• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات فكرية
علامة باركود

الإسلام والتنمية: دراسة ميدانية لإشكالية العلاقة

د. كمال المنوفي

المصدر: مجلة الفكر الاستراتيجي العربي، العدد 15، ص69-106
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/2/2007 ميلادي - 25/1/1428 هجري

الزيارات: 25476

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
تنتمي كافة المجتمعات الإسلامية عربية وغير عربية إلى ما يعرف بالعالم الثالث الذي يعاني تخلفاً شاملاً إذا قورن بالعالمين الأول الرأسمالي والثاني الإشتراكي. وبينما يرى البعض أن الإسلام كما يفهمه ويطبقه أبناء هذه المجتمعات بوجه عام، هو أحد أسباب تخلفها، يرى آخرون أن الإبتعاد عن النهج الإسلامي الصحيح هو المصدر الرئيسي والمباشر للتخلف.

حقاً إن تلك الدول راحت، منذ حصولها على الإستقلال السياسي، تضع وتنفذ برامج تنموية، ولكنه انتهت في مجملها إلى نتائج مؤسفة مادياً ومعنوياً. وهنا أيضاً يميل البعض إلى تحميل الإسلام جزء من مسؤولية التجارب الإنمائية، في حين يرجع آخرون فشلها إلى أنها لم تنهض على المبادئ والأفكار الإسلامية، وإنما اعتمدت على نماذج ونظريات ((مستوردة)) من الخارج.

من ناحية أخرى، يصطدم المرء بمفارقات مثيرة للغاية على المستوى الفردي داخل المجتمع الواحد. فهناك إنسان متدين يؤدي عمله بإخلاص ويملك عقلاً منفتحاً ويضع مصلحة بلده نصب عينيه يقابله إنسان متدين لا يتقن عمله، جامد فكرياً وسلوكياً، يسرف على نفسه، ويخرق قوانين ونظم المجتمع في سبيل مصلحته. كذلك هناك إنسان غير متدين، دؤوب، جاد، يقبل على الجديد بعقل مفتوح، ويشعر حقاً بأنه مواطن له حقوق وعليه واجبات يقابله شخص غير متدين كسول، متواكل، ضعيف الأفق، يتمسك بالقديم ويدور حول الذات. وبغض النظر عن تكرارات هذه النماذج البشرية، يبقى أنها موجودة إلى الحد الذي يدعو للدهشة والإستغراب.

دلالة ما تقدم أن الدين الإسلامي في إرتباطه بالتنمية يعتبر إشكالية جديرة بالتأمل والبحث العلمي الرصين. ويضاعف من أهمية دراستها عاملان أولهما أن التيارات التي اصطلح على تسميتها بالصحوة الإسلامية ترى أن الإسلام، باعتباره ديناً ودنيا، يجب أن يأخذ مكانه كأساس ومنهاج تطوير المجتمع من كافة النواحي الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية. أما العامل الثاني فهو أن من بين مفكرينا الإجتماعيين من راح في الآونة الأخيرة يتحدث عن نموذج عربي للتنمية يشدد على بعث وتأكيد الذات العربية كما تجسدها الحضارة العربية الإسلامية.
وهكذا رأينا أن نخضع تلك الإشكالية للبحث الأمبيريقي (الميداني) الذي اخترنا مجاله بيئة ريفية عربية جل أهلها مسلمون سنة، وذلك بأمل التوصل إلى نتائج واقعية تفيد الحوار الدائر في هذا الصدد.
هذا، وتقع الدراسة في ثلاثة أجزاء، يعالج أولها إطار البحث نظرياً ومنهجياً، ويتناول الجزء الثاني نتائج البحث على مستوى كل متغير، أما الجزء الثالث فيستعرض النتائج على مستوى العلاقات المفترضة بين المتغيرات قيد الإهتمام مع محاولة تفسيرها.

المبحث الأول
الإطار النظري والمنهج
يعرض هذا المبحث لإطار الدراسة نظرياً ومنهجياً من حيث السؤال الرئيسي والأسئلة الفرعية التي تسعى للإجابة عليها، إضافة إلى الأساليب المستخدمة في جمع وتحليل البيانات.
أولاً: مشكلة البحث.
يذهب جل المشتغلين بالعلم الإجتماعي في الغرب إلى أن الإسلام، وجوهره الإستسلام لإرادة الله سبحانه، يمثل عقبة في طريقة التنمية والتقدم، وبأن العرب متخلفون لكونهم مسلمين. ففي مؤلفه ((سوسولوجيا الدين)) عقد ((ماكس فيبر)) مقارنة بين الإسلام والمذهب البيروتستانتي خلص منها إلى أن الإسلام فرض على معتنقيه نمط حياة كله عجز وتواكل، بينما كرست البروتستانتية قيم السيطرة على المحيط والتحكم في الحياة[1]. كذلك يزعم ((دافيد ماكليلاند)) صاحب الكتاب الموسوم ((مجتمع الإنجاز)) أن العرب يشغلون موقعاً متدنياً على صعيد الإنجاز لأنهم مسلمون[2]. كما يدّعي ((برنارد لويس)) و((فاتيكيوتس)) أن الإستبداد الشرقي لا يعود إلى الخبرة التاريخية للمجتمعات الشرقية أو أوضاعها الإقتصادية أو تكويناتها الطبقية، وإنما يعود إلى الإسلام الذي يكرس الوضع القائم ويكبل حق مقاومة الطغيان ولا يعرف ضمانات لحماية حريات الأفراد[3]. ويرى ((هتشنر وليفين)) أن الديانات التقليدية كالإسلام، تميل إلى مقاومة التحديث[4]. وتصورت نظرية التنمية تراجع أهمية العقيدة. إذ أن التنمية ومصاحباتها (تصنيع، تحضر، تعليم، علمانية) سوف تفضي إلى إنهيار المجتمع التقليدي بعناصره الدينية والأثنية.
وهكذا فإن الإسلام، في عرف هؤلاء، هو المسؤول عن تخلف المجتمعات الإسلامية، فالإسلام عندهم يعني الخضوع التام غير المشروط للمشيئة الإلهية، ويهيئ مكاناً للقدرية في تفكير وسلوك المسلمين من حيث أنه يضغط على التسليم بأن أحداث الكون جميعها وبأن كل ما يصيب الإنسان مكتوب ومقدر. وبالمقابل، لا يدع الإسلام مكاناً لحرية الإرادة، تلك التي تعد أساس السيطرة عند ((فيبر))، والدافعية للإنجاز عند ((ماكليلاند)). وعلى ذلك، فإن الإسلام مصدر التخلف والإستبداد السياسي في المجتمعات العربية بوصفها مجتمعات إسلامية.
يهدف هذا البحث إلى تمحيص مقولة أن الإسلام معوق للتنمية ليس عن طريق تلمس وعرض حجج ورؤى الكتابات التي تدافع عن الإسلام من منظور فقهي شرعي، وإنما عن طريق الإحتكام إلى قاعدة من البيانات التجريبية. ذلك أن التوصل إلى إستنتاجات حول حقيقة علاقة الإسلام بالتنمية – بمعنى هل يعيقها أم يساعد عليها أم إنه عامل محايد – لا يكون بالجدل الفكري النظري وإنما باتباع منهاجية علمية جوهرها الجمع المنظم لبيانات واقعية مع إخضاعها للقياس.
ولا نحسب أننا بحاجة إلى الإفاضة في الحديث عن أهمية البحث. ولكن يكفي القول بأن الدراسة التجريبية لعلاقة الإسلام بالتنمية من شأنها أن تساعد في بناء نظرية التنمية. وهي أيضاً يمكن أن تفيد المسؤولين في مجتمعاتنا العربية في وضع سياسات إنمائية جادة تتضمن بعث الحضارة العربية الإسلامية وتجعل الإسلام بالفعل عقيدة عمل وتحرر وعدل ورقي.

ثانياً: تعريف المفاهيم المستخدمة في البحث.
تستخدم الدراسة مفهومين رئيسيين هما الإسلام والتنمية بالإضافة إلى عدد من المفاهيم الفرعية كالمساواة والمواطنة والمشاركة السياسية. هذه المفاهيم تتعدَّد وتتنوَّع تعريفاتها النظرية كغيرها من المفاهيم المتداولة في الأدبيات الإجتماعية. وحتى يتسنى دراستها واقعياً، كان لابد من تعريفها إجرائياً، أي تحويلها إلى مؤشرات أو عناصر تقبل الملاحظة والقياس.
(1) الإسلام:
تأخذ الدراسة الإسلام على أنه مراده للتدين Religiosity أو الإلتزام الديني Religious Commitment. وهذا بدوره بحاجة إلى تعريف عملي.
يتحدث ((تشارلز جلوك)) عن عدة أبعاد أو أوجه للتدين: العاطفة أو الشعور، الطقوس (السلوك الديني)، المعتقدات، والمعرفة[5]. وفي قياسه لتدين المسلم، اعتمد ((كلود سوتكليف)) على السلوك (معبراً عنه بعدد الأوقات التي يصليها المرء عادة في اليوم). ولكنه ألمح إلى أن أي مؤشر سلوكي لا يكفي لقياس التدين لكون السلوك واحداً من أبعاده[6].
على أية حال، يغطي تعريفنا الإجرائي للتدين بُعدين هما المعرفة والسلوك. أما البعد المعرفي فيشتمل على عنصرين: المعرفة بأركان الإسلام، والمعرفة بطبيعة صلاة التراويح التي تقام في شهر رمضان. وركز البعد السلوكي على الصلاة لكونها عماد الدين. وتضمن هذا البعد عناصر ثلاثة هي: اداء الصلوات، إقامتها في مواعيدها، المكان المعتاد لأدائها.

(2) التنمية:
يواجه المرء في أدبيات التنمية كماً هائلاً من التعريفات سواء لمفهوم التنمية أو لمفهوم التنمية الإقتصادية أو الإجتماعية أو السياسية. لقد استخدم مصطلح التنمية الإقتصادية ليعني نمو الناتج للفرد أو للزيادة المضطردة في الدخل للفرد أو إرتفاع مستويات المعيشة للناس العاديين أو إحداث تحول هيكلي في الإقتصاد يدفع المجتمع على طريق النمو الذاتي[7]. واستخدم علم الإجتماع مصطلح التنمية الإجتماعية بمعنى التطوير المضطرد للبناء الإجتماعي من جوانبه السكانية والطبقية والتعليمية والثقافية بما يخلق إنساناً يعي خطورة التخلف ويدرك أهمية التنمية ويعمل جاهداً في سبيلها[8].
ويستخدم علم السياسة لفظ التنمية السياسية ليعني به إما بناء مؤسسات الدولة الحديثة، أو خلق جهاز إداري قادر على التنفيذ الفعال للسياسات الإنمائية وتلبية مطالب المواطنين، وتحقيق المشاركة في مختلف مستويات التنظيم الإجتماعي والسياسي، وخلق ثقافة سياسية تؤكد على الولاء الوطني وتدفع إلى المشاركة وتلح على النظرة العلمية لأمور الحياة فضلاً عن قيم المساواة والمواطنة المسؤولة[9].
غير أنه إزاء المشاكل التي رتبها التطور الإقتصادي في الدول الصناعية الغربية، والإخفاق الذي منيت به تجارب التنمية في بلدان العالم الثالث عامة، شهد العلم الإجتماعي إبان السنوات الأخيرة حركة مراجعة للتصور التقليدي للتنمية مع محاولة طرح تصور جديد قوامه إعتبار التنمية عملية شاملة متكاملة تطوي سائر جوانب المجتمع الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، وتستهدف رفاه الإنسان مادياً ومعنوياً. ففي الفكر الغربي، راح البعض يحدد غاية التنمية في تحقيق الذات لكل فرد عن طريق حياة هانئة وذات معنى. وفي فكرنا العربي، هناك من يرى شمولية عملية التنمية، وأن عمودها الفقري يتمثل في النمو الإقتصادي وإن كان لا يستوعبها، وإنها ثمرة تفاعل بين جانبين مادي ومعنوي، وتتجمع مقاصدها في بناء مجتمع دينامي ذي حضارة محددة المعالم والقيم. ويذهب مفكر آخر إلى أن التنمية تتخطى مجرد تحقيق نمو معقول في الناتج القومي الفردي لتتضمن تبدلات جوهرية في الهياكل الإقتصادية والديمغرافية والتكنولوجية والإجتماعية والسياسية. وتبعاً لتصور ثالث، تتوجه التنمية إلى تكوين قاعدة إنتاجية ذاتية يتحقق بموجبها تزايد منتظم في متوسط إنتاجية الفرد وقدرات المجتمع وتعمق المشاركة وتستهدف إشباع الإحتياجات الأساسية[10].
في ضوء ما تقدم، وإنطلاقاً من القناعة بشمولية التنمية، يتبنى البحث تعريفاً عملياً لمفهوم التنمية يحصرها في ثلاثة متغيرات: متغير إجتماعي يتمثل في التجديد معبراً عنه باستخدام الأساليب المزرعية الحديثة، متغير إقتصادي يتمثل في الإنتاجية الزراعية، ثم متغير سياسي يتمثل في المشاركة السياسية. ومن الجلي إنها متغيرات مكملة لبعضها البعض، فضلاً عن ملاءمتها لظروف القرية المصرية باعتبارها مجال البحث الميداني.

(3) المساواة:
تأخذ الدراسة بتعريف إجرائي للمساواة جوهره رفض التمييز بين الأفراد في الحقوق والإلتزامات على أساس محكات شخصية لا علاقة لها بالكفاءة مثل الوضع المادي أو الإنتماء العائلي أو الديانة/ المذهب، أو السن أو الجنس. ويضم هذا التعريف ثلاثة عناصر هي: الموقف من التمييز الذي يمارسه موظفو الحكومة لمصلحة البعض على حساب البعض الآخر، مدى الموافقة على أن يراعى المستوى المادي للخريج عند التعيين في وظائف القضاء، مدى القبول بالمساواة السياسية بين الرجل والمرأة.

(4) المواطنة:
ينظر إليها البحث بمعنى الولاء أو الإنتماء للوطن بما يتضمنه ذلك من شعور بالمسؤولية العامة وتقديم الصالح العام على المصلحة الشخصية. واعتمد قياسها على معرفة مدى القبول بالعبارات الثلاث التالية: الإنسان له أن يبحث عن مصلحته فقط، لا جُناح على من يهاجر للعمل بالخارج رغم حاجة الوطن إليه، لا تثريب على من يخالف القوانين المنظمة للزراعة في سبيل المصلحة الخاصة.

(5) المشاركة السياسية:
تعني إجرائياً مشاركة الوطن في تقرير أمور المجتمع الذي ينتمي إليه عن طريق: الدخول في مناقشات مع الغير حول قضايا المجتمع، ممارسة حق التصويت، الترشيح للمناصب العامة، عضوية الأحزاب، العمل على مواجهة المشاكل التي تهم الأهالي ككل، والمساهمة في مشاريع الجهود الذاتية.
ثالثاً: المتغيرات المستخدمة في البحث.
تستخدم الدراسة جملة من المتغيرات يمكن تصنيفها في مجموعات ثلاث:
1 – متغير أصيل Independent Variable: ويتمثل في التدين أو الإلتزام الديني الذي تسعى الدراسة إلى بيان مدى تأثير التغير في قيمته على قيم المتغيرات الأخرى.
2 – متغيرات تابعة Dependent Variable: وتتمثل في:
أ – تبني التقنيات المزرعية الحديثة.
ب – الإنتاجية الزراعية معبراً عنها بإجمالي دخل الفدان بالجنيه المصري.
جـ – المشاركة السياسية.
3 – متغيرات وسيطة Intervening Variable: تتوسط العلاقة بين المتغيرين الأصيل والتابع. وتنصب على التوجهات القيمية التالية:
أ – التوجه إزاء الزمن: مستقبل، حاضر، ماضي.
ب – التوجه إزاء الطبيعة: سيطرة، خضوع.
جـ – التوجه نحو الفعل: فاعل، مفعول به.
د – التوجه نحو المساواة.
هـ – التوجه إزاء المواطنة.

رابعاً: إفتراضات البحث.
الدراسة في مجملها وضع العلاقة بين الإسلام والتنمية على محك الصدق الأمبيريقي: هل توجد أصلاً علاقة؟ وما هي طبيعتها وإتجاهها؟ تحت هذه المظلة، يسعى البحث إلى إختبار الفروض التالية:
1 - كلما كان المرء أكثر تديناً، فمن المحتمل أن يكون أقل توجهاً نحو المستقبل.
2 - كلما كان المرء أكثر تديناً، بات من المتوقع أن يكون أقل شعوراً بالسيطرة على الطبيعة.
3 - كلما كان المرء أكثر تديناً، حاز توجهاً سلبياً نحو الفعل.
4 - كلما كان المرء أكثر تديناً، ضعف إيمانه بقيمة المساواة.
5 - كلما كان المرء أكثر تديناً، ضعف إحساسه بالمواطنة.
6 - كلما كان المرء أكثر تديناً، قلّ إحتمال استخدامه للأساليب الحديثة في الزراعة.
7 - كلما كان المرء أكثر تديناً، قلّت إنتاجيته.
8 - كلما كان المرء أكثر تديناً، تدنت مشاركته في الحياة السياسية.
هذه الإفتراضات تم إشتقاقها أساساً من أدبيات العلوم الإجتماعية التي ناقشت قضية الإسلام في علاقته بالتخلف والتنمية، ولما كانت هذه الأدبيات في مجملها ترى الإسلام عائقاً في سبيل التقدم، ولما كان غرض البحث هو تمحيص هذا القول، تمت صياغة الفروض بما يفيد سلبية تأثير التدين على المتغيرات الوسيطة والتابعة موضع الإهتمام. وعلى أية حال، لا يهم أن تصاغ العلاقة في صورة سلبية أو إيجابية ما دام الفرض يحتمل الإثبات والنفي.

خامساً: مجال الدراسة الميدانية.
رأينا أن نتخذ من الريف المصري مجالاً جغرافياً وبشرياً للعمل الميداني لثلاثة اعتبارات:
أولها: إن أكثر من نصف الشعب المصري يقطنون الريف وأن أية تنمية حادة لابد أن تنطلق من هناك. ذلك إن تنمية القرية تشكل دعامة وجوهر التنمية الحقيقية في مصر ككل.
وثانيها: إن الدراسات التي عالجت ثقافة أو أخلاق أو طبائع الفلاحين المصريين، وجلّهم مسلمون، تذكر أنهم متدينون يحرصون على العمل بأحكام الإسلام الذي يتخلل حياتهم ويوجه تفكيرهم وسلوكهم إلى حد كبير. ولهذا فهم قدريون، متواكلون، محافظون، وبعيدون عن المشاركة في السياسة بوجه عام.
أما الإعتبار الثالث فهو إعتبار عملي محض مؤداه السهولة النسبية في إجراء المسح داخل مجتمع القرية لأن كل البحوث الميدانية التي قمت بها حتى تاريخ هذا المسح منفرداً أو بالإشتراك مع آخرين اتخذت من القرية نطاقاً لها.
يقسم البعض مصر إلى إقليمين جغرافيين: الوجه البحري أو الدلتا، والوجه القبلي أو الصعيد. وحرصاً على تمثيل ريف الإقليميين، اختيرت قريتان هما ((رمانة)) و((الهيمان))*. الأولى تنتمي إلى الدلتا والثانية تنتمي إلى الصعيد. وقد حكم عملية الإختيار معرفة الباحث الميداني بالقرية بما يقلل من مخاوف وشكوك المبحوثين ويسهل تعاونهم معه، إضافة إلى يسر الإنتقال من وإلى القرية وإمكان الإقامة فيها أو في عاصمة المركز التابعة له إذا اقتضى الأمر.
تقع ((رمانة)) في النطاق الإداري لمركز ((الباجور)) التابع لمحافظة المنوفية إحدى محافظات الوجه البحري. يقع إلى الشرق والجنوب والغرب منها طريق مواصلات رئيسي يربطها بمدينة القاهرة. أما قرية ((الهيمان)) فتنتمي إدارياً إلى مركز ((قوص)) التابع لمحافظة قنا بالوجه القبلي. يحدها من الغرب جزء من طريق القاهرة – أسوان السريع. وتضم عدة نجوع هي ((نجع محمود))، و((نجع رفاعة)) و((نجع السبايكة)).

سادساً: عينة البحث.
يشمل عالم أو إطار العينة كل الفلاحين في قريتي البحث، أي كل حائزي الأطيان الزراعية بالملك أو الإيجار أو وضع اليد، ويقيمون بالقرية ويتخذون من الزراعة نشاطهم ومصدر حياتهم الرئيسي. وحسب سجلات الحيازة المتوافرة لدى الجمعيات التعاونية، بلغ عددهم 930 حائزاً في ((رمانة))، 2200 حائز في ((الهيمان)).
ولاختيار حجم عينة ملائم في ضوء إمكانات البحث، رُئي إختيار نسبة من الحائزين قدرت بـ26% في ((رمانة))، و13% في ((الهيمان)). وبتطبيق هذه القاعدة، بلغ الحجم الكلي للعينة 530 فرداً بواقع 250 في ((رمانة))، 280 في الهيمان)). وقد تم إختيارهم بالأسلوب العشوائي المنتظم. إلا إن الذين تمت مقابلتهم وسؤالهم من هؤلاء بلغ عددهم 232 في ((رمانة))، و260 في ((الهيمان)) (492 فرداً).
ومما يذكر أن المخطط الأولي لمشروع البحث شدد على مراعاة البعد الطبقي في إختيار العينة، بمعنى تصنيف الفلاحين إلى فئات تبعاً لحجم الحيازة الزراعية مع إختيار نسبة من كل فئة تساوي نسبتها إلى مجموع الفلاحين. غير أننا عدلنا عن ذلك بعد أن تبين عدم وجود قوائم لدى الجمعيات الزراعية بفئات الحيازة وعدد الحائزين في كل فئة.
وفيما يلي توصيف للعينة:
(1) جاء كل أفرادها من جنس الذكور. فالعادة أن تسجل الحيازات باسم الأب أو الأبناء في حالة وفاته. كذلك فإن ثقافة مجتمع القرية تجعل من الصعوبة بمكان مقابلة وسؤال الأناث خاصة في الصعيد.
(2) بالنظر إلى الجدول رقم (1)، يتضح أن قرابة نصف أفراد العينة (46%) يقعون في فئة السنة 35 – 50 عاماً، تليها نسبة الذين يقعون في الفئة 50 – 65 عاماً (34%). ومعنى هذا أن التركيب العمري للعينة يتحيز للمراحل العمرية المتوسطة.
(3) تفيد بيانات الجدول بأن الزواج هو الحالة السائدة لدى العينة، إذ يمثل المتزوجون 94%. وهذا أمر طبيعي ومتوقع باعتبار أنه يندر وجود شخص أعزب يحوز باسمه أيضاً زراعية وينتمي للمراحل العمرية المذكورة آنفاً.

الجدول رقم (1)
توزيع أفراد العينة حسب السن والحالة الزواجية
والحيازة والوضع الإجتماعي للأسرة
الخصائص الإجتماعية
عدد
نسبة
أولاً: فئات السن:
20 – 35
35 – 50
50 – 60
65 فأكثر
63
228
168
33
13
46
34
7
ثانياً: الحالة الإجتماعية:
أعزب
متزوج
أرمل
مطلق
17
466
8
1
4
94
2
–
ثالثاً: فئات الحيازة:
أقل من فدان
1 – 3 أفدنة
3 – 5 أفدنة
5 أفدنة فأكثر
163
240
46
43
34
49
9
8
رابعاً: الوضع الإجتماعي للأسرة:
دون المتوسط
متوسط
فوق المتوسط
54
395
43
11
80
9
إجمالي
492
100
(4) من حيث المستوى التعليمي، يكاد يتوزع أفراد العينة مناصفة بين حالة الأمية وحالة المعرفة بالقراءة والكتابة: 245 أمياً، 244 يقرأون ويكتبون.
(5) إتساقاً مع النمط العام لتوزيع الحائزين في الفئات الحيازية في ريف مصر ككل، يقع معظم أفراد العينة في فئة الحيازة 1 – 3 أفدنة (49%) يليهم نسبة الحائزين لأقل من فدان (32.5%).
وفي ضوء هذه الحقيقة، وفي ضوء ممارسة كثير من صغار الحائزين لأعمال إضافية حكومية أو خاصة، ليس غريباً أن يذهب 80% من أفراد العينة إلى تقويم الوضع الإجتماعي لأسرهم بأنه ((متوسط)) أو ((بين بين)).

سابعاً: أداة جمع البيانات: الإستبيان.
رُئي استخدام منهج المسح الإجتماعي Social Survey من حيث يساعد في جمع أكبر قدر من المعلومات خلال فترة قصيرة نسبياً، إضافة إلى إمكان إخضاع تلك المعلومات للمعالجة الإحصائية. وتقرر استخدام أداة الإستبيان Questionnaire.
ولإعداد صحيفة الإستبيان، ثم وضع مسودة أو صورة أولية للأسئلة وذلك في ضوء مشكلة وفروض البحث. لقد تم حصر الأبعاد الرئيسية للمشكلة ومفردات المعلومات اللازمة لتغطيتها. وترجمت هذه المفردات إلى أسئلة قابلة للإستجابة روعي في وضعها ما يشير به أهل الإختصاص من قواعد وتعليمات.
في مرحلة تالية، عرضت المسودة على بعض الزملاء الذين يجمعون بين المعرفة بفنون المسوح الإجتماعية والإهتمام الأكاديمي بقضايا القرية المصرية. وأجرى لها أيضاً إختبار قبلي Pretest على 60 فلاحاً من القريتين مجال الدراسة. وفي ضوء تعليقات الزملاء ونتائج الإختبار القبلي، أدخلت على المسودة بعض تعديلات تمثلت في حذف سؤالين نهائياً، وتعديل صياغة ثلاثة أسئلة، وإضافة سؤال واحد.
بعدها، صيغ الإستبيان في صورته النهائية. لقد حوى 36 سؤالاً جميعها، عدا خمسة فقط، من النوع المغلق Closed Ended الذي يسهل عملية تصنيف ومقارنة الإستجابات ويضمن سرعة معالجة البيانات.
وغطت الأسئلة المحاور التالية:
(1) البيانات الأساسية: خمسة أسئلة تستفسر عن سن المبحوث وحالته الزواجية وحالته التعليمية ومقدار حيازته من الأرض الزراعية وتقييمه لوضع أسرته الإجتماعي.
(2) الإلتزام الديني: خمسة أسئلة تشمل السؤال عن مدى وعي المبحوث بأركان الإسلام الخمسة وطبيعة صلاة التراويح من حيث هي فرض أم سنة ومدى أدائه للصلوات الخمس، وما إذا كان يؤديها في أوقاتها والمكان المعتاد للصلاة.
(3) التوجهات القيمية العامة: خمسة أسئلة تستفسر من المبحوث عن الزمن الذي يتعلق به، ومدى إعتقاده بإمكان درء المرض عن الماشية، ولماذا، وإدراكه لما إذا كان الإنسان فاعل أم مفعول به في الحياة ولماذا.
(4) إستخدام الأساليب المزرعية الحديثة: ثلاث أسئلة تستهدف إستثارة معلومات المبحوث عن تكرار إستخدام المخضبات الكيماوية والمحراث الآلي والدراسة الآلية.
(5) الإنتاجية الزراعية: ستة أسئلة تستفسر من المبحوث عن حجم حيازته، والمحاصيل التي زرعها في الدورة الشتوية للعام 1983م، والمحاصيل التي حصدها وحجم الإنتاج من كل محصول بالأردب أو الطن أو القنطار وثمن بيع القيراط من البرسيم، وقيمة مبيعاته من الخضروات والفواكه، ومتوسط إنتاج الفدان من القطن داخل القرية في العام 1982م.
(6) القيم والمشاركة السياسية: أثنا عشر سؤالاً موزعة بدورها كما يلي:
أ – ثلاثة أسئلة غايتها التعرف على نظرة المبحوث للمساواة من خلال دعوته إلى إبداء رأيه في ثلاث عبارات.
ب – ثلاثة أسئلة تستهدف إظهار مدى شعور المبحوث بالمواطنة.
جـ – ستة أسئلة خاصة بالمشاركة السياسية تستفسر من المبحوث عن تكرار دخوله في مناقشات حول قضايا المجتمع المصري، وتكرار مشاركته في الإنتخابات العامة، والترشيح للمناصب المحلية، وما إذا كان عضواً في أحد الأحزاب الموجودة على الساحة وقت إجراء المسح، وما إذا كان يتصرف بشكل إيجابي في حالة وجود مشكلة تهمّ القرية ككل، وما إذا كان قد ساهم بالمال في مشاريع الجهود الذاتية.
إن المجموعة الأولى من الأسئلة التي تتعلق، كما نوهنا سلفاً، بمتغيرات الخلفية الإجتماعية لأفراد العينة لن تستخدم الإجابات عليها في التحليل. إذ إن ذلك يخرج عن إطار الدراسة التي حددنا هدفها في بيان مدى ما للإسلام من تأثير على التنمية داخل القرية المصرية. من هنا يثور التساؤل عن حكمة تضمين الإستمارة تلك الأسئلة. والرد على ذلك هو إستخدام الردود عليها في التأكد من التطابق بين خصائص عينتي القريتين مما يسوغ التعامل معهما كعينة واحدة.
أما المجموعات الأخرى من الأسئلة فتقدم بيانات تسمح برصد العلاقات بين متغيرات البحث: علاقة الإلتزام الديني بالتوجهات القيمية وإستخدام التقنيات الزراعية الحديثة والإنتاجية والمشاركة.
ونظراً لان نصف أفراد العينة أميون، وخوفاً من أن يهمل المبحوث غير الأمي في ملء الإستمارة أو يعتمد على غيره في ملئها إذا تركت له، رُئي تطبيق الإستبيان في موقف مواجهة بين الباحث والمبحوث. وهكذا أسند تطبيق الإستمارات إلى اثنين من الباحثين الميدانيين روعي في إختيارهما الجدية والإخلاص في العمل، فضلاً عن الإنتماء – ثقافياً على الأقل – إلى البلدتين مجال البحث. وروجع الإستبيان معهما جزئية – جزئية للتأكد من أنهما يحملان الفهم نفسه لكافة الأسئلة. ووزع عليهما العبء بالتساوي تقريباً حيث كلف كلاً منهما بمباشرة عملية التطبيق في قرية واحدة. وأنجزا هذه العملية على فترات متقطعة خلال شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) 1983م.
وبعد إنتهاء العمل الميداني، خضعت الإستمارات لمراجعة مكتبية دقيقة. كما أجريت عليها إختيارات الصدق والثبات المرعية في هذا الصدد.

ثامناً: التحليل الإحصائي للبيانات.
بسبب كبر عدد الإستمارات نسبياً، وحرصاً على دقة النتائج، رُئي أن تعالج الإستجابات عن طريق الحاسب الآلي. ويتضمن التحليل الإحصائي استخدام التوزيعات التكرارية في صورة جداول بسيطة ومركبة، وفي صورة تمثيل بياني بالدوائر.
من ناحية أخرى، استخدم إختبار كا2 (مربع كاي) Chi Square   للتأكد من وجود العلاقة المفترضة بين المتغير الأصيل والمتغيرات الوسيطة والتابعة. ولقياس قوة العلاقة في حالة ثبوتها، حسب معامل الإرتباط الإسمي*، أو الترتيبي** وذلك تبعاً لما إذا كانت المتغيرات إسمية Nominal   (المتغير الإسمي هو الذي لا تتدرج مستوياته) أو ترتيبية Ordinal   (المتغير الترتيبي تتدرج مستوياته من عال إلى متوسط إلى منخفض).
لقد اقتضى البحث أيضاً بناء ستة مقاييس أخذ معظمها بمبدأ الأوزان المتساوية للعناصر أو المؤشرات المكونة لكل مقياس. وغالبيتها مقاييس ترتيبية أو تدريجية Ordinal Indices  ، هذه المقاييس هي***:
(1) مقياس التدين: مجموع نقاطه 18 موزعة في ثلاثة مستويات على النحو التالي:
0 – 6 تدين ضعيف
7 – 12 تدين متوسط
13 – 18 تدين قوي.

(2) مقياس إستخدام الأساليب المزرعية الحديثة: مجموع نقاطه 9 موزعة على الوجه التالي:
0 – 3 تقليدي
4 – 6 مختلط
7 – 9 حديث

(3) مقياس الإنتاجية: على أساس حساب الدخل الإجمالي للفدان بالجنيه المصري في ضوء ردود المبحوثين، تمَّ تحديد ثلاثة مستويات للإنتاجية:
أقل من 350 جنيهاً إنتاجية منخفضة
350 – 399 جنيهاً إنتاجية متوسطة
400 فأكثر إنتاجية مرتفعة

(4) مقياس الإيمان بالمساواة: مجموع درجاته 9 موزعة في ثلاث شرائح على النحو التالي:
0 – 3 إيمان ضعيف
4 – 6 إيمان متوسط
7 – 9 إيمان قوي

(5) مقياس الشعور بالمواطنة: مجموع نقاطه 9 موزعة في ثلاث شرائح كما يلي:
0 – 3 شعور ضعيف
4 – 6 شعور متوسط
7 – 9 شعور قوي

(6) مقياس المشاركة السياسية: مجموع درجاته 12 موزعة على النحو التالي:
0 – 4 مشاركة متدنية
5 – 8 مشاركة متوسطة
9 – 12 مشاركة عالية
هذه المقاييس روعي في بنائها ما يشير به المختصون من إجراءات الصدق Validity  ، والثبات Reliability  .

المبحث الثاني
نتائج الدراسة: عرض المتغيرات
يقدم هذا الجزء صورة عامة لمتغيرات الدراسة، كل على حدة، من واقع ردود المبحوثين على أسئلة الإستبيان. من ناحية أخرى، سوف يتم تسكين هؤلاء المبحوثين في شرائح أو فئات المقاييس التي اقتضى البحث بناءها. وفي كلتا الحالتين، يتوسل العرض بجداول التوزيعات التكرارية والتمثيل البياني عن طريق الدوائر Pie Chart  .

أولاً: الإلتزام الديني لدى المبحوثين.
ذكرنا في موضع سابق أن من بين المسلمات عن شخصية الفلاح المصري أنه شديد التمسك بالدين. ذلك أن الدين يمنحه زاداً روحياً يقوي إزره في مواجهة الضغوط الخارجية ويحقق له نوعاً من الراحة النفسية حينما يضيق به الحال بما يوفره من آمال آجلة. كما أن الفلاح يطمح، من وراء أداء الشعائر وعلى رأسها الصلاة، أن يبارك الله له في نسله وحرثه وحيوانه. فما دام الله سبحانه هو الذي ينبت الزرع وينمي الضرع ويدفع الحسد والمرض، فإن التقرب إليه بأداء الصلوات وغيرها من الطقوس، يُفضي إلى طرح ((البركة)) في المحصول والأولاد والأنعام.
بيد أن مسلمة ((شدة تدين الفلاح)) قد تكون بحاجة إلى شيء من التمحيص في ضوء إستجابات عينة البحث، تلك التي يتضمنها الجدول رقم (2). فقد كنا نتوقع أن يعرف المبحوثون جميعاً أركان الإسلام الخمسة التي تلقن للمسلم منذ الصغر وبشكل دائم عن طريق المسجد والأسرة والمدرسة. صحيح أن الأغلبية العظمى منهم (81.7%) حققت هذا التوقع. ولكن يبقى أن حوالى الخمس – وهذه النسبة ليست قليلة فيما يتعلق بالنقطة محل النظر – لم يتمكنوا من ذكر كل الأركان. ويزداد الفرق بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون عند السؤال عن طبيعة صلاة ((التراويح)) التي تؤدى في المسجد عقب صلاة العشاء طيلة شهر رمضان من كل عام. فقد وردت الإجابة السليمة على لسان 73.5% من المبحوثين فقط. أما الباقون (26.5%) فمنهم من ذكر إجابة خاطئة، ومنهم من أفاد بعدم المعرفة.
ولعل الأمر الذي نقصد إليه يزداد وضوحاً عند الإنتقال إلى الجانب السلوكي للتدين ممثلاً في الصلاة التي تُعتبر عماد الدين: من أقامها فكأنما أقامه، ومن هدمها فكأنما هدمه. والمقصود بالإقامة أن تؤدى الصلوات الخمس في أوقاتها وفي المسجد كلما أمكن. لقد ذهب أكثر من نصف المبحوثين إلى أنهم يصلون خمس مرات في اليوم (57%)، بينما أفاد (36%) بإقامة بعض الصلوات خاصة صلاة الجمعة، وتمثل النسبة الباقية (7%) أولئك الذين لا يصلّون مطلقاً. ومعنى هذا أن (43%) من أفراد العينة مضيّعون لأحد أوجه الإقامة. والمثير أن كل الذين أجابوا بأداء جميع أو بعض الصلوات ذكروا أنهم يقيمون الصلاة في مواعيدها باستثناء نسبة محدودة لا تتعدى (13.5%). وفي هذا فقدان لمعنى آخر من معاني الإقامة. وبرغم كثرة المساجد في القريتين مجال الدراسة، وبرغم ما يقال عن ثواب الصلاة في المسجد، ذكر أكثر من نصف المبحوثين المؤدين للصلاة (59%) إنهم يصلون عادة في المنازل والحقول.
ولتقدير مدى الإلتزام الديني عند المبحوثين، تمَّ تسكينهم في الشرائح الثلاث لمقياس التدين حسب الدرجة الكلية التي حصل عليها كل منهم من واقع إجاباته. وبالنظر إلى الجدول رقم (3)، يتبين أن الذين يقعون في شريحة التدين القوي تزيد نسبتهم قليلاً عن الثلثين (68.4%)، يليهم أصحاب المستوى المتوسط من التدين (24.3%). أما الشريحة ذات التديُّن الضعيف فتضم فقط (7.3%)، ولو أدخلنا البعد

الجدول رقم (2)
إجابات المبحوثين على أسئلة التدين
العنصر
(أ)
(ب)
(جـ)
(د)
(هـ)
المعرفة بأركان الإسلام
المعرفة بطبيعة صلاة
التراويح
إقامة الصلاة
إقامة الصلاة
في ميعادها
المكان المعتاد للصلاة
1
2
3
4
5
مجموع
فرض
سنة
لا
يعرف
مجموع
كل
الصلوات
بعض
الصلوات
لا يصلي مطلقاً
مجموع
نعم
لا
مجموع
المسجد
المنزل
الحقل
مجموع
العدد
3
15
63
9
402
492
4
362
126
492
281
179
32
492
62
398
460
190
205
65
460
النسبة
0.6
2.1
12.8
1.8
81.7
100
0.9
73.5
25.6
100
57
36
7
100
13.5
86.5
100
41
44.5
14.5
100
الأيكولوجي في الحسبان، لوجدنا إختلافاً يستحق التنويه بين قرية ((رمانة)) وقرية ((الهيمان)). فالأقوياء في تدينهم يشكلون أكثر قليلاً من نصف عينة ((رمانة)) (53%)، في حين يمثلون الأغلبية الساحقة من عينة ((الهيمان)) (85%). ويعني هذا أن أبناء الصعيد أشد تديناً من أبناء الدلتا وذلك في حدود تعريفنا الإجرائي لمفهوم التدين.

ثانياً: التوجهات القيمية العامة.
يقال إن الفلاح المصري يتعلق بالحاضر ويستغرق بكليته فيه، مع لجوئه أحياناً إلى الماضي يلتمس فيه العزاء. أما المستقبل فلا شأن له به لأنه في حكم الغيب وينتمي إلى عالم المجهول ولأن الإنشغال به يولد مشاعر الحيرة والقلق. كما يغلب أن تكون علاقته بالطبيعة علاقة خضوع من جانبه لها. إنه يعيش تحت رحمتها ولا يرى نفسه قادراً على التحكم فيها أو تحديها. إضافة إلى هذا وذاك، يحوز الفلاح توجهاً سلبياً نحو الفعل أو النشاط حيث يرى نفسه مفعولاً به وليس فاعلاً.

الجدول رقم (3)
توزيع المبحوثين على شرائح مقياس التدين
الشريحة
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
العدد
336
121
36
492
النسبة
68.4
24.3
7.3
100
هذه التصورات منها ما تتحداه بيانات البحث ومنها ما تؤكده. فبالنظر إلى الجدول رقم (4)، يتضح أن الماضي ليس موضع إهتمام المبحوثين على الإطلاق. أما التوجه نحو المستقبل فيسود لدى معظمهم (65%). ويتعلق حوالي الثلث بالحاضر (35%). إن هذه النتيجة تتعدى الرؤية التقليدية عن الفلاح والزمن. بيد أننا لو أخذنا البعد الأيكولوجي بعين الإعتبار، نجد أن قرية ((الهيمان)) تساند تلك النظرة التقليدية، بينما تتحداها قرية ((رمانة)). ذلك أن ثلثي المبحوثين في ((الهيمان)) أفادوا بضرورة الإنشغال بالحاضر، بينما عبر (95%) من أفراد عينة ((رمانة)) عن توجه مستقبلي.
من ناحية أخرى يكشف الجدول عن سيادة إتجاه الخضوع للطبيعة وليس السيطرة عليها حيث أفاد كل المبحوثين – عدا 4.5% فقط – بعجزهم عن درء الأمراض عن الماشية بدعوى أن المرضي ((مكتوب)) و((مقدر)) و((لا مهرب منه)). ويعني هذا سلامة التصور الشائع عن علاقة الفلاح بالمحيط المادي.
غير أنهم أبدوا توجهاً إيجابياً نحو الفعل خلافاً للتصور الدارج عنهم. إذ وافقوا – عدا (1%) فقط – على العبارة القائلة بأن إجتهاد الإنسان في فلاحة أرضه من شأنه أن يؤدي إلى زيادة المحصول.

ثالثاً: القيم السياسية.
كثيراً ما يتردد أن الفلاح المصري يقبل هيراركية العلاقات الإنسانية القائمية على العزو وليس الكفاءة، وأنه محلي وضيق النظرة يقدم المصلحة الخاصة على الصالح العام.
توضح بيانات البحث – الجدول رقم (5) – أن فهم الفلاحين للمساواة معقد بعض الشيء. فقد أعرب سائر المبحوثين – عدا (5%) – عن رفضهم لممارسات التمييز والمحاباة التي يأتيها موظفو الجمعية التعاونية الزراعية. إلا إن الواقع يشهد أن الفلاح عادة لا يقاوم هذا السلوك، بل ولا يتردد في توظيفه لمصلحته كلما استطاع.
كذلك، رفض أفراد العينة، باستثناء (4%) – أن يكون المستوى الإقتصادي محكاً للتعيين في سلك النيابة العامة. فليس يهم أن يكون والد الشخص المراد تعيينه فقيراً أو غنياً، وإنما العبرة بمجموع درجاته.
وخلافاً لتلك الرؤية المفعمة بمعاني المساواة، نجد الأغلبية العظمى من المبحوثين (88%) لا يرون منح المرأة حقوقها السياسية (الترشيح والإنتخاب) سبيلاً إلى رقي المجتمع. ومع أنهم لا يعارضون تعليم المرأة، بل ولا يعارضون عملها إذا اقتضت الضرورة، إلا إنهم يريدون لها أن تظل بمنأى عن العمل السياسي ربما لإعتقادهم أنه من إختصاص الرجال أو أنه ينطوي على ممارسات تحتية من الأفضل عدم توريط المرأة فيها.
وبالنظر إلى الجدول رقم (6) الذي يتضمن توزيع مفردات العينة في فئات مقياس

الجدول رقم (4)
إجابات المبحوثين على الأسئلة الخاصة بالتوجهات القيمية العامة
 
الزمن الذي يحسن الإنشغال به
إمكان دفع المرض عن
الماشية
بذل المزيد من الجهد
في الزراعة يزيد المحصول
العنصر
الماضي
الحاضر
المستقبل
نعم
لا
موافق
غير موافق
العدد
–
170
322
22
470
487
5
النسبة
–
35
65
4.5
95.5
99
1
             ن = 493 مفردة

الجدول رقم (5)
إجابات المبحوثين على الأسئلة المتعلقة بالقيم السياسية
العبارة
موافق بشدة
موافق إلى حد ما
غير موافق
العدد 
النسبة 
العدد 
النسبة 
العدد 
النسبة 
(1) التمييز الذي يحدث من قبل موظفي الجمعية الزراعية لا يجب أن يثير غضب أحد.
–
–
26
5
466
95
(2) لا ينبغي أن تعين الحكومة في منصب وكيل النيابة أي شخص يكون والده فقيراً.
1
–
17
4
474
96
(3) يمكن أن تتقدم الدولة إذا أعطيت المرأة حق الترشيح والإنتخاب مثل الرجل.
13
3
45
9
434
88
(4) الشخص ((الناصح)) هو الذي يسعى في سبيل مصلحته وحسب.
74
16
135
27
282
57
(5) لا يمكن لوم أي شخص يهاجر إلى الخارج بغرض العمل برغم حاجة الوطن إليه.
205
42
223
45
64
13
(6) أي فلاح يخالف الدورة الزراعية على حق.
92
19
267
54
133
27
              ن = 492 مفردة.
الإيمان بالمساواة، يتضح أن الأغلبية الساحقة تقع في الفئة المتوسطة (96%)، بينما تنتمي البقية إلى فئة الإيمان القوي بالمساواة.
وإذا انتقلنا إلى قيمة المواطنة، نجد بيانات الجدول رقم (5) تكشف عن اهتزازها لدى المبحوثين. فحوالى (43%) يقرون السلوك الذي يستهدف المصلحة الخاصة وحسب. وترتفع النسبة لتصل إلى (73%) بخصوص الموافقة على مخالفة نظام الدورة الزراعية. ويبلغ الشعور باللامواطنة أقصاه حينما يذهب (87%) من العينة إلى أنه لا جناح على من يهاجر للعمل بالخارج رغم حاجة الدولة إليه.
هذا الشعور المهتز بالمواطنة يجليه توزيع المبحوثين في شرائح مقياس المواطنة (الجدول رقم 7)، فأصحاب المستوى المتوسط يشكلون أعلى نسبة (45%). يليهم أصحاب الشعور القوي بالمواطنة (39%)، ثم الشريحة الضعيفة (16%).

الجدول رقم (6)
توزيع المبحوثين في شرائح مقياس الإيمان بالمساواة
الشريحة
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
العدد
20
472
–
492
النسبة
4
96
–
100

الجدول رقم (7)
توزيع المبحوثين في شرائح مقياس الشعور بالمواطنة
الشريحة
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
العدد
192
221
79
492
النسبة
39
45
16
100

رابعاً: التجديد.
يسود في الدراسات المتعلقة بجماهير الفلاحين تسليم معين مؤداه أن الفلاح شخص يتسم بالمحافظة الشديدة التي توعر طريق التحديث. فهو يقاوم التغيير تارة باسم الدين، وتارة باسم العادات والتقاليد.
هذه المقولة ليست صحيحة بشكل مطلق في ضوء الشواهد التاريخية ونتائج البحوث الأمبيريقية. فالثابت تاريخياً أن الفلاح المصري غير ديانته ولغته غير مرة، بل وغير الكثير من عناصر ثقافته المادية كالأدوات الزراعية وأنواع المحاصيل، مع ملاحظة أن هذا التجديد لم ينبع منه بل فرض عليه. كما رصدت البحوث الميدانية كثيراً من مظاهر التحديث في القرية المصرية، تلك التي رأى فيها الأهالي مصلحة لهم.

تسير دراستنا في الإتجاه نفسه، إذ تتحدى مقولة سيادة النزعة المحافظة عند الفلاح. فقد أبدى المبحوثون موقفاً مواتياً إزاء استخدام المدخلات الحديثة في الزراعة. إذ تبعاً لبيانات الجدول رقم (8)، تستخدم المخصبات الكيماوية والدّراسات الآلية بشكل دائم من قبل 92%، 88% على التوالي. كذلك يستعمل المحراث الآلي من جانب (95.4%) إما بصفة دائمة (40.4%) أو أحياناً (55%). والملفت للإنتباه ذلك الإنخفاض الواضح في نسبة القائلين بالإستخدام الدائم للمحراث الآلي إذا قورنت بنسبة القائلين باستخدام الأسمدة الكيماوية والدّراسية. وأغلب الظن أن ذلك يعود إلى قزمية وتفتت وتبعثر الحيازات الزراعية، وهو الأمر الذي يحد من استخدام الجرارات في عمليات الحرث أو يجعل استعمالها غير إقتصادي.
وبالنظر إلى الجدول رقم (9) الذي يتضمن توزيع العينة في شرائح مقياس الحداثة من منظور الأساليب المزرعية المستخدمة، يتبين أن كل المبحوثين – خلاف ستة فقط – ينتمون إلى الفئة العصرية. ويعني هذا سيادة نزعة التجديد لدى فلاحي القريتين من منظور إستعمال التقنيات الحديثة في الزراعة.

الجدول رقم (8)
إجابات المبحوثين بشأن إستعمال الأساليب المزرعية الحديثة
العنصر
التكرارات
دائماً
أحياناً
لا يستخدم مطلقاً
عدد
%
عدد
%
عدد
%
1) استخدام الأسمدة الكيماوية
2) استخدام الدراسة في درس القمح
3) استخدام المحراث الآلي
455
434
199
92
88
40.4
36
47
271
8
10
55
1
11
22
–
2
4.6
                  ن = 492 مفردة.

الجدول رقم (9)
توزيع المبحوثين في شرائح مقياس الحداثة
الشريحة
حديث
مختلط
تقليدي
مجموع
العدد
485
4
2
492
النسبة
98.8
0.8
0.4
100

خامساً: الإنتاجية.
أفاد المبحوثون في ((رمانة)) إنهم يزرعون أطيانهم بالمحاصيل غير النقدية أساساً، في حين ذكرت عينة ((الهيمان)) إن أراضيهم تزرع بقصب السكر، إضافة إلى بعض المزروعات التقليدية.
وبعد تقدير إجمالي دخل الفدان بالجنيه المصري لكل مبحوث، تم تسكينه في الشريحة التي تناسبه من بين شرائح مقياس الإنتاجية (الجدول رقم 10). وتفيد بيانات هذا الجدول أن ثلثي المبحوثين (64.6%) ذو إنتاجية متوسطة، بينما يتوزع الثلث الباقي على الشريحتين الأخيرتين بواقع (22.2%) في شريحة الإنتاجية المرتفعة، (13.2%) في شريحة الإنتاجية المنخفضة.

الجدول رقم (10)
توزيع المبحوثين على مقياس الإنتاجية
المستوى
مرتفعة
متوسطة
منخفضة
المجموع
العدد
109
318
65
492
النسبة
22.2
64.6
13.2
100

سادساً: المشاركة السياسية.
كثيراً ما يوصم الفلاح المصري باللامبالاة والسلبية السياسية. فالقضايا العامة أو هموم المجتمع الأكبر لا تعنيه في شيء ما دام لا يدرك تأثيراً مباشراً لها على حياته. وهو أيضاً لا يباشر حق التصويت بصورة منتظمة. ولا تستهويه كثيراً مسألة الترشيح للمناصب العامة. ولا يحرص على الإنخراط في العمل الحزبي. وتنقصه روح المبادرة إلى التصدي للمشكلات العامة. وهو إلى هذا كله، قد يضن بماله أو جهده في سبيل مصلحة المجموع.
هذه النظرية تساندها نتائج البحث إلى حد كبير (الجدول رقم 11). فقد ذكر قرابة ثلثي المبحوثين أنهم لا يدخلون البتة في مناقشات حول قضايا المجتمع المصري، بينما ذكر (31.7%) إنهم يفعلون ذلك من آن لآخر. وبرغم أن الإنتخابات دخلت حياة القرية لإختيار أعضاء البرلمان والمجالس الشعبية ومجالس إدارات الجمعيات التعاونية الزراعية والعمد ومشايخ البلد، إلا إن أغلبية المبحوثين تمارس حق التصويت أحياناً (63%)، ويحجم حوالي الخمس (19%) عن مزاولته تماماً. ولم يسبق لـ(89%) منهم أن رشحوا أنفسهم لأي منصب عام. وبرغم أن تجربة التعدد الحزبي مضى عليها أكثر من سبع سنوات، أنكر المبحوثون جميعاً – عد (4%) – إنضمامهم إلى أي حزب حتى الحزب الديمقراطي الحاكم. ونظراً لما لمياه الري من خطر في حياة القرية، فمن المتوقع أن يبادر الفلاحون إلى إتخاذ موقف إيجابي عندما تتأخر عن ميعادها أو تأتي بمنسوب منخفض.

الجدول رقم (11)
إجابات المبحوثين على الأسئلة الخاصة بالمشاركة
العنصر
تكرار مناقشة القضايا
العامة
تكرار المشاركة
في الإنتخابات
هل سبق
التشريح لمنصب
داخل القرية
الإنضمام
للأحزاب
التصرف عند وجود مشكلة
تهم القرية
التبرع
لمشروعات
الجهود الذاتية
الإستجابة
دائماً
أحياناً
لا يحدث مطلقاً
دائماً
أحياناً
لا يحدث
نعم
لا
نعم
لا
يبادر إلى عمل شيء
ينتظر رد فعل الغير
لا يفعل أي شيء
نعم
لا
العدد
8
156
328
89
310
93
54
438
20
472
98
233
161
277
215
النسبة
1.7
31.7
66.6
18
63
19
11
89
4
96
20
47
33
56.4
43.6
ن = 492 مفردة.

غير أن ردود المجيبين على سؤال بهذا المعنى لم تحقق هذا التوقع. فالفعل الإيجابي – أي المبادرة بإرسال شكاوى وبرقيات إلى الجهات المسؤولة – ورد فقط على ألسنة (20%) من أفراد العينة. أما الأغلبية الساحقة فأظهرت موقفاً سلبياً إما بإنتظار رد فعل الغير (47%) أو بعدم إتيان أي تصرف (33%). ومع أن أكثر من النصف (56.4%) أفادوا بالتبرع لمشاريع الجهد الذاتي، إلا إن النسبة تظل دون المتوقع.
وهكذا فإن صورة المشاركة السياسية الفلاحية في القريتين غير مشرقة بأي حال. هذه الصورة يجليها أكثر توزيع المبحوثين على مستويات المشاركة (الجدول رقم 12). فأكثر من أربعة أخماسهم (82.3%) يعكسون مستوى هابطاً من المشاركة. وتضم الشريحة المتوسطة نسبة محدودة (14.6%). أما أصحاب المستوى المرتفع من المشاركة فنسبتهم لا تكاد تذكر (3.1%).

الجدول رقم (12)
توزيع المبحوثين على مقياس المشاركة السياسية
المستوى
مرتفع
متوسط
منخفض
مجموع
العدد
15
72
405
492
النسبة
3.1
14.6
–
100

سابعاً: استنتاجات عامة.
في ضوء ما تقدم، يمكن أن نخلص إلى ما يأتي:
1 - الفلاحون المصريون متدينون. غير أن تدينهم لا هو بالقوي ولا هو بالضعيف، وإنما هو بين ذلك.
2 - أصبح الإهتمام بالمستقبل والتفكير فيه إتجاهاً سائداً لدى كثير من الفلاحين.
3 - إن علاقة الفلاح بطبيعة علاقة خضوع أكثر منها تحدٍ وسيطرة وتحكم.
4 - رغم قناعة الفلاح بأن الأرزاق ((مقسومة)) و((محددة)) في علم ((الغيب)) إلا إنه لا يتراخى في فلاحة أرضه معتقداً أن السماء لا تساوي بين من يجد في عمله ومن يهمل فيه.
5 - يجمع توجه الفلاح نحو المساواة السياسية بين التقليدية والحداثة. ويغلب أن يفكر من منظور شخصي ضيق وليس من منظور المواطنة المسؤولة.
6 - يقبل الفلاح على الأخذ بالجديد إذا تيقن من فائدته كما يشهد بذلك استخدامه للمدخلات والتقنيات المزرعية الحديثة.
7 - تعكس الإنتاجية الزراعية إختلافاً من فلاح إلى آخر، ومن قرية إلى أخرى. غير أن غالبية الفلاحين متوسطو الإنتاجية.
8 - برغم التطور الإجتماعي الذي شهدته القرية المصرية، ما زال مستوى المشاركة السياسية هناك هابطاً بوجه عام.

المبحث الثالث
نتائج الدراسة: العلاقات بين المتغيرات
يعرض هذا المبحث للعلاقة بين التدين كمتغير أصيل من ناحية، والتوجهات القيمية كمتغيرات وسيطة والتنمية كمتغير تابع من ناحية أخرى وذلك في محاولة التحقق من صدق إفتراضات البحث. واستخدمت بهذا الصدد عدة أساليب إحصائية هي بالتحديد إختبار كا2 (مربع كاي) للتأكد ابتداء من وجود العلاقة بين المتغيرين، ومستوى الدلالة الإحصائية عند (2.5%) للتأكد من أن هذه العلاقة لا توجد بالصدفة إلا في حدود معينة، ثم معامل الإرتباط لتحديد قوة العلاقة.

أولاً: التدين والتوجهات القيمية.
يتناول عرضنا في هذا الجزء أثر التدين كمتغير مستقل على القيم بوصفها متغيرات وسيطة: التوجه نحو الزمن والطبيعة والفعل والمساواة والمواطنة.
(1) التدين والزمن موضع الإهتمام:
الإفتراض المطروح هنا أنه كلما كان المرء أشد تديناً، فمن المتوقع أن يكون أقل إنشغالاً بالمستقبل. ولإختبار صحة هذا الفرض، ركب الجدول رقم (13) الذي يبين توزيع المجيبين في فئات حسب درجة التدين والزمن الذي يفضل التفكير فيه والتخطيط له. ويتضح من الجدول المذكور أن التوجه المستقبلي يسود لدى الغالبية من ذوي المستويات القوية والمتوسطة والضعيفة للتدين. على أن نسبة حائزي هذا التوجه في المجموعة قوية التدين تقل بفارق كبير عن مثيلتها في المجموعة متوسطة التدين (60%، 78% على التوالي)، بل وعن مثيلتها في فئة التدين الضعيف (69%). وتفيد قيمة كا2 عند مستوى المعنوية 0.025 بوجود العلاقة العكسية المفترضة بين المتغيرين، وبالتالي رفض الفرض العدمي*. ومعنى هذا أن لتدين المرء تأثيراً سلبياً على نظرته للمستقبل. ولكن يبقى أن العلاقة ضعيفة جداً حيث تبلغ قيمة معامل الإرتباط الإسمي 0.16.

الجدول رقم (13)
درجة التدين والتوجه نحو الزمن
التدين
النظرة إلى الزمن
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
مستقبل
حاضر
ماضي
المجموع
203
133
–
336
60
40
–
100
94
26
–
120
78
22
–
100
25
11
36
69
31
100
322
170
–
492
65
35
100
كا2 = 12.826               مستوى الدلالة 0.025                   معامل التوافق = 0.16

(2) التدين الموقف من الطبيعة:
يبين الجدول رقم (14) توزيع المبحوثين في فئات تبعاً لدرجة التدين وإمكان دفع المرض عن الماشية. ويتضح منه أن الغالبية الساحقة في شرائح التدين القوي والمتوسط والضعيف لا ترى ذلك الإمكان. فكأن الدين ليس له أثر على علاقة الفلاحين بالمحيط المادي، وهو الأمر الذي يؤكده انخفاض قيمة كا2 عند مستوى المعنوية 2.5% (3.553). وبذلك يثبت خطأ الإفتراض القائل ((كلما كان المرء المسلم أشد تديناً، زاد إحتمال فقدانه معنى السيطرة على الطبيعة)).

الجدول رقم (14)
درجة التدين والتوجه نحو الطبيعة
التدين
إمكان إبعاد
المرض عن الماشية
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
نعم
لا
مجموع
19
317
236
6
94
100
2
118
120
2
98
100
1
35
36
3
97
100
22
470
492
4.5
95.5
100
كا2 = 3.553                                         مستوى الدلالة 0.025

(3) التدين والتوجه نحو الفعل:
خلافاً لما سبق، أي فقدان المبحوثين لقيمة التحكم في الطبيعة، نجد أنهم يحملون توجهاً إيجابياً نحو العمل حيث أقروا بأن إجتهاد الفلاح في فلاحة الأرض يفضي إلى زيادة الإنتاج. وبهذا الصدد، لا يوجد فرق بين أقوياء أو متوسطي أو ضعاف التدين (الجدول رقم 15). ويؤيد إختبار كا2 عند مستوى المعنوية 0.025 الفرض العدمي الذي يقضي بانعدام العلاقة بين متغير الإلتزام الديني والنظرة للفعل. ومن ثم ليس ثمة ما يساند إفتراضنا القائل ((كلما كان المرء أشد تديناً، بات متوقعاً أن يعتبر نفسه مفعولاً به وليس فاعلاً)).

الجدول رقم (15)
درجة التدين والتوجه نحو الفعل
التدين
الإجتهاد
يؤدي إلى زيادة المحصول
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
موافق
غير موافق
مجموع
334
2
236
99
1
100
118
2
120
98
2
100
35
1
36
97
3
100
487
5
492
99
1
100
كا2 = 2.207                                         مستوى الدلالة 0.025

(4) التدين والقبول بالمساواة:
الفرض المطروح هنا أن الإنسان الأشد تديناً أكثر قبولاً بالتمييز التحكمي بين الناس لإعتقاده بأن الله خلق الناس مقامات ورتبهم درجات. وللتحقق من صحة الفرض، وضع المبحوثون في فئات حسب درجة التدين ودرجة الإيمان بالمساواة (الجدول رقم 16). واتضح أن كل المبحوثين تقريباً في مختلف شرائح الإلتزام الديني يقعون عند المستوى المتوسط من حيث الإيمان بالمساواة. وبإجراء إختبار مربع كاي عند مستوى الدلالة 0.025، يتأكد إنعدام أي تأثير للتدين على الإيمان بالمساواة، وبالتالي يثبت خطأ الإفتراض.

الجدول رقم (16)
درجة التدين والمساواة
التدين
إمكان إبعاد
المرض عن الماشية
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
14
322
–
336
4
96
–
100
5
115
–
120
4
96
–
100
1
35
–
36
3
97
–
100
20
472
–
492
4
96
–
100
كا2 = 0.165                                         مستوى الدلالة 0.025

(5) التدين والشعور بالمواطنة:
مثلما يقال بأن البناء النفسي للمتدين يسلم بتدرجية العلاقات بين الناس بإعتبارها أمراً طبيعياً، يقال أيضاً بأنه يشعر بالتوحد مع من يشاركونه نفس الديانة أو المذهب. وهذا من شأنه إضعاف الرابطة بالوطن كمفهوم سياسي، وبالتالي فتور الشعور بالمواطنة المسؤولة بما ترتبه من إلتزامات وحقوق. لذا افترض البحث أن الإنسان شديد التدين ضعيف الشعور بالمواطنة. وفي محاولة إختبار هذا الإفتراض، تم تسكين المبحوثين في فئات تبعاً لدرجة الإلتزام الديني ودرجة الإحساس بالمواطنة (الجدول رقم 17). فجاءت البيانات غير مؤيدة للفرض بأي حال. إذ لا تتخذ النسب إتجاهاً صعودياً من اليمين إلى اليسار في الصف العلوي، وإنما ترتفع ثم تهبط. وتتجه إلى الإنخفاض في الصف السفلي من اليسار إلى اليمين لتعاود إرتفاعها بدرجة طفيفة.
كذلك يؤكد إختبار كا2 عند مستوى المعنوية 0.025 خطأ الإفتراض. وعليه، ليس للتدين علاقة أو تأثير على الشعور بالمواطنة.

الجدول رقم (17)
درجة التدين والشعور بالمواطنة
التدين
الشعور بالمواطنة
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
124
159
53
336
37
47
16
100
60
42
18
120
50
35
15
100
8
20
8
36
22
56
22
100
192
221
79
492
39
35
16
100
كا2 = 7.910                                         مستوى الدلالة 0.025

ثانياً: التدين والتنمية.
بعد أن أوضحنا علاقة التدين بالمتغيرات الوسيطة، ننتقل إلى رصد علاقته بالمتغيرات التابعة: استخدام الأساليب المزرعية الحديثة، والإنتاجية الزراعية، والمشاركة السياسية.
(1) التدين واستعمال الطرق الحديثة في الزراعة:
يتردد كثيراً أن الدين معاد للعصرية أو الحداثة. فالمتدين يعشق القديم ويزدري الجديد. من ثم، افترضنا أن المرء شديد التدين أقل استخداماً لأساليب الزراعة الحديثة. ولوضع الإفتراض على محك الصدق، وزع المبحوثون في فئات طبقاً لقوة التدين والعصرية من منظور استخدام الفنون الزراعية الحديثة. (الجدول رقم 18). وبالنظر إلى شكل توزيع البيانات، يتضح خطأ الإفتراض المطروح. ذلك أن تبني الأساليب العصرية في الزراعة سلوك شائع لدى كل الأفراد أياً كانت درجة تدينهم. ويفيد إختبار كا2 عند مستوى الدلالة 0.025 بغياب أي تأثير للإلتزام الديني على الأخذ بالجديد في مجال الزراعة.

الجدول رقم (18)
درجة التدين والحداثة
التدين
الحداثة
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
حديث
مختلط
تقليدي
مجموع
33
2
1
336
99.1
0.6
0.3
100
119
1
–
120
99
1
–
100
34
1
1
36
94
3
3
100
486
4
2
492
98.8
0.8
0.4
100
كا2 = 7.968                                         مستوى الدلالة 0.025

(2) التدين والإنتاجية الزراعية:
الإنتاجية معبراً عنها بإجمالي دخل الفدان بالجنيه المصري هي المتغير التابع الثاني الذي تستهدف الدراسة كشف علاقته بمتغير الإلتزام الديني. ويتضمن الجدول رقم (19) توزيع المبحوثين تبعاً لدرجة التدين ومستوى الإنتاجية. ويتضح منه أن نسبة ذوي التدين القوي والإنتاجية المرتفعة تساوي تقريباً نسبة ذوي التدين الضعيف والإنتاجية المرتفعة. كما أن نسبة أقوياء التدين ومتوسطي الإنتاجية تقل عن نسبة متوسطي التدين والإنتاجية. ولكن هذه الأخيرة تفوق نسبة ضعاف التدين ومتوسطي الإنتاجية. وإذا كانت نسبة الذين يقعون في فئة المستوى الضعيف من التدين والمنخفض من الإنتاجية تكبر نسبة متوسطي التدين ومنخفضي الإنتاجية، إلا إن هذه الأخيرة تقل عن نسبة مرتفعي التدين ومنخفضي الإنتاجية.
وهكذا فإن نمط توزيع البيانات لا يساند العلاقة العكسية المفترضة بين التدين والإنتاجية: كلما كان المرء أشد تديناً، كان أقل إنتاجية. وتدل قيمة كا2 عند مستوى المعنوية 0.025 على إنعدام العلاقة بين المتغيرين، بمعنى أن التدين كمتغير أصيل ليس له شأن بالإنتاجية كمتغير تابع.

الجدول رقم (19)
التدين ومستوى الإنتاجية
التدين
الإنتاجية
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عال
متوسط
منخفض
مجموع
76
210
50
336
22.6
62.5
14.9
100
25
84
11
120
21
70
9
100
8
24
4
36
22.2
66.7
11.1
100
109
318
65
492
22.2
64.6
13.2
100
كا2 = 3.237                                         مستوى الدلالة 0.025

(3) التدين والمشاركة السياسية:
نأتي هنا إلى ثالث وآخر المتغيرات التابعة التي يسعى البحث بيان أثر التدين عليها. ونظراً لما يقال عن إتكالية وسلبية الشخص المتدين في علاقته بالمحيط السياسي، افترضت الدراسة أنه كلما كان المرء أشد تديناً، تدنت مشاركته السياسية. ولإختبار هذا الفرض، أعد الجدول رقم (20) الذي يشمل فئات المبحوثين حسب درجة التدين ومستوى المشاركة. ويتضح من مطالعته أن الأغلبية الساحقة من ذوي التدين القوي والمتوسط والضعيف يعكسون مستوى هابطاً من المشاركة. وتم كذلك حساب مربع كاي. فبلغت قيمته 0.95 عند مستوى الدلالة 2.5%. ويعني هذا إنعدام العلاقة بين الإلتزام الديني والمشاركة السياسية، وبالتالي خطأ الإفتراض آنف الذكر. بعبارة أخرى، لا يزاول التدين تأثيراً على مستوى الإنخراط السياسي للفلاحين، ذلك الذي يعكس تدنياً مؤسفاً.

الجدول رقم (20)
درجة التدين ومستوى المشاركة
التدين
المشاركة
قوي
متوسط
ضعيف
مجموع
عدد
%
عدد
%
عدد
%
عدد
%
مرتفع
متوسط
منخفض
مجموع
19
49
278
336
2.5
14.5
82
100
4
18
98
120
3
15
82
100
2
5
29
36
5.5
14
80.5
100
15
72
405
492
3.1
14.6
82.3
100
كا2 = 0.95                                           مستوى الدلالة 0.025

ثالثاً: النتائج والفروض والتفسير.
مما تقدم، يتضح أن النتائج تثبت خطأ كل إفتراضات البحث عدا الإفتراض الذي يقيم علاقة عكسية بين التدين والتوجه نحو المستقبل. بل لقد وجدنا أن معامل الإرتباط بين هذين المتغيرين ضعيف للغاية. وعلى هذا فإن الإسلام معبراً عنه بالتدين لا يمارس تأثيراً سلبياً على التنمية. وفي ذلك ما يدحض أو يتحدى المقولة التي تحمّل الإسلام مسؤولية التخلف الذي تعاني منه المجتمعات الإسلامية وتراه عائقاً في طريق تطورها الشامل.
غير أن النتائج من ناحية أخرى، لا تثبت أن الإسلام، في ضوء تعريفنا الإجرائي له، يؤثر إيجابياً على التنمية، وهو الأمر الذي يشكك في مقولة الذين يرون أن الإسلام يقف في صف التنمية يحض عليها ويفضي إليها. فكأن التدين، بوصفه الصياغة العملية لمفهوم الإسلام، عامل محايد في علاقته بالتنمية لا يعيقها ولا يساعدها. هذه النتيجة تفرض التساؤل عن كيفية تفسيرها.

لابد من التنويه إبتداء إلى صعوبة التفسير، وبالتالي فإن ما نطرحه بهذا الخصوص لا يعدو كونه ضرباً من الإجتهاد. يبدو أن الدين في القرية المصرية قد إستحال إلى مجموعة طقوس وشعائر. فلم يعد يتخلل حياة الناس ويوجه سلوكهم. صحيح أن الفلاح يحب الثرثرة في أمور الدين ويؤدي طقوسه كلها أو بعضها. وصحيح أيضاً أنه قد يغضب إذا سمع أو قرأ أو شاهد ما يتصوره خروجاً على الدين، غير أن هذا شيء، وأمور المعاش شيء آخر. فعلى مستوى النظر أو القول أو الوعي، يغلب ألا يفصل الفلاح بين الدين والدنيا، بينما يفصل بينهما على صعيد العمل أو اللاوعي. هو بعبارة أخرى يرفض العلمانية قولاً، ويطبقها عملاً. قد يصلي بإنتظام أو لا يصلي مطلقاً. قد يصوم رمضان أو يفطر دون عذر شرعي، قد يزكي أو لا يزكي. قد يعلم من أمور دينه كثيراً أو قليلاً. ولكن هذا كله وغيره يدخل في دائرة علاقته بربه ولا شأن له بتوجهاته أو سلوكه التنموي.
من ناحية أخرى، يمكن فهم ظاهرة السلبية السياسية داخل القرية، بعد أن برأت نتائج البحث الإسلام من تهمة خلقها، في ضوء أوضاع بنائية تاريخية ومعاصرة. فعلى إمتداد التاريخ الطويل، عانت القرية من قهر سياسي وإجتماعي شديد. واقترن ذلك بمركزية سياسية عارمة غاب معها أي إمكان لمشاركة جماهيرية حقيقية.
وليس لمؤسسات المشاركة التي تكونت خلال الثلاثين عاماً الماضية – أي المجالس المحلية والتنظيمات الحزبية والنقابية – وجود ملموس في حياة جماهير الفلاحين. إنها أجهزة هشة وغير فعالة. يضاف إلى كل ذلك تسلطية الحاكم وعدم جديته في بناء ديمقراطية حقيقية.

رابعاً: بين نتائج البحث ونتائج بحوث أخرى.
إن النتائج التي خلصت إليها الدراسة يزيد من مصداقيتها أنها جاءت متسقة مع نتائج دراسات أخرى أجريت في قرى عربية مصرية وغير مصرية. وفيما يلي تفصيل ذلك:
(1) تتفق النتيجة الخاصة بالتوجه نحو الزمن مع ما خلص إليه ((ريتشارد كرتشيفلد)) من واقع ملاحظاته ومقابلاته التي أجراها منذ حوالي ثمانية أعوام في قريتي ((بيرات)) بمحافظة قنا، و((سرس الليان)) بمحافظة المنوفية. فقد وجد أن أهالي القرية الأولى متعلقون بالحاضر، بينما رصد توجهاً مستقبلياً لدى سكان القرية الثانية. كما تلتقي دراستنا مع دراسة ((كرتشيفلد)) في تقرير ظاهرة محدودية المشاركة السياسية بين صفوف الفلاحين وضعف شعورهم بالمواطنة مع غلبة المنظور الذاتي أو المحلي الضيق[11].
(2) تتسق نتائج البحث الخاصة بالسلبية واهتزاز روح المبادرة إزاء حل مشكلات القرية وعدم رسوخ الجهود الذاتية مع نتائج بحوث ميدانية أخرى. فقد اتضح من دراسة تتبعية عن ((الإيجابية واللامبالاة لدى القرويين المصريين)) أن النسبة الكبرى من أفراد البحث (54.7% في العام 1958م، و74% في العام 1963م) يشعرون بالعجز عن المساهمة في حل المشكلات التي تواجه مجتمعهم المحلي[12]. وفي دراسة أخرى حول ((دور التنمية الإجتماعية في تغيير المجتمع الريفي)) تبين للباحث أن نسبة صغيرة جداً من أفراد العينة (18.5%) على استعداد للمبادرة في مشروعات تطوير القرية، وأن أغلبيتهم العظمى (60%) لم يسبق لهم أن ساهموا في أي مشروع تنموي[13].
(3) تتطابق نتائج البحث عن علاقة التدين بالتنمية مع نتائج بحث ((كلود سوتكليف)) الذي اعتمد فيه على بيانات مسح عن خصائص التغير في وادي الأردن أجري في العام 1966م. إذ خلص ((سوتكليف)) إلى أن تدين القروي، مقاساً بعدد مرات صلاته في اليوم، لا علاقة له بكل من: التوجه نحو الزمن، السيطرة/ الخضوع للطبيعة، والتوجه إزاء النشاط، والأخذ بالفنون المزرعية الحديثة كموتورات رش المبيدات والبذور المنتقاة والأسمدة الكيماوية، وأخيراً الإنتاجية الزراعية للفدان مقدرة بالدينار الأردني[14].

الخاتمة
في ضوء العرض السابق لمنهاجية ونتائج البحث، برزت ثلاث ملاحظات جديرة بالتأمل:
أولاً: التعريف الإجرائي للمتغيرات.
قد يزعم البعض أن التعريف الإجرائي لمتغيرات البحث، خاصة متغيري التدين والتنمية، يعوزه الشمول والدقة، الأمر الذي يثير الشك في سلامة النتائج التي تم التوصل إليها. فالتعريفات الإجرائية الفجة قادت إلى نتائج شائكة يصعب أن يسلم بها من اعتاد الإشارة بإصبع الإتهام إلى ((الإسلام)) أو إعتاد الدفاع عنه من منطلق عقيدي. وللرد على هذا الزعم نقول إن الصياغة العملية لأي مفهوم ليس مدارها ما يجب أن يكون، بل ما هو كائن. من ثم لم نعرف التدين حسب ما ينبغي أن يكون عليه، وإنما كما يفهمه ويمارسه عامة المسلمين. لقد عبرنا عنه بمؤشرات يمكن دراستها ميدانياً. هذه المؤشرات قد لا تشمل كل جوانبه، ولكنها بالقطع تغطي أهم الجوانب: المعرفة والسلوك. وأعطي البُعد السلوكي، ممثلاً في الصلاة، ثقلاً أكبر لما له من مكانة خاصة في الإسلام. وما قلناه بشأن التدين ينسحب أيضاً على مفهوم التنمية. وقد يقول قائل إن البحث ربما وصل إلى نتائج مغايرة لو عبر عن أبعاد التدين والتنمية بمؤشرات أخرى. وإذا كان هذا محتملاً، فإن العكس محتمل أيضاً وبالدرجة نفسها. وعلى أية حال، فإن الدراسة الأمبيريقية الجادة هي وحدها القادرة على ترجيح أي الإحتمالين.

ثانياً: الإنطباع والعلم.
شتان بين أن يعتمد المرء على انطباعاته الذاتية وأن يستعين بالمنهج العلمي في رصد الواقع. في الحالة الأولى نكون إزاء إستنتاجات إنطباعية وقد تصيب وقد تخطئ. بينما في الحالة الثانية، نكون بصدد إستنتاجات علمية لا يرقى إليها الشك. وحتى الآن فإن الكثير جداً مما هو معروف ومتداول في الغرب عن المسلمين لا يعدو كونه صوراً نمطية إنطباعية. وتبدو نتائج البحث غريبة لتعارضها مع بعض هذه التصورات. إلا إن هذه الغرابة تصبح غير مبررة ما دامت الإستنتاجات مبنية على المنهاجية العلمية التي يمكن أن يؤدي استخدامها من قبل المهتمين بدراسة المجتمعات الإسلامية، إلى مراجعة كثير من المسلّمات عن الإسلام والمسلمين.

ثالثاً: التعميم.
يعكس الريف المصري قدراً لا بأس به من التشابه في الخصائص الإقتصادية والإجتماعية. هذه الحقيقة قادت وتقود البعض إلى تعميم نتائج دراسة ميدانية في قرية أو قريتين أو ثلاث على كل القرى المصرية.
بيد أن هذا، في تقديرنا، لا يصح علمياً لسبب بسيط مفاده أن العينة أو العينات المدروسة لا تمثل المجتمع الريفي تمثلاً صادقاً لصغر حجمها وأسلوب إختيارها. لذلك، فإن نتائج بحثنا لا يمكن تعميمها على كل الفلاحين المصريين، وإنما فقط على جموع الفلاحين في القريتين مجال المسح.
وهنا يثور التساؤل عن الفائدة من القيام بدراسات ميدانية جزئية يصعب تعميم نتائجها على المجتمع ككل. من المؤكد أن الدراسات المذكورة أنفع للعلم والمجتمع من الدراسات الجزئية. ولكنها تتطلب إمكانات ضخمة مادية وبشرية. ولما كانت هذه الإمكانات لا تتاح للباحثين في مجتمعاتنا، لا يصبح أمامهم سوى إجراء دراسات على المستوى الجزئي تظل لها قيمة مؤكدة. إذ تحقق نتائجها تراكماً معرفياً يفيد في بناء وتطوير النظريات، والإنطلاق إلى بحوث أشمل وأوسع نطاقاً حالما تتوفر التسهيلات اللازمة، ووضع السياسات العامة.
ـــــــــــــــــــــــ
[1]  Max Weber, The Soclology of Religion, trans. By Ephraim Fischoff (Boston: Beacon Press, 1963), P.265.
[2]  David McClelland, The Achieving Society (Princeton, New Jersey; Van Nostrand, 1961), p.340.
[3]  نيفين مصطفى، المعارضة السياسية في الإسلام، رسالة دكتوراه غير منشورة مقدمة إلى كلية الإقتصاد، جامعة القاهرة، 1983م، ص30 – 31.
[4]  Dell Hitchner & Carol Levine, Comparative Government and Polities, (New York: Harper & Row Publishers, 1981), p.19.
[5]  نقلاً عن:
Claud sutcliffe, "Is Islam and Obstacle to Development: Ideal Patterns of Bellef Versus Actual Patterns of Behavior", The Journal of Developing Areas, 10, October 1975, p.79, F.10.
[6]  Ibid, pp.78-79.
[7]  د.محمد زكي شافعي، التنمية الإقتصادية، الكتاب الأول (القاهرة: دار النهضة العربية، 1969م)، صفحات متفرقة.
[8]  Morris Ginsherg, Toward a Theory of Social Development: The Growth of Rationality, in: Symposlum on Social Development, conducted by Raymond Aron & Bert Hosetitz (Paris: Mouton & Co., 1961), pp.27-66.
[9]  حول التعاريف المختلفة للتنمية السياسية، أنظر بالذات:
Lucian Pye, Aspects of: Political Development (Boston: Little Brown & Cmp., 1966), pp.31-48.
[10]  أنظر مسحاً أميناً لهذه الطروحات في: د.نادر فرجاني، عن غياب التنمية في الوطن العربي، المستقبل العربي، السنة السادسة، ع60، شباط (فبراير) 1984م، ص9 – 20. 
  * هذان الإسمان ليسا حقيقيين ، وإنما مستعاران.
  * يطلق عليه أيضاً معامل التوافق. 
  ** من أمثلته معامل إرتباط (جاما) الذي يحسب وفق المعادلة الآتية:
عدد حالات الإتفاق – عدد حالات الإختلاف / عدد حالات الإتفاق + عدد حالات الإختلاف. 
  *** بخصوص مؤشرات كل مقياس والأوزان المعطاة لها ، أنظر ملحق رقم (2).
  * الفرض العدمي تعريب للمصطلح الأجنبي Null Hypothesis   ومعناه إنعدام العلاقة بين المتغيرات.
[11]  Richard Critchifield, Egypt's Fellahin, Part II, American Universities Field STAFF, vol. XXI, No. 6, July 1976, pp. 13-14.
[12]  د.لويس مليكة، بين الإيجابية واللامبالاة، دراسة تتبعية لإتجاهات القرويين نحو العمل الجمعي في خمس سنوات، في د.مليكة وآخرين، قراءات في علم النفس الإجتماعي، المجلد الثاني (القاهرة: الدار القومية للطباعة والنشر، 1970م)، ص618 – 619.
[13]  نبيل السمالوطي، دور التنمية الإجتماعية في تغيير المجتمع الريفي، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، 1973م.
[14]  لمزيد من التفصيل، انظر: Claud Sutcliffe, Op. Cit., pp.79-81




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النظام العبادي ودوره في التنمية
  • صباح سعيد إسلام
  • دور القيم الإيمانية في التنمية الاقتصادية في الإسلام
  • قراءة في كتاب: أزمة النخب العربية: الثقافة والتنمية
  • التنمية المستدامة .. تحديات الحال وضرورات التطلع الهادف

مختارات من الشبكة

  • العلاقة الجدلية بين التربية والتنمية وإشكالية العائق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • بوروندي: إسلام قسيسين بمقر جمعية التعليم والتنمية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بروندي: إسلام 207 شخص في ثلاث قوافل دعوية لجمعية التعليم والتنمية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بروندي: جمعية "التعليم والتنمية" تنفذ قافلة دعوية ليوم واحد تسفر عن إسلام 300 شخص(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بروندي: جمعية "التعليم والتنمية" ترسل ثلاث قوافل دعوية تسفر عن إسلام 484 شخصا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
2- religiosity scale
dr.Metwally - egypt 08-01-2010 01:29 AM
what religiosity scale has been used at this study?
1- هناك مشكلة
محمود توفيق حسين - مصر 26-03-2007 06:43 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فكرة البحث طموحة جدا ، وتهتم بقضايا غاية في الأهمية ، وأود ان أعرض بعض النقاط سريعا:

 إن تعميم النتائج المستمدة من بيئة ريفية لها نسقها القيمي الخاص على باقي شرائح المجتمع الثقافية والإحتماعية يصعب قبوله علميا في بحث ذي طبيعة اجتماعية

-يقول الباحث (ذلك أن التوصل إلى إستنتاجات حول حقيقة علاقة الإسلام بالتنمية – بمعنى هل يعيقها أم يساعد عليها أم إنه عامل محايد – لا يكون بالجدل الفكري النظري وإنما باتباع منهاجية علمية جوهرها الجمع المنظم لبيانات واقعية مع إخضاعها للقياس ) وهذا الحصر غير علمي اذ يجوز لدينا ولدى الغرب الإحتكام لجدل فكري نظري ، واكن من الأفضل ان يقول (لا يكون فقط بالجدل الفكري النظري بل ايضا )

-يقول الباحث عن مفهوم التنمية (متغير إجتماعي يتمثل في التجديد معبراً عنه باستخدام الأساليب المزرعية الحديثة، متغير إقتصادي يتمثل في الإنتاجية الزراعية، ثم متغير سياسي يتمثل في المشاركة السياسية. ومن الجلي إنها متغيرات مكملة لبعضها البعض ) ، وانا أشعر أن الحكم بتكامل بين هذه المتغيرات فيه بعض التعسف
إذ يسهولة يمكن اكتشاف ان القرى العربية حدث تظور في آليات انتاجها الزراعي وفي معدلات انتاجها بدون اي علاقة بذلك بتحسن المشاركة السياسية
فكرة البحث عميقة وجديرة بتنفيذها بشكل مؤسسي واسع ، وقد نكتشف أن هناك مشكلة في فهم الناس للإسلام ، وهذا في حد ذاته لايضر بسمعة الإسلام ، لكن قد تكون المشلكة أن نخرج من البحث بأنه لاتوجد مشكلة


على سبيل المثال هناك قضايا تستحق البحث في هذا الشأن كهذه ، يرفض الكثير من غير المتدينين بأي دين في العالم شراء السلع المقلدة لماركات شهيرة ويعتبرون هذا عملا جالبا للشعور بالخزي ، بينما أستطيع أنا أن اقف في اي ميدان واشتري اديداس ونايكي وريبان ووان مان شو في اشكال مقلدة وانا مرتاح الضمير ، إذن هناك مشكلة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب