مهارات الناجحين في القرن الحادي والعشرين

مهارات الناجحين في القرن الحادي والعشرين (1)

"يكاد يتفق معظم المحللين على أن القرن الجديد "الحادي والعشرين" سيكون ميدانًا لحرب من نوع جديد، تقع في مساحة وسيطة ما بين الحرب "الباردة" والحرب "الساخنة"، ويستخدم فيها "الذكاء" و"الذكاء المضاد"، والتكنولوجيا والتكنولوجيا المضادة، والتي تعتمد على المعلومات والاتصالات".

تلك سمة من سمات ذلك القرن يجب أن نعرفها؛ ذلك أننا سنعيش في ذلك القرن، فالعاقل "هو، هي" يدرك ما حوله ويوظفه لتحقيق أهدافه.

والسعي إلى النجاح والرغبة فيه أمرٌ جبلّي بالإنسان لا يرتبط بزمن معين، ولا سن محددة، كما أن النجاح ممكن وليس بمستحيل لكلِّ إنسانٍ، شرط أن تكون لديه الرغبة والدافعية لذلك، مع رسم الطريق الموصل له من خلال معرفة الذات وإدراك الواقع المعاصر.

ولما كانت الدافعية شأنٌ شخصي ورغبة داخلية يعرفه الإنسان عن نفسه، كان من المهم تبيُّن وتوضيح المهارات المعينة - بعد الله - لتحقيق النجاح في القرن الحادي والعشرين، والتي سنتناولها من خلال تلك الحلقات.

وسنبدأ بالحلقة الأولى: وهي الحديث عن أهم خصائص هذا القرن، فإلى ذلك:

1- ثورة المعلومات، فقد احتاج الإنسان إلى 1750 عامًا لمضاعفة معارفه التكنولوجية، بعدها أخذت القفزات تتسارع، ففي 150 عامًا تضاعفت مرة أخرى علوم البشر، ثم مرة أخرى خلال خمسين عامًا، هذه الخبرة البشرية تضاعفت مرة خامسة بين عامي 1960 - 1980م، وقد قدرت موسوعة المستقبل   Encyclopedia of the Future أن المعلومات العلمية العامة تتضاعف كل 12 سنة، وأن المعلومات العامة تتضاعف كل سنتين ونصف السنة؛ مما يعنى أن ما كان يقتضي آلاف السنين من التطوُّر أصبح يتمُّ خلال عقد واحد، وربما أقل.

2- التطور الكبير في مجال الاتصالات والتواصل بين المجتمع البشري؛ ولعلَّ انتشار "الإنترنت" خير مثال على ذلك، ففي حين احتاج "الراديو" إلى 38 عامًا للحصول على 50 مليون مستخدم لاستقبال برامجه، احتاج "التلفزيون" إلى 13 عامًا للوصول إلى العدد نفسه، فيما احتاج "تلفزيون الكابلات" إلى 10 أعوام، أما شبكة الإنترنت، فلم تحتج سوى (5) أعوام للوصول إلى ذلك العدد، وأقل من 10 أعوام للوصول إلى 500 مليون مستخدم، ويقدر عدد مستخدمي "الإنترنت" في العالم في نهاية العام 2008 بحوالي مليار وستمائة مليون مستخدم، يشكلون حوالي 24 بالمائة من سكان العالم، والعدد يتزايد بصورة كبيرة سنويًّا، أما المراسلة والتواصل بين الناس، فتقول: إن مستخدمي "الإنترنت" حول العالم يرسلون يوميًّا نحو 60 مليار رسالة بالبريد الإلكتروني.

3 - سرعة التطور التقني في مختلف مجالات الحياة، ولا أدل على ذلك من تطور وسائل الاتصال الفردي والجماعي، وكذلك التطور الصناعي والتطور العسكري، وحتى في العلوم النظرية فهناك الكثير من النظريات تتغير وتتطور؛ حتى أصبح من الصعب على الفرد - إن لم يكن مستحيلاً - أن يتخصص في علم واحد: كالطب أو الهندسة أو  الزراعة،  بل لا بد من التخصص الفرعي؛ ليستطيع مواكبة ما تقدمه البشرية في مجال تخصصه.

4 - سهولة التواصل بين الناس عمومًا؛ سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي أو حتى الدولي؛ فكل إنسان يستطيع بسهولة الحصول على معلومات معينة - إلى حد ما - كما أنه يستطيع إيصال رسالته إلى العالم دون عَناء تكلُّفٍ ماديٍّ أو معنوي، ودون الحاجة إلى إذن خاص أو موافقة من جهة محددة.

5 - التبادل الحضاري بين البشر عمومًا، وتلك نتيجة طبيعية للتقدُّم في وسائل الاتصال والتواصل وسهولته؛ مما فرض على أصحاب القِيَم والمبادئ صعوبة المحافظة على القِيَم خاصةً إن لم تكن مبنية على أُسس صحيحة.

6 - الاضطراب البشري والفوضى الأخلاقية، يقول د. "خوسيه مانويل برتولوتي" - وهو مسؤول في مجال الصحة النفسيَّة بمنظمة الصحة العالمية -: إن ما بين 20 مليونًا و60 مليون شخص يحاولون الانتحار سنويًّا"، وتقول إحصائية الأمم المتحدة: "وفي كل عام يموت 873 ألف إنسان بعمليات انتحار مختلفة؛ أي: إنه في كلِّ 40 ثانية هناك شخص ينتحر في مكان ما من هذا العالم، كما أن هناك 450 مليون شخص يعانون من اضطرابات نفسيَّة وعصبيَّة"، وعلى الرغم من الوسائل المتطورة التي تبذل في سبيل معالجة هذا الداء، فإن نسبة الانتحار زادت 60 بالمائة خلال نصف القرن الماضي "القرن العشرين".

تلك هي أبرز سمات القرن الحادي والعشرين، علينا أن ننظر إليها ونمعن النظر فيها؛ فهي بلا شك ستفتح لنا آفاقًا واسعة وطُرقًا رحبة؛ لتحقيق نجاحنا في ذلك الزمن.

بقي أن نسأل: هل ثَمَّتَ مهارات معينة للنجاح في هذا القرن؟ وكيف السبيل لها؟ وهل يمكن لكلِّ واحدٍ مِنَّا أن يحققها؟ ذلك ما سنتطرق إليه في الحلقة الثانية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.