• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الخطاب الإسلامي: من المواقع الدفاعية إلى المبادرات الإيجابية

أ. د. ناصر أحمد سنه

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2011 ميلادي - 5/2/1432 هجري

الزيارات: 8448

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التدافُع بين الحق وأهله، والباطل وحزبه - سُنَّةٌ ماضية إلى يوم القيامة؛ لذا فالحملةُ المعاصرة على الإسلام وشريعته وشعائره وقيمه ورموزه هي حملةٌ قديمة جديدة مُتجددة، حملة تبغي الوقوف حائلاً دون عودة المسلمين لاستمساكهم بالإسلام مِنهاجًا لحياتِهم، والدعوة إليه منقذًا لغيرهم، حملة مُتواصلة لصَدِّ إقبال البشريَّة على هذا الدين؛ لسماحته ووَسَطِيَّتِه وحلوله التي تستنقذها من أزماتِها المستعصية، وماديتها الطَّاغية، وهي تأتي لكسر الممانعة القيمية الإسلامية الراسخة، التي تَحول دون تَمْييع القيم، وعزل الدين؛ ليضيعَ الأساس الإلهي للأخلاق، ومِنْ ثَمَّ فرض الهيمنة والارتهان، والإلحاق الثقافي والاقتصادي؛ لتتغوَّل ظواهر القوة الطاغية والاستكبار، والفساد والإفساد، والتحلل والجشَع والأنانية، ولتشيع قيمُ الاستهلاك واللذة، وصناعة الفقر والمرض، ولا تُولِي أدنى اعتبارٍ لِمَا يتهدد الإنسانَ والأسر والمجتمعات والبشرية من أخطار.

 

إنَّ السؤالَ المطروح بإلحاح: كيف واجهَ ويواجه الخطابُ الدعوي الإسلامي هذه الحملات المتواصلة؛ قديمها وجديدَها، مُتجاوزًا المواقع الدِّفاعِيَّة وردود الأفعال الشعبية إلى المبادرة والأفعال الإيجابية؟


لقد شاء الله تعالى- بموجب سنته في خلقه - أنْ يُواجَه رُسُلُه - وخاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم - من أقوامهم المعاندين بحروبٍ شرسة؛ جحودًا واستكبارًا، وغرورًا وافتراءً، وصدًّا عن سبيل الله ودعوته؛ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 112]، كما شاء الله بمُقتضى إرادته أن تكونَ مُعجزة الإسلام الخالدة قرآنًا، ورسالة "اقرأ"، ومهمة النبوة الخاتمة هي "البيان المبين" في تواؤُم وتلاؤُم مع ما وصلتْ إليه البشرية من ثورة فكريَّة ومعرفيَّة وإعلاميَّة وتقنيَّة، وهذا يستلزم حُسْنَ البلاغ المبين بأدواته ووسائله وأهله... ومتى، وكيف، ولماذا، ومَن نخاطب؟

 

فالباطلُ ومَلَؤُه وأذنابه - على الرغم من ظواهر التفرُّق والضعف والوهن الحضاري التي تُعانيها الأمةُ الإسلاميةُ - يُواصلون حملاتهم المتنوعةَ؛ عَسْكَرِيَّةً، ثقافِيَّة، إعلامية... حروب صليبية لاحتلال البلاد الإسلامية، قتْل للأطفال والنساء والشيوخ، حملات دعائية، ورسوم كاريكاتورية، وتدنيس المصحف الشريف، ومُحاولات تحريفه، ودعاوى انتشارِ الإسلام بالعنف، وارتباطه "بالإرهاب"، وأنه مُنافٍ للعقل، وهجوم على الحجاب، ومكانة المرأة في الإسلام... إلخ؛ ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32]، ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8]، ولإتمام هذا النور الأسمى، والتنوير الحقيقي للبشرية ذكر الله - تعالى - في عقب هاتين الآيتين السابقتين من سورتي التوبة والصف: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33] [الصف: 9]؛ لذا فالواقعُ يشهدُ أنَّه مع كل حملة من الحملات على الإسلام يَزداد في إثرها التعرُّف على هذا الدين، والدخول فيه، فعقب صلح الحديبية ألَم يدخل عشراتُ الآلاف من الناس في الإسلام رغم كَيْدِ قريش ومَكْرِها؟ ألَم يدخُل غُزاة العالم الإسلامي (المغول وغيرهم) في هذا الدين بعدما عاثوا في الأرض فسادًا؟ ألَم يَزْدَدْ إقبالُ الناس على التعرُّف على الإسلام والقرآن بعد الحملات الأخيرة عليه؟

 

ومع تعهُّد الله - تعالى - بإظهار دينه الحق لهداية العالمين، فإنَّه تعَبَّدنا بالدَّعوة إليه، ولا شك أنَّ خِطاب الفكر الدفاعي وفق مواقعه ومعاييره وأدواته ودُعاته أمرٌ لازِمٌ لبَقاء الأمة، ورد الكيد المُستمر عنها، والهُجُوم عليها.

 

بيد أنَّ دَيْمومته تُسبِّب انشغالَ المسلمين عن أهدافهم وغاياتِهم، وتستنزف جهدَهم وطاقاتِهم، ويشتت مشاعِرَهم وأفكارَهم، ويشل فاعلِيَّتَهم وإيجابيتهم، ويصرف انتباهَهم عن أولوياتهم، ويبقى أنَّ: "خطاب العقيدة غير خطاب الدعوة، وخطاب الدعوة غير خطاب الدولة، وخطاب المعركة غير خطاب الحوار، وخطاب العلاقات الإجماعِيَّة غير خطاب الولاء والبراء..."؛ "(عمر عبيد حسنة، تقديم كتاب الأمة: "دعوة الجماهير مكونات الخطاب، ووسائل التسديد، العدد: 76 ربيع الأول 1421 هـ قطر)، كما أن الخطاب الدعوي في أهله يختلف عن خطاب الآخر.

 

الخطاب الدعوي في أهله


• يُواصل أهدافه ومقاصده وغاياته - دون تشتُّت أو حَيْد عن توالي الحملات ومواجهتها - إلى التدبُّر والعمل بالقرآن والسنة، والتفقُّه، والتزكية، والتطهير من الشبهات والشهوات، ومعرفة الحق، والأَخْذ بكُلِّ ما هو نافع، والمسارعة لكل ما هو خير لتحقيق فاعليَّة الأفراد، ومِنْ ثَمَّ فاعليَّة الأمة؛ ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151].

 

• يلتزم الحكمةَ والقصد والدراية والوَعْي الزماني والمكاني؛ لإيصال الرسالة الدعَوية عامَّة شاملةً مُميزة واضحة مفهومة حسنة ميسورة؛ ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125]؛ يقول - تعالى-: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]، فإذا كان الله - تعالى - قد تعبَّدنا بالدَّعوة الحسنة والقول والجدال الحسَن، فهل ثَمَّةَ مَجال للأسوأ في القول: الجدل أو الغموض أو الغلظة أو التعسير أو التفسيق أو التكفير، كما قد نرى في بعض الخطابات هنا أو هناك؟

 

• خطابٌ مسؤول عن أولوِيَّاتِه ومراحله، فهو لا يتناول المسائلَ الفرعية الخلافية، فيقيم الدُّنيا ولا يقعدها، بينما "أمور كبرى مُتعطلة، والواجب المقطوع به مهمل، وأبواب من الشريعة مُوصدة، والقطعِيَّات منبوذة، والبينات مَجهولة"؛ (بتصرف د. عبدالله الزبير عبدالرحمن: "دعوة الجماهير... مكونات الخطاب ووسائل التسديد، مرجع سابق"، يفند الثنائيات المثارة والمصطنعة (العقل/ النقل، العلم/ الإيمان، التراث/ الحداثة، الأصالة/ المعاصرة، التقليد/ التجديد، العروبة/ الإسلام... إلخ).

 

• يتبنى هموم الناس الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية الإعلامية، ويُخاطبهم بما يعرفون ويفهمون، بعيدًا عن التفاصُح؛ ((حدثوا الناسَ بما يعرفون، أتُحِبُّون أن يُكذب الله ورسوله))؛ (أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم: رقم 127)، خطابًا للروح والوجدان، ويُعمل العقل (الذي وردت مادته ومُشتقاتها في القرآن الكريم نحو 49 مرة، وحوالي 750 موضعًا للحثِّ على التدبُّر والتفكُّر والتعلُّم والبحث)، كما يطرح الوسائل المتعددة والبدائل المشروعة.

 

• يؤكد على ارتِباط الجزاء بالعمل، ويَحُثُّ على العمل الصالح، وتَمثُّل قيم الإحسان والإتقان والتعاون والتواضع والتوكُّل والتقوى... وغيرها من القيَم التي يسعى لتكريسها؛ ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105]، ومدافعة الفساد والإفساد والظُّلم، كما يستنهض الهمم، يُقرِّر الحقوقَ، ويؤكد على الواجبات، ويقتحم ما هو مغلق؛ بغيةَ التنوير الحقيقي، وإزالة الشبهات.

 

• تكمُن الأهميةُ القصوى في مُقاربة الخطاب الدَّعوي لمشروع النهوض الحضاري المستند إلى الفطرة الإنسانية، ومرجعيَّة النص السماوي المعصوم والخالد، والثراء التطبيقي التاريخي للنهوض بالواقع المسلم للخروج من الوهن الحضاري، وتَداعي الحملات والأَكَلة على قصعة المسلمين، حريص على ما يجمع الأمة ولا يفرقها؛ لتُحقق شهودَها الحضاري المسموع الكلمة، القوي الأثر، المحترم الجناب... واقعًا مَعِيشًا، ومن ثَمَّ تقديمه للآخر اقتداءً وإنقاذًا، وتَحملاً للمسؤولية الإنسانية: ﴿ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾ [القلم: 52].

 

خطاب (الآخر):

من المعلوم أنَّ مواقع الدِّفاع وردود الأفعال قد تكون مساوية للأفعال في القوة، ولكنَّها - وهنا بيت القصيد - مضادة لها في الاتجاه، مَحدودة ومقيدة الخيارات والأزمان، الأمر الذي يتولد عنه التباعُد، والتنافر، والشقاق، ويُحقق ما يصبو إليه دعاة "صراع الحضارات، وتصادم الثقافات"؛ مما يُبعد البشرية عن روح التعاون والتعارف الإنساني.

 

• بحسن البيان بلسان المدعو وبما يفهمه وما يَحتاجه وما يعانيه؛ ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ... ﴾ [إبراهيم: 4]، فخطاب الآخر الدعوي لا يَحتاج فقط لمن يُجيد اللغات واللهجات المختلفة له، ولكن يَحتاج أيضًا لدراية ثاقبة لطريقة تفكيره، ومشاعره، ومشاكله، ذلك الإفراز الطبيعي لمجتمعات عاشت العقلانِيَّة والعَلمانية والوفرة الإنتاجية المتعاظمة، ونمط حياة "ما بعد الحداثة"، تلك الفوضى الشاملة، وتصارُع المصالح، والحيرة والذُّهول، والعدمية البحتة، فإنسانٌ هذا شأنه بحاجة للتناصُح الذي يكشف عن صوابِيَّة، وشُمولية، وإنسانية، ووسطية الخطاب الإسلامي، زادًا لا ينضب لتوجيه العقول والأذهان، توازنًا بين الشوق الروحي، وغذائه القيمي والأخلاقي، وبين مطالب الجسد وحاجاته المشروعة، تحررًا حقيقيًّا للفرد والمجتمعات؛ ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

 

• جدال بالتي هي أحسن، وتأكيد واضح على مواضع الاتِّفاق، وتفويت لمناطق الاختلاف؛ ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 46]، لا يسعى لإثارة الخصم: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ... ﴾ [الأنعام: 108].

 

• يُكَرِّس التعاون لحل مُشكلات وأزمات البشرية المتراكمة والمعقدة: الأزمة الأخلاقية، وتَميُّع وسيولة قيم "الحداثة وما بعد الحداثة"، ونزع القداسة عن العالم، وإخضاع كُلِّ الأفكار، والآراء، والمعتقدات، والقيم للتساؤُل والشك، وافتقاد اليقين في كل شيء، فليس ثَمَّةَ ما يُمكن الحكم عليه بالصواب والخطأ، في حين أنَّ المرجعية الإلهية للقيم والأخلاق والعدالة، الضابطة لكل مناحي الحياة العامة والخاصة، وتقدير كل ما هو بشري مرن مشاهد اجتهادي مناطه العقل والعلم، محاطًا بسياج من: التقوى، ومن ثوابت الخطاب الإسلامي... وبهذا الخطاب الوسطي الإسلامي يكسب إنسان "ما بعد الحداثة" نَموذجًا للقيم السامية والثابتة والشاملة والواضحة والواقعية والمنفتحة.

 

• خطاب يعالج العنصرية، والاستعباد، والاستكبار، وتدني الحقوق الإنسانية والحريات الحقيقية، مُؤكِّدًا اعترافَه بالتعددية الثقافية والعقدية والإثنية؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]، ويقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13] أصل بشري واحد، ثم اختلاف الأجناس والألوان واللُّغات، ثم التفَرُّق شعوبًا وقبائل، ليس للتخاصُم والتصارُع والتناحر، بل للتعارف، فالتنوُّع يدعو إلى التعاون والتكامُل، وهما من الأعمال الكسبية (وليست وراثية/ عنصرية) يتسابق فيها الناسُ جميعًا، والتصالُح على العرف الحسن، والمعرفة الرشيدة دونما اعتداء أو تعدٍّ أو إكراه، فخطاب الإسلام يعلو على كُلِّ مذهب يُطِلُّ برأسه طالبًا الزَّعامة في الأرض، وهو يَجلو عن الإنسانية ما تراكم من صدأ المذاهب، وتُرَّهات العنصريين.

 

• تقديم خطاب دقيق يعالج اقتصادَ "ما بعد الحداثة اللا إنساني" والرأسمالية الجشعة، ومشكلة الجوع، وتزايُد مُعدَّلات الفقر والديون، وانتشار أسلحة الدمار الشامل والحروب، والجريمة المنظمة، ويربطه بالأخلاق والقيم، والرحمة والتراحُم، والتكافُل والتعاوُن، فشريعةُ الإسلام ووسطِيَّتُه تُعظِّم قيمةَ العمل، وتنهى عن القعود عنه، كما تنهى عن الاحتكار والاستغلال والجشَع والغِشِّ، وتأمُر بطُرُق كسب وإنفاقٍ مَشروعين، وتُنَمِّي الوازع الأخلاقي فيهما على مستوى الفرد والمجتمع والدول، وفقهُ الإسلام يُعارض جَمْعَ الثَّروات في أيدٍ معدودة، والأرض لمن يُحييها؛ مُحاربةً للإقطاع والاستغلال، و"البنوك بلا فوائد"؛ مما يَجعل رؤوس الأموال تنهض في الاستثمار، وإيجاد فرص العمل؛ ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ [الروم: 39]، إنَّ مبدأ "إنفاق العفو" من كل شيء كفيلٌ بإحداث توازُن بين الأغنياء والفقراء؛ ((مَن كان معه فضلُ ظهر، فليعد به على مَن لا ظهر له، ومَن كان معه فضل زاد، فليعد به على مَن لا زادَ له))، فذكر من أصناف المال ما ذكر، حَتَّى رأينا أنَّه لا حَقَّ لأحد منا في فضل؛ (رواه مسلم في صحيحه).

 

• خطاب الآخر الذي يعاني من تآكُل دَوْرِ الأسرة، ومُحاولات الإجهاز عليها (تحت شعار القضاء على كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة)، وقصر مفهوم العَلاقة بين الرجل والمرأة على تَحقيق اللَّذة أيًّا ما كانت، مع تقنين الإجهاض، فظهر مصطلح (الجندر)، وكُرِّست أنماط "غير تقليدية" من المعاشرة الجنسية؛ ليُعيدَ الاعتبار للأسرة "الرابطة المقدسة" وأهدافها من تَحقيق التوازن العاطفي والنفسي والجسدي والتناسُلي، ودورها التربوي والاجتماعي والإنساني؛ ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

• إذا كانت قُوى الاستكبار والفساد تُجنِّد إمكاناتٍ هائلةً من طائراتٍ ومُستشفيات وأطباءَ، ومدارس وجامعات، وإذاعات وإعلاميِّين وأنثروبولوجيين؛ للتعرُّف على الملل والنِّحَل والمذاهب والأعراق في بقاعٍ شتَّى؛ للتمكُّن من السيطرة والهيمنة والتنصير وصنع الزعامات والحركات؛ لاستغلالِ الثروات كيفما تشاء، أفلا يكون للوقف الإسلامي، وللعمل الدعوي الرسمي والشعبي والفردي - الذي لا يسعى للسيطرة والاستغلال والهيمنة - قَصَبُ السَّبْقِ في هذه المجالات وغيرها؛ إعانة وهداية للبشرية.

 

• إنَّ وسائلَ الإعلام من أهمِّ قنواتِ التواصُل والتأثير، ورَسْمِ الصور والاتجاهات، وصناعة العقول وصياغة الاهتمامات، وتشكيل الرأي العام، ولقد أسْهَم الإعلام العالمي - الذي يقع في أيدي مَن لا يَحمل تعاطفًا مع الإسلام والمسلمين - في تشويه صورة المسلم ودعوة الإسلام، والتركيز على صور نماذج مشوهة لخدمة أغراضِه وأهدافه، فعجزنا ليس فقط في عدم القُدرة على نشر الدعوة وإيصالها للناس، بل عن حمايةِ صورتنا الإسلامية الصَّحيحة من التشويه والنمطية؛ لذا فمن الضَّرورة بمكان إنشاءُ وكالات أنباء، وقنوات فضائية، ومواقع معلوماتية، وإذاعات، وصُحُف، ومطبوعات، ودَوْرِيَّات بمختلف اللغات واللهجات.

 

• نشر الخطاب الذي يضع عن الإنسانية إصرَها وأغلال المُخدِّرات، والقمار والرقيق الأبيض، وانتشارَ الأمراض المعدية وغير المعدية، وأزمة البيئة وتلوُّثها، ومشكلات العلم والفن؛ لتكتسب البشريةُ هدايتَها للحق والمعروف، كل حق وكل معروف، ونهيها عن المنكر كل منكر، وتَمتعها بالطيبات كل الطيبات، واجتنابها الخبائث كل الخبائث.

 

• الاحتكاك المباشر بالآخر له عظيم الأثر؛ لذا فالجاليات المسلمة بالخارج والبعثات العلمية والتعليمية والتِّجارية لَها دَوْر كبير، وعليها عبء ثقيل في التعريف بهذا الدين، وإعطاء القدوة، وتغيير الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين.

 

• عقد مؤتمرات وندوات تُوضِّح سَماحة ووسطية الخطاب الإسلامي، وأثر الحضارة الإسلامية في الحضارة الإنسانية، وإشعاعها على الغرب، ومدى استعدادها للاضطلاع بدَوْرِها في حل مشكلات البشرية.

 

• قيام السفارات وملاحقها الثقافِيَّة بدورها الفاعل والنشط، وإعطاء القدوة لهذا الدين، ولا يقتصر دورها على حفلات الاستقبال وبعض المساعدات للمبتعثين في الخارج.

 

جملة القول: في ظل الحملات المتواصلة قديمها وجديدها، نحن بحاجة ماسَّة لنهوض المسلمين بمسؤوليتهم الدعوية والحضارية؛ ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ... ﴾ [آل عمران: 110] متجاوزين المواقع الدفاعية، وردود الأفعال الشعبية إلى المبادرة والأفعال الإيجابية، وتقديم النَّموذج السامي، والواقعي، والوسطي، والمنفتح، والثابت الذي يضع الإجاباتِ المقنعة، والحلولَ الشاملة لأزمات البشرية المعقدة، وليهديها سُبلها، ويعيدَ إليها توازُنَها، وينقذها من الهاوية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • "إيـقـاظ" الـصحـوة الإسلامية !!
  • المشروع الحضاري الإسلامي
  • الواقع الإسلامي.. خلافات تتسع وتمزق يزداد
  • حاضر العالم الإسلامي
  • الاستلزام الحواري من أسس انسجام الخطاب
  • الخطاب الإسلامي ومعالجته لقضايا التطرف والغلو
  • الخطاب الإسلامي في وسائل الاتصال التفاعلي
  • المبادرات المتفردة ودورها في تجويد العمليات الإبداعية: مؤسسة مقاربات أنموذجًا

مختارات من الشبكة

  • الخطاب للمرأة غير الخطاب للرجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتب علوم القرآن والتفسير (11)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الخطاب الإسلامي: (ومن أصدق من الله حديثا)، (ومن أصدق من اللَه قيلا)، (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • بلاغة الخطاب التعليمي والحجاجي في القرآن والحديث لأيمن أبو مصطفى(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مفهوم الخطاب الإسلامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حمزة بن عبدالله بن عمر العدوي: حياته وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الترجمة وتحليل الخطاب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أقارن بين خاطبي الأول وبقية الخطاب(استشارة - الاستشارات)
  • البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مدارس الخطاب الفقهي للأقليات(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب