• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم
علامة باركود

صريف الأقلام في إسلام ابن الإسلام

صريف الأقلام في إسلام ابن الإسلام
محمد السيد حسن محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/11/2023 ميلادي - 2/5/1445 هجري

الزيارات: 1691

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صريف الأقلام في إسلام ابن الإسلام


بين يدي الحدث:

هذا قبس من هذه السيرة النبوية المباركة، ومن أحداثها نتنسَّم عَبَقَها، ومن دلالاتها نعبَق رحيقها.

 

وهذا سلمان الخير، ولما كان يدًا لهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعد أن كان صفيه، ومن قبل كان عنه بحثه، وصدقه، وولعه، ورهفه.

 

ومما قد حفل التاريخ بسيرته مجدًا، ولما قد ازدانت به صفحاته، ريًّا، وزينة، وشرفًا.

 

وهكذا تاريخ الصُّنَّاع الْمَهَرَة، وحين يكونون وقودًا للدعوات، وقناديلَ للخيرات.

 

وأعالجه في عشرين مسألة:

المسألة الأولى: تمهيد وتخريج:

روى الإمام أحمد، والإمام البزار، وأورده الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند عن ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنه، عن سلمان الفارسي، وأخرجه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في (الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)، وقال: حديث حسن، وأخرجه الشيخ الألباني في (السلسلة الصحيحة: 2/ 556)، وهو إذ يحكي رضي الله عنه قصة إسلامه، وخروجه من الظلمات إلى النور.

 

المسألة الثانية: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].


وهذا الذي يجعلنا نستطلع في بداية هذه المناسبة توفيقَ رب العزة والجلال لعبدٍ، ونسأل الله تعالى أن نكون من أولاء الموفَّقين، أن يستنهض نفسه، وأن يدارك ذات نفسه، بتوفيق من ربه وخالقه ومولاه رب العزة والجلال، أن يستنقذه من ظلمات الضلالة، وغَوَى الشرك، إلى أنوار وهدًى ورشد من الله تعالى الحق المبين سبحانه.

 

وحين يعلم رب العزة والجلال، من عبدٍ صدق نيته، نحو هذا الهدف، وإنما لَسوف يوفَّقه ربه ومولاه؛ ولأنه تعالى قال: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

المسألة الثالثة: أمجاد سجل تاريخي حافل:

وأمامنا في التاريخ الإسلامي المنير، السراج الجميل، وحين حوى قطوفًا يانعة، زاهرة، مثمرة، كثيرة، طيبة، زادًا للسالكين، ومنارًا للسائرين، ولما كان منها ما نحن بين يديه الآن، ومن قصة إسلام سلمان الخير، سلمان الذي كان سلمان الفارسي نسبًا، وإذ ها هو سلمان الخير، نسبًا آخر ضافيًا، مسلمًا كان حنيفًا لله تعالى، وحين كانت حكايته مضرب التاريخ، مثلًا يُحتذى، وقيمة تُقتدى.

 

ذلكم الذي كان عابدًا من عَبَدَةِ النار يومه ذاك، ومن قصة طويلة، ولسوف أحاول تلخيصها، وإيجازها؛ وخروجًا منها بالفائدة، التي قدمتها، وهي وأنه إذا علم الله خيرًا قَلْبَ عبدٍ، وفَّقه ربه ومولاه، لاستنقاذه من الظلمات إلى النور.

 

المسألة الرابعة: نقلة نوعية:

وحين قد كان ولدًا لرجل، كان رئيس قومه، وإنما آثر الاسترقاق وحياته على حياة هي متاع، ومن حياة أبيه وهذا أيضًا كافٍ بالدلالة على كم كان هذا الدين الإسلام الحنيف الخالد جميلًا وأي جمال؟! وعزيزًا وأية عزة؟!

 

وحين يضفي على عبدٍ دالَّة الرضا والقبول والاستكانة، ومن نقلة نوعية ومن ظلام شركه، وإلى ومن، ويكأنه، ومن قول أتباع نبي الله تعالى موسى عليه السلام لفرعون، وحين نقل لنا القرآن العظيم قولهم هذا: ﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [طه: 72 - 76].

 

وحين كان هذا الرجل سلمان عابدًا من عَبَدَةِ النار، ومما أسلفنا، ولما أخبر أن أباه كان قد حجبه بيته، ومنعه من الخروج منه؛ وقفًا على خدمة أبيه، ويكأن البر كان له منهجًا وسبيلًا، ومن قبل إسلامه وجهه لله تعالى، وهو محسن.

 

المسألة الخامسة: كن رأسًا في الهدى:

ولأن أباه كان دِهْاقًا، ويكأنه كان زعيمًا في القوم، ورأسًا في الضلالة، ولما كان قد أوقف نفسه موقدًا لنارهم، ويتعبدونها، ومن أمامه؛ صنديد ضلالة، ورأس كفر معًا، وهذا الذي يُستنبط منه، وألَّا يكون رأسًا في ضلالة؛ ولأنه عليه إثم من فَعَلَ فعله، أو قال قوله، أو نهج سبيله، أو اتبع طريقه، وإلى أن يقوم الناس لرب العالمين؛ ومن قوله صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تبِعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا))[1].

 

ومن كتابه ويوم أرسل لعظيم القبط بالإسكندرية: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى؛ أما بعد:

فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسْلِمْ تَسْلَم، يؤتِك الله أجرك مرتين؛ فإن توليتَ، فإنَّ عليك إثمَ الأرِيسِّيِّين، و﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾ [آل عمران: 64]، إلى قوله ﴿ اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64][2].

 

المسألة السادسة: حجاب المرأة في الجاهلية:

ولما كان، ومن نبأ عنه، أن أباه كان قد حبسه، وكما تُحبَس الخَدور؛ أي النساء في بيوتهن، وانظر كيف كانت حتى عقيدة الجاهلية، وحين كان منها هو هكذا حبس الخدور، وإذ ليس يُقصَد بالحبس ها هنا السجن، وبمعناه العقابي المعروف، وإنما هذا كناية عن الحفظ، والحجاب، والستر، حتى عند الجاهلية الأولى، وإلا ما كان معروفًا، ومن نواديهم، وبغائهم، فحتى هذا كان، ومن نظام خاص، وكما كان حجابهم ومن شأن خاص أيضًا، ولما كان لا يُقصَد منه إلا التحجب، وسوى التستر.

 

ولأن المرأة قيمة في المجتمع، ولأنها فتنة ولا شك، فلما تُحجَب؛ صيانة لها، وللمجتمع، فإن هذا كرم من الله عز وجل، وفضل ومِنَّة ونعمة، والحاصل أنه حتى في الجاهلية الأولى، كانت المرأة تحجب، ومن قول سلمان هذا.

 

المسألة السابعة: إلهام عبدٍ:

وإلا أن النفس اللوامة توَّاقة إلى هكذا عود إلى فطرتها، التي فطر الله تعالى الناس عليها.

 

وهو ذلكم العود، إليها من حنيفية، سمحة، خالصة لربها، وحين تنزع عنها ومنه غيُّها، وإفكها؛ ولتعود إلى هكذا النور، والهدى، والرضا.

 

ولهذا الذي قدمنا، وأنه إذا علم الله تعالى من عبد خيرًا، وإنه سبحانه يوفَّقه، ويلهمه، وكان من توفيقه وإلهامه أنه خرج من قيد أبيه، وحبسه، ومنعه، وحجبه، ولما كان من سياحته غير مرة باحثًا عن حقٍّ، لاويًا عن ضلال.

 

المسألة الثامنة: جولات سلمان الخير؛ بحثًا عن الحق:

راح سلمان الخير إلى نَصِيبِين، وراح إلى عَمُّورية، وكل مرة، يقابل فيها راهبًا نصرانيًّا، حتى وصل إلى صاحب عمورية، وحين دخل عليه يوم بدء آخرته، وجاء وقت موعد لقائه بربه تعالى.

 

وحين استوصاه سلمان الخير، وإلى من يوصيه، ليذهب إليه، ولما قد حلَّ عليه يوم الهدى، وحانت ساعة الرضا.

 

ويومها أنبأ الراهب سلمانَ الخير، وإنه قد أظل زمان خروج رسول، وبَعْثِ نبيِّ، من بلاد العرب، فصفته أنه من بلاد العرب، وصفته أن مُهاجَرُه بلدة بين حَرَّتين، بها نخل، وفي إشارة إلى يثربَ التي هي المدينة، ولا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية، وبين كتفيه خاتم النبوة، وهو على دين إبراهيم، وهذه ستُّ علامات.

 

هذا وصف الراهب لسلمان الخير، والذي كان يومًا فارسيَّ المولد، للنبي المصطفى القرشي العربي الهاشمي الإبراهيمي محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلى الله عليه وسلم.

 

وهذه حجة قاطعة وإذ ومن أين أتيت بها يا أيها الراهب؟ ويكأنه وهذا من لسان حاله، وأن هكذا وصف هذا النبي لدينا في العهدين.

 

المسألة التاسعة: نداء دعويٌّ حان:

ونريد، وكما ننادي دائمًا، باستخراج هذا الكنز؛ ومن قيل الناس أنفسهم لأنه أمانة في أعناق القوم.

 

والرجوع إلى الحق فضيلة، ومنقبة، والإصرار على الباطل مذمة، وسوء كَيلة، ولسوف يُحاسَب عليها كلُّ مقصِّرٍ، وكل مخف، ويتحمل إثم فعله، وإثم فاعله، وممن قام على فعله.

 

ولا يغرنَّك أن رئيس قوم قد كان إثمه على من ضلَّله، وليس يغني عنه وزره، أنهم جميعًا كانوا قومًا خاطئين؛ ولقول ربنا الرحمن سبحانه: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54].

 

ومنه؛ فإنه لا يجوز الاستخفاف في مسائل هذا الدين الإسلام الحنيف الخالد، ولنفعل كما فعل سلمان الخير، يبحث عن دينه، ويسترقُّ نفسه، ويُعبِّد نفسه، عند الناس رقيقًا، أفضل عنده، من أن يكون عابدًا سادنًا للنار.

 

المسألة العاشرة: سلمان الخير يُؤثِر حياة الرق على الحرية؛ لله:

فالحاصل أنه كان وجد تجارًا آتِين من بلاد العرب، من قبيلة كلب، وحين عرض عليهم أن يأخذوه معهم مقابل أن يعطيهم كل ما كان قد ادخره من تعبه، ومن جَدِّه، ومن نَصَبِهِ، فوافقوا، وأخذوه معهم.

 

وهو إذ يريد أن يتسلل خفية؛ رهبة الى الله تعالى، ومحبة في دين الله، وتوفيقًا من الله.

 

وهذا الذي قدمناه، ونؤكده مرارًا، وحين يقدم العبد بين يدي ربه عنوانًا على البذل، ولِما تغيثه السماء، وحين تنهمر عليه قطرات خيرها، سحًّا، غدقًا، مجللًا؛ ألم ترَ كيف قال ربنا الرحمن سبحانه؟ ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنفال: 23].

 

أقدِمْ على الخير، تنفتح لك أبوابه، وعلى مصراعيها، لا ينفتح مصراع واحد؛ وعن أبي هريرة: يقول الله تعالى: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ بشبرٍ تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة))[3].

 

ومن هذا الحديث الطويل العظيم، هو الذي نحن بين يديه الآن، وحين وافق سلمان الخير أن يأخذوه، فأخذوه، واسترقوه، وحين كان من قصده أن يأتي يثرب، وليرى عن قرب، وليؤمن وعن يقين، وإذ لا بد، ومن عقده، أن يقف على هكذا علامات النبوة الست، التي كان قد حكاها له هذا الراهب، وحين راح إلى المدينة؛ كي يرى، ويعمل، وإذ ليس يعرف أنها المدينة، وإلا حين وجد فيها نخلًا وبين حرتين فعلِم أنها ذلكم الوصف، الذي قال له عنه الراهب المدينة، وهذه التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لنا في المدينة، وفي مُدِّها، وفي صاعها)).

 

وهذا هو عقد هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن يقينه بربه تعالى، وأنه سبحانه، ولسوف يقلب قلب عبده، محبة في يثرب، وكما كان ألقاها لب عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم محبة مكة أيضًا؛ ولأن المقام وحيثما كان العبد قادرًا على إقامة دينه.

 

وهذا هو الذي جعل هذا النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، والذي به دعا ربه تعالى، أن يحبها؛ أي المدينة، وكما قد حبَّب إليه مكة، وقد حبَّب الله تعالى إليه المدينة، وكما قد حبَّب إليه مكة.

 

ومرة أخرى؛ ولأن موطن المسلم، هو ذلكم المكان الذي يمكنه فيه أن يقيم دينه، ولأن الأرض كلها لله يورثها من يشاء، ولأن الأرض كلها معبر دنيوي، إلى مصير خالد أخروي، فحيثما استطاع العبد أن يقيم دينه، فثمت، وتمت الإقامة، ودونما حواجز مصطنعة، ودونما موانع مدَّعاة؛ فعن عائشة أم المؤمنين: ((لما قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم وُعِكَ أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبتِ كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول: كل امرئ مُصبَّح في أهله = والموت أدنى من شراك نعله، وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته فيقول: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة = بوادٍ وحولي إذخرٌ وجليلُ، وهل أرِدْنَ يومًا مياه مَجَنَّة = وهل تبدون لي شامة وطَفِيل، قال: قالت عائشة: فجئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبِّنا مكة أو أشد، وصحِّحها، وبارك لنا في صاعها ومُدِّها، وانقُل حُمَّاها فاجعلها بالجُحْفَةِ))[4].

 

وحينها، ولما كان منه عمله، واسترقاقه؛ ولأن كل شيء، ومن سبيل مشروع، ومن طريق مسنون، أن يصل العبد، ومن سناه، ومن سببه، إلى الحق، فقد هان وحتى جاء النبي من مَبْعَثِهِ من مكة، وصبر سلمان الخير، هذا كله، عشر سنوات في مكة، وما ندري كم سنة في العراق، متنقلًا بين هذا الراهب وإلى آخر، وحين كان منه صبره على هذا كله، ومرة أخرى وإلا أنه؛ ولأن كل شيء ومن سبيل مشروع، ومن طريق مسنون، أن يصل العبد ومن سناه، ومن سببه، إلى الحق، فقد هان، وهذا الذي فعله سلمان الخير، ولما كان له، ومن هكذا سلف.

 

وانظر كيف كان، ومن زيد بن عمرو بن نفيل، وهو هذا الذي حُقَّ أن يفرد له، من مقال؛ ولنحكي هكذا الحال، وإلى أبناء الأمة، وجيلًا ومن بعد جيل آخر، وتتناقلها الأجيال، هديًا، وسننًا حسنًا، وها هو سلمان الخير يتصبر، وإلى أن يدخل في هذا الدين الإسلام الحنيف الخالد.

 

المسألة الحادية عشرة: اصبروا وصابروا:

وأقول هذا لماذا؟ لكي نتصبر نحن، ثم وقد أتحفنا بهذا الإسلام من دون ما قد قضاه سلمان الخير بحثًا، ولما قد جاءنا هذا الإسلام الحنيف الخالد، وعلى طبق من ورد، وعلى بساط هكذا ممهد؛ ولنحمد الله عز وجل على ذلك كثيرًا كثيرًا.

 

وليكن عمل أحدنا، ومن بعد ذلك، وإن هو إلا الاستقامة، والاستزادة، ومن طرق الخير؛ وكيما يلقى عبدٌ ربَّه تعالى، عبدًا مرضيًّا عنه، بالهدى ودين الحق، والعمل الصالح، والنية الصادقة، مع رب العزة والجلال.

 

أي: إنك لست تقول قولًا، أو تفعل فعلًا، إلا صدقًا، وحين قد سِيقت إليك أقصوصة سلمان الخير.

 

ويكأنه، ومرة أخرى ومن إلف أن يقال، وكما يستنبط، ومن أقصوصته، وسيرته أيضًا، وهي ذلكم الأرض المهاد، ولما كانت موطنًا للعباد، وحيثما أمكن أحدهم أن يقيم دينه، وثمت هي الإقامة.

 

ولأن الرجل قد تنقل من بلاد فارس، إلى العراق، إلى يثرب، ولم يحكِ لنا شيئًا من موانع، وحدًّا من حواجز، وحين علم أنها المدينة، واسترق نفسه أيضًا، ومما نقول، وصبرًا وتصبرًا؛ وحتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، من مبعثه من مكة، وصبر سلمان هذا الزمن كله، عشر سنوات في مكة، وما أدري كم سنة في العراق، يصبر على هذا كله؛ ومن جده، ومن نصبه، ولما كان من شأنهم، أن وافقوه، على عرضه هذا وأخذوه، وانصرفوا، ولكنه يريد خفيته؛ رهبة الى الله تعالى، ورغبة لما عنده، وما قد أعده له، ومن غيره، ومن هدى، وقبول لدين الله تعالى، وفرارًا إلا إليه وحده سبحانه.

 

الحاصل أن سلمان الخير، كان قد لقي هذا النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، وفي حديث طويل الحقيقة، وإذ كان ولا بد أن ننجزه، وأن نوجزه أيضًا.

 

وأخذ، وأصر، وإلا أن يختبر علامات النبوة التي كان قد حكاها له ذلكم الراهب وواحدة واحدة، وليس بتارك منها شيئًا أيضًا.

 

المسألة الثانية عشرة: لا تكن مقلدًا:

وهذا الذي يستنبط منه ضرورة العلم، وتحصيله، وليس يكتفي عبد بتقليد، ولأن العلم أثبت، وأيقن؛ وهو ذلكم الحصن الذي يقي عبدًا، ومن رياح التقليد العاتية، والتي سرعان ما تجرف معها مقلدًا فلا تراه ثابتًا راسخًا، بل يميل، وحيث أميل، وهذا من الواجب، على كل أحد ألَّا يكون مقلدًا لأحد، ولما كان قادرا على التعلم، وسبر غور، مما أمامه من علوم، قد انتظم في سلكها؛ ليعلم مراد الله تعالى، ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ وكيما يتعبد الله تعالى، عن علم، لا عن تقليد، ومما أنف بيانه الآن توًّا.

 

وحال العبد ها هنا، وأنه إذ ينقب في الكتب، والدفاتر، وواقع الحال، وما يؤول إليها من مآل.

 

المسألة الثالثة عشرة: استيثاق سلمان من علامات النبوة:

ولما كانت هذه اختبارات ستة، ولما كان أولها: ومن أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، على دين خليل الله تعالى، ونبيه، إبراهيم عليه السلام: وأنه هو ذلكم الذي دعا إليه نبي الله إبراهيم، ومن خلعة الأنداد، وإزاحة الشركاء، وإماطة النظراء، وإحلال العقد فيه تعالى، وأنه النافع وحده، وأنه الضار وحده، وأنه الآمر وحده، وأنه الناهي وحده، وأن هذه هي خلاصة، ويسر، وسلاسة دين، كان قد أنزله ربنا الرحمن، وبعث به الرسل، ونبأ به النبيين.

 

وثانيتها: وحين كان هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من جزيرة العرب: وهذا الذي تحقق منه سلمان الخير، وحين كانت بعثته صلى الله عليه وسلم، ومن جزيرة العرب، وأنه هو نفسه، ومن أنسابها أصالة، وفرعًا، وجزءًا، وكلًّا، وبعضًا وجمعًا.

 

وثالثتها: وأنه ليس يأكل الصدقة: ولما كان قد أخذ معه وما به أنبأ عنه النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأنه صدقة، وليتمنع عنها، وليأمر صحابته الأخيار الأبرار أن يأكلوها.

 

ورابعتها: وأنه يقبل الهدية: وحين أخذ معه هديته، ومن ثم جاءه بها، وحين قبلها النبي صلى الله عليه وسلم، فأكل منها، وأمر أصحابه، أن يأكلوا معه.

 

وهذا إيثار نبي وهذا الذي به قد كان إليه أسبق، ولما قد كان عليه أوفر، وأميز، وأسرع؛ ومن هكذا وصفه تعالى لهذه الأمة المسلمة يومها هذا؛ ومن قول رب العزة والجلال سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

وخامستها: وهو أن مهاجره بأرض بين حرتين، بينهما نخل ولما كانت يثرب المدينة هي هكذا، ومن تضاريسها، وأنها هي هذه الأرض ذات الحجارة السوداء، وفي المدينة النبوية، وهما الحرتان، وعلى جانبيها، وهما اللابتان أيضًا، وهما اللتان كان قد أُريهما النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويوم أن رآه، ومن منامه، يوم هجرته، وعلى تفصيل، ويكأنه رؤية بصر، ولما كان رؤيا خبر، وما بين الحرتين أو اللابتين تقع مزارع ومساكن المدينة.

 

وسادستها: هو خاتم النبوة: وحين ذهب سلمان الخير إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إذ يدفن أحد أصحابه، في بقيع الغرقد، الذي هو المقابر، والذي كان منتسبًا يومًا إلى شجر الغرقد، الذي قد كان به متميزًا، ويكأنه قد راح وصفه، واندثر نعته، ومن ورائه يهود أيضًا.

 

وحينها، ولربما كان قد أُلقي في روع هذا النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خلال قسمات، وحركات سلمان الخير هذا، أنه يريد الاستيثاق، من أمر خاتم النبوة، وحينها كشف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بين منكبيه؛ ليظهر خاتم النبوة.

 

وهذا من ذكاء وفطنة القائد، وحين يصبر على من حوله، ومن يريد الاستيثاق من خبر، أو نبأ ما، فيتصبر عليه؛ لكي يؤمن عن يقين، وثبات، ورضًا، وقبول، وصدق.

 

ومن ثم رأى سلمان الخير الخاتم، واستوثق.

 

وكل مرة كان يزداد فيها سلمان الخير إيمانًا ويقينًا راسخًا.

 

غير أنه، ومما أنف وهذا هو الذي حمل سلمان الخير، ألَّا يكون مقلدًا؛ وكيما يتخرج جيل اليقين، على هدي خاتم النبيين، وسنن إمام المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

المسألة الرابعة عشرة: كاتِبْ يا سلمان:

وهكذا كانت بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا كانت هجرته، وهكذا كان استرقاق سلمان الخير؛ ولعل هذا هو الذي كان مانعه، ومن اللحوق بالنبي صلى الله عليه وسلم، يومي بدر وأحد.

 

وإلا أن هذا الدين، ولما كان من أعماله، هو ذلكم تقليص أمر الرق، أول مرة، ولما كان من نسائمه، هو هكذا تخليص البشرية منه، آخر المرة؛ ومنه جاء دور القيادة؛ لتعمل عملها، ومن استنقاذ سلمان الخير هذا، ومن رقِّه.

 

ويومها أمره النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يكاتب على ذات نفسه؛ وكيما يصير حرًّا، ولعل يومًا آخر، وزمنًا قريبًا، سوف يكون له، ومنه دوره، ومن يوم الخندق مثالًا، ومن يوم الأحزاب عبرة وتذكارًا.

 

وحينها كاتب سلمان الخير، وأن يعمل لدى سيده؛ ومن موجب عقد رقه، وأن يعمل وقت راحته، وليس براحة ولأداء، وسداد جعل كان بينهما، ولما كان مقداره أن يغرس ثلاثمائة نخلة بالفقير، وهو حفرتها، وإلى أن تنمو ومن وزن أربعين أوقية ذهبًا أيضًا، وأنت راءٍ كم كان الثمن باهظًا، عاليًا، مكلفًا، مرهقًا، مقضًّا.

 

المسألة الخامسة عشرة: سطوة أصحاب الأعمال:

وهذا الذي يئن منه العمال، ومن سطوة أصحاب الأعمال، وحين تربو ذممهم المالية، وتعلو، ومن ضآلة ما يعطون، ومن مسمى الأجر، لعمالهم، وهذه الشدة، وهذه الصعوبة؛ ليستثقل العبد؛ ومن جرائها الأداء، ليفضل أن يكون عبدًا رقيقًا، خيرًا له من هذا العقد الجاثم على أنفاسه، وهذا الوضع، وبحاجة إلى إعادة النظر؛ وكيما يكون الناس، ومن شبع، وقناعة، وراحة، ولما كان من استغلال العمال؛ ومن حاجتهم، وضعفهم.

 

ومنه وجب على الولي التدخل لإزالة هكذا عسر، يعرض للعمال؛ ومن حاجتهم، وضعفهم، ومن غياب الوازع الديني، والبعد الإيماني، أو هكذا ضعفه، وإن شئت فقل؛ وكيما يتنشأ مجتمع التكافل، وعلى وجهه، الذي يتأمله هذا الدين الإسلام الحنيف الخالد.

 

المسألة السادسة عشرة: تعدد الاسم من شرف المسمى:

والمناسبة هي تسمية النخلة نبتة، ثم إذا ظهرت بادرتها أسمَوها وَدِيَّةً، ثم إذا نمت شيئًا آخر، ومرحلة أخرى أسمَوها فسيلة، وهكذا ثم أسمَوها شاءة.

 

وهذا من عظم شأن النخل عند القوم، وإذ وكلما زاد وكثر وتعدد الاسم دلَّ ذلك على شرف المسمى.

 

حتى التمرة، وحين كان لها خمسة أسماء، في كل طور من حياتها لها اسم منها أيضًا، ولما كان طلعًا، فخلالًا، فبُسرًا، فرطَبًا، فتمرًا.

 

وهو هذا التمر الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، بيت لا تمر فيه جياعٌ أهله، يا عائشة، بيت لا تمر فيه جياع أهله - أو جاع أهله - قالها مرتين أو ثلاثًا))[5].

 

وحديث عائشة أم المؤمنين: ((ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين؛ وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت: يا خالة، ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم، فيسقينا))[6].

 

فالتمر يخص بذكر؛ لقيمته، وعظمته، وغذائيته، بل وشفائه، ونجاعته، فإن فيه من العناصر الطيبة، التي تكون محورًا هامًّا من محاور استجلاب الصحة، ودفع الأسقام، ورفع الأمراض، ودرء الأوجاع.

 

ولديك حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ((من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة، لم يضره في ذلك اليوم سُمٌّ ولا سحر))[7].

 

المسألة السابعة عشرة: شآبيب الرحمة تظلل سلمان الخير:

والحاصل المهم: أن قد كاتب سلمان الخير رضي الله عنه، ولم يكن لديه مال يفي به، ولسوف يرزقه مولاه وليس ينساه، وحين تتنزل، وكم من شآبيب الرحمة وعلى عبد كان منه! هو هكذا مشواره الطويل، وسفره الممتد صدقًا مع ربه تعالى، ومولاه الحق المبين، ويكأنه وقد حل يوم إجازته مرتين: مرة: يوم إسلامه، ومرة: يوم قضائه عن عتقه، وهذا الذي منه، وإذا علم الله تعالى من عبده خيرًا، استشرف له أمامه طرق الخير، ومنها هذا الذي وفق إليه سلمان، ومن إسلامه، ومنه مكاتبته؛ ليستخلص ذات نفسه من رقه، ومن عبوديته، إلى حريته.

 

المسألة الثامنة عشرة: مجتمع التكافل الاجتماعي:

ومنها توفيق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحين أذَّنَ في الناس أن يعينوا صاحبهم، ويساعدوه؛ كفالة، وحين تسوق العبد سوقًا، وتقوده قودًا، إلى أن يساعد الأخ أخاه؛ ومن قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يومًا: ((ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى))[8].

 

والحاصل المهم، أنه كانت قد بقيت الأربعون الأوقية الذهب.

 

المسألة التاسعة عشرة: علم نبوة ضافٍ:

وحين أتاه النبي صلى الله عليه وسلم، ببعض مال من أموال الغنائم، وكان مثل بيضة الدجاجة، على الوصف من سلمان الخير، وأكمل منها الأربعين إعجازًا، وإذ، وماذا تفعل بيضة دجاجة وزنًا، مقابل أربعين أوقية من الذهب؟ ولكنه أخذت منها زنة أربعين أوقية، وبقيت هي ببركتها، وهذا محل الاستشهاد وها هنا موضع الإعجاز، ومن دلائل نبوة هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ومنضافًا إلى الدلائل التي قال عنها، وأخبر عنها سلمان، نيابة عن الراهب النصراني، الذي هو حجة على كل القوم أيضًا، وإذ نحن في حاجة إلى استنهاض هذه الهمم، واستدعاء تلك القمم؛ كيما تكون حجة، ثم لننشر الحق.

 

ولأن الحق حق، ولا ينظر إلى الحق، ومن أين أتى؟

 

ولأن الحق أحق أن يتبع، وبه فقد انتهت القضية.

 

المسألة العشرين: سلمان الخير يحضر المشاهد:

وحتى جاء يوم الخندق، وما أدراك ما يوم الخندق؟ وكان الفضل فيه لله تعالى، ثم لسلمان الخير، وحين استشار النبي أصحابه كيف تكون مواجهة الأحزاب، أهل الكتاب، ومشركي العرب، والمنافقين، وها قد اجتمعوا، على هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وصحبه، ليشير سلمان رضي الله عنه، بحفر الخندق، فكرة عسكرية، ماهرة، باهرة، أتى بها من بلاده، من بلاد فارس.

 

فأخذ بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والحكمة ضالة المؤمن، وحيثما وجدها فهو أحق بها.

 

وعلى أنه رضي الله تعالى عنه، ولم يتخلف عن مشهد، ومن يوم الخندق، وإلى أن لقي ربًّا غير غضبان، وحديث سلمان الخير ذو ملح، ولطف، وزهر.

 

واكتفينا بإيجاز شرحه؛ نيابة عن نسخه، وألَّا يطول قولنا، كما قد رأيناه طال.



[1] صحيح مسلم: 2674.

[2] صحيح الأدب المفرد، الألباني: 845.

[3] صحيح البخاري: 7405.

[4] صحيح البخاري: 5677.

[5] صحيح مسلم: 2046.

[6] صحيح البخاري: 2567.

[7] صحيح البخاري: 5445.

[8] صحيح البخاري: 6011.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ابن الإسلام سلمان الفارسي

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي: رفعه الله إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام، وأكرمه برؤية ربه بفؤاده في اليقظة والمنام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين صريف القلم وصريره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يا معشر قريش، احفظوني في أصحابي وأبنائهم وأبناء أبنائهم(مقالة - ملفات خاصة)
  • ابن النجار وابنه تقي الدين ابن النجار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أثر العامل الفكري في فكر الإمام ابن مفلح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من سؤالات ابن القيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب