المصارف الإسلامية واقع وآفاق للتطوير

جابر شعيب الإسماعيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/10/2008 ميلادي - 4/10/1429 هجري

الزيارات: 16706

أدركت الأمة الإسلاميَّة في الوقت الرَّاهن ضرورة مواجهة كافَّة التحديَّات الاقتصادية، المُنتشرة في عصر العَوْلمة، وعصر التكتُّلات العملاقة الموَزَّعة في كافة أنحاء العالم.

لذلك كان لابدَّ من خيار تطوير ورفع مستوى المصارف الإسلامية؛ لما لَهَا من دور كبير في تنشيط عمليَّات الاستثمار، وتحويل القُوَّة البشرية إلى قُوًى فعالة ومنتجة في مجتمعٍ بحاجة إلى تمويلٍ؛ لإحداث التنمية الزراعية أو الصناعية، أو للقيام بنهضة تجارية عملاقة، وأيضًا لما للمصارف الإسلامية من مَيْزة بقاء أموال المسلمين أو غيرهم في أيدٍ أمينة، والحرص على عدم تصديرها للخارج، والواقع يُشير مُؤخَّرًا إلى أنَّه بفضل الله - تعالى - شَهِدت السَّاحة المصرفية الإقليميَّة تطورًا هائلاً في تقديم العمليات المصرفية الإسلاميَّة، سواء في إنشاء مصارف إسلامية جديدة أم تَحوُّل مصارف تقليدية رِبَوِيَّة إلى النوذج الإسلامي.

وفي إحصائية عام 2004 بَلَغَ عدد المصارف الإسلامية 217 مصرفًا إسلاميًّا، مُوزعة على 48 دولة، بِحَجْم أصول بلغت 261 مليار دولار.

ويشير الدكتور/ محمد عمر شابرَا إلى أنَّ شعبيَّة المصارف الإسلامية مستمرة في النُّمو، وعدد المُودِعين فيها يزداد بسرعة، وقد كانت هذه المصارف في الخمسينيَّات والستينيَّات من القرن العشرين مُجرد حلم أكاديمي؛ فلم يعرفها إلاَّ القليلون، أمَّا الآن فإنه يكاد لا يوجد مُسلم في مدينة من المُدن لا يعرف عنها؛ فقد صارت أحدَ أكثر الموضوعات شعبيَّة للنقاش في تَجَمُّعات المثقفين وأصحاب الاختصاص.

ويمكن القول: إنَّ أهم عامل ساهم في هذا الانتشار السريع للمصارف الإسلاميَّة كان التزامها الحقيقي بالضوابط الشرعيَّة في جميع معاملاتها، وكذلك المرونة التي تتَّسم بها صيغ وأدوات التمويل الإسلاميَّة، أمام هذه النَّشأة السريعة والتطور الكبير الحاصل في انتشار تلك المصارف، لكنها لا تزال في طفولتها، وتعاني من عدد من المشكلات الحقيقيَّة، التي تحتاج إلى رعاية من أصحاب الشَّأْن الاقتصادي والإسلامي بشكل عامٍّ؛ وذلك لوضع إستراتيجيَّة مُتكاملة لتطوير وضمان العمل المصرفي الإسلامي في جوٍّ من التفاؤل والأمل؛ ولذلك نَوَدُّ أنْ نُشير إلى عدد من المشاكل التي تقف أمام انتشار وتطوير عمل المصارف الإسلامية:

1- غياب المنتجات المُنَمَّطة: مِمَّا يضطر كل مصرف لأَنْ تكون له هيئة شرعيَّة، وللأسف تَجَاوزت بعض المصارف في أنَّها باشرت التعاملات الإسلامية من دون هيئة شرعيَّة؛ مما أدَّى إلى إساءة استخدام صيغ التمويل الإسلامي، وهنا لا بُدَّ من تدخل المصارف المركزية أو الهيئة الشرعية الموكلة بهذا الأمر.

2- ضعف عمليات المصرف الإسلامي: وهذا نتيجة بدَهِيَّة؛ لصغر عدد المصارف الإسلامية، مقارنة بالمصارف التقليدية الرِبَويَّة الضخمة المنتشرة في أغلب البُلدان العربية والإسلامية، وإنَّ صغر العمليات المصرفية يطرح مُشكلات كثيرة، منها: العجز في تحقيق وفورات الحجم، وعدم إمكانيَّة التنويع والتوسع في مَحافظها الاستثمارية، وغيرها من المشكلات المرتبطة بدراسة السوق، والتطوير التكنولوجي، ومنح الائتمان، وكسب ثِقَة الزبائن.

3- شراكة نظرية في المصارف الإسلامية: إنَّ المُودِعين في تلك المصارف ليس لهم تمثيل في مجلس الإدارة، أو في اجتماعات المساهمين، مع أنَّهم يعتبرون شركاء في الرِّبح والخسارة؛ مما يدفعهم لأَنْ لا يُفرِّقوا أحيانًا بين المصرف الإسلامي والمصرف التقليدي.

4- تعبئة الموارد واستخداماتها: لقد تعاملت أغلب المصارف الإسلامية تعاملاً مغايرًا لما عَزَمَت عليه، وخصوصًا من جانب المدخلات التي تعاملت في الغالب على مُعاملة الحسابات الجارية في حقِّ السحب؛ فتحولت بذلك المصارف الإسلامية إلى صورة شبيهة بالمصارف التقليدية.

ولذلك لابدَّ من توجيه استثمارات المصارف الإسلامية لما يُلَبِّي آفاق العمل المصرفي الإسلامي في:

1- إعادة الثقة في العمل المصرفي الإسلامي كعمل رائد في مَجال المصارف والبنوك.

2- تنمية الثروة البشرية والأخذ بيدها نحو مشاريع ناجحة.

3- المساهمة في تحقيق التَّنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدُّول الإسلامية.

4- اعتماد أعضاء الهيْئَة الشرعيَّة من أصحاب الكفاءات والاختصاص في علم الاقتصاد الإسلامي.

5- المساهمة في إنهاء التبعية بكافة أشكالها للدول الكبرى غير الإسلامية.

6- الاهتمام بالخبرات العلمية ومراكز البحوث والدخول في مَجال الاستثمارات.

7- العمل على استقطاب الأموال المكتنزة من قبل الأشخاص؛ لإيداعها بصيغة شرعية تُرضي الأطراف.

8- رفع مستوى الادِّخار بالمجتمع والاهتمام بصغار المُدَّخرين.

9- المساهمة في الحدِّ من انتشار التَّضخُّم في الدول الإسلامية.

10- تنشيط الأسواق المالية الإسلامية وزيادة فعاليتها.

11- الاهتمام بنشر ثَقَافة الصِّناعات الصَّغيرة، وتمويلها بصيغة معيَّنة.

ويبقى مَطلَبُنا أكبر من كل ذلك، وهو التَّطْبيق السليم للشَّريعة الإسلامية؛ لأنَّها بلا شَك ستعود تلقائيًّا بالخير والنفع للفرد المستثمر ولصالح المجتمع.

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي