رحيل الخبير التربوي المصـنِّف محمد عدنان السَّبيعي

رحيل الخبير التربوي المصـنِّف

محمد عدنان السَّبيعي[1]

(1344- 1432هـ/ 1925- 2011م)

كتبها: أيمـن بن أحمد ذوالغـنى

ما زلنا نفقد كل حين علمًا من أعلام أمَّتنا الذين أناروا بسِيَرهم وعطائهم دروبَ حياتنا، وقدَّموا لنا صورًا مشرقةً للإخلاص وقد تمثَّل رجلاً منتصبًا يمشي على الأرض، لا كسائر من يمشي عليها؛ لأن هذا الصنفَ من الرجال إنما قُدَّ من ذهب إبريز، لا تزيده الأيام إلا نفاسةً وبريقًا! وما كانوا ليتبوَّؤا هذه المنازلَ الرفيعة لولا أنهم أدَّوا الأمانة التي ائتُمنوها حقَّ الأداء، ولم يتوانَوا في العطاء، في السرَّاء والضرَّاء، صَدَقوا ربَّهم فيما جعلهم فيه وهيَّأهم له فصَدَقهم الله، وأعلى شأنهم ورفع ذكرَهم..

ومن الأعلام الذين فقدناهم بأخَرَة، ومَضَوا بسكينة وهدوء، دون أن ينالوا أقلَّ القليل من حقِّهم علينا: أحدُ أعمدة التربية المعاصرين، ورجال علم النفس المعدودين، أستاذُنا القدير الفاضل محمد عدنان السَّبيعي[2] تغمَّده ربُّنا برحماته، وعوَّض أمتنا بفقده خيرًا.

ودونكم ترجمةً موجزة لفقيدنا الغالي:

هو: محمَّد عدنان بن عمر بن عبد الرَّحيم السَّبِيعي، أبو إياد، ولد بدمشق سنة (1344هـ/ 1925م): من أعلام التربويين العرب، وكبار المتخصِّصين بعلم النفس، كاتب مصنِّف، وأستاذ جامعي، فاضل صالح، من أولي الهمَّة والعزيمة، ليِّن العريكة، جمُّ التواضع.

أتمَّ دراسته الجامعيَّة بامتياز في قسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًّا) سنة 1948م، وتولَّى تدريسَ علم النفس والتربية في دور المعلِّمين بدمشق من سنة 1951 إلى 1953م، ثم كلِّف العملَ في الهيئة الفنِّية التشريعيَّة والقانونيَّة بوزارة المعارف السورية إلى سنة 1964م.

وعيِّن محاضرًا في علم النفس بكليَّة الآداب في جامعة دمشق، والمعهد العالي للفنون المسرحيَّة، والمعهد العالي للفنون الجميلة سنة 1961م، وفي المعهد العالي للعلوم الماليَّة والتجارية في السنة التالية. ثم أُعير إلى جامعة الملك سعود في الرياض مدرِّسًا لعلمَي النفس والاجتماع من 1964 إلى 1968م.

واختير أمينَ سرِّ جمعيَّة المعهد العربيِّ الإسلاميِّ بدمشق من 1974 إلى 1985م.

وشغل وظيفةَ أستاذ للتربية وعلم النفس في كليَّة الدعوة الإسلاميَّة الليبيَّة، فرع دمشق (مجمَّع أبو النور/ أحمد كفتارو) من 1984 إلى 1995م.

وفي سنة 2001م انتُدب أمينًا لسرِّ جمعيَّة دور النعيم للأيتام بسوريا.

ورأس قسم علم النفس والصحَّة النفسيَّة في هيئة الموسوعة العربيَّة الكبرى بدمشق.

شارك في عدد كبير من المؤتمرات والندوات، منها: المؤتمر العربيُّ الأول للتعليم في القاهرة 1950م، والمؤتمر العربيُّ الثاني في بيروت 1959م، ومؤتمر التعليم الإسلاميِّ الأول في مكة 1979م، ومؤتمر بحث مشكلات الشباب النفسيَّة في العالم العربيِّ بدمشق 1986م، وندوة الإيدز، برعاية وزارة الصحَّة السعودية، في أبها 1995م. ومثَّل سوريا في مؤتمر التعليم الثانويِّ في البلاد العربيَّة، الذي عُقد في الجامعة الأمريكيَّة ببيروت 1960م، وندوة الأسرة الحكيمة في القاهرة 1970م.

واستُضيف أيضًا في ندَوات تلفازية كثيرة، ونشَر عشرات المقالات في الصُّحف والمجلات.

بلغت كتبه وآثاره المطبوعة بين تأليف وترجمة زُهاء خمسة وستين كتابًا، منها:

(في الإنشاء الفلسفي)، و(الموجَز في علم النفس)، و(الموجَز في سيكولوجيَّة الأطفال) بالاشتراك مع جميل محفوظ، و(نظريات الالتزام الأخلاقي)، و(الموجَز في المنطق)، و(الموجَز في فلسفة القِيَم)، و(علم النفس العام) فاز بالمرتبة الأولى في مسابقة الكتب المدرسيَّة بالقاهرة ودمشق زمن الوَحدة، و(علم دراسة المجتمع في سوريا)، و(علم دراسة المجتمع في الوطن العربي)، و(دليل المعلِّم إلى أصول التعليم)، و(في سيكولوجيَّة المرأة والحمل)، و(من أجل أطفالنا)، و(الإيدز يهدِّد العالم)[3]، و(الشعور واللاشعور في المنظور القرآني)، و(الأصول التربوية لتعليم اللغة العربيَّة والعلوم الإسلاميَّة)، و(المدخل إلى علم النفس الإسلامي)، و(سنُريهم آياتنا)، و(النموُّ ومراحله)، و(الإحساس الجماليّ والطفل العبقريّ)، و(نموُّ الحبِّ والمحبَّة)، و(نموُّ اللغة والمعرفة)، و(الصحَّة النفسيَّة للجنين)[4]، و(الصحَّة النفسيَّة للمولود والرضيع)، و(الصحَّة النفسيَّة لأطفال الحَضانة والروضة)، و(الصحَّة النفسيَّة لأطفال المدرسة الابتدائيَّة)، و(الصحَّة النفسيَّة للمراهقين والشباب)، و(الصحَّة النفسيَّة للمرأة والأم)، و(عُقدة النقص)، و(الانفعالات الهجوميَّة: الغضَب، العُدوان، الجُنوح)، و(الانفعالات الانسحابيَّة: الغَيرة، الحسَد، الخجَل)، و(الانفعالات ذات التأثير السالب: الشدَّة، الانطواء، السَّرقة، الكذب)، و(النوم بغير قلق)، و(معاقون وليسوا عاجزين)، و(الموجَز في علم النفس وتطبيقاته)، و(فطرة الله في خلقه)، و(سلامة قلبك يا صديقي)، و(بين العقل والشَّرع)، و(الحبُّ في الإسلام)، و(أخلاق الإسلام بين الفطرة والفكرة)، و(مباهج الحكمة والطُّرَف).

ومما ترجمه عن الفرنسيَّة: (علم الاجتماع التجريبي) لـ P.Descamp، و(سيكولوجيَّة أسير حرب) لـ J.Gazeneuve، و(علِّموا أولادكم القِيَم) لـ Richardire، و(قلبك بين الشدَّة والحمية) لـ Dean Ornish، و(الحبُّ والطبُّ والمعجزات) لـ B.Siegel، و(يوم العيد) قصَّة للأديب Chekov.

حصل على الجنسيَّة الأمريكيَّة.

وفي السنيَّات الأخيرة أنهك المرضُ جسدَه، وأضعفه وحطَّ من همَّته، إلى أن وافته المنيَّة في السادس من ذي القعدة 1432هـ (3/ 10/ 2011م)، غفر الله له ورحمه وجعله في المهديِّين.

خاله: السيِّد عبدالرؤوف الكسم، ولد سنة (1351هـ/ 1932م): رئيس وزراء سوريا سابقًا.

وزوجته: الأستاذة المربية الفاضلة الأديبة والشاعرة رباب الشهبندر[5]، ولدت سنة (1351هـ/ 1933م).

وأولاده:

إياد بن محمد عدنان، ولد سنة (1370هـ/ 1951م): طبيب مستشار في الأمراض الهضميَّة والداخليَّة، درس الطبَّ في جامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكيَّة، وحصل على شهادتَي (بورد) أمريكي، يعمل في مستشفى عرفان بجُدَّة منذ سنة 1987م. زوجته من آل أبو شعر في الميدان.

وجواد بن محمد عدنان، ولد سنة (1375هـ/ 1956م): معاون مهندس، ومِفَنٌّ مبدع، خطَّاط ورسَّام، برَعَ في تصميم أغلفة الكتب. تخرَّج في المعهد المتوسِّط الهندسي متخصِّصًا بالرسم الهندسي، وعمل سنوات في مركز البحوث والدِّراسات بدمشق. زوجته من أسرة العلاف الدمشقيَّة.

ونِجاد بن محمد عدنان، ولد سنة (1379هـ/ 1960م): دكتور بالهندسة المدنيَّة، درس في جامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكيَّة، يعمل مديرًا لدائرة محاربة الفقر في البنك الإسلاميِّ للتنمية بجُدَّة، منذ سنة 1992م. زوجته من آل الطبَّاع بدمشق.

وليلى بنت محمد عدنان، ولدت سنة (1386هـ/ 1966م): تزوَّجها صغيرةً الحافظُ المقرئ الصَّيدلاني الشيخ محمد طه بن محمد سكَّر (الرفاعي).

نموذج لخطِّ الأستاذ من إهداء كتبه لصاحب الترجمة، والتأريخ بخطِّ زوجته

خطُّ الأستاذ من مُسوَّدة مقالة له قديمة