• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / ملفات تراجم خاصة / قالوا عن الشيخ عبدالرحمن الباني رحمه الله
علامة باركود

الشيخ الرباني عبدالرحمن الباني شخصيته وحبه للغة العربية

د. فهمي قطب الدين النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/7/2011 ميلادي - 19/8/1432 هجري

الزيارات: 9859

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قبل فجر يوم الخميس 9 جمادى الآخرة 1432هـ (12/5/2011م) توقف القلب السليم.. قلب الشيخ عبد الرحمن الباني .. وانتقلت روحه الفياضة إلى بارئها، بعد جهاد طويل في الدعوة إلى الله، وفي التربية والتعليم، والحركة الساعية لخير الناس ونفعهم.

 

وإنه ليعجز قلمي القاصر عن إعطاء هذا الأستاذ والشيخ والمربي العظيم عن الكتابة في وصفه وحركته ودأبه وجهاده:

• هل أصف دينه وتقواه وورعه؟

• أم أصف حسن خلقه مع جميع من يجالسه ويحادثه؟

• أم أصف كرمه، حيث فتح بيته في كل الأوقات بعامة وبعد صلاة الجمعة من كل أسبوع بخاصة، ليفيض من علمه وتجاربه التاريخية والتربوية واللغوية - حتى بعد التسعين من عمره - على جميع الناس -.

 

لقد كانت صلتي بالشيخ قديمة ومنذ أن وصلت إلى الرياض في (18/شوال/1396هـ) حيث قابلته في منزل شيخنا وأستاذنا الدكتور محمد بن لطفي الصباغ الذي كان يسكن بقرب حديقة الفوطة في الرياض، وازدادت هذه اللقاءات عندما سكن شارع فاطمة الزهراء في الملز.. وكنت أقيم بقربه في شارع جرير بالملز.. وقد أثمرت هذه اللقاءات علميًا وفكريًا وتربويًا.. حيث زوَّدني - رحمه الله - بمراجع كثيرة عندما كنت أعد رسالة الماجستير في جامعة الإمام (الحرب النفسية في ضوء معايير الإسلام) وأرشدني إلى الأستاذ عبد الرحمن النحلاوي - رحمه الله - للاستفادة منه في هذا الموضوع، وكان الأستاذ النحلاوي أستاذًا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

 

كان رحمه الله يصرح لي دائما بأنه يحبني كثيرًا في الله .. وكثيرا ما كرر أستاذنا الصباغ هذا القول لي : (إن الشيخ الباني يحبك كثيرًا).. والله يعلم أنني أحبه في الله كثيرًا .. وأفخر دائما بصلتي به، وكنت دائما أصفه للآخرين بأنه (بقية السلف الصالح) في سمته وصلاحه وتقواه وورعه.

 

وإنني أفخر أيضًا، حيث تفضل عليَّ بكتابة مقدمة كتابي : (العقل عند الإمام ابن تيمية) هذه المقدمة الرائعة التي تثبت علمه الغزير ... وثقافته الواسعة في الدراسات النفسية والتربوية والسلوكية والتاريخ العلمي للمسلمين.

 

رحمك الله يا أبا أسامة .. لقد كنت عظيمًا في كل أمور حياتك؛ عظيمًا في أخلاقك؛ عظيمًا في دروسك الأسبوعية.. عظيمًا في حبك الصادق للآخرين ونفعك لهم.. جعلك الله من الآمنين يوم القيامة مصداقًا لقول رسولنا وقدوتنا - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لله خلقا خلقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون من عذاب الله عز وجل )) (رواه الطبراني).

 

شخصيته.. ومواقفه الفريدة:

كنت أسأل نفسي عن شخصية الشيخ الباني من حيث شخصيته المتميزة والمتفردة في سمته وسلوكه، ومودته للآخرين وحب الآخرين له، ما السر في كل ذلك؟


تذكرت أولا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((الهديُ الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمس وعشرين جزءا من النبوة) (رواه أهل السنن)

 

أما أَسْره للآخرين في حبهم له، تذكرت قول علي -رضي الله عنه - (من برّك فقد أسرك، ومن جفاك فقد أطلقك).

 

وقال آخر: (إن العطاء إسار).

 

وقال المتنبي الشاعر:

وقَيَّدتُ نفسي في ذُراك مَحَبةً
وَمنْ وَجَد الإحسانَ قيدا تَقَيَّدا

 

وهكذا فإن الشيخ الباني - رحمه الله - أسر تلاميذه ومحبيه وكل من يلتقي به في بره وعطفه وإعانته لكل محتاج إليه علميًا واجتماعيًا وفكريًا.

 

ومما تتميز به شخصية أستاذنا الباني - رحمه الله - علو الهمَّة في كل أحواله الصحية والمرضية، فتراه لا يحب الراحة والدعة والسلامة.. ولو أرادها لجاءت إليه مختارة.. ولكنها شخصيته العزيزة، الأبية، لا يجد راحتها إلا في العمل، ويصدق عليه قول الإمام أحمد - رحمه الله - لما سئل: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: (عند أول قدم له في الجنة).

 

ومن آثار علو همته، وحركته، ونشاطه العلمي والدعوي جسمه النحيل الذي أخذ يذوب شيئًا فشيئًا حتى توفاه الله.. ورحم الله ابن دقيق العيد حين قال:

الجسمُ يُذيبه حقوق الخدمة
والقلبُ عذابُه عُلُوِّ الهمة
والعمر بذاك ينقضي في لقب
والراحة ماتت فعليها الرحمة

 

وكان جسمه النحيل - رحمه الله - لا يتحمل هذه الهمة العالية لذلك كثيرًا ما يقع مريضا ومع ذلك لا يطيق البقاء في السرير دون أن يرى إخوانه ويتصل بهم، ويفيض عليهم من علمه وحبه وعاطفته.. وقد كتبت في مذكرتي بعد عصر يوم الأربعاء (17/صفر/1428هـ):

اتصل بي هاتفيا الشيخ الباني ولتواضعه الكبير، قال: إنه مشتاق لرؤيتنا، ويعتذر لنا عن فراقه الطويل بسبب المرض الذي أقعده في الفراش... وما أن أنهيت المكالمة حتى اتصلت بأخينا الشيخ صالح الشامي، واتفقت معه على زيارة أستاذنا الباني مساء هذا اليوم، وكانت أول زيارة لنا بعد شفائه - رحمه الله - وكان لقاؤنا به لقاء التلميذ لأستاذه الحبيب، حيث رحَّب بالأستاذ صالح الشامي واستعلم عن مؤلفاته القيمة في الحديث الشريف مثل (الجامع بين الصحيحين) وغيرها من الكتب القيمة - زاده الله علما ونفع به المسلمين..

 

ومما تتميز به شخصية شيخنا الباني - رحمه الله - الوعي - وما أدراك ما الوعي؟


ومعنى الوعي كما جاء في تفسير الكشاف للزمخشري، في تفسير قوله تعالى: ﴿ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 12]: (أذن واعية من شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به، ولا تضيعه بترك العمل). وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي - رضي الله عنه - عند نزول هذه الآية: (سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي)،  قال علي - رضي الله عنه - : (فما نسيت شيئا بعد، وما كان لي أن أنسى)؛ (أخرجه الطبري وغيره من رواية مكحول مرسلا بتمامه ونحوه).

 

ويتم الزمخشري كلامه، مبينًا أن قليل من الناس من يعي منهم: (فإن قلت: لم قيل أذن واعية، على التوحيد والتنكير؟ قلت للإيذان بأن فيهم قلة، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم، وللدلالة على أن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله فهي السواد الأعظم عند الله، وما سواها لا يبالي بهم بالة، وإن ملؤوا مابين الخافقين).

 

وأحسب أن شيخنا الفاضل - رحمه الله - من هؤلاء القلة الواعية في المجتمع الإسلامي.. الذي يدرك واقع العالم الإسلامي تاريخيًا وفكريًا واجتماعيًا وسياسيًا، وكل من حضر درسه الأسبوعي يدرك مقدار وعي الشيخ، حيث تراه يتنقل بين العقيدة والتاريخ والتراجم واللغة والأدب والدعوة والسياسة.. بذاكرة دقيقة يعجز عنها كثير من الناس في مراحل الشباب..

 

وأحسب أن سر ذلك يعود إلى تقوى شيخنا، وإيمانه المتين، وصلته بالقرآن الكريم الذي أبعد عنه كل خرف أو غيره، قال عكرمة معلقا على قوله تعالى: ﴿ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ﴾ [الحج: 5] قال: (من قرأ القرآن لم يصر بهذه الحالة) (تهذيب تفسير الجلالين- للدكتور محمد ابن لطفي الصباغ).

 

ومما تتميز به شخصية شيخنا - رحمه الله - سلوكه الفريد تجاه أحبابه وتلاميذه ومن يزوره في بيته .. أخلاق عالية، وتواضع جم، وإقبال على زائره بكل فكره وقلبه..

 

وأعطي نموذجين لسلوكه الفريد:

الأول: بعد زيارتي له حين كان يسكن في حي الملز قرب شارع فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - (وذلك قبل عام 1415هـ) حيث ذهبت عليه لاستعارة بعض الكتب العلمية، فذهب وتركني في غرفة الاستقبال وتأخر عليَّ، وأنا أعلم كم تعب في البحث في مكتبته.. وبعد أن جلب لي ما أردت استأذنته في الذهاب بعد شرب الشاي عنده، وقبل وداعي له طلب مني الانتظار قليلًا، فغاب لحظات ثم عاد وهو يحمل فاكهة متعددة.. وقال: هذه ضيافتك حيث انشغلت عنك في البحث عن الكتب.. وترددت في أخذها إلا أنه أصر على ذلك.

 

والنموذج الثاني: بعد خروجي من بيته بعد درس الجمعة (7 شوال 1428هـ) وبعد تفرق الزائرين لحقني ابنه أسامة وطلب مني الانتظار قليلًا قبل خروجي من باب مسكنه.. ثم بالشيخ يحمل باقة من زهر الفل - الذي يزرعه في منزله، وكثيرا ما كان يوزعه على الحاضرين لدرسه يوم الجمعة - فقدمها لي.. فشكرته وقد أبرقت أسرتي من أستاذي الحبيب الذي غمرني بحبه وعطفه.. ومتعجبا من سلوكه الفريد هذا ..

 

الشيخ الباني ولغة القرآن:

أستاذنا الباني فضلا إلى أنه داعية إسلامي من نوع فريد، ومفكر تربوي ومُنظِّر للمناهج المدرسية، وواسع الثقافة في الدراسات النفسية والتاريخية، فهو من عشاق لغة القرآن، المتقنين لها، المنافحين عن الفصحى، ضد سهام أعدائها المتربصين بها من المستشرقين وغيرهم من العرب المنحرفين عن أمتهم ولغتها..

 

ويظهر هذا الحب العميق للغة العربية، في إسهابه - كلما سنحت له الفرصة - في بيان تميزها على اللغات الأخرى، وذكر أعدائها، وكيف يكيدون لها - ومن ذلك، أعرض ماقاله - رحمه الله - في درسين من دروس يوم الجمعة..

 

وأبدأ في درس يوم الجمعة في 7 شوال 1428هـ (19/10/2007م).. وبمجرد ذكر اللغة العربية ومدى اهتمام مدارسنا وجامعاتنا بها ... وضعف طلابنا فيها.. قال: إن أجدادنا كانوا يهتمون بها كثيرًا، ومن ذلك ما رواه لي أستاذي (سليم الجندي) "أن الخليفة أبا جعفر المنصور كان يجلس يومًا مع أبنائه وقرابته الذين حضروا لتعزيته بولده الذي توفي.. فسألهم الخليفة : أيكم يحفظ قصيدة أبي ذؤيب الهذلي التي مطلعها :

أمِنَ المنون وريبها تتوجع
والدهر ليس بمُعتب من يجزعُ؟

 

فلم يجبه أحد! فقال الخليفة : إن فجيعتي بكم أكثر من فجيعتي بولدي"؛ وهذا يظهر اهتمام المسلمين وأجدادنا باللغة وتعلمها والشعر وحفظه..

 

وعاد أستاذنا الباني إلى أستاذه (سليم الجندي) فتحدث عنه وذكر أنه من عشاق اللغة العربية، بل إن عاطفته تجاهها تجعله ينفعل كثيرا تجاه من يخطئ في كلامه أو في كتابته..

 

وذكر لنا أستاذنا الباني أن (الجندي) كان يسير يومًا في إحدى حارات دمشق الشعبية، ومر على أولاد يلعبون بالكرة، وسمع أحد الأولاد يقول: (الآن حَميَ الوطيس) فسر من قوله هذا، وكاد يرقص طربًا من ذكره لهذه العبارة.

 

ويستطرد شيخنا الباني - رحمه الله - قائلًا: وكان من معاصري (الجندي) أحد عشاق اللغة العربية أيضًا وهو الشيخ عبد القادر المبارك - والد الأستاذ محمد المبارك، المعروف بكتاباته القيمة، وكان أستاذًا بجامعة دمشق - حيث كان الاثنان يتنافسان (الجندي والمبارك) في مجال اللغة ونحوها وآدابها..

 

ثم تطرق الحديث إلى وضع اللغة العربية في الوقت الحاضر، والضعف الشديد لدى الطلاب العرب في المدارس والجامعات.. وحتى لدى حملة الماجستير والدكتوراه، وروى لنا أستاذنا الباني قصصا واقعية عن هذا الواقع الأليم في جميع المستويات العلمية والجامعية..

 

وأعود مرة أخرى إلى حب أستاذنا الباني للغة العربية، وأسباب ضعف ذراري العرب بها.. واستغلال أعدائها لهذا الواقع المرير، فوجهوا سهامهم نحوها، وطالبوا بإحلال العامية محلها.. وقد تحدث عن ذلك في درس الجمعة 7 صفر 1431هـ (22/1/2010م) فبين سبب ضعف الطلبة فيها ومما أذكر من ذلك الدرس أنه قال: إن لكل أمر حتى يتقن فلا بد من علم ومهارة، ونحن في مدارسنا وجامعاتنا نعطي العلم ولكن لا نهتم بالمهارة، كعلم السباحة مثلا.. نعلم السباحة نظريا، ولكن هذا لا يفيد إذا لم نعلم مهارة السباحة عمليا.. وكذلك في مجال اللغة توجد معرفة ولا توجد مهارة..

 

ثم تطرق الحديث عن أعداء اللغة العربية من الغربيين مثل المستشرق (مارجليوث) الإنكليزي الذي كان يكيد للإسلام وللغة القرآن، فقال شيخنا الباني: حدثني الأستاذ سعيد الأفغاني - رحمه الله - وهو من الأساتذة القلائل الذين يُعدُّون (حُجة في النحو العربي) حيث كان يدرسه في جامعة دمشق في القرن الماضي.. حدثني أن (مارجليوث) نصح أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق أن يُقَعِّدوا للغة العامية وذلك لتثقيف العامة، لأن العامة لا يعرفون الفصحى.. واستطرد أستاذنا الباني رحمه الله : و(مارجليوث) هذا هو الذي اخترع نظرية لا أساس لها وهي أن الشعر الجاهلي أكذوبة مختلقة نحلوا بعضها لامرئ القيس، وقد وضع هذا الشعر في العصر العباسي - في القرن الثاني الهجري - وهذه النظرية تبناها (طه حسين) الذي عرضها في كتابه (في الشعر الجاهلي) وذلك للكيد للإسلام وللغة العربية (ولا حاجة للتعريف بطه حسين، وكان يسمى عميد الأدب العربي ، ودعا في كتابه مستقبل الثقافة في مصر إلى تقليد المدنية الغربية في كل أمورها وسلوكها خيرًا وشرًا).

 

وقد أورد شيخنا - رحمه الله - طرفة في هذا المقام بصفة أن (مارجليوث) إنكليزي فقال: (إن الانكليز أساس كل عِلَّة، ومكر الإنكليز وكيدهم للإسلام معروف، حتى مِلْحهم الذي يسمى (الملح الإنكليزي) معروف ما يعمل بالإنسان).

 

وكعادة أستاذنا - رحمه الله - فإنه كان يستطرد في كلامه ويذكر أمورًا لا تتعلق بالموضوع الأساس للدرس، وكلما ذكر أحد الأعلام في دمشق وغيرها من العواصم الإسلامية، يُعرِّف به وما عُرِف عنه، وعن ذكرياته معه..

 

ففي هذه الجمعة التي تحدث فيها عن اللغة العربية، بدأ بإتمام الحديث في الجمعة الفائتة عن التاريخ الهجري والحض عليه، ثم أعد لقراءة قصيدة لحافظ إبراهيم في مناسبة العام الهجري الجديد، وانتهى اللقاء ولم تُقرأ القصيدة لاستطراداته الكثيرة في مواضيع شتى منها اللغة العربية...

 

ومن استطرادات هذه الجمعة :

• تحدث عن شعراء دمشق الأربعة: محمد البزم، وخير الدين الزركلي، وخليل مردم بك، وشفيق جبري، وتحليل شخصية كل شاعر منهم:

فذكر - الزركلي وقول الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - في ذكرياته "إن كتاب الأعلام للزركلي يفخر به قرننا على القرون الماضية". وذكر لنا معلومة تبين دقته في متابعة الكتب ونشرها.. حيث قال: (إن بين الطبعة الأولى للأعلام والطبعة الثانية أربعين عامًا).

 

• وذكر شيخنا - رحمه الله - الدكتور محمد رأفت الباشا رحمه الله ودوره في رفع شأن اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وذكر عبارة  كان يرددها الباشا دائما (الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة).

 

• وعاد شيخنا إلى تآمر الغرب على الإسلام والمسلمين وذكر قول البنا - رحمه الله - (كانت الخلافة الإسلامية مريضة فعالجوها بالقتل)أي أن الغرب تآمر على الخلافة وقتلها، والأصل أن يسعف المريض بالدواء.

 

• وذكر أستاذنا - رحمه الله - من طرائف الشاعر محمد البزم، وكان شديدًا في سلوكه تجاه طلابه، أنه رأى طالبا أقرعا فقال له: اُستر عورتك، فأجابه الطالب مباشرة: لعن الله الناظر والمنظور (وكان من الأجوبة المسكتة).

 

• وذكر أيضا الأستاذ سليم البرادعي - وهو ممن يقيم في الرياض - ولم يكن حاضرًا الجلسة وقتها، فقال: إنه من أهل صفد بفلسطين، وأن والده سكن حرستا بعد نكبة فلسطين عام 1948م، وهو ما زال يقيم دعوة سنوية لأهل دوما وأهل حرستا، وفاء واعترافا بجميلهم وإكرامهم لمن أقام عندهم من أهل فلسطين.

 

وبعد:

فهذه نبذة صغيرة في فترة قصيرة من صحبة دامت خمسًا وثلاثين عامًا مع أستاذنا وشيخنا وحبيبنا عبد الرحمن الباني - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته -.

 

وأختم كلماتي القاصرة في حق أستاذنا وشيخنا العالم الرباني عبد الرحمن الباني بأبيات قالها شوقي في رثاء مصطفى كامل (الزعيم المصري) المتوفى سنة 1336هـ (أي قبل 96 عامًا)  وكأنها قيلت اليوم في رثاء أستاذنا الباني - رحمه الله -..

 

يقول أحمد شوقي :

المشرقان عليك ينتحبان
قاصيهما في مأتم والداني
يا خادم الإسلام أجر مجاهد
في الله، من خلد ومن رضوان
الله يشهد أن موتك بالحجا
والجد، والإقدار، فأنت الباني
إن كان للأخلاق ركن قائم
في هذه الدنيا، فأنت الباني




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سـيرة موجزة للعلامة المربي عبدالرحمن الباني
  • العلامة المربّي القدوة عبد الرحمن الباني
  • كليمة في رحيل أستاذنا عبدالرحمن الباني
  • الإمام عبدالرحمن الباني بركة هذا العصر
  • في رثاء الشيخ العلامة عبدالرحمن الباني (قصيدة)
  • لوحات من الذاكرة الشيخ المعلم عبد الرحمن الباني، رحمه الله
  • رحيل العلماء (في رثاء العلامة عبدالرحمن الباني)
  • الشيخ عبد الرحمن الباني رحمه الله تعالى
  • أبي الشيخ عبدالرحمن الباني مرب من الطراز الأول
  • أبي الذي فقدناه.. الشيخ عبدالرحمن الباني
  • العلامة المربي عبدالرحمن الباني رجل لا يقول ما لا يفعل
  • أثر العلامة المربي الباني في الشيخ المحدث عبدالقادر الأرناؤوط
  • العلامة عبدالرحمن الباني: تربية تتحرَّك
  • الشيخ عبدالرحمن الباني العالم المربي الزاهد في الشهرة
  • يا لجدي.. في رثاء جدي الحبيب الشيخ عبدالرحمن الباني (قصيدة)
  • الباني إذ يجمع بين الزهد في الشهرة والجهر بالحق
  • انطباعات عن شيخنا المربِّي عبدالرحمن الباني
  • الشيخ صالح الحصين .. " زاهد " بمرتبة وزير!

مختارات من الشبكة

  • الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن التويجري في محاضرة: وقفات مع قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • ترجمة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حديث الشيخ سعد الحميد عن شيخه العلامة عبدالرحمن الباني(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد في محاضرة: مسائل متعلقة بشهري شعبان ورمضان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • رسالة الشيخ عبدالكريم الدبان إلى شيخه الشيخ أحمد الراوي (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • مسند الديار النجدية وفقيهها الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشيخ عبدالرحمن الدوسري مع الشيخ صالح الحيدان - الإيمان بالقضاء والقدر(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري)
  • ترجمة فضيلة الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من علماء آل الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن حمد آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأستاذ الشيخ عبدالرحمن الباني نموذج عن صحابة رسول الله(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب