• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات طبية وعلمية
علامة باركود

في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (3)

د. زهران محمد جبر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/5/2010 ميلادي - 8/6/1431 هجري

الزيارات: 20169

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفصل الثالث

صفات الباحث ومعايير البحث

1- صفات الباحث.

2- البحث العلمي بين المسلمين والغربيين (الموضوعيَّة).

3- عوامل التمايز في البحوث.

 

صفات الباحث

لأنَّ الباحثَ يعمل في حقْل فسيح وشائك لا بدَّ أن يتوفر على:

1- حب الاستطلاع:

 وهو الرغبة المستمرَّة لدى الباحث في البحث عما يحدث حوله مِن أحداث وظواهر، أو لما يكتشفه في أثناء قراءاته من موضوعات؛ لأن إدمان القراءة هو الذي يفتح أمام الباحث آفاقًا لا تُفتح بدون القراءة، التي تكون في البدء عامة في فروع المعرفة المختلفة ثم تتخصص بحسب ميول الباحث، إما في مجال العلم أو الآداب، ثم إن كان في الآداب تكون في القديم أو الوسيط أو الحديث، ثم في أيِّ لون في النثر أو في الشعر، وأن يحاول بكل ما كتب حول موضوعه إذ إنه سيحدِّد نتائجه بناء على قراءاته.

 

وإذا كان الباحثون قد أشاروا إلى هذه الصِّفة في العصور الحديثة، فقد سَبَق أن حدَّدها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، ولا عجب في ذلك إذ كان القرآن حريصًا على القراءة وطلب المعرفة والتعلم، وكان أول خطاب موجه إلى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بصيغة الأمر هو (اقرأ) في قوله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ [العلق: 1-4]، ولو تأملنا ما ورد في القرآن الكريم من آيات تحث على العلم وتحض على البحث والنظر والاطلاع، وما جاء في السُّنة حول هذا المجال لأدركنا الأهمية الكبرى التي يُعطيها الإسلام لهذه الصفة، خاصة أنَّ القراءة فيما يُفيد تكون عبادة، لأنَّ فضل العالِم يزيد على فضل العابد، كما أخبر الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبذلك يربح الآخرة.

 

2- الرغبة:

من الأمور المفروغ منها ولا يختلف عليها اثنان في مجال الأبحاث أن يستشعرَ الطالب أو الباحث ميلاً إلى موضوعه، وإلْفة مع الأفكار العامة التي ستظل بحثه؛ لأن نجاح أي عمل لا يتصور أن يكون بدون رغبة فيه فالرغبة شرط أساسي، وذلك لأن فرض موضوع البحث على الباحث يشعره بالاضطهاد، وسلْب الحرية، فيضيق ذرعًا به من أول صعوبة تقابله وإحساسه بعدم الرِّضا يفت في عضده، والبحث الذي وراءه الضغط، والدافع إليه سبب خارجي قمنٌ به أن يفشل، وأن يتوقف، ويزول بزوال السبب.

 

أما البحث القائم على رغبة أكيدة من الباحث وحب منه لموضوعه واقتناع به ونابع من اختياره، هو الذي يؤتي ثماره، يحقق النفع، ويجتاز الباحث به كل الصعوبات التي تواجهه، وتعطي النتائج المرجوة.

 

3- الأمانة أو الرُّوح العلميَّة:

من أهم الصِّفات التي ينبغي أن يتحلَّى بها الباحثُ أمانة العِلم، وهي تأتي ضمنَ صفات أخر تشملها الروح العلمية في جملة خصائصها منها: النزاهة، والموضوعية، والقدرة التظيميَّة، والجرأة، والأمانة تقتضي الإنصاف الذي يتمثَّل في دقَّة نقل النص عن الآخرين ونسبته إليهم مع الصِّدق في التعبير عن مضمونه دون لبس أو تحريف أو زيادة أو نُقصان يخلُّ بمقصود النص[1].

 

وكذلك يقتضي الإنصاف التجرُّد من الهوى، والحكم بمقتضى الحقيقة بعيدًا عن العصبية التي تُعْمِي وتُصِم، وهو يقتضي أيضًا احترام الآخرين وإن اختلفوا معنا في الرأي، ومن الأمانة عدم سرقة آراء الآخرين ناهيك عن مؤلفاتهم والادِّعاء في ذيل الهوامش بالتصرف فيها.

 

والنزاهة من مقتضياتها أن يكون الباحثُ نزيهًا محبًّا للعلم، بعيدًا عن المتاجرة به، يخدم العلم من أجل لعلم، لا من أجل الشهرة والتعالي، والمجد الزائف[2]، والربح المادي.

 

ومِن الأمانة الرجوع إلى الحق والتسليم به، والاعتراف لصاحبه، وإن كنَّا على خلاف معه، ولذا تعد الأمانة العلميَّة قطب الرحى في جميع الأبحاث التي يتصدَّى لها الباحث؛ لأنَّها طالما توفرت توفر في البحث الثِّقة والاطمئنان والقناعة، وكان صاحبه جديرًا بما تحقَّق على يديه، وبالدرجة التي ينالها.

 

4- الصبر:

الباحث المثابر يفضل على غيره من المتعجِّلين كثيرًا، وذلك لأنَّ مراحل البحث من أوَّل خطوة فيه وحتى استتمامه يحتاج إلى جهْد مضاعف، وعمل شاق، وقراءة مستمرة، وتقليب الأوراق وإعادة تنظيم ومراجعة لِمَا كتب، وتصفح المراجع والمصادر إلى غير ذلك مما يصطحب مشوار البحْث الطويل الذي قد يمتد سنينًا من أعمال تتعلَّق به، والناجح من الباحثين هو الذي يصبر على مشاقِّ بحثه، فلا يملُّ من البحث عن كتاب يرى أنه ضروري لبحثه، ولا يملُّ من إعادة قراءة فِكرة لم تختمرْ في ذهنه[3]، ينظر في الدقائق برويَّة من أمره، غير متعجِّل الوصول إلى غاية، فلا تُثمر هذه القراءات ولا تُفيده شيئًا، ما لم يتأمَّل ويستوعب، ويضطر إلى التشبُّث بأيِّ شيء، ثم يكتشف بعدَ سَيْره في البحث بأنه بنى على سراب خادع، ولا يجد بدًّا من الرجوع إلى القراءة لاختيار موضوع آخر غير الذي تعجَّله في المرة الأولى[4].

 

كذلك لا يتسرَّع في صياغة البحْث قبل أن يعدَّه إعدادًا جيدًا لائقًا به، كما لا يصحُّ أن يتسرع بنشْر نتائجه العلمية لإحراز السبق، قبل أن تتضح هذا النتائج وتتبلور في صورتها للائقة.

 

والباحث الموهوب يرى في البحْث شخصيته، وأمله وكيانه، ولهذا فهو يتطلع لأقصى درجات التمام أكثرَ ممَّا يتطلَّع للإسراع في الحصول على الدرجة العلميَّة التي يسعى إليها[5]، والصبر على البحث يعطيه الإتقان والإخلاص والإجادة، على الأقلِّ عملاً بقوله: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105] الآية تحثُّ وتدفع إلى الاتصاف بالصبر والتحلي بالتأني، وبذل الجهد بغيةَ إتقان العمل أيًّا كان والبحث أيًّا كان، والبحث عمل، وأي عمل يستوجب ما ذكرنا مِن الصِّفات وغيرها، وعملنا في ميْدان تقويم الأبحاث على مختلف مستوياتها شاهدٌ ودليل، فمِن الباحثين من هو مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، ومنهم الدعي الذي ليس من أهلها، فلا هو يعرف خطة ولا منهجًا ولا يفرق بين المادة والمادة، ولا بين الكراسة والدواسة، لم يقدِّم عملاً، ولم ينجز بحثًا، بل استغفل ونهز، واستلب وأجهز، وهؤلاء الذين يتسمون بهذه القسيمات في الحصول على الرسائل العلميَّة بلا مجهود حقيقي يبذلونه، ويحققونه بالطرق الملتوية، إنما يخسرون الدُّنيا والآخِرة، وذلك هو الخسران المبين؛ لأنَّ ما بني على باطل فهو باطل، وما نَتَج عن الحرام فهو حرام.

 

وعلى ما سَبَق، فإنَّ الرغبة مهما كانت متوفرة لدى الباحث فإنها غير كافية للقِيام بالبحث "قد تكون الرغبة الظاهرة نزعة عابرة، فينكص الباحث، وهو لما يزل في بداءة الطريق، ولذلك لا بدَّ من أن يصحب الرغبة الصبر والصمود في وجه المشقات، والصبر فضيلة النفوس الكبيرة، التي تأبي العيش في السفوح فتشرئب أعناقها إلى القِمم، فتعمل وتجد غير مكترثة لوعورة الشِّعاب، ومن صبر ظفر، ومن لَجَّ كفر"[6].

 

ونهاية الصبر نوالُ المرغوب فيه؛ لذلك على الباحِث أن يتحلَّى بالصَّبر في كلِّ خُطوة من خُطوات بحثِه، وفي كلِّ ما يتعلَّق بسبل إنجازه.

 

5- التواضع والبعد عن الغرور:

الباحِث الناضج يستشعر دائمًا التجرُّد من حوْله وقوَّته إلى حول الله وقوته، ويؤمن بأن ما يتحقق على يديه من نتائج ونجاح هو في المقام الأول بتوفيق الله وعنايته.

 

ولذا ليس هناك ما يدعو إلى المكابرة والمباهاة والغرور والتعالي ولقد نهى الله تعالى عن كل ذلك في محكم التنزيل في وصية لقمان لابنه ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18].

 

وليس معنى الكبر نفيَ الاعتزاز فبينهما فرْق شاسع، فالباحث يعتز بأفكاره وبما منحه الله تعالى من القدرة على التفكير والعمل وانجازه، دون أن يصل به الأمر إلى الاختيال والكبر، وأن يعطي الإنسان نفسه حقها من التقدير أمر يجوز له ذلك؛ لأنَّ انتقاصها أو التهوين من شأنها تحقير، وذلك منهي عنه ((حسب ابن آدم من الإثم أن يحقر أخاه المسلم))، فما بالك بالنفس، المهم أن يزن الباحث نفسه بميزان صحيح، وأن يقدرها بحجمها الحقيقي، ولا يكون كما قال الشاعر:

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الْهَوَانُ عَلَيْهِ
مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيلاَمُ

والباحث أحوجُ ما يكون إلى هذا الاعتزاز، فإنَّه يساعده على الشجاعة والجرأة، الشجاعة في أن يقتحمَ الموضوعات التي قد يظن أنها صعبة، ومناقشة الآراء وبيان وجوه الصحة فيها من عدمها، والجرأة لا تعني بحال مِن الأحوال تجاوز حدود الأدب مع الآخرين والافتراء عليهم، والوقاحة، بل تعني وصم الباطل بأنَّه باطل، وقول الحق أنَّه حق دون خوف أو وجل أو تملُّق أو نفاق أو مداهنة، فليس في البَحْث صديق أو عدوُّ، بل حق وحقيقة، وأفضل ما تكون الجرأة عندما تكون اعترافًا بالخَطَأ، والاعتراف بالخطأ فضيلة[7].

 

والمؤمن عزيز لا يعرف المهانة أمامَ الجهلة ومدَّعي العلم، وحقيق به ألاَّ ينزل هؤلاء، وفي الوقت نفسه متواضعٌ أمام أساتذته ومعلِّميه، ومن التواضع ألاَّ يغمط حقوق الآخرين، وأن يعرف للناس أقدارهم وللعلماء منازلهم وقيمتهم ولِمَن سبقوه في المجال فضلهم وسبقهم.

 

6 - الفطنة والبديهة:

بديهي أنَّ الباحث يجب ألاَّ يقبل كل ما يقدم إليه على أنه حقيقة مسلَّم بها، وإلا فما وظيفته في البحث بل لا بدَّ من تقليبه على شتى الوجوه، ووزنه بميزان دقيق مِن الفِطنة والذَّكاء والاختبار واللب المميز، والفارق الذي يساعده على تحليل الأفكار وتركيبها الذي يساعده على تحليل الأفكار وتركيبها واستنتاج ما يمكن استنتاجه، واستنباط ما يمكن أن يتوصل إليه.

 

فالباحث يعتمد على الفطنة والبديهة المتوقدة، التي تجعله يربط بين فكرة قرأها اليومَ، وفكرة اطلع عليها من شهور، وبين محتويات كتاب كان قد اطَّلع عليه منذ زمن وآخر وقع بيْن يديه حديثًا ووجده صورة طبق الأصل من الأول، والمعوَّل عليه في كل ذلك الفطانةُ التي وصف الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - المؤمن بها عندها قال: ((المؤمن كيِّس فَطِن))، يفرِّق بيْن الغثِّ والسَّمين والصحيح والفاسد، والصواب والخطأ...، بما يعود على بحثه بالفائدة، وعلَّ الفطنة تُسلِم صاحبها أحيانًا إلى أن يشكَّ فيما بين يديه، وإن كان الشك في عمومه مذمومًا، إلا أنه في مجال البحوث وسيلة من وسائل التحقق والمعرفة والوصول إلى اليقين، ومِن قبلُ قالت العرب: "سوء الظن مِن حسن الفطن"، إلا أن المبالغة في الشك تؤدِّي إلى سوء النية، ويحفِّز على التعدِّي، وقليلُه في مواضعه لا يضرُّ إذ ﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، والفِطنة لدَى الباحث تخدمه في جميع مراحل البحث يكفي أن نشير إلى أنها تبعث فيه القدرة على التنظيم والتأطير، ودقة هيكلة البحث، فيبدو محكم الأقسام متماسك الفصول والأبواب، منطقي الانسياب متسلسلاً كل شيء منه في مكانه وموضعه اللائق به، فلا يعتور البحث تفكك ولا هلهلة ولا تناقض واضطراب.

 

7 - الموضوعية:

عندما يُطلب من الباحث أن يكون موضوعيًّا إنما يعني بذلك أن يكون واقعيًا غير متعصب لرأي أو مذهب أو نحلة أو مدرسة أو اتجاه فينحاز إليه، ويستقي آراءَه منه، ويتشبث بأفكار أيٍّ منها، ويهمل آراء الآخرين أو يخطئها بلا مبرِّر ولا برهان صحيح، والمطلوب منه دائمًا أن يكون عادلاً محقًّا في أحكامه نزيهًا في موازناته حصيفًا في ترجيحاته.

 

وأن يتحرَّر من الأهواء الخاصَّة، ويتخلَّص من الآراء المسبَقة ومن المشاعر الشخصية التي قد توقعه في الأخطاء، ومِن التأثيرات المغرِضة بحيث يكون الحُكم على الشيء آتيًا من خلال الأدلة والمرجحات والدراسة المتأنية، وتقليب النظر في المادة المقروءة، بحيث لا يترك لهوى النفس مدخلاً، وللاعتبارات الخارجة عن نطاق العمل العلمي والبحث المستقل مكانًا؛ لأن الأخذ بما سبق إنما يضفي على البحث قيمةً موضوعية وينأى به عن الشبهات.

 

لكن لا يظن ظانٌّ أن معنى "التحرر" هو الانفلات من القيود المنظمة، أو المعايير المتعارف عليها في كل فن، أو التفلت من الْتزامات العقيدة؛ لأنها لا تمثل بحال من الأحوال عائقًا يحول دون المرء والتدبر والفكر والبحث، بل إنَّ العقيدة الصحيحة تدفع الإنسان إلى السياحة الفكرية في الكون، واستكناه خباياه، واكتشاف مكنوناته، قال - تعالى -: ﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ [فصلت: 53].

 

ودلالات التعبير بحرف السين في الآية الكريمة فيها استغراق للآتي غير المنظور بمدياته الموغلة في المستقبل إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، وفي الآية حفزٌ للهمم على التنقيب والنظر في ملكوت الله، وحفز لها وحثٌّ عليها وحض للجميع بلا استثناء. على التفكير ولا يجوز بعدَ هذا اتهام العقيدة بأنَّها تقف حائلاً دون البحْث أو تشكِّك في وسائله، وتغل الرقاب؛ لأنَّ العقيدة ليست مجرَّد مشاعر، أو أهراء أو عواطف، وإنما هو تعقل وبرهنة، وإذا ثبتت العقيدة بالبرهان والدليل، فلا ينبغي على الباحث أن يتجرَّد منها في أثناء استنتاج النتائج واستنباط الأحكام.

 

وبقدر ما حفزت العقيدةُ الإنسان على البحْث والنظر، بقدر ما وضعتْ له الأطر الصحيحة، والطرق المثلى، طالما كانت الغاية هي الوصول إلى حُكم صحيح، ونتيجة سليمة، فحينما نعود إلى القرآن الكريم نجده قد حذَّر الإنسان من أن يعتمدَ على الأهواء أيًّا كانت في استصدار الأحكام؛ لأنَّ مآلها الفساد والإفساد قال - تعالى -: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].

 

ولأنَّ إتباع الهوى منطقه الجور والظلم، نهى القرآن الكريم عنه في قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135].

 

وإذا كان القرآن الكريم قد حذَّر من الاعتماد على الأهواء، وهي الأحكام الشخصية التي لم تقمْ على برهان عقلي سليم، ولا على دليل علمي مقنع، فإنما هو بذلك يحثُّ على الموضوعية فيها، وأن يستهدي الباحث ويسترشد بما أوجبتْه عليه عقيدته من تطلاب الحق، ونشدان الصدق في كل ما يقول به، فليس على الباحث المسلم أن يتجرَّد من عقيدته في البحث كما هو عند الغربيِّين.

 

وهنا قد يقول قائل: ما للبحث والعقيدة وأنَّ العلوم التجريبية وقوانينها علوم عالمية لا تنحاز لدين من الأديان، ولا ثقافة من الثقافات، ونردُّ بأنَّ هذا القول تعميم لا مبرر له ذلك أنَّ العلوم والقوانين العلمية تعتمد على شيئين.

 

الأول: عبارة عن الحقائق وقوانين الطبيعة التي تعرَّف عليها الإنسان وأدركها، بعد أن اجتاز مراحل عديدة من التجرِبة والاختبار والمشاهدة، وهذا جانب لا يشكُّ أحد في كونها عالمية.

الثاني: تتمثل في العقلية التي تدوِّن هذه الحقائق والمعلومات، وتضع على أساسها النظريات، كما تتمثَّل في اللغة والأسلوب الذي تختاره هذه العقلية أداةً للتعبير عن هذه النظريات.

 

فالثاني مما ذكرْنا ليس عالميًا، بل لكل داع من دعاة الحضارات المختلفة في العالَم أسلوب يخصه وينفرد به، ويتضح ذلك فيما يلي:

من الحقائق العلمية أنَّ كل شيء في العالم حينما يبرد يتقلص فيما يعرف بنظرية (التمدُّد بالحرارة والانكماش بالبرودة)، عدا الماء فإنَّه إذا أخذ في التجمد يتمدَّد وإذا تحول إلى ثلج خف وزنا؛ ولهذا السبب نفسه يطفو الثلج على سطح الماء.

 

هذا قانون علمي، ولكن عند صياغته نجد الماديين شرقًا وغربًا يعللون هذا القانون بأنَّ الطبيعة هي التي منحت الماء هذه الخاصية، فهي ذاتية له، بينما العالِم المؤمن يقول أو ينبغي أن يقول: إنَّ الله - - سبحانه وتعالى - - هو الذي أودَعَ ذلك في الماء بقدره وحكمته البالغة؛ لكي تتمكنَ الكائنات الحية التي في قاع البحار من العَيْش؛ لأن الله تعالى لو لم يعطِ الماء هذه الخاصية لكان كلما يتجمَّد رسب الثلج في قاع البِحار وما استطاعت الكائنات الحية أن تعيش فيها[8].

 

وهكذا نلاحظ أنَّ قانونًا واحدًا يمكن أن يعبَّر عنه بصياغتين مختلفتين، إحداهما لإعداد جيل من الماديين، والثانية لإعداد جيل من المؤمنين، وفي أثناء تجميعي لمادة هذه الفصول ثم كتابتها وقع الزلزال المدمِّر الذي محا مدنًا وقري من على خارطة الوجود في كشمير بشطريه الباكستاني والهندي، وحَصَد من الأرواح ما يقرب الأربعين ألفًا مرشحة للزِّيادة[9].

 

واستنفرت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة المعلقين والمحللين والمتخصصين، فذهبوا إلى رصْد ظاهرة الزلازل وأسباب حدوثها، واستقصاء عللها، ويكاد يجمع أولئك بعد هذه التعليلات المادية على أنها (غضبة الطبيعة) ولا يتجاوزون هذا التحليل المادي للظاهرة إلى ما وراءها إما تعمدًا أو ضلالاً ذلك لـ ﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56].

 

فما كان لهذه الظاهرة أن تَحْدُث إلا بإذن الله؛ لأن الطبيعة لم تخلق نفسها حتى تقدرَ على الفعل خيرًا كان أو شرًّا إنما هي مسخرة كما في عرف الموحدين، والآيات القرآنية الدالة على هذا المعنى أكثر من أن تحصى قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر: 41] وقوله تعالى في إشارة إلى يوم القيامة ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1]، وفي ذات المعنى عبر القرآن الكريم بارْتجاف الأرض إيذانًا بالقيامة والبعث للحساب ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلاً ﴾ [المزمل: 14]، واقتضت سُنَّة الله تعالى في الكون أن يأخذ مَن يشاء كيف يشاء ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 41].

 

فما يحدث في الطبيعة لا يخرج عن نطاق ملك الله ولا إرادته ومشيئته في وقته ومكانه، ويعجز الإنسان مهما بلغت قدراته العلمية واكتشافاته التقنية أن يتنبأ متى يحدث ذلك وفي أيِّ مكان، وفي هذا دليل على أنه بعدُ لم يبلغ ما يدَّعيه لنفسه من معرفة وفرق بيْن اعتقادين أحدهما يسلم أن ما يحدث بأمر الله، وآخر يَعمى أن يرى ما وراء الطبيعة، فعلى الباحِث أن يعلم أن أيَّ علم لا يؤدي إلى الاهتداء إلى الله، ولا يقوم على إدراك فضْل الله في تعليم ما لم يعلم، وفي مَنْحه ابتداء القدرة على الإدراك وتغيير النواميس الكونيَّة؛ أي علم لا يقوم على هذه الأسس هو علم ضال مضل؛ ذلك أنَّ هناك ارتباطًا بين القاعدة الإيمانية وبين سائر العلوم، حتى ولو كانت هي علومَ الفلك والأحياء والطبيعة والكيمياء والطب وغير ذلك؛ ولذا كان العلماء هم ورثة الأنبياء لأنهم إذا أخْلصوا وهدوا كانوا ممن شملتهم الآية الكريمة ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].

 

إنها كلها تؤدي إلى الله حين لا يستخدمها الهوى المنحرف للابتعاد عن الله - كما هو صنيع المنهج الغربي في النهضة العلمية[10].

 

واعتناق العالَم الشرقي للشيوعيَّة التي لم تصمد مع الأيام فهوتْ وسقط معها المربون والمنظرون والتلاميذ والأتباع، ولم يشفع لها ولا لأولئك تلك النظريات التي كانت تزيف للمحافظة على ثقافتها القائمة على الغزو والعدوان، واستبعاد الفرد، وإهدار قيمة الإنسان وكرامته ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ [الإسراء: 70].

 

فعلى الباحث لكي يكون موضوعيًا ونزيها أن يصوغ القوانين العلمية صياغة تتفق مع ثقافتنا وعقيدتنا، وعلى الباحث المسلم عند حديثه عن القوانين العلمية الحديثة أن يعود إلى التراث الإسلامي، وإلى كتب ونظريات العلماء المسلمين ويشير إلى السبق الإسلامي في المجالات العلمية حتى ينشأ أبناؤنا وهم مؤمنون بتراثهم وماضيهم ممَّا يدفعهم إلى تمثل هذا التراث الإسلامي، وإلى كتب ونظريات العلماء المسلمين ويشير إلى التراث ومحاولة الإقدام والبناء[11]، بدلاً من أن يفتتن الشباب بنظريات الغربيين وعلمائهم ويتخذونهم مثلاً عليا تحت ضغط الجهل بالتراث الإسلامي والتجهيل الذي يتعرض له في حقول التعليم والمتعلمين والتغريب الذي يحوطه من كل الجهات.

 

ما سبق عن الموضوعية في جوهرها وهناك موضوعية إذا ذكرت تنصرف إلى الجانب الشكلي من البحث تتمثَّل في التزام الباحث حسن اختيار الموضوع بما يساعده في أثناء البحث في التوفر على التفاصيل والدقائق والجزئيات والموضوعية أن يتأكد الباحث أن أسلوبه إنما ينم ويعبر عن وجهة نظره ورأيه الذي يسمح بغيره أن يختلف فيه معه وأن هناك مساحة من الفكر يمكن أن تستوعب مداخلات الآخرين ونقداتهم[12].

 

ومنها أيضًا معالجة القضايا والمشاكل العلمية بالفكر المتأني والاستقصاء الشامل ما أمكن إذ إن ذلك مظنة التوصل إلى النتائج التي يعتد بها ويقنع متلقيها.

 

والموضوعية تقتضي الدقة في تأطير الموضوع زمنيًّا وفي تحديد التاريخ الحاضن لتفاصيله، وتمييز السمات التي تفرده بخصائصه وإلا فإن البحث يميع وتتناثر أطرافه وتتناقض جزئياته وتضيع معالمه.

 

8 - التجرد والحيطة:

نعني هنا بالتجرد والحيطة التخلي عن الأحكام المسبقة والمواقف الخاصَّة والعلاقات الشخصية التي تؤثِّر بالسلب أو الإيجاب على الرؤية الواقعيَّة للنص، كذلك تجنب التهور باستصدار رأي قبل النظر ومعرفة الأدلة ودراستها وتحليلها جيدًا، وهذا الصنيع يقتضي من الباحث في الدراسات التجريبية والبحوث النظرية أن لا يسلم بآراء الآخرين ويعتقد صحتها دائمًا بل يعرضها على عقله ليتثبت من مدى صحتها من عدمها، وكم من النظريات التي انتهى بها أصحابها إلى قوانين خيل إليهم أنها بلغت الكمال والتمام لم تصمد عندَ إعادة النظر فيها لِمَا جد من تطور في الظواهر والظروف التي صارتْ تحيط بها.

 

ونعود لنذكر هنا مبدأ (الشك النافع)، لأنَّ فكرة الشك هنا ليس معناها الهدم، بل الشك المنهجي الذي يوصل إلى الحقيقة[13].

 

ذلك لأنَّ الإنسان قد يؤمن مسبقًا ببعض الأفكار الخاطئة تبعًا لشيوعها وسطَ الناس أو كثرة تداولها على الألسنة، أو ترددها عبر وسائل مؤثرة أمام الإنسان أو لأن فلانًا من المشاهير قال بها، والإنسان قد يتبع الكثرة أو المشاهير في أقوالهم بدون تحقق، نظرًا للوهم الشائع الذي يقول: إنَّ الكثرة دائمًا على حق، وأنَّ الكبار وذوي الشهرة أوثق من الخاملين، ولكن القرآن الكريم ينبه العقول إلى خطأ هذا الوهم، ويؤكد استقلال الحق عن القلة أو الكثرة، أو الشهرة والخمول، فيقول: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116] وقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 40] ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف/103].

 

فالقرآن في هذه الآيات البينات يوضح أن الحق ليس فيما يعتقده الكثرة أو القِلة، ولكنه مستقل عن ذلك، وعلى الباحث ألا يغتر بأقوال الأكثرية أو الأقلية وما تشيعه عند طلبة الحق.

 

ويشير القرآن أيضًا إلى أنَّ الأشخاص مهما علا قدرهم ومهما ذاع صيتهم، وطوفت شهرتهم الآفاق، فإن هذا لا يعني أن يأخذ الباحث آراءهم مأخذَ التسليم بدون نظر وتمحيص، وإنما عليه أن يدرس ويفكر وينقدَ بوسائله الخاصة ما يقع في أذنه أو تطرفه عينه طالما كان القائل بشرا، حاشا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فالقرآن هو الذي بين كذِب فرعون على قومه ووصمهم ساخرًا بقوله: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ﴾ [الزخرف: 54] بعد أن بين ما ادعاه فرعون ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾} [القصص: 38].

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَْ ﴾ [البقرة: 170].

 

وإذا كان كل ابن آدم خطاء، فإنَّ الشهرة وذيوع الصيت لا تعني العصمة من الخطأ، وكم ينخدع المرء بآراء المشاهير والكبار، ثم يكتشف أنها هباء بعد فوات الأوان مبنية على الهوى قد سيطت من الأنانية، فيستشعر التبع الفاجعة، والمقلدون الحسرة والخيبة والوبال، والقرآن يصور هذه المشاعر الخائبة على ألسنة المقلدين بغير تمحيص:

﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 67 - 68]، ولم تكن عاقبة أولئك كذلك إلا لأنهم ألغوا العقول، فكانوا كالأنعام، بل هم أضل، وعطلوا نعمة التفكير التي منحها وسار يقوده غيرُه، ومِن هنا فالباحث عليه أن يفحصَ كل ما يقرأ، ولا يسلِّم بكل ما قرره غيره، بل عليه أن يفكِّر ويدرس وينقد ويقلب ويرجع البصر كرتين، ويُديم النظر في الآراء حتى يتبين وجه الصواب ويتخير الصحيح، ويبني عليه حتى تبرز شخصيته[14].

 

ما سبق من أهم ما يجب أن يتصف به الباحث وفق ما أشار إليه الباحثون والمهتمون عندَ الغربيين والشرقيين، لكن الجدير بالملاحظة "أن العرب القدامى اهتموا بصفات الباحث أو العالم، فقال الإمام مالك بن أنس في شروط الأخذ عن المتحدث، "لا يؤخذ الحديث من سفيه، ولا يؤخذ من صاحب هوى، يدعو الناس إلى هواه؛ ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس، ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به"[15].

 

ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أن الصفات السابقة وهي جميع ما اطلعنا عليه فيما بين أيدينا من كتب قد أغفلت صفتين مهمتين من الطبيعي أن يهملها الغربيون ولكنها بالنسبة للباحث المسلم صفتان أساسيتان ينبغي أن يتحلى بهما وهما:

أولاً: الإيمان بالله وما يتبع ذلك من تقوى وخوف منه فهي أهم صفة ينبغي أن يتحلَّى بها الباحث، فالعلم نور يهدي الله إليه من يشاء ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ﴾ [البقرة: 282]، ونور الله لا يهدى لعاصٍ ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة/257].

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق/2، 3].

 

وقد يسأل سائل ما بال العصاة مع ذلك قد وصلوا إلى أدق الأبحاث ودقيق الاكتشافات، والنتائج المذهلة في مختلف التخصصات العلمية بدون إيمان ولا تقوى؟

 

أقول: إن الكون صفحة مفتوحة لمن يجيل نظره فيه مسلمًا كان أو كافرًا، يكتشف الكثير، إلا أن المسلم يزداد إيمانًا والكافر عنادًا وعقوقًا وهو ابتلاء واختبار مثله في ذلك مثل الرزق ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة/126]، فلم يحرم الكافر الرزق لأنه كافر، بل يتمتع به ويشتد حسابه عليه ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد/12] والعلم من حرث الدنيا المشاع ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشورى/20] والابتلاء يكون بالخير الشر ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء/35].

 

إذا لا يتشكك الباحث المؤمن في إيمانه، لأنَّ الكافر قد حقق ما أراد من أبحاثه رغم كفره، فالله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، كما أشار إلى ذلك الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا غضب الله على قوم رزقهم من حرام، وإذا اشتد غضبه عليهم بارك لهم فيه)).

 

((والله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب ولا يعطي الآخرة إلا لمن أحب)) وجماع القول في أولئك والذي يطمئن إليه الباحث المسلم ولا يداخله الوهن والإحباط مما وصلوا إليه ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20].

 

ثانيًا: الالتزام بمبادئ الأخلاق:

إذا كان الباحِث يتسم بهذه الصفة ويتحقق بها، يطمئن إليه ويكون محطَّ الثقة وأثرها على عمله يترك طابعه ذلك لأن الإسلام لا يعترف بالعلم المجرد من الأخلاق ولا الفن كذلك، ولا يدفع إلى العلم الضار الذي يؤدي بالبشرية إلى التنازع والفناء، وإنما يحث على العلم النافع المفيد للإنسان، وبذلك يقول الإمام الغزالي: "إنَّ مِن الأسباب في صيرورة العلم مذمومًا أن يكون مؤديًا إلى ضرر إما لصاحبه أو لغيره"[16].

 

وإذا كان الخُلق يعني مجموعة السجايا التي استقرَّت في سلوكيات الإنسان، وتشمل الخير والشر، فالمراد هنا هي ملك الأخلاقيات المحمودة والكريمة، التي تغذت على الإيمان ونبتتْ في دوحة التوحيد بحيث تدفع الباحثَ إلى أن يتوخى المفيد، وما يربي النفس، ويهذب السلوك، وذلك لأنَّ الإسلام خير كلَّه، ولم تستخدم العلوم الإسلامية في الشر أو الإيذاء بل كانت عبر مسارها الطويل وتطورها إثر القرون تبحث فيما يرجع على البشرية بالفائدة؛ لأنَّ معيار التَّقْوى ورجاء العقبى إطاران يحوطان الفكر المسلم، وموقن أن العلم في الإسلام عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله ((تعلَّموا العلم فإنَّ تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة))[17].

 

ومِن يتصف بالأخلاق ويتوفر على مبادئها يكون صالحًا دائم الخيرية لا يتغير، وإن اهتم بالبحث والاستقصاء نظر إلى الأعمال والبواعث عليها من وجدان ترسخت فيه الخيرية ينهج في أحكامه[18] منهجًا غير متحيز ولا متعصب، لا يركن إلا إلى ما يرتاح إليه الضمير إنشاء ووصفًا، وأين ينبع الشر في هذا الطريق الذي تحفه خشية الله، وعبادته وتسبيحه، والتقرب إليه.

 

إن ما تحمله إلينا وسائلُ الإعلام على مختلف أنواعها صباحًا ومساءً من مخترعات الغربيين تشيب لهولها الولدان، فلقد كرَّسوا أبحاثهم لتخليق أساليب الفتك والتدمير والخراب وأذى البشرية، ولا يمكن أن يتفق ما يقوم به أولئك مع أي مبدأ أخلاقي أو إنساني.

 

إن اختراع جرثومة مرض الإيدز وتركيبه كيميائيًّا ونشره بين الناس بواسطة المعمليين الأمريكيين لا يمكن أن يتَّفق لا مع مبادئ الأخلاق، ولا أي دِين، وآخر ما قرع الأذان ما قامتْ به معامل أمريكا في إعادة تخليق (فيروس الإنفلونزا الأسباني)، الذي أباد الملاين من سكَّان العالم عندما انتشر في النصف الأول من القرن المنصرم؛ ترهيبًا للبشر بغية السيطرة والاستعباد، فأي أخلاق في هذا، وما يحدث في المعامل المنتشرة في العالَم الغربي والبحث الدؤوب عن كل ما يضر الإنسان حدِّث عنه ولا حرج.

 

إنَّ اختراع أساليب العُقم ونشرها بيْن المسلمين بغية وقف المد البشري في العالم الإسلامي حربٌ كانت خفية، وصارت معلنة على الملأ تتسلَّح به أمم الغرب ضد المسلمين، فهل يمكن أن تكون هذه الأبحاث باعثها أخلاقيًّا.

 

أما الباحث المسلم وقد تحلى بالمبدأ الأخلاقي كما يمليه عليه دينه لم تجد أحدًا من التجربيين المسلمين الأوائل اتَّجهوا بعلمهم وأبحاثهم إلى مضرَّة الناس، وإنما اخترعوا ما فيه صالح البشرية ونفعها على قدر طاقتهم وعلمهم وظروفهم، وهكذا ينبغي أن يكون الباحث المسلم متسلحًا بأخلاق الإسلام[19].

 

عوامل التميز في البحوث:

وإذا كان لا بدَّ أن يتميز بحث عن بحث، وكاتب عن كاتب، ويتفاضل باحثٌ عن باحث، فإنَّ ذلك لا يكون إلا بتوفر كلٍّ على عواملَ تجعله يبرز في ميْدان الدراسة، والبحث القائم على المنهج المدعم بحسن الإخراج وفخامة الموضوع، ومن متطلبات هذا التمايز وهذه المفاضلة[20].

♦ دوام القراءة في المسائل العامة والخاصة، فالعامة في فروع المعرِفة المختلفة، والتخصص بحسب ميول الباحث إما في مجال العلم أو الآداب، وهذه القراءة تسهل على الباحِث أن ينجز موضوعه، ويصل به إلى النتائج المرجوة.

♦ لا يظن الباحِث أنَّ هناك موضوعًا يسهل تناوله وآخر يصعب، لأن تسرب هذه الفكرة إلى قلبه يحبطه من أول وهلة، ويضع في اعتباره أن أيَّ بحث يحتاج إلى التدقيق وتقليب النظر فيه وقراءة كل ما يقع في دائرة موضوعه، وما يتصل به لأن الاختيار العشوائي للبحث يوقِع صاحبه في ورطات لا يحمد عقباها، أقلُّها أن يتعرض لألسنة النقاد، وجلب القراء، وسخرية الباحثين، وربما يتخيَّر بحثًا لسهولته فيفاجأ بعد أن يقطع أشواطًا منه أنَّ غيره سبقه إليه وعندئذ تتعقد مهمَّته في البحث عن الوسائل التي بها يتفوَّق على من سبقه مما يتطلب منه أن يمكث سنوات في إعادة القراءة والمراجعة.

♦ اعتداد الباحِث بنفسه ينبع من الثِّقة، هذه الثقة التي تدله على أن لا كلمة قيلت في مجال البحث العلمي عمومًا، وفي مجال البحث الأدبي على وجه الخصوص، ذلك يدفعه إلى مناقشةِ الآراء أيًا كانتْ ومهما كان صاحبها قد أُوتي من ألْقاب، ويرجح ما يراه صوابًا، ويدل على نفسه بذلك الترجيح والمفاضلة.

♦ قيمة البحث: في مادته العلمية، وجِدَّة موضوعه، وإحكام خطته، واختيار منهجه، وأصالة مراجعه ومصادره وكثرتها، وفيما توصل إليه من نتائجَ ترتفع وتهبط وَفْق استقامة المعايير السابقة، وقوة حُجج الباحث وأدلته وبراهينه مما يحسن السكون معها فتقنع، أو تكون واهية فتنقض.

♦ الجانب الشَّكلي في إخْراج البحْث على الصورة المثلى تُضيف بعدًا جديدًا عليه، وتحيط المضمون بما يَليق به، والاهتمام بالأسلوب العِلمي في عرْض القضايا ضالة المتلقين، وبغية الباحثين، ومحط أنظار المهتمين، فعلى الباحث أن يكون كيسًا في انتخاب الأفضل من كل ذلك، وكما قال الشاعر:

قَدْ عَرَفْنَاكَ بِاخْتِيَارِكَ إِذْ كَا
نَ دَلِيلاً عَلَى الأَرِيبِ اخْتِيَارُهْ
ـــــــــــــــــــــ
[1] أضواء على الباحث والمراجع  ص 15.

[2] منهجية البحث ص 25.

[3] راجع ص 50 من كتاب البحث العلمي ومناهجه النظرية.

[4] راجع ص14 من كتاب فن البحث الأدبي.

[5] انظر: ص 20 كيف تكتب بحثًا أو رسالة.

[6] منهجية البحث ص24.

[7] منهجية البحث ص 26 بتصرف.

[8] بين يدي الشباب ص 110 أبو الأعلى المودودي.

[9] الزلزال المدمِّر الذي تعرضت له باكستان والهند يومَ السبت الثامن من أكتوبر سنة 2005.

[10] يراجع العدالة الاجتماعية في الإسلام ص 277 سيد قطب.

[11] البحث العلمي ومناهجه النظرية ص 54.

[12] المنهج العلمي في البحث الأدبي ص 48، د. مصطفى محمد السيوفي.

[13] انظر كتابنا (تهذيب حيوان الجاحظ لابن منظور) تحقيق ودراسة، طبع دار العلم بيروت.

[14] ينظر البحث العلمي ومناهج النظرية ص 56.

[15] ينظر الباحث العلمي ومناهج النظرية ص 56.

[16] البحوث الأدبية ص 131 د. خفاجي.

[17] الترغيب والترهيب (1/ 45)، رواه ابن عبدالبر.

[18] المنهج العلمي في البحث الأدبي ص 78 وما بعدها، بتصرف.

[19] البحث العلمي ومناهجه النظرية ص 57.

[20] يراجع فن البحث الأدبي ص 13 وما بعدها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (1)
  • في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (2)
  • في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (4)
  • في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (5)
  • في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (6)

مختارات من الشبكة

  • من قضايا أصول النحو عن علماء أصول الفقه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المقدمات في أصول الفقه: دراسة تأصيلية لمبادئ علم أصول الفقه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من قضايا أصول النحو عند علماء أصول الفقه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب