• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

نقد

محمود محمد شاكر

المصدر: الرسالة، السنة الثامنة (العدد 354)، 1940.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2010 ميلادي - 22/11/1431 هجري

الزيارات: 10080

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كَتَب الأخُ الفاضل الأستاذ سلامة موسى في مجلَّة اللطائف (8 أبريل سنة 1940م) كلمةً يتعقَّب بها كلامَنا في (الفن فرعوني، وتمثال نهضة مصر) المنشور في عدد الرِّسالة 345 في 12 فبراير سنة1940، وجعل عنوان نقدِه: (تعارض التيَّارات الفكرية، وضررها على التطور الاجتماعي والثقافي)، وسنلخِّص لك نقدَه، ثم نتبعه ببعض ما يجب علينا مِن تحرير رأينا، وتقدير رأي الأستاذ الفاضل.

 

يقول: إنَّ الأفكار تتعارض في كلِّ أُمَّة حرَّة؛ ولكنَّه لا يخرج بها عن أسلوب الحياة العامَّة من التوافُق إلى التناقُض والتنافر، فيُفضي ذلك إلى اختلالِ التوازن الاجتماعي، يَعتاقُ الأمَّة على الرُّقيِّ والإصلاح.

 

ويقول: إنَّ بعض الآراء في مصر لَيتناقضُ، كما يكون التناقض بين أمَّتين متخالفتَين، وإنَّ (العقلية المصرية) التي تفكِّر بها مصر في أنظمتها الاقتصادية والثقافية، والاجتماعية والتعليمية، والحربيَّة، هي ضرورةُ الوضع الجغرافي، والاحتكاك السياسي بأوربا، وإنَّنا لا نعيش فقط في القرن العشرين، بل في سَنة 1940 من هذا القرن.

 

ويقول  ما نصه:

"ونستطيع أن نضربَ الأمثال على هذا الاختلاف الذي يُقارب التنافر، فقد ألَّفَ الدكتور طه حسين بك كتابًا يدعو فيه إلى أن نجعل مِن الفن الفرعوني أحدَ العناصر في (الغذاء الرُّوحي والعقلي للشباب)، فتناول هذه الدعوةَ الأستاذُ محمود محمد شاكر بالاستنكار، حتى قال في مقالة بـ"الرسالة": "وعلى ذلك، فيجب أن نُقرِّر أنَّ الفنَّ المصريَّ الفرعوني - على دِقَّته وروعته، وجبروته - إنْ هو إلا فنٌّ وثنيٌّ جاهل، قائم على التهاويل والأساطير، والخُرافات التي تَمْحق العقلَ الإنساني، فهو إذًا لا يمكن أن يكون مرَّة أخرى في أرْض تَدين بدِينٍ غير الوثنية الفرعونيَّة الطاغية، سواء أكان هذا الدِّين يهوديًّا أم نصرانيًّا أم إسلاميًّا، أم غير ذلك مِن أشباه الأديان"... ثم استمرَّ فنَقل بعضَ رأينا في الذي قُلْناه عن تِمثال نهضة مصر.

 

وهذا تعارضٌ عجيبٌ، كما يرى الأستاذُ سلامة موسى، واختلافٌ في التيَّارات الفِكريَّة يحمله على أن يدعوَ الاجتماعيِّين أن يحاولوا التوفيقَ بيْن هذه الآراء، حتى لا يصيرَ اختلافُ الرأي الحرِّ تناقضًا في العقائد المجزومة، وحتَّى نُصْبح أمَّة متمدِّنة، تستطيع أن تُنصتَ إلى الرأي المخالِف في تسامح، وأن تعبِّر عنه في اعتدال ينأى عن الحِدَّة والتهوُّر.

 

ثُم يقول الأستاذ الفاضل: إنَّه يتوهَّم ممَّا كتبتُه أنَّ "الدكتور طه"، أو "المثَّال مختار" يريدان منَّا أن نحنِّط الموتى، ونعبد (رعْ)، مع أنَّ حقيقةَ ما طلبه كلٌّ منهما أن نستوحِيَ هذا الفن المصري القديم.

 

ثم يقول عني وعن الدكتور طه: "إنَّ الاختلاف بيْن الكاتبين هنا يرجع إلى أكثرَ مِن ذلك، وهو أشبهُ بالتنافر بين القائلين بعقيدتَيْن متناقضتَيْن، ومصلحة الأمَّة تقتضي إزالة هذا التنافر بين الذين يُكلَّفون هذه المهمَّة، وكل رجل مثقَّف يهتمُّ بالانسجام الاجتماعي في الأمَّة".

 

وهذا نهاية الرأي في كلام الأستاذ سلامة موسى، نقلْنا أكثرَه بنصه، أو ما يقربُ منه، ونحن نشكر الأستاذ سلامة موسى على حُسن مقصده، ورغبته في تحقيق الإصْلاح الاجتماعي بإزالة كلِّ العوامل المفرِّقة بيْن الناس.

 

التيارات الفكرية:

ومِن الغريب أنَّ اليوم الذي صدرتْ فيه هذه المقالة في "اللطائف"، هو نفسه اليوم الذي كتبْنا فيه عن (الرأي العام وسياسته) في العدد الماضي مِن الرِّسالة، وقلْنا: إنَّ تعدُّد الثقافات في الشَّعب الواحد قد أفْضى إلى شرِّ آثاره، حيث تنابذتِ العقول على المعنى الصحيح، واختلفتِ المناهج  المؤدِّية إلى الغايات، وكذلك يبقى الشَّعب إلى النهاية، وهو في بَدْءٍ لا ينتهي، وفي اختلاف لا ينفضُّ.

 

وكما يَرَى الأستاذ سلامةُ موسى أنَّ هذا التعارُض البغيض بيْن الآراء مما يَعتاقُ رقيَّ الشَّعب، ويمنعه مِن الاجتماع على رأي، ويَحْرِمُه فضيلةَ القوَّة التي تنفُذُ به إلى غاياته، كما يرى نحن نرى، ونرى وراءَ ذلك كلِّه ما هو أسوأ وأقبحُ ممَّا يُستعاذُ منه، وتخشى مغبَّتُه.

 

فهذا إذًا أمرٌ مفروغٌ مِن تقريره بيننا وبينه، وهي رغبةٌ نتوافَى جميعًا على العمل لها، ونَشْري أنفسَنا في سبيل إنقاذها.

 

وكان جديرًا بالأستاذ سلامة موسى أن يرى مثلَ هذا الرأي في الذي كتبْناهُ، ويعلم عِلْمَ ما طويناه في نقْدِنا لرأي الدكتور/ طه، ولعلَّه لم يقرأ كلَّ ما كتبناه في العدد 344، 345 من "الرسالة"، ولعلَّه لم يتتبَّع ما نقولُ به من الرأي في باب (الأدب في أسبوع)، ولو قد فَعَل، لَعَرَف أنَّ الرأي بيننا وبينه في ذلك غيرُ مختلف - إن شاء الله.

 

القرن العشرين:

وما دُمنا في حديث تعارُض هذه التيَّارات الفِكريَّة، فقد كنتُ أحبُّ أن يُنزِّهَ الأستاذُ سلامة موسى كلامَه عن بعض التعريض، وذلك تنبيهٌ لنا أنَّنا نعيش في القرن العشرين، وفي سنة 1940 منه.

 

فهل يَظُنُّ الأستاذ أنَّنا نعيش في غيره، أو أننا نرى أنفسنا رِمَمًا تاريخيَّة عتيقةً، قد انبعثتْ في أجلادِ إنسانِ (القرن العشرين)؟!

 

الزَّمن لا يكون هو العلَّة في إنشاء الحَضارة، وإنما تُستجدُّ الحضارة بالرُّوح الإنسانيَّة، وبالإنسانية الرُّوحيَّة، وإنما الزمن وحدوده تبعٌ للإنسان الحي، ولا يكون الإنسان تبعًا للزمن إلاَّ حين تفقد الرُّوح إنسانيتَها العالية، وتفقد الإنسانيةُ رُوحانيتها السامية، وترتدُّ الحِكمة والحضارة والتهذيب، وجميع الفضائل إلى منزلة الغَرائز الدُّنيا التي تُصرِّف العَجماواتِ من الأحياء في سبيلها، وعلى سُنَّتها، وبقانونها، ومِن مدارجها النازِلة إلى أغوار الحيوانيَّة الفِطريَّة.

 

إنَّ من أخطر التيارات الفكريَّة التي تهاوى فيها أكثرُ كتَّاب القرن الماضي، والمخضرِمون من كتَّاب القرن العشرين اعترافَهم بالقرن العشرين، وما فيه اعترافًا (تعبُّديًّا) يكاد يكون إيمانًا وعقيدة، فما أقنع منه بالبرهان والحُجَّة، فهو ببرهانه وحُجَّته، وما لم يقنعْ فهو مردودٌ إلى الأسرار الأزليَّة للحضارة، وأنَّه هكذا كان... وأنَّه كذا خُلِق، وأنه ما دام موجودًا في حضارة القرن العشرين، فوجودُه هذا هو برهانه وحُجَّته...!

 

وأنا - مع الأسف - لا أعتقد في هذا القرن العشرين اعتقادًا قلبيًّا مطمئنًّا بالإيمان، لا لأنِّي أريد أن أرتدَّ إلى الماضي لأعيشَ في ظلماته وكهوفه، وتهاويل خرافاته؛ بل لأنِّي أرى أنَّ حضارة الإنسانية يجب أن تتجدَّد بمادتها النبيلة السامية، التي كل أجزائها فضائل.

 

أما هذه الحضارة الأدبيَّة العصريَّة للقرن العشرين، فهي حضارةٌ حيوانيَّة الفضائل، ليس في أعمالها إلا فِتنةٌ بعدَ فتنة، ولا نقول هذا في العِلم - معاذ الله - فإنَّ العلم الحاضر قد استطاع أن ينفذَ في بعض أسرار الكون بأسباب كأسباب المعجزات، ومع ذلك فقد كان هذا العِلم نفسُه هو ما اتَّخذوه تدليسًا في تمجيد حضارة القرن العشرين؛ ليفتنوا الناسَ بها عن حقيقةِ الإنسانية الرُّوحية المتجرِّدة من أغلال الحيوانيَّة النازلة المُتَسَفِّلَة.

 

الحرب:

ويَكفي أن تكون هذه الحروبُ التي أحدَّتْ أنيابَها، ونشرتْ مخالبَها، وزأرتْ زئيرها، ثم أسبابها التي نشأتْ عنها من المطامِع الاستعمارية المستكلِبة الضارِية، ثم ما سيكون مِن آثارها في الأرواح الإنسانيَّة، والمدنيَّة الرُّوحيَّة، يكفي أن تكونَ هذه الحرب - من جميع نواحيها وأطرافها، وبجميع خلائقها وزمن هذه الخلائق - تَوصيمًا كتوصيم الفجور الأسود في الأعراض النقيَّة البيضاء.

 

هذه الحرْب الفاجرة المتعرِّية من جميع الفضائل برذيلة الكَذِب والخِداع ممَّا يسمُّونه الدِّعاية والسياسة هي البرهان الحي في أذهاننا جميعًا - أهلَ القرن العشرين - على أنَّ مدنية هذا القرن مدنيَّة حيوانيَّة الأصول والفروع، هي مدنيَّة مفترسة متوحِّشة، لا تعترف بالحقِّ، ولا تعرف الحقَّ، وليس إلاَّ... الغذاءَ الغذاءَ... الصيدَ الصيدَ ... هذا نداؤها، وهذا دِينها، وهذا إيمانها، ثم لا تكون مغبَّة أعمالها إلا تمزيقًا، وقضقضةً وقضمًا، وتدميرًا لبنيان الله الذي يُسمَّى (الإنسان).

 

الحرية!!

إنَّ هذا القرن العشرين أُسطورةٌ مُهَوَّلةٌ قد انحدرتْ مِن القِدم إلى هذا الزمن، في دَمِها كلُّ الأساطير الحيوانيَّة المرجِفة في تاريخ الإنسانيَّة، إنَّه أسطورةٌ عظيمة، كاذِبة مُكَذَّبة على الناس، وإنَّ في مدنيته من الباطِل ملْء علومِها حقًّا.

 

إنَّ الأجيالَ الإنسانيَّة النبيلة لَتصرخُ من رواءِ أسوار التاريخ، تريدُنا أن ننقذَ أنفسنا مِن أوهام (القرن العشرين)، ومِن خُرافاته الجميلة المزيَّنة بالعلم، المثيرة باللذَّة، المندلِعة بألْسنة مِن نيران الشهوات والأهواء، الصاخِبة بعبادة الأوثان، التي تجُولُ في أدمغةِ البشر، حاملةً نَدَّها وبخورَها، ومجامِرها وطِيبها، وكل ما ينفذ عطرُه إلى أعمق الإحساسات يُثيرها لتقْديس البشرية المتجسِّدة بلذَّاتها وشهواتها.

 

يجب - في هذا الزَّمن - أن نَتَحرَّر من أباطيل القرْن العشرين وأباطيل القِدَم معًا، يجبُ ألاَّ نعرفَ الحاضر بأنَّه هو الحاضرُ وكفى، ولا الماضي بأنَّه هو الماضي وحسْبُ، يجبُ ألا نَتعبَّدَ بشيءٍ مِن كليْهما، يجبُ أن نأخذَ الحاضر والماضي بالعقل، والعلمِ والفضيلة، وما لم يكن كذلك ممَّا مضى وممَّا حضر فهو نَبذٌ يجب أن ننبُذَه، ونتجافَى عنه، يجب أن نتحرَّر، يجب أن نتحرَّر...

 

إنَّنا الآن أممٌ تريد أن تسيرَ إلى غاياتها في إبداعِ حضارتها التي سترث جميعَ الحضارات التي سبقتْها، والحضارةُ التي تأتي من التقليد ليستْ حضارة، وإنَّما هي تزييفٌ وكذبٌ، ووثينةٌ جاهليَّة تنحدر إلى هذا الزمن عن السُّلالات التي قال الله فيها: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 170].

 

لن نبلغَ شيئًا حتى تكون (الحرية والحب) نقيِّيْنِ طاهرَين مبَرَّأين، كاملَين متواضعَين، فهما القوَّة التي تسير بهما الحضارة إلى مجْدِها وروائعها، إذا عَرَفْنا الحرية وجرتْ في دِمائنا، فيومئذٍ تتهدَّم كلُّ هذه الأباطيل التي تعوقنا، وتقف بيْن أيدينا مِن قمامات الرذائل الإنسانيَّة التي قُذِفتْ في طريقنا مِن أباطيلِ الماضي، وتُرّهات القرن العشرين!!

 

الفن الفرعوني:

والأستاذ سلامة موسى قد بَنَى نقدَه على ما يُسمِّيه (العقائد المجزومة)، وعلى عقيدته في (القرن العشرين)!! ونحن - مع الأسف - لا نبني أبدًا كلامَنا على (العقائد المجزومة)، ولا على التعصُّب (للقرن العشرين)، لو رجع الأستاذ إلى المقالَين اللَّذين نشرناهما في "الرسالة" عدد 344، 345 عن محاضرة الدكتور/ طه، ولو رَجَع خاصَّة إلى حديثنا عن (الفن) ما هو، وكيف هو؟ وعن الفنَّان وعمله في فنِّه، لعرَفَ أنَّ دعوتنا كلَّها مبنيةٌ على تحرير أعمالنا مِن قيود الماضي والحاضر معًا، على أساسٍ من العقيدة والعِلم والفضيلة، فلا يُزرِي عندنا بالقديمِ قِدَمُه، ولا يُوغل في الجِديد جِدَّتُه.

 

وإنَّ القول في (القديم والجديد) على إطْلاع اللفظ، وجعله لفظًا تاريخيٍّا زمنيٍّا محصورًا باليوم والسَّنة، إنْ هو إلا تلذُّذ بالكلام، كما يتمطَّق آكِلُ العسل بعد أكْله مِن تَحلُّب الرِّيق، وشَهوْة الحُلْو، ولو كان في هذا العسل السُّمُّ الناقع.

 

إنَّ حديثنا عن الفن الفرعوني، وأنَّه لا يصلح أن يكون شيئًا يَستمدُّ منه الفنانُ في زماننا، لا يمتُّ بصلة إلى الرأي الذي ذَهَب إليه الأستاذ سلامة موسى في فَهْم كلامنا؛ لأنَّنا نظرْنا إلى شيء واحد، وهو تحريرُ الفن من التقليد.

 

ثُم معرفتنا أنَّ الفنَّان لا يستوحي - كما يقول الأستاذ - سِمة من فنون غيره، بل إنَّ الفنان عندنا هو القلْبُ النابض، الذي يُفضي إليه الدم الخاص، الذي تعيش به حضارةُ أمَّته في عصره، والفن إنْ هو إلا نتيجة مِن نتائج الاجتماع الإنساني، والطبيعة التي تحتضنه، والعقائد التي تُسيطر على الشَّعْب، وتملأ قلبه بالإيمان بها، والفِكر فيها.

 

فإن لم يكنِ الفنُّ ناشئًا مِن ثَمَّ، فاعلم أنَّه ليس بفن، وإنما هو كذا مضرَّج بتحاسين (قوس قزح)، وما أسقطَ الفنَّ الرفيع في زمانه وفي بلادنا إلا أنَّه نِتاجُ العقول المزيَّفة بالتقليد، والخيال المدلَّل بالسرقة.

 

وهذا الهمج الهامج من الفنَّانين والأدباء والشُّعوب والعلماء أيضًا ممَّن يعيشون بأدواتهم تحتَ جَناح اللَّيْل الأسود وفي سِتره، ثم يُقبِلون على الناس إذا أصبحوا فيقولون: أين كنتم؟ يقولون: كنَّا نستوحي، ثم يخدعون الناسَ بزَيفهم وبهرجهم؛ لأنَّهم لا يعلمون مِن أين يأتي هؤلاء هذا الوحي، ولو علموا أنَّما وحيُهم وحيُ اللصِّ الذي يُبدع له المال، وإنَّما دبيب واستخفاء وحِرْص، و(طفَّاشة) تُهشم بها أقفالُ خزائن بعض الناس، يَستخرجون كنوزَ غيرهم؛ ليتنبَّلوا بزينتها وجمالها.

 

الحريَّة هي أصْلُ الفن كما بينَّا، وكما هو ظاهرُ كلامنا، وأما الاستيحاء مِن فنون القُدماء لإنتاج فنٍّ لا يتصل بمدنيته بسبب إلا القِدم والوراثة، وتاريخ هذه الأرْض، فهو إبطالٌ للفن، ومعنى الفن، وقيمة الفن، وإلاَّ فما الذي فعَله الأستاذ المثَّال القدير (مختار) إلا أنْ نقل صورةً لا معنى لها في عقائد الشَّعْب المصري الحاضر، هي صورة أبي الهول، وليس فيها معناه القديم الباسِط ذراعيه في جوْف رِمال الصحراء هناك، ثم ماذا؟ ثم فعله بعدَ أن كان باسطًا متطامنًا، ثم ماذا؟ ثم ألْصق إلى جانبه فتاةً تضع يدها على رأسه... سبحان الله! هذه نهضة مصر، وهذا هو فنُّ القرن العشرين!!

 

إذا كان الأستاذ سلامة موسى أو غيره يريد أن يناقشَنا في هذه الآراء، فليناقشْ على أساس واحد، هو أساس الفن، وما هو، من هو الفنان.

 

أمَّا (القرن العشرون)، وأنظمة مكافَحة الأوبئة، والنِّظام الاقتصادي والعلوم، وما إلى ذلك، فليس له مدخلٌ أو سبب في الطبيعة الفنيَّة، وتقدير الآثار الفنيَّة، وهل يمكن أن تكون فنًّا إذا كانت تقليدًا واستيحاءً، وتشاكلاً ذكيًّا بارعًا؟!

 

كلُّ فنٍّ يأتي مِن التقليد واستيحاء فنون الناس، وكلُّ فن يتولَّد من شهوة التقليد، وبلادة العزيمة، وعبودية الرُّوح، فهو فنٌّ كالمولود السقط في آخر تسعة أشهر مِن حمْله... فيه صورة الحي، ولكن ليستْ فيه الحياة، فيه قوَّة المشابهة للحي، ولكن ليستْ فيه قوة استمرار الحي على الحياة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أم على قلوب أقفالها
  • نار حامية
  • تهجم على التخطئة (السلام عليكم)
  • وهذا هو تاريخها
  • هزل!
  • الأغنياء
  • عدوان لطيف

مختارات من الشبكة

  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تساؤلات حول النقد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مظاهر النقد الأدبي وخصائصه في العصر الجاهلي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ما الفرق بين أسس وسمات ومقاييس النقد؟(استشارة - الاستشارات)
  • نقد الأركونية: تفكيك منهج (نقد العقل الإسلامي) عند محمد آركون (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مصطلح نقد السرد بين النقدين الفرنسي والعربي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • "أجمل الأيام" للرابع الابتدائي: بين النقد التعليمي والنقد اللغوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • في النقد الأدبي: ما الأدب؟ ما النقد؟(مقالة - حضارة الكلمة)
  • النقد من أجل النقد(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الفرق بين النقد والخطاب النقدي(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب