• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

تعدي نجيب محفوظ على الله والأنبياء

د. أحمد إبراهيم خضر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/12/2010 ميلادي - 11/1/1432 هجري

الزيارات: 57292

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعدى نجيب محفوظ على الله والأنبياء

"إبداع أدبي وحبكة فنية روائية أم انحراف عقدي"


استفاض النقاد والكتاب من الغيورين على الدين في بيان مدى تعدى وتطاول "نجيب محفوظ" على "الله"تعالى والأنبياء، لكن الذي نود التأكيد عليه هنا، هو أن هذا التطاول لم يكن وليد ما يسميه المتطاولون على الدين بالإبداع الأدبي أو ما يسمونه بالحبكة الفنية في الرواية، وإنما هي خط فكري التزم به الكاتب منذ بداية أعماله الأولى وحتى حصوله على جائزة نوبل.


وقد شهد عليه بهذا بخلاف الدكتور"عبد المحسن بدر" الدكتور "عبد الرحمن ياغي".


يقول "الدكتور ياغي"في كتابه "الجهود الروائية بين سليم البستاني ونجيب محفوظ "ص  93:

"... أقول أن مقالات - المجلة الجديدة - الشهرية هي أهم الدراسات بالنسبة لموضوعنا الآن...ومن أهم هذه المقالات دراسته (الجريئة) عن (الله) في عدد يناير 1936... ثم يتابع الإلحاح على هذه القضية مرة أخرى في مقاله "فكرة الله في الفلسفة" عدد يناير 1936".


استخدم "محفوظ"الرمزية في هذا التعدي فرمز إلى "الله"تعالى بشخصيات بارزة في رواياته مثل شخصية "سيد سيد الرحيمي " وشخصية "الجبلاوي".


لكن الدكتور "محمد حسن عبد الله " الذي اتهمه بعض مريدي "نجيب محفوظ" بالالتباس والخطأ في فهم "محفوظ"، دافع عن أديبه في دراسته "الإسلامية والروحية في أدب نجيب محفوظ" فاعتبر أن هذه الرمزية لا تعتبر  جرأة على الله وإنما هي شدة إيمان بالله لأن الرواية عند "نجيب محفوظ" ترى أن البداية من الله وأن  الحل كله في يد الله، فيقول الدكتور "عبد الله " في ص 18: "أن الحل كله في يد الرحيمي، وان انتساب الابن لأبيه يعني أساساً انتفاء الجريمة وعدم وقوعها من الأصل... الانتساب إلى الأب هو الطريق الطبيعي.... البداية من الله لا غير".


هذا الدفاع الذي يقدمه الدكتور"عبد الله "إدانة لـ "نجيب محفوظ"، وشهادة في نفس الوقت على تأثر الأخير  بفكرة التثليث النصرانية حيث يشعر القارئ بشدة هذا التأثير في رواياته من خلال شخصيات الأب والابن ومارجريت  والكنيسة.


كما تفوح ارتباطاته النصرانية في الحديث الذي أدلى به لجريدة وطني (القبطية) في 20 / 12 / 1964 وقال فيه (كنت منشغلاً بعواطف مختلفة أهمها الإحساس بالوطنية وكان شعوري كوطني هو المسيطر على أفكاري ومشاعري.. شعور أي إنسان في أزمة الحرب وشعوره بالتناقض الكبير بين أفكار مضت وأفكار جديدة).


وعن الروح القدس، الشق الثالث في فكرة التثليث... يرى الدكتور"غالى شكري" وهو أدرى الناس بذلك "بحكم ديانته النصرانية أن "إلهام" وهي واحدة من بطلات روايات "نجيب محفوظ" هي "سيد الرحيمي " في لحظة حضور وتجسد. ويعلق "سليمان الشطي" على رأي "غالى شكري" قائلاً:" أننا لا نتحفظ على كون "إلهام "هي "سيد الرحيمي" بقدر ما هي طريق يصل إليه أي إلى الله ".


فإذا التبس الأمر على الدكتور "عبد الله" كما يقول مريدي "محفوظ "فصمت عن رمزية "محفوظ "لـ "الله "تعالى بشخصيات رواياته فلا نعتقد أن الكتاب البارزين الآخرين قد التبس عليهم الأمر أو أخطؤوا في فهمه كالحال عند الدكتور "عبد الله".


هذا "محمود أمين العالم"يقول في كتابه "تأملات في عالم نجيب محفوظ"ص 119:

"لعل الأب هو محور القضية كلها فلنبدأ بتأمله إذن من هو هذا الأب حقيقة؟ هل هو أب محدد؟ سيد سيد الرحيمي، زوج السيدة بسيمة عمران (.....؟) ووالد صابر (...؟)؟ إنه هو إشارة رمزية إلى الله ".


أما الدكتور "رجاء عيد"- وهو كاتب لا يستطيع أحد أن يتهمه بالالتباس والخطأ في فهم "محفوظ"،  فقد فضح إلحاد "نجيب محفوظ" بلا مواربة،  فيقول في كتابه "دراسة في أدب نجيب محفوظ" ص 69   "وإذا كان نجيب محفوظ" قد آثر فكرة الرمز في روايته "الطريق".. إلا أن الرمز يشف بداهة عن الرموز فلم يكن سيد سيد الرحيمي إلا هذه القوة الغامضة التي تتحكم فينا. لقد بحث وأضناه البحث وبلغ به اليأس مبلغه ولم يبق إلا الإيمان بان سيد سيد الرحيمي مات وأن الله مات) تعالى الله عما يقولون.


ويعلق الدكتور "رجاء " في حاشية هذه الصفحة قائلاً (انظر اختيار الاسم سيد سيد وقارنه باصطلاح (ملك الملوك) ولفظ الرحيمي وقارنه بالرحمن مثلاً أو الرحيم.


ولنبتعد قليلا عن الدكتور "عبد الله". هناك   "مصطفي التواتي " الذي يقول: "أن العديد من الدارسين مثل "لويس عوض" قد  اعتبروا أن سيد سيد الرحيمي الأب المفقود ليس إلا رمزاً واضحاً بمدلولة الروائي واللغوي "لله " وما بحث صابر عنه إلا بحث عن الله. وهو مواصلة للبحث الذي بدأه الكاتب في أقصوصة "زعبلاوي" التي نشرها ضمن مجموعته القصصية "دنيا الله" وبالتالي فإن "الجبلاوي" في أولاد حارتنا و"زعبلاوي" و"الرحيمي" و"سر الوجود" في رواية "الشحاذ" ليست إلا مترادفات لمسمى واحد وهو الله ".


ولعل أكبر المتحمسين لهذه الفكرة هو"جورج طرابيشي"، وأبرزها في كتابه "الله" في رحلة نجيب محفوظ الرمزية " يرى"الطرابيشي":"أن السؤال الذي كان يتردد في أولاد حارتنا (أين أنت يا جبلاوي؟) هو محور المرحلة الفلسفية لدى نجيب محفوظ وخاصة في رواياته اللص والكلاب والطريق والشحاذ ". هذا ولا يغيب عن إدراكنا مغزى ودلالة التفاف هذا الكم من الكتاب والأدباء والنصارى حول أدب وروايات نجيب محفوظ. أما "سليمان الشطي" في كتابه سالف الذكر فيقول  في ص 228: "لا جدال في رمزية سيد سيد الرحيمي حيث أن الأبوة هنا متجاوزة في حرفيتها وممتدة إلى الأفق الواسع تماما كأبوة الجبلاوي، فإننا  نجد الأبوة  هنا في أشد صورها شمولاً  وأكثر معانيها جوهرية وأصالة، فهي إشارة رمزية إلى الله. ويقول " الشطي" أيضاً في ص 229:"لذلك يعتبر الرحيمي رمزاً لمعنى الألوهية في ذات الإنسان). ويقول أيضاً في ص 215:" إن الاتفاق يكاد يكون معقوداً على سمو الفكرة التي يمثلها الجبلاوي في هذه الرواية التي تمثل قصة البشرية فهو عند البعض رمز للإله، كما ان الحارة تمثل الدنيا وصفاته كلها تثبت ألوهيته"في الرواية كلها فهو يشي بالسلام والجلال والرهبة والجمال وما يحيط من جنات وسماوات يدل على هذا".


أما لماذا يلجأ "نجيب محفوظ"إلى الرمزية فإن "الشطي" يجيب عن ذلك في كتابه الذي خصصه كاملاً لـ (الرمز والرمزية في أدب نجيب محفوظ) في فيقول في ص 10 ":"ولكن للرمز بعض الظروف الخاصة التي تدفع إلى إشاعته أحياناً بحدة وبوضوح وهذه مرتبطة بالوسط الذي يعيشه الفنان، وخاصة إذا كان يسعي في سبيل رسالة معينة أو يقف موقفاً رافضاً من السلطة المهيمنة فينشط الرمز عنده مستجيباً لهذه الظروف طارحاً من خلاله قضايا حاضرة ". وما هي هذه السلطة - في تصورنا- إلا سلطة الدين التي أعلن ثورته عليها منذ مقالته الأولى (احتضار معتقدات وتولد معتقدات).


ورمزية "نجيب محفوظ" رمزية مفضوحة لا تحتاج إلى كثير عناء في اكتشافها. يقول "التواتي" في  ص 147 من كتابه سالف الذكر:"غير أن رمزية نجيب محفوظ هي كما أسلفنا رمزية مفضوحة أي سرعان ما يكتشفها الكاتب نفسه فلا نحتاج إلى الكثير من الإجهاد لحل مغلقها إذا أنه يلقي لنا المفاتيح هنا وهناك في شكل كلمات أخرى...".  ويؤكد ذلك أيضاً "محمود أمين العالم " فيقول في ص 119 "إن الأمر لن يحتاج إلى اكتشاف رمزي.. حقاً أن نجيب محفوظ لم يترك شيئاً لاجتهاد ناقد".

 

ولو كان نجيب محفوظ دارساً للعقيدة وما يرتبط بها، كما يقول (الشطي) لما تجرأ هذه الجرأة العجيبة على "الله" عز وجل، ولكان أول ما صده عن الخوض في هذا الطريق أن يمتثل  لقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].

 

أما تفاسير القرآن الكريم فتقول في ذلك (ليس كمثله شيء أي ليس لله تعالى مثيل ولا نظير لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فهو الواحد الأحد الفرد الصمد... والغرض تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين... والكاف هنا لتأكيد النفي أي ليس مثله شيء. ومعنى الآية ليس كالله جل وعلا شيء. وقال "القرطبي":  "....جل الله اسمه في عظمته وكبريائه وملوكيته وحتى اسمه لا يشبه شيئاً من مخلوقاته ولا يشبه به احد. وما أطلقه الشرع على الخالق والمخلوق فلا تشابه بينهما في المعني الحقيقي إذ صفات القديم عز وجل بخلاف صفات المخلوق وإذ صفاتهم  لا تنفك عن الأعراض وهو تعالى منزه عن ذلك. وزاد "الواسطي"فقال  (ليس كذاته ذات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل، وهذا مذهب أهل الحق).


ولا شك أن حس أي مؤمن يقشعر بشدة لمثل هذه الجرأة على "الله تعالى"، فما بالنا لو أن هذه الرمزية ترتبط عند الكاتب بأمور تضرب هذا الحس في الصميم، مثل رمزيته بموت الله تعالى في موت الجبلاوي أو سيد سيد الرحيمي... ولا يستطيع مدع أن يبرر هذا التطاول بمذهبية فنية لا يقدر على فهمها الذين لا يفهمون في الفن والأدب، وهم ما اخترعوا هذه المذهبية الفنية إلا ليستخدموها كغطاء لتحقيق هدفهم الأساس وهو ضرب هذا الدين. كما يبررون هذا التطاول من جانب آخر بقولهم أن "الكاتب كان يصور واقع وتطور ونمو الفكرة الدينية وأنه يسجل أزمة الدين وفكرة الألوهية في عصر العلم ".. وهذا القول مردود عليه بأن هذه الأزمة غربية الأساس والمنشأ لتصارع الدين والعلم في بلاد الغرب ولا يحق لهم تصور انسحابها على الإسلام ومن ثم نقلها إلى بلادنا لأن العلم والدين في الإسلام متساندان. ويكفينا هنا أن "الشطي" قد حصر نجيب محفوظ في زاويتين: فهو في نظره إما مؤمن وإما غير مؤمن، فلو كان مؤمناً لما جعل الذات الإلهية تموت.


ولنتابع المدى الذي وصلت إليه رمزية "نجيب محفوظ" ولنرى إلى أي مستوى من الانحطاط وصل إليه هذا الكاتب في تطاوله على "الله عز وجل". يقول "محمود أمين العالم "في ص 120 عن سيد الرحيمي:".... الأب والإله وهو يستعين بملايينه وثرائه الفاحش للتنقل بين القارات جارياً وراء النساء لا يعتق امرأة أياً كانت في كل ركن من أركان الأرض له أبناء " ويصف لنا "محمود العالم" كيف يطبق هذا المفهوم على "الله عز وجل" فيقول: "وبهذه الكثرة العددية من الأبناء يتغير مفهوم الأبوة ويتعالى فوق المفهوم المحدد الجزئي، إنه هناك يلهو فوق الكرة على حين يتردى ابنه في السجن منتظراً حبل المشنقة" تعالى الله عما يقولون. كما يؤكد "محمود العالم" عدم انفصال سيد الرحيمي الأب عن سيد الرحيمي الإله  وفي أكثر من موضوع يحرص نجيب محفوظ على هذا المفهوم الرمزى الشامل للأبوة وفي أكثر من موضع يحرص كذلك على مفهومها الجزئي المحدد وليس في هذا تناقض فكلا المفهومين متضمن في الآخر".


هذا المعنى الذي شرحه "محمود العالم" في عام 1970 أعاد "التواتي" تأكيده في عام 1986 فيقول في كتابه السابق ذكره في ص 72 فيقول:" ويفهم هذا البعد الميتافيزيقي بسهولة عندما نعلم أن الرحيمي كان يتجول بين القارات مثلما يجول الإنسان بيده فوق الخوان ولا عمل له إلا (الخلق) ممثلاً في ممارسة الحب مع جميع النساء من مختلف الأشكال والألوان والطبقات وفي هذا العدد الهائل من أبنائه المنتشرين في جميع أرجاء المعمورة وهو وحيد واحد لا أخ له ولا أخت ثم أنه رغم طول عمره مازال يتمتع بشباب وجمال عجيبين ويتصرف في ثروة لا حد لها.. ومن هنا نستخلص أنه يتمتع بصفات أساسية من صفات الله وهي الوحدانية - الخلق - الغنى - الجمال - الخلود - القدرة... ".


هل يمكن أن نعتبر بعد كل ذلك أن ما صوره "نجيب محفوظ"هو أمانة رصد ودقة تحليل وعمق إدراك ورؤية، وأنه كاتب مؤمن بالقيم العليا كما يدعى البعض؟


ولنعد إلى "الدكتور عبد الله"الذى اتهم بالالتباس والخطأ في فهم "محفوظ".  يعترف "الدكتور عبد الله" في ص 150 من كتابه بـ "أن رواية أولاد حارتنا أثارت لغطاً كبيراً في دلالتها العقدية الدينية إلى درجة أن كاتبها أسقطها من قائمة مؤلفاته التي يلحقها بكتبه ". لكن "الدكتور عبد الله "يعود فيقول: "أن الرواية دفاع حار عن القيم الدينية السامية وملحمة بطولية لنبي الإسلام ". فمحفوظ  إذن يتعرض للدين وللعقيدة وللرسول صلى الله عليه وسلم باعتراف "الدكتور"، لكنه  أي "محفوظ "لا يهدف من ذلك إلى تعميم الدين ولا تبسيط مبادئه إنما يقدم الدين والعقيدة في صورة عمل أدبي، لهذا يطالبنا "الدكتور"بأنه عند النظر إلى هذه الرواية يجب أن نحتكم أولاً إلى المقياس الأدبي ثم نحتكم بعد ذلك إلى مقياس العقيدة. وهي نفس مطالبة مريدى "محفوظ"بألا يخضع العمل الأدبي لمقياس الشرع. فإذا كان الشرع هنا هو موضع الخلاف، والأدب ينال من الشرع، أفلا يحق لمريدي الشرع أن يدافعوا عن شريعتهم، أم أن الكلمة الأولى والأخيرة تكون للأدب؟


وإذا كان هؤلاء الذين يحكمون الشرع  على العمل الأدبي كما يقول الدكتور"عبد الرحمن ياغي"وغيره من مريدي "محفوظ" عناصر لا تتدبر ولا تتعقل ولا تحسن فهم المذاهب الأدبية..فهل يحق للعناصر الأخرى  التي تتدبر وتتعقل وتحسن فهم المذاهب الأدبية- تحت ستار الرمزية في الأدب أو الفن-  أن تتطاول على الله عز وجل وعلى الأنبياء عليهم السلام؟


وإذا اعترض الغيورون على الدين من جرأة هذه المحاولة قيل لهم: أن المشكلة هي من الناحية الفنية مشكلة - قارئ- الذي يقرأ قصة جبل وفي ذهنه موسي عليه السلام...أو أن يقرا قصة قاسم وفي ذهنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم مطالبون بأن يقرؤوا روايات "محفوظ" متحررين من محاولة التنظير المستمر، مادام "محفوظ " نفسه لم يلجأ إلى المطابقة المطلقة في الرمز واكتفي بالمعنى المجرد العام. كما يطالبونهم  أيضاً بأن ينظروا إلى الرواية كعمل فني له كيانه الخاص وشخصيته المميزة ولا يحيلوه  إلى الأصل الذي يفرض نفسه على أفكارهم  ويصنع تصوراتهم  في حكم مسبق. إن مريدي "محفوظ"يستخفون بعقول الآخرين حينما يدعون بأن القرآن الكريم هو المصدر الأساس لرواية "أولاد حارتنا". فإذا كان القرآن الكريم هو المصدر الوحيد ووجهة النظر القرآنية هي محل الرعاية فيها - كما يدعون - فلم يحجرون على القارئ إذن  أن يحيل الرواية على هذا الأصل. وهل كون الرواية عملا أدبيا فنيا، يعطي الحق لكاتبها بأن بتلاعب بالأصل ويعيد صياغة موضوعاته بالطريقة التي يريدها ولا يعطي الحق للآخرين بمحاسبته وردعه.


ولا يهمنا هنا رأي أديب أو ناقد أو متأمل في روايات "نجيب محفوظ" لأنهم - كما يرون- ينظرون إلى هذه الروايات كعمل فني وآخر ما يفكرون فيه هو اتساق هذا العمل أو عدم اتساقه مع العقيدة، وحتى إذا ما فكروا في ذلك فإنهم ينظرون إلى العقيدة من منظروهم الخاص الذي غالباً ما يكون متأثراً بوجهة نظر فلسفية غربية... كل ما يهمنا هنا هو القارئ الذي تنتقل إليه الفكرة المنحرفة لعقيدة الكاتب والمغلفة في ثنايا الحوار بين أبطال الرواية.


ويبقى لنا أن نضرب أمثلة نعرض فيها لأفكار "نجيب محفوظ"وكيف يجريها في حوار على لسان أبطال رواياته، وهو هنا صريح في تعديه على الله وعلى الدين وعلى النبي صلى الله عليه وسلم وجرئ وصريح أيضاً في دعوته إلى الإلحاد مع تزيينه وتحسينه بحيث يصبح الإدعاء بان الكاتب يعرض ذلك من باب الرمز إلى الصراع الفكري بين الإيمان والإلحاد أو بين الدين والعلم نوع من الاستخفاف بالعقول. وهذه الأمثلة للفكرة والحوار على النحو التالي:


أولاً: بيان أن الدين تخلف وأن الدين الحقيقي هو العلم، وتصويره للدين بأنه عبث وأنه عائق وأنه ليس طريقاً يجب أن يسلك.


ما جاء في رواياته:

1- يقول كمال: (...... وما الدين الحقيقي إلا العلم وهو مفتاح أسرار الكون وجلاله ولو بعث الأنبياء اليوم ما اختاروا سوى العلم رسالة لهم... أما الدين فهو من أقدم الآثار المتخلفة على وجه الأرض فمتى يشب الإنسان عن طوقه ويعتمد على نفسه؟).


2- (الإنسان قديماً واجه العبث  وخرج منه بالدين).


3- (..يسأل مصطفي:ولكن الدين..... فيقاطعه عمر لم أعد أكترث لهذه العوائق).


4- يقول التواتي في ص 73:" ونجيب محفوظ في هذه الروايات يعرض طريق الدين في صورة اللا طريق فنرى أن سعيد مهران يهرع إلى بيت الجنيدي - الشيخ - في لحظات اليأس ولكنه سرعان ما يرفض دعوته بأن يتوضأ ويقرأ فيقول (وداعاً يا مولاي).


ثانياً: بيان أن الله تعالى خرافة ودعوة إلى الشك في وجوده وإلى التحرر من الإيمان به وتصويره بأن موقف الله من الإنسان موقف انتقامي.


ما جاء في رواياته:

1- في حوار عن الرحيمي الذي يرمز له نجيب محفوظ بالله:

• سألت عنك مرة أخرى

• من أنت؟

• إلهام

• خرافة كالرحيمي.


2- أدرك أنه يسأله عن الرحيمي فقال وهو يمضي مجيباً سأبحث عنه في القرافة (أي المقابر).


3- عن مناقشة لوجود الله:

• معي دقيقة واحدة هل هو موجود (أي الله) بعد حوار يعود قائلاً... لا أحد.. يجيبني هل هو موجود؟

• أليس من الجائز أنه يملك ولا يحكم؟

• طيب يا أخي إذا حكمنا بالفوضى الضاربة في كل مكان فلا يجوز أن يوجد.


4- وهكذا يواجه صابر مسئوليته وحيداً وأكبر مسئولية وأخطرها هي الحرية... يقول الطبيب للحمزاوي... من الآن فصاعداً أنت (أي الإنسان) تخل عن فكرة الله فأنت حر والعقل الصادر عن الحرية نوع من الخلق.


5- يقول التواتي في ص 73:" ولكن الله يهمل عبده الإنسان ولا يهرع لمساعدته فقد ألقي به وحيداً يشق طريقة وسط الظلام ولا بصيص من نور يضئ له السبيل، بل إن هذا الإله قد أعلن تبرؤه منه حين قال الرحيمي في المنام لصابر "ابعد عني لا ترني وجهك ولا شأن لي بك... اذهب"وكأن موقف الله من الإنسان موقف انتقامي. وقد جاء هذا تعليقاً على رواية (الطريق).


ثالثاً: تطاول على الإسلام ودعوة الى الإلحاد مع تحسينه وتزيينه ومساواته بالإيمان.

ما جاء في رواياته:

1- وفضلا عن ذلك فإن تعاليم الإسلام تستند إلى ميتافيزيقا أسطورية تلعب فيها الملائكة دوراً خطيراً ولا ينبغي أن نبحث عن حلول لمشكلات حاضرنا في الماضي.


2- اللهم لطفك يا أرحم الراحمين.

• ألا يزال أرحم الراحمين... وداعاً فلن أعبده بعد اليوم.


3- تحول كمال إلى الاعتقاد بأنه حينما يتحرر من الدين يكون أقرب إلى الله مما كان في إيمانه به.


4- انه لابد من عنصر الإيمان ولكن ليس بلازم أن يكون الإيمان دينيا شريطة أن يكون لإيماننا صدق الإيمان الديني الحقيقي وقدرته المذهلة على خلق البطولات.


5- واعتقد أن للملحد مبادئ كما للمؤمن مبادئ مثلا.. إن الخير أعمق أصولاً في الطبيعة البشرية من الدين فهو الذي خلق الدين قديماً وليس الدين هو الذي أوجده كما يتوهم... كنت فاضلاً بدين وبغير عقل اما اليوم فأنا فاضل بعقل ولا خرافة.


6- بقاء عقيدة أكثر من ألف سنة ليس آية على قوتها ولكن على حطة بعض بني الإنسان، ذلك ضد معنى الحياة المتجددة.


7- ليكن لي في إبليس أسوة حسنة، الرمز الكامل للكمال المطلق، وهو التمرد الحق والكبرياء الحق والطموح الحق والثورة على جميع المبادئ.


رابعاً: التعرض لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في ثوب من السخرية.

1- حول انغماس ما يسميهم بـ "رجال الدين "في الرذيلة يرد هذا الحوار:

• وبعد الفسق ألا تجد شيئاً يسرك.

• قرة عيني في الصلاة.

• جميل صوتك وأنت تؤذن.


2- فماذا تقول وأنت المؤمن الورع في ولعك بالنساء. كان السيد معتاداً لصراحته فلم ينزعج لانقضاضه وضحك ضحكة مقتضبة ثم قال: وما على من ذلك ألا يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حبه للطيب والنساء.


خامساً: هجوم على الأخلاق المنبثقة من الدين.

ما جاء في رواياته:

• أما أخلاق الدين فيقول عنها مصطفي - الأخلاق التي تديننا أخلاق ميتة مستوحاة من عصر ميت.


كيف يمكن لقارئ فيه ذرة من العقل أن يتصور مثل هذا التطاول على الله والدين والأنبياء المصاغ في صورة حوار بين أبطال الروايات على أنه إبداع أدبي  أو حبكة فنية روائية. إن أقل ما يمكن وصفه هو القول بأنه أشد حالات الانحراف العقدي.






 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قاعدة في معيار الحكم على أعمال الكاتب أو الأديب أو الروائي
  • خصوم الرسل في الماضي والحاضر
  • رسالة إلى نجيب محفوظ
  • هل تعلم؟ ( سر في حياة نجيب محفوظ )

مختارات من الشبكة

  • القتل الخطأ وأحكامه(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • نقل عبء إثبات عدم التعدي أو التفريط على المصرف المضارب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فعل "حج يحج حجا" (معناه وتعديه بالأحرف الجارة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • فعل "طاف يطوف طوافا" (معناه ولزومه وتعديه بالأحرف)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التعدي على الأراضي(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • ما تعدى اللسان أخذه النسيان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بولندا: التعدي على شخص للاعتقاد أنه مسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حرمة أهل العلم والفضل في الدين وخطورة التعدي عليهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سب المسلم والتعدي عليه بالشتم والأذى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • امتثال أمر الله وعدم التعدي على محارمه(مقالة - موقع عرب القرآن)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب