• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الأمن خطوة في طريق الحضارة

الأمن خطوة في طريق الحضارة
أحمد مصطفى علي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/5/2012 ميلادي - 21/6/1433 هجري

الزيارات: 26529

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأمن خطوة في طريق الحضارة

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

ربما كان أكبر سؤالٍ يواجه بلادَنا الآن هو: متى يعود الأمن ويتحقق الأمان؟ وترجع أهمية السؤال لخطورة قضيَّة الأمن وأبعادها، والمتوقف عليها عودة الحياة لمصر، وهو ما سأسعى إلى توضيحِه خلال هذا المقال، بتفسير علاقة عنصر الأمن بالسياسة والاقتصاد، والقِيَم الاجتماعية والدينية، والمورث التاريخي للشعوب؛ وذلك لمزيد من الفهم للقضية؛ سعيًا لإجابة دقيقة للتساؤل الذي تزداد أهميته مع تضاعف معدَّل الجرائم لأكثر من 300% بعد الثورة، منها أكثر من 120 جريمة قتل شهريًّا، وعشرات الآلاف من جرائم السَّطو المسلَّح والسرقات والاعتداء على المال العامِّ والخاص، خاصَّة مع وجود نصف مليون بلطجي ومسجَّل خطر، و95 ألف سجين هارب؛ وذلك وَفْقًا لبيانات وزارة الداخلية، وهي أرقام برغم ضخامتها فإنها لا تصل لحد الكارثة، خاصَّة وأنَّ تَعداد المصريين يتجاوز 80 مليون نسمة، وقوات الشرطة تتجاوز قرابة 2 مليون شرطي، ولكن الأزمة تكمن في عدم الرغبة في استخدام العنف بعد الثورة، ومساواة ذلك - في التعامل - مع الناشط السياسيِّ والمجرمِ الجنائي، وهما أمران لا يتلازمان على الإطلاق.

 

وترجع خطورة قضية الأمن إلى كونِه ضرورةً رئيسية لاستقرار المجتمعات وتقدُّمها، وتشكيلِه محورًا رئيسيًّا لصناعة الحضارة، وهو ما يجعله من أهم العناصر التي تَحرِص عليها الأممُ، وأصعبِها في الوقت ذاته، خاصة إذا ما فهمنا المعنى الأشمل لهذه الكلمة؛ فأمن المواطنين ضد أي خطر يمس حياتَهم وممتلكاتِهم هو مجرَّد بُعْدٍ من أبعاد مفهوم الأمن الخمسة، يُعرف بالبعد الاجتماعي، والذي يرمي لتوفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يَزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء، وهو لا يقلُّ أهميةً عن بُعْد الأمن الاقتصادي، والذي يهدف لتوفير المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعب، وتوفير سُبُل التقدم والرَّفاهية له، ويجاريهم في الأهمية - خاصة للأجيال القادمة - تحقيقُ بُعْدِ الأمن البيئي، الذي يوفِّر التأمين ضد أخطار البيئة، خاصَّة التخلص من النِّفايات ومسبِّبات التلوث حفاظًا على الأمن، ويساهم في كل ذلك تحقيقُ البُعْد الرابع والمتضمن بُعْد الأمن الأيدلوجي، الذي يؤمِّن الفِكْر والمعتقدات، ويحافظ على العادات والتقاليد والقِيَم، وتحقيق هذه الأبعاد الأربعة سبيلٌ لبُعْدٍ أكثرَ أهمية، وهو بُعْد الأمن السياسي، والذي يتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة، فهذه الأبعاد مجتمعةً هي الغاية التي تسعى لتحقيقها الأممُ الراغبة في صناعة الحضارة.

 

وترجع بداية استخدام مصطلح الأمن علميًّا عقب نهاية الحرب العالمية الثانية؛ وذلك بظهور تيَّار من الأدبيات في أوربا يبحث في كيفية تحقيق الأمن وتلافي الحرب، وكان من أبرز نتائجه نظرياتُ الرَّدع والتوازن، والتي أسفرت عن اهتمام الدول بهذه القضية، وبدأ يتبلور ذلك الاهتمام في إنشاء مجلس الأمن القومي الأمريكي عام 1974، ومنذ ذلك التاريخ وبدأ انتشار استخدام مفهوم الأمن بمستوياته المختلفة؛ طبقًا لطبيعة الظروف المحلية والإقليمية والدولية، وواكب ذلك الفكرُ السياسي العربي، وظهر اهتمامٌ عربي بصياغة محددة ومفهوم متعارف عليه للأمن في منتصف السبعينيات، حتى تطوَّر ذلك بشكل ملحوظ في عام 1992م، عندما أقدمت الجامعة العربية على عقد اجتماعها التاريخي لدراسة الأمن القومي.

 

ولكن - وبرغم حداثة ذلك المصطلح العلمي - إلا أنَّ مفهومه يوجد منذ بدأت المجتمعات في التطور والرقيِّ الحضاري؛ فهو السبيل للمساهمة في رَواج الفكر والعِلم، كما  أنَّه الداعم لنمو جميع أنشطة الحياة؛ مثل: التجارة والصناعة، إلى غير ذلك من عوامل صناعة التنمية، والتي ترتبط بمدى تحقيق مستويات الأمن، وهي أربعة مستويات؛ تشمل أمن الفرد ضد أي أخطار تهدِّد حياته أو ممتلكاته أو أسرته، والأمن الوطني لحماية الوطن ضد أي أخطار خارجية أو داخلية للدولة، والأمن القومي - وهو الأمن القُطري أو الجماعي - ويعني: اتفاق عدة دول في إطار إقليم واحد على التخطيط لمواجهة التهديدات التي تواجهها داخليًّا وخارجيًّا، والأمن الدولي، وهو الذي تتولاه المنظَّمات الدولية، سواء الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو مجلس الأمن الدولي، ودورهما في الحفاظ على الأمن والسِّلْم الدَّولييْنِ.

 

ويسبق المفهومين العلمي والوضعي لظهور الأمن استخدامُهما لغويًّا، فمصطلح الأمن، ضمن أساسيات اللغات، من قديم الزمان، فكلمة الأمن من الكلمات القديمة جدًّا في اللغة العربية، فالأمن والأمان في اللغة مصدران بمعنى الطمأنينة وعدم الخوف؛ كما جاء ذلك في المصباح المنير جزء 24 - ولسان العرب باب 13/21 مفردات 90، بينما جاء تعريف الأمن غربيًّا فيما بعد ذلك، واتضح بصورة أكبر في تعريف دائرة المعارف البريطانية للأمن بأنه: حماية الأمة من خطر القهر، بينما فسَّرها هنري كيسنجر - وزير الخارجية الأمريكي الأسبق - بأنها: أيُّ تصرفاتٍ يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقِّه في البقاء.

 

وترتبط قضية الأمن أيضًا بالسلم القِيَمي للمجتمعات، وهو الضرورة الحتمية لصناعة الحضارات، وذلك يتضح جليًّا في جميع الرسالات السماوية التي دعتْ لتطبيق الأمن، وجرَّمت أيَّ محاولة للعبث بوجوده، فجاء تحقيق الأمن في الديانة اليهودية ضمن الوصايا العشر، والمتضمنة تحريم المساس بسلامة الآخرين وحقوقهم الجسدية والاقتصادية، وتضمَّن مصطلح الأمن في الديانة المسيحية عبر تعاليم المسيح - عليه السلام - في قوله: "أحبُّوا أعداءكم" كنداء بالسلام والأمان لنظامٍ دائم تعيش عليه الأمم والشعوب، وقولِ المسيح - عليه السلام -: "وليشترِ سيفًا"، إنذارًا بالحرب لمن يعكِّرون السلام والأمان، ويفسدون في الأرض، ويعملون على حرمان الجماهير من حرية العقيدة ونعمة الأمن والحب والهناء، وهكذا أعلن المسيح الحرب على من يعملون للحرب، وبشَّر بالسلام أولئك الذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا استكبارًا.

 

أما في الديانة الإسلامية، فجاءت قضية الأمن كعنصر حيويٍّ بالِغ الأهمية، يرتبط بسلامة العقيدة، واتَّضح ذلك في العديد من الأحاديث النبوية، والعديد من آيات القرآن الكريم، وفي ذلك قولُه - تعالى -: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ ﴾ [آل عمران: 154]، وقوله - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 80 - 82]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ [سبأ: 18]، وقوله - تعالى -: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3، 4].

 

وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة أيضًا توضِّح نعمةَ الأمن التي لا تقدَّر بكنوز الدنيا، وفي ذلك حديث الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من أصبح آمنًا في سِرْبِهِ، معافًى في بدنه، عنده قُوتُ يومِه، فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها))؛ ابن ماجه 4141، وحسنه الألباني؛ ولأجل هذا عظَّم الإسلام أمرَ الأمن، ودعا إلى المحافظة عليه بين الناس جميعًا أفرادًا وجماعات؛ فعلى مستوى الفرد حذَّر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أن يكون الجارُ سببًا في فزع جاره وتخويفه، بل ازداد الأمر تحذيرًا عندما نفى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الإيمانَ عمَّن لا يجد جارُه الأمنَ في جواره، فعن أبي شريح - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يأمنُ جارُه بوائقَه))؛ البخاري 5670.

 

وتتضح ضرورةُ السعي لتوفير الأمن لدى البشر كذلك عبر المطالعة للعلوم الإنسانية، فعالِمُ الاجتماع الشهير ابن خلدون أوضح في كتاباته الخالدة بحقيقة وجود العدوان طبيعة في الإنسان؛ لِما ورد في قوله - تعالى -: ﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، وهو ما أقره علم الجريمة، فهنالك أناس مجرمون بالطبع والنشأة، ويستحيل الحدُّ من فتكهم بالقِيَم والمعاني الإنسانية، ومع تقدم المدن تزداد خطورة الإجرام، الذي يتفنَّن في استخدام كافة الأساليب التكنولوجية، سواء في الفتك بالضحايا عبر الأسلحة بأنواعها، أو استخدام الاتصال والمعلومات للتغرير بالأبرياء، أو في الاحتيال والتزوير عبر الحاسوب، فضلاً عن تقدم وسائل المواصلات، وانتشار الضواحي، وكِبَر حجم المدن وأطرافها، وهو ما مكَّن المجرمَ من إيجاد طريقه للضحيَّة، خاصة مع الطبيعة البشرية للإنسان الاجتماعي المدني بطبعه، والاجتماع ينشأ معه بالضرورة دوافعُ التنافس والحسد والصراع والحقد؛ ولذلك تقتضي الضرورة وجود سلطة قوية تكون وظيفتُها الأُولى هي أن تمنع بعض العابثين من الظلم والعدوان، وتدفعهم للتعايش واحترام الحقوق والقوانين؛ ليستطيع الإنسان تبادُلَ المنافع مع الناس بكل حرية وطمأنينة، وتتحرك معها عوامل الانتماء، ومن ثم الإبداع، والتقدم، والرَّخاء اللازمة لنهضة الأمم.

 

وللشعور بتلك الأهمية جعل الشعراء والأدباء يتناولون هذه القضية عبر العصور، ومنذ قديم الأزل، فالشاعر الحكيم "المتنبي" قال متحدثًا عن الأمن والطبيعة البشرية.

وَالظُّلْمُ مِنْ شِيَمِ النُّفُوسِ فَإِنْ تَجِدْ
ذَا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لاَ يَظْلِمُ


ونحن في مصر نحمل ذاكرةً تاريخية جيدة تتعلق بقضية الأمن، فكنا من أوائل الأمم التي حققتْ مفهوم الأمن بمختلف أبعاده ومستوياته، وذلك في أقدم الحضارات الإنسانية منذ سبعة آلاف عام عبر الحضارة الفرعونية، كما أننا من أكثر البلاد التي فهمت خطورة تلك القضية؛ لِمَا لمسناه من فِقدانه عدة مرات، عبر المطامع التقليدية، ما بين الهجوم البربري للهكسوس، والاحتلال الروماني، والبيزنطيين، وغارة المغول، والصليبيين، والاحتلال الفرنسي، والإنجليزي، وما أن تخلصنا من ذلك باتفاقية الجلاء في عام 1952، حتى فوجئنا بمطامع الإسرائيليين في حروب 1956، و1967م، وبعد انتهاء تلك المشكلة بنصر أكتوبر 1973، عادت إلينا قضية الأمن من خلال الحروب الداخلية مع الأفكار المتطرفة لبعض الجماعات المسلحة، وخاصة في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، وها نحن الآن نستشعر منذ أشهر قليلة، ومع مرور كل يوم، مدى أهمية نعمة الأمن وخطورة فِقدانها، وبِتْنا في وقتنا الراهن نواجه أخطارًا لا تقل عن سابقيها، فما أصعبَ الطَّعنَ حينما يكون من الداخل!

 

فبعد النصر المشرِّف للإرادة الشعبية في ثورة 25 يناير - ونظرًا لظروف سياسة واجتماعية - افتقدنا جهاز الشرطة في غيبوبة مفاجأة، وكانت تداعيَات ذلك الغياب - والذي بدأ يعود على مضض - رهيبةً ومفجعة، وهو طبيعي؛ لِمَا تم توضيحه من الطبيعة البشرية، ولك أن تتخيل ماذا يحدث في أي بلد في العالم حينما تختفي وسائل الحكومات لتحقيق الأمان؛ أعني: أجهزة الأمن، فمن الطبيعي أن تسطعَ على أُفق أيِّ مجتمعٍ الجرائمُ والمصائب من كل لون، وهو ما حدث في مصر، فهذا التغيُّب سمح بخروج الثعابين من جحورها، وترك لها الحبل على الغارب؛ لتحقق أحقادها ومطامعها، وتفتِكَ بالأبرياء.

 

فالمجرمون والبلطجية - بطبيعة الحال - لا يعرفون للقِيَم الإنسانية طريقًا، ولا يفهمون للضمير صدًى، فغايتهم تبرر وسائلَهم الدنيئة في حصد الأموال لمُتَعهم الزائلة، غير عابئين بتعاسة الآخرين أو شقائهم، ومن هنا انتشرتْ جرائم السطو المسلح، والاغتصاب، والقتل العشوائي، فضلاً عن قطع الطرق، والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة على حد السواء، للدرجة التي بتْنا نسمع فيها عن حوادث سرقة سيارات بكاملها من طرق عامة وميادين رئيسية، وفي وسط النهار، وواكبَها مضاعفةُ تعريفة الركوب للسيارات، وسرقات الدقيق المدعم، والبوتاجاز، والمواد البترولية، والمتاجرة فيها، فضلاً عن الإضراب عن العمل، وهو غير شرعي؛ لأن القوانين تسمح بالاعتصام كحقٍّ للتعبير عن الرأي ولمدد معينة، ولكن لا يعني التعبير عن الرأي إيذاءَ الآخرين وانهيار الكيان الاقتصادي للدولة، بالإضافة لأحداث الأمن الأيدلوجي من أحداث طائفية بين نصارى ومسلمين، وبين السلفيين والصوفية، وسايَرَ كل ذلك أحداث أمن اقتصادي، كالاعتداء على أراضي أملاك الدولة، والأرصفة والشوارع، وهروب السائحين من مصر على إثر تلك الأخبار، وحدوث بعض الحوادث الأمنية السلبية مع أعداد منهم، عبر سطو مسلح أو إضراب عمالة فنادق الغردقة عن العمل، وما إلى غير ذلك، وكان طبيعيًّا حدوثُ أشكال من اضطراب الأمن السياسي عبر قتل لضباط وجنود على الحدود المصرية الإسرائيلية،، وتلك الأحداثُ الأمنية المتعاقبة والمتكررة، باتتْ تشكل مخاطر كبرى على البلاد في شتى المجالات؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والبيئية، وفي الوقت ذاته ساهمتْ في خلخلة قِيَم المجتمع واستقراره؛ مما أدخل جموعًا جديدة ضمن فئات البلطجية والمجرمين؛ نظرًا لسيطرة قِيَم البقاء للأقوى، وللكل فعلُ ما يريد، كيفما يريد، وفيمن يريد من البشر، فالقانون والسلطة في إجازة لحين إشعار آخر، وهو ما أدى لتعطل طريق نهضتنا الحتمية بعد هذه الثورة النبيلة، وخاصة بعد القضاء على الفساد المتسبب في خسائر بالغة الخطورة على أقدارنا ومستقبل الأجيال القادمة، ولكننا للأسف بفعل تلك الأحداث الإجرامية المتعاقبة بعد الثورة، فقدْنا ما يُعرف علميًّا باسم هيبة الدولة، وسيطرتها على تنفيذ الشرعية والقانون، واتضح ذلك جليًّا بخسائر مصر المتجاوزة 500 مليون جنيه شهريًّا؛ أي: نصف مليار جنيه، فضلاً عن ضياع أكثر من نصف احتياطي النقد الأجنبي لمصر خلال أشهر معدودة، وها هي الحكومة تُقدِم حاليًّا على اقتراض 3 مليارات جنيه لسداد 20% عجزًا في الموازنة، وهو الحدث الأكثر جللاً وخطورة، خاصة وإذا ما علمنا أن هذا العجز لم يحدث في تاريخ البلاد، وكذلك عدم وجود أمل بتعويضه في المستقبل القريب؛ نظرًا لاستمرار كافة أنواع الخلل الأمني وأحداثه.

 

ولكن، وبرغم الصورة القاتمة والخطيرة، فإن هناك بعضًا من الأمثلة والنماذج المشرفة، والتي سيذكرها التاريخ، لمحاولة تحقيق الأمن المفقود، عبر اللجان الشعبية، وبرغم إخفاقها في إحكام الحد من الجرائم لمعدَّل وجود الجهاز الأمني قبل الثورة، إلا أن هذا أمر طبيعي؛ نظرًا لعدم امتلاكها لأدوات مواجهة الجرائم، من أسلحة وسيارات، وأجهزة تتبع تكنولوجية، وهي ضرورات لتحقيق الأمن في هذا الزمان، مع ازدياد أعداد المجرمين وتشكيلاتهم العصابية الخطيرة والمسلحة، لنيل غايتها من الأبرياء، ولكن ما يعنينا من تجربة اللِّجان الشعبية هو توضيح أهمية المشاركة المجتمعية في تحقيق الأمن، وإمكانية حدوثها وتفعيلها، خاصة وما كشفتْه التجربة مما لدى بعض أبناء الوطن من شعور الانتماء والولاء للبلاد، والحرص عليها، وبذل المشاركة التطوُّعية لتحقيق استقرارها، وذلك دالٌّ على وجود القِيَم النبيلة، التي تحرص عليها كلُّ أمة عند معاودة رحلة التقدُّم والحضارة.

 

ولكن - ورغم كلِّ الإخفاق الأمني الموجود حاليًّا في البلاد، وانتشار الجرائم بشتَّى صُوَرها - إلا أن عودة الأمن على أفضل مستوياته ليس بالأمر المستحيل، ولنا في الأمم السابقة نماذجُ واقعية لذلك؛ فقارَّة أوربا في القرن السابع عشر والثامن عشر، كانت تعيش أسوأ مما نشهده الآن من غياب للأمن والأمان، وبمراحل متعددة، فقد ارتبطت مشكلتها الأمنية العنيفة تلك بتعدُّد قوميَّاتها، وحدودها السياسية لمقاطعتها، فضلاً عن عدم اتِّفاق حدودها الجغرافية، بالإضافة لمشكلات حدودِها الديموغرافية؛ أي: مناطق انتشار السكان من أصل عِرقيٍّ واحد، بجانب صراع الكنيسة مع أمراء الإقطاعيات على النفوذ، وفوق كل ذلك ضعفُ الموارد الطبيعية أن تفي بالاحتياجات السكانية، ولكن استطاعت أوربَّا التغلب على كل ذلك في غضون سنوات قليلة، بدأت مع الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر، وفي غضون سنوات ظهر نموٌّ متتالٍ في الاقتصاد، واكبه تطوُّرٌ في النظم السياسية وآليَّات الحكم الديمقراطية التي تسمح بعوامل الأمن الاجتماعي والأيدلوجي، وتطوَّر الأمر للأمن القومي والدولي فيما نشاهده حاليًّا فيما يعرف بأوربا الموحدة، أو الاتحاد الأوربي، حيث تم اتحاد عسكري واقتصادي وسياسي، تضمن وحدة جغرافية، عبر إلغاء القيود الدبلوماسية في تحرُّك أبناء الدول الأوربية بدون الحاجة لتأشيرات دخول لأي دولة من دولها، ومع إزالة الفواصل والتحرك الآمن عبر الحدود، تبلور مفهومُ السوق الأوربية المشتركة، ونظرًا لِما أصبحت عليه أوربا من أمان واستقرارٍ، وتحقيقها جميع أبعاد الأمن ومستوياته السابق توضيحُها في بداية المقال، وبالطبع يحدونا الأمل أن يصير للوطن العربي ما صار لأوربا، فقد تدافعت لأبنائها كلُّ سبل النهضة الفكرية والعلمية، وتواكَبَ عليها السائحون لتعداد بلغ 350 مليون سائح سنويًّا، في حين لا يتجاوز تعداد السائحين في الوطن العربي 40 مليون سائح سنويًّا، فدولة مثل فرنسا يزورها 81 مليون سائح، ومصر بتاريخها وحضارتها لا يتجاوز السائحون إليها 12 مليون، وبالطبع في العام الحالي يتوقع أن ينخفض تعداد السائحين لأكثر من النصف.

 

ولكي يعود لمصر صفتها، وترجع إليها حضارتها الغائبة منذ قرون؛  فلا بد من نهضة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتِّجارية والاستثمارية والسياحية والتكنولوجية، خاصة مع مُناخٍ جديد بدون رائحة الفساد، الذي كان معضلةً في طريق التنمية والبناء، وبمشيئة الله، تتوافر الظروف والعوامل، التي تمكن للتاريخ أن يعيد نفسه في تلك البقعة الساحرة من العالم، لعودة النهضة الحضارية الغائبة منذ عصور طويلة من الزمان.

 

والأمان هو البوابة لذلك الطريق، فهو الضرورة الحتميَّة للاستقرار، والإبداع في شتى المجالات، كطريق للنهضة المأمولة.

 

ورغم تجربة اللجان الشعبية غير الكافية لتحقيق الأمن المطلوب للبلاد، فضلاً عن تخبُّطات العودة غير الكاملة لجهاز الشرطة، إلا أن الأمل يحدونا بعودة الأمان لهذا البلد، تحقيقًا لإرادة المولى - سبحانه وتعالى - عبر القرآن الكريم، فمصر بلد الآمنين، ولكي نستعيد ذلك، فإن تحقيق الأمن والأمان في المجتمع المصري يحتاج لعدة عوامل، تستدعي تضافر الجهود الحكومية والأهلية والخاصة على حد السواء، وفي مخيلتي أن أهمها أن نشرع سريعًا فيما يلي:

أولاً: ضرورة تشديد العقوبات المتَّخذة حيال الإخلال بالأمن، وذلك لمنفِّذيها والمعاونين لهم، مع جعل محاكمتهم عسكريًّا؛ حتى تكون رادعةً، وتحول دون تحايلهم على القانون ببعض الثغرات القانونية، خاصة في قوانين أوامر الضبط والأحراز أو الإجراءات، وتلك المهمة المتعلقة بتشديد العقوبات وجعلِها عسكريًّا، تقع على كاهل المجلس العسكري ورئاسة الوزراء، فضلاً عن وزارة الداخلية والعدل، لحين انتهاء انتخابات مجلس الشعب الجديد، ومن الضروري أن يشتمل مجال تشديد العقوبات جميعَ جرائم الإخلال بالأمن، سواء الأمن الشخصي؛ كحوادث البلطجة والعنف المسلح، أو جرائم الأمن الاقتصادي؛ كالمتاجرين بالدَّعم المخصص للمواطنين من سِلَع الدقيق والمخابز والبوتاجاز ومشتقات البترول كالبنزين والسولار، أو العابثين بالقوانين الاجتماعية في رفع الأسعار بدون مبرِّر كالسائقين، فضلاً عن الأمن المعلوماتي.


ثانيًا: استكمال معدات وأسلحة وزارة الداخلية بشكلٍ سريع، وخاصة فيما تم حرقُه أو سرقته من سيارات وأسلحة ومعدات، ويمكن الاستعانة في ذلك بفرض رسم 1 جنيه على تذاكر قطارات السِّكك الحديدية لمدة عام، أو تذاكر السينما والملاهي، مع فتح باب التبرع والصدقات لهذا الغرض.

 

ثالثًا: إدخال تقنيات حديثة في نظام الأمن الشرطي تواكب الدول المتقدمة، مثل استخدام الطائرات الهليكوبتر المزوَّدة بالمدافع الرشاشة؛ لملاحقة عتاة الإجرام في أوكارهم والمناطق النائية أو المهجورة أو المتطرِّفة، ومثل استخدام تقنيات الأقمار الصناعية في رصد الأوكار الإجرامية والمواقع التي بها ريب، فضلاً عن استخدامها في تتبع الاتصالات الهاتفية المجهولة والمريبة.

 

رابعًا: نشر شبكة رقابة إلكترونية عبر الكاميرات لمختلف الشوارع الرئيسية والفرعية والميادين في جميع الأحياء والمدن بمختلف المحافظات المصرية، وربطها بأنظمة تسجيل دقيقة تستوعب آلاف الساعات والأيام المتصلة، وتخصيص أفراد شرطة محترفين ولديها الحس الضميري لمتابعتها بدقة، في غرفة عمليات على مدار الأربع والعشرين ساعة، وربط هذه الغرفة بدوريات أمنية في الطرق والمقاطعات، مع إتاحة متابعتها عبر موقع شبكة الويب؛ لقيام المواطنين بمتابعة مواقع إقامتهم والإبلاغ عن أيِّ ريب أو شكوك، فلا شك أن هذه الكاميرات ستحدُّ كثيرًا من الجرائم، سواء باكتشافها المبكر، أو القبض على المجرمين وعدم إفلاتِهم من العقوبة الجنائية بألاعيب بعض المحامين منعدمي الضمائر، فضلاً عن قدرة الكاميرات في تسجيل الحقوق ودفع الظلم لبعض حوادث الطرق، كما أنها ستساهم في عمل أخلاقي في حماية المارَّة.

 

خامسًا: مراجعة ملفات نصف المليون بلطجي ومسجل خطر، لدى الدوائر الأمنية، والتأكد من حسن سَيْرهم وسلوكهم، وإلقاء القبض على من تُثبت التحريات الدقيقة بمعاونة الشرطة العسكرية، تورُّطَه في أعمالٍ مخلَّة بالأمن.

 

سادسًا: نشر دوريات أمنية متنوعة، عبر السيارات، والموتوسيكلات، في المناطق العشوائية والشعبية، وأطراف وضواحي المدن، وكذلك القرى، بجانب عملها داخل الشوارع الرئيسية والفرعية بعواصم المدن، في جميع المحافظات.

 

سابعًا: إنشاء فريق "المغامرون"، وهي فكرة إماراتية، لإنشاء شرطة تستخدم أحذية زاحفة، لملاحقة المجرمين في الأسواق الضيقة، والشوارع التي لا تصلح لمرور الموتوسيكلات بسبب اكتظاظها بالمارة والمحلات، ويتم وضع هذه الشرطة بجانب هذه الأماكن الضيقة، ويتم الاتصال بهم بواسطة غرفة عمليات الداخلية؛ ليستطيعوا إحكام القبض على المجرمين في هذه المناطق الصعبة، فور حدوث الجريمة، وهو ما يدعَم الانتماء والتِّجارة والسياحة أيضًا، فهذه المناطق في الغالب تكون بغية السائحين لقِدَمِها التاريخي.

 

ثامنًا: إنشاء شرطة سرية، بزيٍّ مدني، لتباشر عملها بين المواطنين، وتتمكن من كشف الجرائم، عبر المراقبة الدقيقة والفاعلة للشوارع، والمحلات، ووسائل المواصلات، والتأكد من تطبيق القانون، مع اشتمال أعمالِها على مكافحة جرائم الأمن الأخلاقي، كالألفاظ الخادشة للحياء في وسائل المواصلات، والتي تشكل خطرًا على سُلَّم القِيَم المصرية الأصيلة، مع ضرورة أن يتم اختيار أفراد هذه الشرطة بعناية، من أصحاب الضمائر اليقظة من الضباط وصفِّ الضباط ذوي التاريخ المشرف، ومن الضروري منحهم بعض السلطات غير العادية بواسطة وزير الداخلية؛ لتخوِّل لهم الضبط والقبض الفوري على المخالفين، أو تحرير المخالفات الفورية لهم.

 

تاسعًا: إعادة شرطي الانضباط الليلي في الشوارع، والذي تم إلغاؤه في السبعينيات، وكان يقتضي ذلك بتخصيص جندي مسلح ولديه أجهزة اتصال للمرور الدوري سيرًا على الأقدام في شارع أو عدة شوارع، ويمكن حاليًّا مدُّه بالموتوسيكلات السريعة؛ لتسهيل مهمته، وتمكينه من مطاردة المجرمين في المنطقة المكلَّف بها، خاصة وأن تعداد جهاز الشرطة يسمح بذلك، فهناك قرابة نصف مليون جندي بمعسكرات الأمن المركزي، ولا يتم استخدامهم إلا في الضرورة، ويمكن لهذه الشرطة منع الكثير من الجرائم، وتحقيق أمانٍ بالغٍ للبلاد، خاصة إذا أُحسن تكريم النماذج المخلصة منهم في أداء عملهم، وربط ذلك بعدم حدوث جرائم في منطقته.

 

عاشرًا: عودة اللجان الشعبية التطوعية لأداء دورها في حماية الأحياء، ومراقبة تطبيق القانون، والتزام المجتمع وانضباطه، فضلاً عن مساعدتها لأجهزة الشرطة في الإبلاغ عن أي جرائم أو شكوك أمنية لأغرابٍ بمنطقتهم، مع تحديد واختيار أفضل العناصر باللجان الشعبية لأداء هذا الدور، والتحري الدقيق عنهم، ومنح هؤلاء الأعضاء من اللجان الشعبية بطاقةَ توضيح هُوية، وإعطاء هؤلاء المتطوعين بعض المكافآت التشجيعية المادية والمعنوية؛ حتى نتلافى السلبيَّات التي حدثت من بعض البلطجية المدَّعين بعضويتهم للَّجان الشعبية، واستغلالهم ذلك في ممارسة سلوكيات ترويع الآمنين عبر فرض الإتاوات، أو التعدي على الموظفين.

 

الحادي عشر: تكريم أفراد الشرطة المتميزين في عملهم بشكل يومي، سواء الشرطة الميدانية أو المعاونة، بما في ذلك متلقِّي بلاغات النجدة، ومعاقبة المقصرين بعنف وقسوة بشكل يومي أيضًا، وذلك من واقع عمليات الانضباط المحققة في منطقتهم المكلفين بها، أو تتبعهم لبلاغات النجدة، وكمِّ الشكاوي التي تم حلُّها بواسطتهم، والبلاغات التي تم إسعاف أصحابها، مع ربط هذا التكريم بالترقيات التي تتم كلَّ فترة، وهو ما يعزز الاجتهادَ في العمل البالغَ الأهميةِ.

 

و ضرورة قيام مصلحة الهجرة والجنسية، بمنع سفر من تمَّ اتهامهم في قضايا تخل بالأمن، لمدة 7 أعوام من تاريخ إمضائه للعقوبة؛ وذلك لضمان سمعة المصريين بالخارج، وكذلك تقديم رادعٍ اجتماعيٍّ آخر لهؤلاء المجرمين.

 

الثاني عشر: قيام المحافظين ومديري الأمن والوزراء بتكريم النماذج المشرفة من المواطنين أو الضباط، الذين استبسلوا في تحقيق قيمة الأمن لمناطقهم السكنية أو خلال أعمالهم الوظيفية، على أن يكون التكريم لائقًا؛ ليصبح قدوة للجميع، مع إمكانية تسمية بعض الشوارع الجديدة بأسمائهم، ووضع لوحة معدنية تعريفية بأدوارهم البطولية في مكان بارز بهذه الشوارع.

 

الثالث عشر: إصدار تراخيص سلاح لحراس العقارات (البوابين)، والمدنيين القائمين بأمن المنشآت الحكومية والخاصة، وكذلك بعض أعضاء اللجان الشعبية، وذلك بعد التأكد من حسن سلوكهم وسمعتهم، وهو ما يمكِّنهم من القيام بدورهم على أكمل وجه.

 

الرابع عشر: التشديد على المحليات وشركة الكهرباء، في عدم إهدار الكهرباء في الإنارة المتكرِّرة طوال ساعات النهار؛ لتوفير الطاقة لإنارة جيدة أثناء الليل، ودعم المناطق ضعيفة الإنارة بمصابيح ذات قدرة عالية من الأنواع الصديقة للبيئة والموفرة للطاقة، وعدم التردد في إنارة جميع الحواري والأزقة والشوارع الرئيسية والفرعية بشكل جيد، ومتابعة أي عطل بأي من هذه المصابيح، وتغييرها على الفور؛ لأن الإضاءة الجيدة بلا شك هي عنصر إرباك للمجرمين والعابثين بالأمن، كما أنها وسيلة تساهم في الحد من الإجرام.

 

الخامس عشر: اختيار يوم من أيام السنة، شهد أحداثًا فدائية متعددة في تحقيق الأمان، وجعله للتذكرة بهذه القضية ومحاورها، مع نشر مطبوعات مجانية خلاله، وإذاعة أفلام وبرامج وحوارات تليفزيونية وإذاعية؛ للتأكيد على هذا المحور البالغ الأهمية، على أن تُصاغ تلك المطبوعات والمواد الإعلامية بواسطة الخبراء والمختصين؛ لتلائم مختلفَ الأعمار والمستويات التعليمية والثقافية، ولتشمل تاريخ الأمن وارتباطَه برقي المجتمعات، وتأثير غيابه بالأمثلة الواضحة، وكيفية المشاركة في صناعتها كواجب دينيٍّ ووطني، فضلاً عن نشر كتيبات للأعمال البطولية للمواطنين والأجهزة الحكومية والعاملين بها؛ كضباط الشرطة الشرفاء الذين ساهموا في تحقيق الأمان خلال السنوات الحالية، والوقت الراهن.

 

السادس عشر: القيام بحملات توعية في المدن والمناطق الشعبية والضواحي والقرى، عبر مراكز وأندية الشباب والرياضة، وقصور وبيوت الثقافة، والمدارس، ودور العبادة الإسلامية والنصرانية، ومراكز الإعلام، لخطورة قضية الأمن على التنمية وعلى أفراد المجتمع، وكيفية تأمين أنفسنا ومنشآتنا من أحداث السرقة والفوضى، على أن تتضمن تلك الحملات حثَّ الناس والمجتمع والهيئات على المشاركة في تحقيق قضية الأمن كواجب ديني ووطني، ويستلزم ذلك ضرورة حسن اختيار محاضرين متميزين من ضباط الشرطة، والمسؤولين بالدوائر الحكومية، وخاصة ذات الصلة، وعلماء الدين الإسلامي والنصراني، والإعلاميين المتميزين، وأساتذة الجامعات في علوم النَّفس والاجتماع والتاريخ والتربية والسياسة والقانون.

 

السابع عشر: أهمية تركيز وسائل الإعلام على العقوبات الصادرة ضد المجرمين، ونشرها بشكل دوريٍّ وفي أوقات الذروة في مشاهدة التليفزيون والراديو، مع تكثيف البرامج الحِوارية، وذات الدقائق السريعة المناسبة للعَرْض في أوقات الذروة؛ وذلك كحوارات مع عتاة الإجرام والبلطجة بعض القبض عليهم؛ حتى يكونوا عبرةً لأقرانهم، وكذلك في الصحف والمطبوعات، مع أهمية مراعاة قيام نقابة الصحفيين بدورها للتصدي لناشري الأخبار الكاذبة والمبالغة، التي من شأنها التأثيرُ على حالة الأمن ودعم الفوضى في البلاد.

 

الثامن عشر: حثُّ المفكِّرين والباحثين وأساتذة الجامعات، والشباب المثقَّف، على المشاركة بوضع إستراتيجيات عمليَّة وعلميَّة، تراعي الظروفَ والإمكانياتِ الحالية، لحل المشكلة الأمنية، في كلِّ ما يتعلق بها من ظواهر، سواء معالجة أدبيات الثقافة الشعبية المؤثرة على ذلك، أو تقويم السلوك السلبي نفسيًّا، أو كيفية تطوير التعليم لمواجهة تلك الأزمة، فضلاً عن كيفية تنمية الدور الاجتماعي والإعلامي والثقافي والتربوي لتحقيق الأمان، فضلاً عن مقترحات لتطوير أداء المؤسسة الأمنية وجهاز الشرطة، ويمكن تحفيز جهودهم عبر مسابقات قومية وجوائزَ متنوعة وثرية.

 

التاسع عشر: ضرورة قيام الهيئة العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وغيرها من الهيئات، بطباعة الأعمال المتميزة التي تعالج قضية الأمن، سواء من أمهات الكتب، أو الكتب الحديثة الرائدة في معالجة هذه القضية، أو الأبحاث الأجنبية، فضلاً عن أفضل البحوث الفائزة في المسابقات الجادة المتعلقة بتلك القضية، وذلك في شتى المجالات والعلوم الاجتماعية والإنسانية والتكنولوجية والأمنية، بما في ذلك الأعمال الأدبية، فلا شك في تأثير الكتابة الأدبية والقصصية وجاذبيتها، مع تنوُّع هذه الكتب لتشمل كافة الأعمار، ونشرها في مختلف المكتبات الحكومية بالمحافظات والمدارس وقصور الثقافة، بالإضافة لتوزيعها بأسعار رمزية، عبر إقامة معارض متجوِّلة بالمدارس ومراكز الشباب، وقصور الثقافة، والأحياء والمكتبات العامة، ولدى بائعي الصحف.

 

العشرون: إنتاج أفلام سينمائية ومسلسلات تعالج هذه القضية، سواء بواسطة قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون، أو غيره من المؤسسات الوطنية، والخاصة إن أرادت ذلك، خاصة وأن 40% من الشعب المصري يعاني الأمية، ويتركز تأثر الأميين على الدور الدرامي؛ لعدم ملائمة البرامج الحوارية لثقافتهم وقدراتهم الاتصالية.
الحادي والعشرون: ضرورة قيام وزارتي التعليم العامِّ والتعليم العالي، بنشر دروس لكافة الصفوف الدراسية والفرق الجامعية، حول دحض قِيَم السلبية تجاه مواجهة العبث بالأمن، وتعليم الطلاب ارتباط ذلك بالرسالات السماوية، فعدم الإبلاغ عن الجرائم يعادل شهادة الزور؛ لأنه كتمان شهادة، والصامت عن الحق شيطان أخرس، ويمكن نشر تلك الدروس في علوم اللغة العربية والدين والتاريخ وعلم النفس والاجتماع الموضح لسلوكيات المجرم وردعه.

 

الثاني والعشرون: قيام منظمات المجتمع المدني، والأحزاب، والشؤون الاجتماعية، والقوى العاملة، ومراكز التأهيل المهني، بتكثيف جهودها حيال أطفال الشوارع، وإعادة تأهيلهم لأعمال تتناسب مع أعمارهم، وتشغيلهم بنسب محددة في مؤسسات القطاع الخاص، وذلك من منطلق أن الفقر والجوع في بعض الأحيان يكون دافعًا للجريمة.

 

الثالث والعشرون: ضرورة مساهمة القطاع الخاص، ورجال الأعمال، في دعم الأمن لمجتمعاتهم، وتكريم المتميزين منهم في هذا الغرض، ويمكن حثُّ مساهمتهم إعلاميًّا، خاصة فيما يتعلق بالإسراع باستكمال معدات أجهزة الشرطة للقيام بدورها، أو شراء مصابيح إضاءة، أو كاميرات مراقبة لوضعها بالطرق والشوارع، ولا يمنع أيضًا تحفيز هؤلاء المتبرعين بتخفيض ضريبي كالمتَّبع قانونًا في حالات التبرع للخير، باعتبار أن تحقيق الأمن من أفضل سبل الخير في المجتمعات.

 

وأخيرًا، تحضرني مقولةُ كوفي عنان - الأمين الأسبق لمنظمة الأمم المتحدة -: "إنه لا ينقصنا الأفكار بقدر ما ينقصنا الشروع في تنفيذها"، وهو ما نرجوه؛ حتى يرجع للشارع حرمتُه، وللممتلكات قدسيتها، ويعود معها روح الوطن لصدور خائفة، وترجع البسمة لأطفال مروَّعين، ولفتيات ضعيفات، ورجال مسنِّين، ومعهم ينعم وطننا بالخير الذي يستحقه؛ لنستطيع حينها شحذَ هِمَم التفكير في أبعاد أخرى للأمن ما زلنا بحاجة إليها؛ لنسير بها في طريقنا نحو النهضة الحضارية المرجوة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقومات الأمن
  • الأمن أهم مطالب الحياة
  • نعمة الأمن
  • الأمن ومنزلته في الإسلام (1)
  • الأمن ومقوماته
  • مفهوم الحضارة بالنسبة لي
  • وصايا لرجال الأمن

مختارات من الشبكة

  • خطبة أثر الإيمان بالله في تحقيق الأمن النفسي لدى الفرد والمجتمع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمن في الحج(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • أسس الأمن الفكري في الثقافة لمحمد بن سرار اليامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهمية بناء الأمن الفكري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أصول الأمن الغذائي في ضوء القرآن والسنة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أثر الإيمان بالله تعالى في تحقيق الأمن النفسي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • أهمية مقاصد الزواج في تحقيق الأمن المجتمعي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الأمن الاجتماعي والاقتصادي والصحي في حديث: من أصبح منكم آمنا في سربه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب