• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

علامة البوسنة محمد بن محمد الخانجي (خانجيتش) البوسنوي

علامة البوسنة محمد خانجيتش البوسنوي رحمه الله
محمد زياد التكلة


تاريخ الإضافة: 13/10/2011 ميلادي - 15/11/1432 هجري

الزيارات: 22957

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علامة البُوسْنة

محمد بن محمد الخانْجي (خانجيتش) البُوسْنَوي الأَثَري رحمه الله تعالى

(1323-1363)

هو عالم البوسنة، ونابغتها، ومحدِّثها، وأحد المجدِّدين لرسوم الشريعة والتاريخ الإسلامي وتراثه فيها.

ومولده في 22 ذي الحجة 1323 (يوافقه 16/2/1906م) في مدينة سَراي (سَراييفو) عاصمة البُوسْنة.

 

اسمه ونسبه[1]:

هو محمد بن محمد (1296 تقريباً-كان حيا سنة 1352) بن محمد (1235 تقريباً-1315) بن صالح (ت1269) بن محمد (ت1230) بن صالح بن محمد (ت1171) بن صالح الخانْجي البُوسْنَوي.

 

وأمُّه فاطمة بنت الحاج صالح آغا صوجوفا (كانت حية سنة 1352).

 

وهو من أسرة اشتغل غالبها بدبغ الجلود والتجارة فيها.

 

الحقبة التي عاش فيها:

عاش المترجم في الحقبة العصيبة لبلاد البوسنة، حيث سُلخت عن الحكم العثماني المسلم في مؤتمر برلين سنة 1295، بعد حكمهم لأكثر من أربعة قرون، وضُمّت للإمبراطورية النمساوية، واضطُهد المسلمون، فهاجر كثيرٌ منهم، ثم ثاروا بقيادة علي فهمي جانيتش سنة 1318 فحصلوا على الحكم الذاتي، ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى، وفي سنة 1336 انتقلت البوسنة للحكم اليوغوسلافي، وألغيت قوانين الحكم الذاتي لإدارة الشؤون الإسلامية، وتعرض المسلمون لإرهاب العصابات الصربية والكراوتية، ولا سيما أثناء الحرب العالمية الثانية - التي توفي المترجم في أواخرها - ودمّرت الكثير من المساجد والمدارس الإسلامية، وقُتل عشرات الآلاف، وأُعدم واعتقل كثير من المشايخ والزعماء المسلمين، وكان من الواضح أن القصد استئصال الإسلام وأهله من هذا الإقليم في أوروبا، في أحداث دامية تكررت وتفرج عليها العالم من سنوات قريبة[2].

 

فعاش المترجم في هذه الحقبة المليئة بالتحديات والنكبات على بلاده خاصة، وعلى المسلمين عامة.

 

طلبه للعلم ومشايخه ورحلته:

نشأ المترجم منذ صغره في المدارس الشرعية التي تدرّس العربية في سراييفو، وقيّد ذلك في كتابه الحاوي (1/88)، فقال: «ذِكْرُ بعض المعلمين والمدرسين الذين تعلمت منهم العلوم الدينية والعربية، قيدتُ أساميهم ههنا خوفاً من النسيان:

فأولاً: دخلت في المكتب الابتدائي ومكثت فيه ثلاث سنين، وكان المعلم في السنة الأولى يوسف أفندي أماموويج، وفي السنة الثانية محمد أفندي رحمه الله، وفي السنة الثالثة عارف أفندي رحمه الله، وكان معلم حُسْن الخط العربي في السنة الثالثة: حافظ سليمان أفندي جوجاق.

 

ثم انتقلت إلى المدرسة الأولية «أو سنوونا شقولا» وكان معلم العلوم الدينية فيها محمد أفندي حاجي ياما قرويج، وعليه قرأت من العلوم العربية الصرف، قرأت فيه الأمثلة المختلفة، والبناء، وشيئاً من المقصود، وعليه قرأت شيئاً من قواعد اللغة التركية، وكان معه مدة قصيرة حافظ جعفر أفندي قوله نوويج رحمه الله تعالى، وكان غيرهما أيضاً؛ مكثوا مدة يسيرة لاضطراب الأمور بسبب الحرب العمومية، ومكثت في هذه المدرسة ثلاث سنين، وهي أربع سنين؛ لكن تحصلت على شهادة سنتين في ظرف سنة واحدة، والحمد لله تعالى.

 

ثم انتقلتُ إلى المدرسة الثانوية المسماة «بشريعتسقا غيمنازيا» وذلك في السنة التي تأسست فيها تلك المدرسة، ومكثت فيها ثماني سنوات، وكان معلم العلوم العربية في السنة الأولى صالح أفندي مفتيج، ثم في السنين الباقية دكتور شاكر أفندي سيقيريج، وكان معلم العلوم الدينية فيها محمد أفندي باشيج، قرأت عليه الفقه، والعقائد، والكلام، وتاريخ الإسلام، وغير ذلك من العلوم الدينية».

 

وفي أواخر ربيع الأول سنة 1345 سافر المترجم إلى مصر للاستزادة من العلم الشرعي، فانطلق من سراي لستٍّ بقين منه إلى ميناء عاصمة اليونان، ومنها ركب البحر غرة ربيع الآخر إلى الاسكندرية، ووصلها يوم الثلاثاء رابع ربيع الآخر، وبات بها ليلة، ثم انطلق عبر القطار إلى القاهرة، ووصلها عصر الأربعاء[3].

 

يقول المترجم مواصلاً كلامه السابق:

«ثم يسر مسهّل الصعاب وميسر الأسباب الرحلة إلى مصر إلى الأزهر المعمور، فأخذتُ فيه عن عدة من المشايخ، منهم:

الشيخ علي شائب، قرأت عليه من الدر المختار، ومن مختصر البخاري للزَّبيدي.

والشيخ علي أبو ذرة، قرأت عليه من تفسير النَّسَفي.

والشيخ علي محفوظ[4]، قرأت عليه من تفسير النسفي أيضاً، ولازمت وعظه وخطبه في المساجد يوم الجمعة.

والشيخ محمد العِزَبيّ، قرأت عليه نصف شرح الجوهرة في التوحيد.

والشيخ محمد أبو سلامة قرأت عليه من مختصر السعد التَّفْتازاني في علوم البلاغة.

والشيخ مُعَوَّض السَّخاوي، قرأت عليه من الدُّر المختار في الفقه الحنفي.

والشيخ حسن جبريل قرأت عليه شرح الجوهر المكنون في علوم البلاغة، ونصف شرح الملّوي على السلّم في المنطق.

والشيخ الحلبي، وكان كبير السن، قرأت عليه قطعة من صحيح مسلم.

والشيخ محمد حبيب الله الشَّنْقيطي، صاحب التآليف الجمة، قرأتُ عليه قطعة من تأليفه زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم.

والشيخ عبدالعزيز مكي قرأت عليه من الإحكام للآمدي في أصول الفقه.

والشيخ حسنين مخلوف قرأت عليه من شرح المحلّي على جمع الجوامع في الأصول.

والشيخ العَشْري خطيب جامع الرفاعي قرأت عليه من تفسير الجلالين.

والشيخ سيد علي المرصفي قرأت عليه من الأدب شرحه على الكامل للمبرّد المسمى رغبة الآمل رحمه الله[5].

[وقرأت في مصر على الشيخ محمد سالم من شرح المحليّ على جمع الجوامع في أصول الفقه] [6].

 

وغيرهم ممن لم يحضرني الآن أسماؤهم، أو حضرني اسمهم ولكن لم أقرأ عليهم مدة طويلة، وكان مدة مكثي في الأزهر الشريف خمس سنين إلا أشهراً قلائل».

 

وتخرج المترجم منه حاصلاً على شهادة العالمية.

 

وكانت له صلات علمية مع أهل العلم والدعوة خارج نطاق الدراسة، فكانت له صحبة واستفادة مع الشيخ عبد الله بن علي آل يابس النجدي، وكانت له صلة بمحب الدين الخطيب، ومن شيوخه هناك مصطفى القاياتي المتوفى سنة 1346، قرأ عليه، واستنسخ من مكتبته، ذكره في أخبار مصر (81)، وأيضاً كان يحضر مجالس الشيخ مصطفى صبري، كما ذكر زميله مجاهد في سيرته (127)، وذكر أنه كان كثير التزاور مع زميله المترجم، وأفاد أن مسكنه كان في تكية محمد بك أبو الذهب بالأزهر.

 

وبعد تخرجه أدى فريضة الحج مع والده سنة 1350، والتقى بعدد من علماء الآفاق هناك، وأفاد منهم، ثم رجع لبلاده، ودوّن رحلته بكتاب مستقل[7].

 

وفي مصر توسعت مداركه، وكان كثير المطالعة في مكتباتها للمطبوع والمخطوط، وابتدأ التصنيف والتحقيق وهو ما يزال طالباً يدرس، وعُرف بين شيوخه وزملائه بعنايته بالحديث الشريف.

 

وله كلام في مقدمة الجوهر الأسنى (68-69 العلمية) ينعى فيه على الأزهر تغيّره وضعفه، وكون أكثر دروسه تستغرقها أبحاث لا طائل تحتها، لا تنفع في الدنيا ولا في الأخرى، ويُهمل فيها ما له منافع جليلة وفوائد ثمينة، وإهمال الطلبة الغرباء، وإثقال كواهلهم بالقيود والشروط.

 

العودة إلى البوسنة:

رجع المترجم إلى بلده حاملاً معه علماً وافراً، وهمّة وعزيمة عظيمتين في خدمة الإسلام وحمل رسالته، ومكتبة نفيسة، وهناك باشر التدريس لعدد من العلوم الشرعية في مدرسة الغازي خسرو بك في سراي (سراييفو)، وهي كبرى المدارس الشرعية في البلاد، وذلك منذ رجوعه سنة 1350 إلى 1356، ثم صار مديراً لمكتبة الغازي خسرو بيك حتى أواخر سنة 1358، وقد اعتنى بتطويرها، وجلب إليها وأضاف الكثير إلى أن صارت من أهم مكتبات المخطوطات الإسلامية، ونسخ مخطوطات كثيرة بيده.

 

ثم عاد للتدريس في المعهد الشرعي العالي بسراي، إلى أن توفي رحمه الله.

 

وكان رحمه الله يدرّس ويعظ محتسباً، ويردُّ ما يأتيه من مال مقابل ذلك، ويأتي النقل من كلام المترجم.

 

وعدا ذلك كان رحمه الله نشيطاً في الوعظ والإرشاد، والكتابة، والإفتاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فخلَّف تراثاً جليلاً وأثراً ملموساً رغم قصر عمره، ومنه تأسيسه لمجلة الهداية، وكتب فيها مقالات قيمة، وكان من أبرز أعضاء جمعية العلماء المسلمين التي حملت نفس الاسم.

 

وكان أسس أيضاً مع زميله الشيخ قاسم دوبراجا[8] حركة الشبان المسلمين، فاضطهدا لأجلها، وسُجن الشيخ قاسم عدة سنوات.

 

وفاته:

احتاج المترجم لعملية جراحية بسيطة لاستئصال الزائدة الدودية، وتوفي أثناءها فجأة، سابع شعبان سنة 1363 يوافقه 29 تموز سنة 1944م، عن تسع وثلاثين سنة وبضعة أشهر، ويرجّح عددٌ من مترجميه أنه دُبِّر مقتله أثناء العملية، لإخماد مساعيه البارزة في نهضة بلاده الدينية، ومناهضته الصريحة لاتجاهات مختلفة كانت كلها ذات قوة، من الشيوعية، والصليبية، والتغريب، والخرافة، رحمه الله وأحسن مثواه.

 

من آثاره:

قال أحمد بن عبد الكريم نجيب في رسالته: «أما آثاره العلمية التي خلفها فتشتمل على نحو ثلاثمئة مقال، صدر أولها سنة 1346هـ/1927م، وعشرات الرسائل والكتب، أحصاها بعضهم فبلغت ثلاثة وأربعين مصنفاً بين كتاب ورسالة».

 

قلت: منها بالعربية:

1) الجوهر الأسنى في تراجم علماء وشعراء بوسنة، طبع الطبعة الأولى في مصر سنة 1349، وطبع بعد ذلك مراراً، آخرها بمؤسسة البابطين الشعرية، والكتاب حوى مقدمة علمية مهمة عن بلاده، وكَتَبَتْ عنه مجلة الفتح القاهرية تعريفاً وثناءً في العدد 259 يوم الخميس 30 صفر 1350.

2) حياة الأنبياء صلوات الله عليهم بعد وفاتهم، للإمام البيهقي، حققه وعلّق عليه شرحاً لطيفاً وتخريجاً موجزاً، وألحق بآخرها فتوى البارزي في الموضوع، طبع الطبعة الأولى في مكتبة المعاهد العلمية بالقاهرة سنة 1349.

3) الكلم الطيب لابن تيمية، تحقيق وتخريج وتعليقات موجزة، طبع في مطبعة التضامن الأخوي في القاهرة، على نفقة المكتبة القيمة في بومبي بالهند، لصاحبها شرف الدين الكتبي وأولاده، طبع سنة 1349 أيضاً.

4) شرح تيسير الوصول إلى جامع الأصول لابن الديبع، قال أحمد بن عبد الكريم نجيب في رسالته: «وهو شرح ناقص يقع في مجلدين، وقد وصل إلى الفصل الثالث في بيع الثمار والزروع من الباب الثاني، ثم توقف رحمه الله». قلت: وقد أحال المترجم عليه في حاشيته على الكلم الطيب (ص87) عن أحاديث تغيير الأسماء المكروهة إلى أسماء حسنة، قائلا: «قد خرّجنا أحاديث ذلك وبينّاها بأتم بيان في شرحنا على تيسير الوصول، وهذا المختصر لا يحتمل التطويل بذلك». وأخبرني الشيخ صباح الدين السلماني البوسنوي أن الكتاب يحقق في أربع رسائل جامعية في جامعة الجنان بلبنان.

5) الحاوي للرسائل والإجازات والمهمات والفتاوي: مجلدان بخطه، ضمّنه عدة رسائل صغار من تأليفه.

6) الخمسون حديثاً التي عليها مدار الإسلام، وهي الأربعون النووية وتتمتها لابن رجب، علّق عليها شرحاً لطيفاً.

7) الحق الصحيح في إثبات نزول المسيح، استدل عليه من الكتاب والسنة والإجماع، وعلمتُ أن الدكتورة فوزية الشايع من الكويت تعمل على تحقيقه.

8) صافي المرهم الشافي لقلب من يدعي موت عيسى بن مريم، ألّفه في القاهرة سنة 1348.

9) بيان الأمناء في حكم الاستمناء، ألّفه في القاهرة سنة 1347، ثم زاد عليها في سراي البوسنة سنة 1351، وعلمتُ أن أحد المشايخ الفضلاء من الكويت يقوم بتحقيقه.

10) الذيل على جزء المنحة في السبحة للسيوطي.

11) قصيدة رائية في مدح الغازي خسرو بك، مع شرح ألفاظها.

ساق الرسائل الخمس السابقة في الأول من كتابه الحاوي.

12) الكلام على حديث المجددين.

13) الأحاديث النبوية التي نظمها الشعراء.

14) بغية الطلب في تصليح الأسنان وتلبيسها بالذهب، نَصَر فيه جوازه، وأنه لا يؤثر على صحة الطهارة، كتبه سنة 1350، وأخبرني الشيخ الفاضل محمد بن ناصر العجمي أن الشيخ الدكتور عبد الرؤوف الكمالي فرغ من تحقيقه.

15) فضائل الصحابة وما يجب علينا في حقهم رضي الله عنهم، ألفها في القاهرة سنة 1346، ثم زاد عليها ونقحها أوائل المحرم سنة 1356 في سراي، وقمتُ بتحقيقه.

ساق الرسائل الأربع في المجلد الثاني من الحاوي.

16) إظهار البهاجة بشرح سنن ابن ماجه، لم يكمل كتاب الطهارة من الأصل، مسودته في 60 ورقة بخطه، وصل فيه إلى «باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب له»، وفيه عناية بالتصحيح والتضعيف، ومن أميز ما فيه شرحُه لكتاب السنّة من الكتاب، وأخبرني الشيخ صباح الدين السلماني البوسنوي أنه يحقق في رسالة جامعية بدار الجنان.

17) له حواشٍ وتتمات وتعليقات كثيرة بخطه على نسخة خطية عتيقة من مشارق الأنوار للقاضي عياض، ذكره والذي قبله أحمد بن عبد الكريم نجيب في رسالته.

18) من أخبار مصر وأخبارها: حققه وطبعه مؤخراً د. محمد موفق الأرناؤوط وأمين يوسف عودة، في دار الحصاد بدمشق، قال المؤلف آخره: «هذا ما سوده الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد الخانجي من تأليفه هذا، ولم يتم منه إلا ما هو موجود ههنا، وكان الغرض إحراقه، فتُرك على عيوبه، والله المسؤول أن يُلقي ستره الجميل علينا وعلى جميع المسلمين، آمين».

19) ذيل كشف الظنون في أسامي الكتب والفنون، بخطه الدقيق في المكتبة الخسروية، أتم منه المجلد الأول في 190 ورقة، وأوصل العناوين فيه إلى 4110 عنواناً، وكتب على غلافه: «وهو بعد ترتيبه داخلٌ إن شاء الله تعالى في كتابي الكبير المسمى بمجمع البحار في تاريخ العلوم والأسفار»، وفيه فوائد نفيسة، وكتب عنه الدكتور محمود السيد الدغيم مقالاً بجريدة الحياة، العدد 16250 في 19 رمضان 1428، وعلمتُ أن الأستاذ الفاضل محمد خير رمضان يوسف عازمٌ على تحقيقه.

21) تفسير آيات الأحكام في سورة النساء، ذكره الدغيم في مقاله السابق.

 

ومنها باللغة البوسنية:

22) نظام العلماء إلى خاتم الأنبياء، قال في الحاوي (2/18): وقد ترجمنا هذا الكتاب إلى اللغة البوسنوية، وعلقنا عليه تعليقا حسنا، ثم طبعناه ونشرناه.

23) السنة في شرح الأربعين النووية وترجمتها إلى اللغة البوسنوية، وقد طبع هذا الكتاب في سراييفو سنة 1388 (يوافقها 1968م)، بعد أن نشره على حلقات في مجلة الحكمة.

24) مقدمة الحديث، و هو كتاب في مصطلح الحديث و المسائل المتعلقة به، و هو أحد أهم مراجع مادة الحديث النبوي وعلومه في المدارس الإسلامية بالبوسنة، و قد طبع مع:

25) مقدمة التفسير: لنفس المؤلف عدة مرات، أولاها في سراييفو سنة 1356، ذكر الرسائل الثلاثة أحمد بن عبد الكريم نجيب.

26) محاضرات في أصول الفقه.

27) ترجمة حياة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلك، لشبلي النعماني الهندي.

28) قواعد وصرف اللغة العربية. ذكر ثلاثتها د. محمد الأرناؤوط في دراسته: البوسنة ما بين الشرق والغرب.

 

وترجم كتباً أخرى ومقالات من اللغتين العربية والتركية للبوسنوية، وله مراسلات مع العلماء في البلدان، منها رسالة إلى شيخ الأزهر في تحريم الربا.

 

وقام الأستاذان أسعد دراكوفيتش وأنس كاريتش بجمع أغلب آثاره بالعربية والبوسنية في «الأعمال المختارة»، وصدرت في سراييفو سنة 1999م في ستة مجلدات.

 

إجازات أهل العلم للعلامة الخانجي:

1- أجاز له العلامة عبد الله بن علي آل يابِس النَّجْدي (ت1389) إجازة مطولة، ساقها في الحاوي (1/21-33) ووصفه الخانْجي «بالشيخ الصالح»، ووصفه في موضع آخر بقوله: «صاحبنا»، وقدّمه على بقية مجيزيه عند ذكر إجازاته، ثم عند ذكر من أجاز له في الحاوي (1/98)، واقتصر في الرواية عنه في إحدى إجازاته لطلابه في كتاب الشمائل، وكذا في شرحه لسنن ابن ماجه (5/ب).

 

ومما كتب ابن يابس في إجازته المذكورة: «وإنه حضر لدينا العالم الفاضل، والأديب الكامل، طيب الأخلاق، زاكي الأعراق، الرحالة الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن صالح بن محمد البُوسْنَوي، المعروف بالخانْجي، وطلب مني الإجازة لما قرأته وأجازني به شيخنا العلامة، بقية السَّلَف، وقُدوة الخَلَف، الشيخ محمد عبدالرحمن ابن الحافظ عبدالرحيم المبارَكْفُوري، صاحب «تُحْفَة الأَحْوَذي شرح جامع التِّرْمِذي»، و«أَبْكار المِنَن في تَنْقيد آثار السُّنَن»، وغيرهما من المصنفات القيمة، أطال الله بقاءه، وأحسن عمله، وجزاه عني وعن الإسلام أحسن الجزاء، وأولُ ما سمعته منه الحديث المسلسل بالأولية، قال: حدثني شيخنا العلامة محمد بن عبدالعزيز المدعو بشيخ محمد الهاشمي الجَعْفَري والفاطمي الزَّيْنَبي المَجْهلي شَهْري بالحديث المسلسل بالأولية من لفظه، وهو أول حديث سمعته منه، قال: حدثني مسند الوقت العلامة أبو الفضل عبد الحق المُحَمَّدي، وهو أول حديث سمعته منه، قال: حدثني إمام المحدثين القاضي محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى».. ثم ساق بقية سنده المشهور، إلى أن قال عن المباركفوري: «وقد أجازني أيضاً بعد القراءة عليه: جميع صحيح البخاري، وجميع صحيح مسلم، وجميع موطأ الإمام مالك، وكتاب بلوغ المرام، وكتاب المنتقى: إلى كتاب الجهاد، وأطرافاً من السنن الأربع، وأطرافاً من سنن الدارِمي، والدارَقُطْني، ومقدمة ابن الصلاح، وألفية ابن مالك في النحو، وأجازني بجميع هذه الكتب المذكورة. قال: قد أجزتُ الشيخ عبدالله بن علي آل يابس من بني زيد أن يروي عني هذه الكتب المذكورة وغيرها من كتب الحديث وأصوله والتفسير، وأن يشتغل بإقرائها وتدريسها، فإنه أهلُها، بالشروط المعتبرة عند أهل الحديث، وإني قد حصلت القراءة والسماعة والإجازة عن شيخنا وسيدنا رئيس المحدثين السيد محمد نذير حسين الدهلوي رحمه الله..» ونقل طرف سنده الهندي المشهور، ثم نقل عن المباركفوري تتمة كلامه شيخه الآخر: «وقال: إني قرأت أطرافاً من الأمهات الست، ومن موطأ الإمام مالك، ومن مسند الدارمي، ومن مسند الإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، ومن معجم الطبراني الصغير، ومن سنن الدارقطني: على شيخنا العلامة الشيخ حسين بن مُحْسِن الأنصاري الخَزْرَجي اليَماني، فأجازني برواية هذه الكتب وغيرها».

 

وفي خاتمة الإجازة قال ابن يابس: «قد أجزتُ الشيخ محمد بن محمد الخانجي المذكور بما أجازني به شيخنا العلامة محمد عبد الرحمن ابن الحافظ عبد الرحيم المباركفوري بأسانيده المذكورة، وأوصي المُجاز المذكور بتقوى الله تعالى، واتباع السنّة النبوية، وأن يُقَدِّمَها على قول كلِّ قائل، وبالسَّمْت الصالح، والأفعال الحسنة، أسأل الله أن يجعله من أئمة العلم الرافعين لواءه، الداعين إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أملاه الفقير إلى الله تعالى عبدالله بن علي آل يابس». وذكر الخانجي أنه نسخ الإجازة بمدينة سراي بوسنة في ربيع الأول 1350، وأن الإجازة كانت بمنزل المجيز بالقاهرة.

 

وذكر لي زميلي الأخ الشيخ أنه حقق الإجازة المذكورة كاملة ضمن كتابه الكبير «مجموعة الإجازات النجدية»، يسّر الله له إتمامه ونشره على خير.

 

2- المؤرخ أحمد رافع بن محمد رافع الطَّهْطاوي المِصْري:

استجازه الخانجي في مصر أيضاً، وقال في الحاوي (1/34 و35): «واعْلَمْ أن لي إجازة من الشيخ العالم الفاضل، مُسْنِد الديار المصرية في عصره، صاحب التآليف العديدة المفيدة، السيد أحمد رافع بن السيد محمد رافع الحَنَفي الطَّهْطاوي المِصْري، أطال الله بقاءه، أجازني قبيل توجهي إلى مكة للحج الشريف شفاهًا بكل ما صَحَّ له روايته، بشَرْطِ النَّقْلِ من ثَبَته الذي سماه «بالمَسْعى الحَميد».

 

واعْلَمْ أني أروي ثَبَت العالم الفاضل الشيخ محمد الأمير الكبير: عن شيخنا السيد أحمد رافع، عن والده السيد محمد رافع، عن الشيخ علي بن محمد الفرغلي الأنصاري، عن الشيخ محمد الأمير الكبير.

 

وأرويه أيضاً عن شيخنا المذكور، عن الشيخ الإنبابي، عن الشيخ إبراهيم السقا، عن الأمير الصغير، والفضالي، عن الشيخ محمد الأمير الكبير.

 

وأرويه أيضاً عن شيخنا المذكور، عن السيد علي بن خليل الأسيوطي، عن الشيخ علي بن عبدالحق القوصي، عن الشيخ الأمير الكبير، والله أعلم». ا.هـ.

 

ووصفه في الحاوي (1/98) بمحدّث مصر.

 

3- العلامة المؤرخ محمد راغب بن محمود الطَّبّاخ الحَلَبي:

وصفه الخانجي «بالشيخ الجليل، مؤرخ حلب الشهباء، ومحدث تلك الديار ومسندها» استدعى منه الخانجي الإجازة في رسالة كتبها أوائل جمادى الأولى سنة 1351، وقال فيها بعد المقدمة: «فإن الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد بن محمد بن صالح بن محمد الخانجي البوسنوي، المتوطن في بلدة سراي بوسنة من أعمال دولة يوغوسلافيا: أُعجب بالخدمات التي يَخدم بها السنةَ النبوية محدِّثُ الشهباء، ومُسند تلك الديار، الشيخ الجليل، محمد راغب بن محمود الطباخ، أطال الله بقاءه لنفع الإسلام والمسلمين، فأحببتُ أن أطلب منه جزاه الله خيراً إجازةً وجيزة، تتضمن الإحالة إلى ما حواه كتاب «الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية» وما يليه من أسانيد الشيخ، كان الله له، فتجاسرتُ على ذلك ثقةً بمحبّةِ الشيخِ لنَشْرِ السنّة وأسانيدها، وتوسيع دائرة نَقْلِها وروايتها، خصوصاً في هذه البلاد المنقطعة عن مراكز الإسلام حفظها الله تعالى، فإن تفضَّلَ الشيخُ نفع الله بعلمه بما طلبتُ؛ فقد وضعتُ مع هذا ظَرْفًا فيه عنواني، وله الشكر مقدّماً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ودمتم بخير».

 

فأجابه العلامة الطباخ في رسالة من حلب يوم الجمعة في الحادي والعشرين من جمادي الثانية من السنة المذكورة، ومما قال فيها: «فقد تلقّيتُ كتاباً من العالم الفاضل، والأديب الكامل، الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن صالح بن محمد الخانجي البوسنوي، المتوطّن في بلدة سراي بوسنة، من أعمال دولة يوغوسلافيا، مؤرِّخاً في أوائل جمادى الأولى من سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التحية، يقول فيه: إنه اطلع على كتابي «الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية»، المذيَّل بإجازاتي الكثيرة من مشايخي الأعلام، نَفَعَ اللهُ بالأحياءِ منهم الأنام، وتفضَّلَ بالرحمة والرضوان على من تُوفيَ منهم وبَوَّأَهُ دارَ السلام، ويَطلبُ من هذا العاجز أن أجيزه بجميع مروياتي، وعمومِ مقروءاتي ومسموعاتي، وقد دلني انسجامُ عباراته وبديع معانيه؛ على مَزيد فَضْلِه، وغَزارةِ عِلْمه، وعظيم نُبله، وإن مِثْلي في قُصور باعِهِ وقِلَّةِ معرفته لا ينبغي أن يجيز مثلَه، ويقتضي أن يكون هو المُجاز! لكني لم أجد بُدًّا لما حَسَّن فيَّ ظَنَّهُ مِنْ إجابته إلى طَلَبِه، والنزول عند رغبته، حِفْظاً لسلسلة الإسناد الذي اختصت به الأمة الإسلامية، وحُفظت به شريعتُها من أن يمتد إليها أيدي العابثين.

 

فأقول وبالله التوفيق: إني قد أجزتُ الفاضلَ المومى إليه بجميع مقروءاتي ومسموعاتي ومروياتي..» إلى أن قال: «وأوصى سيِّدي الأستاذ المذكور، أعظم الله لي وله الثواب والأجور، بما أوصي به نفسي: من تقوى الله تعالى في السر والعلانية، والإخلاص له تعالى في القول والعمل، وأن لا يألو جهدًا في الاهتمام بأمر المسلمين، والسعي في خدمة دينه وأُمَّته وبلاده، ونشر دعوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة الدامغة، والبراهين الساطعة، وليقصدْ بذلك وَجْهَ الله تعالى، وحفظ هذه الشريعة المطهرة من أدناس المبتدعين والملحدين، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خير القوم المدافع عن قومه ما لم يأثم». وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لأن يهدي الله على يديك رجلاً خيرٌ مما طلعتْ عليه الشمس وغربت». وأوصي سيدي المجاز بالعناية بعِلْمَيْ التفسير والحديث، والاشتغال بدرايتها ونشرهما، فهما الدواء الشافي لأَدْواءِ هذه الأمة، والمنجيان لها مما هي فيه بعون الله تعالى، والموصلان إلى السعادة العظمى في دار الآخرة بفضل الله وحسن توفيقه، وأوصيه بأن يكون الأملُ رائدَه، ولا يجعل لليأس سبيلاً إلى قلبه، فإنه ما ادَّرَعَتْ أمةٌ بالأمل إلا وكان النجاح حليفَها وسبب حياتها، وما دخل اليأسُ إلى قلبها إلا وكان سبب موتها والقضاء عليها، وأوصيه بالإكثار من تلاوة القرآن العظيم، وذكر الله تعالى، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ففي ذلك جِلاء القلوب، ونوال المطلوب، والوصول إلى المحبوب، وفي ذلك السعادة الكبرى، والفوز الأسمى، وأوصيه أن لا ينساني من دعواته الصالحة في الأوقات الرابحة، وإني أسأل الله تعالى أن يهديه إلى ما يحبُّ ويرضى، ويجعله من المقتدين بسنته، القائمين بشريعته، ويوفقه لكل عمل مبرور، وسعيٍ مشكور، وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبي ونعم الوكيل».

 

وساق الخانجي الاستدعاء والإجازة في الحاوي (1/75-80)، وقام بتحقيقهما ونشرهما الأخ الأستاذ الباحث محمد بن إبراهيم الحسين ضمن سلسلة لقاء العشر الأواخر (12/رقم 147).

 

4- الشيخ محمد زاهد الكوثري: ذكر في الحاوي (1/98) أنه أجاز له إجازة مطولة.

 

5- الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي: ذكر أنه قرأ عليه من كتابه زاد المسلم، وقال في الحاوي (1/98): «وشملتني إجازة الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي العامة، ولم أتحصل على إجازة خاصة منه، وقد كان يمكنني ذلك».

 

من ثناء أهل العلم عليه:

تقدم ثناء الشيخين ابن يابس والطباخ على المترجم في إجازتيهما له، ويأتي قريباً تقدير الشيخ حسنين مخلوف له.

 

وقال محب الدين الخطيب في مجلة الفتح العدد 259 الخميس 30 صفر 1350: «حضرة العالم الفاضل الأستاذ الشيخ محمد الخانجي البوسنوي، من علماء الأزهر الشريف».

 

وقال زميله زكي محمد مجاهد في الأعلام الشرقية (1/396) وفي السيرة الزكية (127): «كان من نوابغ العلماء في عصره مع صغر سنه».

 

وقال أحمد نجيب في رسالته: وبالجملة فإن الشيخ محمد الخانجي رائد علماء البوسنة في العصري الحديث، وأكثرهم أثراً في شعبه، وجهداً في التصنيف والتعليم والدعوة إلى الله، وأبرعهم في علم الحديث، وأكثرهم سعياً في الدعوة إلى الكتاب والسنة، و مناقبه أكثر من أن تحصى.


ونقل في رسالته عن الشيخ قاسم دوبراجا أن المترجم أكبر علماء البوسنة في العصر الحديث.

وعن الحافظ محمود ترالييتش أنه مجدد الإسلام فيها خلال القرن الرابع عشر الهجري.

وعن شفيق كرديتش أنه كان عماد أهلها ومرجعهم في ذلك الوقت.

 

جوانب من شخصية العلامة الخانجي، ومقتطفات من كلامه وآرائه:

• كان العلامة الخانجي معتنياً بالحديث عناية جيدة جدًّا مقارنة بأهل عصره، واهتمامه به نادرٌ في بلاده، وكان يكتب على بعض تحقيقاته -مثل الكلم الطيب-: خادم الحديث الشريف. وعُرف بالعناية به بين شيوخه، حتى كان المفتي الشيخ حسنين مخلوف يزوره ويرجع إليه في الحديث، وطلب منه تخريج أحاديث إحدى رسائله.

 

قال الخانجي في الحاوي (1/110) ضمن كلامه عن وفاة شيخه مخلوف: «قال لي مرة أنا ألّفتُ كتاباً يكون دليلاً للحجاج، وأوردت فيه بعض الأحاديث، فاحب أن تخرّجها لي وتذكر قيمتها، فإني أرى عندك من كتب الحديث جملة طيبة، وأرى أن لك بعلم الحديث معرفة. فائتمرتُ بأمره مفتخرا، وأعطيتُه الورقة التي كتبتُ الأحاديث المذكورة عليها، فرأيته بعد طبع الكتاب أدرج فيه كلامي بالاختصار وقليل من التصرف..» الخ.

 

ورأيتُه كتب في تحقيقه للكلم الطيب: خادم الحديث الشريف. وهذا وهو ابن بضع وعشرين سنة، وحقق في الحديث رسالة البيهقي: حياة الأنبياء في قبورهم، وقطع شوطاً من شرح تيسير ابن الديبع، وشرع في شرح سنن ابن ماجه.

 

وقد أثرى مكتبة جامع الغازي خسرو بالمخطوطات النفيسة، وكان للكتب الحديثية نصيب واضح منها، وهذا واضح من فهرس المكتبة المذكورة ومن نقل منها.

 

مثل نسخة من شرح مصابيح السنة مكتوبة في بغداد سنة 740، والبدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير للشعراني.

 

وله تعليقات على نسخة نفيسة جدا من فتح المغيث للعراقي، بآخرها قيد سماع على المؤلف وإجازته بخطه، وسماع على الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي.

 

ومن خلال ما طالعتُه من خدماته الحديثية يظهر أن له عناية نظرية وعملية بشأن الصحيح والضعيف، على حسب إمكانات وقته، وانظر مثلاً الجوهر الأسنى (ص54 و61 و65)، وهكذا شرحه لسنن ابن ماجه.

 

ومن أقواله في الجوهر الأسنى (64): «فينبغي لكل عالم أن يبيّن أن الدين موافق للعقل الصريح، وأنه لا شيء مما اتفق أهل العقل عليه إلا والدين مقرر له ومؤيد، وما كان مخالفاً للعقل الصريح فيستحيل أن يكون موجوداً في الدين والنقل الصحيح، ولا بد من الاطلاع على ما صح من الدين في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يطلع على ذلك فليسعه السكوت عن نفي شيء وإثباته».

 

ومن عنايته تنبهه لمسألة ثبوت الكتب وعدمها لأصحابها، كقوله في الجوهر الأسنى (86) إن كتاب العالم والمتعلم والوصية كلاهما منسوب للإمام أبي حنيفة رحمه الله.

 

وكذا نقده في ذيل كشف الظنون (ق28 و57) لنسبة كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة، و(ق102) للأربعين الودعانية الموضوعة، و(ق24) تنبيهه لما في رحلة ابن بطوطة من غرائب وخرافات، و(ق110) نقده لما جاء في كتاب شعراء النصرانية في الجاهلية للويس شيخو من توسع متعمد في إدخال من ليس نصرانيا في دينهم، والسعي للتنصير عبر ذلك! ونقد كثيراً من الكتب التي اعتمدت على الموضوعات في فصل عقده لها فيه (ق102-104)، وأشاد بالكتب التي بيّنت الموضوعات.

 

وذكر نجيب في رسالته أن المترجم كان أبرع علماء البوسنة في الحديث.

 

• كان رحمه الله أثرياً متجرداً للدليل، نابذاً للتعصب، منكراً له، وهذا فرعٌ من اهتمامه بالحديث، مع كونه درس المذهب الحنفي، وهذا يتجلى في كثير من كلامه، منه في رسالته عن المجددين في الإسلام، وفيها قال: «والحق أحق أن يتّبع، ولكن الهوى يعمي ويُصم، والتعصب المذهبي يدعو إلى النُّفرة عن أهل الاجتهاد والمتبعين للحديث، وإلى الله مرجع الجميع».

 

وقال نجيب في رسالته: «لم يعرف عنه تعصّبٌ لرأيٍ لا دليل عليه، و كان يعذر المخالف في مسائل الاجتهاد، ويناقشه بالحكمة و الدليل، خلافاً لما عُرف عليه أهلُ بلاده من التعصّب المذموم».

 

وقال زميله مجاهد في الأعلام الشرقية (1/396) وفي السيرة الزكية (127): «كان آخذًا بمذهب ابن تيمية في المسائل الفقهية». قلت: ومعلومٌ أنه مجتهد متتبع للدليل.

 

• والشيء بالشيء يُذكر؛ فقد كان لشيخ الإسلام ابن تيمية عنده منزلة خاصة، فقال عنه في مقدمته لتخريج وتحقيق كتابه الكلم الطيب ربيع الأول 1349 (ص3): «للشيخ الإمام، أوحد عصره، وفريد دهره، شامة الشام، ومفتي الأنام، بقية السلف الكرام، زين الأئمة الأعلام، أبي العباس تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى».

 

وقال فيه (ص4): «للإمام تقي الدين أبي العباس ابن تيمية، فريد عصره علماً، ومعرفة، وذكاء، وحفظاً، وزهداً، وفرط شجاعة، وكثرة تآليف».

 

وكتب على الغلاف: «تأليف شيخ الإسلام، الإمام المجتهد، وحيد دهره، وفريد عصره».

 

ولا يكاد يذكره في كتبه إلا مقرونا بلقب شيخ الإسلام.

 

• وفي العقائد صرَّح في حاشيته على الكلم الطيب (ص25-26) أن أسلم الأقوال في الصفات الإلهية الإيمانُ بها بلا كيف، كما ذهب جمهور السلف، ومنهم الأئمة الأربعة.

 

واتباعُه للسنّة على نهج السلف ظاهرٌ في شرحه لمقدمة سنن ابن ماجه، ومن ذلك قوله (28/ب-29/أ): «الجهمية طائفة ينتحلون مذهب الجهم بن صفوان، والمعتزلة فرعٌ منها، ومتكلمو الأشاعرة يرجع كثيرٌ من مسائلهم إلى مذهب الجهمية؛ كما يدريه المتبحرُ في فنِّ الكلام؛ والمقارن بين أقوال هؤلاء وأقوال السلف». ثم ذكر أبيات ابن القيم في قصيدته النونية في ذكر ما خالفت عقائدهم السنّة.

 

وقال فيه (30/أ) عند شرح حديث «ضحك ربُّنا»: «ومذهب السلف في الضحك وأمثاله أنه صفة سمعية يلزم إثباتها، مع نفي التشبيه، وكمال التنزيه».

 

وقال (30/ب): «ضحك ربنا أي عجب، والضحك والعجب صفة له نثبتها ولا نكيفها».

 

ونقل مقرًّا في ذيل كشف الظنون (ق125): «وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر التأويلات التي ذكرها أبو بكر بن فورك في كتاب التأويلات، وأبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه تأسيس التقديس، ويوجد كثير منها في كلام خلقٍ غير هؤلاء، مثل أبي علي الجبّائي، وعبد الجبار بن أحمد الهمداني، وأبي الحسين البصري، وغيرهم: هي بعينها التأويلات التي ذكرها بشر المريسي في كتابه، كما يُعلم ذلك من كتاب الرد الذي صنّفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة المشاهير في زمن البخاري، وسمى كتابه: رد عثمان بن سعيد على الكاذب العنيد فيما افترى من التوحيد، فإنه حكى هذه التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي، ثم ردّها بكلامٍ إذا طالعه العاقل الذكي يسلّم حقيقة ما كان عليه السلف، ويتبيّن له ظهور الحجة لطريقهم، وضعف حجة من خالفهم، وقد أجمع أئمة الهدى على ذم المريسية، بل أكثرهم كفّرهم وضلّلهم، ويُعلم بمطالعة كتاب ابن سعيد الدارمي أن هذا القول الساري في هؤلاء المتأخرين الذين تسموا بالخَلَق هو مذهب المريسية».

 

ونجد في كتابه الجوهر الأسنى نقد حكايات الصوفية المتأخرين، كما في (ص94 العلمية)، وذكر (ص95) ذمّ طائفة الحمزويين قائلا: «صار أتباعه ينشرون مذهبه الفاسد بعده، وكانوا يدّعون أنهم أهل الطريقة والحقيقة، ولم يكن ينطوي تحت ذلك إلا نبذ الشريعة وطلب الإباحية الواسعة».

 

وذكر (ص155) حكاية منقولة عن أحد شراح فصوص الحكم في واقعة عدّها بعضهم كرامة له، فلم يسلّم بذلك، وقال عن الواقعة في الهامش: «ولعلها مجرد اتفاق». ثم علّق في نفس الصفحة عن ابن عربي الحاتمي قائلا: «كان من كبار أهل التصوف، والناس مختلفون فيه وفي كتابه فصوص الحكم، ويعجبني قول الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال في نقد الرجال، قال: فوالله لأن يعيش المسلم جاهلا خلف البقر، لا يعرف من العلم شيئاً سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات، ويؤمن بالله واليوم الآخر، خيرٌ له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق! ولو قرأ مائة كتاب، أو عمل مائة خلوة».

 

وساق (ص159) من مقدمة الشرح المذكور أن فهم الكتاب مخصوص بالكشف الإلهي، وأنه محال بواسطة قواعد العلوم والدلائل العقلية! فعلّق في الهامش قائلا: «ما لا يُفهم بالعقل الصريح، ولم يوافق منقولاً صحيحاً فنحن في غِنًى عنه».

وذكر في ذيل كشف الظنون (ق90) شرح ابن عجيبة على الآجرومية، وقال: «خلط مع شرحه أشياء من التصوف، وفسّر الاصطلاحات النحوية بما يليق للصوفي، ثم جرده تلميذه عبد القادر بن أحمد الكوهني؛ جرد في ما يتعلق بالتصوق، فصار كتابا على مثال عجيب»، وعلّق على الهامش: «وتصنيف مثل هذا أشبه بالعبث»!

 

ونقل مقرًّا (ق103) عند كلامه على حقائق التفسير للسُّلَمي قائلا: «وكلُّ تفاسير الصوفية ليست تفسيراً، ولا شك أن كثيراً من كلام الصوفية على الكتاب العزيز هو بالتحريف أشبه منه بالتفسير، بل غالب ذلك من جنس تفاسير الباطنية، قاله الشوكاني».

 

وقال (ق103): «تنقسم تعاليم التصوف إلى قسمين: علمي، وعملي، فالتعاليم العلمية وضع أساسها قدماء اليونان، والتعاليم العملية وضع أساسها الهنود القدماء، ولم يعرف الإسلام التصوف في صدره الأول، رغم زعم القائلين بذلك، واستنادُهم إلى قصة أصحاب الصُفّة الواردة في القرآن الكريم عن قوله: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ...﴾ [الكهف: 28] الخ. والتصوف دخل إلى الإسلام بعد تعريب الكتب اليونانية والوقوف على أسرار علوم اليونانيين القدماء مع المنطق ومختلِف علوم الكلام».

 

وهو في مقدمة كتابه الجوهر الأسنى (ص59) يذكر من أسباب جهل مسلمي بلاده بالدين وظهور طائفة لا تراه إلا تقاليد وعادات بائدة: «قلة أهل العلم الذين يفهمون الدين حق الفهم في تلك البلاد في هذا الزمن الأخير، وما كان فيها ممن ينتمي إلى العلم فكثيرٌ غلب عليهم الجهل والكسل، تداولوا كتباً لا تسمن ولا تغني من جوع، فيها من الخرافات التي يتبرأ منها الدين وعلماؤه أكثر ممن فيها من الحق، فظن هؤلاء الضعفاء أن تلك الخرافات في شيء، فدافعوا عنها، وجاهدوا فيها، فضروا فيما أرادوا فيه النفع، فلما رأى ذلك من لم يشم من علم الدين رائحة: ظن أنها الدين! فأعرض عنه، وكره كلَّ ما ينتسب إليه، لظنِّه أنه كله على وتيرة واحدة، وضررُ هاتين الطائفتين قديمٌ في الإسلام، وفي مختلف البلدان».. ثم ساق كلاماً طويلاً نفيساً لابن حزم في ذلك من كتابه الفِصَل.

 

وقال في رسالته عن أخبار مصر (74): «إن للمصرين عادات هي من أكبر المنكرات، وهم يظنونها من القربات، ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً.. » ثم ذكر عجيبتين رآهما من صنع الجهال في جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه، وقال: «يا أمة ضحكت من جهلها الأمم! اللهم خلّصنا من مثل هذه الخرافات التي يضحك منا الأجانب بسببها، وتَرُدُّهم هي وأمثالُها عن اعتناق الدين الإسلامي الطاهر عن كل شَين ودَنَس».

 

وذكر في ذيل كشف الظنون (ق95) رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية في ما يفعله الجهال في خميس النصارى من احتفال وعادات ومنكرات، أشار لبعضها، ثم علّق: «قلت: وكثيرٌ من هذه العادات الفاسدة موجود في زمننا هذا في مصر، أصلح الله أمور المسلمين أجمعين».

 

وتقدم شيء من موقفه العام ضد البدع في التعليق على أخذه عن الشيخ علي محفوظ رحمه الله.

 

وقال نجيب في رسالته إن المترجم كان أكثر علماء البوسنة سعياً في الدعوة للكتاب والسنة.

 

ومن نقده للمنكرات والخرافات:

قال في الحاوي (1/85): «ذكر وفاة صفوت بك باشا غيك: صفوت بك مؤرخ شهير وشاعر سار ذكره في هذه البلاد، توفي يوم الاثنين تاسع شهر أبريل سنة 1934م، وذلك موافقٌ للخامس والعشرين من ذي الحجة سنة 1352، وكانت جنازته في يوم الثلاثاء، وازدحم الناس على جنازته؛ المسلمون وغيرهم، ورفع بعض المتجددين رأسه وسعى عند الحكومة وغيرها؛ فدُفن في فناء جامع الغازي خسرو بك! وصُلي عليه بعد العصر يوم الاثنين، ولا نريد أن نذكر المرحوم إلا بخير، ولكن نذكر ههنا شيئاً خطر بالبال، وهو الانتقاد الشديد وعدم الرضا عن دفن أحد -وعن دفنه هو أيضاً- في فناء المسجد المذكور.

 

يأبى الناس إلا التفاخر ولو بعد الموت، ويقرّبون إلى المساجد من لا يستحق ذلك، ولو استحق أحدٌ ذلك لانتقدنا أيضاً دفنه في مثل الأماكن المذكورة، ولانتقدنا تشييد القبور وزخرفتها والنقوش المذهبة عليها، عالِمينَ أنه ليس من ذلك شيءٌ إلا وهو يجر خطراً على الدين، عصمني الله وإياكم، والمرحوم كما فهمنا من سيرته لو سُئل لم يرض بما فعل هؤلاء في حقه.

 

وشيء آخر نذكره تَبَعاً: وهو أن هؤلاء المتجددين بدؤوا إذا مات أحدهم أو أحدٌ ممن يقدّسونه يُلقون الخُطَب عند نَعْشه، وهذا لم يكن معروفاً عندنا في هذه البلاد، وليس الغرض الكلام في عمل ذلك من الوجهة الشرعية، ولكن نقول يا ليت ذلك تُرِكَ ولم يُفعل؛ فإنه يجر إن استمر إلى مفاسد كثيرة في الدين، ومن عاش يرى! وحسبنا الله ونعم الوكيل».

 

• ويتصل بذلك أنه أوذي من قبل المبتدعة بسبب إنكاره عليهم، ووصل الأمر بهم أن استنصروا عليه الكفرة!

 

قال في الحاوي (1/86): «ذكرى للذاكرين! اتفق أني على عادتي ألقيتُ درسين قبيل رمضان 1352 في فضيلة الذِّكْر، فَجَرَّ ذلك إلى بيان الذكر المشروع، وبيان شروطه؛ من عدم رفع الصوت جداً وغير ذلك، وإلى بيان ما عليه جهلة المتصوفة من الباطل ومخالفة الشرع، فشَقَّ ذلك عليهم جداً! حتى إنهم اجتمعوا في يوم الجمعة الآتية، وعزموا على منعي إن تكلمتُ في حقهم، فلم يحصل شيءٌ لعدم تعرضي لهم، ثم بدأ الناس يتحدثون أن رجلاً منهم رفع الدعوى إلى محكمة الكفار والتجأ إليهم؛ لينتقم بهم ممن ألقى على أسماعهم ما يوجبه الشرع الشريف، ولم أكن أعتقد ذلك صحيحاً، لأني ما كنت أظن أنه يكون من المسلمين أحدٌ بالغاً ما بلغ يتحاكم إلى الجبت والطاغوت، وقد أمر أن يكفر به! فطال على ذلك مدة من الزمن عرفتُ بعدها صحة ما يتحدث به الناس، فلما كان يوم الدعوى وهو 13 أبريل من سنة 1934 الموافق 29 ذي الحجة 1352: ذهبتُ إلى المحكمة، فحصل ما قدره الله تعالى من تحقير البعيد وخذلانه، فإن المحكمة برّأتني، وقضت عليه بسد مبلغ من الدنانير، فردّهم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قوياً عزيزاً.

 

فتبصَّرْ أيها المسلم ماذا يمكن أن يصيب المؤمن وهو يسعى في خير! واعْلَمْ أن الدروس التي كنتُ أُلقيها إذ ذاك ما كنت ألقيها إلا لوجه الله تعالى بدون مقابلة درهم، بل لـمّا عرض عليّ الوقفُ ألف دينار في مقابلة دروس التي ألقيتُها في رمضان الذي قبل هذا رددتُ ذلك طلباً لمرضاة الله تعالى، والله يحفظنا من شرور أنفسنا ومن شرور أعدائنا».

 

وذكر في الجوهر الأسنى (116) ترجمة لأحد المتصوفة الذين أولعوا بعلم الجفر، وكتب كتاباً يتنبأ فيه بالأحداث، ثم قال ناقداً: «وقد كان بعض بسطاء الناس أقبلوا على كتابه يستخرجون منه الأخبار الغيبية! فإذا رأوها كذبت قالوا: غلطنا في الحساب»!

 

• ومن نقده للأخطاء عند العوام ما قاله في الحاوي (1/87): «ذكر وفاة علي رشدي أفندي: في 12 المحرم الحرام من سنة 1353 الموافق 26 أبريل 1934 توفي علي رشدي أفندي قابيج، أحد علماء سراي، وكان قبلا وزير العدلية في استانبول، فلما ظهر كمال باشا فرّ علي رشدي منه، وكان رجلاً صالحاً مكثراً من الصوم، وعلى جانب من التقوى على ما بلغنا، والعلم عند الله عز وجل، رحمه الله وإيانا بمنه وكرمه، والمقصود ههنا تنبيه القارئ على عادة قبيحة في بلدنا هذا: وهي أن أهل البلد إذا مات في بلدهم رجلٌ ليس أصله من البلدة لا يشيّعون جنازته كما يلزم، ولو كان عالماً ومستحقاً لذلك! ولا تجد في جنازته إلا قليلاً من الناس، لا نريد التفاخر؛ وإنما الغرض احترامُ العلماء والاعتراف بخدمتهم، ولو رأيتَ جنازته لرأيت أكثر الحاضرين هم الطلبة، ولولاهم لكانت فضيحة للبلدة، ومن يغير الأخلاق الفاسدة سوى الله تعالى»!

 

• كان رحمه الله شديد التمسك بالشرع، شديد الإنكار على العابثين بأحكامه من أهل العصرنة والتغريب، فكتب لشيخ الأزهر رسالة في 9 محرم 1359 منكراً على فوائد البنوك وأنها ربا، وكتب أيضاً مشدداً على من أحل شرب البيرة، وتقدم قبل إنكاره على الذين تساهلوا في مسألة الدفن في المسجد، وكتب رداً على من أنكر نزول المسيح عليه الصلاة والسلام آخر الزمان، وقال آخرها: «فإن الأباطيل قد انتشرت، وأصوات الملاحدة قد ارتفعت، كفانا الله شرهم».

 

ومن ذلك قوله في الحاوي (1/109): «دخلت السنة الجديدة سنة 1355 وقد أُلغيت قبل دخولها بمدة قليلة وظيفة الإفتاء في بلاد بوسنة وهرسك، بعد أن استمرت فيها أكثر من أربعة قرون ونصف قرن، ألغتها السياسة ورؤساؤها؛ غير ملتفتين إلى الشريعة الغراء، والذي تولى كبر ذلك محمد سباهو، وأخوه فهيم، وكتبنا في الدفاع عن وظيفة الإفتاء مقالاً طويلاً طُبع في عدد (2-3) من مجلة غلاسنيق، السنة الرابعة منه، ولكن لم يُصغ إليه أحدٌ من أولئك الرؤساء السياسيين، ولا يفهم عاقلٌ من عملهم هذا إلا أن غرضهم دفع العلماء عن كل وظيفة، وإضعاف كلمتهم، وتخلية الجوّ لأنفسهم، وتوزيع المناصب على أقربائهم وأتباعهم ولو كانوا جهّالاً، والله يرث الأرض ومن عليها، فليحرص العلماء على إعادة تلك الوظيفة وإحيائها إذا أمكنهم ذلك، والله يؤيدهم وينصرهم، ويوفق جماعتهم لما فيه الخير بمنه وكرمه».

 

يقول هذا مع العلم أن سباهو كان زعيم البوسنة في وقته، ولكن المترجم كان صادعاً بالحق، غيوراً على الشرع!

 

وقوله في الحاوي (1/101): «واتفق أن بعض القضاة وغيرهم من العلماء أثبتوا رمضان بحساب التقويم بدون رؤية ولا إكمال عدد، فكتبتُ في ذلك مقالة باللغة البوسنوية، ورددتُ عليهم، ونظمتُ أبياتاً كتبتها في آخر المقالة هي:

ألا يا أيها الأحباب كُفّوا
فما تَبْغونَ من جَلْبِ الفُتونِ
تَرَكْتُم قَوْلَ أهلِ الدِّينِ طُرًّا
وبَدَّلْتُم بِهِ قَوْلَ المُجونِ
نَصَبْتُمْ مِثْلَ مَأْوى عَنْكَبوتٍ
تُجاهَ الحَقِّ والقَوْلِ اليَقينِ
لَعِبْتُم فَاتْرُكوا قَولاً نَفاهُ
أُولوا الأَلْبابِ عَنْ شَرْعٍ ودينِ»

 

• ومن شعره قصيدة جيدة في مدح الغازي خسرو، وقام بشرح ألفاظها ومعانيها، ذكرها في الحاوي، وقال عقبها: «يعتذر القائل بأن الشعر ليس من صنعته، بل هو متطفل عليه غريب منه، فهو أهل أن يُغفر له أن وقع في القصيدة شيء من الخلل».

 

ومن شعره أيضا قوله في الحاوي (1/101): «ولما أتممت كتابي الذي صنفته باللغة البوسنوية في تاريخ المصنفين والعلماء والشعراء من البوسنويين، نظمتُ هذه الأبيات وكتبتها في آخره وهي مطبوعة في آخر الكتاب:

يا صاحِ إن تُلْفِ عيبًا زَلَّ مِنْ قَلَمي
فَاسْتُرْهُ بالصَّفْحِ تُصْبِحْ مِنْ ذَوي كَرَمِ
فالسَّهْوُ للإنْسِ ضَرْبٌ لازبٌ أَبَدًا
ورَبُّنا مالِكٌ للعِلْمِ والحِكَمِ
وقد نَشَرْتُ بهذا فَضْلَنا قِدَمًا
وأَنَّنَا دائماً نَسْعَى مَعَ الأُمَمِ
ففَضْلُ بُوسْنَتِنا آياتُهُ ظَهَرَتْ
ظُهورَ نارٍ القِرَى [قامَتْ][9] على عَلَمِ
فَاْنْظُرْ أَسامِيَ أَهْلِ العِلْمِ في صُحُفيْ
تَجِدْ أكابِرَ أَهْلِ العِلْمِ والقَلَمِ
ولا تَقِسْ يومَنا بالأَمْسِ قَطُّ فَما
واللهِ نَحْنُ لَهُمْ نَعْلٌ لِذيْ قَدَمِ
فاللهُ يَرْحَمُهُمْ واللهُ يَجْعَلُنا
شِبْهاً بِأَسْلافِنا قَوْماً أُولي هِمَمِ»

 

ومن أقواله أيضاً:

قال في الجوهر الأسنى (64-65): «فالواجب على أهل العلم رد كل ما عساه يرسخ في معتقد الطالب من الأباطيل بالحجج القاطعة والبراهين البيّنة، وقلع عروق تلك الشبهات من صدر من وقع في الشَّرَك، ومنع إلقاء ما فيه مخالفة للدين على مسامع الطلبة».

 

ومن أقواله فيه (65): «لكل جمعية أين كانت ومتى كانت رابطة، ورابطة المسلمين هي الرابطة الإسلامية وحدها، لا يعرف الإسلام قومية ولا عصبية جاهلية، وكل جمعية إذا ضاعت روابطها فالهلاك مصيرها، والمسلم إن لم يستمر على الإسلام فوجوده وعدمه سواء، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعوة إلى العصبية».

 

• وذكر في ذيل كشف الظنون (ق114) من أخبار المكتبات الإسلامية الكبرى عبر التاريخ، وما أُبيد منها على يد الغزاة من الكفرة كالتتار والصليبيين، ثم استطرد وقال: «ادعى بعض الكفرة أن المسلمين كانوا يحرقون كتب اليونان والفُرس فذلك جزاء لهم، لكنه لم يثبت خبر صحيح في إحراق المسلمين لكتب الأجانب، ومن المصائب التي تصيب الشرق والمسلمين أن المتاخرين منهم لا يعرفون قدرها، فسهّلوا بذلك الطريق للأجانب لنهبها وغصبها بدراهم معدودة، فلذلك قلّت الكتب في الشرق، وكثرت المكاتب في الغرب، ألم تسمع بمكاتب مونيخ، وستراسبورغ، وليبسيك، وليدن، وفينا، وبودابست، وأكسفورد، ولندن، وباريز، والإسكوريال، وبطرسبورغ، ونيويورك، وشيكاكو، وغيرها، فأما الشرق ففيه مكاتب قليلة صغيرة، ولولا مائة ألف مجلد في أربعين مكتبة من مكاتب الأستانة، والمكتبةُ الخديوية بمصر: لكان كلا شيء، فلله الأمر من قبل ومن بعد، وإليه يرجع الأمر كله».

 

• كان العلامة الخانجي بعد عودته للبوسنة متابعاً لما يجري في العالم الإسلامي، عبر المجلات من مصر على الأقل، مثل مجلة الفتح القاهرية، ويتواصل مع خارج البوسنة بجديد الكتب الإسلامية المهمة، وكذا مر معنا مراسلته مع العلامة الطباخ في حلب، وقال زكي مجاهد في سيرته (127) إنه بقي يراسله من مصر إلى وفاته.

 

واستفادة المترجم من معاصريه ومتابعته واضحة في كتاباته، منه نقله في الحاوي عن محمد بهجة الأثري العراقي، وفهرس الفهارس للكتاني، وإعلام النبلاء للطباخ، وشرح سنن أبي داود للعظيم آبادي، ومن المتأخرين صديق حسن خان -وعدّه من المجدِّدين في رسالته عنهم-، والسفّاريني، وهذا من سعة أفقه واطلاعه رحمه الله، بل إن كتابه الذيل على كشف الظنون يقضي له بذلك، ولا سيما أنه يتكلم كثيراً عن الكتب وينقل منها، وقد يقوّم بعضها.

 

• ومن لطيف تنبيهاته قوله في الجوهر الأسنى (135): «ولولا حرصنا على الإتيان بالترجمة كاملة لحذفنا ما ذكره المحبي رحمه الله في هذه الترجمة من الخنا، فإنه والله غير لائق بعلماء الإسلام، وإن أولع به كثيرون، سامحهم الله تعالى».

 

من تلاميذه:

درّس المترجم في كبرى مدارس سراي (سراييفو) ومساجدها بضع عشرة سنة، ووعظ في مناطق عدة، فانتشر تلامذته في بلاده، وذكر نجيب في رسالته من مشاهير تلاميذه:

أحمد بن إسماعيل عليجيتش.

إبراهيم بن عثمان براداريتش.

مصطفى بن إسماعيل بوسولاجيتش.

الحافظ إبراهيم بن محمد تريبينياتس.

ونستفيد جملة منهم في إجازتين للمترجم ساقهما في كتابه الحاوي، وأسوقهما بتمامهما للفائدة.

 

إجازتان في كتاب الشمائل من المترجم:

قال في الحاوي (1/100-101): «نص الإجازة التي كتبتُها لطلبة السنة الثامنة من مدرسة الغازي خسرو بك بعد ما قرؤوا عليّ كتاب الشمائل لأبي عيسى الترمذي وشيئا من مصطلح الحديث، وهذه أسماء الطلبة المذكورين:

1- علي بن درويش آصيج.

2- زفر بن الحافظ محمد أفندي بثليج.

3- صالح بن عمر حاجي عليج.

4- فيضو بن إسماعيل حاجي بايريج.

5- مصطفى بن علي أفندي حاجي موليج.

6- حسن بن محمد حسن أفنديج.

7- محمد بن الحافظ مصطفى موياقيج.

8- الحافظ إبراهيم بن محمد تره بيناج.

9- الحافظ محمد بن محرم ظاهروويج.

 

والإجازة هي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا بمحكم كتابه إلى سديد القول وصوابه، وأخرجنا من سبل الضلال وشعابه، إلى الصراط المستقيم الموصل إلى بابه، ونصلي ونسلم على صفوة الخلق ولبابه، سيدنا محمد الذي فتح الأعين العمي والآذان الصم والقلوب الغلف بسننه وآدابه، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه.

 

أما بعد:

فيقول المفتقر إلى الله تعالى محمد بن محمد بن محمد بن صالح بن محمد الخانجي البوسنوي غفر الله تعالى [له] ولآبائه: إن في رواية سنن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم لبشارة بنضارة الوجوه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، وفي إسناد أحاديثه استناداً على الانتساب إليه صلى الله عليه وسلم يوم يفر من المرء أخوه وأمه وأبوه، هذا ولما سمع عليّ بقراءتي الطالب: فلان بن فلان الفلاني، كتاب الشمائل للترمذي: أجزته بروايته عني، وإن لم أكن للإجازة أهلاً.

ولكنَّ البلادَ إذا اقْشَعَرَّتْ
وصَوَّحَ نَبْتُها رُعِيَ الهَشيمُ

 

 

وإني رويت كتاب الشمائل بأسانيد، منها هذا الإسناد، وبه نكتفي ههنا:

أخبرنا الشيخ عبدالله بن علي إجازة، عن الشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري، عن الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني، عن الشيخين محمد بن ناصر الحسني الحازمي، وأحمد بن محمد الشوكاني، عن القاضي الرباني محمد بن علي الشوكاني، عن السيد عبدالقادر بن أحمد، عن محمد حياة السندي، عن الشيخ سالم بن عبدالله ابن سالم البصري المكي[10]، عن أبيه، عن الشيخ محمد علاء الدين البابلي، عن النور علي بن يحيى الزيادي، عن الرملي، عن زين الدين زكريا، عن عبدالرحيم بن محمد بن فرات، عن عمر بن الحسن المراغي، [عن الفخر ابن البخاري] [11]، عن ابن طبرزد، عن عبدالملك بن أبي سهل الكروخي، عن محمود بن القاسم الأزدي، عن عبدالجبار بن محمد المروزي، عن محمد بن المحبوب المروزي، عن أبي عيسى الترمذي مؤلف الشمائل، رحمهم الله جميعاً.

 

وإني أوصي المجاز المذكور بتقوى الله تعالى، وأن يجعل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نُصب عينيه، وأن يحترم صحابة سيد المرسلين، والعلماء العاملين، والأئمة المجتهدين، ويسأل لهم رضوان الله تعالى في كل وقت وحين، وأن لا ينسى الفقير من صالح الدعوات في أوقات الإجابات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

ووضعتُ التاريخ، محمد الخانجي البوسنوي. الختم».

 

• وقال في الحاوي (1/113-114): «أسماء الطلبة الذين أجزتهم برواية كتاب الشمائل في سنة خمس وخمسين وثلثمائة وألف.

 

قرأ المذكورون أدناه عليّ بعض كتاب الشمائل للحافظ ابن عيسى الترمذي، وشيئاً من مصطلح الحديث فكتبتُ لهم إجازة نورد ههنا نصها. وهذه أسماء الطلبة المذكورين:

1- أحمد بن إسماعيل عليجيك، من ماتوزيجي دوبري.

2- إسماعيل بن عثمان براداريك، من لييه جنيجا ماغلاي.

3- مصطفى بن إسماعيل بوسولاجيك، من تره بيثه.

4- عبدالله بن علي دره جا، من جويلين فوجا.

5- راشد بن مصطفى حيدروويك، من سوقولوويجي روغاتيجا.

6- أيوب بن عمر قابل، من حروييه لا تره بينه.

7- سعيد بن الحافظ إبراهيم قاريك، من غورثا توزلا.

8- أيوب بن إبراهيم محمد وويك، من ورانيج قوتوز واروش.

9- أنور بن الحافظ خلوصي ملا خليلوويك، من راحيك برجقو.

10- عصمت بن صالح إسماعيلبغوويك، من بره زا ويسوقو.

11- صالح بن عبدالله شابه تا، من أودو وجيجي فوجا.

12- حازم بن مصطفى شعبانوويك، من يوريد جاني ويسوقو.

13- عصمت بن غالب رونيك، من غورثا توزلا.

 

وهذه نص إجازتهم:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أقبل على من انقطع إليه، وأحسن إلى من اتكل عليه، والصلاة والسلام على من كشف الدجى بمصابيح سنّته، وقطع معضلات الجاهلية بحسام بيّنته، أروى من روى سنته بسلسبيل علومه ومعرفته، وأسند من أسندها إلى عظيم مغفرة الله ورحمته، وعلى آله وأصحابه خير من روى وأسند، وحفظ بنيان الشرع وشيّد، وعلى من سلك سبيلهم، واتبع دليلهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فيقول العبد الكثير الزلل، المقصر في العمل، المحب لأشرف الرسل، محمد بن محمد بن محمد بن صالح بن محمد بن صالح بن محمد بن صالح الخانجي البوسنوي، عفا عنه وعنهم الملك القوي: إن من فاته لقاء من يحبه تعلل بأخباره وأحاديثه كما قيل:

لم أَسْعَ في طَلَبِ الحديثِ لِسُمْعَةٍ
أو لاجْتِماعِ قَديمِهِ وحَديثِهِ
لكنْ إذا فاتَ المُحِبَّ لِقاءُ مَنْ
تهوى تَعَلَّلَ باسْتِماعِ حَديثِهِ


وإنا قد سلكنا هذه الطريق رجاء أن نكون يوم القيامة مع من أحببناه، هذا ولما درس عليّ أصول الحديث في المدرسة الخسروية في سراي بوسنه -صانها الله تعالى- الطالبُ المُجِدُّ الفاضل (ههنا يذكر اسمه)، وسمع عليّ بعض كتاب الشمائل للحافظ أبي عيسى الترمذي، أجزتُه بروايته ذلك الكتاب عني معترفاً بتقصيري وعدم أهليتي، وإني رويت كتاب الشمائل بأسانيد نكتفي ههنا بهذا الإسناد الواحد، فنقول:

 

أخبرنا الشيخ العالم مؤرخ حلب الشيخ محمد راغب بن محمود بن الشيخ هاشم الطباخ إجازة، عن علامة الديار المغربية الحافظ المؤرخ الشيخ محمد عبدالحي الكتاني الإدريسي الفاسي، عن العلامة المحدث القاضي أبي الرجال حسين بن محسن الأنصاري، عن القاضي أبي العباس أحمد بن محمد بن علي الشوكاني، عن والده القاضي الرباني خاتمة محدثي المشرق وأثريه العلامة محمد بن علي الشوكاني، عن السيد عبدالقادر بن أحمد، عن محمد حياة السندي، عن الشيخ سالم بن عبدالله بن سالم البصري، عن أبيه، عن الشيخ محمد علاء الدين البابلي، عن النور علي بن يحيى الزيادي، عن الرملي، عن زين الدين زكريا، عن عبدالرحيم بن الفرات، عن عمر بن الحسن المراغي، [عن الفخر ابن البخاري] [12]، عن ابن طبرزد، عن عبدالملك بن أبي سهل الكروخي، عن محمود بن القاسم الأزدي، عن عبد الجبار بن محمد المروزي، عن محمد بن المحبوب المروزي، عن مؤلف الشمائل الحافظ أبي عيسى الترمذي، رحمهم الله ورضي عنهم.

 

وإني أوصي المجاز المذكور بتقوى الله تعالى، وحبّ السنة ونشرها، وأن لا ينسى هذا الفقير من الدعوات الصالحة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. تحريراً في أوائل ربيع الأول سنة خمس وخمسين وثلثمائة وألف في المدرسة الخسروية بسراي بوسنه، صانها الله تعالى، وكتبه الفقير إلى الله تعالى محمد الخانجي البوسنوي».

 

أهم المصادر التي اعتمدتها في ترجمته:

1) ما بثّه المترجم في كتبه، ولا سيما في الحاوي، والجوهر الأسنى.

2) رسالة جامعية للدكتور أحمد بن عبد الكريم نجيب، بعنوان: السنّة النبوية مكانتها وأثرها في حياة مسلمي البوسنة والهرسك.

3) كتابات الدكتور محمد موفق الأرناؤوط، ومنها كتاب البوسنة ما بين الشرق والغرب.

4) مقال الدكتور محمود السيد الدغيم بجريدة الحياة، العدد 16250 في 19 رمضان 1428

5) الأعلام الشرقية (1/396).

6) الأخبار التاريخية في السيرة الزكية (127).

7) الأعلام (7/84)، وانظر الإعلام بتصحيح كتاب الأعلام (148).

8) معجم المؤلفين (3/680).

9) الطريق إلى فوجا ومن محن المسلمين في يوغوسلافيا (93).

 

ومن إحالات الدكتور نجيب:

1) قاسم دوبراجا: محمد خانجيتش عالم الدين (بحث منشور في العددين الثاني و الثالث من مجلة الهداية سنة 1364هـ/1945م) ص 53-58

2) الحافظ محمود ترالييتش: البوسنويون البارزون، ص 49- 55

3) محمد الطيب أوكيتش: كتاب الحديث، ص 36 - 37

وتُنظر مقدمات محققي كتبه، مثل: الجوهر الأسنى، والأعمال المختارة.

 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



[1] نقلاً عن شجرة نسبه التي أثبتها في كتابه الحاوي (1/82).

[2] كُتب الكثير عن هذه الحقبة، بل كتب عنها المترجم بعض الشيء في مقدمة كتابه الجوهر الأسنى، وأورد بنفسه بعض الصور الشمسية لتدمير المساجد في كتابه الحاوي، وذكر فيه طرفاً من الإرهاب الواقع على المسلمين، وانظر التاريخ الإسلامي لشيخنا محمود شاكر (22/456).

[3] انظر: من أخبار مصر وتاريخها للمترجم (18-19).

[4] كان صاحب جهد مميز في إنكار البدع، ويظهر أن المترجم تأثر بملازمته في هذا الموضوع، وقد قال في ذيل كشف الظنون (ق18): «الإبداع في مضار الابتداع: للشيخ العالم الواعظ المرشد الفاضل الشيخ علي محفوظ، المدرس بقسم التخصص بالأزهر، حضرتُ في دروسه كثيراً، وهو حلو البيان، طلق اللسان، ألّف هذا الكتاب ليرد الناس عن البدع والابتداع المنتشرة في جميع الأنحاء، خصوصاً في مصر، أوله: الحمد لله الذي خلق العباد لما شاء.. الخ. فرغ منه صباح يوم الجمعة سادس عشر جمادى الثاني سنة 1341».

والشيء بالشيء يُذكر فقد قال في الذيل المذكور (ق89): «إصلاح المساجد من البدع والعوائد، للسيد جمال الدين القاسمي الدمشقي، وهو كتاب لطيف مهم، لا يستغني عنه أحد في أي بلد كان؛ لانتشار البدع في الأرض كلها».

وانظر: من أخبار مصر وأخبارها (74-75).

[5] ذكر الكتاب في ذيل كشف الظنون (ق187) وقال: «لشيخنا نصير اللغة والأدب سيد علي المرصفي».. إلى أن قال: «فرغ منه في رجب سنة أربعين ومائة وألف، وكان درّسه في الأزهر مرة، ثم أعاد درسه ثانياً، فحضرنا عليه إلى هذه السنة، وهي سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وألف: الجزء الأول، وشيئا من الجزء الثاني، والله يطيل في الخير بقاءه». وعلّق في الهامش: توفي رحمه الله في رمضان سنة 1349.

[6] ألحق المترجم هذا السطر بآخر الكتابة، ورأيت من الأنسب جعله هنا.

[7] من الرسالة الجامعية العالية (الدكتوراة): السنّة النبوية مكانتها وأثرها في حياة مسلمي البوسنة والهرسك، لأحمد بن عبد الكريم نجيب.

[8] والشيء بالشيء يُذكر؛ فإن من آثار الشيخ قاسم: «كتاب في النهي عن المنكرات السائدة ، سماه: اجتنب السيء، وذكر فيه جملة من المنكرات التي زينها الشيوعيون، وعملوا على غرسها في نفوس المسلمين، حتى عمّت وطمّت وتقبلتها النفوس الضعيفة». كما يقول الدكتور أحمد نجيب في رسالته.

وأتم الشيخ قاسم ما بدأه المترجم من فهرسة المخطوطات العربية والتركية والفارسية، في ثلاثة مجلدات، حيث كان الشيخ قاسم مديراً أيضاً على المكتبة الخسروية وأبرز الناهضين بها مع المترجم، وموضوعا الكتابين كلاهما من القواسم المشتركة لجهود واهتمامات الرجلين المتآزرين في الدعوة، وبعد وفاة المترجم ترجم له الشيخ قاسم في مقال ضافٍ.

[9] لم تظهر الكلمة في التصوير، فاجتهدت في تقديرها.

[10] السندي يروي عالياً عن عبد الله البصري دون واسطة ابنه سالم، لكن المترجم أظنه تبع في هذا إتحاف الأكابر للشوكاني.

[11] سقط من الأصل، وأنبّه أنه اختلط نقل سند الشمائل للترمذي بسند كتابه السنن، تبعاً لمصدر المترجم الذي أُراه إتحاف الأكابر للشوكاني (ص55)، فابن البخاري يروي الشمائل متصلاً بالسماع أبي اليُمن زيد بن الحسن الكِنْدي، عن أبي شجاع عمر بن محمد البسطامي، عن أحمد بن محمد الخليلي، عن علي بن أحمد الخزاعي، عن الهيثم بن كليب الشاشي، عن الترمذي.

[12] سقط من الأصل، وتقدم التنبيه قريباً أن المذكور هو سند جامع الترمذي، لا الشمائل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • ديوان العلامة محمد البشير الإبراهيمي المسمى: المورد العذب النمير من أشعار العلامة محمد البشير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أنواع العلامات في النظام النحوي(مقالة - موقع الدكتور بهاء الدين عبدالرحمن)
  • فوائد مختصرة من أقوال العلامة محمد بن عبداللطيف والعلامة محمد بن إبراهيم والعلامة عبدالله بن حميد منتقاة من الدرر السنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من علامات الترقيم: علامة التأثر وعلامة الاعتراض(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تهذيب سلم الوصول إلى الضروري من الأصول للعلامة محمد بن محمد المغربي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجازة منظومة من العلامة جمال الدين القاسمي للعلامة محمد عبد الحي الكتاني وأولاده (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • علامات الفعل والحرف(مقالة - حضارة الكلمة)
  • منظومة العروة الوثيقة للعلامة محمد بن عمر بن مبارك الشهير ببحرق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فوائد أبي محمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان أبي الشيخ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء فيه حديث ابن حيوية أبي عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
7- تحفة رائعة
عائض الدوسري - السعودية 26-10-2011 03:49 PM

تحفة رائعة يا شيخ زياد بارك الله فيك ونفع بعلمك

أما قول الشيخ البوسنوي: «الجهمية طائفة ينتحلون مذهب الجهم بن صفوان، والمعتزلة فرعٌ منها، ومتكلموا الأشاعرة يرجع كثيرٌ من مسائلهم إلى مذهب الجهمية؛ كما يدريه المتبحرُ في فنِّ الكلام؛ والمقارن بين أقوال هؤلاء وأقوال السلف».

فهذا يدل على رسوخ في فهم جذور الأفكار مع تجرد وإنصاف، فالفرق الكلامية السنية بشكل عام عيال على الجهمية، والماتريدية والأشاعرة عيال على الكلابية والمعتزلة.

6- طلب مني إلى موقع الألوكة
عز الدين 18-10-2011 10:55 PM

تكملة لجهدكم في تعريف القراء بهذا العلم نرجو الاهتمام برفع كتبه على الموقع حيث لا يوجد له إلا كتاب واحد في الموقع وهو تحقيق الكلم الطيب

5- مقال جميل جدا
طالبة علم - السعودية 18-10-2011 01:57 PM

شكرا للشيخ محمد زياد هذا البحث، ففيه أشياء كثيرة مهمة وغير مشهورة عند الناس
الحمد لله لم يخلو مكان بعيد من علماء مصلحين ينشرون الإسلام ويحرصون على السنة ويردون البدع.
وكم هو محزن أن هذا العالم قتل وهو شاب.
الله يكثر من أمثاله ويعوض أهل بلده الخير، ويعيدهم لعز الحكم الإسلامي كما كانوا.
وتمنيت أن يضيف الشيخ صور أكثر مثل الصورة التي أول المقال.

4- شكرا لكم
محمد زياد بن عمر التكلة - الرياض 17-10-2011 12:54 PM

جزاكم الله خيرا على حسن ظنكم، خصوصا الأخ أيمن بارك الله فيه.
أخي أبا محمد:
كتاب فضائل الصحابة أرسلته للمطبعة، ويخرج قريباً جدا إن شاء الله.
أخبار مصر مطبوع بدار الحصاد في دمشق سنة 2010م.
والحاوي مخطوط.

3- ما هي معلومات الطبعات؟
أبو محمد - السعودية 17-10-2011 09:39 AM

ورد في المقال الضافي عدة كتب وأستفسر عن مكان طبعها، مثل فضائل الصحابة، أخبار مصر، الحاوي.
مع التحية.

2- شكر لكم مولانا
فهمي أيوبيتش 15-10-2011 02:04 PM

الشيخ محمد خانجيتش هو رمز الإسلام في البوسنة مقال جميل بالعربي  الأخبار قليلة عنه

1- ترجمة نفيسة
أيمن بن أحمد ذوالغنى - دمشقي مقيم بالرياض 13-10-2011 08:31 PM

ما شاء الله ترجمة ضافية مسهبة لعلم جدير بالتنويه بجهوده وإبراز مآثره..

ولا يعلم مدى الجهد الذي بذله الأخ الفاضل الشيخ زياد في كتابة هذه الترجمة إلا من عانى الكتابة في فن التراجم، وحشد الفوائد والفرائد...

فجزى الله أخانا الفاضل خير الجزاء، ونفع بعطائه الثر، وأعماله العلمية.. وتقبل منا ومنه صالح القول والعمل.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب