• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات فكرية
علامة باركود

الإسلام وعلاقته بالديانات الأخرى

عثمان بن جمعة ضميرية

المصدر: مجلة البحوث الإسلامية، العدد 21، ص311-352
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/2/2007 ميلادي - 25/1/1428 هجري

الزيارات: 56281

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
دعوة عالمية بلغت ذروة الكمال:
شاء الله عز وجل أن تكون رسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، خاتمة الرسالات السماوية، والتي اختصت عرفاً بمدلول كلمة الإسلام كما أن كلمة ((اليهودية)) أو ((الموسوية)) تخص شريعة موسى، عليه السلام، وما اشتق منها، وكلمة ((النصرانية)) أو ((المسيحية)) تخص شريعة عيسى عليه السلام وما تفرع عنها.
وهذه الرسالة التي أنزلها الله على نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، بلغت ذروة الكمال، وجاءت دعوة إنسانية عالمية، لا تخاطب قوماً بأعيانهم، ولا جنساً بذاته، رضيها الله تعالى للناس ديناً، فكانت هي ((الدين)) الكامل الذي أتم الله تعالى به علينا نعمته {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[1].
وبعد أن كان الموكب الكريم من الرسل والأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – يرفع راية التوحيد، ويهتف كلٌ بقومه: {ياقوم إني لكم نذيرٌ مُّبينٌ}[2]، {ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره}[3]... الخ – جاء خاتم النبيين وجامع كلمة المرسلين فجمع الرايات كلها تحت راية واحدة، وجعل ينادي الناس جميعاً: {يا أيُّها النَّاس اعبدوا ربَّكم الَّذي خلقكم والَّذين من قبلكم لعلَّكم تتَّقون}[4]، {يا أيُّها النَّاس قد جآءكم برهانٌ مِّن رَّبكم}[5]، {هذا بلاغٌ لَّلنَّاس ولينذروا به}[6]، بل هو بلاغ لكل من بلغه خبره وانتهى إليه أمره في عصره وفي سائر العصور إلى يوم القيامة: {وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به ومَنْ بلغ}[7]، والجنّ والإِنس في هذا الخطاب والبلاغ سواء[8] {يامعشر الجنِّ والإِنس}[9].
وقد فصّل الله تعالى في القرآن الكريم سمات هذه الدعوة العالمية العامة، وعرضها على أعين الناس في كثير من آياته، فقال تعالى: {قل يا أيُّها النَّاس إنِّي رسول الله إليكم جميعاً الَّذي له ملك السَّماوات والأرض لا إله إلاَّ هو يحيي ويميت فئامنوا بالله ورسوله النَّبِّي الأمِّيِّ الَّذي يؤمن بالله وكلماته واتَّبعوه لعلكم تهتدون}[10]، {وما أرسلناك إلاَّ كافَّةً لَّلنَّاس بشيراً ونذيراً ولكنَّ أكثر النَّاس لا يعلمون}[11]، {يا أيُّها النَّاس قد جآءكم الرَّسول بالحقِّ مِنْ رَّبكم فئامنوا خيراً لَّكم وإن تكفروا فإنَّ لله ما في السَّماوات والأرض}[12]، {تبارك الَّذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً}[13].
وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى عموم بعثته وعالمية دعوته فقال: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأُحلّت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيِّبة وطهوراً ومسجداً، فأيّما رجل أدركته الصلاة صلّى حيث كان، ونُصرت بالرُّعب بين يدي مسيرة شهر. وأُعطيت الشفاعة))[14].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((فُضِّلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرُّعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون))[15].

خاتم النبيين:
ومن ثم كان محمد – صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء والمرسلين، وكانت رسالته خاتمة الرسالات جميعاً: {مَّا كان محمَّدٌ أبآ أحدٍ مِّن رِّجالكم ولكن رَّسول الله وخاتم النَّبيِّين}[16].
ويصور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ختم رسالته للرسالات السابقة، وكيف أتم البناء الذي تعاقبت عليه رسل الله الكرام، فيقول: ((مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية [من زواياه] فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاّ وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين))[17].

ودعوته ناسخة للرسالات السابقة:
وإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم قد أرسل من عند الله تعالى بدين بلغ ذروة الكمال الذي لا كمال بعده، وتوجه الخطاب فيه للعالمين كافة، وختم الله به الرسالات، فإن النتيجة المنطقية اللازمة لهذا الكمال ولتمام النعمة أنه تنقطع صلة الإنسانية عن سائر الرسالات والنبوات السابقة في طاعتها واتباعها – مع الإِيمان بأصولها المنزلة – لا بما آلت إليه بعد التحريف على يد الأتباع.
فكل ما جاء به الأنبياء السابقون وعرضوه على الإِنسانية ودَعَوْها إلى اتباعه، قد نُسخ برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وما من شك أن الإِيمان بنبوتهم وصدق دعوتهم على وجه الإِجمال لازم لابد منه، إذ ما كانوا إلا دعاة إلى الإسلام، وما التصديق بدعوتهم إلا تصديق بالإسلام ولكن، مع ذلك، فقد انقطعت عنهم صلة الإنسانية في طاعتها واتباعها فعلاً، وإنما ارتبطت برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وتعليمه وأسوته الحسنة ؛ لأن الذي يقتضيه المبدأ:
أولاً: أن لا تعود الإنسانية بحاجة إلى الناقص بعد أن جاءها الكامل.
وثانياً: أنه قد لعبت يد التحريف والإهمال بسيرة وتعاليم الأنبياء السابقين[18] مما لم يعد من الممكن، لأجله، أن تتبعهم الإنسانية فعلاً.
ومن هنا، فإن القرآن الكريم حيثما يأمر بطاعة الرسول واتباع أحكامه وأوامره، لا يأتي بكلمة ((الرسول)) و ((النبي)) إلا معرّفتين بالألف واللام – لتكونا خاصتين بمحمد صلى الله عليه وسلم[19].
يقول الله تعالى مثلاً: {وأطيعوا الله والرَّسول لعلَّكم ترحمون}[20]، ويقول: {أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الأمر منكم}[21]، ويقول أيضاً: {مَّن يطع الرَّسول فقد أطاع الله}[22].

والقرآن الكريم مهيمن على الكتب السابقة:
وكذلك فإن القرآن الكريم قد جعله الله تعالى مهيمناً على ما سبقه من الكتب السماوية، وهو كلمة الله الأخيرة لهذه البشرية، التي يجب أن يفيء إليها الناس كلهم حتى يكونوا مؤمنين، ومن ثم فكل اختلاف يجب أن يُرد إلى هذا الكتاب ليفصل فيه، سواء كان هذا الاختلاف في التصور الاعتقادي بين أصحاب الديانات السماوية، أو في الشريعة التي جاء هذا الكتاب بصورتها الأخيرة، أو كان هذا الاختلاف بين المسلمين أنفسهم، قال الله تعالى: {وأنزلنآ إليك الكتاب بالحقِّ مصدِّقاً لِّما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه}[23].
وكما استعمل الله تعالى كلمتي ((الرسول)) و ((النبي)) معرفتين عند الأمر بطاعتهما، لتكون خاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم ودالّة على كماله، كذلك جاء لفظ ((الكتاب)) في هذه الآية للدلالة على القرآن الكريم الدلالة نفسها، فهو الكتاب الكامل الجدير بأن يسمى كتاباً، وأن ينصرف إليه معنى الكتاب الإِلهي الكامل الصادق عند الإِطلاق، لحيازته جميع الأوصاف الكمالية لجنس الكتاب السماوي، وتفوّقه على بقية أفراده، بعد أن استعمل، في الآيات السابقة لهذه الآية، لفظ التوراة والإِنجيل للكتابين الذين أنزلهما الله على موسى وعيسى عليهما السلام[24].

معنى هيمنة القرآن على ما سبقه: 
وقد تنوعت عبارات المفسرين، من السلف ومن بعدهم رحمهم الله تعالى، في التعبير عن معنى هذه الهيمنة، فقالوا:
مهيمناً: أي مؤتمناً وشاهداً ورقيباً، وحاكماً وقاضياً، ودالاًّ ومصدقاً، فالقرآن الكريم أمين على كل كتاب قبله، في أصله المنزَّل، وهو بهذا حافظ لهذا الأصل لأنه يبين ما طرأ عليه من انحراف وما وافقه من الكتب المتداولة فهو حق، ويجوز أن تكون نسبته إلى الله تعالى صحيحة، وما خالفه وناقضه فهو باطل، ولا تكون نسبته إلى الله تعالى صحيحة، ويكون قد طرأ على الكتاب الذي فيه تلك المخالفة والتناقض: تبديلٌ وتحريف. وما جاء في القرآن الكريم، ولم يكن في الكتب المتداولة في أيديهم، المنسوبة إلى الله تعالى، فيكون ما جاء في القرآن هو الحق.
والقرآن الكريم شاهد على ما في تلك الكتب، يشهد لأصولها المنزلة بالصدق[25]، ويشهد عليها وعلى أصحابها بما وقعوا فيه من نسيان حظ عظيم وإضاعته، وتحريف كثير مما بقي وتأويله، والإعراض عن العمل بها، كما نصت على ذلك آيات كثيرة في القرآن الكريم – وستأتي إشارات لذلك -.
والقرآن الكريم رقيب على سائر الكتب السماوية المحفوظة عن التغيير، حيث يشهد لها بالصحة والثبات، ويقرر أصول شرائعها وما يتأبد من فروعها، ويعين أحكامها المنسوخة ببيان انتهاء مشروعيتها المستفادة من تلك الكتب وانقضاء وقت العمل بها.
ولا ريب في أن تمييز أحكامها الباقية على المشروعية أبداً عما انتهى وقت مشروعيته وخرج عنها من أحكام: هو معنى من معاني الهيمنة عليها، فالقرآن حاكم على ما في تلك الكتب وقائم عليها وقاضٍ عليها بالحق[26].
وهذه الأقوال، في معنى الهيمنة، متقاربة المعنى، فإن اسم المهيمن يتضمن هذا كله، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله تعالى هذا الكتاب العظيم الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها وأشملها وأعظمها وأكملها، حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، وهو الكتاب الذي لا يُنسخ ولا يغيَّر. ولهذا جعله الله تعالى شاهداً وأميناً وحاكماً على ما سبقه من الكتب، وتكفل – سبحانه – بحفظه، وإذا كان بهذه المثابة، كانت شهادته على التوراة والإِنجيل والزبور وسائر الكتب المنزلة: حقاً وصدقاً[27].

وجوه هذه الهيمنة: 
يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية – رحمه الله –: فالسلف كلهم متفقون على أن القرآن هو المهيمن، المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب، ومعلومٌ: أن المهيمن على الشيء أعلى منه مرتبة. ومن أسماء الله تعالى ((المهيمن))، ويسمى الحاكم على الناس، القائم بأمورهم: ((المهيمن)).. وقال بعض أهل اللغة: الهيمنة، القيام على الشيء والرعاية له، وأنشد:
ألا إنّ  خير  الناس  بعد  نبيهم        مهيمنُه التاليه في العرف والنكر
يريد: القائم على الناس بالرعاية لهم...
وهكذا القرآن، فإنه:
أ – قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر وزاد ذلك بياناً وتفصيلا.
ب – وبيّن الأدلة والبراهين على ذلك.
جـ - وقرر نبوة الأنبياء كلهم ورسالة المرسلين.
د – وقرر الشرائع الكلية التي بُعثت بها الرسل.
هــ - وجادل المكذبين بالكتب والرسل، جادلهم بأنواع الحجج والبراهين.
و – وبيّن عقوبات الله لهم، ونَصْرَه لأهل الكتب المتبعين لها.
ز – وبيّن ما حرف منه وبُدّل، وما فعله أهل الكتاب في الكتب المتقدمة، وبين أيضاً ما كتموه مما أمر الله ببيانه، وكل ما جاءت به النبوات بأحسن الشرائع والمناهج التي نزل بها القرآن، فصارت له الهيمنة على ما بين يديه من الكتب من وجوه متعددة.
فهو شاهد بصدقها، وشاهد بكذب ما حُرّف منها، وهو حاكم بإقراره ما أقرّه الله، ونسخ ما نسخه، فهو شاهد في الخبريات، حاكم في الأمريات.
وكذلك معنى ((الشهادة)) و ((الحكم)) يتضمن إثبات ما أثبته الله من صدق ومحكم، وإبطال ما أبطله من كذب ومنسوخ. وليس الإِنجيل مع التوراة ولا الزبور بهذه المثابة، بل هي متبعة لشريعة التوراة إلا يسيراً مما نسخه الله بالإِنجيل[28]، بخلاف القرآن. ثم إنه معجز في نفسه، لا يقدر الخلائق أن يأتوا بمثله، ففيه دعوة الرسول، وهو آية الرسول وبرهانه على صدقه ونبوته وفيه ما جاء به الرسول، وهو نفسه برهان على ما جاء به...
ولهذا لم تحتج الأمة مع رسولها وكتابها إلى نبي آخر وكتاب آخر، فضلاً عن أن تحتاج إلى شيء – لا يستقل بنفسه – غيرهِ[29].

ليظهره على الدين كله: 
وقد أخبر الله سبحانه ووعد بإظهار هذا الدين على سائر الأديان فقال: {هو الَّذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقِّ ليظهره على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون}[30]. فالله تعالى يعلي هذا الدين ويرفع شأنه على جميع الأديان بالحجة والبرهان والهداية والعرفان، والعلم والعمران، وكذا السيادة والسلطان، ولم يكن لدين من الأديان مثل هذا التأثير الروحي والعقلي والمادي والاجتماعي والسياسي إلا للإِسلام[31]. ولقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام الوعد بإظهار الدين ونصره والتمكين لأهله[32]، وقد تحقق هذا الوعد الصادق بإذن الله.

دعوة أهل الكتاب للإِيمان بمحمد: 
ولأجل هذا فإن الله تعالى يأمر بالإِيمان بمحمد، صلى الله عليه وسلم، وطاعته واتباع شريعته، حتى الأمم المؤمنة برسالة نبي من الأنبياء السابقين فإن القرآن يوجه إليها هذا الخطاب أيضاً، يقول الله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبيِّن لكم كثيراً مِّمَّا كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جآءكم مِّن الله نور وكتاب مُّبين * يهدي به الله من اتَّبع رضوانه سبل السَّلام ويخرجهم مِّن الظُّلمات إلى النُّور بإذنه ويهديهم إلى صراط مُّستقيم}[33]. ويقول سبحانه: {الَّذين يتَّبعون الرَّسول النَّبيَّ الأمِّيَّ الَّذي يجدونه مكتوباً عندهم في التَّوراة والإِنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلُّ لهم الطَّيِّبات ويحرِّم عليهم الخبآئث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالَّذين ءامنوا به وعزَّروه ونصروه واتبَّعوا النُّور الَّذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون * قل يا أيُّها النَّاس إنِّي رسول الله إليكم جميعاً الَّذي له ملك السَّماوات والأرض لا إله إلاَّ هو يحيي ويميت فئَامنوا بالله ورسوله النَّبيِّ الأمِّيِّ الَّذي يؤمن بالله وكلماته واتَّبعوه لعلكم تهتدون}[34].

تهديد ووعيد... 
ثم يأتي التهديد والوعيد الشديد لمن يعرض منهم عن الإيمان بما نزل الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم {يا أيُّها الَّذين أوتوا الكتاب ءامنوا بما نزَّلنا مصدِّقاً لِّما معكم مِّن قبل أن نَّطْمِس وجوهاً فنردَّها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنَّآ أصحاب السَّبت وكان أمر الله مفعولاً}[35].
وتأتي سورة البينة لتقرر ما كان عليه أهل الكتاب والمشركون الذين كفروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من الانحراف عن دين الله ومنهجه، وتقرر أنهم كانوا يعلّقون تحوّلهم وانفكاكهم عما هم عليه من الانحراف والكفر على بينة واضحة، هي بعثة نبي جديد، تكون سبب هدايتهم وتحويلهم عما هم عليه من ضلال وانحراف. ولكن عندما جاءتهم الهداية ممثلة بالكتاب المنزل: القرآن الكريم، والنبي المرسل، محمد صلى الله عليه وسلم - كفروا بهما، فاستمروا على كفرهم وانحرافهم، واستحقوا أن يدفعهم القرآن الكريم بأنهم {هم خير البريَّة * جزآؤهم عند ربِّهم جنَّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهآ أبداً رَّضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربَّه}[36].
وجاءت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تبين هذا المعنى – وتوجب على كل من يسمع به أن يؤمن به ويتبعه ويترك ما كان من شريعة سابقة انتهى العمل بها بعد مجيء محمد خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة – يهودي أو نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار))[37].
ودخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً على النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواعظ من التوراة، فقال: هذه كنت أصبتها مع رجل من أهل الكتاب. فقال: فاعرضها عليَّ، فعرضتها، فتغيّر وجهه تغيراً شديداً، ثم قال: ((لو نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم، أنا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الأمم))[38].
ومؤمن أهل الكتاب، الذي يتبع محمداً صلى الله عليه وسلم له أجره مرتين، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيه وأدرك النبي – صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه وصدقه، فله أجران، وعبد مملوك أدّى حق الله تعالى وحق سيده، فله أجران. ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدبها فأحسن أدبها، ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران))[39].
وعندما ينزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان بين يدي الساعة، ينزل حاكماً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فما عذر أهل الكتاب في عدم إيمانهم به واتباعهم له صلى الله عليه وسلم ؟ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية[40]، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد))[41].

مواقف إيجابية حكاها القرآن الكريم: 
ولكن فريقاً من أهل الكتاب، من الذين فتح الله قلوبهم للحق والإِيمان، وأبصارهم للهدى والنور، فأدركوا حقيقة الدعوة التي انتظروها والنبي الذي كانوا يستفتحون به، هذا الفريق قد آمن فعلاً بمحمد صلى الله عليه وسلم واتبعه، ولِمَ لا يؤمنون ؟ وقد قامت الأدلة كلها على صدق هذا النبي، بعد أن بشرت به كتبهم ورأوا أعلام نبوته – صلى الله عليه وسلم - وقد حكى الله تعالى ذلك وسجله فقال: {إنَّ الَّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرُّون للأذقان سجَّدا * ويقولون سبحان ربِّنآ إن كان وعد ربِّنا لمفعولاً * ويخرُّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً}[42]، وقال تعالى: {الَّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنَّا به إنَّه الحقُّ من رَّبِّنآ إنَّا كنَّا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مَّرَّتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السَّيِّئة وممَّا رزقناهم ينفقون * وإذا سمعوا اللَّغو أعرضوا عنه وقالوا لنآ أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}[43]. {وإنَّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله ومآ أنزل إليكم ومآ أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً أولئك لهم أجرهم عند ربِّهم إنَّ الله سريع الحساب}[44]... الخ آيات كثيرة في هذا المعنى، وسيأتي بعضها أيضاً في مناسبات أخرى.

وحفظها الواقع التاريخي: 
ويحفظ لنا الواقع التاريخي تصديق ذلك، بإسلام أكثر أهل العقول والأحلام والعلوم ممن لا يحصيهم إلا الله، من أولئك الذين عرفوا الحق من أهل الكتاب، ((فرقعة الإِسلام إنما انتشرت في الشرق والغرب بإسلام أكثر الطوائف، فدخلوا في دين الله أفواجاً، حتى صار الكفار معهم تحت المذلة والصغار، والذين أسلموا من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين أكثر من الذين لم يسلموا وإنما بقي منهم أقل القليل، وقد دخل في دين الله من ملوك الطوائف ورؤسائهم في حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - خلق كثير[45].
ونحن نجتزئ هنا بأمثلة من أولئك الرؤساء والمقدمين في دين النصرانية واليهودية، نشير إليها إشارات سريعة لتكون عنواناً ودليلاً على ما سواها:
أ – فهذا النجاشي ملك النصارى على إقليم الحبشة، في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، لما تبين له أنه رسول الله آمن به، ودخل في دينه، وآوى أصحابه ومنعهم من أعدائهم، ولما مات أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالساعة التي توفى فيها، ثم خرج بهم إلى المصلى وصلّى عليه، وقصته مشهورة ومعروفة[46].
ب – وعدي بن حاتم، كان من رؤساء النصارى الذين دخلوا في الإِسلام لما تبين أنه الحق، وقد كان عدي رئيساً مطاعاً في قومه يأخذ المرباع من غنائمهم، وقد وفد على النبي – صلى الله عليه وسلم - ودخل في الإِسلام[47].
جـ - وسلمان الفارسي: رضي الله عنه، كان قبل إسلامه من أعلم النصارى بدينهم ؛ لأنه فرَّ من دين المجوسية ولحق بنصارى الشام، وخالط كبار رجال النصرانية عن كثب، وعرف الصالح منهم ورجل السوء، حتى انتهى إلى آخر واحد في عمورية من رجال الدين النصراني، ولما حضر أمر الله أوصى سلمان فقال: يا بني ما أعلمه أصبح على مثل ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلّ زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى أرض بين حرّتين[48] بينهما نخل به علامات لا تخفى... فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد، فافعل... وقد كان ذلك، وأدرك سلمان – رضي الله عنه – نبوة محمد عليه السلام وأسلم[49].
د – وكذلك: ابنا الجُلنْدَى: جيفر وعبد، ملِكا عُمان وما حولها من ملوك النصارى – يومئذ – لما دعاهما النبي عليه الصلاة والسلام – إلى الإِسلام، أسلما، وصدّقا النبي صلى الله عليه وسلم[50].
هـ - وكان هرقل، ملك الشام، أحد أكابر علمائهم بالنصرانية، قد عرف أن محمداً – صلى الله عليه وسلم - رسول الله حقاً، وعزم على الإِسلام، فأبى عليه عبّاد الصليب، فخافهم على نفسه وضنَّ بملكه مع علمه بأنه سينقل عنه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وأمته، وقصته معروفة مشهورة[51].
و – كذلك كان ملك دين النصرانية بمصر – المقوقس – عرف أن محمداً – صلى الله عليه وسلم - نبي صادق ولكن منعه من اتباعه، أيضاً، مُلْكُه وأن عبّاد الصليب لا يتركون عبادة الصليب، وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: ((ضنَّ الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه))[52].
ز – وقصة إسلام عبدالله بن سلام – رضي الله عنه – معروفة مشهورة، وقد كان حبراً من أحبار يهود، وكان سيدهم وابن سيدهم، وعالمهم وابن عالمهم باعترافهم له بذلك وشهادتهم له[53].
ح – وتذكر كتب السيرة مقالة حيي بن أخطب، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم مقدمه من مكة إلى المدينة، وفيها أنه هو – صلى الله عليه وسلم - النبي المنتظر وأنه يعرفه ويثبته، ولكن الحسد والحقد أمليا عليه موقف العداوة أبداً[54].
ولما أسلم عبدالله بن سلام وثعلبة بن شعبة وأسد بن سعية وأسيد ابن عبيد ومَنْ أسلم من اليهود، فآمنوا وصدّقوا، ورغبوا في الإِسلام، قال مَنْ كفر من اليهود: ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره فأنزل الله عز وجل في ذلك[55]: {ليسوا سواءً مِّن أهل الكتاب أمَّة قآئمة يتلون آيات الله ءانآء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصَّالحين}[56].

وفي العصر الحديث:
وفي العصور الحديثة، نجد أمثلة كثيرة على ذلك، من أولئك الذين يدخلون في دين الإِسلام ولا يستكبرون عن عبادة الله، وهم من المقدّمين في قومهم النصارى ؛ فيهم علماء دينهم، ورجال الدولة والسياسة، وفيهم العلماء ورجال الفكر الثاقب، وفيهم الكتّاب والأدباء والمصلحون والوعاظ ورجال الاجتماع وغيرهم[57]..

لا يتحقق إيمان اليهود والنصارى إلا بإيمانهم بمحمد عليه السلام:
ولا يتحقق أصلاً إيمان اليهود والنصارى إلا بإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم واتباعه في دينه الذي أنزله الله، وإلا فماهم بمؤمنين ولا مسلمين، فاليهود الذين آمنوا بموسى عليه السلام وصدقوا بكتابه، أو آمنوا بالرسل قبله كانوا مسلمين لله حتى أنزل الله شريعة عيسى، فوجب عليهم – ليحققوا إيمانهم – أن يؤمنوا به ويتبعوه وينفكوّا عن الشريعة السابقة، وكلاهما عند بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم - وجب عليهم – ليكونوا مسلمين – أن يؤمنوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، فإن لم يفعلوا فما هم بمؤمنين ولا مسلمين، وذلك أنهم أنكروا نبوة رسول من عند الله تعالى ورفضوا الإِيمان برسالة أنزلها الله تعالى.

الإِيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم شرط للإِيمان بنبوة الأنبياء جميعاً:
فالإِيمان بنبوة محمد – صلى الله عليه وسلم - شرط للإِيمان بنبوة الأنبياء جميعاً عليهم السلام، إذ لا يمكن الإِيمان بنبي من الأنبياء أصلاً مع جحود نبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن جحد نبوته فهو لنبوة غيره من الأنبياء أشد جحداً. وهذا يتبين بوجوه:
الوجه الأول: أن الأنبياء المتقدمين بشروا بنبوته، وأمروا أممهم بالإِيمان به، فمن جحد نبوته فقد كذّب الأنبياء قبله فيما أخبروا به، وخالفهم فيما أمروا وأوصوا به من الإِيمان به. والتصديق به لازم من لوازم التصديق بهم، وإذا انتفى اللازم انتفى ملزومه قطعاً، وبيان الملازمة هي الوجوه الكثيرة التي تلي هذا مباشرة، وهي تفيد بمجموعها القطع على أنه صلى الله عليه وسلم قد ذكر في الكتب الإِلهية على ألسن الأنبياء.
الوجه الثاني: أن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم هي دعوة جميع المرسلين قبله، من أولهم إلى آخرهم، فالمكذب بدعوته مكذب بدعوة إخوانه كلهم، وهذا التكذيب كفر، فوجب الإِيمان بدعوته عليه السلام واتباعه.
الوجه الثالث: أن الآيات والبراهين التي دلت على صحة نبوته وصدقه – عليه الصلاة والسلام – أضعاف أضعاف آيات من قبله من الرسل[58]، فليس لنبي من الأنبياء آية توجب الإِيمان به إلا ولمحمد صلى الله عليه وسلم مثلها أو ما هو في الدلالة مثلها، وإن لم يكن من جنسها، فآيات نبوته عليه الصلاة والسلام أعظم وأكبر، والعلم بنقلها قطعي، لقرب العهد وكثرة النَّقَلة واختلاف أمصارهم وأعصارهم واستحالة تواطئهم على الكذب، فالعلم بآيات نبوته كالعلم بنفس وجوده وظهوره، فإذا جاز القدح في ذلك كله، فالقدح في وجود عيسى وموسى وآيات نبوتهما أشد جوازاً، وإن امتنع القدح فيهما وفي آيات نبوتهما فامتناعه في محمد صلى الله عليه وسلم وآيات نبوته أشدّ[59].

ولو لم يظهر محمد لبطلت نبوة الأنبياء:
ولو لم يظهر محمد صلى الله عليه وسلم لبطلت نبوة سائر الأنبياء، فظهور نبوته تصديق لنبواتهم وشهادة لها بالصدق، فإرساله من آيات الأنبياء قبله، وقد أشار الله سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في قوله: {جآء بالحقِّ وصدَّق المرسلين}[60] فإن المرسلين بشروا به وأخبروا بمجيئه، فمجيؤه هو نفس صدق خبرهم، فكان مجيؤه تصديقاً لهم، إذ هو تأويل ما أخبروا به، ولا تنافي بين هذا وبين القول الآخر: إن تصديقه المرسلين شهادته بصدقهم وإيمانه بهم، فإنه صدقهم بقوله ومجيئه، فشهد بصدقهم بنفس مجيئه، وشهد بصدقهم بقوله، ومثل هذا قول المسيح فيما حكاه الله تعالى في القرآن الكريم عنه: {مُّصَدِّقاً لِّما بين يديَّ من التَّوراة ومبشِّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد}[61] فإن التوراة لما بشرت به وبنبوته كان نفس ظهوره تصديقاً لها، ثم بشر برسول يأتي من بعده، فكان ظهور الرسول المبشر به تصديقاً له، كما كان ظهوره تصديقاً للتوراة، فعادة الله في رسله: أنّ السابق يبشر باللاحق، واللاحق يصدق السابق، فلو لم يظهر محمد بن عبدالله – صلى الله عليه وسلم - ولم يبعث لبطلت نبوة الأنبياء قبله[62].

عهد وميثاق...
ومن حكمة الله سبحانه أنه ما بعث نبياً إلا وقد أخذ عليه وعلى أتباعه العهد أن يؤمنوا بالنبي الذي يأتي بعده ويصدقوه وينصروه {وإذ أخذ الله ميثاق النَّبييِّن لمآ ءاتيتكم مِّن كتابٍ وحكمةٍ ثمَّ جآءكم رسولٌ مُّصدِّقٌ لِّما معكم لتؤمِنُنَّ به ولتنصرنَّه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشَّاهدين * فمن تولَّى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}[63] فقد أخبر الله تعالى أنه أخذ الميثاق من أنبيائه بتصديق بعضهم بعضاً، وأخذ الأنبياء على أممهم وأتباعهم الميثاق بنحو الذي أخذ عليها ربُّها من تصديق أنبياء الله ورسله بما جاءتها به ؛ لأن الأنبياء عليهم السلام أرسلوا بذلك إلى أممهم، ولم يدّع أحد ممن صدّق المرسلين أن نبياً أُرسل إلى أمة بتكذيب أحد من أنبياء الله عز وجل وحججه في عباده، بل كلها – وإن كذب بعض الأمم بعضَ أنبياء الله بجحودها نبوته – مقرّة بأنّ مَنْ ثبتت صحة نبوته – فعليها الدينونة بتصديقه، فذلك ميثاق مقرٌّ به جميعهم[64].
فمهما آتى الله أحدَهم من كتاب وحكمة وبلغ أي مبلغ، ثم جاء رسول من بعده لابد أن يؤمن به ولينصره، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بُعث بعده ونصرتِه، وها قد بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم، وجاء مصدقاً لما بين يديه من الكتاب[65]، وقد أخذ الله الميثاق والعهد على أهل الكتاب أن يؤمنوا به، فوجب الوفاء بذلك الميثاق والعهد، واكتفى – سبحانه – بذكر الأنبياء في الآية لأن العهد على المتبوعين عهد على الأتباع، ولأنه إذا وجب على الأنبياء الإِيمان به ونصره فوجوب ذلك على من اتبعهم أولى وأحرى.
وهذا هو معنى ما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس – رضي الله عنهما – حيث قالا: ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمِنَنَّ به وليَنْصُرَنَّه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنُنَّ به ولينصُرُنّه[66].

بشارات الكتب السابقة بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام:
وليس لأهل الكتاب أي عذر في عدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد بشرت كتبهم بنبوته وأشارت إلى ذلك[67]، نجد هذا حكاية عنهم في القرآن الكريم، ونجد له شاهداً من الواقع التاريخي منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتفق هذا كله مع النصوص في كتبهم التي يعتمدون هم عليها، سواء في العهد القديم أو الجديد. وإليك شيئاً من البيان لذلك كله:

حكى الله تعالى ذلك في القرآن الكريم:
أما القرآن الكريم، فقد حكى الله تعالى: أن التوراة والإِنجيل قد احتوى كل منهما على إشارات إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته وصفته وصفة أصحابه. فقال الله تعالى: {الَّذين يتَّبعون الرَّسول النَّبَّي الأمِّيَّ الَّذي يجدونه مكتوباً عندهم في التَّوراة والإِنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلُّ لهم الطَّيِّبات ويحرِّم عليهم الخبآئث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالَّذين ءامنوا به وعزَّروه ونصروه واتبعوا النُّور الَّذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون}[68]. {وكانوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفروا فلمَّا جآءهم مَّا عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}[69]، {أو لم يكن لَّهم ءاية أن يعلمه علماء بني إسرآئيل}[70].
وهم يعلمون صدقه – عليه الصلاة والسلام – وصدق الكتاب الذي أنزل عليه فترى علماءهم الصادقين يقرون بذلك، وإنهم ليعلمون أنه الحق من ربهم فيصدقونه، وإذا تلا عليهم الآيات تراهم يخرون للأذقان سجداً: {وإذا سمعوا مآ أنزل إلى الرَّسول ترى أعينهم تفيض من الدَّمع ممَّا عرفوا من الحقِّ يقولون ربَّنا ءامنَّا فاكتبنا مع الشَّاهدين}[71]. {إنَّ الَّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرُّون للأذقان سجَّداً * ويقولون سبحان ربِّنا إن كان وعد ربِّنا لمفعولا ويخرُّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً}[72].
وهذه صفته عليه الصلاة والسلام وصفة أصحابه عندهم، في كتبهم، كما حكاها الله تعالى في القرآن الكريم: {مُّحمَّد رَّسول الله والَّذين معه أشدَّآء على الكفَّار رحمآء بينهم تراهم ركَّعاً سجَّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم مِّن أثر السُّجود ذلك مثلهم في التَّوراة ومثلهم في الإِنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزُّرَّاع ليغيظ بهم الكفَّار وعد الله الَّذين ءامنوا وعملوا الصَّالحات منهم مَّغفرةً وأجراً عظيما}[73].
وحكى الله تعالى بشارة عيسى عليه السلام بمحمد – صلى الله عليه وسلم - فقال: {وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرآئيل إنِّي رسول الله إليكم مصدِّقاً لِّما بين يديَّ من التَّوراة ومبشِّراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمَّا جآءهم بالبيِّنات قالوا هذا سحرٌ مَبين}[74].
وتجمعت هذه الشواهد كلها لتعطي أهل الكتاب علماً يقينياً بمعرفة نبوته صلى الله عليه وسلم: {الَّذين ءتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنآءهم الَّذين خسرواْ أنفسهم فهم لا يؤمنون}[75].
ولكن فريقاً منهم يكتمون هذا الحق والعلم اليقيني مع علمهم بأنه حق، وفي هذا ما فيه من البشاعة والجحود، فقال الله تعالى عنهم: {الَّذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنآءهم وإنَّ فريقاً مِّنهم ليكتمون الحقَّ وهم يعلمون}[76].
وبعد شهادة الله تعالى ليس هناك شهادة، فهو سبحانه أصدق القائلين وخير الشاهدين.

ولهذه البشارات شواهد سجلها التاريخ:
ولتقوم الحجة على أهل الكتاب أكثر نستدعي شهوداً منهم – وهم أولئك الذين سجّل التاريخ شهاداتهم واعترافاتهم بأنهم ينتظرون نبياً سوف يبعثه الله، وقد بشرت به كتبهم، فقد سبقت آنفاً الإِشارة إلى عدد من رؤساء النصارى الذين أسلموا في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لمّا بلغتهم دعوته ؛ لأنهم عرفوها أولاً وعرفوا نبيها من كتبهم التي بشرت به، فما كانوا يرجمون الغيب، بل يعترفون بحق وجدوه مجسّداً في كتبهم:
فهذا امبراطور الروم يكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لكتاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي يدعوه فيه إلى الإِسلام: "وإني أشهد أنك رسول الله، نجدك عندنا في الإِنجيل، بشَّرنَا بك عيسى بن مريم".
وفي كتاب آخر يقول: "قد كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أظنه منكم، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه"[77].
وهذه الحجة يقيمها المسلمون على النجاشي من الإِنجيل، فلا يعترض على ذلك ولا يرده، فقد قال له عمرو: ".. وقد أخذنا الحجة عليك من فيك، الإِنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد وقاضٍ لا يجور، وفي ذلك موقع الحز وإصابة المفصل، وإلا فأنت في هذا النبي كاليهود في عيسى بن مريم".
فقال النجاشي: "أشهد بالله إنه للنبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب، وإن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل، وإن العيان ليس بأشفى من الخبر"[78].
وهذا المقوقس عظيم القبط في مصر يقول في كتابه للرسول صلى الله عليه وسلم: وقد علمت أن نبياً قد بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشام[79]. فما الذي أعلمه بذلك ؟ هل كان يرجم الغيب ويتبع الظنون والأوهام ؟.
وهذا (مري) حاجب الحارث بن أبي شمر الغساني يقول لشجاع ابن وهب – رضي الله عنه –: "إني قرأت في الإِنجيل، وأجد صفة هذا النبي بعينه، فكنت أراه يخرج بالشام، فأراه قد يخرج بأرض العرب".
وهذه الشهادة صريحة في أنه وجد صفة النبي بعينه في الإِنجيل، وذاك رجل الدين النصراني في عمورية الذي لازمه سلمان بوصية من سلفه الذي هو على دينه، يقول عندما حضرته الوفاة: "ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى أرض بين حرتين فيهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة".
وخالدة بنت الحارث، اليهودية، عمة عبدالله بن سلام – تقول له وتسأله لما هاجر النبي عليه السلام إلى المدينة: يا ابن أخي أهو النبي الذي كنا نبشر به أنه يبعث مع نفس الساعة ؟ قال: فقلت لها: نعم، ثم أسلمت. فقوله: نبشر به، دليل على أن هناك بشارة، فمن أين جاءت إن لم تكن في كتبهم يعرفها علماؤهم ؟.
وذاك أيضاً أبو ياسر بن أخطب، يقول لقومه، بعد أن سمع من النبي وحادثه: ياقوم أطيعوني، فإن الله عز وجل قد جاءكم بالذي كنتم تنتظرون، فاتبعوه ولا تخالفوه[80].
فهذه شهادتهم القولية، وتلك شهادتهم الواقعية، اتفقتا معاً على تأكيد ما نجد من إشارات إلى بعثته عليه الصلاة والسلام في كتبهم التي بين أيديهم اليوم – رغم كل ما أصابها من تحريف وتزوير ورغم الكتمان لكثير منها.

ملاحظات بين يدي البشارات:
ونحن نجتزئ من هذه البشارات ببعضها – ليكون ذلك عنواناً على غيرها – ونقدم بين يدي هذه البشارات بعض الملاحظات المتعلقة بهذه البشارات وطبيعتها وتفسيرها:
(1) مع إيماننا بأن ما بين أيدي أهل الكتاب من اليهود والنصارى من الكتب ليس هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى وحياً على موسى وعيسى عليهما السلام، ورغم ما وقع فيهما على أيدي الأتباع من كتمان وتحريف – فهم يلبسون الحق بالباطل ويخلطونه به بحيث لا يتميز الحق من الباطل – ويكتمون الحق ويخفونه ويحرفون الكلم عن مواضعه لفظاً ومعنى، ويلوون ألسنتهم بالكتاب ليلبسوا على السامعين اللفظ المنزل بغيره[81] – رغم هذا كله، فإن إشارات كثيرة لا تزال بين طيات هذه الكتب، تحمل النبوءات والبشارات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكأن الله تعالى أبقاها ليخزيهم ويظهر ما هم عليه من باطل ولتقوم عليهم الحجة من كتبهم التي يقدسونها، ولما كثرت هذه البشارات وما استطاعوا كتمانها كلها أخذوا يحرفون فيها ويؤولون تأويلات باردة ليصرفوها عن معناها الحقيقي الدالّ على نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم - وليجعلوا بعضها خاصاً بعيسى عليه السلام !.

(2) هذه البشارات على نوعين:
منها ما يكون إشارات مجملة – غالباً – ولا تنطق باسمه صلى الله عليه وسلم واسم بلده مثلاً، بل تذكر صفته ونعته أمته ومخرجه، وشيئاً من صفات دعوته ورسالته وثمراتها، ويكون في هذا أبلغ دلالة على المطلوب من ذكره باسمه الصريح، فإن الاشتراك قد يقع في الاسم فلا يحصل به التعريف والتمييز، ولا يشاء أحد، يسمى بهذا الاسم، أن يدعي أنه هو إلا فعل، إذ الحوالة إنما وقعت على مجرد الاسم، وإن كان هذا الإِخبار مجملاً غير واضح عند العوام من الناس فإنه يصير عند الخواص جلياً بواسطة القرائن التي تحف به وقد يبقى خفياً عليهم أيضاً لا يعرفون مصداقة إلا بعد ادعاء النبي اللاحق أن النبي المتقدم أخبر عنه صدق ادعائه بظهور علامات النبوة والمعجزات على يديه.
ومن هذه البشارات ما يكون تفصيلاً تاماً بالاسم الصريح للنبي وبلده... الخ، وهذا يتفق مع ما حكاه الله تعالى، على لسان بعض أنبيائه، في القرآن الكريم من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وسيأتي أمثلة على كلا النوعين – إن شاء الله تعالى -.

(3) قد يدعي بعض أهل الكتاب أنهم ما كانوا ينتظرون نبياً آخر غير عيسى وإيلياء، ولذلك – بزعمهم – لا تنطبق البشارات على محمد، عليه الصلاة والسلام، إذ عيسى عندهم خاتم الأنبياء، وهذا زعم باطل وادعاء لا أصل له، بل كانوا ينتظرون نبياً جديداً غيرهما – يدل على ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا: "وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهودُ من أورشليم كهنةً ولاويين ليسألوه: من أنت؟ فاعترف ولم ينكر، واعترف: إني لست أنا المسيح، فسألوه: إذن ماذا، أإيليا أنت؟ فقال: لست إياه. فسألوه: أنت النبي ؟ فأجاب: كلا. فقالوا له: من أنت ؟ لنعطي جواباً للذين أرسلونا، ماذا تقول عن نفسك ؟ قال: أنا صوت صارخ في البرية، قوِّموا طريق الرب كما قال أشعياء النبي"[82].
فعلماء اليهود المعاصرين لعيسى عليه السلام سألوا يحيى عليه السلام: أولاً هل أنت المسيح ؟ ولما أنكر سألوه: أنت إيلياء ؟ ولما أنكر سألوه: أنت النبي ؟ أي النبي المعهود الذي أخبر به موسى، فعلم أن هذا النبي كان منتظراً قبل المسيح وإيلياء، وكان مشهوراً بحيث لم يكن محتاجاً إلى ذكر الاسم، بل الإِشارة إليه كافية.
وإذا كانوا ينتظرون نبياً آخر غير عيسى وإيلياء، فيعلم من هذا قطعاً أن عيسى عليه السلام ليس خاتم الأنبياء، ثم إنهم يعترفون بنبوة الحواريين وبولس ! بل بنبوة غيرهم أيضاً، فكيف يكون عيسى خاتم الأنبياء – بزعمهم -[83].

(4) الأخبار والبشارات التي نقلها المسيحيون في حق عيسى عليه السلام، لا تصدق عليه، بناء على تفاسير اليهود وتأويلاتهم لها، ولذلك فهم ينكرونه أشد الإِنكار. وعلماء المسيحية لا يلتفتون إلى تفسيرات اليهود في هذا الشأن وتأويلاتهم، ويفسرونها بحيث تصدق على عيسى عليه السلام. ولئن كانت هذه التأويلات بنظر المسيحيين غير صحيحة وغير لائقة، كذلك تأويلات المسيحيين في الإِخبارات التي هي في حق محمد صلى الله عليه وسلم مردودة غير مقبولة، وسيظهر أن الإِخبارات أو البشارات التي ستأتي في حق محمد صلى الله عليه وسلم أظهر صدقاً من تلك التي نقلها الإِنجيليون في حق عيسى عليه السلام[84].
ومن هنا قال الإِمام ابن القيم رحمه الله: فالمسلمون يؤمنون بالمسيح الصادق الذي جاء من عند الله بالهدى ودين الحق، الذي هو عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. والنصارى إنما تؤمن بمسيح دعا إلى عبادة نفسه وأمه، وأنه ثالث ثلاثة، وأنه الله وابن الله، وهذا هو أخو المسيح الكذاب، لو كان له وجود. فإن المسيح الكذاب يزعم أنه الله. والنصارى – في الحقيقة – أتباع هذا المسيح، كما أن اليهود ربما ينتظرون خروجه، وهم يزعمون أنهم ينتظرون النبي الذي بُشِّروا به[85]، فالنصارى آمنوا بمسيح لا وجود له، واليهود ينتظرون المسيح الدجال !.

(5) من عادة أهل الكتاب، سلفاً وخلفاً، أنهم يترجمون – غالباً – الأسماء في تراجمهم ويوردون بدلها معانيها، وتارة يزيدون شيئاً بطريق التفسير في الكلام، دون إشارة إلى هذه الزيادة. وهذا يجعل الأسماء المترجمة محرفة وغامضة، وفي كتبهم شواهد كثيرة على ذلك، فلا عجب، إذن، أن يحرفوا ويبدلوا اسم النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، بلفظ آخر، بحيث يخل ذلك بالاستدلال، جرياً على عادتهم السالفة وعناداً وجحوداً.
ولذلك لن تكن النسخ المتداولة لكتبهم متفقة، إذ قد يوجد في نسخة مالا يوجد في غيرها، ومن هنا نجد نقولات من تراجم كتبهم التي كانت متداولة في العصور السالفة، نقلها علماء أعلام من المسلمين ليحاجّوا أهل الكتاب، قد لا نجدها موافقة في بعض الألفاظ أو في كثير منها للتراجم المشهورة الآن، بسبب ذلك التغيير في الترجمة والتحريف فيها.
فمثلاً، ناقش الإِمام ابن حزم النصارى ونقل نصوصاً كثيرة عنهم من الأناجيل، في كتابه الفصل في الملل. ليبين تضاربها وتناقضها مع بعضها، وكذلك فعل شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، والإِمام الغزالي والقرطبي، وأبو عَبِيْدَة الخزرجي، وغيرهم من العلماء، نقلوا نصوصاً من كتب النصارى قد لا نجدها موافقة في ألفاظها للإِنجيل الموجود عندهم حالياً، وبالطبع لو أن أحداً من أولئك العلماء المسلمين قد غيّر أو كذب فيما نقل لبيّن النصارى ذلك وردوه[86].
وبعد هذه الملاحظات التمهيدية، نعرض بعضاً من تلك الإِشارات لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة، مجتزئين بما هو واضح الدلالة منها على مطلوبنا، ونختارها من كتب متعددة بما فيها الأناجيل الحالية.

البشارة الأولى:
جاء في التوراة: "أقبل الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير [ساعير] وتجلّى من جبل فاران، وأتى من ربى القدس، وعن يمينه قبس شريعة لهم"[87].
وهذه البشارة واضحة الدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوة عيسى وموسى عليهم السلام. فمجيء الرب أو تجليه من طور سيناء، هو إنزاله التوراة على موسى عليه السلام من طور سينا، وإشراقه من ساعير، وهي جبال بفلسطين، هو إنزاله الإِنجيل على عيسى عليه السلام، وتجليه أو استعلانه من جبال فاران، إنزاله القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم[88].
وليس بين المسلمين وأهل الكتاب خلاف في أن فاران هي مكة، وقد جاء في التوراة أيضاً أن إبراهيم عليه السلام أسكن هاجر وإسماعيل ((فاران)). فأي نبي بعد عيسى عليه السلام نزل عليه كتاب واستعلن له الله من فاران غير محمد صلى الله عليه وسلم. ؟
فالمراد باستعلان الرب من ((فاران)) هو إرسال محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر سبحانه إنزال الكتب الثلاثة بهذا الترتيب: التوراة ثم الإِنجيل ثم القرآن، وكان مجيء التوراة مثل طلوع الفجر أو ما هو أظهر من ذلك، ونزول الإِنجيل مثل إشراقة الشمس، ازداد به النور والهدى.
وأما نزول القرآن، فهو بمنزلة ظهور الشمس في السماء، ولهذا قال: واستعلن من جبال فاران – في إحدى التراجم – فإن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر به نور الله وهداه في مشرق الأرض ومغربها، أعظم مما ظهر بالكتابين المتقدمين كما يظهر نور الشمس إذا استعلنت في مشارق الأرض ومغاربها، ولهذا سماه الله سراجاً منيرا، وسمى الشمس سراجاً وهاجا.
وهذه الأماكن الثلاث أقسم الله تعالى بها في القرآن، في قوله تعالى: {والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين}[89]. فأقسم الله تعالى بالتين والزيتون، أي بالأرض المقدسة التي ينبت فيها ذلك ومنها بعث المسيح وأنزل عليه فيها الإِنجيل. وأقسم بطور سيناء، وهو الجبل الذي كلّم الله فيه موسى وناداه من واديه الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وأقسم بالبلد الأمين – وهي مكة، والبلد الذي أسكن إبراهيم فيه ابنه إسماعيل وأمه[90].

البشارة الثانية:
قال داود في الزبور، في نبوءة أشعياء: "سبحوا الله تسبيحاً جديداً، وليفرح بالخالق من اصطفى الله له أمته وأعطاه النصر، وسدد الصالحين منهم بالكرامة، يسبحونه على مضاجعهم، ويكبرون الله بأصوات مرتفعة، بأيديهم سيوف ذات شفرتين، لينتقم بهم من الأمم الذين لا يعبدونه"[91].
وهذه الصفات إنما تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ؛ فالتسبيحة الجديدة هي العبادة على النهج الجديد في الشريعة الإِسلامية، وتعميمها على سكان الأرض، قاصيها ودانيها، إشارة إلى عموم نبوته صلى الله عليه وسلم والمسلمون هم الذين يكبّرون الله تعالى بأصوات مرتفعة في أذانهم للصلوات الخمس على الأماكن العالية، في الأذان وفي العيدين وعقيب الصلوات في أيام منى، وعلى القرابين والأضاحي، وعند رمي الجمار، وعلى الصفا والمروة، وعند محاذاة الحجر الأسود. والمسلمون هم الذين يسبحون الله ويذكرونه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، وهم الذين بأيديهم سيوف ذات شفرتين ينتقم الله بهم من الأمم بالجهاد، وليس ذلك لليهود ولا النصارى، فإن اليهود يجمعون الناس بالبوق والنصارى بالناقوس، ولا يرفعون أصواتهم بالتكبير لله تعالى، وقد كانوا مغلوبين بين الأمم، ولم يكن الجهاد مطلوباً من النصارى، على ما قال المسيح، في كتبهم، ((من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر))[92]. ومن هي هذه الأمة التي سيوفها ذات شفرتين ينتقم الله بها من الأمم الذين لا يعبدونه ؟ إنها الأمة المسلمة[93].
وفي ترجمة كتاب أشعياء إلى الأوردية، التي ترجمها القسيس أوسكان الأرمني، تصريح باسمه عليه الصلاة والسلام في الباب الثاني والأربعين، وقد جاءت هكذا: ((سبحوا الله تسبيحاً جديداً، وأثر سلطنة على ظهره، واسمه أحمد)). وهذه الترجمة موجودة عند الأرامن[94].

البشارة الثالثة:
وقالوا في نبوءة أشعياء: ((فإنه هكذا قال لي السيد: اذهب أقم الرقيب وليخبر بما يرى، فرأى ركباً أزواج فرسان، ركاب حمير وركاب جمال، فأصغى إصغاء شديداً ثم صرخ كأسدٍ: أيها السيد إني قائم على المرصد دائماً في النهار وواقف على المحرس طول الليالي، فإذا بركب من الرجال وأزواج فرسان قد أتوا، ثم عادوا قال: سقطت بابل[95] وحُطمت إلى الأرض جميع منحوتات آلهتها))[96].
فراكب الحمار هو المسيح عليه السلام، وراكب الجمل هو محمد صلوات الله وسلامه عليه، وهو أشهر بركوب الجمل من المسيح بركوب الحمار. وبمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته سقطت بابل وعبادة الأصنام فيها، لا بالمسيح ولا بغيره، ولم يزل في إقليم بابل من يعبد الأوثان من عهد إبراهيم الخليل عليه السلام إلى زمان محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وبهما وبدعوته سقطت هذه الأصنام وانتهت[97].

البشارة الرابعة:
في إنجيل يوحنا: ((إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي، وأنا أسأل الأب فيعطيكم فارقليط آخر ليثبت معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع أن يقبله العالم لأنه لم يره ولم يعرفه، أما أنتم فتعرفونه.... وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكرّكم كل ما قلته لكم، قد سمعتم أني قلت لكم إني ذاهب ثم آتي إليكم، فلو كنتم تحبوني لكنتم تفرحون بأني ماضٍ إلى الآب لأن الآب هو أعظم مني. والآن قد قلت لكم قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون))[98].
وليس معنى الفارقليط هنا: الروح، ولا الروح القدس أو المعزي، وإنما تعني الحمد أو أفعل التفضيل من الحمد، وهو ((أحمد)) ويكون ذلك مطابقاً مطابقة حرفية لبشارة عيسى عليه السلام التي حكاها الله تعالى في سورة الصف.
يقول الدكتور محمد توفيق صدقي في كتابه: ((دين الله في كتب أنبيائه)): "هذا اللفظ (الفارقليط) يوناني، ويكتب بالإِنكليزية هكذا (Paraclete) أي (المعزي) ويتضمن أيضاً معنى المُحاجّ، كما قال بوست في قاموسه. وهناك لفظ آخر يكتب هكذا (Pericltee) ومعناه: رفيع المقام، سامٍ – جليل، مجيد، شهير. وهي كلها معانٍ تقرب من معنى محمد وأحمد ومحمود".
ولا يخفى أن المسيح كان يتكلم بالعبرية، فلا ندري ماذا كان اللفظ الذي نطق به الكلام، ولا ندري إن كانت ترجمة مؤلف هذا الإِنجيل له بلفظ (Paraclete) صحيحة أو خطأ ؟ ولا ندري إن كان هذا اللفظ هو الذي ترجم به من قبل أم لا ؟ لأننا نعلم أن كثيراً من الألفاظ والعبارات وقع فيها التحريف من الكتّاب سهواً أو قصداً كما اعترفوا به في جميع كتب العهدين، فإذا كان اللفظ الأصلي (بيرقليط) فلا يبعد أنه تحرف عمداً أو سهواً إلى (بارقليط) حتى يبعدوه عن معنى اسم النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يسهل عليهم ذلك تشابه أحرف هذه الكلمة في اللغة اليونانية.
وعلى كل حال أياً كان معنى هذه الكلمة وأصلها، فمعنى كل منهما ينطبق على محمد صلى الله عليه وسلم، فهو معز للمؤمنين على عدم إيمان الكافرين، وعلى عدم وجود الشر في هذا العالم بإيضاح أن هذه هي إرادة الله... وهو صلى الله عليه وسلم كان يحاجّ الكفار والمشركين وغيرهم. والعبارات في إنجيل يوحنا لا تنطبق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم[99].

بشارات إنجيل برنابا:
وهذا الإِنجيل الذي لا يعترف به النصارى، مع أنه يفوق الأناجيل الأخرى ثبوتاً وقانونية – كما يقولون – يحتوي على بشارات كثيرة فيها التصريح باسم ((محمد)) صلى الله عليه وسلم وباسمه الشريف ((أحمد))، وقد يستنكر الباحثون لذلك لكون البشارات عادة تكون بالكنايات والإِشارات. ولكن لا داعي لهذا الاستغراب، فإن البشارات قد تكون إشارات وقد تكون صريحة بالاسم، والعريقون في الدين لا يرون مثل ذلك مستنكراً في خبر الوحي. وقد نقل الشيخ محمد بيرم عن رحالة إنجليزي أنه رأى في دار الكتب البابوية في الفاتيكان نسخة من الإِنجيل مكتوبة بالقلم الحميري قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها يقول المسيح: "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد".
وذلك موافق لنص القرآن بالحرف، ولكن لم ينقل عن أحد من المسلمين أنه رأى شيئاً من هذه الأناجيل التي فيها هذه البشارات الصريحة، فيظهر أن في مكتبة الفاتيكان من بقايا تلك الأناجيل والكتب التي كانت ممنوعة في القرون الأولى، مالو ظهر لأزال كل شبهة عن إنجيل برنابا وغيره[100].

فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به بغياً وحسداً:
وإذن، فما كان جحود اليهود والنصارى لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا بغياً وحسداً، فاستحقوا اللعنة على كفرهم، وللكافرين عذاب مهين،: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين * بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءُو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين} [البقرة 89- 90].

علاقة الإِسلام بالأديان الأخرى:
عرفنا فيما سبق أن الإِسلام بمعناه العام هو دين الأنبياء جميعاً، عليهم الصلاة والسلام، فإذا أخذنا كلمة الإِسلام بهذا المعنى ((نجدها لا تدع مجالاً للسؤال عن العلاقة بين الإِسلام وبين سائر الأديان السماوية، إذ لا يُسأل عن العلاقة بين الشيء ونفسه، فهنا وحدة لا انقسام فيها ولا اثنينية)).
ولكن السؤال هنا عن الإِسلام بمعناه الخاص، وهو الدين الذي أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم، أي العلاقة بين المحمدية وبين الموسوية والمسيحية:
وللإِجابة على هذا السؤال ينبغي أن نقسم البحث إلى مرحلتين[101]:
المرحلة الأولى: في علاقة الشريعة المحمدية بالشرائع السماوية السابقة، وهي في صورتها الأولى لم تبعد عن منبعها، ولم يتغير فيها شيء بفعل الزمان ولا بيد الإِنسان.
وهنا يعلمنا القرآن الكريم: أن كل رسول يرسل، وكل كتاب ينزل، قد جاء مصدقاً ومؤكداً لما قبله، فالإِنجيل مصدق ومؤيد للتوراة، والقرآن مصدق ومؤيد للإِنجيل والتوراة، ولكل ما بين يديه من الكتاب. إذ هناك تشريعات خالدة لا تتبدل ولا تتغير بتغير الأصقاع والأوضاع. وهناك تشريعات أخرى جاءت موقوتة بآجالٍ طويلة أو قصيرة، فهذه تنتهي بانتهاء وقتها، وتجيء الشريعة التالية بما هو أوفق وأرفق بالأوضاع الناشئة الطارئة. وقد جاء القرآن الكريم فغيّر الله تعالى فيه بعض الأحكام التي جاءت في التوراة والإِنجيل، وقوفاً بها عند وقتها المناسب وأجلها المقدّر لها في علم الله سبحانه وتعالى، وما كان فيها من الأحكام صحيحاً موافقاً لقواعد السياسة الدينية لا يغيّره، بل يدعو إليه ويحث عليه. وما كان سقيماً قد دخله التحريف فإنه يغيره بقدر الحاجة، وما كان حرياً أن يزاد فإنه يزيده على ما كان في الشرائع السابقة[102].
وعلى هذا، فإن الإِسلام قد اعترف بالشرائع السابقة كما نزلت على الرسل السابقين، على أنها شرائع، وديانات توحيد في الذات والصفات والألوهية، فالله سبحانه وتعالى واحد أحد، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهو المتفرد بالعبادة، وهو الخالق لكل شيء، العليم بكل شيء، السميع البصير اللطيف الخبير، الموصوف بكل صفات الكمال المنزه عن كل صفات النقص.

فالنصرانية التي اعترف بها القرآن الكريم هي التي تعتبر المسيح عليه السلام عبداً لله ورسولاً من عنده ليس إلـهاً ولا ابن إلـه، وهي التي يقول الله تعالى على لسان نبيها عليه السلام: {ما قلت لهم إلاَّ مآ أمرتني به أن اعبدوا الله ربِّي وربَّكم وكنتُ عليهم شهيداً مَّا دمتُ فيهم فلمَّا توفَّيتني كنتَ أنتَ الرَّقيب عليهم وأنت على كلِّ شيءٍ شهيد}[103]. والنصرانية التي اعترف بها القرآن الكريم هي التي تبشر كتبها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتطالب الذين حضروا دعوته من بعدها: أن يؤمنوا بها، كما جاء في القرآن الكريم على لسان المسيح عليه السلام.
واليهودية التي اعترف بها الإِسلام هي التي جاء بها موسى عليه السلام، ديانة توحيد، تؤمن بالله وباليوم الآخر، ولا تبيح قتل النبيين، والتي توجب الإِيمان بالكتب التي اشتملت على بيانها الشريعة المطهرة، وتؤمن برسل الله أجمعين. وفيها إيمان بالله تعالى وطاعة له وعبودية خالصة، وتنزيه للرسل عن المعاصي وعصمتهم من الخطايا.

تلك هي الديانات التي يعترف بها الإسلام ويقرها ويمدحها القرآن الكريم ويمدح معتنقيها، قبل بعثة محمد عليه الصلاة والسلام، إذ هي الإِسلام الذي أنزله الله. فلما جاءت شريعة محمد كانت هي الرسالة الخاتمة وهي الإِسلام الذي ينبغي أن يفيء إليه الجميع ليكونوا مسلمين حقاً.
المرحلة الثانية: أما المرحلة الثانية في بحث العلاقة بين الشريعة المحمدية والشرائع السماوية، بعد أن طال عليها الأمد، فنالها من التغيير والتحريف والتبديل والكتمان ما كان كفيلاً بتحويلها عن أصلها من ديانة توحيد إلى ديانات وثنية لا تمت إلى أصلها المنزل إلا بخيط أوهى من خيط العنكبوت أو بنسبة لا حقيقة لها.
وهنا نرى أن القرآن الكريم قد أضاف إلى موقفه منها في المرحلة الأولى صفة أخرى وهو أنه جاء مهيمناً على كتبها وشريعتها – وقد سبق ذلك آنفاً – أي حارساً وأميناً عليها، ومن شأنه ألا يكتفي بتأييد ما فيها من حق وخير، بل عليه، فوق ذلك، أن يحميها من الدخيل الذي عساه أن يضاف إليها بغير حق، وأن يبرز ما تمس إليه من الحقائق التي عساها أن تكون قد أخفيت منها.
وهكذا كان من مهمة القرآن الكريم أن يتحدى من يدّعي وجود تلك الإِضافات التي اخترعوها في تلك الكتب: {قل فأتوا بالتَّوراة فاتلوهآ إن كنتم صادقين}[104].
وبالتالي فالإِسلام لا يعترف بدعوة ترفع عيسى عليه السلام إلى مرتبة الألوهية وتنحرف عن التوحيد الخالص لتعتنق التثليث وتؤمن بالخطيئة والكفارة والصلب... متأثرة بالوثنية التي كانت سائدة وقت نشر النصرانية في الدولة الرومانية[105]، ثم هي تنكر نبوة نبي بعثه الله تعالى وبشرت به كتبها أصلاً، كما لا يعترف بدعوة يزعم أهلها في حق الله ما يزعمون من كذب وإفك وكفر، ويصفون أنبياء الله – عليهم الصلاة والسلام بما تقشعر منه الأبدان وترتجف له القلوب – ومَنْ وصف الله سبحانه بالإِفك لا يستغرب منه أي كفر بعد.
ــــــــــــــــــــــ
[1]  سورة المائدة ، من الآية [3] .
[2]  سورة نوح ، الآية [2] .
[3]  سورة الأعراف ، من الآية [59] .
[4]  سورة البقرة ، الآية [21] .
[5]  سورة النساء ، من الآية [174] .
[6]  سورة إبراهيم ، من الآية [52] .
[7]  سورة الأنعام ، من الآية [19] .
[8]  للإمام ابن تيمية رسالة عنوانها ((إيضاح الدلالة في عموم الرسالة)) في الفتاوى 19/9- 65 ، وقد نشرها الشيخ محمد منير الدمشقي في المجلد الثاني من مجموعة الرسائل المنيرية . وانظر أيضاً: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/166 وما بعدها .
[9]  سورة الأنعام ، من الآية [130] ، وسورة الرحمن ، من الآية [33] .
[10]  سورة الأعراف ، الآية [158] .
[11]  سورة سبأ ، الآية [28] .
[12]  سورة النساء ، من الآية [170] .
[13]  سورة الفرقان ، الآية [1] .
[14]  أخرجه البخاري ، 1/436 في التيمم ومسلم ، واللفظ له ، 1/370 كتاب المساجد وفي رواية أخرى بلفظ "وأُرسلت إلى الخلق كافة" والنسائي 1/210- 211 في الغسل – والدارمي 1/322 في الصلاة . والأجري في الشريعة 498 ، وانظر مجمع الزوائد 8/258 ، 259 .
[15]  أخرجه مسلم 1/371 في المساجد ، والترمذي 3/56 في السير ، وأحمد في المسند 2/412 ، وانظر: إرواء الغليل للألباني 1/315- 317 .
[16]  سورة الأحزاب ، الآية [40] .
[17]  أخرجه البخاري 6/558 في المناقب ، ومسلم 4/1790 في الفضائل ، والترمذي 4/225 في الأمثال ، وأحمد في المسند 2/137 . والآجري في الشريعة 457 ، والطبراني في الأوسط ، مجمع الزوائد 8/269 . ولأبي الأعلى المودودي كتاب ختم النبوة في ضوء الكتاب والسنة ، وللندوي: النبي الخاتم .
[18]  اقرأ – إن شئت – إظهار الحق للشيخ رحمة الله العثماني 207 – 298 ، الرسالة الخالدة للسيد سليمان الندوي 41 – 68 ، المسيح في مصادر العقائد المسيحية للمهندس أحمد عبدالوهاب 77 وما بعدها ، محاضرات في النصرانية للشيخ محمد أبي زهرة 77 وما بعدها ، الجواب الصحيح لابن تيمية 1/362 وما بعدها و 2/3 – 27 .
[19]  انظر: الإحكام في أصول الأحكام – لابن حزم 2/732 – 743 ، كشف الأسرار للبخاري 3/158 – 162 ، الحضارة الإسلامية للمودودي 192 – 196 ، الأسفار المقدمة في الأديان السابقة د. علي عبدالواحد وافي 87 – 92 .
[20]  سورة آل عمران ، الآية [132] .
[21]  سورة النساء ، من الآية [59] .
[22]  سورة النساء ، من الآية [80] .
[23]  سورة المائدة ، من الآية [48] .
[24]  انظر: الظلال 6/902 ، تفسير أبي السعود 2/67 ، تفسير المنار لرشيد رضا 6/410 .
[25]  يقول الشريف الرضي (( وفي آية المائدة {مهيمناً عليه}: استعارة – والمراد: أن ما في الكتاب من وضوح الدلالة يقوم مقام النطق )) . تلخيص البيان في مجازات القرآن للشريف الرضي ص31 .
[26]  انظر في هذه المعاني: تفسير الطبري 6/266 – 268 ، ابن كثير 2/66 ، أحكام القرآن للجصاص 4/97 ، تفسير البغوي 2/49 ، تفسير أبي السعود 2/67 ، تفسير الآلوسي 6/152 ، تفسير المنار 6/410 – 411 ، 10/1401 ، غريب الحديث للخطابي 2/90 – 91 ، القرآن والمتبرون للشيخ محمد عزة دروزة 455 .
[27]  ابن كثير 2/66 ، تفسير الخازن 2/49 – 50 ، الفخر الرازي 12/16 .
[28]  في إنجيل متى أن المسيح قال لتلاميذه: (( لا تحسبوا أني جئت لأَحُلَّ الناموس والأنبياء ، إني لم آت لأُحل ، لكن لأتمم الحق أقول لكم أنه إلى أن تزول السماء والأرض لا تزول ياء أو نقطة واحدة من الناموس )) متى 5/17 – 18 .
[29]  مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية 17/43 – 45 .
[30]  سورة التوبة 33 .
[31]  انظر تفسير المنار لرشيد رضا 10/175 .
[32]  ذكر الإِمام ابن كثير جملة من هذه الأحاديث في التفسير 2/250 – 251 .
[33]  سورة المائدة ، الآيتان [15- 16] .
[34]  سورة الأعراف ، الآيتان [157- 158] .
[35]  سورة النساء ، الآية [47] .
[36]  سورة البينة ، من الآية [7 – 8] .
[37]  أخرجه مسلم 1/134 في الإيمان ، والطبراني والبزار وأحمد ، مجمع الزوائد للهيثمي 8/262 .
[38]  أخرجه أحمد في المسند 3/471 والدارمي والبيهقي في الشعب ، مجمع الزوائد 1/173 – 174 ، البيان والتعريف لابن حمزة الحسيني 1/172 . واستقصى الشيخ ناصر الدين الألباني طرق الحديث وقال: هو على أقل تقدير حديث حسن . والله أعلم ، انظر: إرواء الغليل: 6/34 – 37 .
[39]  أخرجه البخاري 1/190 في العلم ، ومسلم 1/134- 135 في الإِيمان والترمذي 2/392 في النكاح والنسائي 6/115 في النكاح .
[40]  أي لا يقبلها ، ولا يقبل من الكفار إلا الإِِسلام ، ومن بذل الجزية منهم لم يكفّ عنه ، بل لا يقبل إلا الإِسلام أو القتل .
[41]  البخاري 4/414 في البيوع ، ومسلم 1/135- 136 في الإِيمان ، والترمذي 3/344 في الفتن ، وابن ماجه 2/1363 في الفتن أيضاً ، وأحمد في المسند 2/240 وفي مواضع أخرى ، والبغوي في التفسير 1/300 .
[42]  سورة الإِسراء ، الآيات [107 – 108 – 109] . وانظر: تفسير البغوي 4/153- 154 ، ابن كثير 3/69 .
[43]  سورة القصص ، الآيات [52- 55] . وانظر: البغوي مع الخازن 5/147 ، ابن كثير 3/394- 395 .
[44]  سورة آل عمران ، الآية [199] . وانظر: البغوي مع الخازن 1/394 ، ابن كثير 1/444- 445 .
[45]  هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم: 498 ضمن مجموعة الجامع الفريد . 
[46]  انظر: صحيح مسلم 2/656- 657 والبخاري 2/116 و7/191 ، أبو داود 3/335 والترمذي: 2/243 كلهم في الجنائز . وامتاع الأسماع للمقريزي 21 ، سيرة ابن هشام مع الروض 1/215- 216 ، تاريخ الطبري 2/652- 654 .
[47]  مسند أحمد 4/378 ، سنن الترمذي: 4/271- 272 باب التفسير ، ابن حبان ، موارد الظمآن ص566 ، سيرة ابن هشام مع الروض الأنف 2/343 ، طبقات ابن سعد 1/322- مجمع الزوائد للهيثمي: 9/403 .
[48]  الحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة كأنها أُحرقت بالنار – وحول المدينة حرار كثيرة منها حرة وبرة وواقم . انظر معجم البلدان 2/245 .
[49]  مسند أحمد: 5/438 و441 ، سيرة ابن هشام: 1/142- 144 .
[50]  طبقات ابن سعد 1/262- 263 .
[51]  البخاري 8/126 في الجهاد ، 1/31- 33 في بدء الوحي ، ومسلم 3/1393- 1397 في الجهاد ، ومسند أحمد 1/262 ، طبقات ابن سعد 1/259 ، تاريخ الطبري 2/650- 652 ، زاد المعاد لابن القيم بتحقيق الأرناؤوط 3/688 .
[52]  طبقات ابن سعد 1/260 ، تاريخ الطبري 2/645- 246 ، نصب الراية للزيلعي 4/421- 422 ، والوثائق السياسية للدكتور محمد حميد الله: 135- 139 .
[53]  مسند الإِمام أحمد 3/108- 211 سيرة ابن هشام 2/25- 26 ، طبقات ابن سعد 1/236 ، مجمع الزوائد 9/326 .
[54]  سيرة ابن هشام مع الروض الأنف 2/26 .
[55]  تفسير الطبري 7/120- 121 تحقيق محمود شاكر ، روح المعاني للآلوسي 4/33 .
[56]  سورة آل عمران ، الآيتان [113- 114] .
[57]  انظر أمثلة عن هؤلاء وتراجمهم في كتاب: لماذا أسلمنا وهو مجموعة مقالات لنخبة من رجال الفكر عن سبب إسلامهم ، ترجمة مصطفى جبر ، وكتاب: رجال ونساء أسلموا تأليف كامل عرفات العشِ .
[58]  اقرأ في دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام: الجزء الرابع من الجواب الصحيح لابن تيمية ، تثبيت دلائل النبوة للقاضي عبدالجبار بن أحمد ، دلائل النبوة للبيهقي ، وأعلام النبوة للماوردي . إظهار الحق للشيخ رحمة الله .
[59]  هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم 659- 660 ، وانظر: الجواب الصحيح 1/350 .
[60]  سورة الصافات ، الآية [37] .
[61]  سورة الصف ، من الآية [6] .
[62]  هداية الحيارى لابن القيم 634- 635 .
[63]  سورة آل عمران ، الآيتان [81- 82] .
[64]  تفسير الطبري 6/557 بتحقيق محمود شاكر .
[65]  والمراد بالتصديق لما معهم – مع مخالفة شرعه عليه الصلاة والسلام لشرعهم – حصول الموافقة في التوحيد والنبوات وأصول الشرائع ، فأما تفاصيلها ، وإن وقع الخلاف فيها ، فذلك في الحقيقة ليس بخلاف ؛ لأن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام متفقون على أن الحق في زمان موسى عليه الصلاة والسلام ليس إلا شرعه ... وأن الحق في زمان محمد عليه الصلاة والسلام ليس إلا شرعه ، فهذا وإن كان يوهم الخلاف إلا أنه في الحقيقة وفاق . وكذلك كان ظهوره عليه الصلاة والسلام على ما هو مطابق لوصفه في كتبهم – كما سيأتي – كان ذلك تصديقاً لما معهم . انظر: تفسير الفخر الرازي 8/131 ، هداية الحيارى 135 .
[66]  انظر: تفسير الطبري 6/555- 556 ، ابن كثير 1/376 ، روح المعاني 3/209 ، البغوي 1/313 ، الرد على المنطقيين: 451 .
[67]  ساق الإِمام ابن القيم اثنى عشر وجهاً تدل على أنه r مذكور في الكتب المتقدمة ، ومنها البشارات بنبوته في كتبهم . انظر هداية الحيارى: 522- 526 .
[68]  سورة الأعراف ، الآية [157] .
[69]  سورة البقرة ، من الآية [89] .
[70]  سورة الشعراء ، الآية [197] .
[71]  سورة المائدة ، الآية [83] .
[72]  سورة الإِسراء ، الآيات [107- 109] .
[73]  سورة الفتح ، الآية [29] .
[74]  سورة الصف ، الآية [6] .
[75]  سورة الأنعام ، الآية [20] .
[76]  سورة البقرة ، الآية [146] .
[77]  انظر الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة د. محمد حميد الله: 111- 114 .
[78]  انظر فيما سيأتي البشارة الثالثة في كتاب أشعياء من العهد القديم .
[79]  الوثائق السياسية ، 136 .
[80]  انظر فيما سبق المراجع في فقرة الواقع التاريخي ، هداية الحيارى 498- 517 ، مجمع الزوائد 8/230- 243 ، إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والنبوات للشوكاني 35- 40 .
[81]  قال الله تعالى حكاية عنهم: {يا أهل الكتاب لمَ تلبسون الحقَّ بالباطل وتكتمون الحقَّ وأنتم تعلمون} [آل عمران ، الآية 71] ، {يا أهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبيِّن لكم كثيراً ممَّا كنتم تخفون من الكتاب} [المائدة من الآية 15] ، {يحرِّفون الكلم عن مَّواضعه} [النساء من الآية 46 ، المائدة من الآية 13] ، {وإنَّ منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} [آل عمران الآية 78] .
[82]  إنجيل يوحنا ، الفصل الأول ، رقم 19- 23 طبع الكاثوليكية بيروت ، ص155 .
[83]  راجع: إظهار الحق للشيخ رحمة الله 505- 507 .
[84]  إظهار الحق للشيخ رحمة الله 507- 508 .
[85]  هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم 540 .
[86]  انظر: إظهار الحق 511- 518 ، وراجع: الفصل في الملل لابن حزم 2/69- 75 ، الجواب الصحيح لابن تيمية 4/6- 12 . هداية الحيارى 559- 562 ، والرد الجميل للإِمام الغزالي ، بين الإِسلام والمسيحية للخزرجي ، والإِعلام للقرطبي .
[87]  العهد العتيق ، سفر تثنية الاشتراع الفصل 33 فقرة (2) ص355 ، طبع الكاثوليكية . وفي الترجمة التي نقلها شيخ الإِسلام . تجلى الرب من سيناء ، وأشرق لنا من ساعير – واستعلن من جبال فاران ومعه ألوف الأطهار وفي يمينه سنة من نار" .
[88]  قال ياقوت في معجم البلدان 3/300 ((سينا: اسم موضع بالشام – يضاف إليه الطور – فيقال: طور سيناء ، وهو الجبل الذي كلّم الله تعالى عليه موسى عليه السلام ونودي فيه ... وقد جاء في اسم هذا الموضع: سينين ، في سورة التين ، )) .
وقال: (( ساعير: في التوراة اسم لجبال فلسطين – وهو قرية من الناصرة بين طبرية وعكا . نفسه: 3/171 .
وفاران: كلمة عبرانية معربة – وهي اسم من أسماء مكة – ذكرها في التوراة – وقيل: اسم لجبال مكة: 4/225 . وهو ما قاله ابن قتيبة أيضاً . انظر: الجواب الصحيح 3/300- 301 .
[89]  سورة التين ، الآيات [1- 2- 3] .
[90]  انظر بالتفصيل عن هذه البشارات ، وبشارات أخرى في التوراة: الجواب الصحيح 3/300- 314 ، هداية الحيارى 526- 530 ، 542- 543 ، إظهار الحق 519- 531 ، بين الإِسلام والمسيحية للخزرجي 260- 265 ، الإِعلام للقرطبي 263- 266 .
[91]  نقل هذه البشارات الإِمام ابن تيمية ونقلها بألفاظ قريبة منها الخزرجي ص265 . وفي نبوءة أشعياء ، الفصل الثاني والأربعين ص394- 395 ، طبع الكاثوليكية . أنشدوا للرب نشيداً جديداً ، تسبيحة له من أقاصي الأرض ياهابطي البحر ويأمْلأه ويا أيتها الجزائر وسكانها ، لتشد البرية ومدنها والحظائر التي يسكنها قيدار ، وليرنم سكان الصخرة ، وليهتفوا من رؤوس الجبال" . وهذا يؤكد ما سبقت الإِشارة إليه من الاختلاف الكبير في التراجم وتغيير كثير من المعاني مما يفقد الثقة بالكتاب .
[92]  إنجيل متى 5/39 و5/40- 44 .
[93]  انظر بالتفصيل: الجواب الصحيح 3/314 وما بعدها ، هداية الحيارى 545- 548 ، إظهار الحق 536- 539 ، الإِعلام للقرطبي 266- 267 ، بين الإِسلام والمسيحية 265- 266 .
[94]  انظر: إظهار الحق 561 نقلاً عن علي القرشي في كتابه: خلاصة سيف المسلمين ، النبوة والأنبياء للمهندس أحمد عبدالوهاب ص158 .
[95]  انظر: معجم البلدان لياقوت 1/309- 311 .
[96]  نبوءة أشعياء فصل 21/6- 9 . وهي بألفاظ أخرى في كتاب أبي عبيدة الخزرجي 276 .
[97]  انظر: الجواب الصحيح 3/323 ، هداية الحيارى 546 ، بين الإِسلام والمسيحية 277 .
[98]  إنجيل يوحنا ، الفصل 14/16- 29 طبع الكاثوليكية وفيه: فيعطيكم معزياً بدل فارقليط .
[99]  عن تفسير المنار لرشيد رضا 9/264- 265 ، وانظر بتفصيل واسع: إظهار الحق 548 وما بعدها ، الجواب الصحيح 4/6 وما بعدها هداية الحيارى 530 ، قصص الأنبياء لعبدالوهاب النجار 397- 398 وفيه شهادة المستشرق نللينو عن معنى الفارقليط ، وتفسير المنار 6/85 ، 9/221 وما بعدها ، الإِعلام للقرطبي 268- 269 .
[100]  عن تفسير المنار للسيد محمد رشيد رضا 9/281 ، وانظر تقديمه للطبعة العربية من إنجيل برنابا ، ترجمة خليل سعادة . وقد أشار الأستاذ محمد قطب – حفظه الله – إلى خبر نشر في جريدة الأهرام المصرية في عام 1365هـ/ 1945م يقول الخبر: ((عثر في دير سانت كاترين بسيناء على نسخة قديمة من التوراة جاء فيها ذكر محمد عليه الصلاة والسلام)) . ثم اختفت هذه النسخة ولم تعد مرة أخرى إلى الظهور . 
[101]  عن الدين ، للدكتور محمد عبدالله دراز 175- 176 ، وعنه لخصنا هذه الفقرة بكاملها ، وهي في أصلها بحث أعده – رحمه الله – لإِلقائه في الندوة العالمية للأديان التي عقدت في لاهور بالباكستان في جمادى الآخرة سنة 1377هـ وانظر في تقويم هذه الندوة ، وندوة أخرى عقدت في أعقابها في كراتشي: ثلاث مقالات للشيخ محمد أبي زهرة في مجلة لواء الإِسلام ، السنة الثالثة عشرة .
[102]  حجة الله البالغة للدهلوي 1/90- 91 ، و122- 133 .
[103]  سورة المائدة ، الآية [117] .
[104]  سورة آل عمران ، من الآية [93] .
[105]  لبيان مدى تأثر النصرانية بالأفكار الوثنية وكيفية تسرب هذه الأفكار إليها وانحراف النصارى عن أصل عقيدة التوحيد راجع بالتفصيل: العلمانية للشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي 27- 123 ، المسيحية: نشأتها وتطورها لشارل جنيبر ترجمة د. عبدالحليم محمود ص101 وما بعدها ، حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر للمهندس أحمد عبدالوهاب 41 وما بعدها . وهو كتاب حافل بالنصوص والوثائق من مراجع غربية نصرانية ، محاضرات في النصرانية للشيخ محمد أبي زهرة 29 وما بعدها . مقارنة الأديان: المسيحية للدكتور أحمد شلبي 90- 160 ، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين لأبي الحسن الندوي 36- 40 .




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مجلة روسية: الإسلام سيصبح الديانة الأولى في عام 2050
  • الإسلام والآخر
  • اللادينيين ثالث أكبر فئة في العالم بعد المسيحية والإسلام

مختارات من الشبكة

  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرحمة في شعائر الإسلام التعبدية والديانات السماوية الأخرى: دراسة مقارنة بناء على النصوص الشرعية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • السويد: الحزب الديمقراطي يميز الإسلام عن الديانات الأخرى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • جمع التكسير وعلاقته بأسماء الجموع الأخرى(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العقل في الإسلام: منزلته، ومجالاته وعلاقته بالنقل (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • الإسلام وعلاقته بالعمل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مساواة الإسلام بالأديان الأخرى في ألمانيا(مقالة - المترجمات)
  • الأنبياء بين الإسلام والأديان السماوية الأخرى (نقاط الاختلاف)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإله.. بين الإسلام والأديان السماوية الأخرى (نقاط الاختلاف)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب