• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / الثقافة الإعلامية
علامة باركود

التمثيل لعبة خطيرة أضاعت الكثير

غادة الشافعي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/8/2010 ميلادي - 19/9/1431 هجري

الزيارات: 13855

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تذكُر بعضُ المصادر أنَّ التمثيل عُرِف قديمًا في بلاد الإغريق وعند القدماء المصريين، وأنَّه كان يُستَخدَم في أداء الطُّقوس الدينيَّة والعِبادات.

 

أمَّا في الإسلام حيث الحق المطلق والبَيان الواضح، فلم يَكُنْ هناك حاجةٌ للتخيُّل أو لتقمُّص الأدوار، فضلاً عن أهميَّة الوقت الذي هو عُدَّة المسلم في تحصيل ما ينفَعُه في الدنيا والآخِرة.

 

بل لقد روى الحاكم وغيره عن سعد بن أبي وقاص: "أُنزِل على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - القرآن فتَلاه عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسول الله، لو حدثتنا، فنزل: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا ﴾ [الزمر: 23].

 

وأخرج ابن جريرٍ عن ابن عباسٍ قال: "قالوا: يا رسول الله، لو قصصتَ علينا، فنزلتْ: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾ [يوسف: 3][1].

 

ومع ذلك وجَد التمثيل طريقَه إلى بلاد الإسلام في العصر الحديث، وكان يُعَدُّ في البداية لهوًا لا يفعَلُه أو يُشاهِده أهلُ المروءات، حتى لم يكن يُؤخَذ بشهادة الممثِّلين في المحاكم، ولا يستخرج لهم بطاقات إثبات هويَّة - فيما علمنا.

 

وبانتِشار دُور السينما ودخول أَجهِزة التلفاز كلَّ بيت، أصبح جزءًا من حياة الناس، وبعد ما كانوا يحقرونه، أصبحوا لا يَستَنكِرونه، ثم باتوا يعشقونه، وجعَلُوا أهله رموزًا ونجومًا للمجتمعات.

 

فكان حَرِيًّا بأمرٍ كهذا أنْ يُوضَع في الميزان، وكان لا بُدَّ لنا من وقفةٍ نتبيَّن فيها مواضع أقدامنا، ونُحَكِّم فيها عقولنا، ونُمسِك من خلالها بزِمام أمورنا، قبلَ أنْ تنفَلِت من أيدينا حَبَّات العمر الغالية؛ فلا نستطيع من بعدُ لها جمعًا ولا تعويضًا.

 

مَن يُبرِّئ ساحتنا من ذنب الفنانين؟

قالت: عندما أعودُ بذاكرتي إلى أيَّام قعودي الطويل أمام شاشات التليفزيون أُشاهِد الأعمال التمثيليَّة المختلفة، وذلك قبلَ أنْ يفكَّ الله أسري، وأقف على قدمي عازمةً على التحرُّك نحو تحقيق ذاتي، وتفعيل دوري الحقيقي في الحياة، والمساهمة في حلِّ مشكلات واقعي ومجتمعي، بدلاً من متابعة الأدوار والمشكلات الوهميَّة على الشاشات.

 

أجد أنَّ أصعب ما يُواجِهه الغافل عندما يستَيقِظ أنَّ العمر الذي كان يسير معه منذ لحظة ميلاده لم يَنَمْ معه عندما نام، وإنما استمرَّ في انطِلاقِه، وأنَّ عليه أنْ يُضاعِف جُهدَه لإثمار الباقي من أيَّام عمره.

 

واستطردَتْ: والعجيب أنَّني لم أكن راضيةً عن كلِّ ما أُشاهِده، بل أحيانًا غير مستمتعة، وإذا سألتُ نفسي عن الفائدة المرجوَّة؟ فلا شيء يُذكَر، اللهم إلاَّ إذا كنتُ أحتاج لفهْم كلمة طبيب أنْ يقوم أحدُهم بارتِداء المِعطَف الأبيض، ووضْع السماعة على أذنَيْه، أو كان أحدُهم يحتاج ليُدرِك شَناعَة قتل النفس وسرقة المال أنْ يشاهد قاتلاً يقتل، وسارقًا يسرق؟!

 

ألاَ يَسعُنا ما وَسِعَ الممثِّل من فهْم ما نقرؤه أو يُروَى لنا، كلٌّ منَّا وفْق خلفيَّاته الثقافيَّة وقدراته العقليَّة، بدلاً من إنفاق الشهور الطويلة في تمثيله، ثم تضييع الساعات في مشاهدته؟


فأيُّ لعبةٍ تلك التي سرقَتْ منَّا الأعمار، البعض يلعب والآخَر يشاهد؟

وهل من سبيلٍ لمعرفة خطورتها قبل أنْ ننتَهِي منها، أو تنتهي منَّا؟


قلت: وإنَّني مع تفهُّمي لمكانة هذه الأعمال التمثيليَّة في قلوب الكثيرين، وتَسَرِّيهم بها في مُواجَهة مرارة واقِعهم ومُشكِلات حياتهم، ومن ثَمَّ مُحاوَلتهم ملء الفراغ العاطفي والاجتماعي الذي يَعيشُونه من خلالها، إلا أنَّني لا أعطيهم العذرَ في تناوُل السمِّ بدلاً من الدواء للتخلُّص من الألم.

 

يقول الله - عزَّ وجلَّ -:﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

 

فهل من مستكفٍ من مُداواة الضَّنك بالضَّنك، باحثًا عن الحياة الطيِّبة، مشمِّرًا للحصول عليها؟

والله - تعالى - يقول: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

فنحن نُخطِئ إذًا في حقِّ أنفسنا حين نضيِّع هذه الأيام الغالية والتي لا عوض لنا عنها فيما لا يُسعِدنا في حياتنا الدنيا أو الآخرة.

 

ثم إنَّنا من بعد ذلك لسنا في مَأمَنٍ من تحمُّل وزر ما تَحوِيه هذه الأعمال من مُخالَفات شرعيَّة، ووزر تَشجِيع القائمين بها على إنتاج المزيد منها، وما يَحمِله ذلك من مَزِيد إضلال للناس وتضييع للزمان عليهم، وإلا فمن أين يأتي الفنَّانون بهذه الأموال الطائلة التي "تزغلل" العيون الفارغة، وتزلزل القلوب الخاوية؟

 

أليس من جيوب المشاهِدين والمستمِعين أو مُتابَعتهم للأعمال الفنيَّة التي تَتنافس عليها شركات الإعلانات لتتخلَّلها بدعاياتها، حتى صار التمثيل الذي كان يلعَبه الأطفال، والغِناء الذي كان يَفعَله الناس بتلقائيَّة تجارةً، ولها منتجون ومُوزِّعون ومحتكِرون؟

 

ومَن الذي عظَّم عمل هؤلاء الفنَّانين، فعلَّق صورهم، وجرى خلفَ سيَّاراتهم، وألهَبَ يدَيْه تصفيقًا، وصَنَع منهم النجم المحبوب، والأوحد والمعبود؟ أعاذَنا الله وإيَّاكم.

 

حتى كادَتْ عقول البعض أنْ تطير خلفَ أوهام الشهرة والنجوميَّة وأحلام الثراء والمجد، فسَمِعنا عمَّن يترُك التعليم أو دِراسة الطب، ومَن يُضيِّع أهله وولده، ومَن تهرب من عائلتها العريقة؛ جريًا خلف سماسرة الأعمال الفنيَّة وشركات الإنتاج؟

 

لعبة الصغار مضيعة الكبار:

لعلَّه من المفهوم أنْ يقلِّد الطفل الكبار؛ تعجُّلاً لأنْ يكون له دورٌ فعَّال في الحياة - كأدوار الكبار من حوله - مع ضعْف قدراته وظروف واقِعِه عن تحقيق ذلك.

 

ولكنَّني لا أجد تفسيرًا ولا مبرِّرًا لشخصٍ كبير لدَيْه من الإمكانيَّات الجسمية والعقلية والنفسية ما يُؤهِّله للقيام بدوره في الحياة، ثم هو ينسَحِب مفضِّلاً الاستمرارَ في تقليد شخصيَّات الآخَرين، مستمتعًا بتخيُّل الناس له في هيئاتهم وإعجابهم به في مشاهد قوَّتهم، وتعاطُفهم معه في مشاهد ضعْفهم ومعاناتهم، دون أنْ يحمل حقيقة هذه الشخصيَّات التي يُقلِّدها أو جوهر أعماقها.

 

بل قد يُنفِق في سبيل استِمتاعه بهذا الخيال عُمرَه وماله ووجاهته ويقطع رحمَه، كما سمعنا وقرأنا عن كثيرين من طلائع هذه المهنة الذين قُدِّموا لنا على أنهم رموز الفن المجاهِدون في سبيله، والذين يَحسُنُ أنْ يُحتَذى بهم في حُبِّ الفن ويُقتَدى.

 

فإذا ما كان ولَع الممثِّل بالتمثيل لا للتقليد والتقمُّص، وإنما لإعجابه بصورته ورغبته في أنْ تتعلَّق بها الأبصار وتنشغل بها القلوب، بغضِّ النظر عن حقيقة موهبته واستِمتاعه بالتقليد، يظلُّ طوال حياته قَلِقًا من انصِراف الناس عنه إلى الأحدث والأجمل والأقوى، وما هو واقعٌ لا محالة، فإذا ما وقَع أصابه الحزن والاكتئاب وانعَزَل عن الناس، وربما دخَل في طورٍ من الاضطراب النفسي، كما قرأنا جميعًا وسمعنا عن مُعاناة كثيرٍ من الفنَّانين.

 

ولستُ أقول فقط: إنَّ التفكير في الحياة بهذه الطريقة يَتعارَض مع السبب الذي خُلِقنا من أجله؛ إذ يقول - تعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

 

وهو ما يقتَضِي الحرصَ على العمل الصالح، وأنْ يكون خالصًا لله - تعالى - سواء أكان عبادة أو عادة، طاعة أو مباحًا.

 

وإنما أقول أيضًا لشبابنا وفتياتنا الذين يَظنُّون أنهم يَسِيرون على طريق البطولة: عفوًا، فلستَ بطلاً.

 

إنَّ كثيرًا من الشباب الذين انخدَعُوا بوَهْمِ البطولة التمثيليَّة ربما كانوا أكثر نفعًا لأنفسهم وأمَّتهم، لو أنهم تعلَّموا وتربَّوا منذ صغرهم على معنى البطولة الحقيقي.

 

ولكان سهلاً على الطالب الحاصل على الثانويَّة العامَّة عند تقديم أوراق اعتِماده إلى أحد معاهد التمثيل، أنْ يتَّخِذ قرارَه بالعدول عن الأمر، بمجرَّد مطالعة طبيعة الامتحانات والأدوار التي يطلبون منه أداءها لاجتياز مرحلة القبول.

 

فليس بطلاً مَن يُطلَب منه أنْ يزحف على الأرض كالسلحفاة أو يُقلِّد الخنفساء، ولن يكون! فكيف وهذا ليس الامتحان الأول، وإنما هو الدرس الأول، وهو الخروج من الذات مُقابِل الحصول على ما تُرِيده من نجاح؟


ثم يأتي الدرس الثاني وهو الانقِياد الأعمى لأوامِر المخرِج، فلا يعود للمرء حقٌّ لأنْ يعترض، ولا أنْ يَتحجَّج بوَجاهة وكرامَة، أو بدين ومجتمع، أمامَ رغبة المخرِج في تجسيد خَيال المؤلِّف على أرض الواقع، وتحقيق أحلام المنتِج والموزِّع في الأرباح الطائلة.

 

ولستِ بطلة:

يا مَن قبلتِ أنْ يُلطَم وجهُك، ويُجلَد ظهرُك أمام أهلك والناس.

 

فالفتاة الكريمة لو تعرَّضت لمثْل هذا الموقف في الواقع قدرًا، لسترَتْه على نفسها، ولأوجعَتْها ذكراه كلَّما مرَّتْ بخاطرها، فكيف تكون بطلةً مَن فعلت هذا بنفسها مختارةً من أجل شهرة أو ثَراء، وقد عرفَتْ أنَّه سيُعرَض على الملايين مِرارًا وتكرارًا؟!

 

إنَّ المرأة الكريمة تأبى الإهانة واقعًا أو تمثيلاً.


والعجيب أنْ تجد من بين القابلات بالإهانة على الشاشات مَن تُطالِب بمزيدٍ من حريَّة المرأة وكرامتها، فأي كرامة سيمنَحُها المجتمع لِمَن قبلَتْ على نفسها هذا الهوان؟!

 

وحسبي أنْ أقول لشبابنا وفتياتنا: إنَّ مَن جعَل مثَلَه الأعلى نجم السبعينيَّات ونجم الثمانينيَّات، لن يعدو أنْ يكون - وقد لا يكون - نجم التسعينيَّات.

 

أمَّا مَن جعَل مثَلَه الأعلى وقدوته وأسوته مَن أمَرَنا الله - عزَّ وجلَّ - بالاقتِداء به واتِّباعه ألاَ وهو محمدٌ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم من بعده صحابته والتابعون لهم بإحسانٍ، فحريٌّ به أنْ يقود الأمم، ويُعلِي الهمم، وتُحقَن به الدماء، وتُردَّ المظالم، وتُحتَرم المقدَّسات، ويُبارَك في الأرزاق، وتُفتَح له أبواب البِلاد وقلوب العِباد.

 

لماذا يعتَزِل الفنَّانون؟

هناك مقولةٌ مشهورة لممثِّل قديم أوجَزَ فيها رأيَه في الفن فقال: "إنَّ الفن كالنار يحسَبُها مَن خارِجُها جنَّة، فأهلُها يتمنَّون الخروجَ منها، ومَن خارجها يتمنَّون الدخولَ فيها".

 

بل صرَّحتْ إحدى كِبار الفنَّانات في الجيل القديم بأنها ما كانت تحلم إلا أنْ تكون أمًّا، وأنْ تعمل كمعلِّمة، ولقد صدَقتْ قولها باعتِزالها الفن في أوْج مجدها، بل قبل إعلان إسلامها.

 

فلمَّا سألَتْها إحدى صديقاتها عن ذلك - كما تروي صديقتُها - قالت: إنَّ الله قد منَحَها نِعَمًا كثيرة، ولقد أصبح لديها الآن الزوج والبيت والأولاد.

 

بل كثيراتٌ من أهل الفن بالجيل القديم يعتَرِفون بأنَّ دخولهم للفن لم يكن إلا بسبب الحاجة، وأنَّ اختياره كان بديلاً عن الجوع أو الضَّياع، وليس بالضرورة لموهِبَةٍ فذَّة يفتَقِدها غيرهم من غير العاملين بالفن؛ لذا نجد كثيرين منهم ما أن تُتاح لهم فُرصة الحياة بعيدًا عن الفن حتى يعتَزِلونه، ولو كانوا في ذروة نجاحهم فيه.

 

بل ليس سرًّا أنَّ أكثر النجوم شهرةً وقبولاً عند الناس وأكثرهم تمتُّعًا بالقمَّة في هذا المجال، متى ما عرفوا الحقَّ هم أسرع الناس عُزُوفًا عنها، واستِغلالاً لمواهبهم الفطريَّة التي أوصلَتْهم إليها فيما ينفَعُ دنياهم وآخرتهم.

 

هل لأنَّهم تدبَّروا قول الله - تعالى -: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]، ولم يجدوا في هذه القمَّة ما يستحقُّ بيْع الآخِرة بها، فتركوها لهؤلاء الذين لم يكونوا ليبلغوها ما لم تكن خَلَتْ من أهلها؟

ربما.

 

أم لأنَّ مقومات شخصيَّاتهم التي أوصلَتْهم لهذه القمَّة تمكِّنهم من رؤية الأشياء بوضوح، واتِّخاذ القَرارت المصيريَّة بحزم، والتفوُّق فيما يقتنعون أنَّه الحق، فما أنْ فُتِح لهم طريقُ العلم والهداية حتى أسرَعُوا يُنافِسون مَن سبَقَهم إليه، ويُسابِقون الزمن في تحصيل ما فاتَهُم فيه؟

ربما أيضًا.

 

ولكنَّ الشيء المؤكَّد هو أنَّ النفس الإنسانيَّة لا تهدأ ما لم تُحتَرم آدميَّتها، وتُحفَظ لها كرامتها، وتَعرِف الغاية من وجودها، وتطمئنَّ إلى أنها قادرة على الوصول إليها.

 

وإنَّ النفس في طاعة الله - عزَّ وجلَّ - يُرضِيها القليل؛ إذ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أصبح آمِنًا في سِربِه، مُعافًى في بدنه، عنده قوتُ يومه - فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها)).

 

فكيف بالكثير من الرزق والبركة، واجتماع القلب وهدوء البال، وعيش السعداء الذي يمنُّ الله - عزَّ وجلَّ - به على الطائعين من عِباده؛ إذ يقول - تعالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

وإنَّ المغرور لَمَنْ ظنَّ أنَّه يمكِنُه أنْ يعصي الله - عزَّ وجلَّ - ثم هو يَسعَد في حياته، ويَأمَن في آخِرته، والله - تعالى - يقول: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 21].

 

فهل يمكن استخدام الفنِّ كوسيلة للدَّعوة ونُصرَة الدِّين؟

إنَّني لو بحثتُ عن إجابة لهذا السؤال، فربما لا أجد أجمل من ردِّ الداعية الكندي د. أبي أمينة بلال فيليبس، حينما سُئِل عن جَواز استِخدام الموسيقا في الدعوة إلى الله - عزَّ وجلَّ - فأجاب مُشِيرًا إلى عدم جواز ذلك قائلاً: "إنَّ الإسلام شيءٌ نبيل، ولا تكون وسائله إلا نبيلة".

 

وإذا كانت الوسائل تأخُذ حُكم الغايات، فهل يُمكِننا مشاهدة عملٍ فني دون مخالفة أمر الله - عزَّ وجلَّ - لنا بغضِّ البصر: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30 - 31]؟

 

وهل يمكِننا تجسيد الواقع بعملٍ فني يخلو من أدوار النساء في الحياة؟ فنجعَل الممثِّلين كلهم من الرجال، أم سنجعل الرجال يقومون بأدوار النساء فيقع علينا حكم الشرع الوارد في حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ يقول: ((لعن الله المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال))؛ إسناده صحيح.

 

فإنْ كان لا بُدَّ من الاستعانة بالنساء لضرورة نقْل الواقع بكفاءة، وهو ما يتطلَّب بالضرورة كشْف وجوهِهن، مع العلم بأنَّ من شروط جواز كشف الوجه عند مَن جوَّزوه هو أمان عدم النظر إليه، وألاَّ يكون فتنة[2].

 

فهل يجوز للنساء وضْع مُستَحضرات التجميل اللازِمة للظُّهور أمامَ الكاميرات؛ حتى لا يبدو الوجه شاحبًا بسبب الإضاءة الشديدة؟

وماذا عن ضرورة استِخدام الصوت في التأثير على المتلقِّي، وتنويع النبرات في المواقف المختلفة، أليس يُخشَى معه الخضوع بالقول؟

وهل ستَتعامَل الممثِّلات مع الممثِّلين باعتِبار المحرميَّة الشرعيَّة، أم التمثيليَّة؟


فإنْ كانت الأولى اختلَّ العمل الفني، وإنْ كانت الثانية اختلَّ دينهم، فضلاً عمَّا يتطلَّبه العمل الفني من بَقاء المرأة لفترات طويلةٍ خارجَ بيتها، ناهِيك عن الاختِلاط الذي لا مفرَّ منه، والتعرُّض لِمَواطِن الفتن؟


فإنْ قال أحدُهم: سنُكافِح ونقاوم ونجاهد من أجل خروج العمل خاليًا من المحذورات الشرعيَّة، ولو كلَّفَنا ذلك الجهد والوقت والمال - لكان السؤال الحاسم هو: لماذا؟!

لماذا تتحمَّل كلَّ هذه المشقَّة من أجل التمثيل؟ أفرضٌ هو تُقِيمُه أم سنَّة تُحيِيها؟

فإنْ قيل: وهل نترُك الإعلام لليهود يَنشُرون من خلاله أفكارهم، ويُثبِتون به دعاواهم؟


قلت: أمَّا ما وافَق منه الشرع فلا نترُكه، بل نُنافِسهم عليه بكلِّ ما نستطيع من قوَّة، حتى تكون كلمة الله هي العليا.

 

وأمَّا ما خالَف شرع الله - عزَّ وجلَّ - فنعم نتركه، كما نترك لهم الربا والزنا، وكما نترك لهم كلَّ ما يُحاوِلون السيطرة به على العالم من أساليب غير شريفة؛ لأنَّنا نعلم أنَّنا لا ننتَصِر بالإعلام ولا بغيره، وإنما بتحقيق مراد الله مِنَّا، وبموعود الله - عزَّ وجلَّ - لنا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].

 

فهل يفهَم أحدٌ من هذه الآية الكريمة أنَّ النصر يكون بغير شرع الله - عزَّ وجلَّ؟

إنَّ اتِّباع أيِّ منهج يُخالِف شرعَ الله - عزَّ وجلَّ - هو انتصارٌ لمبادئ أعداء الدين ووسائلهم، واعترافٌ لهم بما يَزعُمونه من أنَّ الدين لا يَصلُح لكلِّ وقت، وكذَبُوا، وإنَّه لَدينُ الله في أرضه لكلِّ زمان ومكان، منذ مَبعَث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى قِيام الساعة.

 

وإنَّ كلَّ حيدٍ عنه - ولو قَلَّ - لَإطالةٌ لليلٍ طويل يَعِيشُه المسلمون في غير مكان، وحقبة صعبة في تاريخ الأمَّة.

 

وإنَّ المسلمين الذين أنهكَهُم القتْلُ والتشريد في أماكن عدَّة من العالم، لَينتَظِرون يومًا تُشرِق عليهم فيه الشمس، وهم يتمتَّعون ببعضٍ ممَّا نتمتَّع نحن به - والحمد لله - من أمنٍ واستقرار عيش، أفنُطالِبهم بالمزيد من الانتِظار حتى نُحقِّق أحلامنا بإقناع الرأي العالمي بقضيَّتهم من خِلال ممارسة هواياتنا؟ أم ننهَض إليهم في جدٍّ واجتهاد عازِمين على نصرتهم، مُتجاوِزين ما يتنازع نفوسَ البشر في وقت الدَّعَة والرَّخاء؟


إنَّ الرجل إذا رأى العدوَّ يدخُل بيته ويمسك بولده وأهله يريد أنْ يَفتِك بهم، لا يتركه ويذهَب ليبحث عمَّن يُقنِعه بخطأ موقفه، وإنما يدفع عن أهله أولاً ما هم فيه من بلاء وشر.

 

فإذا كان لديه وعدٌ من ملك الملوك بالنصر إنْ هو اعتَصَم به، فماذا ينتَظِر ليفعل؟!


وإنَّ في هذه اللحظات التي أكتُب فيها هذه الحروف، يعلم الله وحدَه كم مسلم يُقتَل! وكم مُقدَّس يُنتَهَك! وكم حق يُسلَب! وكم دعوة مظلوم تخترق السماء تشكو إلى الله حالَ الأمَّة!

 

فلنَعُدْ إلى أصل ديننا أولاً؛ لتُحقَن الدماء وتُحفَظ الأعراض والمقدَّسات وتَعُود الحقوق، ثم يكون لدينا من بعد ذلك وقتٌ لمناقشة الأمور الخلافيَّة، وتقريب وجهات النظر، هذا إذا كُنَّا نعتَقِد حقيقةً أنَّ النصر من عند الله، وليس من عند أحدٍ سواه.

 

أمَّا إذا كان قد بلَغ بنا الأمر أنْ نظنَّ أنَّه لا نصر يأتينا إلا بإذن أعدائنا وموافقتهم ورضاهم عنَّا، واقتِناعهم بموقفنا، فلنجمَعِ الأموال إذًا وأهلنا جِياع مجوَّعون، ولنَشحَذِ الهمم جريًا وراء المهرجانات والجوائز والتي لن تكون إلا بموافقة أربابها وبشروطهم.

 

ولست أحسب كثيرًا من المسلمين الذين يُنادُون باستغلال العمل الفني التمثيلي في الدعوة إلى الله ونشر قضايا الأمَّة إلا مخلِصين، ولديهم مهارات وطاقات يُرِيدون توظيفها في خدمة أمَّتنا، والله حسيبُهم، لكنَّني على يقينٍ من أنَّه ليس الطريق.

 

وإنما طريق النصر هو الانتصار لدين الله - عزَّ وجلَّ - بتحقيق التوحيد واتِّباع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإقامة الشرع، وهذا ليس بالأمر السهل، وإنما يحتاج إلى المؤمنين الصادقين الذين لا يبدِّلون ولا يغيِّرون، وإنما يَعمَلون ويجتَهِدون وما يزالون متَّبِعين.

 

﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾[الأحزاب: 23 - 24].

 

فإنْ كان البعض يرى في نفسه همَّة وموهبة في الدعوة إلى الله - عزَّ وجلَّ - وبيان الحق وإقناع الناس به، فليكُنْ ذلك بضوابِط الشرع الذي يدعو إليه، وأنْ يكون برهان ذلك في أعدادٍ اهتدوا إلى الحق على يدَيْه وعرفوا طريق التوحيد والاتِّباع، في الداخل والخارج وفْق ما تيسَّر له.

 

وليس الإعلام تمثيلاً وحسب، وإنما لكلِّ مجتمع ما يُناسِبه، وما بلغنا عن الغرب أنهم قومٌ يقرؤون أكثر ممَّا يشاهدون الأعمال التمثيليَّة - إنْ شاهَدُوها - فالفرصة سانحةٌ لدينا إذًا، وإنما يَنقُصنا اليقين بما لدينا من حقٍّ، وأنَّه لا يصل إلاَّ بضوابط الشرع؛ لأنَّ هداية التوفيق ليستْ بيد أحدٍ إلا الله، وما النصر إلا من عند الله.

 

لماذا يُفوِّتون علينا أعمارَنا؟

وماذا تركنا من أعمارنا لنستَمتِع بما وهبنا الله من حياةٍ ونِعَمٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، إذا أنفقنا في كلِّ يومٍ ساعةً لمسلسلٍ وساعتين لفيلم وثلاث لمسرحية، وغِناء لا يتوقَّف إلا عند النوم، والبعض لا ينام إلا عليه؟

 

حتى صار الصحيح كالمريض كلاهما نِيام أو قُعود.

 

وماذا بقي لنا من وقتٍ وقد انشَغَلنا حتى عمَّا يُصلِح دنيانا وأمر معاشنا، وصار التقصير في حياتنا وأعمالنا أمرًا طبيعيًّا، واعتادَ الناس لوْم بعضهم بعضًا بلا نيَّة صادقة في الإصلاح، ورَكَن كثيرون إلى الكسل والصمت أمام الشاشات حتى تَباعَدت أرواح أفراد الأسرة الواحدة وغابَ الحوار بينهم، وأصبح على كلِّ واحدٍ منهم أنْ يُواجِه حياته ومشكلاته بمفرده؟

 

وماذا تركنا لأبنائنا وقد ذهلنا عن تربيتهم، وأقعَدناهم بجوارنا نستَقِي جميعًا القواعد والتوجيهات الفكريَّة والاجتماعيَّة بل والدينية من خلال كُتَّاب الأعمال التمثيليَّة التي نُشاهِدها من غير علمٍ سابق لنا بدينهم أو علمهم أو توجُّهاتهم؟ ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم.

 

وماذا ادَّخرنا لدار الجزاء وقد أضعنا دار العمل؟ وأين نحن من قول الله - تبارك وتعالى -: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 1 - 2].

 

فأي قلوب خلَّيناها من المعاصي والمنكرات، وحلَّيناها بالطاعات والقربات؟

وأي عقول تضيع علينا فرصتنا في دفع الكربات ورفع الدرجات وسكنى الجنات، والحياة الطيِّبة في الدنيا والآخرة، والله - عزَّ وجلَّ - يقول:﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55]، و﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72]؟

 

ولدينا عمل كثير:

فحريٌّ بنا أنْ نُعمِل مواهبنا وطاقاتنا وكل ما نملك في اقتِلاع أشواك النفس والشيطان والناس من طريقنا، وأنْ ننثر على الطريق ورود الطاعة من دعوةٍ إلى الله - عزَّ وجلَّ - وتعليم الناس دينهم، وأمرٍ بمعروف ونهيٍ عن منكر، وإنفاق وإطعام، ورعاية ذوي الحاجات، وصلة أرحام وحسن جوار، وإعمار مساجد وإرجاع حقوق، وإقامة العدل في مجتمعاتناأ ولو بالانتِصار من أنفسنا، وصيام وقيام، وتعهُّد للقرآن وإحياء للسنن.

 

حتى تتوحَّد أمَّتنا على قلبِ رجلٍ واحدٍ، فلا يكون مجالٌ للشِّقاق والنِّزاع بينَنا، ولا طريق للعدو إلى ديننا وأرضنا.

 

ووقتَها لن يحتاج أحدٌ منَّا في بيان الحق إلى كثيرِ كلامٍ ولا برْي أقلام، وإنما سيكون الحق عندنا جميعًا هو ما أمَر الله - تعالى - به، وأمَر به رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

ولن يحتاج الكثيرون منَّا إلى كثير جهدٍ لتكوين أحكام عادلة مستنيرة تجاه كثير مما يُواجِهنا في حياتنا من قضايا.

 

وسيصبح من السهل علينا أنْ ندير ظهورنا لكلِّ ما يشغلنا عن غايتنا الكبرى وسعادتنا العظمى.

 

وسيصبح من الصعب أنْ نجد من بيننا نائمًا أو غافلاً أو متخاذلاً على أرض السباق إلى الخير والجنان حيث يَطِيب المقام.

 

براءة الذمة

وبعدُ:

فلستُ أدَّعِي من نفسي علمًا ووعظًا، وإنما رأيتُ بكلِّ ما أحمله في قلبي من حرصٍ على المسلمين وحُبٍّ لهم - سواء كانوا من المشاهِدين أو من القائمين على هذه الأعمال التمثيليَّة والفنيَّة - أنْ أؤدِّي واجبَ النُّصح بما يُصلِح حالهم ويُثمِر أعمارهم.

 

فلعلَّ كلمةً أنْ تكون مِفتاحَ باب سعادة أحدِنا، ولعلَّ جملةً أنْ تكون حبلَ نجاةٍ لآخَر، ولعلَّنا إذ تحمَّلنا أمانة الكلمة أنْ نُبرِّئ ساحتنا من ذنب المشاهدين والفنَّانين، وأنْ ندخل في زُمرَة مَن استَثناهم الله - عزَّ وجلَّ - من الخسران؛ إذ يقول - تعالى -: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

وفَّقَنا الله - تعالى - إلى ما يحبُّ ويرضى، وجعَل عملنا كلَّه صالحًا لوجهه خالصًا... اللهم آمين.

 


[1] إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما، عن "الدرر السنية" الموسوعة الحديثية.

[2] من كتاب: "بيان للناس" عن الأزهر الشريف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا أهل الفن والإعلام: أقصروا فقد جاء رمضان!
  • الفن أو أكذوبة الفن
  • تلويث رمضان
  • الفن.. الواقع والمأمول (ملخص أول)
  • الفن.. الواقع والمأمول (ملخص ثان)
  • إلى ممثلة (قصيدة)
  • عمر بن الخطاب بين سقطات الفنانين ولقطات المخرجين!!!
  • ضحايا المسرحيات والتمثيليات ...!!
  • قالوا: سيعتزلون الغناء والتمثيل بعد الحج!
  • تأثير الفن على الأسرة

مختارات من الشبكة

  • الحذر من التمثيل والتكييف في باب الأسماء والصفات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التمثيل والمحاضرة بالأبيات المفردة النادرة لقطب الدين النهروالي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التمثيل(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • سريلانكا: مخاوف المسلمين من انخفاض التمثيل السياسي لهم في البلاد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إنهاض الدليل في بيان أن الإثبات لا يلزم منه التمثيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهند: ممثلة شهيرة تعتنق الإسلام وتعتزل التمثيل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التمثيل الدبلوماسي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • دلائل الأثر، على تحريم التمثيل بالشَّعر (WORD)(كتاب - موقع الشيخ حمود بن عبد الله التويجري)
  • سريلانكا: ضرورة التمثيل الإسلامي في اللجنة الهندية لسريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التمثيل بجثث المسلمين في الصين وتركيا تبدأ المقاطعة(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
3- جزاكم الله خيرًا
قلوب مؤمنة - مصر 27-04-2013 01:46 PM

كلمات قيّمة ... اللهم أدخل اللين فى قلوب القارئين واجعل لهم من رحمتك وهُداك نصيب آمين

2- وفيكِ بارك الله..
غادة - مصر 30-08-2010 05:27 PM

أختي الحبيبة (لامعة في الأفق)..
أسعدني تعليقك، وأهتم بآرائك دائما في كل المقالات، سواء أكانت لي أو لغيري، فجزاك الله خيرا وبارك الله فيك..

1- بوركــــــــــتي
...لامعة في الأفق... - المملكة العربية السعودية 29-08-2010 11:11 PM

مقال رائع أختي غاده بارك الله بك وسلمك على حمل هموم الأمه والدعوة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب