• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات تاريخية
علامة باركود

بيزنطة وفارس (4/4)

د. عمر يحيى محمد

المصدر: مجلة الدرعية: السنة الثامنة، العدد الثاني والثلاثون، ذو الحجة 1426هـ - يناير 2006م
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/5/2010 ميلادي - 20/5/1431 هجري

الزيارات: 17564

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بيزنطة وفارس

قراءة جديدة لآخر جولات الصراع

بين القوتين العظميين في العصور الوسطى


 

حروب الإمبراطور هرقل لاستعادة الأراضي التي استولى عليها الفرس:

على الرغم من نشوة النَّصْر المحدود الذي حقَّقه البيزنطيون على الفرس في أعقاب حملة (619م) البحرية، إلا أن الإمبراطور هرقل شعر أنه لا يستطيع أن يبقى مكتوفَ اليدين وهو يشاهد الجموعَ الفارسية على مدِّ النظر من عاصمته، تهدِّده من ناحية البحر، وجموع الآفار الذين عبروا تراقيا، وبدؤوا تهديد العاصمة من ناحية البَر، فأخذ يُفكِّر في أسلوب عملي يستطيع به ردَّ الأعداء، والتعامُل معهم بنَفْس وسائلهم، وفي لحظةِ يأسٍ فكَّر الإمبراطور هرَقل في ترْك عاصمته، ونقْل مقرِّ حُكمه إلى شمال إفريقيا؛ ليستطيع من هناك إعداد جيشٍ كالذي جاء به ليخلص بيزنطة من فوكاس عام (610م)، وصارح الإمبراطور بهذه الفكرةِ اليائسة بطريركَ القسطنطينية سرجيوس الأول Sergius I (610 - 638م)، وأهلَ الرأي والمشورة في عاصمته، فصُدموا لهذه الفكرة، وأخذوا يضغطون عليه، وطالَبَه البطريرك بأن يُقسِمَ يمينًا في كنيسة القديسة صوفيا بأنه لن يترك عاصمته[1]، وبدأ البطريرك يمارس نفوذه، ويُحاول إعادة الإمبراطور إلى هدوئه، وتخفيف خيبة أمله ويأسه[2].

 

بدأ الإمبراطور والبطريرك يُفكِّران بشكلٍ عمليٍّ للخروج من هذا المأْزق، وقرَّر الإمبراطور أنه لا بُدَّ من السعي لبناء جيشٍ قادرٍ على ردِّ الأعداء الذين يُحيطون بالعاصمة، والتعامل مع المُعطيات الجديدة على أرض الواقع، وأنه لا سبيل إلى ذلك إلا بتوافر الأموال اللازمة، واتَّخذ البطريرك سرجيوس قرارًا كبيرًا حين عرض أن تضع كنيستُه والكنائس الأخرى ذخائرَها وأموالها ومجوهراتها تحت تصرُّف الإمبراطور، وذلك على سبيل القرض، حيث تتعهَّد الحكومة - مُمثَّلة في الإمبراطور - بإعادة قيمة هذا القرض عقب انتهاء الحرب[3].

 

وقد دلَّ هذا الموقف على سَعة أفق البطريرك، بعمله للوصول إلى حلٍّ مُوفَّق لإخراج الإمبراطورية من أزْمتها، كما دلَّ على أنه صاحب شعور وطني حقيقي، يُحسِن التصرُّف في الوقت المناسب؛ إذ إنه لو سقطتِ العاصمة بيد الفرس أو الآفار، لضاعتْ هذه الكنوز، ولأصبحت نهبًا للغزاة، وقد تمثَّلتْ هذه الكنوز في تلك الأموال المخصصة لأعمال الخير، وفي الشمعدانات، وأطباق الكنيسة، وآنيتها المصنوعة من الذهب والفضة، وكانت ثروةً هائلة؛ إذ إن الكنائس كانت تفوق في أرصدتها وثرواتها ثرواتِ الدول، وما زالت الكنائس حتى اليوم - وبالذات الكبيرة منها - بمثابة بنوك ممتلئة بالأموال والكنوز، وابتداءً من عام (619م) بدأت هذه الكنوز تحوَّل إلى دار سك العملات، حيث لم يُضِعِ الإمبراطور وقتَه، وبدأ في إعداد عملته الجديدة[4].

 

كذلك فرضت الظروف اتخاذَ إجراءات أخرى للحدِّ من النفقات، وكان من أهمها: إلغاء توزيع الحصة المجانية من القمح، التي كان يتسلمها سكان العاصمة منذ أيام الإمبراطور قسطنطين الأول، كما فُرِضَت ضرائبُ باهظةٌ على رجال الدين، وخُفِّضَت رواتب المُوظَّفين بنسبة 5 %، وكل ذلك تلقَّاه الناس بترحاب ورضًا[5]، وبذلك تكون مشكلة المال قد حُلَّت بالنسبة للإمبراطورية.

 

بعد ذلك ركَّز الإمبراطور هرقل جهودَه لحلِّ المشكلة الأكبر، وهي توفير الجيش المقاتل، الذي هدَّتْه الحروبُ الأهلية السابقة، وثبت عدم صلاحيته؛ لاعتماده على جموع المرتزقة بديلاً لذلك الجيش الذين لا يمكن الركونُ إلى جانبهم، أو الاطمئنان إلى استمرارهم في القتال، إذا ما توقَّف إمدادُهم بالمال، كما أن الإمبراطور هرقل - من واقع خبرته ونشأته العسكرية - رأى أن أعداءه الفرس يعتمدون على سلاح الفرسان، المدرب، وذي الخبرة، وسريع التحرك، وغير المثقل بالمعدات، بينما تعتمد العسكرية البيزنطية على سلاح المشاة الثقيل، ولذلك كان لا بُدَّ من إجراء تغيير جذري يتناول إستراتيجية العسكرية البيزنطية وطريقة قتالها؛ حتى تستطيع التعامل مع الفرس[6].

 

ولذلك انسحب الإمبراطور ابتداءً من شتاء (621م) خارج أسوار القسطنطينية؛ حيث أقام في أحد القصور الملكية على الشاطئ الآسيوي، وتفرَّغ تمامًا لدراسة الخطط العسكرية واحتياجاته وتنظيماته، ووضع كُتيِّبًا للإرشادات والخطط الحربية؛ ليسترشد بها ضباطُه وجنودُه وقادته، سمَّاه: "معلم العلوم العسكرية"، ثم قضى عدة أشهر في التدريب، ورفع الروح المعنوية للجنود، وإجراء مناورات عسكرية بينهم، وكان إشرافه على كل ذلك بنفسه كاملاً[7].

 

كما قرَّر الإمبراطور قيادة الجيش بنفسه، غير مُصْغٍ إلى المُعارضات التي أبداها مُستشاروه، والتي كانت تستحسن عدمَ قيادة الإمبراطور للجيش؛ حفاظًا على سلامة الإمبراطورية[8].

 

وقد رأى الإمبراطور هرقل ضرورةَ التأكيد على احترام معاهدة السلام التي سبق توقيعها مع خاقان الآفار؛ فأرسل خطابًا إلى الخاقان يُذكِّره بالمعاهدة التي بينهما، وأكثَرَ فيه من مدحه، وأنه يعتبره كوصيٍّ وأبٍ لابنه الشاب كما جرتِ العادة، كما وعَدَه بمبلغ كبير من المال إذا هو التزم بالمعاهدة، ولم يستغلَّ الظروف القادمة[9].

 

وفي الرابع من إبريل (622م)، وبعد الاحتفال بعيد الفصح في كنيسة القدِّيسة صوفيا، أقرَّ الإمبراطورُ ابنَه قسطنطين خليفةً له، وشريكًا في الحكم، ولأنه كان قاصرًا لم يتجاوز العاشرة؛ فقد عهد إلى البطريرك سرجيوس والبطريق بونوس Bonus بتولِّي شؤون الإمبراطورية، وبعد الصلاة والابتهال، ودَّع الإمبراطور عائلتَه والبطريرك وأصدقاءه، ثم ركب سفينته وانطلق في حملته التاريخية[10].

 

عبَرتْ سفن الإمبراطور البوسفورَ إلى خلقيدونية، ومنها أخذ الطريق الإمبراطوري، والذي يؤدي إلى قيصرية، حيث اتَّخذها نقطة تجمُّع، واتخذ حصنها مقرًّا أساسًا للإمدادات خلال مدة الحرب، وقضى هناك الصيفَ كله وهو يجمع الجيوش، ويدربها، ويحفزها للقتال[11].

 

وقد شعر الفرس بالاستعدادات البيزنطية، وقاموا بحركة مضادة؛ إذ أحكموا قبضتهم على النصارى في مملكتهم، وفرضوا عليهم ضرائبَ جديدةً، كما قاموا باحتلال وتأكيد سيطرتهم على الطُّرق التي يتوقَّعون قدوم الجيش البيزنطي منها[12].

 

رأى الإمبراطور هرقل أنَّ من الأفضل - بدلاً من أن يضيع وقته وجهده ومجهود جيشه في استعادة الأراضي القريبة في مصر وسوريا وفلسطين - أن ينقل مسرح المعركة إلى أراضي الفرس، فيقاتلهم في عقر دارهم؛ لذلك نجده يترك قيصرية في خريف سنة (622م)، ويشق طريقه نحو أرْمِينِيَة، في محاولةٍ منه لإرغام الفرس على ترك آسيا الصغرى، والتخلِّي عن مراكزهم فيها، وما أن دخل أرمينية حتى اصطدمتْ طليعةُ جيشه بفرقةٍ من الفرسان الفرس، فتصدَّى لهم البيزنطيون، وقبضوا على قائدهم، وأتوا به مُكبَّلاً أمام الإمبراطور، الذي فكَّ قيودَه ووَعَده بالحرية إذا انحاز إليه[13].

 

وعند حلول الشتاء تقابَلَ الجيش الفارسي مع جيش الإمبراطور وجهًا لوجه، ولكنه لم يعبأ بهذا الجيش، واستمرَّ في زحفه إلى الشرق، حيث عرج إلى منطقة بونطس Pontus، وتظاهَرَ أنه سوف يقضي الشتاء هناك، فانخدع الفرس بذاك وبدؤوا في الانسحاب، ليواصل هو طريقه نحو فارس، وقد شعر القائد الفارسي شهرباراز بخطة الإمبراطور؛ فعاد وبدأت المناوشات بين الطرفين، والتي سرعان ما تطوَّرَت إلى حربٍ عنيفة، حيث لقي الفرس هزيمةً نكراء، وتكبَّدوا خسائرَ فادحةً، واحتلَّ البيزنطيون المعسكر الفارسي[14].

 

هكذا حقق البيزنطيون أول انتصار على الفرس، وكان من أهم فوائده كسرُ حاجز الخوف والرهبة الذي كان يحمله الجنودُ البيزنطيون للفرس، واستعادة آسيا الصغرى، وإجلاء الفرس منها دون حرب كبيرة، وإنما بخدعة عسكرية ماهرة، حيث أجبروا الفرس على أن يقاتلوا في الموقع الذي اختاروه، وفي الزمن الذي حدَّدوه[15].

 

ترَكَ الإمبراطور هرقل جيشَه في أرمينية، بعد أن وصلتْه أخبارُ نقضِ الآفار للمعاهدة المعقودة معهم، ومهاجمتهم للعاصمة البيزنطية، ويبدو أن الفرس أعادوا الاتِّصال بالآفار؛ لتأليبهم على الإمبراطورية، وعندما سمع كسرى بأنباء هزيمة جيشه، انتابتْه حالةٌ من القلق، ولكنه سرعان ما شعر بالارتياح عندما علِم برحيل الإمبراطور، وبدأ يرسل الإمدادات إلى شهرباراز لتقوية جيشه، وأمره بغزو الأراضي البيزنطية، ولكنه لم يستطع تنفيذ هذه الأوامر إلا في عام (623م)، بعد أن استغرق منه إعداد الجيش وقتًا طويلاً[16].

 

استطاع الإمبراطور تسويةَ الأمور مع الآفار، ورحل مُجدَّدًا إلى أرمينية سنة (624م)، حيث التحق بجيشه الذي بلغ قمةَ الاستعداد، ووصل عدده إلى 120.000 مقاتل، وتوغَّل بهذا الجيش إلى أرمينية الفارسية، حيث وصل إلى عاصمتها دوفين Dovin، واستولى عليها بالقوة، ثم سلبها وأحرقها، واستمرَّ في تقدُّمه واستولى على مدينة نشقفان Naxcawn بالقوة وضربها، وأصبح في عمق من الأراضي الفارسية، حيث جمع قوَّاته، وأخذ يبثُّ فيهم روح الحماسة بخطبةٍ ألقاها عليهم[17].

 

أذهلتِ الانتصاراتُ البيزنطية كسرى، فقام على عجلٍ بجمع 40 ألفًا من رجاله، وسار بهم إلى مدينة كانزاك Canxac عاصمة إقليم أذربيجان، وعندما علم الإمبراطور بأمر هذا الجيش، سار على عجلٍ إلى كانزاك، حيث دارت المعركة التي هُزِم فيها الفرس، واستسلمت المدينة، وهرب كسرى بعد أن تكبَّد جيشُهُ خسائر فادحة[18].

 

علم الإمبراطور هرقل أن كسرى هرب إلى مدينة تبريز (Thebarmes)، التي تقع في الجزء الجنوبي من أذربيجان، وأنه أحرق جميع الأعشاب والمحاصيل في طريقه؛ حتى يُعاني الجيشُ البيزنطي من نقص المُؤن، وكان هذا هو التكتيكَ الفارسي المُعتاد، ولكن هرقل استمر في مطاردته من مكان إلى آخر في هذه المناطق الوعرة[19].

 

وصل كسرى في هروبه إلى إقليم ما بين النهرين، وبدأ في حشد جيشٍ جديدٍ بقيادة شاهين، وعاد شهرباراز بجيشه إلى نينوى (Niniveh) على الشاطئ الشمالي لنهر دجلة، بينما قرر الإمبراطور أن يقضي الشتاء في ألبانيا (Albania) التي تقع في إقليم جورجيا، وهناك أطلق خمسين ألفًا من الأسرى الفرس، الذين كانوا في حالةٍ يُرثَى لها؛ حتى يُخفِّف العبءَ على جيشه، وبدأ في مراسلة حكَّام الأقاليم المجاورة في بلاد الأبخاز؛ ليمُدُّوه بالمُؤن، ويشاركوا في مجهوده الحربي[20].

 

أراد كسرى أن يُعوِّض خسائره السابقة، ويُوقف تقدُّم الإمبراطور هرقل، فلم ينتظر انتهاءَ فصل الشتاء؛ بل سارع إلى تكوين ثلاثة جيوش: الأول بقيادة شهرباراز، والثاني بقيادة شاهين، والثالث بقيادة شاربلانجا Sarablanga (أي: النمر الملكي).

 

وبالرغم من إحاطة هذه الجيوش الثلاثة بهرقل، وما تعرَّض له من خيانةٍ؛ حيث انسحب حلفاؤه من لازيقا والليريا، إلا أنه استطاع التصدِّي لها، وتحقيق الانتصار عليها، بعد أن أعاد توزيع جيشه، وبث روح الحماس فيه، ثم استطاع أن يستولي على مدينة Ali، ثم جمع جيوشه وقضى الشتاء في منطقة فان Van، وفي المعسكرات التي كان شهرباراز قد أعدَّها ليقضي بها فصل الشتاء لعام (625م)[21].

 

بهذه الانتصارات؛ أصبح هرقل سيدًا على أرمينية الفارسية، وعلى أذربيجان وجزء من فارس، بعد ثلاث سنوات من القتال الضاري والبُعد عن عاصمته، والتي عاوده الحنين إليها، وشعر بالخوف عليها، بعد أن علِم بالمفاوضات التي كانت تجري بين الفرس والآفار، بينما توجَّه شهرباراز إلى القسطنطينية؛ لذلك استدعى هرقل مجلسَ حربه، حيث قرَّر أن ينسحبَ بسرعةٍ، واستمر في انسحابه حتى وصل إلى آمد (ديار بكر)، ومن هناك بعث برسالة طمأنة إلى القسطنطينية، يقص عليهم ما حدث، وما حقَّقه من انتصارات[22].

 

وعند الفرات، التقى الإمبراطور بشهرباراز، حيث دارت معركةٌ عند أحد الجسور، تكبَّد فيها الفرسُ خسائر فادحة[23].

 

وجمع الإمبراطور جيشه وتوجَّه إلى سيواس Sebastea في آسيا الصغرى، أما كسرى، فقد غضب لهذه الهزائم، وأرسل رجالاً يسلبون جميعَ الكنائس الواقعة في تخومه، وأجبر النصارى على اعتناق مذهب النساطرة؛ نكايةً في الإمبراطور هرقل، كما فرض عليهم ضرائبَ جديدةً لدفعها إلى حلفائه الآفار[24].

 

لم يستسلم كسرى لهذه الهزيمةِ الثقيلة، وإنما أصدر أمره بالتعبئة العامة، وكوَّن جيشًا من الأجانب والغرباء والمواطنين، والخدم والعبيد، ومن كل الأجناس والطبقات، إضافةً إلى القوات النظامية، وسمَّى هذا الجيش "كتائب الذهب"، وأسند قيادته إلى شاهين، أما شهرباراز فقد توجَّه إلى القسطنطينية؛ لينسق مع الآفار.

 

وفي الجانب البيزنطي، قام هرقل بتقسيم الجيش إلى ثلاثة أقسام: أرسل أحدها إلى القسطنطينية؛ لحمايتها من الهجوم الفارسي الآفاري، والثاني لمهاجمة شاهين بقيادة شقيقه ثيودور، وتولى هو قيادةَ القسم الثالث؛ حيث توجَّه إلى منطقة لازيقا، حيث عقد تحالفًا مع الخزر والشعوب النصرانية في منطقة القوقاز؛ للتعاون معه في شنِّ هجومٍ ضد فارس[25].

 

وقد عزم الإمبراطور على السير مباشرةً إلى المدائن (طيسفون) Ctesiphon، وذلك سنة (627م)، حيث غادر مدينة تفليس Tiflis عاصمة جورجيا ومعه حلفاؤه من الخزر، وفي أول ديسمبر من السنة نفسها (627م) وصل بجيوشه إلى مدينة نينوى، حيث عسكر بجوارها، ثم استطاع الاستيلاء عليها بعد معركةٍ طاحنةٍ مع الفرس[26].

 

وعندما علم الإمبراطور أن كسرى يُعسكِر بجيشه في داستاجرد Dastagerd (المقر الصيفي لكسرى)، سارع بمهاجمتها؛ حيث استولى عليها في 4 يناير (628م)، واضطر كسرى إلى الهرب من داستاجرد إلى المدائن[27].

 

وفي داستاجرد وجد الإمبراطور ثرواتٍ هائلةً، اضطر البيزنطيون أمام كثرتها، إلى إحراق الكثير منها، كما اضطروا إلى حرق معسكر كسرى وعددٍ آخرَ من القصور الملكية، وكان الهدف من ذلك: هو إدخال الرعب في قلب كسرى وجنوده، والانتقام من حرق الفرس للمدن البيزنطية، وكان من الأسلاب التي عثر عليها في داستاجرد أكثرُ من ثلاثمائة راية بيزنطية وقعتْ في يد الفرس في المعارك السابقة، ونفائس لا تعدُّ من الفضة الخالصة، والموائد الخاصة بالعبادات، وبُسُط مُطرَّزة، وأقمشة من الحرير والديباج، والسكر والزنجبيل والفلفل، وكمية عظيمة من خشب العود، وغير ذلك من المواد العطرية، وفي الحرم الواسع الملحق بالقصر، كانت النعام والغزلان، وحُمُر الوحش والطواويس، والدِّيَكة البرية، والسباع والنمور[28].

 

كان كسرى قد هرب من داستاجرد قبل قدوم البيزنطيين، وهرب هو وزوجاته المُفَضَّلات وأولاده - دون أن يشعر به جيشُهُ، أو وجوهُ شعبه، أو أشرافُهُ - إلى (المدائن) طيسفون، ولكنه لم يشأ المقام بها[29]، فعبَر نهر دجلة وأقام في مدينة سلوقية (Seleucia)، حيث وضع فيها أمواله وزوجته شيرين وثلاثًا من بناته، أما زوجاته الأخريات وأبناؤه الكثيرون، فقد أرسلهم إلى مكانٍ حصينٍ على بعد أربعين ميلاً من سلوقية[30].

 

ولكن على الرغم من انتصارات هرقل، فإنه عرض الصلح على كسرى، على أساس العودة إلى حدود عام (602م)، وإطلاق سراح الأسرى، إلا أن كسرى رفض هذا العرض المشَرِّف له، وقد برَّر بعضُ المؤرِّخين سببَ إقدام هرقل على هذا العرض - بالرغم من انتصاراته - إلى أن الإمبراطور، الذي قضى خمس سنوات في حروب مستمرة مع الفرس عَبْر آسيا الصغرى، وإقليم القوقاز، والأراضي الفارسية - كانت حياته في خطرٍ دائمٍ، وجرح فيها عدة مرات، كما أن تكاليف الحرب كانت باهظة؛ مما دعاه إلى طلب الصلح، ولكن كسرى لم يكن مُستعدًّا للتسليم بهذه النهاية؛ لذلك رفض وقْف الحرب، مما كان سببًا في احتقار أتباعه له، ونقمة شعبه وجيشه عليه[31].

 

غادر الإمبراطور هرقل داستاجرد في السابع من يناير (628م)، ثم عسْكر على بُعد اثني عشر ميلاً من قناة النهروان Nahr-Wan؛ حيث تَجَمْهر بقايا جيش الفُرس، وهو على بعد عدة أميال من عاصمة الفرس (المدائن) التي يشطرها نهرُ دجلة إلى قسمَيْن.

 

انعقد مجلس الحرب البيزنطي، حيث قرَّر الهجوم على المدائن، إلاَّ أنَّ هناك عدة أسباب حالَتْ دون إقدامه على ذلك؛ منها:

1- أنَّ الفُرس قطعوا الجسور، ولا توجد مخاضة أو مكان يُمكن منه عبور قناة النهروان إلى المدائن.

2- الخطر الذي يُشكِّله جيش شهرباراز الموجود في خلقدونية، والذي استدعاه كسرى لمساعدته.

3- يبدو أنَّ البيزنطيين كانوا يُراقبون عن كثبٍ التطوُّراتِ السياسيةَ في فارس، فرأوا أن انتصارهم يمكن في تتابع وتغذية الانقسامات والنزاعات داخل دولة الفرس، وهذا أكثر فائدةً من المخاطرة بالهُجُوم على عاصمتها الآهِلة بالسُّكَّان[32].

 

وقد صحَّ ما توقَّعه البيزنطيون؛ ذلك أنه في ربيع عام (628م) وقع ما جعل المُضيَّ في الحرب والقتال أمرًا لا داعيَ له، حيث اندلعتِ الثورة ضد كسرى، وانتهتْ بعزْله[33].

 

وكانت هناك أسبابٌ كثيرةٌ دعَتْ إلى قيام الثورة ضد كسرى؛ من أهمها: استمرار الحرب بين الطرفَيْن لفترة طويلة، وما ترتَّب على ذلك من ضياع خِيرة قوَّاد فارس، وما وصل إليه اقتصادُها من حالة سيئة، ولجوء كسرى إلى فرْض ضرائبَ باهظةٍ لتغطية نفقات الحرب، وانقلاب النصارى عليه، ووقوفهم إلى جانب البيزنطيين، ثم إن هُرُوب كسرى من داستاجرد، ورفضه السلامَ، وإصراره على مُوَاصلة الحرب، ومعاملته السيئة للضباط الذين فرُّوا أثناء الحرب، كلُّها أسبابٌ تجمَّعتْ وأدَّت إلى الثورة[34].

 

قاد الثورةَ ضد كسرى أكبرُ أبنائه (شيرويه) من ماريا ابنة الإمبراطور البيزنطي موريس، التي زوَّجَها لكسرى أثناء مرحلة السلام بينهما؛ حيث علم شيرويه أن أباه قد عزم على تجاوزه، وتنصيب مردانشاه ابنه الأصغر من شيرين[35]؛ لذلك قام شيرويه - دفاعًا عن حقوقه في العرش - باستدعاء القائد العام للجيش كشنسب أسباد Gushnasp Aspadhp، ووعده أن يحترمه وسائر قواد الجيش، وأن يرفع رواتب الجند، وأن يسعى لعقد معاهدة سلام مع البيزنطيين، إذا ما قام الجيش وأعْلنه مَلِكًا[36].

 

وبدأ قائد الجيش الفارسي يتَّصل بالبيزنطيين؛ لإطلاعهم على التطوُّرات السياسيَّة في المدائن، والتمهيد لإقرار السلام، فطلَب هرقل - تأكيدًا لهذه الرغبة - إطلاقَ سراح الأسرى البيزنطيين الذين لدى الفرس وتسليمهم، ليساعدوه في مُوَاجَهة كسْرى، فاستجاب شيرويه وفتح قلعة النسيان - وكانت إحدى السجون التي يُودَع بها الأسرى - وأخرج منها عددًا كبيرًا من الأَسْرى البيزنطيين[37].

 

نفذ شيرويه خطَّته، ودخل المدائن ومعه القادة والضباط والأسرى الذين أطلق سراحهم، وحاول كسرى الهرب، ولكنه لم ينجح؛ إذ ألقي عليه القبض، وقُيِّد بالسلاسل، وألقي في بيت مظلم، وبعد خمسة أيام قتل كسرى بناءً على أوامر ابنه شيرويه، وتوج شيرويه ملكًا على الفرس في 25 فبراير (628م) في حضور كبار رجال المملكة، وبعد الخلاص من كسرى انشغل بعقد اتفاقية سلام وصلح مع البيزنطيين[38].

 

وقد نصَّت معاهدة الصلح بين الطرفين على إعادة الحدود إلى ما كانت عليه في عام (591م)، والجلاء عن جميع الأراضي التي احتلَّها الفُرس، وإطلاق سراح الأسرى، وعودة صليب الصلبوت الذي أخذه شهرباراز من بيت المقدس[39].

 

بهذا الصلح اختتمتِ الدولتان حلقةً مريرةً من حلقات الصراع المرير بينهما، وانتهتْ صفحة من صفحات النزاع بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، وكان هذا هو الفصلَ الأخير في الصراع بين الدولتين؛ إذ إن الفرس ما لبثوا أن خرجوا من دائرة النفوذ والتأثير في الأحداث؛ لأن المسلمين بعد أن هزموهم، وأنهوا دولتهم من الوجود، حلُّوا مكانهم في الصراع مع البيزنطيين.

 

لقد أمضى الإمبراطور هرقل ست سنواتٍ من الحروب والصراع مع الفرس؛ لتحقيق هذه النهاية لذلك الصراعِ الطويل مع الفرس، وهي مدةٌ طويلةٌ حَفَلَت بالحروب والهزائم والانتصارات، التي توَّجَها الإمبراطور هرقل بتحقيق هذا الانتصار الكبير على أبواب العاصمة الفارسية المدائن.

 

الخاتمة:

تناولتِ الصفَحات السابقة جانبًا منَ الصراع الكبير والمرير الذي احتدم لحقبة طويلة من التاريخ بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة الفارسية، لقد شكل هذا الصراع الذي قام بين القوتين العظميين في تلك العصور واحدةً من أهم القضايا التاريخية والسياسية والدينية والاقتصادية في تلك الحقبة الطويلة التي امتدَّت إلى قرونٍ عديدة، وتداخلتْ فيها العوامل والأسباب والمصالح الإستراتيجية، التي جعلت الصراعَ بين الدولتين ضرورةً وأمرًا لا مفرَّ منه، وحتمية تاريخية فرَضَها منطقُ القوة والعظمة، والتنافُس التجاري، والاختلاف الديني والثقافي، والرغبة في مدِّ النفوذ والسيطرة.

 

لقد كان لهذا الصراع الطويل والمرير نتائجُ مباشرةٌ على الدولتين، اللتين تربط بينهما حدودٌ مشتركة، كانت عرضةً للمدِّ والجزر وعدم الاستقرار على حال؛ فقد قدَّمت الدولتان على المدى الطويل أعدادًا هائلة منَ القتْلى والأسْرى، خلال الحروب الطويلة والمريرة التي نشِبتْ لمدد طويلة، كما أن اقتصاد الدولتين بقدر ما تحكَّم في قيام هذا الصراع، فإنه قد تأثَّر به كثيرًا، ولم يتوقف التأثير على المناطق الحدودية فقط، وإنما كان يتجاوزه في أحيانٍ كثيرةٍ إلى المناطق الداخلية والولايات البعيدة، وكانت جيوش ومقاتلو كلتا الدولتين تصل أحيانًا إلى قلب الدولة الأخرى، وتعرِّض عاصمتها للسقوط.

 

ولعل التأثير البعيد المدى لهذا الصراع هو الوضع الذي أضحَتْ عليه الدولتان عسكريًّا واقتصاديًّا في أعقاب انتهاء الحروب بينهما وتوقيع معاهدة السلام؛ حيث إن الإنهاك بجيوشهما واقتصادهما بلَغَ مداه، حتى إن سقوط دولة فارس، وتراجع دولة الروم (البيزنطيين) أمام جحافل المسلمين - بالرغم من قلة عددهم وعتادهم - كان سريعًا، وسريعًا جدًّا.

 

على أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا ونحن نركِّز في هذا البحث على الفصل الأخير من الصراع البيزنطي/ الفارسي هو:

كيف استطاع الإمبراطور هرقل أن يُحقِّق هذا الانتصار، ويصل إلى قلب الأراضي الفارسية، ولا يتوقف إلا أمام أسوار المدائن؟ وما هي العوامل التي ساعدتْه على تحقيق ذلك؟


لا بُدَّ أن هناك أسبابًا وعواملَ كثيرة، ولعل منها:

1- أنَّ الإمبراطور هرقل ألْبَسَ مجهودَه الحربي الصبغةَ الدينية؛ حيث أعلن عند خروجه أنه ذاهبٌ للحرب للدِّفاع عن المُقدَّسات النصرانية التي انتُهكتْ في بيت المقدس، واستعادة صليب الصلبوت الذي سُلب من القدس، حتى إنَّ كثيرًا من المُؤرِّخين الغربيين[40] يعتبرون هذه الحرب هي أول الحروب الصليبية في التاريخ الأوربي، وبهذه الصبغة حصل الإمبراطور على الدعم المادي والأدبي من الكنيسة ومن رجالها.

 

2- أن الإمبراطور هرقل كان جُنديًّا مُحاربًا، ولذلك فقد أقسم أن يقودَ الجيش البيزنطي بنفسه، ووضع عدة ابتكاراتٍ وخططٍ جديدة لمُقاتلة الفرس لم تُعهد في الأباطرة البيزنطيين من قبل، كما أنه قام بتدريب جيشه جيدًا، وألَّف لذلك كتابًا في الفنون العسكرية.

 

3- كان همُّ الإمبراطور هرقل أن ينقل الحرب إلى قلْب الأراضي الفارسية، وأن يفعل ذلك بأسرع ما يستطيع؛ ولذلك دارتْ معظم المعارك الحاسمة في الأراضي الفارسية، وفي الوقت الذي رآه الإمبراطور مُناسبًا.

 

4- استطاع الإمبراطور هرقل أن يجمع الأعوان والحلفاء من الجماعات والأجناس التي مرَّت بها جيوشُه، وسهل عليه كونُهم نصارى أن يُؤثِّر عليهم، وأن يستفيد منهم في مجهوده الحربي.

 

5- كان كسرى قد أساء السيرةَ والعمل، وتشدَّد في فرْض الضرائب على الأراضي التي سبق وأن استولى عليها وعلى أهلها من النصارى؛ ولذلك فإن انقلابهم عليه، وانضمامهم إلى هرقل كان مُؤكَّدًا، بالرغم من خلافهم المذهبي أحيانًا مع الإمبراطور البيزنطي.

 

6- أسلوب القتل والحرق الذي كان يتَّبعه الفرسُ ضد المدن التي كانت تسقط في أيديهم، كان مُنفِّرًا منهم، وداعيًا إلى عدم الإخلاص لهم، وانتهاز أول فرصةٍ للانقلاب عليهم، وهو ما استغلَّه الإمبراطور هرقل.

 

7- تمكَّن الإمبراطور البيزنطي من قطع خطوط الاتِّصال بين كسرى وبين جيوشه؛ مما كان له أثرٌ كبيرٌ في حسم الكثير من المعارك.

 

8- أحسن الإمبراطور هرقل الاستفادةَ من المال الذي توافر له عن طريق الكنائس، وذلك بشراء الحلفاء، وصد الأعداء (الآفار) الذين كانوا يُحاولون إسقاط القسطنطينية، وإفساد محاولة الفرس للاتِّصال بالآفار والتحالف معهم ضد الإمبراطور البيزنطي.

 

9- استفادة الإمبراطور هرقل منَ الصراعات والخلافات السياسية التي سادتِ البلاط الفارسي، وعِلمه بها، وتوظيفها لتحقيق الانتصار النهائي على الفرس.

 

وإذا كان هذا الصراع في فصله الأخير انتهى بتوقيع معاهدة سلامٍ وصلحٍ، أعاد بموجبها الفرسُ كلَّ الأراضي التي سبق وأن استولوا عليها، إلا أن توقيع هذه المعاهدة سبقتْه عدةُ انتصارات ساحقة حقَّقها الإمبراطور البيزنطي، مثَّلَت أثقل ضربة وجَّهها إمبراطور روماني إلى الفرس طوال هذا الصراع؛ مما جعل الاستسلامَ وطلب الصلح أمرًا لا مفر منه، وبهذا الصلح انتهى ذلك الفصل المرير والطويل من الحروب الفارسية البيزنطية، وبنهايته انتهتْ صفحة من صفحات النِّزاع بين الشرق والغرب، لتبدأ صفحة جديدة، حيث بدأ الصراع الإسلامي/ البيزنطي، والذي ظلَّ قائمًا منذ أيام الإمبراطور هرقل إلى سقوط القسطنطينية في يد المسلمين سنة (857هـ/ 1453م).

 

المصادر والمراجع

أولاً: المصادر العربية:

♦ ابن خلدون، عبدالرحمن، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، الجزء الثاني، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1977م.

♦ ابن العبري، أبو الفرج جمال الدين، تاريخ مختصر الدول، بيروت، دار المشرق، 1958م.

♦ ابن المقفع، سايروس، تاريخ بطاركة الإسكندرية، سلسلة التراث العربي المسيحي، القاهرة، دار العالم العربي، 1978م.

♦ الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، تاريخ الرسل والملوك، الجزء الثاني، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1968م.

♦ المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، بيروت، 1965م.

 

ثانيًا: المراجع العربية والمُعرَّبة:

♦ إسماعيل، ليلى عبدالجواد، الدولة البيزنطية في عصر الإمبراطور هرقل، القاهرة، دار النهضة العربية، 1985م.

♦ العريني، د. السيد الباز، الدولة البيزنطية، بيروت، دار النهضة العربية، 1982م.

♦ الشاعر، د. محمد فتحي، السياسة الشرقية للإمبراطورية البيزنطية في القرن السادس الميلادي، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989م.

♦ باقر، طه، ود. فوزي رشيد، د. رضا جواد هاشم، تاريخ إيران القديم، مطبعة بغداد، 1980م.

♦ بارو، ر. هـ، الرومان، ترجمة: عبدالرزاق يسري، القاهرة، دار النهضة العربية، 1968م.

♦ بتلر، الفريد، فتح العرب لمصر، ترجمة: محمد فريد أبو حديد، الإسكندرية، المركز العربي للنشر والتوزيع، 1989م.

♦ بينز، نورمان، الإمبراطورية البيزنطية، تعريب: د. حسين مؤنس ومحمود يوسف زايد، القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر، 1957م.

♦ توفيق، د. عمر كمال، تاريخ الدولة البيزنطية، الإسكندرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1977م.

♦ ددلي، دونالد، حضارة روما، ترجمة: جميل يواقيم الذهبي، فاروق فريد، القاهرة، دار نهضة مصر للطبع والنشر، 1977م.

♦ رستم، د. أسد، الروم في سياستهم ودينهم وثقافتهم وصلتهم بالعرب، جزءان، ط2، بيروت، المكتبة البوليسية، 1988م.

♦ كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى، 3 أجزاء، بيروت، المكتبة البوليسية، 1988م.

♦ رانسيمان، د. ستيفن، الحضارة البيزنطية، ترجمة: عبدالعزيز توفيق جاويد، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1961م.

♦ عاشور، د. سعيد عبدالفتاح، أوربا العصور الوسطى، ط9، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1983م.

♦ عمران، د. محمود سعيد، معالم تاريخ الإمبراطورية البيزنطية، بيروت، دار النهضة العربية، 1981م.

♦ فيشر، هربرت، أوربا في العصور الوسطى، ترجمة: محمد مصطفى زيادة، والباز العريني، القاهرة، دار المعارف، 1969م.

♦ كريستنس. د. آرثر، إيران في عهد الساسانيين، ترجمة: د. يحيى الخشاب، بيروت، دار النهضة العربية، (د. ت).

♦ كوليس، ثيودور جيانا، اليونان شعبها وأرضها، ترجمة: محمد أمين رستم، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1966م.

♦ موس، هـ. سانت، ميلاد العصور الوسطى، ترجمة: عبدالعزيز توفيق جاويد، القاهرة، عالم الكتب، 1967م.

♦ هايد، ف، تاريخ التجارة في الشرق الأدنى في العصور الوسطى، ترجمة: أحمد رضا محمد رضا، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1991م.

♦ نيكول، دونالد، معجم التراجم البيزنطية، ترجمة: وتعليق د. حسن حبشي، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003م.

♦ وليم الصوري، الحروب الصليبية، ترجمة: د. حسن حبشي، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب (خمسة أجزاء)، 1991م.

 

ثالثًا: المصادر والمراجع الإنجليزية:

♦ Theophanes: The Chronicle of Theophanes Canfessor, Byzantine and Near Eastern History (AD 248-913), Edited by: Cyril Mango and Roger Scott, Oxford, 1997.

♦ The Cambridge Medieval History, Edited by: H.M. Gwatkin, J.P Whitney, Volume II, Cambridge, 1967.

♦ Finaly, History of Greoce, Oxford 1877.

♦ Ostrogorsky, G. History of the Byzantine stat, Trans from German by Joan Hassey, Second edition, T.J press, London, 1968.

♦ Vasiliev, History of the Byzantine Empire, Wisconsin, 1970.

♦ Haldon, J.F, Byzantium in the Seventh Century, Cambridge, 1997.

ــــــــــــــــــ
[1] أسد رستم، "الروم"، ج1، ص225.

[2] Theophanes, Op.Cit, P.436.

وسرجيوس الأول بطريرك القسطنطينية، أدَّى دورًا كبيرًا في هذه الأحداث، ومن البطاركة المهمين في تاريخ الكنيسة البيزنطية، وجاهَدَ في إحلال السلام في الكنيسة النصرانية التي كانت تُعاني من الانشقاق، وبالرغم من نجاحه بداية الأمر، إلا أنه ما لبث أن تعرَّض للعن من هذه الكنيسة نفسها.

لمزيد من التفاصيل عنه؛ انظر: دونالد نيكول، "معجم التراجم البيزنطية"، ترجمة وتعليق: د. حسن حبشي، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003م، ص36، 37.

[3] Vasiliev, Op.cit, vol.1, P.197.

[4] Theophanes, Op.Cit, P.437.

[5] ليلى عبدالجواد، مرجع سابق، ص232.

[6] سبق أن تحدَّثنا بالتفصيل عن التشكيلات العسكرية لكلا الطرفين في مطلع هذا البحث.

[7] Ostrogorsky, Op.cit, P.90.

[8] المعروف أنه منذ عهد الإمبراطور ثيودسيوس الأول (491 - 518م) لم يكن هناك إمبراطور يتولَّى قيادة الجيوش بنفسه، خاصةً وأن بعض الأباطرة قُتلوا خلال هذه الحروب، أمثال: جوليان المرتد، وفالنس، وغيرهم، وكان الاستثناء الوحيد قبل هرقل هو قيادة الإمبراطور موريس لأحد الجيوش ضد الفرس قبل أن يعقد السلام معهم.

[9] Camb, med. Hist, vol. II, p.291.

[10] أسد رستم، "الروم"، مرجع سابق، ج1، ص225.

[11] Haldon, Op.cit, P.212.

[12] آرثر كريستنس، مرجع سابق، ص431.

[13] Camb, med. Hist, vol.II, p.295.

[14] Osrogorsky, Op.cit, P.92.

[15] Theophanes, Op.cit, P.444.

[16] أسد رستم، "الروم"، مرجع سابق، ج1، ص226.

[17] Vasiliev, Op.cit, vol. 1p.247. ونشقفان مدينة أرمينية قديمة تقع في شمال نهر الرس على حدود إقليم أرارات في أرمينية.

[18] Camb, med. Hist, vol.II, P.294.

[19] Theophanes, Op.cit, P.446.

[20] آرثر كريستنس، مرجع سابق، ص431.

[21] Camb, med, Hist, vol.II, p.294.

[22] أسد رستم، "الروم"، مرجع سابق، ج1، ص227.

[23] ليلى عبدالجواد، مرجع سابق، ص252.

[24] Ostrogorsky, Op.cit, P.94.

[25] الباز العريني، مرجع سابق، ص127. وأيضًا: Haldon, Op.cit, P.231.

[26] آرثر كريستنس، مرجع سابق، ص431.

[27] Theophanes, Op.cit, P.458.

[28] آرثر كريستنس، مرجع سابق، ص451.

[29] تذكُر الروايات أن سبب كره كسرى المقامَ بالمدائن أن أحد العرَّافين سبق أن تنبَّأ له قبل أربع وعشرين سنة أنه إذا عاد إلى المدائن، فسوف يموت، انظر: ليلى عبدالجواد، مرجع سابق، ص264.

[30] Theophanes, Op.cit, P.449.

[31] Finaly, Op.Cit, IP.345.

[32] Theophanes, Op.cit, P.460.

[33] Osrogorsky, Op.cit, P.96.

[34] آرثر كريستنس، مرجع سابق، ص474.

[35] شيرين كانت معشوقة كسرى، ولقبها "روضة الحسن وضرة البدر"، وقد اعتبرها كثيرٌ من المصادر الشرقية والغربية يونانيةَ الأصل؛ لأنها مسيحية، ولكن الاسم الذي عرفت به فارسي هو (الحلوة)، وأصلها من خوزستان، وكانت قد تزوَّجت كسرى في أوائل حكمه، واحتفظت بأثرها فيه، بالرغم من أنها كانت أقل مرتبةً من ماريا الأميرة البيزنطية، التي تزوَّجها كسرى لأسبابٍ سياسية، والمعروف أن كسرى كان له عدة زوجات، وتذكر بعض المصادر أن شيرين قد دسَّت السم لماريا، ولم يعلم أحدٌ بذلك، وبعد سنة من موتها، أعطى كسرى غرفة نومها الذهبية لشيرين.

لمعرفة تفاصيل أخرى عن حياة كسرى وبذخه وزوجاته؛ انظر: آرثر كريستنس، مرجع سابق، ص458.

[36] Vasiliev, Op.cit, vol.1, P.263.

[37] آرثر كريستنس، مرجع سابق، ص475.

[38] Camb, med, Hist. vol.II, p.299.

[39] Ostrogorsky, Op.cit, P.129.

[40] من هؤلاء المؤرِّخين: المؤرِّخ المعروف وليم الصوري، الذي كتب عن الحروب الصليبية، وفي مقدمته لهذه الحروب يُشير إلى حملات هرقل، ويعتبرها أول حرب صليبية؛ لمزيد من التفاصيل انظر: وليم الصوري، "الحروب الصليبية"، ترجمة: د. حسن حبشي، القاهرة، الهيئة العامة للكتاب، 1991م، ج1، ص63.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بيزنطة وفارس (1/4)
  • بيزنطة وفارس (2/4)
  • بيزنطة وفارس (3/4)

مختارات من الشبكة

  • الحديث: قد هممت أن أنهى عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • أبو الدرداء رضي الله عنه: حكيم الأمة وسيد القراء وجامع القرآن وفارس من طراز خاص(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رحل فارس الدعوة.. الشيخ أحمد الفارس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • محمود محمد شاكر .. شيخ العربية وفارس الفصحى(مقالة - موقع د. حيدر الغدير)
  • الحروب الصليبية من فرسان الإسبتارية إلى دولة فرسان مالطا وبلاك ووتر(مقالة - ملفات خاصة)
  • الرأي العام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاة الشيخ الداعية أحمد بن عبدالله الفارس -رحمه الله-(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • پندار درست در فهم توحید و یکتاپرستی نسخه فارسی (فارسي - PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • السير الحثيث في جمع علم فرسان الحديث (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- تاريخ
مهدي - العراق 21-02-2013 02:06 PM

جزاك الله عني ألف خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

د.عمر أود أن تزودني بمعلومات موثقة عن الامبراطور فوقاس،نشاته،وعلاقته بالعرب ،وعلاقته بفارس

1- رائع
ناجي - ليبيا 10-01-2011 10:35 AM

رائع يا دكتور عمر جازاك الله ألف خير ،وأود مساعدتك يادكتور بأن ترسلي عنوان الموقع الذي يمكن أن أجد فية كتاب معجم التراجم البيزنطية لنيكول...إذا كان منشورا على الشبكة...وجازاك الله عني ألف خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب