فقال: ((وهذا خطأ والصواب: يعني الأنداد)).
وبعد أن وقفنا هذه الوقفة المطولة عند مفهوم التصحيف في معاجم اللغة وكتب الاصطلاح من جهة، وعند المؤلفين في هذا الباب من جهة ثانية، وعند علماء الحديث عامة وفي كتاب ((التنبيه)) خاصة، يحسن أن نختم هذا الفصل ببيان نتائجهما:

نتائج التصحيف والتحريف:
مما لا شك فيه أن للتصحيف والتحريف أثراً ظاهراً في المقروء والمكتوب معاً، ويمكن حصر آثارهما في تغيير الحقائق التاريخية، وتغيير الأحكام الفقهية، والتخليط في أسماء الرجال، والتغيير الدلالي. وفيما يأتي تفصيل ذلك:
1 – التغيير في الحقائق التاريخية وأسماء الرجال:
ونجد ذلك في موضعين من الكتاب، أما الأول فهو قوله: ((ومن ذلك أنه ذكر في أول حرف السين مع الهمزة، قال: فأخذ جبريل عليه السلام بحلقي فسأَبني، أي خنقني))[23].
وقد وقع في هذا الحديث إبدال كلمة (المَوْلد) بكلمة (المَبْعث)، مما أدى إلى تغير حقيقة تاريخية في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. ودليل السلامي على نقص هذه الرواية حقائق التاريخ والسيرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم في المولد لم يكن مكلفاً، ولم يؤمر بشيء، وإنما كان هذا في أول ما جاءه جبريل عليه السلام في بداية البعثة[24].
وأما الثاني فهو رواية الهروي لحديث أبي بكر، رضي الله عنه: ((نَظَرْتُ يوم بَدْر إلى حلقة درع قد نَشِبَتْ في جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم))[25]، فقوله: ((يوم بَدْر)) خطأ وتغير لرواية الحديث، قال السلامي: ((وإنما كان هذا في يوم (أحُدٍ) لا يوم بَدْر، لأنه صلى الله عليه وسلم يوم (أحُد) لبس لامَته وباشر القتال، فناله ذلك لما اختلط المسلمون واشتغلوا بأخذ أموال المشركين، وكرَّ المشركون بعد انهزامهم، وصاح الشيطان: قُتل محمد))[26].

2 – التخليط في أسماء الرجال:
وذلك في ثمانية مواضع من الكتاب[27]، منها قوله: ((ومن ذلك ذكر باب الفاء والقاف، قال: وقال الوليد ابن عبدالملك: أفقر بعد مَسْلَمة الصيدُ... وقد أخطأ في قوله: (الوليد بن عبدالملك)، لأن الوليد كان أخا مَسلمة، وكان قد مات قبل مسلمة بسنين كثيرة... وإنما هذا قول يزيد بن عبدالملك أخي مسلمة، وكان قد ولي الأمر بعد هشام بن عبدالملك، ومات في أيام هشام أخوه مسلمة))[28].
وأورد الهروي خبراً مفاده أن ابن عمر ركب ناقة فارهة فمشت به مشياً جيداً، فقال:
كأن راكبها غصن بمروحة        إذا تدلت به أو راكب ثَمِلُ
فرد السلامي على تغيير الهروي في اسم القائل، فقال: ((قوله: ابن عمر خطأ، وإنما هو عمر بن الخطاب، لا ابنه))[29].
ومنه أيضاً أن الهروي قال في شرحه كلمة (صاف): ((ومنه الحديث الآخر: صافَ أبو بكر عن أبي بُرْدَة، بدال))[30]. فصحح السلامي الرواية فقال: ((عن أبي بَرْزَة الأسلمي بزاي وفتح الباء... وقد صحفه المصنف، واسم أبي بَرزة: نَضْلةُ بن عُبيد، وأبو بُرْدة فجماعة من الصحابة))[31].
فواضح مما تقدم أن التصحيف نجم عنه تخليط بين شخصيات تاريخية مشهورة، وبين أسماء مجموعة من الصحابة.

3 – التغيير في الحكم الفقهي:
ونقع عليه في أربعة مواضع من الكتاب[32]، منها أن الهروي قال: ((وفي الحديث: لينتهين الناس عن ودعهم الجمعات...))[33]، وهذه الرواية بهذه الصيغة تؤدي إلى تغيير حكم فقهي، فيصبح – وفق هذه الرواية – من واجب الحاكم أن يقاتل الناس جميعاً. والصواب في رواية الحديث: ((لينتهين أقوامٌ)) بصيغة الجمع المنكّر الذي يفيد التقليل، إذ ((لو فعل المسلمون كلهم ذلك لوجب على الإمام قتالهم))[34].
ومنه أيضاً الحديث الذي رواه الهروي من أن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى أن يجلس على الولايا أي البراذع)). والصواب في رواية الحديث أنه ((نهى أن يصلى على الولايا))، وهي البَراذعِ التي تلقى على ظهر الدواب، خشية أن ينالها دم أو قيح من عقور ظهورها))[35].

4 – التغير الدلالي:
وهو الأكثر ظهوراً في الكتاب، والأمثلة عليه كثيرة، من ذلك ما رواه الهروي في حديث أبي بكر أنه قال: ((ثم رَكبت أنفي، أي ضَربت))، فغير لفظ (أنفه) إلى (أنفي) بإضافة الأنف إلى الضمير فأصبح المعنى هذه الرواية محالاً، فلا يمكن للإنسان أن يضرب أنفه بركبته وهو قائم، وهذا ما قال به السلامي[36].
ومنه أيضاً رواية الهروي بيتاً من الشعر مصحفاً وهو قول الشاعر:
.........................        بأعوادِ رَنْدٍ، أو ألاوِية شُهْرا
فقد رواه الهروي بالهاء فصحفه وغير دلالته، فصحح السلامي روايته إلى (شُقْرا) مستنداً في ذلك إلى دليل معنوي وهو أنَّ العود لونه أشقر[37].
نستنتج مما تقدم أن التحريف يراد به تغيير الكلمة والميل بها عن معناها إلى معنى آخر، وأن المتقدمين كانوا يسوون بين المصطلحين، أعني مصطلحي التصحيف والتحريف، ويظهر لنا من ناحية أخرى أن مصطلح التحريف مصطلح طارئ في علوم الحديث، وأن مراد السلامي من هذا المصطلح في كتابه ((التنبيه)) هو الخطأ الدلالي سواء أوقع ذلك في تفسير آيات من القرآن الكريم أو ألفاظ الحديث النبوي الشريف.
ـــــــــــــــــــــــ
[1]   الصحاح (حرف).
[2]   العين (حرف) 4: 210.
[3]   مقاييس اللغة (حرف).
[4]   الصحاح، والأساس (حرف).
[5]   الأساس (حرف).
[6]   تاج العروس (حرف).
[7]   التعريفات: 60.
[8]   تفسير القرطبي: 6: 115.
[9]   كشاف اصطلاحات الفنون: 2: 77.
[10]   شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف: 174-175.
[11]   المصدر السابق: 94.
[12]   حاشية الشيخ أحمد محمد شاكر على ألفية الحديث للسيوطي: 174.
[13]   نخبة الفكر: 32، وتدريب الراوي: 386، وألفية الحديث السيوطي: 174.
[14]   ألفية الحديث للسيوطي: 174.
[15]   المصدر السابق.
[16]   التنبيه: 68/ب.
[17]   المصدر السابق: 63/أ.
[18]   المصدر السابق: 63/أ.
[19]   المصدر السابق: 75/أ.
[20]   المصدر السابق: 55/أ.
[21]   السابق نفسه.
[22]   التنبيه: 68/أ، وينظر: الكشاف 2: 9، والبحر المحيط 2: 99.
[23]   التنبيه: 24/أ.
[24]   نفسه.
[25]   المصدر السابق: 19/ب.
[26]   نفسه.
[27]   التنبيه: 26/أ، 23/أ، 38/ب، 51/ب، 65/ب، 76ب، 78/ب.
[28]   التنبيه: 51/ب.
[29]   التنبيه: 23/ب.
[30]   التنبيه: 54/أ.
[31]   التنبيه: 54/أ.
[32]   التنبيه: 20/ب، 64/أ، 73/ب، 75/ب.
[33]   التنبيه: 74/أ.
[34]   التنبيه: 75/ب. 
[35]   التنبيه: 75/ب.
[36]   ومنه في تفسير آيات من القرآن ما جاء في: 55/أ، 68/ب، والأمثلة على ذلك كثيرة.
[37]   التنبيه: 21/أ.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحريف آيات الحدود عن مواضعها
  • حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف!
  • الاعتداء على المصطلحات التراثية
  • التنبيهات في التصحيفات والتحريفات (1/ 18)
  • التبديل والتحريف في الشرائع السابقة
  • نصوص أخرى حُرِّف معناها

مختارات من الشبكة

  • غنى النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم المفهوم والفرق بينه وبين المصطلح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مختصر بحث: بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي "مفهوم الأمن الفكري أنموذجا"(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي (مفهوم الأمن الفكري أنموذجا) (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • خصائص المفهوم القرآني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المفهوم السياسي للأيديولوجيا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • ما معنى الفكر ؟(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • علم المصطلح النقدي بالمغرب: من حيث إرهاصات نشأته، ومفاهيمه الأساسية، وقضاياه الإشكالية، ومناهج درسه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية: سيرة المصطلح وحده ومفهومه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأسوة .. المصطلح والمفهوم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
3- تحويل إلى المجلس العلمي
أحمد - السعودية 20-02-2010 09:05 AM
الأخ الكريم/ حسين حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد
فشكراً لك على تواصلك مع موقع ((الألوكة))،
ونفيدك أنه يمكنك الحصول على بغيتك بزيارة منتديات ((المجلس العلمي))
التابع للموقع على الرابط التالي:
http://majles.alukah.net/
والتسجيل فيها، ثم زيارة ((منتدى مكتبة المجلس))؛
إذ فيه كثير من الأعضاء يستطيعون تلبية طلبك،
أو بإمكانهم أن يدلوك على مكان حاجتك!.
2- طلب
حسين - الجزائر 19-02-2010 06:33 PM
اتقدم الي سيادتكم المحترمة بطلبي هدا المتمثل في التعارف للمصطلحات التالية :
التحريف
تكييف
تعطيل
تشبه
و دالك بمفهوم القران الكريم
تقبلو فائق الشكر و الاحترام
1- تهنئه
ايمن ليبيا 24-06-2009 06:21 PM

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
وفتح عليكم وزادكم من علم إنه ولي ذلك والقادر

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب