• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات فكرية
علامة باركود

حوار مع الشيخ مصطفى سيرتش

حوار مع الشيخ مصطفى سيرتش
أ. جمال سعد حاتم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/3/2012 ميلادي - 10/4/1433 هجري

الزيارات: 19346

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شيخ البوسنة يفتح قلبه للتوحيد[1]

إعداد جمال سعد حاتم

 

أصبح الغموض يسيطر على كل شيء: المواقف تتشكل وتتبدل بسرعة البرق، وعدوُّ الأمس يصبح حَلِيف اليوم، وقد ينقلب غدًا، وما بين مؤيِّد ومعارض لقضايا المسلمين، وخططٌ تُدَبَّر في الخفاء، وتُدْرَس بعناية فائقة، ومحصلتها النهائية القضاء على كل ما هو إسلامي، وكما يوهمون أنفسهم في الغرب بأن الإسلام أصبح هو العدوَّ الأول لهم بعد أن تحلَّلت الشيوعية، ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30]، ولطالما كان النداء بأن العصر الذي نعيش فيه هو عصر الأقوياء، وقد ذاق المسلمون في البوسنة الهوان، فهم قد هانوا على أنفسهم، كما كان المسلمون في كل مكان، فهانوا على الناس، ولكن مع ذلك فنصر الله آتٍ، وقد وعدنا الله بالنصر والتمكين، وَسَط هذا كله تجد مجاهدين أقوياء، نَبَتوا وترعرعوا في أحضان الأزهر الشريف، وأصبحوا يحملون راية الجهاد والدفاع عن قضية إخوانٍ لنا في البوسنة، قضيتهم التي أخذت مكان الصدارة في قلب كل مسلم ومسلمة، وفي حوار مفتوح - بالمصارحة والمكاشفة والتنقيب - في شتى جوانب القضية؛ لكي نضع الحقائق أمام الإِخْوة قراء مجلة التوحيد من خلال حوارنا مع المجاهد الشيخ "مصطفى سيرتش" شيخ مشيخة البوسنة، ورئيس هيئة كبار العلماء هناك.

 

التوحيد: ما هو الواقع الذي تعيشه البوسنة الآن بعد الأحداث الأخيرة؟

أجاب فضيلته - وكان طوالَ حوارِه معنا يُخْفِي علامات الأسى التي تَرْتَسِم على وجهه، بابتسامة تنبعث من حولها الآلام - قائلاً: إننا الآن ما زلنا في مرحلة الجهاد، والمسلمون يجب أن يعرفوا أن الصراع في البوسنة والهرسك، كان هدفه أولاً تقسيمَ البوسنة بين الصِّرب والكروات، ومن أجل تحقيق هذا الغرض، كان مفترضًا إبادة المسلمين من هذه المنطقة؛ حتى يمكن تقسيم البوسنة بين اثنين.

 

حالتنا الآن كما كان حال يوسف - عليه السلام -:

ويواصل فضيلة الشيخ مصطفى سيرتش حديثه، وهو يحاول أن يأخذ أنفاسه بصعوبة بالغة، ويحس محدِّثه أن الرجل يحاول أن يُزِيل من صدره حملاً كبيرًا من الهموم والآلام والأحزان، وقال:

 

إن حالتنا الآن كما كان حال يوسف - عليه السلام - في السجن، فهو قد مَكَث في السجن سبع سنين، حينما اتهمته امرأة العزيز، وقيل: إن كان قميصه قد قُدَّ من دُبُرٍ فهو صادق، وإن كان قميصه قُدَّ من قُبل فهو كاذب، ونحن الآن في المحكمة، وهم يتهموننا بالإسلام، والآن نحن في السجن، وكما قال يوسف - عليه السلام -: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ [يوسف: 33]، فنحن كذلك في أوروبا، فهم يدعوننا إلى أن نشترك في جريمتهم، وقد مكثنا في السجن أربع سنين وبقي لنا ثلاث، ولكن يوسف رجع إلى أبيه يعقوب، ولأن أباه لم يصدِّق أبناءه، فهو كان عنده إيمان ويقين بأن يوسف سوف يرجع، وأنا أقول للأمة الإسلامية: نحن سنرجع - إن شاء الله - وهذا السجن نحن سنتحمَّله - بإذن الله.

 

التوحيد: في ظل التآمر الدولي على البوسنة، والذي وقع في أثناء الحرب في البوسنة قبل توقيع اتفاق دايتون - المشبوه - للسلام، هل تعتقدون أن الكروات في المرحلة الأخيرة يعملون لصالحهم، وبالاتفاق الخفي مع الصرب، كما قيل في الآونة الأخيرة بأن الرئيس الكرواتي "توجمان" عندما كان في لندن، وكان على أحد موائد الطعام، ورَسَم خريطةً لتقسيم البوسنة على طبق من أطباق المائدة، بين الكروات والصرب على حساب المسلمين، وكان ردُّ بعض المسئولين الكروات على تلك المصارحة، أن ذلك من أساليب الوقيعة التي يُجِيدها الصرب، كلما حدث تقدُّم عسكري على الجانب الكرواتي أو المسلم؟ فما هو تعليق فضيلتكم على ذلك؟


تعاوننا مع الكروات ليس تعاون الحب:

يقول الشيخ "مصطفى سيرتش": نحن في بلاء عظيم، وتعاوننا مع الكروات ليس تعاون الحب، وإنما تعاوننا ينبع من المصلحة المشتركة لكلا الطرفين؛ فالكروات لهم مصلحة في التعاون مع المسلمين في البوسنة، ونحن أيضًا لنا مصلحة في تعاوننا معهم، فالتاريخ قد أثبت أن الصرب والكروات كثيرًا ما يختلفون في كلِّ شيءٍ إلا في الحرب ضد الإسلام والمسلمين، ولكن الآونة الأخيرة تشير إلى أن الصرب والكروات لا يستطيعون أن يسووا خلافاتهم، ونحن لا نتدخل في علاقات الصرب والكروات، وكل ما يهمنا هو أن المسلمين في البوسنة لهم حق العيش، وحُقَّ للإسلام أن يعيش في البوسنة والهرسك، وهذا هو ما نهتم به.

 

هم يتحدون على الكذب، فكيف لا نتحد على الصدق؟!

ويواصل فضيلته قائلاً: إن الأمة الإسلامية يجب أن تتلقى الدرس، فإذا كانوا هم يتَّحدون على الكذب، فكيف نحن لا نتحد على الصدق؟!


التوحيد: فضيلتكم قلتم: إن التحالف بين الكروات والمسلمين هو تحالف المصلحة، فهل استمرار هذا التحالف يحقق نتائج أفضل للمسلمين؟

ويرد فضيلته على هذا التساؤل قائلاً: نعم إن استمرار التحالف يحقق مصالح كثيرة للطرفين، ونحن رأينا أن هناك ضرورةً لاستمرار هذا التعاون؛ حتى نستطيع أن نصحِّح الأوضاع المأساوية الموجودة في البوسنة.

 

ضم البوسنة إلى كرواتيا حلم الرئيس "توجمان":

وأضاف شيخ مشيخة البوسنة: بأن الرئيس الكرواتي توجمان لن يتخلَّى عن فكرة التقسيم، عقب أن ضم جزء البوسنة إلى كرواتيا، وهو سوف يعيش ويموت وعنده هذه الفكرة، ينتظر اللحظةَ المناسبة لتحقيقها، ولكن هذا حلم، أما الواقع والحقيقة أنه لن يستطيع أن يحقِّق ذلك.

 

التوحيد: هل لو أقرَّت خطة السلام الأمريكية، هل يعني هذا تقسيمَ البوسنة إلى دويلات صغيرة للمسلمين والكروات والصرب؟

رد فضيلته قائلاً: إن هذا لا يمكن أن يحدث.

 

التوحيد: هل معنى ذلك أن دعوة المسلمين في البوسنة إلى جعل البوسنة دولة واحدة، بما فيها من كروات وصرب، وعدم الاتجاه إلى الاستقلال بدولة إسلامية، مع وجود استقلال للكروات والصرب - مطلب صحيح للمسلمين؟

نعم هذا صحيح، وهذا ما نحاول تحقيقه، فنحن يمكننا أن نقيم دولة إسلامية، ولكنها ستكون دولةً صغيرة والكل فيها مسلمون، وبعد ذلك تكون حدودنا كلها مع الأعداء، وهم الأقوى عسكريًّا، في تلك اللحظة سيبتلعوننا لقمة سائغة وصغيرة، ومن مصلحتنا نحن أن تكون البوسنة مختلطة بالقوميات؛ ولكن بشرط أن يحترم الإسلام فيها.

 

التوحيد: المراقب للأحداث في الفترة الأخيرة يلاحظ أن الأمريكان يصرون على إتمام خطة السلام بأي طريقة، وهذا ما يجعلنا نتساءل هل وقع ضغط على المسلمين من الأمريكان لقَبول خطة السلام المقترحة، ومحاولة فرضها في البوسنة على كل الأطراف؟

ردَّ الشيخ مصطفى قائلاً: لا، فالسياسة الأمريكية تُجَاه البوسنة تختلف عن سياسة أوروبا بالفعل، ربما لأن بعض الدول الإسلامية قد أثَّرت على أمريكا، وأمريكا كذلك تفهم مسألة تعدُّد القوميات أكثر مما تفهمه أوروبا، وأمريكا فعلاً تريد أن تكون دولة البوسنة متعدِّدة القوميات، أما أوروبا، فهم منقسمون على القوميات، وأنت إذا نظرت إلى أوروبا، تجد أنهم يتلاعبون بالألفاظ، فهم كثيرًا ما يتحدِّثون عن الحرية وما يسمونه - من وجهة نظرهم - "حقوق الإنسان"، وهم أول مَن يمارس التطهير العرقي واضطهاد القوميات، فأنت لا تستطيع في فرنسا أن تحس أنك مواطن عادي متساوٍ مع الفَرَنسيين، بعكس ما هو موجود في الدول الإسلامية التي فيها قوميات، فالمسيحيون يعيشون في الدول الإسلامية، ويُمَثّلون في المجالس النيابية وفي الحكومة، كما هو موجود في مصر، وفي بعض الدول العربية مثلاً.

 

وأتساءل: هل حدث في أي دولة أوروبية أن المسلمين - ولو كان عددهم كبيرًا – يكون منهم وزير مسلم؟ بالطبع لا، وهذا هو الفارق.

 

ليس من مصلحة الكروات أن ينقضوا التحالف:

التوحيد: هل تعتقد أن التعاون - ولا نريد أن نقول: التحالف - بين الكروات والمسلمين ربما قد ينقلب، أو أنكم تضعون في الحُسْبان أن الكروات قد ينقلبون على المسلمين في أي لحظة؟

يقول: كلُّ شيءٍ تحت الحُسْبان، ولكن ليس من مصلحة الكروات أن يَنْقُضوا هذا التحالف، وخاصة بعد الضغط الكبير من الدول الإسلامية، ومن ناحية أخرى فكرواتيا والكروات يفهمون الآن جيدًا أن لها سوقًا إسلامية كبيرة، والصرب بعيدون عن ذلك، فالمصلحة الاقتصادية والسياسية، وكذلك الفاتيكان مصلحتهم في إقامة عَلاقات مع العالم الإسلامي، والعالم الإسلامي بالنسبة لنا يمثل نبع الحياة؛ فلولا الله، ثم جهود العالم الإسلامي ما بَقِينا في البوسنة، وكلما ازداد العالم الإسلامي قوَّة، انعكس ذلك علينا، ويجعلنا في وضعٍ يحترمه الجميع، وخاصةً الأعداء.

 

وعلى كلِّ حالٍ، فالتحالف مع الكروات نحن لا نَقْبَله بحب أو بكره، ولكن نتعامل معه بالعقل، والعقل يقول لي: إن البوسنة على ثلاثة حدود: صربيا، الجبل الأسود، الكروات، فأين المخرج؟ فالجبل الأسود وصربيا، لا وألف لا، إذًا فلا بديل عن كرواتيا، فلابد إذًا من التحالف معها، وكرواتيا تحتاج إلى البوسنة، وتحتاج إلى المسلمين؛ لأن مكانها سيصبح مختلفًا، إذا هي فَقَدت هذا التعاون.

 

التوحيد: تغيَّرت في الفترة الأخيرة نظرة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للوضع في البوسنة، هل تعتقد أن المواقف الإيجابية للدول الإسلامية في الفترة الأخيرة - والتي انعكست على الموقف العسكري في البوسنة - كانت سببًا رئيسًا في ذلك؟

قال الشيخ "مصطفى سيرتش": أريد أن أوضح لك حقيقةً مهمَّةً، وهي أن الغرب ما كان يَتَصوَّر أننا سنجاهد، ونَصْمُد بهذه الطريقة، وعندما انعقد مؤتمر منظمة العالم الإسلامي، وأعلنت دول المنظمة أنها سترفع الحظر المفروض على الأسلحة للبوسنة - بصرف النظر عن صدور قرار من مجلس الأمن من عدمه - فسألت إحدى الشخصيات الإعلامية في أوروبا محلِّلاً إنجليزيًّا - يعمل في الشؤون الإستراتيجية العسكرية - عن رأيه في قرار رفع الحظر من جانب المسلمين، فقال: والله، العالم الإسلامي يتحدث أكثرَ مما يفعل، وإلا لكانوا استطاعوا تحرير فلسطين، فكيف يحرِّرون البوسنة؟

 

الغرب لا يكتفي بقتل الإسلام:

وأضاف الشيخ قائلاً: إن الغرب لا يريد فقط قتل الإسلام والمسلمين، وإنما يريدون احتقار الإسلام والمسلمين، وهذا ما يؤلمنا كثيرًا.

 

ولكنَّ أهمَّ شيءٍ - من وجهة نظري - أن المسلمين يجب أن يظهروا استعدادهم لأن يكونوا مسلمين، وهم سوف يحترموننا، وموقف الدول الإسلامية يجعل المجتمع الدولي يغيِّر نظرته لمشكلة البوسنة، بل يجبر على ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة، وفي النهاية لابد من القوة، فقوة العالم الإسلامي، وظهوره بمظهر الجسد الواحد - الذي إذا اشتكى منه عضوٌ تَدَاعى له سائر الأعضاء بالسهر والحُمَّى - ستجعل نظرة المجتمع الغربي والمجتمع الدولي لقضايا المسلمين تختلف تمامًا، وأكرِّر فالعالم الآن لا يعترف بالضعفاء.

 

الثقافة الغربية جعلتهم يجهلون كيفية الإنجاب:

التوحيد: في الدول الغربية مثل إيطاليا، والمَجَر، وألمانيا، والسويد، توجد مخيَّمات كان يتم فيها استقبال اللاجئين البوسنيين، منذ بداية المشكلة في البوسنة، ومعظم اللاجئين في تلك المعسكرات كانوا من النساء والأطفال، فهل يُعَدُّ ذلك جزءًا من الخطة الغربية، لتفريغ السكان من البوسنة وإعادة توزيعهم مرة أخرى؟

رد الشيخ قائلاً: إن السويد مثلاً اشترطت على المسلمين البوسنيين أن يبقوا في السويد خمس سنوات، وأعطوهم المنزل والمأكل وكلَّ شيءٍ؛ لسبب واحد يجب أن يعرفه الجميع، وهو أن نَسْلَهم ضعيف، فهم يريدون أن يقووا ذلك بالمسلمين؛ لأنهم بأخلاقهم وبثقافتهم نَسُوا كيف ينجبون الأطفال، فهم لا يعرفون كيفية ذلك؛ لأن ممارساتهم تؤدي إلى المرض، وفي السويد حظر على أن يزيد النسل، فهم أخذوا المسلمين؛ لكي يقووا بهم النسل والإنجاب.

 

والإسلام يَعْلُو ولا يُعْلَى عليه، وإننا لا نضيف للإسلام فضلاً بإسلامنا، ولكن لماذا لا نجعل الإسلام كما كان من قبل، فالعرب، والفرس، والترك، حَمَلوا الإسلام، وكل قومية كانت لها رسالة، فالعرب نزلت فيهم الرسالة وبلُغَتِهم وعلى رسول عربي، والقرآن نزل بلسان عربي، والفرس مهتمون بالثقافة، وقد طوروا الثقافة والحضارة الإسلامية، والأتراك كانت مهمَّتهم تجهيز الجيوش، وهم كانوا يدافعون عن الإسلام، وينشرونه خارج حدودهم.

 

بعد انقضاء الشيوعية توهم الغرب أن عدوهم الأوحد هو الإسلام:

التوحيد: ما هو المطلوب تحديدًا الآن من الدول الإسلامية القيام به؟

ردَّ فضيلته قائلاً: إن المطلوب منكم كأُمَّة إسلامية أن تكونوا معنا، وألاَّ تقعوا تحت تأثير الافتراءات، ونحن نرجو من العالم الإسلامي أن يوحِّد صفوفه؛ فالعرب، والفرس، والترك مطلوب منهم أن يتحدوا، وتتحمل كل قومية مسؤوليتها كما تحملتها في الماضي من قبل.

 

والأتراك قد أدركوا الإسلام من خلال البوسنة، ونحن نُرْجِع لهم ما قدَّموه إلينا، هم جاءوا إلينا بالإسلام، ونحن نَرْجِع إليهم بالإسلام الآن؛ ولأن الأتراك الآن أكثر تحمُّسًا وتمسكًا من أي قومية أخرى بالنسبة للإسلام والمسلمين في البوسنة، وأنا أرجو منكم إذا كان عندكم الوقت أن تذهبوا إلى تركيا؛ لكي تَرَوا بأنفسكم حال الأتراك كمسلمين، ولكي تَرَوا المساجد في تركيا، والشبابُ التركي شبابٌ طيبٌ، وهم قد لُقِّنوا الدرس في البوسنة؛ ولأن تركيا وصلت إلى مرحلة في الفترة الماضية أصبحوا لا يستطيعون الانتماء إلى أوروبا، ولا يستطيعون الانتماء إلى الإسلام، ولكن الوضع قد تغيَّر الآن.

 

والعرب كانت مسؤوليتهم الكبرى طوال 55 سنة من عمر قضية فلسطين، وكانت القضية مُلْقَاةً على عاتقهم فقط، والعرب كانوا تحت الضغط، وكانوا يتحملون، ويتمسكون بإسلامهم، والقوميات الأخرى غير العربية كانت تعيش عِيشَة طيبة، ومع ذلك كنا نأتي للدول العربية لنأخذ منها كلَّ شيءٍ، نأتي إليهم للدراسة وللتعلم، والآن الوقت قد تغير، فغير المسلمين قد بدؤوا في الظهور على المسرح العالمي.

 

ونحن الآن على وشك أن نصبح أمة واحدة، فأنت لو نظرت إلى المسلمين في أندونسيا وماليزيا، فأنت تعرف أن المسلمين في هذه المناطق أكثر من المسلمين العرب والأتراك والفرس معًا، والآن أنت تسمع صوت المسلمين في روسيا وفي أوروبا، وإننا على وَشْك أن نصبح الأمَّةَ القوية المسموعة في العالم، والمؤتمرات التي تعقد في أنحاء متفرِّقة لهي دليل على أننا سنصبح أمةً، مع اختلاف الثقافات والبيئات، ولكننا مع اختلاف جنسياتنا، فنحن خلقنا جميعًا من تراب، وسوف نعود إلى التراب، والإسلام دين لا يفرق بين الشكل واللون.

 

ولكن وللأسف أنت لو نظرت إلى أوروبا، فهم بعد القضاء على الشيوعية، هم يعتبرون أن عدوَّهم الأوحد الآن، هو الإسلام، وبديل الشيوعية بالنسبة لهم هو الإسلام، ولكن كلما يضغطون علينا نصبح أقوياء.

 

وواصل الشيخ "مصطفى سيرتش" حديثه قائلاً: إننا في البوسنة تعلَّمنا كيف نستطيع أن نعيش، ونحتمل كل الصِّعاب، ومن قبل كنا نخاف عندما نتعرض لأي صعوبات، ولكن الآن وبعد أن قضى الناس ما يقارب أربع سنوات بين المعسكرات، والحروب، والسجون، والقتل، والتعذيب، والتشريد، ومع ذلك فالتجربة جعلت الناس أقوياء، فالموت كان أمامهم، وذلك جعلهم أقوياء.

 

يجب أن نتحد جميعًا في داخل إطار سياسي واحد:

التوحيد: ما هو الدور المطلوب لتصحيح الصورة المعكوسة عن الإسلام والمسلمين، في ظل الحملة الشرسة التي يُقْصَد منها تشويه الإسلام، ولكشف نتائج مؤامراتهم على المسلمين في العالم كله، وفي البوسنة على وجه الخصوص؟

يصمت الشيخ قليلاً، ثم يقول: إننا يجب ألاَّ نفرق بين المسلمين، ويكفِّر بعضنا البعض، وأنت يجب أن تسأل: لماذا لم يسلم أبو طالب عم الرسول - صلى الله عليه وسلم -:﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56]؟ ولكن في الإطار السياسي نحن كمسلمين سواءٌ كنا عربًا أو عجمًا أو أتراكًا، فكلنا في خط واحد؛ لذلك يجب أن نتَّحد في هذا الإطار العام، وهو الإطار السياسي، وأنت لو نظرت إلى الغرب فستجد أنه متحدٌ في هذا الإطار السياسي، وبرغم كل الاختلافات التي بينهم، إلا أنك ستجدهم في الإطار السياسي متحدين.

 

المسلمون في البوسنة يستميتون للدفاع عن هويتهم الإسلامية:

ويؤكد شيخ مشيخة البوسنة أن المسلمين في البوسنة، برغم الواقع المرير والمآسي التي عاشوها هناك، فهم يبذلون قصارى جهدهم للتصدي للعدوان والتآمر الدولي على الشعب المسلم؛ للحفاظ على هُوِيَّتِهم الإسلامية في البوسنة.

 

ونحن نحيطكم علمًا بأن عشرة آلاف طفل قد أصبحوا بدون أب أو أم، بعد أن فقدوا أبويهم بعد أن قتلهم الصرب أثناء دخولهم "سربرينتشا"، وأن عدد الأطفال يبلغ حوالي 31 ألف من مجموع عدد المتشردين، والتي تبلغ نسبتهم حوالي 60 %، وأن العدد المتبقي هم الشيوخ والأطفال والعَجَزة، وكانت مدينة "بيهاتش" محاصَرة، كما تعرفون، والتي يسكنها أغلبية مسلمة، وكانت معرَّضة للقصف اليومي لمدة 1200 يوم، وكان الناس يموتون في "بيهاتش"، لا من القذائف والطلقات النارية، بل من الجوع طوال مدة الحصار.

 

وكانت مدينة "بانيالوكا" - والتي تقع في الشمال الغربي من البوسنة - مدينة مسلمة، وقد طَرد منها الصرب أكثر من 39389 مسلمًا حتى بداية يونيو سنة 1995، وفي النصف الثاني من أغسطس سنة 1995 قاموا بطرد العدد القليل المتبقي منهم.

 

الصرب هدموا المساجد والشوارع الإسلامية في بانيالوكا:

وقد قام الصرب بهدم حوالي 16 مسجدًا، كانت موجودة في المدينة قبل الغزو الصربي على المدينة، هدمت جميعها حتى سبتمبر سنة 1993، إلى جانب المباني الأخرى من الطراز الإسلامي هدمت جميعها، كما وضعوا المتفجرات في المبنى الإسلامي الذي كان يعيش فيها مفتي مدينة "بانيالوكا" الشيخ "إبراهيم خليلولتش" مرات عديدة.

 

كما تم هدم وإضرام حوالي 200 مسجد في منطقة تابعة للدار الإسلامية في "بانيالوكا"، وتدمير حوالي 200 شارع في "بانيالوكا" من الشوارع التي كان يطلق عليها الأسماء الإسلامية، وتمَّ إطلاق أسماء الميلشيات الصربية على تلك الشوارع، وكذلك أسماء مجرمي الصرب.

 

وفي منطقة "سراييفو" حيث قُتِل حوالي 1700 طفل؛ نتيجة لطلقات القناصة، والميلشيات الصربية، والأسلحة الثقيلة للمتمردين الصرب، كما قُتِل عشرات من المسلمين هناك كل يوم أثناء محاولتهم الحصول على الخبز والماء.

 

والتقديرات الأولية تشير إلى أن عدد الضحايا منذ مايو عام 1992 يصل إلى حوالي 300.000 شخص، وعدد المعوَّقين والضحايا والمشوهين يقارب عدد القتلى، وكل هذا يحدث أمام عيون الرأي العام العالمي، وبموافقة ضمنية من قبل المجموعة الأوروبية، ومنظمة الأمم المتحدة التي أصدرت قرارات الإدانة، ولم تقم بأي عمل جاد في سبيل منع العدو من جرائمه.

 

خنازير الصرب اغتصبوا خمسة وعشرين ألف امرأة وفتاة وطفلة:

وعلامات الحزن والأسى ترتسم على وجه الشيخ وهو يقول: إن الصرب قد أحرقوا 483 قرية بكاملها.

 

كذلك تمَّ تسجيل خمسة وعشرين ألف امرأة وفتاة وطفلة، تم اغتصابهن في البوسنة، كما تم تحديد وإثبات مواقع 94 مقبرة جماعية، وهذا كله جزء من الأعمال التي تم إثباتها، وجزء من معلومات، وأدلة تم إعدادها للمحكمة الدولية في "لاهاي"، وما زالت البوسنة تسيل دمًا، ومع ذلك فهي ما زالت تعيش، والله المستعان، وإن الله مع الصابرين.



[1] نُشر في مجلة التوحيد، الصادرة عن جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر، عدد محرم 1417هـ، صفحة 40.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار نادر مع فضيلة الشيخ عمر فلاتة رحمه الله
  • حوار مع المفكر الألماني د. مراد هوفمان حول الإسلام والاضطهاد الغربي
  • حوار مع الأستاذ الدكتور: مصطفى حلمي حول مستجدات الأمور في العالم الإسلامي
  • حوار مع سائق توك توك!
  • الشيخ مصطفى صبري : حياته وعصره
  • حوار مع الشيخ محمد أمين فقير - مجلس القضاء الشرعي في جنوب إفريقيا

مختارات من الشبكة

  • حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب ( الحوار - طرفا الحوار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • محاذير الحوار (متى نتجنب الحوار؟)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحوار في الدعوة إلى الله (مجالات الحوار الدعوي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في مركب "حوار الحضارات": أي حوار وأية مقومات؟(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • الحوار المفروض والحوار المرفوض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار المفقود (تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الحوار لغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحوار وسيول الجدال(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حكم الحوار(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)

 


تعليقات الزوار
2- الصبر عند الابتلاء
shaker - مصر 26-01-2013 06:30 PM

عند الشدائد والفتن يظهر إيمان المسلم

1- quistion
latifa - maroco 05-08-2012 07:05 PM

salam 3likom orido an as ala hal il had sa3a 2012 tarayara wa tahadanati el awda3e fi bostan li el ahsa,wa nas alo laha asilma wa chaja3a wa sabr inchallah

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب