• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

أحمد محمد شاكر.. إمام أهل الحديث في عصره

أحمد محمد شاكر.. إمام أهل الحديث في عصره
د. خالد النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/6/2012 ميلادي - 13/7/1433 هجري

الزيارات: 64994

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد محمد شاكر

إمام أهل الحديث في عصره

(1309هـ/1892م-1377هـ/1958م)

 

الملقب بشمس الأئمة أبو الأشبال، إمام مصري من أئمة «علم الحديث النبوي» في العصر الحديث، درس العلوم الإسلامية وبرع في كثير منها، فهو فقيه ومحقق وأديب وناقد، لكنه برز في علم الحديث حتى انتهت إليه رئاسة أهل الحديث في عصره، كما اشتغل بالقضاء الشرعي حتى نال عضوية محكمته العليا.

 

النشأة:

ولد في 29 جمادى الآخرة سنة (1309هـ) الموافق 29 يناير (1892م) بعد فجر يوم الجمعة، وهي نفس السنة التي ولد فيها الشيخ: محمد حامد الفقي مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر، وكان مولده بدرب الإنسية ­قسم الدرب الأحمر بالقاهرة، وسماه أبوه «أحمد شمس الأئمة، أبو الأشبال».

 

والده هو الشيخ (محمد شاكر) من علماء الأزهر النابغين الذين برزوا في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وهو ينتمي إلى أسرة «أبي علياء» بجرجا من صعيد مصر، وهي أسرة شريفة، ينتهي نسبها إلى سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-.

 

تلقى الوالد (محمد شاكر) تعليمه بالأزهر، واتصل بكبار علمائه، وتتلمذ على أيديهم. بعد تخرجه عمل أمينًا للفتوى بالأزهر، ثم عمل بالقضاء، ثم اختير لمنصب قاضي القضاة بالسودان في 10من ذي القعدة (1317هـ) الموافق 11 من مارس (1900م)، فهو يعد أول من ولي هذا المنصب في السودان، ووضع نظم القضاء الشرعي، ثم عين في سنة (1332هـ=1905م) شيخًا لعلماء الإسكندرية، وشيخًا لمعهدها الديني، ثم اختير وكيلاً لمشيخة الجامع الأزهر في 9من ربيع الآخر (1327هـ) الموافق 29من إبريل (1909م)، فكان من دعاة الإصلاح في الأزهر وتطوير مناهجه ونظمه، ثم استقال من الوكالة بعد أن اختير عضوًا في الجمعية التشريعية سنة (1331هـ = 1913م)، وتفرغ للعمل العام، والإدلاء برأيه في القضايا العامة والكتابة في الصحف، وكان من زعماء الأزهر في ثورة (1919م).

 

وقد رفض الوالد، الشيخ (محمد شاكر) أن يكون شيخاً للأزهر وسما بنفسه، وله قصة تظهر قوته في الحق.. فقد كان أحد خطباء مصر فصيحاً متكلماً مقتدراً، وأراد هذا الخطيب أن يمدح أحد أمراء مصر عندما كرم (طه حسين)، وكان الأمير حاضراً للخطبة والصلاة، فقال الخطيب في خطبته: (جاءه الأعمى فما عبس بوجهه وما تولى!).. فما كان من الشيخ محمد شاكر إلا أن قام بعد الصلاة، يعلن للناس أن صلاتهم باطلة، وعليهم إعادتها لأن الخطيب كفر بما شتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

يقول الابن أحمد شاكر: (ولكن الله لم يدعْ لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسمُ بالله لقد رأيته بعيني رأسي، بعد بضع سنين، وبعد أن كان عالياً منتفخاً، مستعزّاً بمَن لاذ بهم من العظماء والكبراء- رأيته مهيناً ذليلاً، خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار، حتى لقد خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه، فما كان موضعاً للشفقة، ولا شماتة فيه؛ فالرجل النبيل يسمو على الشماتة، ولكن لما رأيت من عبرة وعظة).

 

وقد أنجب الشيخ «محمد شاكر» عددًا من الأبناء، نبغ منهم اثنان: أما أحدهما فهو العلامة المحدث «أحمد محمد شاكر»، وقد انتهت إليه رئاسة الحديث في مصر، والآخر فهو الأديب الكبير «محمود محمد شاكر» صاحب كتب: «أباطيل وأسمار» «القوس العذراء» «المتنبي».. وغيرها.

 

اصطحب الوالد ابنه أحمد شاكر إبان سفره إلى السودان، حيث ولي منصب قاضي القضاة، وعمره حينها ثماني سنوات، فألحقه بكلية «جوردون» واستمر بها حتى عودته إلى الإسكندرية بمصر في 26 أبريل سنة (1904م) فألحقه الوالد بمعهد الإسكندرية [وكان الوالد شيخ المعهد]، وفي 29 أبريل (1909م) عاد والده للقاهرة ليلي وكالة مشيخة الأزهر، فالتحق أحمد شاكر بالأزهر حتى نال شهادة العالمية سنة (1917م).

 

وقد حضر في ذلك الوقت إلى القاهرة الشيخ (عبد الله بن إدريس السنوسي) عالم المغرب ومحدثها، فتلقى عنه أحمد شاكر طائفة كبيرة من «صحيح البخاري»، فأجازه هو وأخاه برواية البخاري.

 

كما أخذ عن الشيخ (محمد بن الأمين الشنقيطي) كتاب «بلوغ المرام».

 

وكان من شيوخه أيضًا الشيخ (أحمد بن الشمس الشنقيطي) عالم القبائل الملثمة، وتلقى أيضًا عن الشيخ (شاكر العراقي) فأجازه، وأجاز أخاه عليًّا بجميع كتب السنة.

 

كما التقى بالقاهرة من علماء السنة الشيخ (طاهر الجزائري) من كبار علماء الشام، والأستاذ (محمد رشيد رضا) صاحب تفسير «المنار» الشهير.

 

الرحلة العلمية:

درس أحمد شاكر أصول الفقه على الشيخ (محمود أبو دقيقة)، أحد علماء معهد الإسكندرية، وعضو هيئة كبار العلماء.

 

ودرس على والده الشيخ (محمد شاكر) تفسير البغوي، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وشمائل الرسول، وبعضا من صحيح البخاري، وجمع الجوامع وشرح الأسنوي على المنهاج في الأصول، وشرح الخبيصي، وشرح القطب على الشمسية في المنطق، والرسالة البيانية في البيان، وفقه الهداية في الفقه الحنفي.

 

وأخذ العلم -كما ذكرنا آنفا-عن الشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ أحمد بن الشمس الشنقيطي، والشيخ شاكر العراقي، والشيخ طاهر الجزائري، والسيد محمد رشيد رضا، والشيخ سليم البشري، والشيخ حبيب الله الشنقيطي، وغيرهم كثير من أئمة الحديث حتى برع فيه.

 

المنهج والطريق:

درس الشيخ أحمد شاكر بالأزهر على المذهب الحنفي، وبه كان يقضي في القضاء الشرعي، لكنه كان بعيدا عن التعصب لمذهب معين، مؤثرا الرجوع إلى أقوال السلف وأدلتهم.

 

يقول (أحمد شاكر) بما يوضح مذهبه العلمي، في معرض تحقيقه لكتاب (الرسالة) للشافعي، بعد أن أكثر من الثناء عليه وبيان منزلته:

«وقد يفهم بعض الناس من كلامي عن الشافعي أني أقول ما أقول عن تقليد وعصبية، لما نشأ عليه أكثر أهل العلم من قرون كثيرة، من تفرقهم أحزابا وشيعا علمية، مبنية على العصبية المذهبية، مما أضر بالمسلمين وأخرهم عن سائر الأمم، وكان السبب في زوال حكم الإسلام عن بلاد المسلمين، حتى صاروا يحكمون بقوانين تخالف دين الإسلام، خنعوا لها واستكانوا، في حين كان كثير من علمائهم يأبون الحكم بغير المذهب الذي يتعصبون له ويتعصب له الحكام في البلاد. ومعاذ الله أن أرضى لنفسي خلة أنكرها على الناس، بل أبحث وأجد، وأتبع الدليل حيثما وجد. وقد نشأت في طلب العلم وتفقهت على مذهب أبي حنيفة، ونلت شهادة العالمية من الأزهر الشريف حنفيا، ووليت القضاء منذ عشرين سنة أحكم كما يحكم إخواني بما أذن لنا بالحكم به من مذهب الحنفية. ولكني بجوار هذا بدأت دراسة السنة النبوية أثناء طلب العلم، من نحو ثلاثين سنة، فسمعت كثيرا وقرأت كثيرا، ودرست أخبار العلماء والأئمة، ونظرت في أقوالهم وأدلتهم، لم أتعصب لواحد منهم، ولم أحد عن سنن الحق فيما بدا لي، فإن أخطأت فكما يخطئ الرجل، وإن أصبت فكما يصيب الرجل. أحترم رأيي ورأي غيري، وأحترم ما أعتقده حقا قبل كل شيء وفوق كل شيء. فمن هذا قلت ما قلت واعتقدت ما اعتقدت في الشافعي، رحمه الله ورضي عنه» [1].

 

المكانة العلمية:

كان والده الشيخ (محمد شاكر) هو صاحب الأثر الكبير في توجيه الشيخ أحمد شاكر إلى معرفة كتب الحديث منذ عام (1909م)، فلما كانت سنة (1911م) اهتم بقراءة «مسند أحمد بن حنبل» رحمه الله، وظل منذ ذلك التاريخ مشغولًا بدراسته حتى بدأ في طبع شرحه على «المسند» سنة (1365هـ) الموافق (1946م)، وقد بذل في تحقيقه أقصى ما يستطيع عالِم من جهد في الضبط والتحقيق والتنظيم.

 

ولقد كان الشيخ أحمد شاكر كما يقول عنه المحقق الأستاذ (عبد السلام محمد هارون): «إمامًا يَعْسر التعريف بفضله كل العُسْر، ويقصر الصنع عن الوفاء له كل الوفاء».

 

وقال عنه الشيخ (محمود محمد شاكر): «وهو أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوي في زماننا دراسة وافية، قائمة على الأصول التي اشتهر بها أئمة هذا العلم في القرون الأولى، وكان له اجتهاد عُرف به في جرح الرجال وتعديلهم، أفضى به إلى مخالفة القدماء والمحدثين، ونصر رأيه بالأدلة البينة، فصار له مذهب معروف بين المشتغلين بهذا العلم على قلتهم».

 

وكان لمعرفته بالسنة النبوية ودراستها أثر كبير في أحكامه، فقد تولى القضاء في مصر أكثر من ثلاثين سنة، وكان له فيها أحكام مشهورة في القضاء الشرعي، قضى فيها باجتهاده غير مقلد ولا متبع.

 

وإذا كان الشيخ (محمد حامد الفقي) صاحب باع كبير في تفسير القرآن الكريم وتحقيق كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، فإن رفيقه في محبة شيخ الإسلام ابن تيمية هو الشيخ أحمد شاكر، فقد كان صاحب اليد الطولى في تحقيق كتب السنة النبوية وغيرها، فأصبح بذلك العالم المحدث المفسر الفقيه اللغوي الأديب القاضي والصحفي، وقد قاما معًا بـإخراج «تهذيب سنن أبي داود».

 

المجال السياسي والاجتماعي:

عاش الشيخ أحمد شاكر في فترة اتسمت بكثرة الأحداث وتواليها، والدول الإسلامية تئن تحت نير الاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وخور المسلمين وعجز معظم العلماء عن القيام بواجبهم، بل كانوا يشعرون بالانهزامية والصغار أمام هجمات الصليبيين وتلامذتهم من المستشرقين الفكرية وطعنهم فى هذا الدين، والتركيز على مصر المركز العلمي للعالم الإسلامي، واليهود يخططون لاحتلال فلسطين، وأحكام الشريعة الإسلامية أقصيت عن حياة الناس، بفعل الفساد والتخطيط الصليبي الماكر ضد هذه الأمة، حتى صار التدين والتمسك بدين الإسلام وصمة عار وتخلفاً ورجعية.

 

وأمام هذه الموجات المتلاطمة والعواصف الجارفة التي تهب بالفساد وقمع الصالحين من العباد، ونصبوا لذلك رايات في كل هضبة وواد، لا يقوى على الصمود والمواجهة إلا العظماء من الرجال، وكما يقال: «لكل زمان دولة ورجال»، فقد هيأ الله سبحانه وتعالى الشيخ شاكر ليذود عن حياض هذه الأمة ويدافع عن شرفها وعزتها التي لا تكون أبداً إلا بتمسكها بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فانبرى الشيخ للتصدي لكل الأفكار الهدامة متمسكاً بكتاب الله ملتزماً بعقيدة السلف، يقارع الأعداء وتلامذة الغرب من المستشرقين دون أن تلين له قناة أو تخور له عزيمة، مع قلة من أمثاله من الرجال.

 

وصار يدبج ببراعة مقالات نفيسة وتعليقات مفيدة على بعض ما حققه من الكتب، ومن ذلك تعليقاته على تفسير ابن جرير الطبري، وعمدة التفسير مفصلاً القول عن آيات الحاكمية وتكفير من لا يحكم بشريعة الله، وتعليقاته لا تزال مصدراً هاماً لمن جاء بعده من العلماء المجاهدين الذين فتح الله بصيرتهم.

 

وبعيدا عن جو التصور النظري، فالاطلاع على كتابه «كلمة الحق» يكشف للقارئ مدى مقدرة الشيخ على البيان وفصاحته، ودفاعه عن هذا الدين الحنيف، وتصديه للمبتدعين، والخرافيين وللمستشرقين وغيرهم.

 

وبالأخص مقالات الشيخ الهامة: «أيتها الأمم المستعبدة»، «بيان إلى الأمة المصرية خاصة وإلى الأمم العربية والإسلامية عامة»، «تحية المؤتمر العربي في قضية فلسطين»..ستلاحظ من خلالها مواقفه الحازمة وبغضه لأعداء الله، وتحريض الأمة على جهاد المستعمر الذي نهب خيرات البلاد ونشر في الأمة الفساد.

 

الثمرات:

تدور أعمال أحمد شاكر وجهوده العلمية حول محورين أساسين هما:

• بعث التراث العربي ونشره نشرًا دقيقًا.

 

• كتابة البحوث والرسائل العلمية.

 

وقد استأثر الجانب الأول بجهود الشيخ، وإفراغ طاقته الجبارة في العمل والبحث، وكان تحقيق كتاب «الرسالة» للإمام الشافعي هو أول كتاب ينشره بين الناس، وكان تحقيقا له على غير ما اعتاد الناس أن يقفوا عليه من تحقيقات المستشرقين، وجاء عمله نموذجًا لفن تحقيق التراث، فقد اعتمد على أصل قديم بخط الربيع بن سليمان تلميذ الشافعي، كتبه في حياة إمامه، ووضع مقدمة إضافية للكتاب بلغت (100) صفحة، وخرّج أحاديث الكتاب تخريجًا علميًا دقيقًا، مع فهارس شاملة، وتعليقات وشروح تدل على سعة العلم والتمكن من فن الحديث.

 

ثم اتجه إلى أصول كتب السنة يحقق بعضها، فحقق جزأين من سنن الترمذي، وأخرج الجزء الأول من صحيح ابن حبان، واشترك مع الشيخ محمد حامد الفقي في إخراج وتحقيق تهذيب سنن أبي داود.

 

وتعليقات الشيخ أحمد شاكر على جامع الترمذي لا يستغني عنها طالب علم، وهي أيضاً منهج لتحقيق الكتب. وهي في مجلدين جامع الترمذي بتحقيق الشيخ أحمد شاكر، يستفيد منها طالب العلم في التصحيح، كما يستفيد منها أيضاً منهجية التحقيق.. نعم قد نختلف مع الشيخ شاكر -رحمه الله- في توثيق بعض الرواة وتضعيفهم، حيث وثق في تعليقاته أكثر من عشرين راوياً جماهير أهل العلم على تضعيفهم -نختلف معه في هذا- لكن لا يعني أننا لا نفيد منه، فالشيخ مدرسة في التحقيق.

 

كما أطلق الشيخ شاكر طاقته لتحقيق مسند أحمد بن حنبل، وهو أضخم دواوين السنة، وكان التعامل مع المسند يحتاج إلى معرفة واسعة وعلم مكين، فالكتاب يقوم على جعل أحاديث كل صحابي على حدة، فمسند ابن مسعود -رضي الله عنه- مثلاً يضم الأحاديث التي رواها دون ترتيب، وهكذا، وكانت صعوبة التعامل مع المسند مصدر شكوى من كبار المحدثين وأعلامهم، وهو ما جعل الحافظ الذهبي يتمنى أن يقيض الله لهذا الديوان الكبير من يخدمه ويبوبه، ويرتب هيئته.

 

وكان عمل الشيخ «شاكر» في تحقيق المسند عظيمًا فأخرج منه خمسة عشر جزءًا على أحسن ما يكون التحقيق؛ فقد رقم أحاديث الكتاب، وعلّق عليها وخرّجها، وحكم عليها صحة وضعفًا، وضبط أعلامها، وشرح غريبها، وجعل لكل جزء فهارس فنية دقيقة.

 

إلا أن المنية عاجلته دون أن يتمكن من إتمامه، فلم ينته من تخريج كامل أحاديث المسند بل وصل إلى ثلث الكتاب تقريباً، وعدد الأحاديث التي حققها (8099) وقدم للكتاب بنقل كتابين جعلهما كالمقدمة بالنسبة للمسند هما: «خصائص المسند» للحافظ أبي موسى المديني، و«المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد» لابن الجزري.

 

ولم يقدر أحد أن يكمله على النمط الذي خطه الشيخ أحمد شاكر، فقد كان المقدر لفهارس «المسند» أن يكون المدار فيها على مسارب شتى من المعاني التفصيلية التحليلية الدقيقة.

 

كما ألف الشيخ أحمد شاكر كتبا عدة، وله تعليقات وهوامش على الكتب التي حققها، ومن أشهر مؤلفاته:

• كتاب «نظام الطلاق في الإسلام»، اجتهد فيه اجتهادا حرا ولم يتعصب لمذهب من المذاهب.

 

• كتاب «الكتاب والسنة» وهو دعوة إلى أخذ القوانين من الكتاب والسنة.

 

•كتاب «كلمة الحق» في شئون المسلمين وحرب الوثنية والشرك والدفاع عن القرآن والسنة، وهي مجموعة مقالات كتبها في مجلة «الهدى النبوي» جمعت في كتاب بعد وفاته.

 

• كتاب «كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر» وفيه يستحث ملوك المسلمين ضد الخمور وتجارها ومدنيها.

 

• «الشرع واللغة».. رسالة في الرد على (عبد العزيز فهمي باشا) الذي اقترح كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية.

 

وكما ذكرنا آنفا فلقد حقق أحمد شاكر الكثير من كتب التراث الإسلامي، في مجالات كثيرة، نذكرها مرتبة، وهي كالآتي:

• «الرسالة» للإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي عن أصل بخط الربيع بن سليمان كتبه في حياة الشافعي، وهو أول كتاب حققه، وقد بذل فيه عناية بالغة فكان على درجة عالية من الدقة والتحقيق.

 

• «مسند الإمام أحمد بن حنبل» أتم منه 15 جزءا فقط وتوفي قبل إتمامه.

 

• الجزء الأول من «مسند ابن حبان».

 

• جزءين من «الجامع الصحيح» للترمذي.

 

• تحقيق مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري، ومعه معالم السنن للخطابي، وتهذيب ابن قيِّم الجوزية، بالاشتراك مع الشيخ محمد حامد الفقي، وطبع الكتاب في ثمانية مجلدات.

 

• شرح كتاب «اختصار علوم الحديث» للحافظ ابن كثير.

 

• شرح «ألفية السيوطي» في علم الحديث، وطبع الكتاب في مجلدين.

 

•«عمدة التفسير» عن تفسير الحافظ ابن كثير، اختصره وحذف منه الأسانيد، والروايات الإسرائيلية والأحاديث الضعيفة، وتفاصيل المسائل الكلامية، وهو أفضل المختصرات التي طبعت لتفسير ابن كثير، أتم منه 5 أجزاء [ظل الجزء الأخير منه مفقودا لسنوات حتى عثر عليه وتم طبع الكتاب كاملا].

 

•تخريج أحاديث من تفسير الطبري: شارك أخاه محمود شاكر في تخريج أحاديث بعض الأجزاء من هذا التفسير، وعلق على بعض الأحاديث إلى الجزء الثالث عشر.

 

• كتاب «الإحكام» لابن حزم الظاهري في أصول الفقه، وجزءين من كتاب «المحلى».

 

•كتاب «العمدة في الأحكام» للحافظ عبد الغني المقدسي.

 

•كتاب «جماع العلم» للشافعي.


• تحقيق كتاب «شرح العقيدة الطحاوية».


• شارك مع الأستاذ عبد السلام هارون في تحقيق وإخراج «المفضّليات» للمفضل الضبي، «الأصمعيات» للأصمعي، «إصلاح المنطق» لابن السكيت.


• كتاب «الشعر والشعراء» لابن قتيبة.


• كتاب «لباب الأدب» للأمير أسامة بن منقذ المتوفى سنة 584هـ.


• كتاب «المعرب» للجواليقي في اللغة.

 

وقد بلغ مجموع ما نشره سواء ما كان من تأليفه أو من تحقيقه 34 عملاً، وتنوعت أعماله فشملت السنة والفقه والأصول والتفسير والتوحيد واللغة، وسعة هذه الميادين تدل على ما كان يتمتع به الشيخ من غزارة العلم ورحابة الأفق والتمكن والفهم.

 

ومما أخذ على الشيخ شاكر – رحمه الله- أن معظم الكتب الهامة التي قام بتحقيقها أو شرحها لم يكد يتممها، وكأنه كان يشتغل بأكثر من كتاب في وقت واحد، فالترمذي والمسند وصحيح ابن حبان وتفسير ابن كثير وتفسير الطبري...وغيرها، لم تكتمل، ولو أكملها لكانت الفائدة أوسع وأكثر، فلا تكاد تجد من يسد هذا الفراغ الذي تركه الشيخ، فمنهجه وأسلوبه يختلف عمن جاء من بعده.

 

منهجه في تصحيح الأسانيد:

غلب على الشيخ في مجال البحث العلمي الاهتمام بتخريج الأحاديث ودراسة أسانيدها خاصة في تخريجه لأحاديث «المسند». وعند تتبع الأسانيد التي حكم عليها بالصحة، يلاحظ أن أهم القواعد التي يسير عليها في تصحيح إسناد حديث ما هي كالآتي:

1- إذا ذكر البخاري الراوي في «تاريخه الكبير» وسكت عنه، ولم يذكره في الضعفاء، فإن الشيخ يعتبر سكوته توثيقاً للراوي.

 

2- إذا ذكر ابن أبي حاتم الراوي في «الجرح والتعديل» وسكت عنه أيضا، فإن الشيخ يعتبر سكوته عن الراوي توثيقاً له.

 

3- كان يعتمد على توثيق ابن حبان، فالرواة الذين ذكرهم ابن حبان في كتاب «الثقات» ثقات عند الشيخ أحمد شاكر.

 

4- توثيقه لـ (عبد الله بن لهيعة) بإطلاق.

 

5- توثيقه للمجهول من التابعين قياساً لحالهم على حال الصحابة.

 

ومما أخذ على الشيخ في نقد منهجه في تصحيح الأسانيد بناء على أهم القواعد المذكورة آنفاً :

فالبخاري في «التاريخ الكبير» وكذا ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» لا يعتبر سكوتهما عن الراوي تعديلاً له، فقد يذكر البخاري في كتابه راوياً ضعيفاً ويسكت عنه، وقد يسكت عن بعض الرواة المجهولين، ويسكت أحياناً عن بعض الرواة الذين لم يعرفهم ولم يفرق بين أسمائهم.

 

وأما ابن أبي حاتم فقد يسكت عن الرواة الذين لم يتمكن من معرفة أحوالهم فقد قال في مقدمة كتاب الجرح والتعديل: «على أنا قد ذكرنا أسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل، كتبناها ليشتمل الكتاب على كل من روي عنه العلم وجاء وجود الجرح والتعديل فيهم فنحن ملحقوها بهم من بعد إن شاء الله تعالى».

 

أما اعتماده على توثيق ابن حبان ، فابن حبان كان متساهلاً في التوثيق فما كل من ذكرهم في «كتاب الثقات» بثقات. وقد تكلم عن تساهل ابن حبان في التوثيق العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني في كتاب «التنكيل» وكذا الشيخ ناصر الألباني في مواضع من «السلسلة الضعيفة». فكان مما قاله الألباني: «إن ابن حبان متساهل في التوثيق، فإنه كثيراً ما يوثق المجهولين حتى الذين يصرح هو بنفسه أنه لا يدري من هو ولا من أبوه».

 

وتساهله نابع من اصطلاحه في تعريف العدل، فالعدل عنده من لم يعرف منه الجرح إذ الجرح ضد التعديل، فمن لم يعلم بجرح فهو عدل إذا لم يبين ضده إذ لم يكلف الناس معرفة ما غاب عنهم.[2]

 

وأما توثيقه لعبد الله بن لهيعة بإطلاق فهو موضع انتقاد أيضاً. إذ أن عبد الله بن لهيعة ضعفه أكثر العلماء الذين يعتد بقولهم كابن معين، والنسائي، وابن المديني، والجوزجاني، وابن حبان، والذهبي، وابن خزيمة، لأنه اختلط في آخر عمره بعد احتراق كتبه، وأما من روى عنه قبل الاختلاط فروايته صحيحة، والذين رووا عنه قبل أن يختلط وقبل احتراق كتبه هم العبادلة... «عبد الله ابن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن المقرئ» وفي غير رواية هؤلاء عنه فهو ضعيف.

 

وأما توثيقه للمجهولين من التابعين فليس بصحيح، وإنما فعل ذلك قياساً لحال هؤلاء على حال الصحابة، والفرق واضح، فالصحابة مشهود بعدالتهم وثقتهم وقد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وليس حال التابعين كذلك.. قال الحافظ ابن حجر: «ثم إن من بعد الصحابة تلقوا ذلك منهم وبذلوا أنفسهم في حفظه وتبليغه، وكذلك من بعدهم إلا أنه دخل فيمن بعد الصحابة في كل عصر قوم ممن ليست لهم أهلية ذلك وتبليغه، فأخطأوا فيما تحملوا ونقلوا، ومنهم من تعمد ذلك فدخلت الآفة فيه من هذا الوجه، فأقام الله طائفة كثيرة من هذه الأمة للذب عن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فتكلموا في الرواة على قصد النصيحة».[3]

 

لكن الشيخ أحمد شاكر إذا مر بتابعي وكان مجهولاً، فكثيراً ما يكرر العبارة الآتية: «وهو تابعي، فأمره على الستر والعدل حتى يتبين فيه جرح».

 

من روائع مقالاته:

• يقول - رحمه الله- في مقال له بعنوان «تصحيح الكتب»:

تصحيح الكتب، وتحقيقها من أشق الأعمال وأكبرها تبعة، ولقد صوَّر أبو عمرو الجاحظ ذلك أقوى تصوير، في كتاب «الحيوان» فقال [ج1، ص79 من طبعة أولاد السيد مصطفى الحلبي بمصر]: «ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفاً، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حرِّ اللفظ، وشريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص؛ حتى يرده إلى موضعه من أمثلة الكلام؛ فكيف يطيق ذلك المعارض المستأجر، والحكيم نفسه قد أعجزه هذا الباب؟ وأعجب من ذلك أنه يأخذ بأمرين: قد أصلح الفاسد، وزاد الصالح صلاحاً، ثم يصير هذا الكتاب بعد ذلك نسخة لإنسان آخر، فيسير فيه الورَّاق الثاني سيرة الورَّاق الأول.

 

ولا يزال الكتاب تتداوله الأيدي الجانية، والأعراض المفسدة، حتى يصير غلطاً صرفاً وكذباً مصمتاً؛ فما ظنكم بكتاب تتعاقبه المترجمون بالإفساد، وتتعاوره الخطاط بشرٍّ من ذلك أو بمثله، كتاب متقادم الميلاد، دهريُّ الصنعة».

 

وقال الأخفش: «لو نُسخ الكتاب، ولم يعارض، ثم نُسخ ولم يعارض خرج أعجميّا!».

 

وصدق الجاحظ والأخفش، وقد كان الخطر قديماً في الكتب المخطوطة، وهو خطر محصور؛ لقلة تداول الأيدي إياها، مهما كثرت وذاعت؛ فماذا كانا قائلَينِ لو رأيا ما رأينا من المطابع، وما تجترحه من جرائم تسميها كتباً!!

 

ألوف من النسخ من كل كتاب، تنشر في الأسواق والمكاتب، تتناولها أيدي الناس، ليس فيها صحيح إلا قليلاً؛ يقرؤها العالم المتمكن، والمتعلم المستفيد، والعامي الجاهل، وفيها أغلاط واضحة، وأغلاط مشكلة، ونقص وتحريف؛ فيضطرب العالم المتثبِّت إذا هو وقع في خطأ في موضع نظر وتأمل ويظن بما علم الظنون، ويخشى أن يكون هو المخطئ، فيراجع ويراجع، حتى يستبين له وجه الصواب؛ فإذا به أضاع وقتاً نفيساً وبذل جهداً هو إليه أحوج؛ ضحيَّة لعب من مصحح في مطبعة، أو عمد من ناشر أمِّيٍّ، يأبى إلا أن يوسد الأمر إلى غير أهله، ويأبى إلا أن يركب رأسه؛ فلا يكون مع رأيه رأي.

 

ويشتبه الأمر على المتعلم الناشئ، في الواضح والمشكل، وقد يثق بالكتاب بين يديه، فيحفظ بالخطأ، ويطمئن إليه، ثم يكون إقناعه بغيره عسيراً، وتصوَّر أنت حال العامي بعد ذلك!!.

 

وأيُّ كتب تبتلى هذا البلاء؟ كتب هي ثروة ضخمة من مجد الإسلام، ومفخرة للمسلمين، كتب الدين والعلم: التفسير والحديث، والأدب والتاريخ، وما إلى ذلك من علوم أُخر.

 

وفي غمرة هذا العبث تضيء قلةٌ من الكتب طبعت في مطبعة بولاق قديماً عندما كان فيها أساطين المصححين، أمثال الشيخ محمد قطة العدوي، والشيخ نصر الهوريني، وفي بعض المطابع الأهلية كمطبعة الحلبي والخانجي.

 

وشيء نادر عنى به بعض المستشرقين في أوروبة وغيرها من أقطار الأرض يمتاز عن كل ما طبع في مصر بالمحافظة الدقيقة -غالباً- على ما في الأصول المخطوطة التي يطبع عنها مهما اختلفت، ويذكرون ما فيها من خطأ وصواب، يضعونه تحت أنظار القارئين، فَرُبَّ خطأ في نظر مصحح الكتاب هو الصواب الموافق لما قال المؤلف، وقد يَتَبَيَّنُهُ شخص آخر عن فهم ثاقب، أو دليل ثابت.

 

وتمتاز طباعتهم - أيضاً - بوصف الأصول التي يطبعون عنها وصفاً جيداً، يظهر القارئ على مبلغ الثقة بها، أو الشك في صحتها؛ ليكون على صحة من أمره.

 

وهذه ميزة لن تجدها في شيء مما طبع في مصر قديماً بلغ ما بلغ من الصحة والإتقان؛ فها هي الطبعات الصحيحة المتقنة من نفائس الكتب المطبوعة في بولاق، أمثال: الكشاف، والفخر، والطبري، وأبي السعود، وحاشية زاده على البيضاوي، وغيرها من كتب التفسير، وأمثال البخاري، ومسلم، والترمذي، والقسطلاني، والنووي على مسلم، والأم للإمام الشافعي، وغير ذلك من كتب الحديث والفقه؛ وأمثال لسان العرب، والقاموس، والصحاح، وسيبويه، والأغاني، والمزهر، والخزانة الكبرى، والعقد الفريد، وغيرها من كتب اللغة والأدب؛ وأمثال تاريخ ابن الأثير، وخطط المقريزي، ونفح الطيب، وابن خلكان، وذيله، والجبرتي، وغيرها من كتب التاريخ والتراجم، إلى غير ذلك مما طبع من الدواوين الكبار ومصادر العلوم والفنون.

 

أتجد في شيء من هذا دليلاً أو إشارة إلى الأصل الذي أخذ؟!

 

وأقرب مثل لذلك كتاب سيبوبه طبع في باريس سنة 1881م (توافق سنتي 1298، 1299هـ) ثم طبع في بولاق في سني (1316- 1318هـ ) وتجد في الأولى اختلاف النسخ تفصيلاً بالحاشية، ومقدمة باللغة الفرنساوية فيها بيان الأصول التي طبع عنها، ونصَّ ما كتب عليها من تواريخ وسماعات واصطلاحات وغير ذلك حرفيَّاً باللغة العربية؛ ثم لا تجد في طبعة بولاق حرفاً واحداً من ذلك كله، ولا إشارة إلى أنها أخذت من طبعة باريس.

 

فكان عمل هؤلاء المستشرقين مرشداً للباحثين من المُحْدَثين.

 

وفي مقدمة من قلَّدهم وسار على نهجهم العلامةُ الحاج أحمد زكي باشا- رحمه الله - ثم من سار سيره، واحتذى حذوه.ومن ذلك كانت طبعات المستشرقين نفائس تقتنى، وأعلاقاً تُدَّخَر، وتغالى الناس، وتغالينا في اقتنائها على علو ثمنها، وتعسر كثير منها على راغبيه.

 

ثم غلا قومنا غلوَّاً غير مستساغ في تمجيد المستشرقين، والإشادة بذكرهم، والاستخذاء لهم، والاحتجاج بكل ما يصدر عنهم من رأي خطأ أو صواب يتقلدونه، ويدافعون عنه، ويجعلون قولهم فوق كل قول، وكلمتهم عالية على كل كلمة؛ إذ رأوهم أتقنوا صناعة من الصناعات: صناعة تصحيح الكتب؛ فظنوا أنهم بلغوا فيما اشتغلوا به من علوم الإسلام والعربية الغاية، وأنهم اهتدوا إلى ما لم يهتد إليه أحد من أساطين الإسلام وباحثيه؛ حتى في الدين: التفسير والحديث والفقه.

 

وجهلوا أو نسوا، أو علموا وتناسوا أن المستشرقين طلائع المبشرين، وأن جلَّ أبحاثهم في الإسلام وما إليه إنما تصدر عن هوى، وقصد دفين، وأنهم كسابقيهم ﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾ [النساء: 46].

 

وإنما يفْضُلونهم بأنهم يحافظون على النصوص، ثم هم يحرفونها بالتأويل والاستنباط.

 

نعم إن منهم رجالاً أحرار الفكر لا يقصدون إلى التعصب، ولا يميلون مع الهوى، ولكنهم أخذوا العلم عن غير أهله، وأخذوه من الكتب، وهم يبحثون في لغة غير لغتهم، وفي علوم لم تمتزج بأرواحهم، وعلى أسس غير ثابتة وضعها متقدموهم، ثم لا يزال ما نُشِّئوا عليه، واعتقدوا يَغْلِبُهم، ثم ينحرف بهم عن الجادة، فإذا هم قد ساروا في طريق آخر غير ما يؤدي إليه حريةُ الفكر والنظر السليم.

 

ومعاذ الله أن أبخس أحداً حقه، أو أنكر ما للمستشرقين من جهد مشكور في إحياء آثارنا الخالدة، ونشر مفاخر أئمتنا العظماء.

 

ولكني رجل أريد أن أضع الأمور مواضعها، وأن أُقِرَّ الحقَّ في نصابه، وأريد أن أعرف الفضل لصاحبه، في حدود ما أسدى إلينا من فضل، ثم لا أجاوز به حده، ولا أعلو به عن مستواه.

 

ولكني رجل أتعصب لديني ولغتي أشد العصبية، وأعرف معنى العصبية وحدَّها، وأنْ ليس معناه العدوان، وأنْ ليس في الخروج عنها إلا الذل والاستسلام.

 

وإنما معناها الاحتفاظ بمآثرنا ومفاخرنا، وحوطُها والذود عنها؛ وإنما معناها أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأعرف أنه «ما غُزِيَ قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا».

 

وقد - والله - غُزِينا في عقر دارنا، وفي كل ما يقدسه الإسلام، ويفاخر به المسلمون.

 

وكان قومنا ضعافاً، والضعيف مُغْرَىً أبداً بتقليد القويِّ وتمجيده؛ فرأوا من أعمال الأجانب ما بهر أبصارهم؛ فقلدوهم في كل شيء، وعظموهم في كل شيء، وكادت أن تعصف بهم العواصف، لولا فضل الله ورحمته.

 

غرَّ الناسَ ما رأوا من إتقان مطبوعات المستشرقين؛ فظنوا أن هذه خطة اخترعوها، وصناعة ابتكروها، لا على مثال سابق، ليس لهم فيها من سلف، ووقع في وهمهم أن ليس أحد من المسلمين بمستطيع أن يأتي بمثل ما أتوا، بَلْهَ أن يَبُزَّهم إلا أن يكون تقليداً واتباعاً، وراحوا يثقون بالأجنبي، ويزدرون ابن قومهم ودينهم؛ فلا يعهدون له بجلائل الأعمال وعظيمها، بل دائماً: المستشرقون! المستشرقون!! ويلقى الأجنبي منهم كل عون وتأييد إلى ما له في قومه وبلاده من عون وتأييد.

 

وقد يلقون للمسلم والمصري فضلات من الثقة؛ على أن يكون ممن يعلنون اتِّبَاع المستشرقين، والاقتداء بهم، والاهتداء بهديهم، وعلى أن يكون ممن درسوا وتعلموا باللغات الأجنبية، حتى فيما كان من العلوم إسلاميَّاً وعربيَّاً خالصاً، وعلى أنه إذا عهد لأجنبي ومصري بعمل واحد كان الاسم كله للأول، والثاني تابع؛ ولعله أن يكون الثاني أرسخ قدماً فيما عهد إليهما، على قاعدة: «علمه وأطع أمره»!!

 

وما كان هذا الذي نصف خاصَّاً بالعمل في الكتب وحدها، وإنما هي ذلة ضربت على المسلمين في شأنهم كله، عن خطط تبشيرية ثم استعمارية، رسمت ونفِّذت، في كل بلد من بلدان الإسلام، وليس المقام مقام تفصيل ذلك، ولكنا نعود إلى ما نحن بسببه من تصحيح الكتب.

 

لم يكن هؤلاء الأجانب مبتكري قواعد التصحيح، وإنما سبقهم إليها علماء الإسلام المتقدمون، وكتبوا فيها فصولاً نفيسة، نذكر بعضها هنا، على أن يذكر القارئ أنهم ابتكروا هذه القواعد؛ لتصحيح الكتب المحفوظة، إذ لم تكن المطابع وُجدت، ولو كانت لديهم لأتوا من ذلك بالعجب العجاب، ونحن وارثو مجدهم وعزِّهم، وإلينا انتهت علومهم؛ فلعلنا نحفز هممنا لإتمام ما بدؤوا به.

نبني كما كانت أوائلنا
تبني ونفعل مثل ما فعلوا [4]

 

وفي مقال بعنوان «كلمة حق» يقول رحمات الله تعالى عليه:

ما أَقلَّ ما قلنا (كلمةَ الحق) في مواقف الرجال، وما أَكثر ما قصّرنا في ذلك، إن لم يكن خوفاً فضعفاً، ونستغفر الله، وأَرى أَنْ قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا؛ كفَّارةً عما سَلَف من تقصير، وعما أَسْلَفْتُ من الذنوب، ليس لها إلاَّ عفوُ الله ورحمته، والعمر يجري بنا سريعاً، والحياة توشك أن تبلغ منتهاها.

 

وأَرى أنْ قد آنَ الأوانُ لنقولها ما استطعنا، وبلادُنا، وبلاد الإسلام تنحدر في مجرى السَّيْل، إلى هُوَّة لا قرار لها، هُوَّةِ الإلحاد والإباحية والانحلال، فإن لم نقف منهم موقف النذير، وإن نأخذ بحُجَزِهم عن النار انحدرنا معهم، وأصابنا من عَقَابيل ذلك ما يصيبهم، وكان علينا من الإثم أضعاف ما حُمِّلو.

 

ذلك بأن الله أخذ علينا الميثاق: ﴿ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آل عمران: 187].

 

وذلك بأن ضرب لنا المثل بأَشقى الأُمم: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ﴾ [المائدة:78-79 ].

 

وذلك بأن الله وصفنا-معشرَ المسلمين- بأننا خيرُ الأمم: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ﴾ [آل عمران:110].

 

فإن فقدنا ما جعلنا الله به خير الأُمم، كنَّا كَمَثَل أشقاها، وليس من منزلة هناك بينهم. وذلك بأن الله يقول: ﴿ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾ [الأحزاب:39].

 

وذلك بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَلاَ لا يمنعنَّ أحدكم رهبة الناس أن يقول بحقٍّ إذا رآه الناس أو شَهِدَه؛ فإنه لا يُقرِّب من أَجَلٍ ذلك، ولا يُبَاعد من رِزْقٍ، أَنْ يقولَ بحقٍّ، أو يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ».

 

وذلك بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحقرنَّ أحدكم نفسه»، قالوا:يا رسول الله، كيف يحقر أَحدنا نفسه؟قال: «يرى أمراً لله عليه فيه مقال، ثم لا يقولُ فيه؛ فيقولُ الله -عز وجل- له يوم القيامة: ما منعك أن تقولَ فيَّ كذا وكذا ؟فيقولُ خَشْيَة الناس، فيقول ُ:فإياي كنت أَحقَّ أن تَخْشَى».

 

نريد أن نقول (كلمة الحق) في شؤون المسلمين كلها، نريد أن ننافح عن الإسلام ما استطعنا، بالقول الفصل، والكلمة الصريحة، لا نخشى أحداً إلاَّ الله؛ إذ نقول ما نقول في حدود ما أنزل الله لنا به، بل ما أوجب عليه أن نقوله، بهدي كتاب ربنا، وسنة رسوله.

 

نريد أَن نحارب الوثنية الحديثة والشرك الحديث، اللذين شاعا في بلادنا وفي أكثر بلاد الإسلام، تقليداً لأُوربة الوثنية الملحدة، كما حارب سلفنا الصالح الوثنية القديمة، والشرك القديم.

 

نريد أن ننافح عن القرآن، وقد اعتاد ناس أن يلعبوا بكتاب الله بين أَظهرنا، فمن متأول لآياته غير ِمؤمن به، يريد أن يَقْسِرَها على غير ما يدل عليه صريح اللفظ في كلام العرب، حتى يوافق ما آمن به، أو ما أُشْرِبتْهُ نفسه، من عقائد أُوربة ووثنيتها وإلحادها، أو يُقَرِّبه إلى عاداتهم وآدابهم -إن كانت لهم آداب - ليجعل الإسلام ديناً عصريَّاً في نظره ونظر ساداته الذين ارتضع ألبانهم، أو رُبِّي في أحضانهم!!.

 

ومن منكر لكل شيء من عالم الغيب، فلا يفتأ يحاور ويداور؛ ليجعل عالم الغيب كله موافقاً لظواهر ما رأى من سنن الكون، إن كان يرى، أو على الأصح لما فهم أَن أُوربة ترى!! نعم، لا بأس عليه -عنده- أن يؤمن بشيء مما وراء المادة، إن أثبته السادة الأُوربيون، ولو كان من خرافات استحضار الأرواح!

 

ومن جاهل لا يفقه في الإسلام شيئاً، ثم لا يستحي أن يتلاعب بقراءات القرآن وألفاظه المعجزة السامية ،فيكذب كل الأئمة والحفاظ فيما حفظوا ورووا؛ تقليداً لعصبية الإفرنج التي يريدون بها أن يهدموا هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ ليجعلوه مثل ما لديهم من كتب.وهكذا ما نرى وترون.

 

نريد أن نحفظ أعراض المسلمين. وأن نحارب ما أحدث «النسوانُ» وأنصار «النسوانُ» من منكرات الإباحة والمجون والفجور والدعارة، هؤلاء «النسوانُ» الـلائي ليس لهن رجال، إلاَّ رجال «يُشْبِهْنَ» الرجال!! هذه الحركة النسائية الماجنة، التي يتزعمها المجددون وأشباه المجددين، والمخنثون من الرجال، والمترجلات من النساء، التي يهدمون بها كل خلق كريم، يتسابق أولئك وهؤلاء إلى الشهوات، وإلى الشهوات فقط.

 

نريد أن ندعو الصالحين من المؤمنين، والصالحات من المؤمنات: الذين بقي في نفوسهم الحفاظ والغيرة ومقومات الرجولة، واللاتي بقي في نفوسهن الحياء والعفة والتصوُّن إلى العمل الجدِّي الحازم على إرجاع المرأة المسلمة إلى خدرها الإسلامي الموصون، إلى حجابها الذي أمر الله به؛ طوعاً أو كره.

 

نريد أن نثابر على ما دَعَوْنَا وندعو إليه من العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله في قضائنا كله، في كل بلاد الإسلام، وهدم الطاغوت الإفرنجي الذي ضُرب على المسلمين في عقر دارهم في صورة قوانين، والله -تعالى- يقول: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً ﴾ [النساء:60-61]، ثم يقول: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ [النساء: 65].

 

نريد أن نتحدث في السياسةِ العليا للأمة الإسلامية، التي تجعلهم «أمة واحدة»، كما وصفهم الله في كتابه، نسمو بها على بدعة القومية، وعلى أهواء الأحزاب.

 

نريد أن نُبَصِّر المسلمين وزعماءَهم بموقعهم من هذه الدنيا بين الأمم، وتكالب الأمم عليهم بغياً وعَدَوْاً، وعصبية وكراهية الإسلام أولاً وقبل كل شيء.

 

نريد أن نعمل على تحرير عقول المسلمين وقلوبهم من روح التهتك والإباحية، ومن روح التمرد والإلحاد، وأن نريهم أثر ذلك في أوربة وأمريكا، اللتين يقلدانها تقليد القردة، وأن نريهم أثر ذلك في أنفسهم وأخلاقهم ودينهم.

 

نريد أن نحارب النفاق والمجاملات الكاذبة، التي اصطنعها كُتَّاب هذا العصر أو أكثرهم فيما يكتبون وينصحون! يظنون أن هذا من حسن السياسة، ومن الدعوة إلى الحق «بالحكمة والموعظة الحسنة» اللتين أمر الله بها !. وما كان هذا منهما قط، وإنما هو الضعف والاستخذاء والملق والحرص على عَرَض الحياة الدني.

 

وما نريد بهذا أن نكون سفهاء أو شتامين أو منفِّرين، معاذ الله، و «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، والفاحش ولا البذيء» كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

ولكنَّا نريد أن نقول الحق واضحاً غير ملتوٍ، وأن نصف الأشياء بأوصافها الصحيحة بأحسن عبارة نستطيعها، ولكنا نربأ بأنفسنا وبإخواننا أن نصف رجلاً يعلن عداءه للإسلام، أو يرفض شريعة الله ورسوله- مثلاً - بأنه «صديقنا»، والله -سبحانه- نهانا عن ذلك نهياً حازماً في كتابه.

 

ونربأ بأنفسنا أن نضعف ونستخذي؛ فنصف أمةً من الأمم تضرب المسلمين بالحديد والنار، وتهتك أعراضهم، وتنهب أموالهم، بأنها أمة «صديقة» أو بأنها أمة «الحرية والنور» إذا كان من فعلها مع إخواننا أنها أمة «الاستعباد والنار»! وأمثال ذلك مما يرى القارئ ويسمع كل يوم والله المستعان.

 

نريد أن نمهد للمسلمين سبيل العزة التي جعلها الله لهم ومن حقهم إذا اتصفوا بما وصفهم به: أن يكونوا «مؤمنين».

 

نريد أن نوقظهم وندعوهم إلى دينهم بهذا الصوت الضعيف، صوت مجلتنا هذه المتواضعة ولكننا نرجو أن يدوِّي هذا الصوت الضعيف يوماً ما؛ فيملأ العالم الإسلامي، ويبلغ أطراف الأرض، بما اعتزمنا من نية صادقة نرجو أن تكون خالصة لله وحده؛ جهاداً في سبيل الله، إن شاء الله.

 

فإن عجزنا أو ذهبنا، فلن يعدم الإسلام رجلاً أو رجالاً خيراً منا، يرفعون هذا اللواء، فلا يزال خَفَّاقاً إلى السماء، بإذن الله[5].

 

موقفه من دعاة تحرير المرأة:

يقول الأستاذ «سليمان بن صالح الخراشي»: يُعد الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - من أبرز علماء هذا العصر الثقات؛ ممن وفقهم الله تعالى للجمع بين العلم الشرعي ونشره -لاسيما علم الحديث- مع المشاركة النافعة النابهة في قضايا المسلمين الحادثة. ومثل هذا الجمع لا نكاد نجده إلا في قليل، وهو ما تحتاجه أمة الإسلام في كل زمان؛ لكي لا ينحرف مسيرها بين عالم أو طالب علم منزوٍ عن هموم الأمة، أو متصدرٍ جهول بشرع الله.

 

ومما تميز به الشيخ أحمد شاكر-رحمه الله- كذلك: ذكاؤه المشهود في مواجهة أهل الفساد والانحراف، ومعرفته بطرقهم وأساليبهم الملتوية، ومن طالع مؤلفاته أو تعليقاته على الكتب -لاسيما تعليقاته على مسند الإمام أحمد- عرف هذا؛ فهو جدير بكلمة عمر -رضي الله عنه-: «لستُ بالخب ولا الخب يخدعني».

 

وقد اخترت من «جمهرة مقالاته» التي طُبعت في مجلدين هذا العام: موقفًا مفيدًا يشهد لهذا الأمر؛ واجه به دعاة إفساد المرأة المسلمة؛ ممن كانت تعج بهم بلاد مصر ذاك الحين.

 

يقول الشيخ -رحمه الله-: (لا يزال كثير من الناس يذكرون ذلك الجدال الغريب الذي ثار في الصحف بشأن الخلاف في جواز ولاية المرأة القضاء! والذي أثار هذا الجدال هو وزارة العدل؛ إذ تقدم إليها بعض «البنات» اللائي أعطين شهادة الحقوق، ورأين أنهن بذلك صرن أهلاً لأن يكنَّ في مناصب النيابة، تمهيداً لوصولهن إلى ولاية القضاء! فرأت الوزارة أن لا تستبد بالفصل في هذه الطلبات وحدها، دون أن تستفتي العلماء الرسميين.

 

وذهب العلماء الرسميون يتبارَوْن في الإفتاء!! ويحكون في ذلك أقوال الفقهاء؛ فمن ذاكرٍ مذاهب أبي حنيفة في إجازة ولايتها في الأموال فقط، ومن ذاكرٍ المذهب المنسوب لابن جرير الطبري في إجازة ولايتها القضاء بإطلاق، ومن ذاكرٍ المذهب الحق الذي لا يُجوز ولايتها القضاء قط، وأن قضاءها باطلٌ مطلقاً، في الأموال وغير الأموال.

 

ومن أعجب المضحكات في هذا الجدال الغريب: أن تقوم امرأة فتكتب رداً على من استدل من العلماء بالحديث الصحيح الثابت: «لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة». فتكون طريفة كل الطرافة، وتدل على أنها تكتب بعقل المرأة حقاً، فتستدل على بطلان هذا الحديث؛ بأنه لا يُعقل أن يقوله رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول: «خذوا نصف دينكم عن هذه الحُميراء»!! وهي لا تعرف هذا الحديث ولا ذاك الحديث، ولا تعرف أين يوجدان أو يوجد أحدهما، من كتب السنة أو كتب الشريعة أو غيرها؛ لأن كتابتها تدل على أنها مثقفة ثقافة إفرنجية خالصة! ليس لها من الثقافة العربية أو الإسلامية نصيب!

 

ووجه العجب المضحك في استدلالها هذا الطريف: أن الحديث الذي استدلت به حديث لا أصل له أبداً، أي هو حديث مكذوب لم يقله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! ولستُ أزعم أنها هي التي اخترعته، فإني لا أظنها تصل إلى هذه الدرجة. ولكنه حديث ذُكر في بعض المصنفات القديمة، ونصَّ حفّاظ الحديث ونقدتُه العارفون العالمون على أنه حديث منكر، لم يجد له العلماء الحفاظ إسناداً قط، بل قال ابن القيم الإمام: «كل حديث فيه يا حميراء، أو ذكر الحميراء، فهو كذب مختلق».

 

فاعجبوا –في بلد العجائب- أن تقوم امرأة لا تعرف عن الشريعة شيئاً، إلا أن يكون ما يعرفه العوام، على شك في هذا أيضاً، فتردّ على العلماء الرسميين، وتجزم بتكذيب حديث صحيح ثابت، استناداً إلى حديث مختلق مكذوب ) !!

إلى أن يقول:

(سألت وزارة العدل العلماء فأجابوا. ولستُ أدري لِمَ أجابوا؟ وكيف رضوا أن يجيبوا في مسألة فرعية، مبنية على أصلين خطيرين من أصول الإسلام، هدمهما أهل هذا العصر أو كادوا؟!

 

ولو كنتُ ممن يُسأل في مثل هذا، لأوضحت الأصول، ثم بنيتُ عليها الجواب عن الفرع أو الفروع.

 

فإن ولاية المرأة القضاء في بلدنا هذا، في عصرنا هذا -يجب أن يسبقها بيان حكم الله في أمرين بُنيتْ عليهما بداهةً:

أولاً: أيجوز في شرع الله أن يُحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربة الوثنية الملحدة، بل بتشريع لا يبالي واضعه أوافق شرعة الإسلام أم خالفها ؟!

 

إن المسلمين لم يبلوا بهذا قط، فيما نعلم من تاريخهم، إلا في عهد من أسوأ عهود الظلم والظلام، في عهد التتار، ومع هذا فإنهم لم يخضعوا له، بل غلب الإسلام التتار، ثم مزجهم فأدخلهم في شرعته، وزال أثر ما صنعوا من سوء، بثبات المسلمين على دينهم وشريعتهم، وبأن هذا الحكم السيئ الجائر كان مصدره الفريق الحاكم إذ ذاك، لم يندمج فيه أحد من أفراد الأمم الإسلامية المحكومة، ولم يتعلموه، ولم يعلموه أبناءهم، فما أسرع ما زال أثره؛ ولذلك لا نجد له في التاريخ الإسلامي –فيما أعلم أنا- أثراً مفصلاً واضحاً إلا إشارةً عالية محكمةً دقيقة، من العلامة الحافظ ابن كثير المتوفى سنة 774).

 

ثم ذكر تعليق ابن كثير على حكم التتار بقانونهم الوضعي الذي سموه «الياسق»، ثم قال: (أرأيتم هذا الوصف القوي من ابن كثير في القرن الثامن؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر في القرن الرابع عشر؟ إلا في فرق واحد، أشرنا إليه آنفاً: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام، أتى عليها الزمن سريعاً، فاندمجت في الأمة الإسلامية، وزال أثر ما صنعت؟ ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً منهم؛ لأن الأمة كلها الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة، والتي هي أشبه شيء بالياسق الذي اصطنعه جنكيز خان، يتعلمها أبناؤها، ويفخرون بذلك آباءً وأبناءً، ثم يجعلون مردَّ أمرهم إلى معتنقي هذا «الياسق العصري» ويشجبون من عارضهم في ذلك، حتى لقد أدخلوا أيديهم في التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى «ياسقهم الجديد» بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخُدَع تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطان في الدولة تارات.

 

ويصرحون -ولا يستحيون- أنهم يعملون على فصل الدولة عن الدين!! وأنتم ترون ذلك وتعلمون.

 

أفيجوز مع هذا لمسلم أن يعتنق هذا الدين الجديد؟ أعني التشريع الجديد! أو يجوز لأب أن يرسل أبناءه لتعلم هذا واعتناقه واعتقاده والعمل به، ذكراً كان الابن أو أنثى، عالما كان الأب أو جاهلاً ؟!

 

هذه أسئلة في صميم الموضوع وأصله، يجب الجواب عنه إثباتاً ونفياً أولاً، حتى إذا ما تحقق الجواب بالأدلة الشرعية الصحيحة، التي لا يستطيع مسلم أن يخالفها أو ينفيها أو يخرج عليها، استتبع ذلك –بالضرورة- سؤالاً محدداً واضحاً: أيجوز حينئذ لرجل مسلم أن يلي القضاء في ظل هذا «الياسق العصري» وأن يعمل به ويعرض عن شريعته البينة؟!

 

ما أظن أن رجلاً مسلماً يعرف دينه ويؤمن به جملةً وتفصيلاً، ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله الله على رسوله كتاباً محكماً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبأن طاعته وطاعة الرسول الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنه يستطيع إلا أن يفتي فتوى صريحة بأن ولاية الرجال القضاء في هذا الحال باطلةٌ بطلاناً أصلياً لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة !!

 

ثم يسقط السؤال عن ولاية المرأة هذا القضاء من تلقاء نفسه.

 

وثانياً: أيجوز في شرع الله أن تذهب الفتيات في فورة الشباب إلى المدارس والجامعات، لتدرس القانون أو غيره، سواء مما يجوز تعلمه ومما لا يجوز؟ وأن يختلط الفتيان والفتيان هذا الاختلاط المعيب، الذي نراه ونسمع أخباره ونعرف أحواله.

 

أيجوز في شرع الله هذا السفور الفاجر الداعر، الذي تأباه الفطرة السليمة والخلق القويم، والذي ترفضه الأديان كافة على الرغم مما يظن الأغرار وعبَّاد الشهوات؟!

 

يجب أن نجيب عن هذا أولاً، ثم نبحث بعدُ فيما وراءه.

 

ثم يسقط السؤال عن ولاية المرأة القضاء من تلقاء نفسه.

 

ألا فليجب العلماء وليقولوا ما يعرفون، وليبلّغوا ما أُمروا بتبليغه، غير متوانين ولا مقصرين.

 

سيقول عني عبيد «النسوان» الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا: أني جامد، وأني رجعي، وما إلى ذلك من الأقاويل، ألا فليقولوا ما شاؤوا، فما عبأت يوماً ما بما يقال عنّي، ولكني قلت ما يجب أن أقول ). انتهى كلامه رحمه الله [6] رحم الله الشيخ «أحمد شاكر» الذي تنبه إلى مكر أهل النفاق وتلبيسهم؛ عندما يتظاهرون بتعظيم الشرع ومرجعيته في بعض الفروع، وهم ينقضون أصوله؛ ثم يأتي بعض السُذج - مهما بلغ علمه - فيُصدقهم ويتجاوب معهم؛ ولم يدرِ المسكين أنه يعينهم على هدم الشريعة والأخلاق.

 

وخذ مثلا لهذا: خوض هؤلاء المنافقين في قضية كشف الوجه، وأن فيها قولين، وأنهم كأهل الإيمان يبحثون عن القول الراجح!! فيصدقهم بعض المتصدرين للفتوى، ويذكرون الخلاف والأدلة..الخ ؛ وما علم هذا المتصدر وأمثاله أن القوم لا يعبأون بأقواله ولا بشرعه! وأنهم إنما يجعلونه سُلمًا وخطوة أولى لإفسادهم.

 

وأذكر أن امرأة تعمل في إخراج الأفلام! لا تظهر في الصحف والقنوات إلا متبرجة قد أبدت شعرها ونحرها وذراعيها وساقيها، صرحت لإحدى الصحف بأن كشف الوجه فيه قولان! وأنها قد سألت الشيخ الفلاني عن هذا !!

 

اللهم هيئ لأمة الإسلام علماء أفذاذ من أمثال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- ممن جمعت لهم بين العلم والذكاء، وجنبهم كل مغفل ساذج. والله الموفق..

 

الوظائف التي شغلها:

بعد حصوله على شهادة العالمية سنة (1917م) عين بمعهد عثمان ماهر لمدة أربعة أشهر، ثم انتقل إلى القضاء الشرعي وتدرج في مناصبه حتى صار قاضيا بالمحاكم الشرعية ثم عضوا بالمحكمة العليا، وأحيل إلى التقاعد في (1952م) ببلوغه سن الستين. وتفرغ بعدها لأعماله العلمية حتى وفاته.

 

عمل مشرفًا على التحرير بمجلة «الهدي النبوي» سنة (1370هـ)، وكان يكتب بها مقالاً ثابتًا بعنوان: «اصدع بما تؤمر»، وقد جمعت بعض هذه المقالات ونشرت في كتاب بعنوان «كلمة الحق».طبعته دار الكتب السلفية.

 

وتوفي يوم السبت 26 ذي القعدة سنة (1377هـ) الموافق 14يونيو سنة (1958م).

 

مصادر الترجمة:

• الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية - فاطمة محجوب، نشر دار الغد العربي، ص 687.

 

• الرسالة للشافعي، تحقيق أحمد محمد شاكر، ص 8.

 

• من العلماء الرواد في رحاب الأزهر - المستشار محمد عزت الطهطاوي. ص 576 -580.

 

• الأعلام للزركلي، الجزء الأول، ص 253.

 

• الشيخ أحمد محمد شاكر حكمت الحريري.

 

• ذكاء عالم... (موقف الشيخ أحمد شاكر من دعاة إفساد المرأة بمصر) سليمان بن صالح الخراشي.



[1] الرسالة للشافعي، تحقيق أحمد محمد شاكر، ص 8.

[2] مقدمة كتاب الثقات

[3] لسان الميزان : 1/3

[4] مجلة الهدي النبوي، العدد17، ص 21- 26، شعبان 1357هـ.

[5] نشر في مجلة الهدي النبوي المجلد الخامس عشر، والسادس عشر، وهي في كتاب (كلمة الحق) الذي جمع مقالات الشيخ-رحمه الله- وقدم له الأستاذ عبد السلام هارون، وترجم للمؤلف محمود شاكر، رحم الله الجميع.

[6] جمهرة مقالات الشيخ أحمد شاكر ، جمع الأستاذ عبد الرحمن العقل ، 598-591/2.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أبو الأشبال أحمد شاكر .. تحقيقات نادرة
  • التحذير من الوقيعة في أهل الحديث والسنة
  • إمام أهل الحديث: محمد بن إسماعيل البخاري
  • أحمد محمد شاكر
  • فضل أهل الحديث

مختارات من الشبكة

  • مسائل الإمام أحمد الفقهية برواية أحمد بن القاسم (من أول كتاب البيع إلى آخر باب الصلح)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في طبقات أصحاب الإمام أحمد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في درء المثالب التي تنمى لمذهب الإمام أحمد (نسخة ثالثة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في درء المثالب التي تنمى لمذهب الإمام أحمد (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عرض كتاب: القول الأحمد في بيان غلط من غلط على الإمام أحمد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة المنهج الأحمد في درء المثالب التي تنمى لمذهب الإمام أحمد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • فضل الشكر وجزاء الشاكرين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترجمة مختصرة لفضيلة الشيخ محمد بن أحمد سيد أحمد (رحمه الله)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة إجازة محمد بن عبدالوهاب بن أحمد بركات الشافعي الأحمدي إلى حسين أفندي بن مراد(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- تثمين
عبد القادر - الجزائر 17-07-2017 01:29 PM

وفقكم الله وسدد الخطا في نشر العلم الشرعي وتثمين رجالاته والحفاظ والذب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دمتم في خدمة العلم وأهله........نوركم الله شكرا عبد القادر من بلاد الإسلام الجزائر.......

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب