• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الصراع الأخير بين الموريسكيين وإسبانيا (2/ 3)

الصراع الأخير بين الموريسكيين وإسبانيا (2/ 3)
محمد عبدالله عنان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/2/2012 ميلادي - 29/3/1433 هجري

الزيارات: 8214

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة مقالات أعجبتني من مجلة (الرسالة) [*]

عبدالعال بن سعد الرشيدي


خاتمة المأساة الأندلسية

الصراع الأخير (2 - 3)

بين الموريسكيين وإسبانيا

للأستاذ محمد عبدالله عنان - رحمه الله -

مجلة الرسالة العدد 204 ص 888 القاهرة

يوم الإثنين 20 ربيع الأول 1356هـ

الموافق 31 مايو 1937م السنة الخامسة


سرَى إلى الموريسكيين يأسٌ بالغٌ يُذكِيه السخطُ العميق، فعوَّلوا على الثورة، مُؤثِرين الموتَ على ذلك الاستشهادِ المعنوي الهائلِ، ونبتَتْ فكرةُ الثورة أولاً في غَرناطة حيث يقيمُ أعيان الموريسكيين، وحيثُ كانت جمهرةٌ كبيرةٌ تحشدُ في ضاحية (البيازين)؛ وكان زعيم الفكرة ومُثِير ضرامها موريسكيٌّ يُدعَى فرج بن فرج، وكان ابن فرج صبَّاغًا بمهنتِه، ولكنَّه حسبَما تصفُه الرواية القشتاليَّة كان رجلاً جريئًا وافرَ العزم والحماسة، يضطرمُ بُغضًا للنَّصارى، ويتوقُ إلى الانتقام الذَّريع منهم؛ ولا غرو فقد كان ينتسبُ إلى بني سراج، وهم من أشراف غَرناطة وفُرسانها الأنجاد أيَّام الدولة الإسلاميَّة، وكان ابن فرج كثيرَ التردُّد على أنحاء البشرات، وثيقَ الصلة بِمُواطِنيه؛ فاتَّفق الزُّعَماء على أنْ يتولَّى حشدَ قوَّةٍ كبيرة منهم تزحفُ سرًّا إلى غَرناطة وتجوزُ إليها من ضاحية البيازين، ثم تُفاجِئ حامية الحمراء وتسحقُها وتستولي على المدينة، وحدَّدوا للتنفيذ (يوم الخميس المقدس) من شهر أبريل سنة 1568؛ إذ يُشغَل النصارى عندئذٍ باحتِفالاتهم وصلواتهم، ولكنَّ أنباءَ هذا المشروع الخطير تسرَّبت إلى السُّلطات منذ البداية، فاتَّخذت التحوُّطات لدَرئِه، وعزَّزت حامية غَرناطة، وحاميات الثغور، واضطرَّ الموريسكيون إزاء هذه الأُهبة أنْ يُرجِئُوا مشروعَهم إلى فرصةٍ أخرى.

 

واستمرَّ الموريسكيون على عَزمهم وأُهبَتِهم، ووجَّهوا بعضَ الكُتب خفيةً إلى أمراء الثُّغور في المغرب يطلُبون إليهم الغوث والعون؛ فوقع كتابٌ منها في يد حاكم غَرناطة، وتقولُ الرواية القشتاليَّة أنَّه كان مُوجَّهًا من أحدِ زُعَماء البيازين إلى مسلمي الثغور المغربيَّة يستحلفُهم فيه الغوثَ بحقِّ روابط الدِّين والدمِ ويقول: "لقد غمرَتْنا الهمومُ، وأعداؤنا يحيطون بنا إحاطةَ النار المُهلِكة، إنَّ مَصائبنا لأعظمُ من أنْ تُحتَمل، ولقد كتَبْنا إليكُم في ليالٍ تفيضُ بالعذاب والدَّمع، وفي قُلوبنا قبسٌ من الأمل، إذَا كانت ثمةَ بقيَّة من الأمل في أعماق الرُّوح المعذَّب".

 

ولكنَّ الحكومات المغربيَّة كانت مشغولةً بمشاكلها الداخليَّة، فلم يُلَبِّ داعي الغَوْثِ سوى جماعةٍ من المتطوِّعين الذين نفَذُوا سِرًّا إلى إخوانهم في البشرات، ومنهم كثيرٌ من البحَّارة المجاهدين الذين كانوا حَرْبًا عَوانًا على الثُّغور والسُّفن الإسبانيَّة في ذلك العصر.

 

وفي شهر ديسمبر سنة 1568 وقَع حادثٌ كان نذيرَ الانفِجار؛ إذ اعتدى الموريسكيون على بعضِ المأمورين والقُضاة الإسبانيين في طريقهم إلى غَرناطة، ووثبت جماعةٌ منهم في نفس الوقت بشِرذمةٍ من الجند كانت تحملُ كميَّة كبيرة من البنادق وفتكَتْ بهم جميعًا، وفي الحال سارَ ابن فرج على رأس مائتين من أتباعِه ونفَذ إلى المدينة ليلاً، وحاوَل تحريضَ مُواطِنيه في البيازين على نُصرته، ولكنَّهم أبوا أنْ يشتركوا في مثلِ هذه المغامرة الجنونيَّة، وقد كان موقفهم حَرِجًا في الواقع؛ لأنهم يعيشون إلى جانب النَّصارى على مقربة من الحامية، وهم أعيانُ الطائفة، ولهم في غَرناطة مصالِحُ عظيمة يخشون عليها من انتقام الإسبان، بَيْدَ أنهم كانوا من وَراء الثورة يُؤيِّدونها برِعايتهم ونُصحِهم ومالهم، فارتدَّ ابن فرجٍ على أعقابه واجتازَ شُعَبَ جبل شلير (سييرا نفادا)، إلى الهضاب الجنوبيَّة فيما بين بلش (فيليز) والمرية، فلم تمضِ بضعةُ أيَّامٍ حتى عمَّ ضرام الثورة جميعَ الدساكر والقُرى الموريسكيَّة في أنحاء البشرات، وهرعت الجموع المسلَّحة إلى ابن فرج، ووثَب الموريسكيون بالنصارى القاطنين فيما بينهم، ففتكوا بهم ومزَّقوهم شرَّ ممزَّق.

 

- 3 -

اندَلَع لهيبُ الثورة في أنحاء الأندلس، ودوَّت بصيحةِ الحرب القديمة، وأعلَنَ الموريسكيون استقلالَهم، واستعدُّوا لخوضِ معركة الحياة والموت، وبدَأ الزُّعَماء باختيارِ أميرٍ يلتفُّون حولَه، ويكون رمز ملكهم القديم، فوقَعَ اختيارُهم على فتًى من أهل البيازين يُدعى الدون فرناندو دي فالور، وكان هذا الاسم النصراني القشتالي يحجبُ نسبةً عربيَّة إسلاميَّة رفيعةً؛ ذلك أنَّ فرناندو دي فالور كان ينتمي في الواقع إلى بني أميَّة، وكان سليلَ الملوك والخلفاء الذين سطعَتْ في ظلِّهم الدولةُ الإسلاميَّة في الأندلس زُهاءَ ثلاثة قُرون، وكان فتًى في العِشرين تُنوِّه الرواية القشتاليَّة المعاصرة بوَسامة محيَّاه، ونُبلِ طلعتِه، وكان الأميرُ الجديد يعرفُ خطرَ المهمَّة التي انتُدِب لها، ولكنَّه كان يضطرمُ حماسةً وجرأةً وإقدامًا؛ ففي الحال غادَرَ غَرناطة سِرًّا إلى الجبال، ولجأ إلى شِيعته آل فالور في قرية بزنار، فهُرِعت إليه الوفودُ والجموع من كلِّ ناحيةٍ، واحتفل الموريسكيون بتتويجِه في احتفالٍ بسيط مُؤثِّر، فُرِشت فيه على الأرض أعلامٌ إسلاميَّة ذات أهلَّةٍ، فصلَّى عليها الأمير متَّجهًا صوبَ مكة، وقبَّلَ أحدُ أتباعه الأرضَ رمزًا بالخضوع والطاعة، وأقسَمَ الأمير أنْ يموتَ في سبيل دِينِه وأمَّته، وتسمَّى باسمٍ ملوكيٍّ عربي هو محمد بن أميَّة صاحب الأندلس وغَرناطة، واختارَ محمدٌ عمَّه الملقَّب (بالزغوير) قائدًا عامًّا لجيشِه، وقد كان صاحبَ الفضل الأكبر في اختيارِه للرياسة، وبعَث ابن فرج على رأس بعض قوَّاته إلى هضاب البشرات ليجمَعَ ما استطاعَ من أموال الكنائس، واتَّخذ مقامه في أعماق الجبال في مواقع مَنِيعة، وبعَث رسلَه في جميعِ الأنحاء يَدعون الموريسكيين إلى خلعِ طاعةِ النَّصارى والعودة إلى دِينهم القديم، ووقَعَتْ نقمةُ الموريسيكيين بادئ ذي بدءٍ على النصارى المقيمين بين ظَهرانيهم في أنحاء البشرات ولا سيَّما القسس وعمال الحكومة، وكان هؤلاء يُقِيمون في محلاتٍ مُتفرِّقةٍ سادة قساة يُعامِلون الموريسيكيين بمنتهى الصَّرامة والزراية، وكان القسس بالأخصِّ أسَّ بلائهم ومَصائبهم؛ ومن ثَمَّ فقد كانوا ضَحايا الفورة الأولى، وانقضَّ ابن فرجٍ ورجالُه على النصارى في تلك الأنحاء فمزَّقُوهم تمزيقًا، وقتَلُوا القسسَ وعمالَ الحكومة، ومثَّلوا بهم أشنعَ تمثيلٍ، وكانت حسبَما تقولُ الروايات القشتاليَّة مذبحةً عامَّة لم ينجُ منها حتى النساء والأطفال والشيوخ؛ وذاعَتْ أنباءُ المذبحة الهائلة في غَرناطة فوجم لها الموريسيكيون والنصارى معًا، وكلٌّ يخشى عواقبَها الوخيمة، وكان الموريسكيون يخشون أنْ يبطش النصارى بهم انتقامًا لِمُواطنيهم، وكان النصارى يخشون أنْ يزحف جيشُ الموريسكيين على غَرناطة فتسقُط المدينة في يدهم وعندئذٍ يحلُّ بهم النَّكال المُروِّع، بَيْدَ أنَّ الرواية القشتاليَّة تنصفُ هنا محمد بن أميَّة فتقول أنَّه لم يحرِّض على هذه المذابح ولم يُوافِق عليها، بل لقد ثارَ لها وعزَل نائبَه ابن فرجٍ عن القيادة، فنزل عنها راضيًا واندمج في صُفوف المجاهدين، وهنا يختفي ذكرُه، ولا يبدو على مسرح الحوادث بعدُ.

 

- 4 -

وكانت غَرناطةُ في أثناء ذلك ترتجفُ سخطًا ورَوْعًا، وكان حاكمها المركيز منديخار يتَّخذ الأُهبَةَ لقمع الثورة منذ الساعة الأولى، بَيْدَ أنَّه لم يكن يقدرُ مدَى الانفجار الحقيقي، فغصَّت غَرناطة بالجندِ، ووضَع الموريسكيون أهلَ البيازين تحتَ الرقابة رغم احتِجاجهم وتوكيدهم بأنَّهم لا علاقةَ لهم بالثائرين من مُواطِنيهم؛ وخرَج منديخار من غَرناطة بقُوَّاتِه في 2 يناير سنة 1569، تاركًا حكمَ المدينة لابنه الكونت تنديلاً، وعبَرَ جبل شلير (سييرا نفادا) وسارَ تَوًّا إلى أعماق البشرات حيثُ يحتشدُ جيش الثوار، وكان محمد بن أميَّة مُتحصِّنًا بقوَّاته في آكام بوكيرا الوعرة، وكان الموريسكيون رغمَ نقصِ مَوارِدهم وسِلاحهم قد حذقوا حربَ الجبال ومُفاجَآتها، فما كاد الإسبانُ يقتَرِبون منهم حتى انقضُّوا عليهم، ونشبتْ بين الفريقين معركةٌ عنيفةٌ، ارتدَّ الموريسكيون على أثرها إلى سُهول باترنا، وتخلَّفَ كثيرٌ منهم ولا سيَّما النساء، ففتك الإسبان بهم فتكًا ذريعًا، وحاوَل منديخار أنْ يتفاهَمَ مع الثائرين على العفو، وأنْ يخلدوا إلى السكينة، وبعَث إليهم بعضَ المسالمين من مواطنيهم، وكان محمد بن أميَّة يميلُ إلى الصُّلح والتفاهُم، ولكنَّ المتطرِّفين من أنصاره ولا سيَّما المتطوِّعين المغاربة رفضوا الصُّلح، فاستُؤنِفت المعارك، ورجحت كفَّة الإسبان وهزم الموريسكيون مرَّة أخرى، وفرَّ محمد بن أميَّة وأُسِرت أمُّه وزوجُه وأخواته؛ وأُصِيبَ الإسبانُ بهزيمةٍ شديدة في آكام (جواخاريس)، ولكنَّ الموريسكيين آثَرُوا الارتدادَ، وقتَلَ الإسبان من تخلَّفَ منهم أشنعَ قتلٍ، وكان ممَّن تخلَّفَ زعيمٌ باسل يُدعَى (الزمار) أسَرَه الإسبانُ مع ابنته الصَّغيرةِ وأرسَلُوه إلى غَرناطة حيث عُذِّبَ عذابًا وحشيًّا؛ إذ نُزِعَ لحمُه من عِظامه حيًّا، ثم مُزِّقَتْ أشلاؤه؛ وهكذا كانت أساليب الإسبان ومحاكم التحقيق إزاءَ العرب المتنصِّرين.

 

واختَفَى محمد بن أميَّة مُدَّةًفي منزلِ قريبِه (ابن عبو)، وكان من أنجاد الزُّعَماء أيضًا، وطارَدَه الإسبان دُون أنْ يظفروا به.

 

على أنَّ هذه الهزائم الأُولى لم تفلَّ عزمَ الموريسكيين؛ فقد احتشَدُوا في شرق البشرات في جموعٍ عظيمةٍ، وأخَذُوا يُهدِّدون المرية، فسارَ إليهم المركيز (لوس فيليس) على رأس جيشٍ آخَر، ووقعتْ بين الفريقين عِدَّةُ معارك شديدة قُتِلَ فيها كثيرٌ من الفريقين، ومُزِّقَ الموريسكيون، وفتَك الإسبان كعادَتِهم بالأسرى، وقتَلُوا النساء والأطفال قتلاً ذريعًا.

 

وقعَتْ في نفس الوقتِ في غَرناطة مذبحةٌ مُروِّعةٌ أخرى؛ فقد كان في سِجنها العام نحوُ مائةٍ وخمسين من أعيان الموريسكيين اعتُقِلوا رهينةً وكفالةً بالطاعة، فأذاعَ الإسبان أنَّ الموريسكيين سيُهاجِمون غَرناطة لإنقاذِ السُّجَناء بِمُؤازرة مُواطِنيهم في البيازين؛ وعلى ذلك صدَر الأمرُ بإعدام السُّجَناء فانقضَّ عليهم الجندُ وذبحوهم في مناظر مُروِّعة من السَّفك الأثيم.

 

وكان لهذا الحادثِ الأخير أثرُه في إذكاء نارِ الثورة، وكان نذيرًا للموريسكيين بأنَّ الموت في ساحة الحرب خيرُ مصيرٍ يلقون، فسرَى إليهم لهبُ الثورة بأشد من قبل، وطافَتْ بهم صيحةُ الانتقام؛ فانقضُّوا على الحاميات الإسبانيَّة المبعثرة في أنحاء البشرات، ومزَّقُوها تمزيقًا، وهزَمُوا قوَّةً إسبانيَّة تصدَّرت لقتالهم، واحتشدَتْ جموعهم مرَّةً أخرى تملأُ الهضاب والسهل، وعاد محمد بن أميَّة ثانيةً إلى تبوُّؤ عرشِه الخطر، والتَفَّ حولَه الموريسكيون أضعافَ ما كانوا، وبعَث أخاه عبدالله إلى القسطنطينيَّة يطلُب العونَ من سُلطانها، ولكنَّ سلاطين قسطنطينيَّة لم يلبُّوا ضَراعة الموريسكيين برغم تَكرارِها منذُ سُقوط غَرناطة، ولم يُلبِّها غيرُ إخوانهم المجاهِدين في إفريقيَّة، فقد استطاعت جموعٌ جريئةٌ مخاطَرَةً منهم أنْ تجوزَ الشواطئ الإسبانيَّة، ومنهم فرقةٌ من التُّرك المرتزقة، وأنْ تُهرَع إلى نُصرة المنكوبين.

 

وهكذا عاد النِّضالُ إلى أشُدِّه، وخشي الإسبان من احتِشاد الموريسكيين في البيازين ضاحية غَرناطة، فصدَر قرارٌ بتشريدِهم في بعض الأنحاء الشماليَّة، وكانت مأساةً جديدة مُزِّقَتْ فيها هذه الأسر التعسة، وفُرِّقَ فيها بين الآباء والأبناء، والأزواج والزوجات، في مَناظر مُؤثِّرة تذيبُ القلب، وسارَ المركيز لوس فيليس في نفسِ الوقت إلى مُقاتَلة الموريسكيين في سُهول المنصورة على مقربةٍ من أراضي مرسية، ونشبَتْ بينه وبينهم عِدَّةُ وقائع غير حاسمةٍ، ولم يستطعْ متابعةَ القتال لنقصٍ في الأُهبَةِ والمُؤَنِ، وكان بينَه وبين زميله منديخار خصومةٌ ومنافسةٌ كانتا سببًا في اضطراب الخُطَطِ المشتركة، واتُّهِم منديخار بالعطف على الموريسكيين؛ فاستُدعِي إلى مدريد، وأُقِيل من القيادة، واتَّخذت مدريد خطوتها الجديدة الحاسمة في هذا الصِّراع الذي لا رحمةَ فيه ولا هَوادة.

 

(للبحث بقيَّة)



[*] ننشر هذه المقالات لتميزها من الناحية التاريخية، ولكونها مقالات قديمة نرغب في إعادة إظهارها على شبكة الإنترنت، مع التنبيه على أن كاتبها المؤرخ (محمد عبدالله عنان) هو أحد مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري، فليتنبه القارئ إذا رأى له ما يخالف منهج المسلم الصحيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصراع الأخير بين الموريسكيين وإسبانيا (1/3)
  • الصراع الأخير بين الموريسكيين وإسبانيا (3/ 3)
  • الإسلام والمسلمون في إسبانيا
  • الموريسكولوجيا والامتحان الصعب
  • الفارس الأخير

مختارات من الشبكة

  • تفسير سورة القصص: قصة الصراع بين الخير والشر أو الصراع بين الحق والباطل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إسبانيا: استمرار الصراع بين المسلمين والنصارى على مسجد قرطبة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • العام الهجري الجديد عام تجديد أم تبديد؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • عجائب القدر في الصراع بين البشر(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الصراع بين الحق والباطل: سنة حاصلة وماضية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخلاصة والنتيجة من كتاب صدام الثنائيات افتعال الصراع بين الملتقيات(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • فن إدارة الصراع بين الزوجين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إلى من يتوهم الصراع بين العقل والنقل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • القرصنة البحرية كظاهرة بين الصراع والتقارب العربي الأوروبي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صدام الثنائيات: افتعال الصراع بين الملتقيات (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب