• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

التحقيق في ملحمة الصديق (3) دلالات وعبر

التحقيق في ملحمة الصديق (3): دلالات وعبر
محمد صادق عبدالعال

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/1/2025 ميلادي - 25/7/1446 هجري

الزيارات: 780

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التحقيق في ملحمة الصدِّيق (3) دلالات وعِبر


التحقيق التاسع:

الشخوص الثانوية في القصة:

• ﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ * وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾ [يوسف: 19، 20].

 

• معلوم أن الشخوص في الأعمال القصصية وبخاصة الطويلة التي تأخذ شكلًا طوليًّا في البنية السردية نوعان: أولية غالبة الحضور، وثانوية عابرة قليلة الظهور، ولربما لم تأتِ غير مرة واحدة، فأما الأولية فهم أبطالها وأركانها ومحاور أحداثها ومنازع العقدة والحل فيها، وأما الثانوية فهي ما تُسمى بالعَرضية التي تحتل سهمًا أو قسطًا ضيقًا منها؛ كأولئك السيارة الذين ورد ذكرهم في قصة يوسف الصديق عليه السلام، فلم يكونوا قلة؛ بل كانوا كثرة خارجين من (مدين) صوب مصر الكنانة، ومن بلاغة المشهدية القرآنية العالية التي مارى فيها كثير من الجاهلين بأن منشأ القصة غربي أصيل، نقول لهم جميعًا: ها هو القرآن الكريم قد أورد ذكر الشخوص الثانوية في آيتين وسماهم "بالسَّيَّارَة"، فلم يذكر اسمًا واحدًا منهم بقوله: ﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ﴾ ولم يُفصِّل لواحد منهم اسمًا علمًا حتى "مالك بن ذعر" الذي قالت كتب التفاسير: إنه ندم أحرَّ الندم على بيع يوسف الصديق لعزيز مصر، واسترجاه أن يرجع في البيع، ويأخذ ماله لقاء ورجاء استرداد يوسف عليه السلام لكن دون جدوى، وكأنها إرادة الله التي سبقت كل شيء آجله وعاجله، وما ذكر لهم غير وظائفهم المنوطة بهم عَبر الرحلة بقوله: ﴿ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ ﴾ لكن تفسير الطبري ذهب إلى غير ذلك؛ حيث قال آخرون: "بُشْرى" اسمٌ للغلام الذي كان برفقتهم، واختلاف القراءات يجعل أصحاب كل بقعة من المفسرين يذهب بالتأويل حيث ترده المعاني والألفاظ إلى معنى اللفظ عنده، ثم ترادُف الحدث وتنوُّع آلية السرد، وفي إطلالة على بعض تفاسير الأعلام؛ كالإمام البغوي: "﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ﴾ وهم القوم المسافرون، وقد سموا سيَّارة؛ لأنهم يسيرون في الأرض، كانت رفقة من مدين تريد مصر، فأخطئوا الطريق، فنزلوا قريبًا من الجُبِّ، وكان الجُبُّ في مكان قفرٍ بعيدًا من العمران للرعاة والمارَّة، وكان ماؤه مالحًا، فحال عذبًا حين أُلقي يوسف عليه السلام فيه، فلما نزلوا أرسلوا رجلًا من أهل مدين يقال له "مالك بن ذعر" لطلب الماء؛ فذلك قوله عز وجل: ﴿ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ ﴾، والوارد الذي يتقدَّم الرفقة إلى الماء فيُهيِّئ الأرشية والدلاء"[1].

 

وعلى هذا النحو من التفاسير كان الغالب من أعلام الأمة؛ كالقرطبي وابن كثير و"الجلالين" على اتفاق في الأصول؛ لكن مناط الاختلاف في هيئة الحدث لا في جوهره، فمنهم من ذهب إلى أن البئر كانت في منطقة نائية من السكان، ومنهم من ذهب أن "واردهم" الذي ذكره القرآن الكريم قد أخفى عن الباقين عثوره على هذا الغلام حتى يُباع بأرض مصر خالصًا لهم دون مشاطرة باقي القافلة في لقاء بيعه، وعلى أيٍّ فهم جماعة من الناس، وهم من سمَّاهم القرآن الكريم بالسيَّارة لكونهم يقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام قد ضلوا طريقهم وقصدوا البئر، وكانوا على علم مُسبق أن ماءه ملح، فلما استعذبوه وكانت المفاجأة الكبرى بتعلُّق يوسف الصديق بالدلو فصرخ واحدهم قائلًا: ﴿ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ ﴾ [يوسف: 19]، وفي الآيات كلمات محذوفات كما قالت كتب التفاسير؛ مثل: هذا غلام جميل...وذلك من دهشته لحسن خلقة يوسف الكريم عليه السلام. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعطي يوسف شطر الحسن"، ويقال: إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة، وكانت قد أعطيت سدس الحسن. قال ابن إسحاق: ذهب يوسف وأمه بثلثي الحسن[2].

 

• والشاهد من هذا التحقيق أن نخلص لنزعة أدبية عالية؛ وهي أن النص القرآني حينما يتعرض لذكر حادثة أو واقعة قصصية فإنه يأتي بالمفاد معنًى ولفظًا والعِظة وسياق النصيحة من سرد الحدث، فقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ إشارة إلى أنه مهما ذهبت تأويلات أولو الاجتهاد والتفسير، فعند الله العِلم كله بنواياهم، وبما حدث وما وقع، سبحانه علَّام الغيوب!

 

• وعلى ذِكر تسمية الشخوص في الأعمال القصصية الطويلة بالثانوية هذا لا يعني أنها ليست مؤثرة؛ بل هي لا تقل دورًا عن أبطالها الدائمين- محاور الأحداث- لكنهم مؤثرون بقدر التحول الانتقالي للسرد القصصي، فلولاهم ما سافر يوسف لمصر، ولا بيع لعزيز حتى مُكِّن له في الأرض، وسبحان من هذا تقديره!

 

التحقيق العاشر:

﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 21، 22].

 

• يوسف الصغير الآن بأرض مصر الكِنانة، وشرف لها أن يطأها الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، وليس هذا جديدًا عليها؛ فهي مهد الديانات السماوية، والحضارات المشرقية، ومسرى المسيح ابن مريم عليهما السلام، وموسى الكليم، والعديد من أنبياء ورسل الله قاطبةً عليهم وعلى نبيِّنا الخاتم أفضل الصلوات والتسليم.

 

• وفي هاتين الآيتين الكريمتين، وفيما لا يزيد على سطرين، وضَّح ورسم لنا القرآن الكريم خريطة حياة جديدة ليوسف الصديق، ذلكم الطفل الذي لم ترحمه العُصْبة من أولي القُرْبى، ولم ترفق بصاحب الشيبة أبيه الذي يخشى عليهم جميعًا من نوازل الدهر وتوابع القهر، وها هو أخوهم قد بِيع بَيعَ الرقيق؛ لكن انظر لتصريف الله في أمور خلقه، وإنها لرسالة عامة لمن ظلم وقد ظنَّ أن لن ينصره الله؛ فيوسف الضعيف المغلوب على أمره بفعل البغضاء والحقد الأسودين يخرج من ضيق البئر إلى ظهر الأرض التي سوف يصبح يومًا ما سيدًا عليها ومهيمنًا بأمر الله على أقواتها!

 

• ولنسأل أنفسنا سؤالًا: لم قال ربنا عز وجل: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾ [يوسف: 21]، ولم يشأ أن يقول: وَقَالَ العزيزُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ)، واستعاض عنه بضمير الوصل المنفصل (الَّذِي)؟! وهنا تحقيق رائعٌ حقيقٌ على ألا يمر علينا مرور الكرام، والتفاتة عظيمة جدير بنا الوقوف على أنوارها؛ ألا وهي رسالة من الله للناس كافة جاءت من قلب قصة إنسانية لنبي من أنبياء بني إسرائيل، فيوسف الصديق كان عما قريب في ضيق من حيز المكان ومجهول الزمان، فلا شمس تراه لتغازل عيناه ويلمع فيها النور، ويا ليته في مأمن على سطح الأرض؛ بل هو في غيابات جُبٍّ كما وصف القرآن الكريم، ثم يمنن عليه الله بأن يشتريه رجل، ويتخذه ولدًا له، ويحنو عليه، حتى يقول لزوجته ما قالت امرأة فرعون لفرعون: ﴿ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [يوسف: 21]، فانظر لآثار رحمة الله بالمستضعفين من عباده، والشاهد هنا أن جبر الله لعباده لا يكون جملةً واحدةً؛ بل هو مراحل متعددة، تسلِّمه كل واحدة للتي تليها إن هو صبر وشكر، ولا يحمله استبطاء الرزق على أن يطلبوه بمعصية الله عزَّ وجل، فيوسف أُخرج من البئر وبِيع، وكم كان يُخشى أن يكون عبدًا لصاحب قلبٍ قاسٍ غليظ؛ لكن أراد الله له أن يكون في بيت لرجل كريم؛ بل لأكبر بيت بعد بيت الملك، وأيًّا كان هذا الرجل؟! وهنا نرى أنوار الحديث النبوي الشريف تسطع بما قاله النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

• فلو فرضنا أن يوسف تلقَّاه رجل ليس ذا شأن أو ذا مال؛ لكنه كريم النفس، طيب المعارف، فهي نعمة من الله؛ إذ نجَّاه من غيابات الجُبِّ وظلمة الليل والبئر، وأيضًا من شرور الأسواق والنخاسة، والله تعالى أعلم بمراده سبحانه.

 

• وهنا وقفة أخرى على الجانب الأدبي والبلاغي، فالآيات من قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ * وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾ [يوسف: 19، 20] تُعَد قصةً قصيرةً منفردةً، وأيضًا من قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 21، 22]، فلنلحظ أن تقسيمات الأحداث في القصة كاملةً يمكن تقطيعها على هيئات لقصص قصيرة لسيرة يوسف عليه السلام الحياتية، وهذا ما يعدُّ من سموِّ القصص القرآني الذي تعالى عن الشبيه والمماثل، وما له من نظير، وسبحان من هذا كلامه!

 

التمكين وفراسة المنتخِب:

في تفسير الإمام الطبري رحمه الله قال: "حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبدالله، قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين قال لامرأته: ﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾ [يوسف: 21]، والقوم فيه زاهدون، وأبو بكر حين تفرَّس في عمر فاستخلفه، والمرأة التي قالت: ﴿ يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ﴾ [القصص: 26].

 

وقوله: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [يوسف: 21]، يقول عز وجل: وكما أنقذنا يوسف من أيدي إخوته وقد هموا بقتله، وأخرجناه من الجُبِّ بعدَ أن ألقي فيه، فصيرناه إلى الكرامة والمنـزلة الرفيعة عند عزيز مصر، كذلك مكنَّا له في الأرض، فجعلناه على خزائنها[3].

 

﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 21، 22]، وهنا تحقيق جدير بالوقوف عليه من الناحيتين الوصفية والإنصافية، وجبر الله تعالى لخاطر من ظلم، وضرب لنا سبحانه مثلًا من خلقه؛ كيوسف الصديق عليه السلام الذي أعزَّه في بلد غريب ومع أناس لم يعرفوه حتى أحبوه وقربوه؛ فصار مليء العين والقلب لوجوه الدولة نفسها، وتلك عقبى الذين اتقوا.

 

• والناحية الأخرى- وهي البيانية- في صناعة مشهدية كأنك تراها ويوسف الآن يتجوَّل في قصر العزيز مع المباشرين ممن يكبرونه سنًّا وقد مَنَّ الله عليه بالعلم والحكمة وتأويل الأحاديث فبعدًا لمن يماري في سموِّ وعلوِّ القصص القرآني المترفع عن الشبيه أو النظير! ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأنعام: 84]، وها هو يوسف قد أدرج اسمه في سجل من تشرفوا بحصولهم على أوسمة ربانية عالية الاستحاق من رب العالمين، وقد وردت تلك الكلمة ﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ في القرآن ما يقارب تسع مرات إشارة لحثِّ النفس البشرية على الصبر، ومجاهدة البلاء بالمثابرة والإنابة لرب كريم، ومفردة وكذلك كلمة مركبة، اسم إشارة للبعيد ذا، والكاف الأولى بمعنى مثل ذلك، والقصد للبعيد والغائب، والكاف الثانية كافُ الخِطابِ. وكأنها رسالة عامة ليست بقاصرة على أولي العزم من الرسل وفقط؛ بل لكافة النبيين والصدِّيقين والأبرار جميعهم، ومن صار على دربهم من التقى والنور، فالأنبياء مشاعل الهداية، من اقتفى بها نجا وفاز، ومن حاد عنها ساء به المصير، والله أعلى وأعلم.

 

التحقيق الحادي عشر:

عفة ودقة النص القرآني في إيراد الوقائع:

• ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ * وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 23 - 29].

 

• تسع وعشرون آية كريمة من مطلع السورة حتى توبيخ العزيز لزوجته بشأن مراودة يوسف، سُردت على هيئة قصصية عالية الدقة، فائقة الحكي، موقظة للخامل والنبيه، فضلًا ثلاث أمكنة من مسقط رأس يوسف وأخوته، ثم الصحراء والبئر وفرية الذئب والدم، ثم أرض مصر وقصر العزيز والمراودة من بعد إكرامه؛ لا تجد في قصها عوجًا ولا أمْتًا، من سيولة السرد، ودقة العرض، وانفتاح القلوب قبل العيون على إشراقات القصص القرآني العظيم. ولنقف على بعض من عتبات نورانية لتلك الآيات سبق أن وفقني الله تعالى للتحليق حول أطياف من أنوارها الساطعة البيان، العالية الإفهام، تناولتها في دراسات سابقة نشرت بشبكة الألوكة، طيبة الصفحات والأقلام:

"يعف القصص القرآني مع سُمُوِّهِ اللفظي والمعنوي وبلاغته العالية عن أن يسُوقَ لمن يقتدي به مثلًا للتشنيع أو التشهير أو ما يُعرَف بالصدمة الأخلاقية، فالقارئ بتدبر وإمعانٍ لآيات متعددة في نصوص القصص القرآنية، يجد مناقبَ جليلةً لعِفَّةِ الكلام، ورُقِيِّ الأسلوب، وإفادة المعنى، دون خدش للحياء، أو عصف بالمشاعر الإنسانية؛ فمثلًا مراودة امرأة عزيز مصر لنبي الله يوسف عليه السلام، وكيف صاغها القص القرآني ببيان عالٍ، ومشهدية محسوسة، تحسُّ وأنت تقرأ أو تسمع الآيات كأنك خلف ستار من ستائر تلك الحجرة التي حاولت امرأة العزيز أن تراود بين أركانها وأبوابها المتعددة المُصَفَّدَةِ المُحْكَمَةِ الغَلْقِ يوسفَ عليه السلام، والقارئ يعلم تمام العلم كيف لو تهيَّأ لمثل تلك المشاهد أن تُصنَع الآن بيد بشر، وكُتَّابٍ معاصرين إلا من رحم الله كيف ستكون المغريات والافتراءات والمفردات بحجة الإبداع؟ لكن القرآن الكريم والذي هو من كلام رب العالمين يجعل القلوب تخشع مع الأبصار حين يذكر ذلك؛ فتزداد إيمانًا ويقينًا بأن عِفَّة نبي الله يوسف خيرُ مثالٍ يا حبذا لو يقتدي به الخلق، أو من ابتُلي بمثل ما ابتُلي به"[4].

 

• ومن الواجهة القصصية السردية تجد من قوله تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ ﴾ [يوسف: 23]، ولأن الله ستير، لا يرضى لعباده إلا الستر اقتداءً بصفاته العلى، نلحظ الستر العام يشملها حتى في ذِكر ما مكرت له، فحينما شاء سبحانه إيراد واقعة المراودة لم يعلن اسمها تصريحًا، فاستعاض عن الفاعل بضميرِ منفصل مؤنث وهو ﴿ الَّتِي ﴾، ثم ذكر ضمير الغائب: ﴿ هُوَ ﴾؛ يقصد يوسف، ثم ﴿ فِي بَيْتِهَا ﴾ إشارةً إلى أن نبي الله المعصوم كان تحت إمرتها، ولم يشأ سبحانه أن يقول: "وراودته امرأة العزيز"، ألا نرى في ذلك رسالة عامة لمن تطوُّع له نفسه الخوض في أعراض الناس بالباطل؟! وحتى يأتي بشهود عدول، وإن كان هذا هو قول ربنا سبحانه، وهو المطلع، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلمَ نظلم أنفسنا ونقحمها بما لم ترَ ولم تشهد عليه؟!

 

• وساق المولى عز وجل ردة فعل النسوة وهن بشر، فقال سبحانه: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا ﴾ [يوسف: 30]، فانظر للاختلاف في السياق والإنباء؛ فالله حينما أراد أن يقصص علينا أن امرأة العزيز هي صاحبة الدور في المراودة غلف حولها بذكر صاحبة محل الإقامة ليوسف دون ذكرِ لاسمها، وأما حينما تحدثت النسوة والصبية قلن: (امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه/ الفاعل والمفعول والمبتدأ والخبر جملة واحدة دون مراعاة لما سوف يضر بمن نالوا من ذكرهم وتبعاته)، فالعبد يستره ربه وهو أعلم بخفاياه ونواياه، والبشر ينهش بعضهم البعض. وقبل الخروج من هذا التحقيق والذي هو الابتلاء الثاني ليوسف بعدما قد تناسى بنفسه الكريمة قسوة الأخوة وعتمة البئر وشمول الليل عليه وحيدًا فريدًا في البلاء؛ فيأتيه هذا الابتلاء الثاني، ولا يقل قسوة عن سابقه، ففي الأول كان الدافع غيرة وكراهة من مفاضلة الأب لصغيريه على من يكبرهم حتى وإن كانت العواقب وخيمة ساقت أقدامهم وجعلت عصاهم تضرب بقيعة الوهم أن وجه أبيهم سوف يخلو لهم دون منازع وما هم بمستيقنين أن عواقب الظلم ممتدة كشجرة خبيثة تضرب بجذورها في الأرض وتطرح كل عجيب! حتى يندهش من يشهد مظالمهم، إن ربك لبالمرصاد.

 

• والسؤال الذي شغل الناس كثيرًا هو قوله سبحانه: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾ [يوسف: 30]، وقد ذهبت اجتهادات علماء السلف رضوان الله عليهم ورحماته مذاهب عديدة؛ فمنهم من قال إن كلمة نسوة جمع قلة لا مفرد لها من جنسها؛ ككلمة نساء مفردها امرأة، وفي اطلاع على موقع إسلام ويب التقني في إجابة للدكتور محمود شمس حفظه الله تعالى: إن الفاعل إذا كان جمعًا * أو اسم جمع كما هو الحال في تلك الآية الكريمة؛ فإنه نعم يجوز في فعله التذكير والتأنيث، ويُغلَّبُ التذكير إذا كان المقصود بالجمع قلة العدد؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾ [يوسف: 30].

 

• فلأنَّ المتكلمين في حق امرأة العزيز آنذاك (قِلة) من النساء؛ فآثر الحق جل وعلا التذكير؛ إشارة إلى قلة عدد المتكلمين؛ لأنه على تقدير: وقال (جمع) نسوة، ويُغلَّب التأنيث إذا كان المراد من الجمع كثرة في العدد؛ لأنه يكون على تقدير (جماعة)[5].

 

• ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾، ولمْ يَقُلْ: "وَقَالَت نِسْوَةٌ"؟ وفي تفسير الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ [يوسف: 30]، ويقال: نُسوة بضم النون، وهي قراءة الأعمش والمفضل والسلمي، والجمع الكثير نساء، ويجوز: "وقالت نسوة"، و"قال نسوة"، مثل: "قالت الأعراب" و"قال الأعراب"؛ وذلك أن القصة انتشرت في أهل مصر فتحدَّث النساء. قيل: امرأة ساقي العزيز، وامرأة خبَّازه، وامرأة صاحب دوابه، وامرأة صاحب سجنه. وقيل: امرأة الحاجب، عن ابن عباس وغيره[6]. وذهب بعضهم في السياق اللفظي واعتبر أن كلمة "نسوة" جمع القلة التي لا مفرد لها من جنس حروفها مطابقًا؛ ككلمة "صِبية" و"فِتية"، وكذلك كلمة "نسوة" التي أتى بها النص القرآني.

 

رأي اجتهادي:

وبالتأكيد ما ذهبت إليه تأويلات الأعلام من علماء الأمة أقرب للصواب بما فتح الله عليهم من مفاتح الحكمة، ومنافذ الاجتهاد الصحيح؛ من دراية باللغة وسياقات الألفاظ والمعاني، فهي مفاتح الفهم.

 

• ولي رأي متواضع في ذلك أسأل الله أن أكون قد أصبت موضعًا من صواب، فالمولى سبحانه لم يأتِ بمفردة أو لفظة في سياق آياته إلا وقد مكَّن لها موضعها الصحيح من الكتاب ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106]، وما كان الله ليذر في قرآنه من كلمة لم تأتِ في غير موضعها الصحيح وفقط؛ بل يأتي بالأنسب والأوقع والأعلى بيانًا والأحسن تفصيلًا لفظًا ومعنى، فسبحانه حين ذكر انزياح الستائر عن واقعة المراودة التي تدان فيها امرأة العزيز، قال سبحانه: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ [يوسف: 30]، وذهبت التأويلات والتفاسير إلى ما سبق ذكره بعاليه، وأقول- والله أعلى وأعلم-: إن حكمة الله العالية وبلاغة قرآنه السامية لم تكن لتجعل النسوة وحدهن من يتحدثن في شأن واقعة المراودة، فاستخدم سبحانه كلمة (قال) مع المؤنث (نسوة) ليُبيِّن أن ممن خاض في الواقعة بالذكر والتلميح صبية أو فتية ربما لم يجرِ عليهم القلم، ولأن فضولهم وهم مقبلون على سنِّ البلوغ يجعلهم يهتمون بمثل تلك القصص والوقائع، فلم يكن في رؤوسهم تشهيرًا بامرأة العزيز بخلاف ما كان من شأن النسوة القلائل وكيدهن ومكرهن والتي أشارت كتب التفاسير إلى أنهن كن امرأة الطاهي والساقي والخباز و... ولقد حصر سبحانه انتشار التشنيع على المدينة أكثر من غيرها فقال: ﴿ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ [يوسف: 30] دون غيرها من البلدان أو الريف.

 

• ويوضح ذلك الظن ما جاء بعد في قول المولى على ردة فعل زليخة نفسها ﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ﴾ [يوسف: 31]، فاستخدام التأنيث في الأفعال القادمة دليل قاطع على أنها لم تعبأ بما جرى على لسان حدثاء السن من الصبية والفتية والأخلاط مثلما أهمَّها أن تكيل بنفس المكيال كيدًا للاواتي خضن في الحديث عنها من المقربات لها من نساء رجالات الدولة، والله تعالى أعلى وأعلم. وقد ورد بالتفاسير أن ممن خاض في الحديث صبية وصغار.

 

• وأمرأة العزيز لم تسمع بأذنها، ولم ترسل بنفسها، وما أعددت بيدها متكأ لهن؛ بل لها خادمات وربات بيتها هن من قمن على مثل ذلك أمرًا منها غير مردود، لكن بيان القرآن وقصصه العالي البلاغة هو ما صدَّر لنا بعضًا من سطوتها وقدرتها على إنفاذ مرادها، وأنها آمرة ناهية في قصرها؛ بدليل قوله سبحانه في سابق الآيات: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ﴾ [يوسف: 23]، ومثال ذلك للتقريب أن نقول مثلًا في سرد التاريخ: بنى المعز لدين الله الفاطمي القاهرة، وهو لم يَبْنِ بنفسه؛ بل حدث ذلك بأمر منه وإشراف ومتابعة أو وقوع الحدث في فترة عهده وحكمه، والله أعلى وأعلم.

 

• ومن يتَتَبَّع تعاقب الأفعال الماضية منذ أن علمت بما يقال عنها (﴿ سَمِعَتْ ﴾ - ﴿ أَرْسَلَتْ ﴾ - ﴿ وَأَعْتَدَتْ ﴾ - ﴿ وَآتَتْ ﴾- ﴿ وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ﴾)، فكل تلك الأفعال لم تتم بين يوم وليلة؛ لكنها فكرت وقدرت؛ بل وتخيرت حتى هيئة المقاعد من المجلس ليكون خروج يوسف عليهن وهن جالسات كطلوع الشمس على الخاملات من النباتات التي تشوقت للضياء حتى اعترفن ﴿ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ [يوسف: 31]، مما فرَّج عنها بإنفاذ سهام مكرها في نحورهن وردًّا على مكرهن، ولعل السكين الذي أسال الدم من أيديهن كان شافيًا بعض الشيء لغيظها، ومثلجًا صدرها من نقع غليلها في إعراض يوسف الصديق.

 

• وقبل أن نقف عند هذا القدر من الملحمة القرآنية العظيمة التي لا يُضاهيها بيان، ولا يبلغ نص أرضي مِعْشار ما بلغت من الفصاحة والبيان، نرى زليخة صاحبة الواقعة برمتها لم تعلم بما كان من حديث النسوة في المدينة والصبية في القصر، وتناقل الناس بفعلتها إلا آخرًا، وبعدما تصاعد لمسامعها دخان الأحاديث، ومثل ذلك مع الاختلاف البيَّن بالتأكيد حادثة الإفك التي حدثت لأم المؤمنين الحصان الرزان عائشة رضي الله عنها، وعن جميع أمهات المؤمنين زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تناولت ذلك بتوفيق من الله تعالى في سلسلة المراد الأسمى من القصص الأعلى، ولقد سميت بحادثة الإفك؛ ذلك أن السيدة عائشة رضي الله عنها ربما كانت هي آخر من علمت بذلك، وما عرفت بما تم نسجه وغزله حولها إلا من أم "مسطح بن أثاثة" نفسه الذي خاض فيمن خاضوا.

 

التحقيق الثاني عشر: اختلاف الأفئدة رغم آصرة القربى!

﴿ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ ﴾ [يوسف: 8] ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ ﴾ [يوسف: 33]، ألا يتسدعي ذلك من أولي الألباب والنهى وقفة؛ ففي اختيار الله سبحانه وتعالى لاسم التفضيل ﴿ أَحَبُّ ﴾ مرتين في السورة، وهو قادر على الإتيان بمماثلة لها! فأما الأولى، فعلى لسان أخوة يوسف وهم يختلقون الذرائع، ويتحسسون الوقائع التي يبتغون بها التبرير لفعلتهم النكراء، وخطتهم الحمقاء، بإبعاد وإقصاء يوسف الصغير عن أبيه، وهم على علم ودراية أنه يتيمٌ على حداثة سنه ورقة كبده، ومع ذلك لم يجدوا في سجل يوسف الصغير ما يجعل حجتهم قوية، وإنها لواهية مزَّقت حبائل الوصول لأبيهم ما يبتغون؛ وأما وفي الثانية ﴿ أَحَبُّ ﴾ قالها يوسف الصديق وهو يفر من المعصية والفتنة فرار الغزلان من الأُسْد الضارية، فانظر للقلوب التي اختلفت مساراتها، ولتعلم أن أصفياء الله يمرون على البلاء كما يمر الواحد منا على جسر النار، ومع ذلك لا تنثني عزائمهم، وتظل قلوبهم عامرة بذكر الله، والشاهد الأقوى هنا أن نبي الله يوسف حينما دعا ربَّه بذلك وقرأ البعض: "السَّجْن أحب"، وهي صفة عن الحبس، قال له المَلك: "لقد حبست نفسك بها يا يوسف، ولو أنك قلت: العافية؛ لما سجنت"؛ لكنه الإعراض التام عن مسببات الفتن، ومشتهيات المعصية، فحريٌّ بشباب الأمة أن يحتذوا بحذو المرسلين في مكارمهم؛ حتى تعود الأمة لسابق عزِّها ومجدها، ونحرر أقصانا المسلوب، ومجدنا المنهوب، بعدم إجفالنا عن موجبات العودة، ومتطلبات السيادة والتمكين، وألا نُغالي غُلُوَّ مَن لا يعرف لهذا الدين سماحته، ولا كيف ساد وانتشر، وأصبحنا به أعزَّة كرامًا.

 

﴿ فَاسْتَعْصَمَ ﴾ بدلًا من استَعصى:

وفي تلك المفردة التي استقوت بزيادة المبنى وتضعيف المعنى بالألف والسين والتاء، وهي حروف مؤثرة؛ شاء الله عز وجل أن تنطق بها زليخا لتعترف تصريحًا على نفسها حتى ولو كان اعترافًا ضمنيًّا في معرض الدفاع عن سبب انبهارها به بأنها هي المذنبة ليس هو، فهو الكريم العفيف الذي أثر الفكاك والهروب على الوقوف والمواثبة لعِلْمه بمكايد الشيطان في مثل تلك الأوقات، وقد زجَّ المستشرقون بكثير من التأويلات والافتراءات، واستندوا على تفنيد المفردات بحرف الامتناع (لولا) الذي جاء ليمنعه، فقالوا: إنه كاد أن يوافقها ما تريد لولا أن رأى برهان ربه بإحجامه وإلجام شهوته، فرية منهم أن يوسف الصديق كاد أن يفعل فعل الجهلاء؛ لكن الله منعه والرد على تلك الفرية، وذلك الادِّعاء من كتاب قصص القرآن لمحمد جاد المولى وآخرين، فحكى لنا ردة فعل زليخا من إعراضه عن الموافقة لها ومعصية ربه "استطار غضبها، وهاج هائجها، فهمَّت به بطشًا، وأرادت به سوءًا؛ انتقامًا لعزتها المضاعة، فهَمَّ أن يلقى الشر بالشر، ويصد الضرب بالضرب؛ لكنه أحسن بإشراق النبوة في نفسه، ورأى برهان ربه في قلبه وأوحى إليه أن الفرار خيرٌ من القتال، والمسالمة خيرٌ من المواثبة، فاستجاب لوحي ربه، وهَمَّ جريًا، وهمَّت وراءه عَدْوًا حتى أمسكته من قميصه، وجذبته من ثوبه، وما انتهى إلى الباب حتى رآه العزيز واقفًا وقميصه ممزق"[7].

 

• وهنا ملمح رائع لمن كان له قلب أو ألقى في رأسه استفهامًا عن اختيار الله لكلمة (استعصم بدلًا من استعصى)، فلو أنها قالت: استعصى؛ لقلن: عبد آبق شقَّ عصا الطاعة لسيدته، ولو أنه أَحَبَّ غيرها لاستجاب لها؛ لكن الله أراد له أن تبرئه تبرئة بلسانها، وفي معرض حديثها بقولها: فاستعصم، من العصمة والشرف والانصراف عما يغضب ربه وخالقه، وكأنه المبدأ العام ليوسف الصديق، وهي من أجفلت عن نصحه ساعة المراودة بعين الاستبصار، وهو يقول لها ناصحًا أمينًا موبخًا: ﴿ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، لعلها ترتدع احترامًا لمن أواه واتخذه ولدًا، ويقصد عزيز مصر ومهابة ممن هو ربه الأعلى سبحانه وتعالى الذي أكرم مثواه ومثواها، وجعلها سيدة من سيدات مصر المعدودات.

 

التحقيق الثالث عشر:

﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [يوسف: 26] تنكير الشاهد!

وفي تلك الآية تحقيق عظيم؛ حيث ذهبت التفاسير كالجلالين أنه كان ابن عمها يقصدون زليخا، وكان رضيعًا أنطقه الله في المهد مثلما أنطق من بعده المسيح ابن مريم عليه السلام ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ ابن عمها، وروي أنه كان في المهد، فقال بإذن الله: ﴿ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ﴾ [يوسف: 26] قدام ﴿ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ﴾ [يوسف: 26، 27] خلف ﴿ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [يوسف: 27]، فلما رأى زوجها ﴿ قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ﴾ [يوسف: 28] (6) في حين ذهب تفسير القرطبي أنهما بعدما تعارضا، فيوسف الصديق قال ردًّا على افترائها وكيدها: هي راودتني عن نفسي، وهي من قذفته أولًا بالكذب والمراودة، احتاج عزيز مصر إلى شاهد ليفصل بينهما، لتستبين سبيل المذنب من البريء، وذهب لأقوال أربعة أعني تفسير القرطبي رحمه الله: إنه كان طفلًا في المهد تكلم، قال السهيلي: وفي الصحيح للحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: لم يتكلَّم في المهد إلا ثلاثة، وذكر فيهم شاهد قصة يوسف عليه السلام، وقال القشيري أبو نصر: كان صبيًّا في المهد، وهو ابن خالتها، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس حبر الأمة: "إنه صلى عليه وسلم قال: تكلم أربعة في المهد، وذكر منهم شاهد يوسف عليه السلام في حين أورد كتاب قصص القرآن لمحمد أحمد جاد المولى وآخرين "وفيما هو في أمره يقصد "عزيز مصر" دخل ابن عمها، وكان فطنًا زكيًّا أريبًا، فسمع القضية من أطرافها، وفطن لما وراء قصتها، فقال: ﴿ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ﴾ [يوسف: 26] ﴿ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ﴾ [يوسف: 26، 27]"[8].

 

وأمام هذا الاختلاف بين كون الشاهد رضيعًا جاء بمعجزة في زمن المعجزات وحديث أصدق الخلق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى بذكره أن ممن تحدثوا في المهد أربعة، وذكر منهم شاهد قصة يوسف الصدِّيق عليه السلام فنقول- والله المستعان-: هذا هو الأرجح بالدليل النقلي، ولولا ورود الحديث الشريف الصحيح بتفسير القرطبي، لقلت: إن العقل يقضي بأن رأي كتاب قصص القرآن/ لمحمد جاد المولى وآخرين أميل للصواب؛ حيث إن القرآن الكريم لم يقف عند تلك اللحظة طويلًا؛ بل مررها تمريرًا بتنكير الشاهد اسمًا وسنًّا بقوله: ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [يوسف: 26]، وما أثبت من صفاته غير أنه من أهلها، والأهل في اللغة قد تذهب مجازًا لمن يوافق الناس الرأي والمبدأ؛ كقولنا مثلًا: "مذهب أهل السُّنَّة " أو قولنا: "هؤلاء أهل الكرم والجود"، ومن هم على مبدأ واحد؛ سواء في العقيدة أو السجايا، والشاهد في ذلك قول ربنا لنوح عليه السلام والحقيقي المتعارف هو من لهم قرابة من الوالدين ﴿ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ ﴾ [هود: 40]، فسرها الإمام الطبري رحمه الله: "وقوله: ﴿ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ﴾ [هود: 40]، يقول: واحمل أهلك أيضًا في الفلك، يعني بـ "الأهل": ولده ونساءه وأزواجه، ﴿ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ﴾ [هود: 40]، يقول: إلا من قلت فيهم: إني مهلكه مع مَنْ أُهْلِك من قومك[9].

 

وجُلُّ ما ذهبت إليه التفاسير اجتهاد بشري أرضي يذهب مذاهب الإصابة والخطأ، وكل توفيق فمن الله ولو كان في تحديد صفات الشاهد حاجة لنا لأشار الله إليها إجلاءً للحقائق وإظهارًا لنا[10]، والله تعالى أعلى وأعلم. وللمقال بقية بعون الله وتوفيقه مع الملحمة القصصية الرائعة لنبي الله يوسف الصديق عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام.



[1] تفسير البغوي، موقع تقني، ص 237، قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ﴾ [يوسف: 19].

[2] تفسير البغوي، موقع تقني، ص 237 قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ﴾ [يوسف: 19].

[3] تفسير الطبري، موقع تقني، ص 237.

[4] المراد الأسمى من القصص الأعلى (3) شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / محمد صادق عبدالعال.

[5] إسلام ويب، موقع تقني، سؤال وجواب: لماذا قَالَ تَعَالى: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾ [يوسف: 30]، ولمْ يَقُلْ: (وَقَالَت نِسْوَةٌ).

[6] تفسير القرطبي، ص 155، الجزء التاسع، موقع تقني.

[7] قصص القرآن / دار الجيل بيروت / محمد أحمد جاد المولى وآخرون / ط 3/1985، ص 81/82).

[8] تفسير الجلالين، حققه ونسَّقه الشيخ محمد الصادق القمحاوي من علماء الأزهر الشريف/ ص 195/196 مطبعة الأنوار المحمدية القاهرة.

[9] تفسير القرطبي / سورة يوسف، ص 238/ موقع تقني.

[10] قصص القرآن / دار الجيل بيروت / محمد أحمد جاد المولى وآخرون /ط 3/1985، ص 82.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحقيق في ملحمة الصديق (1) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (2) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (4) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (5) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (6) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر

مختارات من الشبكة

  • حاجة كتاب (غاية النهاية) لابن الجزري للتحقيق ، وحاجة التحقيق للتنسيق(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • التحقيقات التي حظي بها كتاب البرهان للإمام الزركشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التحقيق في تبرئة العلامة السيوطي من كتاب (الروض الأنيق في فضائل الصديق)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة التحقيق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كيف تشتري كتابا محققا؟ وكيف تميز بين تحقيق وآخر إذا تعددت تحقيقات النص؟(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إسهامات المستشرقين في نشر التراث العربي الإسلامي: دراسة تحليلية ونماذج من التحقيق والنشر والترجمة (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • إسهامات المستشرقين في نشر التراث العربي الإسلامي: دراسة تحليلية ونماذج من التحقيق والنشر والترجمة (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • التحقيق في المسائل الخلافية وليس الخلاف حجة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة التحقيق في أحاديث التعليق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • حقيقة المخطوط المعنون بـ "حاصل التحقيق" المنسوب إلى مجهول(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب