معالجة معلوماتية تحليلية لموقف مستشرق معاصر...

معالجة معلوماتية تحليلية لموقف مستشرق معاصر إزاء الإسلام وأهله

المستخلص:

وُظفت تقنية التنقيب المعلوماتي لتحليل محتوى نصوص منتخبة للمستشرق المعاصر دانيال بايبس Daniel Pipes عالج خلالها مواضيعَ مختلفة تخص الإسلام وموقف الغرب من مسائل الحركات الإسلامية بمختلف مستوياتها. وقد أثمر تحليل النصوص وسبر بنية مفرداتها اللغوية عن بزوغ أكثر من حقيقة تكشف اللثام عن ماهية فكر هذا المستشرق وأسلوب توظيفه للخطاب الاستشراقي في تناول هذه المواضيع الحساسة.

1. مقدمة:

إن الفيض المعلوماتي الغامر، الذي باتت تعج به مليارات المواقع المنتشرة على الإنترنت، وكثرة المفكرين الذين باتوا يعالجون الإسلام وأهله، عبر أطر مفاهيمية متباينة، وحاجتنا لرسم صورتنا المتخيلة في ذهن الآخر، بدأت تفرض علينا التفكير في توظيف تقنيات معلوماتية ذكية، تسبر النصوص المنتشرة على مواقع الويب، وتستخلص مادتها قبل أن نتناولها بالدراسة في عصر زويت فيه مفردة الزمان.

لقد برز مفهوم التنقيب المعلوماتي بمستوياته المعرفية الثلاثية التي بدأت بالبيانات الخام Data Mining، ثم ارتقت باتجاه التنقيب داخل النصوص Text Mining، وأصبحت في هذه الأيام تنقر عن لباب الفكر والمعرفة Knowledge Mining في سبيل احتواء الكم الهائل من البيانات والمعلومات المطروحة على الإنترنت وتقطيرها لإنتاج قاعدة معرفية رصينة يمكن استثمارها في صناعة قرارات، وتوليد مفاهيم جديدة تلائم روح عصر المعلومات وشبكة الإنترنت العنكبوتية.

إن تيار (أسلمة) المعرفة بات بحاجة ماسّة إلى توظيف أدوات الحوسبة الذكية، وتقنياتها المتقدمة، لكي يمنحنا فرصة فهم بعض ما يدور من حولنا، وترسيخ أقدام صناعة قراراتنا على أرض صلبة، لم تعد قدراتنا البشرية التقليدية، تفي بمتطلباتها، بعد أن عصف تيار المعلومات بجل الثوابت التقليدية، التي طالما وفرت لنا فرصة لقراءة مقال، أو مطالعة كتاب لكي نعمق فهمنا بخطاب الآخر، أو نصدع بحججنا الدامغة لدفع آراء متهافتة تمسّ حقيقة ما جاء به كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.

سنسمح لأنفسنا بأن نصف هذا البحث بكونه محاولة أولية، ودعوة إلى ممارسة عمليات التنقيب المعلوماتي على نصوص تقابل كلمات مفتاحية نحاول من خلالها البحث عن موارد معرفية مطروحة على الإنترنت. وسعي دءوب إلى تقطير كل ما يكتب عن الإسلام وأهله، لكي نعاود قراءة خطابنا الإسلامي، ونوجه مساراته بما يمنحنا فرصة ممارسة المجاهدة لإرساء جذورنا من جديد في تربة عصرنا الراهن.

2. مَن يكون دانيال بايبس؟

يبزغ في كل عقد من العقود كاتب أو مجموعة من الكتاب يستأثرون باهتمام عامة القراء، والمتخصصين بسبب ظروف طارئة، أو سيادة خطاب جديد يعصف بالمتغير الثقافي أو الاجتماعي الذي ينتشر في مجتمع من المجتمعات.

وينطبق هذا القول (إلى حد كبير) على الكاتب الأمريكي دانيال بايبس الذي لبس (بغير استحقاق) رداء المستشرقين، وسمح لنفسه أن يتناول مسائل متشعبة ذات صلة بالإسلام والتيارات الإسلامية، وبدأ بطرح آراءه المتعجلة، التي تنم عن عدم كفاءته في فهم جوهر الدين الإسلامي الحنيف، وتعكس (في الوقت ذاته) حقده الدفين لكل معالمه الأصيلة.

وقد ساعد تيار مكافحة الإرهاب -الذي حملت راياته الولايات المتحدة الأمريكية- في منح بايبس فرصة ثمينة لكي تنتشر مقالاته بين القراء انتشارَ النار في الهشيم، فازدادت شهرته، وعلا نجمه، وبلغ صيته الآفاق.

حصل بايبس على شهادة الدكتوراه عام 1978 من جامعة هارفارد في التاريخ، رحل بعدها للدراسة خارج الولايات المتحدة لمدة 6 سنوات، أمضى منها 3 سنوات في القاهرة. وقد مارس مهمة التدريس في جامعات مختلفة منها جامعة شيكاغو، وجامعة هارفارد، وجامعة القاهرة، وكلية الحرب الأمريكية (MEF,2005).

وقد تبوأ أكثر من منصب رفيع في مقر الرئاسة الأمريكية، وعمل مديراً لمركز بحوث السياسة الخارجية ما بين عام 1986 وعام 1993. ويعمل الآن رئيساً لتحرير مجلة منبر الشرق الأوسط Middle East Forum وهو عضو دائم في مجلس إدارة المعهد الأمريكي للسلام.

يعد بايبس من المفكرين المكثرين في الكتابة، فلديه 12 كتاباً، عالج في أربعة منها مسألة التيارات الإسلامية المتطرفة، و 3 أخرى تناول فيها سوريا بالدراسة، و4 أخرى عالج فيها مسائل شائكة بمنطقة الشرق الأوسط، وأما البقية فتدور حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية[1]. وهو من الكتّاب الدائمين في المجلات والصحف الأمريكية المشهورة مثل: Atlantic Monthly, Commentary, Foreign Affairs, Harper's, National Review, New Republic, and The Weekly Standard؛ Los Angeles Times, New York Times, Wall Street Journal, Washington Post.

ويعد موقعه الشخصي على الإنترنت من أكثر الموارد المعلوماتية التي يلجأ إليها الأمريكيون عندما يريدون أن يعمقوا معرفتهم بالشرق الأوسط، أو الحركات الإسلامية المعاصرة. وقد طارت شهرته في الآفاق، وعلا نجمه في هذا المجال بحيث ذهب البعض إلى اعتباره من أكثر المحللين الغربيين فهماً لحجم التهديدات المصاحبة للحركات الإسلامية المسلحة. وأطلقت عليه صحيفة Wall Street Journal لقب المعلق الجدير بالاعتماد عن الشرق الأوسط؟ (MEF,2005).

3. الأسس المفاهيمية للتنقيب المعلوماتي:

يطلق اصطلاح التنقيب في النصوص Text Mining أو اكتشاف المعرفة Knowledge Discovery على مجموعة العمليات التي تستهدف استخلاص وتقطير أنماط محددة من المفردات، أو المفاهيم من نصوص غير منسقة أو منسقة لتعميق فهمنا بالخطاب السائد فيها (Tan,2000).

تتألف عمليات التنقيب في النصوص من مرحلتين أساسيتين (Tan,2000) - انظر شكل (1):

المرحلة الأولى: تنقية النص Text Refining التي يتم من خلالها تحويل الأنساق المفتوحة للوثائق النصية إلى أشكال وسيطة (مفردات) ذات دلالة.

المرحلة الثانية: تقطير المعرفة Knowledge Distillation التي تسعى إلى استنباط البنى المفاهيمية من الأنماط المفرداتية التي تم الحصول عليها من المرحلة الأولى بعد معاودة معالجتها وفق منطق لغوي - مفاهيمي محدد يلقي الضوء على طبيعة العلاقات بين هذه المفردات، ومستوى تجليات دلالتها بين عبارة وأخرى.

شكل(1) - المراحل التي يمر بها التنقيب المعلوماتي في النصوص والبيانات.

وتحتوي هاتان المرحلتان على سلسلة من عمليات المعالجة المعلوماتية التحليلية التي تبدأ من عمليات جمع البيانات الخام لتنتهي عند جني المعرفة من بين ركامها، ووفق الخطوات التفصيلية الآتية (Chen,etal.1996):

• تهذيب البيانات Data Cleaning، ويطلق عليها في بعض الأحيان تطهير البيانات Data Cleansing وهي عبارة عن المرحلة التي يتم خلالها استبعاد البيانات المشوشة، وتلك التي لا تمت بصلة متينة لجل محتوياتها.

• تكامل البيانات Data Integration: ويتم في هذه المرحلة لمّ شمل البيانات المقدرة في أكثر من مورد معلوماتي ضمن مورد مشترك يجمعها.

• انتقاء البيانات Data Selection: ويتم في هذه المرحلة انتقاء البيانات ذات الصلة بالتحليل المعلوماتي، واسترجاعها من ركام البيانات الخام.

• نقل البيانات Data Transformation: ويطلق على هذه المرحلة دمج البيانات وتماسكها Data Consolidation إذ يتم خلالها تحويل البيانات المنتقاة إلى قوالب منطقية أو معرفية تناسب الآليات المعتمدة في عمليات التنقيب عن المعلومات.

• التنقيب عن المعلومات Data Mining: وتعد المرحلة الحاسمة التي توظف خلالها الآليات المعلوماتية والمعرفية لاستخلاص الأنماط المفيدة الموجودة في مادتها.

• تقدير الأنماط Pattern Evaluation: ويتم في هذه المرحلة تمييز أهم الأنماط التي تساعد بصورة فاعلة في وصف المعرفة بالاستناد إلى معايير محددة.

• تمثيل المعرفة Knowledge Representation: وتعد المرحلة الحاسمة التي يتم خلالها التمثيل الصوري للمعرفة المستنبطة فتصبح جاهزة للمستخدم. وتوظف في هذه المرحلة الآليات والتقانات المرئية Visualization Techniques لدعم المستخدم ومساعدته على فهم وتفسير نتائج عمليات التنقيب عن المعلومات.

إن أهم الموارد المعلوماتية التي تعد تربة خصبة لعمليات التنقيب عن المعلومات واستنباط المعرفة هي:

1- ملفات النصوص والوثائق Flat Files.

2- قواعد البيانات العلائقية Relational Databases.

3- مستودعات البيانات ومخازنها Data Warehouses.

4- قواعد بيانات التعاملات التجارية Transaction Databases.

5- قواعد بيانات الوسائط المتعددة Multimedia Databases.

6- قواعد البياناتالمكانية Spatial Databases.

7- قواعد بيانات السلاسل الزمنية Time-Series Databases.

8- الشبكة العنكبوتية العالمية World Wide Web.

إن طبيعة الأنماط التي يمكن استنباطها من هذه الموارد تعتمد إلى حد كبير على طبيعة مهام التنقيب عن المعلومات التي تم توظيفها. وتتألف هذه المهام من صنفين هما:

• الصنف الأول: التنقيب الوصفي عن المعلومات Descriptive Data Mining الذي ينحو باتجاه وصف الخصائص النوعية العامة للبيانات المتوفرة.

• الصنف الثاني: التنقيب التنبؤي عن المعلومات Predictive Data Mining الذي يشمل المهام التي تتوجه صوب إجراء جملة من عمليات التنبؤ المرتكزة على البيانات والمعلومات المتوفرة.

4. نهج الحوسبة المستخدم في تحليل خطاب المستشرق:

استخدم برنامج [2] Textalyser بإصدارته الجديدة Version 1.01 في تحليل نصوص مجموعة منتخبة من مقالات دانيال بايبس. وقد روعي في انتخاب هذه المقالات بحيث تعبّر عن مدى واسع من المسائل التي تخص الإسلام وتياراته الفكرية لكي تكون نتائج التنقيب المعلوماتي مثمرة في كشف اللثام عن الأرضية المفاهيمية التي يوظفها هذا الكاتب في معالجة هذه المسائل، وطبيعة النقاط الجوهرية التي يركز عليها - انظر جدول (1).

جدول (1) - عناوين المقالات التي تناولتها الدراسة.

بصورة عامة تألفت عمليات الحوسبة المعلوماتية المستخدمة في التنقيب ضمن نصوصه، والمفردات المستخدمة في هذه المقالات من أكثر من محور. تناولنا في المحور الأول جانباً من الجوانب اللغوية التي يمكن استمدادها من عمليات التنقيب في النصوص المنتخبة - انظر جدول (2).

بداية اعتُمِد على مجموعة من المعايير المعتمدة في تقدير النصوص (بمعزل عن الموضوع الذي تعالجه) فقمنا بتحليل:

• عدد المفردات المتباينة في النص التي تعد مؤشراً على الحصيلة اللغوية للكاتب.

• الكثافة المعجمية Lexical Density إذ تعد الكثافة المعجمية معياراً لوصف نسبة المفردات المعجمية إلى عدد الكلمات الكلية التي يتألف منها النص. وكلما انخفضت قيمة الكثافة المعجمية كان النص أكثر قرباً لفهم القارئ. بصورة عامة إذا كانت الكثافة المعجمية تتراوح بين 60-70% يعد النص ذا كثافة معجمية عالية، وتعد الكثافة منخفضة عندما تتراوح قيمتها بين 40-50%[3].

• حساب معامل Gunning-Fog Index لتحديد سهولة تناول القارئ للنص[4]. بصورة عامة تتراوح قيمة المعامل مع النصوص السهلة بين 5-6 أما النصوص التي تزيد قيمة معاملها عن 20 فتعد صعبة التناول بالنسبة للقارئ.

• حساب متوسط المقاطع اللفظية للكلمة، الذي يستخدم كمعيار لوصف متوسط المقاطع اللفظية للكلمات Syllable. ويعد مقياساً للوحدات البنائية المنطوقة، التي تتألف منها الكلمات المستخدمة في الخطاب. ويؤثر مستوى المقاطع اللفظية على الإيقاع اللغوي، وبنيته العروضيةProsody،وأنماطه التأثيرية على القارئ[5].

• مؤشرات إحصائية متنوعة: عدد الكلمات الكلية للنص، عدد الجمل، متوسط عدد الكلمات بالجملة الواحدة، وأعلى عدد كلمات بالجملة الواحدة التي يمكن استثمارها في تحليل جوانب تخص أسلوبيته وقدرته على معالجة المسألة ضمن إطار معيّن.

ويبدو واضحاً من جدول (2) أن مقالات بايبس تتميز بكثافة معجمية عالية تزيد في جميع حالاتها على 58% الأمر الذي يجعلها ضمن النصوص الثرية بالمفردات المعجمية. أما بالنسبة لسهولة القراءة فتقع ضمن حدود مستويات الجرائد الأمريكية التقليدية التي تخاطب المواطن الأمريكي الذي يعاني من فقر معرفي ملحوظ، باستثناء النص 7 الذي كانت قيمة معامل Gunning-Fog Index أكبر من 12 والمنشور على صفحات أورشليم بوست - (انظر جدول (1)).

إضافة إلى ذلك فقد استخدم أسلوب الجمل القصيرة بألفاظ محدودة ومعاني ثرية لكي تكون النصوص أكثر تأثيراً وإقناعاً للقارئ بمحتويات خطابه الاستشراقي.

جدول (2) - تفاصيل نتائج عمليات التنقيب المعلوماتي - الجانب اللغوي.

وبعد ذلك بوشرت عمليات التنقيب داخل مفردات النصوص التي كتبها بايبس للوقوف على طبيعة النسق المفاهيمي الذي عالج من خلاله مسألة الإسلام وأهله في مجموعة منتخبة من مقالاته - انظر جدول (3).

جدول (3) - أكثر الكلمات استخداماً ضمن النصوص.

يظهر جدول (3) نهج توظيف المفردات ذات الصلة بالإسلام في النصوص التي تناولتها الدراسة. لقد بلغ عدد الكلمات التي أوردها عن الإسلام المستخدمة في النص 1 بجميع اشتقاقاتها (132 مرة) في حين إنه تناول كلمة غربي 22 مرة والمرأة 21 مرة عندما حاول معالجة الجزء الغربي من عقلية الإسلام المتطرف. ويجعل من اشتقاقات مفردة الإسلام قبالة كلمة العدو والمسلح لكي يؤكد أن جميع تجليات ما هو إسلامي متوجهة صوب إنشاء أو تأجيج العداوة عبر الفعل المسلح.

أما عندما ناقش ميزة الإسلام (النص 4) فقد أعطى للفظة الرأسمالية مكانة متميزة في الكلمات المطروحة ضمن النص ووضع لفظة الميزة في نهاية قائمة المفردات التي تناقشها الميزات. وحاول أن يجعل مسألة العراق مرتبطة بتناقض بين ما هو إسلامي متطرف وما هو عصري ودنيوي من خلال بيان مراتب استخدام الكلمات المناظرة في نص (5).

أما عندما حاول أن يبرهن على التهديد العولمي للإسلام المسلح / المتطرف (النص 6) فقد حاول أن لا يشتت القارئ بكثافة معجمية عالية فجعل كلمة إسلامي بالمقدمة، وجعل تكرارها مقاربا لكلمة قتل لكي يشدد على الترابط الحميم بينهما (وفق منظوره الشخصي).

وبنفس الطريقة يمكن مطالعة وتحليل مفردات النصوص (7، 8، 9) والتي تظهر بوضوح تقنية الكتابة وصناعة المفاهيم بحيث يقلل من شأن المسلمين، أو يلفت انتباه القارئ عن اليهود عندما يركز على المسلمين ويترك اليهود وراء الستار، أو يحاول إثبات وجود انهيار يربطه بالتيارات الإسلامية المتشددة، ويجعل المسلم بعيداً عن المسلمين، ويخاطبه بعيداً عن خطاب الجماعة لكي يفلح في عزله وإقصائه عن الجماعة التي ينتمي إليها.

أما جولتنا المعلوماتية - التحليلية الأخيرة لمفردات النص فقد حاولنا من خلالها تقطير أهم التعبيرات الموجزة Phrases التي أوردها في نصوصه فقد أودعنا نتائجها في جدول (4) لكي تتجلى أمامنا طبيعة التعبيرات التي استخدمها والغاية التي أراد الوصول إليها من خلالها.

جدول (4) - أهم التعبيرات الموجزة التي استخدمها في مقالاته عن الإسلام وأهله.

إن مطالعة التعبيرات الموجزة التي استخدمها بايبس في مقالاته تلقي المزيد من الضوء على الأطر المفاهيمية التي يوظفها في معالجة المسائل ذات الصلة بالإسلام وأهله. فقد عمد إلى نحت اصطلاحات جديدة حاول من خلالها تأسيس منطق المعالجة السائد في مقالاته.

ولكي تصبح نتائج التنقيب المعلوماتي أكثر جلاء سنحاول أن نستثمر نتائجها الظاهرة في الجدولين (3 و 4) بعد أن نحاول إيداعها في جدول (5) الذي سيمثل حصيلة التقطير المعرفي لما ورد من مفردات وتعبيرات موجزة في مقالاته التي تناولتها معالجاتنا المعلوماتية.

جدول(5) - محاولة تشكيل المفاهيم من المعالجة التحليلية وبيان مقاربتها لفحوى الخطاب.

يبدو واضحاً من جدول (5) أن آلية التنقيب عن المعلومات تساعد في توفير الكثير عن المقالات والبحوث التي ندخلها في دائرة معالجاتها المعلوماتية. بيد أن تقطير الاصطلاحات يعمق فهمنا لكثير من جوانب المسألة التي نتناولها بآلية التنقيب عندما نوازنه مع إحصاء أكثر الكلمات استخداماً داخل النص.

إن أكثر نسبة لمقاربة المحتوى بواسطة إحصاء المفردات قد بلغت (65%) في المقال الذي تناول مسألة مباشرة، وكذلك الحال مع المقالات (5،7،8) وتقل نسبة المقاربة عندما تتعقد خيوط المسألة وعند اتخاذ بايبس أسلوب المعالجة غير المباشرة في مقالاته (3،4،9).

من جهة أخرى يبدو أن التعبيرات الموجزة أوفر حظاً في قدرتها على استخلاص المفاهيم، وتقطير المعرفة من النصوص؛ فقد كانت نسبة مقارباتها مرتفعة على الدوام، حتى في حالات غموض مفردات النص ومعالجاته المفاهيمية.

5. تعليق ختامي:

إن قدرات الحوسبة الضخمة التي توفرها الأدوات المعلوماتية المعاصرة، يصاحبها التطور الكبير في الأنساق المفاهيمية للحوسبة الذكية قد ساعد في توفير بيئة خصبة لتحليل محتوى النصوص الموجودة بين أيدينا والمساعدة في كشف اللثام عن الكثير من الحقائق التي اختزنها الزمان وراء كواليس مفرداتها.

كذلك فإن تفاقم عمليات تدفق المعلومات، وتوالي موجات الفيض المعلوماتي على شبكة الإنترنت والشبكات الرقمية المحلية بمختلف مستوياتها بات يحتم علينا التوجه صوب توظيف الآليات المحوسبة الذكية لاكتناه جوهر المادة الرقمية التي تسري في مختلف أشكال الفيض المعلوماتي.

وإذا كنا غير قادرين على قراءة جميع النصوص المطروحة في عباب الفضاء المعلوماتي الماموثي فإن هذه الآلية ستوفر لنا فرصة مقبولة لتحديد معالم الخطاب المطروح لكي نوفر على أنفسنا مشاكل الضياع في متاهات الخطاب السطحي، أو الالتصاق بموارد معينة دون تلمس ما يطرح من خطابات ثرية في غيرها.

ونحن لا ننكر أن هذه المعالجة التحليلية ما زالت في بداياتها، وأنها بحاجة إلى المزيد من عمليات الصقل، والتطوير، والمقاربة لزيادة قدرتها على السبر الذكي لمفردات النصوص التي نتناولها بالدراسة والتحليل. بيد أن من الضروري عدم وقوف هذا الأمر عقبة أمام محاولات جديدة نمارسها جميعاً لكي نمنح أنفسنا فرصة جديدة لسبر خطابنا قبل أن نباشر بسبر خطاب الآخر...

6. المراجع:

1. Chen,M.S. & P.S.Yu, Data Mining: An Overview From A Database Perspective, IEEE Trans. Knowledge & Data Engineering, 8:866-883,1996.

2. MEF, Biographical Sketch: Daniel Pipes, Middle East Forum, March 2005.

3. Pipes, D., The Western Mind of Radical Islam, First Things,58,December 1995.

4. Pipes, D., Islam: The New Global Threat, The Jerusalem Post, April 11, 2001

5. Pipes, D., Islam's American Lobby , The Jerusalem Post, September 20, 2001

6. Pipes, D., Reversing the Tide of Radical Islam ,Hoover Digest, No. 4,2002.

7. Pipes, D., Reforming Islam Is as Necessary as Reforming Iraq, NY Sun , April 6, 2004.

8. Pipes, D., Fixing Islam, American Daily,5 May,2004.

9. Pipes, D., Radical Islam's Double Standard , Jewish World View, Jan. 18, 2005 / 8.

10. Pipes, D., Which Privileges for Islam? , Capitalism Magazine, March 18, 2005.

11. Pipes, D., Moderate Voices of Islam, RafNagdimov.07/05/2005.

12. Tan ,A., Text Mining: The State Of The Art And The Challenges, Kent Ridge Digital Labs,Singapore,2000.

[1] للوقوف على المزيد من مفردات حياته الشخصية، ومؤلفاته يمكن الرجوع الى موقع الويب الشخصي لبايبس على الانترنيت:

http://www.danielpipes.org.

[2] يعد برنامج Textalyser من البرمجيات المتخصصة في عمليات التنقيب المعلوماتي للنصوص التي أصدرتها شركة Textalyzer.net عام 2004.

[3] أنظر: http://www.useenglish.com.

[4] يعد معامل فوج Fog Index من أحد المعايير المستخدمة في اختبارات سهولة قراءة النص. وتمثل القيمة العددية للمعامل عدد سنوات التعليم التي يحتاج إليها القارئ لكي يكون قادراً على تناول المادة المطروحة في النص عندما يقرأه للمرة الأولى.

أنظر: http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Gunning_Fog_Index.

[5] أنظر: http://www.wikipedia.com.