• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

ماذا يعني تحكيم الشريعة؟

شريف محمد جابر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/8/2011 ميلادي - 18/9/1432 هجري

الزيارات: 42700

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في غِمار الحراك السياسي والجماهيري الذي تشْهَده بعضُ البلاد العربيَّة في الآونة الأخيرة تثور دَعوى عريضةٌ يحمل رايتَها العلمانيُّون والليبراليُّون ومَن لفَّ لفَّهم وسلك مسلَكهم، يقولون: "تطالبون بتطبيقِ الشريعة؟ تهتفون وترفعون الشعاراتِ للمطالبة بها؟ فماذا تعنون بذلك؟ ومَن قال: إنَّ الشريعة غير موجودة؟ وهل نحن كفَّار حتى تنادوا بعودةِ الإسلام للحُكم؟ فالشريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها مِن شيء، ولا أحدَ يهاجم الإسلام، ويمكن لأيِّ مسلم أن يقومَ بواجباته الشرعية دون أيِّ مضايقة! بل إنَّ هناك مادةً في الدستور تقول: "الإسلام هو دِين الدولة، والشريعة الإسلاميَّة هي المصدر الرئيسي في التشريع"، حسنٌ إذًا، فالشريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها؛ فلماذا تطالبون بها؟! أم هو مجرَّد شعار حماسيّ لا مضمونَ له ترفعه الحركاتُ الإسلامية، وتضحَك على الشعوب المشتاقة للعدْل بعدَ عهود الظُّلم والاستبداد؛ كي تصلَ إلى سدَّة الحُكم"؟!

 

هذه وغيرها مِن الدَّعاوى يطرحها العلمانيُّون؛ تلبيسًا على الناس، وإيهامًا لهم بأنَّ الشريعة مطبَّقة، وأنَّ زوال الحكَّام المستبدِّين وتطبيق نِظام ديمقراطي يضمنُ الحريَّاتِ والعدالةَ والمساواةَ هو ذاته تطبيقُ الشريعة؛ لأنَّ الشريعة تدعو لنفس المبادئ التي تَضمَنها الديمقراطية، ولا خوفَ على الشريعة حينئذٍ!

 

وكَذَبوا واللهِ! وفي مقالنا هذا سنحاول - بعونِ الله تعالى - أن نبيِّن أهمَّ الأسس والمعالِم لحقيقة "تحكيم الشريعة"، ووضعها موضعَ التنفيذ، وما يَعنيه ذلك في حقيقةِ الواقع، إذ أسهم طولُ العهد الذي نُحيِّت فيه شريعة الله عن الحُكم بإيجاد صعوبة في تصوُّر معنى تطبيقِ الشريعة عندَ الكثير من المسلمين.

 

وقبل أن نعرِض الأسس العريضة لمعنَى تحكيم الشريعة نحبُّ أن نقول كلمة موجزةً عن الحدود؛ إذ يعتقد الكثيرُ مِن الناس أنَّ تحكيم الشريعة يعني مجرَّد إقامةِ الحدود المعطَّلة في بلاد المسلمين منذُ عقود طويلة، والحدود مِن ضمن معاني تحكيمِ الشريعة، فهي أحكامٌ شرعيَّة ثابتة لا تُلغى بتغيُّر الزمان وتبدُّل المكان، تقوم الدولة بتنفيذها، ولكنَّها ليستْ هي كل معنى "تحكيم الشريعة"! وإنْ أردنا التمثيلَ: فلو شبَّهنا الشريعة ببستانٍ كبيرٍ، فإنَّ الحدود سياج هذا البستان، ولا يُقال لمن نَصَبَ سياجًا حولَ بقعة صحراوية قاحلة: إنَّه أقام بستانًا! ولذلك فإنَّ نموذج بعضِ الدول التي تُقيم الحدودَ ولا تُطبِّق معنى الشريعة الحقيقي في سائرِ الشؤون هو نموذج يحبُّ العلمانيُّون إظهارَه للتدليل على أنَّ تطبيق الشريعة ليس هو ذلك الشيء الجذَّاب، ولا هو بجالِبٍ للعدل والحرية إلى بلادِنا!

 

بعدَ هذه المقدِّمة الضروريَّة حول الموضوع، نتساءل مجدَّدا: ماذا يعني تحكيمُ الشريعة؟

 

سأتحدَّثُ عن أربعة أُسسٍ لمعنى إقامة شَرْع الله في الأرض؛ حتى يتَّضح الفارقُ الضخم بين ما يصوِّره هؤلاء العلمانيُّون مِن تلبيس في قضية تَطبيق الشريعة، وبيْن حقيقة هذا التطبيق، بل بيْن ما يَدْعُون إليه من مبادئَ وأفكارٍ ونُظم للحُكم، وبين أُسس النِّظام السياسي في الإسلام.

 

تحكيم الشريعة معناه: التشريع حقّ الله الخالص:

حين يُقام شرعُ الله، فإنُّه يتمُّ كفُّ البشَر عن التشريع بعضهم لبعض، "وجعل التشريع حقًّا خالصًا لله سبحانه وتعالى، هو الذي يَشرَع، وهو الذي يضَع المعايير، وهو الذي يُحدِّد للبشر ما يجوز لهم وما لا يجوز، بحُكم كونه - سبحانه وتعالى - هو الخالق، وهو الرزَّاق ذو القوَّة المتين، وهو الحكيمُ العليم، وهو الغني، وهو اللطيف الخبير... إلى آخِر ما يتفرَّد به الله مِن الصِّفات"[1].

 

يقول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]، وفي ذلك يختلف النِّظامُ الإسلامي عن الأنظمةِ الوضعيَّة في الأرض جميعًا؛ إذ يقوم البشرُ بمهمَّة التشريع بشكلٍ جماعي (كما في الديمقراطية)، أو بشكل فردي (كما في الدكتاتورية)[2]، وحين يكون التشريع حقًّا خالصًا لله فإنَّه لن يكونَ هناك مصلحةٌ لمجموعة مِن البشر على حسابِ مجموعة أخرى في هذا التشريع، ولن يشوبَه عيوبُ "الجهل" و"الهوى" كما تشوب هذه العيوبُ كلَّ تشريع بشريٍّ؛ لأنّ الإنسان حين يضَع منهجًا لحياته منفردًا دون استرشاد بوحيٍ ربَّاني، فإنَّه بالضرورة "جاهل" لا يُدرك كلَّ جوانب الجزئية التي يضَع لها المنهج وارتباطاتها، وصاحِب "هوى" يَميل إلى تحقيقِ رَغباته وأهوائه ومصالحه مِن هذا التشريع، مهما زعَم مِن نزاهة وعدَالة!


تحكيم الشريعة معناه: التزام الحاكِم والمحكوم بما أنْزَل الله:

يقول تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 18].

 

فالحاكِم والمحكوم مُلزَمان باتِّباع شريعة الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 58 - 59].


الحاكِم مأمورٌ بتطبيقِ شرْع الله في المحكومين؛ أي: بوضعه موضعَ التنفيذ وبالعدل المطلوبِ منه، والمحكوم مأمورٌ بطاعة هذا الحاكِم فيما يُطيع الله ورسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم.


وفي العَلاقة بيْن الحاكم والمحكوم يتفوَّق النِّظامُ الإسلامي بدرجاتٍ على النِّظام الديمقراطي، الذي يجعل مِن محاسبة الحكام "حقًّا" يُعطَى للأمَّة، فجعل الإسلامُ محاسبةَ الحكَّام إنْ خالفوا شرْع الله (الدستور أو القانون الأساسي) "واجبًا" على الأمَّة، وليس مجرَّد حقٍّ لها! واجبًا تتعبَّد بالقيام به تُجاهَ الحاكم؛ ((إذا رأيتُم أُمَّتي تَهاب أن تقولَ للظالِم: يا ظالم، فقد تُودع منها))؛ رواه الإمام أحمد في مسنده.


((إنَّه يُستعمَل عليكم أُمراء، فتَعرِفون وتُنكِرون، فمَن كرِه فقد برِئ، ومَن أنكر فقد سَلِم، ولكن مَن رَضِي وتابع)) - أي: مَن رضي عن منكرِهم وتابعَهم فيه دون إنكار عليهم فلا بَرِئ ولا سَلِم؛ والحديث رواه مسلم.


((لَمَّا وقعتْ بنو إسرائيل في المعاصي فنهتْهم علماؤُهم، فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسِهم وواكلوهم وشارَبوهم، فضَرَب الله قلوبَ بعضهمعلىبعضٍ ولعنَهم ﴿ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [المائدة: 78]، قال: فجلس رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان متكئًا، فقال: لا، والذي نَفْسي بيده، حتى تَأطروهم علىالحقِّ أَطْرًا))؛ سنن الترمذي.


وهنا يَتجلَّى دَور ما يمكن تسميتُه "بالسلطة الرقابيَّة" التي يتميَّز بها النظام الإسلامي بشكلٍ واضح، فاستقراء الممارسة الراشِدة في عهدِ الخلفاء الراشدين يُطلعنا على الكثيرِ مِن المواقف التي مارَس بها الصحابةُ دَورَ هذه السلطة التي تأطر الحاكمَ على الحق وتُدخِل الأمَّة في تطبيق أحدِ أهمِّ أسس النظام الإسلامي، وهو "مشاركة الأمَّة".


تحكيم الشريعة معناه: مشاركة الأمَّة:

تَتحقَّق مشاركةُ الأمَّة في النِّظام الإسلامي عن طريقِ الشورى الملزِمة لأهلِ الحَلِّ والعَقد، ويكون دورهم تحقيقَ مصالح الأمَّة بمختلف الطُّرق؛ سواء كان ذلك بممارساتِ الحِسبة أو الشورى أو العَزل، أو غيرها مما يُحقِّق مصالح الأمَّة، ويَضمن حقوقَها في إقامةِ شَرْع الله والعدْل مِن قِبل الحاكم، وتتحقَّق كذلك عن طريقِ الشورى الملزِمة لأهل النَّظر والاجتهاد فيما ليس فيه نصٌّ ولا إجماع[3].


ونقيض "المشاركة" للأمَّة هو "الاستبداد"، وهو مؤدٍّ لا محالةَ إلى اللامبالاة وفقدان الانتماء وعدَم التفاعُل مع الأوضاع العامَّة والاهتمام بها؛ ولذلك كان التركيزُ الشديد في النُّصوص القرآنية والأحاديث الشريفة، وفي السِّيرة النبويَّة على مفهومِ "الشورى" ومشارَكة الأمَّة في الأوضاع العامَّة، ممَّا ظهر جليًّا في الخِلافة الراشدة مع نماذجَ كثيرة ناصعة، ولكنَّ المشاركة وحدَها لا تكون على الوجه المطلوب دون وجودِ عنصر هامٍّ جدًّا في النظام الإسلامي، هذا العنصر هو "الهُويَّة".


تحكيم الشريعة معناه: هُويَّة تجمع الأمَّة:

الهُويَّة الإسلاميَّة للأمَّة والاجتماع عليها أحدُ أهمِّ أسس النظام الإسلامي؛ ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].


هُويَّة واضحة ناصِعة لا تشترك مع غيرِها من الهويَّات في استقطابِ الأمَّة، فتتوحَّد وجهتها ويتعزَّز انتماؤها، وحين يكون النِّظام الحاكِم ذا هُويَّة إسلاميَّة أصيلة يتعزَّز انتماؤه للأمَّة وانتماء الأمَّة له؛ لأنَّ الهويَّة الإسلاميَّة هي الهويَّة الأصيلة لهذه الأمَّة مُذ وُلِدت؛ ولأنَّها هي التي حفِظتِ الأمَّة من الاغتراب الشامل عنِ الأوضاع العامَّة لقرون طويلة، وحالة التلاحُم والفاعليَّة التي تنشئها الهُويَّةُ الإسلاميَّة المشتركة بيْن الأمَّة والنِّظام الذي يحكمها، لا يستطيع إنشاءَها أيُّ نظام آخَر يحمل هويَّةً دخيلة على الأمَّة؛ ولهذا فَشِلَتِ التجربة "القومية" في تحقيقِ النهضة لهذه الأمَّة، وفشِلتِ المدنيَّات ذات الهُويَّة "الوطنية" في القضاء على حالة "الاغتراب" التي تُعاني منها الأمَّة الإسلاميَّة في هذه البلدان؛ لأنَّها تُحدِث فراغًا اجتماعيًّا ينشأ بسببِ اعتلاء هُويَّات دخيلة على كيان الأمَّة، ممَّا يعزل الفردَ عن الهموم العامَّة ويحصره في همومِه الذاتية؛ لأنَّ الهُويَّة الدخيلة لا تحقِّق ذلك الاستقطابَ والجذْب الذي تحقِّقه الهُويَّةُ الإسلاميَّة، والتي هي الهُويَّة الأصيلة لهذه الأمَّة.

 

وحين يكون النِّظام السياسي قائمًا على: الاجتماع على الإسلام والانتساب إلى الشَّرْع، تتحقَّق - أولاً - شرعيَّة هذا النِّظام؛ إذ لا شرعيةَ دون اجتماعٍ على الإسلام، فلا شرعيةَ للأوضاع القوميَّة والوطنيَّة القائمة في بلادِ المسلمين؛ يقول الإمامُ الشاطبي في "الاعتصام" معرِّفًا بمفهوم "الجماعة" الشرعي، والتي هي جماعةُ التمكين:"الجماعةُ راجعةٌ إلى الاجتماع على الإمام الموافِق للكتاب والسُّنة، فما كان خارجًا عن السُّنة - كالخوارج والروافض، وما جرَى مجراهم - فلا يدخُل في وصْف الجماعة"، فلئن خرجتِ الفرق الخارجة عن السُّنَّة والمنتسبة إلى الشَّرْع في المجمل مِن مفهوم الجماعة الشَّرْعي، فإنَّه أحرى بالكيانات العلمانيَّة ذات الهويَّات الوطنيَّة والقوميَّة أن تخرُج من هذا المفهوم الشرعي للجَماعة!


وتَتحقَّق - ثانيًا - بالهويَّة الإسلاميَّة الأصيلة للنِّظام الحاكم نجاعةُ "المشاركة" التي تمارسها الأمَّة في الحُكم وفاعليَّتها؛ إذ المشاركة المنتمية انتماءَ الأصالة أكثرُ فاعليَّةً وأقوى مِن المشاركة التي تفتقد إلى عنصر الانتماء، وبذلك يتَّضح الفرْقُ الهائل بيْن اصطباغ النِّظام بالهويَّة الإسلاميَّة، تحقيقًا لا إيهامًا، وبين اصطباغه بالهوياتِ المستوردة الدخيلة على كيانِ الأمَّة.


تلك أُسس أربعة للنِّظام السياسي الإسلامي، ولمعنَى "تحكيم الشريعة" في حقيقةِ الواقع، لا كما يُريد العلمانيُّون أنْ يُصوِّروا لنا تطبيقَ الشريعة وكأنَّه شيءٌ مبهَم لا حقيقةَ واضحة له تارَة، أو أنَّه مجرَّد تطبيق شكْلي للحدود دون وجودِ منظومة تحكُم علاقةَ الحاكم بالمحكوم، وتَضبط سياساتِ الدولة الداخليَّة والخارجيَّة تارةً أخرى.


ويَصعُب حصْر كلِّ معاني تطبيق الشريعة في هذا المقام، ولكنَّني أقول: إنَّ كلَّ جزئيَّة مِن جزئيَّات الحياة البشريَّة يَنبغي أن تنضبطَ بضوابطِ الشريعة، وذلك هو مقتضى الإيمان بالله الواحِد، وإلاَّ فلا إيمانَ إن نحَّيْنا شريعةَ الله عن الحُكم واستبدَلْنا بها شرائعَ ودساتير جاهليَّة مِن وضْع البشر لنتحاكم إليها، وإنَّما الواجِب هو التسليم بحُكم الله تعالى والقِيام بتطبيقه في كلِّ ما يشجر بيْن الناس، سواء في الحياة العامَّة أو في الحياة الخاصَّة، وهذا هو المعنى الحقيقي لتطبيقِ الشريعة؛ ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].


اللهمَّ إنَّا نسألكَ أن تأذنَ لشرعِكَ أن يحكُم، ولدِينك أن يسُود.



[1] "هذا هو الإسلام"، محمد قطب، (ص: 35).

[2] يُظهر العلمانيون دومًا النظام الدكتاتوري وجهًا مقابلاً للنِّظام الديمقراطي كحتمية واجِبة الحدوث، فإمَّا أن يكونَ النظام ديمقراطيًّا أو سيكون دكتاتوريًّا بالضرورة! والحقيقة أنَّ ذلك في عالم الجاهلية، فإذا ما ترَكْنا هذه الأفكار والنُّظم والمبادِئ الجاهلية وارتفعْنا إلى قمَّة الإسلام، وجدْنا أنَّ دين الله هو الوجهُ المقابل لكلِّ هذه الأنظمة الوضعيَّة المنحرِفة عن المنهج الربَّاني، فهو المقابل للديمقراطيَّة بسوءاتها، وهو المقابِل للدكتاتورية كذلك!

[3] الشورى ملزمة بغالبية الآراء، ودليل إلْزامها نصوص القرآن وحديث: ((حتى أسْتأمِر السعود))، في مناصفة تمر المدينة، وكذلك من السِّيرة النبويَّة والممارسة الراشِدة للحُكم بعد ذلك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تطبيق الشريعة والوحدة الوطنية
  • صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
  • هلموا إلى تحكيم الشريعة
  • ماذا يعني تطبيق الشريعة؟
  • الشريعة الإسلامية وقدرتها على مواءمة العصر
  • القانون والشريعة الإسلامية
  • سيادة الشريعة
  • الرؤية الإسلامية ليست تشييدا تصوريا، أو خطابا، أو أيديولوجيا
  • تبصرة الأنام بضرورة تحكيم شرع الرحمن
  • الأمة في خدمة الشريعة
  • الشريعة ثابتة ومرنة ويسر كلها
  • الشريعة دعوة إلى الحق ورفق بالخلق
  • شبهات حول تحكيم الشريعة

مختارات من الشبكة

  • تطبيق الشريعة الإسلامية بدولة الكويت بين الشريعة والقانون (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الشريعة عالمية وشاملة ومفصلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقاصد الشريعة في القضاء والشهادة والعقوبات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاملة المدنيين في أثناء القتال في الشريعة الإسلامية والشريعة اليهودية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشريعة لماذا؟ أسباب شرعية ودينية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتب تتحدث عن تحكيم الشريعة(استشارة - الاستشارات)
  • التحكيم في الشريعة الإسلامية : التحكيم العام والتحكيم عند الشقاق الزوجي (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • أهمية موضوعات الشريعة وحاجة الطالبات إليها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا لو سكت من لا يعلم؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
3- ما معنى تطبيق الشريعة؟
مهند - فلسطين 13-01-2014 10:28 PM

أرى أن الكاتب لم يوضح معنى تطبيق الشريعة وهو عنوان المقال الرئيسي، فما ذكره في المقال يعد تأكيدا على ضرورة ووجوب تحكيم الشريعة، وليس توضيحا لمعنى تحكيم الشريعة، وذلك لما يلي:
1- المشكلة في الجزئيات والتفصيلات التي يجب أن تنضبط بالشريعة الاسلامية، فما هي القوانين التفصيلية المخالفة للشريعة في دولة معينة كمصر مثلا أو السعودية، وهل وجود مثل هذه القوانين يعني أن الدولة غير إسلامية، وهل تغيير مثل هذه القوانين التفصيلية يعني أن الدولة تحولت من دولة علمانية إلى دولة إسلامية، مع ملاحظة أن الحدود تم الغاءها في عهد دولة الخلافة العثمانية.
2-أسس معنى إقامة شرع الله في الأرض مختلفة من كتاب لآخر ومن مؤلف لآخر ومن جماعة لأخرى، والملاحظ أن أغلب الدول العربية مثلا لا ترفض الشريعة من حيث المبدأ حيث تنص دساتيرها على أن الاسلام دين الدولة. فما هو النص الدستوري أو النصوص التي تحول هوية الدولة من علمانية إلى إسلامية.

2- تحكيم الشريعة
elganahway - مصر 18-11-2011 12:26 AM

والله لن ينصلح حال البلاد والعباد بدون تطبيق شريعة الله عز وجل حفظ الله كل بلاد المسلمين من كل سوء

1- بارك الله فيك
أمّ معاذة 19-08-2011 05:02 PM

آخر فقرة من مقالك غائب على أكثر من ينادون بتطبيق الشريعة اليوم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب