• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد
علامة باركود

رؤية شخصية لمستقبل الأمم المتحدة

د. حسن نافعة

المصدر: من كتاب "الأمم المتحدة في نصف قرن"
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/12/2007 ميلادي - 25/11/1428 هجري

الزيارات: 14013

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رؤية شخصية لمستقبل الأمم المتحدة بين الواقع والطموح

  • مقدمة
  • المبحث الأول: عن الطموح
  • المبحث الثاني: عن الواقع
 •     •     •     •     •

مقدمة
إن من يتأمل ما يجري على ساحة النظام الدولي سَرعان ما يكتشف وجود ظاهرتين تعملان في اتجاهين متعاكسين تمامًا:

الأولى: تدفع في اتجاه الكونية والتوحد والانفتاح، محيلةً الكونَ كله إلى مجتمع واحد، يستحيل على أي جزء فيه أن يستقل بنفسه، أو ينفصل عن حركة بقية الأجزاء الدائرة في فَلَك الكل، وهو ما يفرض إقامة مؤسسات عالمية، تعالج كافَّة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، استنادًا إلى قواعد عامَّة مقبولة ومتفق عليها.

أما الثانية: فتدفع في اتجاه الانشطار، والتفتت، والعزلة، والانغلاق الفكري والثقافي والعِرْقيّ؛ خوفًا من ضياع الهُوية، أو فِقدان الذات، وهو ما من شأنه أن يُعقِّد من عملية التنظيم الدولي، ويحيلها إلى عملية باهظة التكاليف، إن لم تكن مستحيلة، وفي هذا السياق تتجه الدول الغنية، والدول الديموقراطية إلى التعاون معًا، والتجمع في أُطُرٍ تنظيمية ومؤسسية خاصة بها، بعيدًا عن الأمم المتحدة، بينما تجد الدولة الفقيرة أو النامية نفسها غارقة في مستنقع الديون، والحروب العِرْقِيَّة والطائفية، والتخلف العلمي والتكنولوجي، دون أيّ إطار مؤسَّسي فاعل يجمعها، حتى الأُطُر المؤسسية التي كانت قد استطاعت أن تقيمها خلال الخمسينيات والستينيات؛ مثل حركة عدم الانحياز، أو مجموعة الـ 77 بدأت بدورها تنهار.
والواقع أنَّه إذا استمرَّ تطوّر الأحداث على نفس المنوال، وفي نفس الاتجاه؛ أيْ: اتجاه الدولة الغنية إلى تنظيم أمورها بعيدًا عن الأمم المتحدة، والتجمّع في أُطُر مؤسَّسية خاصة بها، واتجاه الأطر التنظيمية للدول الفقيرة نحو التفكّك والانهيار، فلن يساعد ذلك على إصلاح الأمم المتحدة على النحو الذي يكفل إقامةَ نِظام فعَّال للأمن الجماعي، أو الأمن التعاوني.

وسوف نحاول في هذا الفصل أن نعالج مستقبل الأمم المتحدة في مبحثين:
يحاول الأول أن يطرح رؤية عامة لما يجب أن تكون عليه الأمم المتحدة، إذا أرادت أن تلعب دورًا فعالاً لتحقيق السلم والأمن الدوليين.
ويحلل الثاني الأسباب، ويستعرض العوائق التي تعترض تحقيق هذا الطموح.


المبحث الأول: عن الطموح 
أدت التطورات التي مرَّ بها النظام الدولي منذ الثورة الصناعية، التي اندلعت في أوروبا، والتي تواكبت تأثيراتها الفعلية زمنيًّا مع الثورة الفرنسية الكبرى، والحروب النابليونية في بداية القرن التاسعَ عَشَرَ، إلى تحول هائل في مفهوم ومضمون الأمن الجماعي؛ فقد أفرزت أول محاولة مؤسسية لبلورة وتطبيق هذا المفهوم في أعقاب الحروب النابليونية مباشرة من خلال صيغة "التحالف المقدس"، والذي تحول بسرعة إلى صيغة "الوفاق الأوروبي"، ثم بعد الحرب العالمية الأولى من خلال صيغة "عُصْبة الأمم"، ثم بعد حرب عالمية ثانية من خلال صيغة "الأمم المتحدة"، والتي لم تتح ظروف "الحرب الباردة" أمام ميثاقها أيَّ فرصة حقيقية نحو التطبيق الكامل، على الرغم من أنه ما زال معمولاً به حتى الآن من الناحية النظرية على الأقل.

وقد تصور البعض أن انتهاء الحرب الباردة يتيح فرصة حقيقية أمام دخول الميثاق حيِّزَ التنفيذ؛ لكن هذا الأمل لا يلوح في الأفق الآن؛ ذلك أن "الأمم المتحدة" في شكلها الحالي ما هي إلا نتاج الحرب الباردة، وابنها غير الشرعي، ومن ثَمَّ فإن من المشروع جدًّا أن نتساءل حول ما إذا كانت هذه الصيغة برمتها صالحة للتعامل مع حقائق النظام الدولي المعاصر.

ولقد برز خلال السنوات الخمسين الماضية تطوران على مستوى التنظيم الدولي لم تشهد لهما الإنسانية مثيلاً من قبل في تاريخها المعروف.
الأول: أن جميع دول وحكومات العالم قد أصبحت، ولأول مرة في التاريخ، داخل إطار مؤسسيّ واحد، وهي ظاهرة لم تعرفها موجات التنظيم الدولي المتعاقبة منذ ظهور الدولة القومية في أعقاب مؤتمر وستفاليا عام 1648؛ أي: إنه ولأول مرة تتطابق حدود "التنظيم الدولي" جغرافيًّا ووظيفيًّا مع حدود "النظام الدولي"، مع فارق مهم وهو أن العضوية في "التنظيم" هي للدول ممثلةً في حكوماتها، بينما هي في "النظام" لكل الفاعلين الدوليين، سواء كانوا دولاً أم لا.
الثاني: أنه ولأول مرة أيضًا في تاريخ البشرية، تتحول الكرة الأرضية كلها إلى وحدة واحدة، أو ما يشبه الجسد الواحد الذي ترتبط أجزاؤه معًا بشبكة هائلة ومعقَّدة من المصالح، تشبه الدورة الدموية أو الجهاز العصبي المحرِّك لوظائف الأعضاء في الجسم الإنساني؛ فلم يَعُدْ بمقدور أي دولة مهما بلغ شأنها أن تدير مواردها البشرية والمادية، أو فضاءها الجوي، أو إقليمها البحري أو الأرضي بمعزل عن الآخرين.

والواقع أنَّ من يتأمَّل الصورة الكلية لعالم اليوم - بصرف النظر عن التفاصيل - سوف يجد أن أهم مصادر التهديد لأمن البشر، وبصرف النظر أيضًا عن جنسياتهم، أو لون بشرتهم، أو انتماءاتهم العرقية أو الثقافية، الحضارية أو الدينية ـ: لم تعد هي الحروب بين الدول وحدها؛ بل إننا لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا إن هذا النوع من الحروب؛ أي الحروب الدولية، لم يعد هو المصدر الرئيس لهذا التهديد؛ فضحايا الحروب الأهلية أو المجاعات، أو تلوث البيئة، أو الأمراض الفتاكة، أو المخدرات، أو الإرهاب، أو الجريمة المنظمة قد أصبحت تماثل - إن لم تكن تفوق - ضحايا الحروب بين الدول.
من ناحية أخرى: لم تصبح الحدود الجغرافية والسياسية بين الدول قادرةً على عزل الشعوب والمجتمعات عن عوامل التأثير الخارجي، أو دفع الأضرار التي قد يتسبب فيها الآخرون؛ أي القادمة من الخارج، مهما كانت ضخامة ما تمتلكه الدول من موارد أو إمكانات؛ فالأضرار التي يمكن أن تنجم عن تآكل طبقة الأوزون، وما قد يترتَّبُ عليه منَ احتمال ارتفاع درجة حرارة الجو، أو عن تَسَرُّب الإشعاع النوويّ، أو عن تلوث مياه الأنهار والمحيطات، أو عنِ انتشار مرض نقص المناعة الطبيعية (الإيدز)، هي أضرار لا يمكن دفعها إلا في إطار عمل جماعيّ دوليّ منسَّق ومنظَّم على مستوى الكون.
من ناحية أخرى: فقد يؤدي انتشار الفقر أو المجاعة في دول العالم الثالث، وما قد ينجم عنه من موجات هجرة ونزوح جماعيّ، وحروب أهليَّة وعدمِ استقرار، إلى ضرب رفاهية واستقرار الدول الغنية أو الديموقراطية في الصميم، وكل ذلك يَدفع - كما قلنا - في اتجاه البحث عن حلول عملية، من خلال أُطُر مُؤَسَّسِيَّة عالمية فعالة، لمواجهة مخاطر وتهديدات متنوّعة المصادر والجذور، ولا تقتصر أبدًا على التهديدات العسكرية وحدها.

هذه الحقيقة تكفي وحدها دليلاً على أنَّ تطوُّر النظام الدولي قد تجاوز - من وجوه عدَّة - مفهومَ "الأمن الجماعيّ" كما عبر عنه الميثاق؛ فالميثاق ركَّز في الواقع صراحةً أو ضِمْنًا على مفهوم التهديد العسكري باعتباره مصدرَ الخطرِ الرئيس، والدليل على ذلك أن الميثاق لم يُخَوِّل مجلس الأمن سُلطة إصدار القرار الملزم إلا في حالة وجود تهديد للسِّلم والأمن الدوليّ، أو  إخلال به، أو وقوع عدوان، صحيحٌ أنه لم يذكر صراحة أن هذا التهديد هو بالضرورة من نوع التهديد العسكري؛ ولكن ذلك مفهوم ضمنًا من نصوص الميثاق، والدليل على ذلك أن الرد الذي سمح به "الميثاق" حين خوَّل لمجلس الأمن صلاحياتِ وسلطاتِ التعامل مع هذا التهديد للسلم، أو الإخلال به، أو وقوع العدوان، هو رد عقابي، ومن طبيعة عسكرية في الأساس؛ لأنه يشتمل على إمكانية فَرْض حَظْر اقتصاديّ أو سياسيّ أو اجتماعيّ جزئي أو شامل، وكذلك على إمكانية استخدام القوة العسكرية؛ لقمع العدوان أو ردعه.

صحيحٌ أن وجود القوة العسكرية على نحوٍ دائم تحت تصرُّف مجلس الأمن، هو مسألة أساسيَّة؛ لأن الاعتقاد بعدم وجود أداة عسكرية تحت تصرُّف المجلس هو نوع من الضعف، الذي قد يُغري أو قد يُشَكِّل أحيانًا دعوة صريحة للعدوانية.
وصحيح أيضًا أن سلطة المجلس الملزمة في فرض العقوبات مطلوبةٌ أيضًا؛ لردع العدوان أو قمعه؛ لكن ذلك كله لم يعد يكفي للتعامل مع الأخطار المحدِقة بالسلم والأمن الدوليَّيْنِ، فعند وجود حالة تلوث بيئي مثلاً، أو مجاعة قد تُعرِّض حياة الملايين لخطر، فليس بوُسع المجلس أن يتخذ قرارًا ملزمًا وقابلاً للتنفيذ لمنع إقامة المفاعلات النووية من طراز معيَّن مثلاً، أو اتخاذ قرار بإسقاط ديون الدول النامية، أو فرض رسوم على الطيران، أو التجارة الدولية، أو لمواجهة كارثة من طبيعة بيئية أو اقتصادية أو اجتماعية، فذلك ليس من صلاحياته أو سلطاته.
إنَّ إحدى المفارقات الرئيسة في فلسفة الميثاق الحالي، وفي البِنية التنظيمية الحالية للأمم المتحدة، منظورًا إليهما من وجهة نظر التحوّلات التي طرأت على النظام الدولي الراهن -: تكمن في أن رؤيته الخاصة للسلم والأمن الدوليينِ قد انتهت به إلى خَلْق سلطة بوليس دولي، بينما التطورات العالمية الراهنة تدفع في اتجاه إيجاد سلطة لإدارة الموارد العالمية.

بعبارة أخرى: فقد أنشأ ميثاق الأمم المتحدة جهازًا هو مجلس الأمن، يبدو بصلاحياته وسلطاته الحالية وكأنه يماثل جهاز وسلطة الشرطة على الصعيد المحلي؛ إذ يبدو مجلس الأمن وكأنه يملك سلطة القبض على الخارجين على القانون ومحاكمتهم؛ ولكنه - على عكس جهاز وسلطة البوليس المحلي - ليس جزءًا من حكومة لها صلاحيات شاملة، ومسؤولة أمام الأجهزة الرقابية السياسية والقضائية، وخاضعة للمحاسبة على أساس القانون، ويبدو واضحًا من "خطة السلام" التي يقترحها الدكتور بطرس غالي أن المحافظة على السلم والأمن الدوليين في ظل التطورات الراهنة، تتطلب جهازًا قادرًا على القيام بوظائف "الدبلوماسية الوقائية"، و"صنع السلم"، و"حفظ السلم"، و"بناء السلم"، وتلك وظائف لا يستطيع أن يقوم بها جهاز شرطة؛ وإنما حكومة عالمية مسؤولة.

إن النشاط الذي ميز عمل مجلس الأمن في السنوات الأخيرة، بعد نهاية الحرب الباردة، والاتجاه نحو التقيد الذاتي لاستخدام حق الفيتو، قد أَدَّيَا إلى قيام المجلس بإصدار عدد كبير جدًّا من القرارات استنادًا إلى الفصل السابع من الميثاق، وفي حالات لم تكن تعتبر – تقليديًّا - من بين مصادر تهديد السلم والأمن الدوليين؛ فحماية حقوق الإنسان، وقوافل الإغاثة، والشرعية الدستورية قد توحي بأن مجلس الأمن لم يعد يعتبر الاعتداءات العسكرية وحدها هي مصادر التهديد للسلم والأمن الدوليين في مفهومه الحالي:

وقد يرى البعض في ذلك توجهًا جديدًا يسير في اتجاه الاستجابة لما تفرضه متطلبات التحوُّل نحو الكونية والتعددية من تغيير؛ لكننا لا نراه كذلك على الإطلاق؛ بل هو اتجاه ينطوي على مخاطرَ جسيمةٍ، إذا استمر العمل في إطار الميثاق والهيكل التنظيمي الحالي للأمم المتحدة، وذلك للأسباب التالية:
أوَّلاً: أنَّ السلطة الضخمة التي تمتع بها مجلس الأمن في ظل الميثاق الحالي، هي سلطة تكاد تكون مطلقة، فضلاً عن أنها سلطة تقديرية، هي سلطة مطلقة لأن مجلس الأمن يملك صلاحيات استخدام القوة على أي نحو يراه، ولأيّ سبب يراه، وفي أي وقت يراه، ما دامت قراراته صادرة بالأغلبية المنصوص عليها في القانون، وهي سلطة ملزِمة لا تملك الدول الأعضاء من الناحية القانونية أن تتحلَّل منها أو تعترض عليها، ويكفي أن يشير المجلس في قراراته إلى أنه يتصرف بموجب الفصل السابع من الميثاق، أيًّا كانت طبيعة هذا التصرف، حتى يصبح هذا التصرف جائزًا وملزمًا، دون أن يكون لأحد حقُّ التعقيب، أو التقويم، أو المحاسبة، أو النقد؛ فلا الجمعية العامة تملك أي سلطة سياسية لمحاسبة المجلس، الذي تحوَّل إلى حكومة فعلية مطلقة، أو إقالته أو سحب الثقة منه؛ كما يحدث في الأنظمة المحلية الديمقراطية، ولا محكمة العدل الدولية تملك صلاحية النظر في مدى دستورية القرارات الصادرة عن المجلس، وبالتالي لا تملك حق أو سلطة الرقابة القضائية في مواجهته.

ثانيًا: أن مجلس الأمن بتشكيله الحاليّ لا يمثل إرادة المجتمع الدوليّ، أو يعبر عن خريطة القوى العالمية والإقليمية في النظام الدوليّ الراهن، وربما كان هناك ما يبرر أن تقتصر العضوية الدائمة على خمس دول محددة بالاسم خلال السنوات الأولى لنشأة الأمم المتحدة، باعتبار أن هذه الدول هي الكبرى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، أو حتى خلال مرحلة الحرب الباردة كلها، على أساس أن وجود القوتين المتصارعتين معًا داخل المجلس يَكفل توازنًا يكفي للتغطية على عيوب التشكيل في حد ذاته.
أما الآن: فلم يعد هناك أيّ مبرر لأنْ يستمرَّ التشكيل على هذا النحو؛ فالدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية تحولت إلى دول منتصرة في الحرب الباردة، وبعض الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية هُزِمت في الحرب الباردة، والمفروض أن يعكس تشكيل مجلس الأمن في نظام دولي كوني منطق التمثيل العادل وَفْقًا لاعتبارات الوظيفة، أو "الديمقراطية" أو "الإقليمية"، وليس منطق الاعتبارات الخاصة بالقوة أو الفرز على أساس المنتصرين والمهزومين في الحرب.

وتكفي نظرة واحدة على التشكيل الحالي للمجلس لكي نخلص إلى أن التشكيل الحالي للدول دائمة العضوية لا يقوم على أي أساس من "الوظيفة"، أو "الديموقراطية"، أو "الإقليمية"، ففي نظام دولي تُحرِّكه قُوى الاقتصاد، والعلم والتكنولوجيا بأكبرَ بكثير مما تحركه قوة السلاح، يَصعب قبول مجلس أمن لا تحتل فيه ألمانيا واليابان مقاعد دائمة العضوية، وفي نظام دولي يضم في إطاره جميع دول العالم من القارات الخمس، يصعب قبول مجلس أمن تحتل فيه القوى الغربية (الأورو – أمريكية) أربعة أخماس المقاعد الدائمة، ولا تمثل فيه على الإطلاق قارتا إفريقيا وأمريكا اللاتينية بأي مقاعد دائمة.
نحن إذن أمام نظام دولي تديره حكومة أقلية تتمتع بسلطات مطلقة، وربما كان من الممكن قبول هذه الحكومة، حتى ولو كانت حكومة أقلية أو حكومة ديكتاتورية، لو أنها كانت تملك صلاحيات الحكومة فعلاً؛ أي تدير العالم أمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا... إلخ، لكنها ليست كذلك؛ لأن مجلس الأمن هو جهاز بوليس، وليس حكومة؛ وبالتالي فإن سلطاته الديكتاتورية يمكن أن يُساء استعمالها تمامًا؛ كما هو الحال في أنظمة القمع البوليسية.

في هذا السياق، وفي ضوء تجارِب الحِلْف المقدس، أو الوفاق الأوروبي، أو عُصبة الأمم، أو الأمم المتحدة قبل وبعد انتهاء الحرب الباردة، فإننا نعتقد أن نظام الأمن الجماعي غير قابل للعمل كنظام فعَّال إلا إذا تم تصميمه في سياق الفصل الكامل بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، والتوازن والرقابة المتبادلة بين هذه السلطات الثلاث، وإذا أُرِيدَ لسلطة تنفيذية في إطار نظام فعال للأمن الجماعي أن تقوم بوظائف الديبلوماسية الوقائية، وبناء السلم، بالإضافة إلى الوظائف التقليدية لحفظ وصنع السلم؛ فإنَّه يتعيَّن في هذه الحالة أن يصبح لمجلس الأمن اختصاصات ملزمة متساوية، ليس فقط في مجال قمع أو ردّ العدوان؛ وإنَّما أيضًا في مجال مواجهة كُلّ مصادر التهديد الأخرى للسلم والأمن الدوليَّين في عالمنا المعاصر، وعلى هذا الأساس نتصوَّر أنَّ الوقت قد حان لإقامة هيكل تنظيمي جديد للأمم المتحدة، يضَعُ اللَّبنات الأولى لشكل جنيني من أشكال تنظيم المجتمع الكوني، على أساس الفصل بين السلطات الثلاث، وعلى النحو المقترح التالي:

أولا: السلطة التنفيذية:

1 – نقترح أن يتحول مجلس الأمن إلى مجلس تنفيذي للأمم المتحدة، يتمتع بالسلطات والصلاحيات اللازمة لتمكينه من اتخاذ القرارات التنفيذية في كافة مجالات "الديبلوماسية الوقائية"، أو "صنع" أو "حفظ" أو "بناء" السلم، وهو ما يعني أن تكون له نفس الصلاحيات، ليس فقط في مجال قَمْع العدوان، وإنما أيضًا في مجالات حماية البيئة، أو معالجة الفقر، أو حماية حقوق الإنسان... إلخ، على أن يُشكَّل هذا المجلس من 25 – 30 مقعدًا، وتشغل دول دائمة العضوية نصف مقاعد هذا المجلس، يتم تحديدها على أساس مجموعة من المعايير تأخذ في اعتبارها مجمل عناصر القوة الشاملة: من عسكرية، واقتصادية، وديموغرافية... إلخ، وتضمن تمثيلاً متوازنًا للمجتمع الدولي بأقاليمه الجغرافية، وثقافاته وحضاراته الرئيسة، أما النصف الآخر فتشغله دول غير دائمة العضوية، يتم انتخابها دوريًّا من جانب الجمعية العامة وَفقًا لنفس النظام المعمول به حاليًّا في شَغْل مقاعد العضوية غير الدائمة بالمجلس.
وسوف يكون من الملائم جدًّا أن يجتمع هذا المجلس التنفيذي مرة واحدة على الأقل سنويًّا على مستوى القمة، ومرة كلّ ثلاثة أشهُر على الأقل على مستوى وزراء الخارجية، أو وزراء الاقتصاد والمالية، أو البيئية حسب طبيعة القضية المطروحة للنقاش.

2 – نقترح أيضًا أن ينبثق عن هذا المجلس التنفيذي أربعُ لجان، أو مجالسَ نوعيةٍ: "مجلس أمن" تكون مهمته متابعة وإدارة المسائل المتعلقة بتسوية المنازعات أو حَلِّها، ومجلس لشؤون التنمية المستدامة، تكون مهمته متابعة وإدارة قضايا البيئة والتنمية، والمعونة الفنية إلخ، ومجلس لشؤون حقوق الإنسان، والمساعدات الإنسانية، (وتوطين اللاجئين في حالات الكوارث الطبيعية، أو الحروب الأهلية، أو الدولية... إلخ).
وحتى لا تبدو هذه المقترحات وكأنها تحلق في عالم الخيال المطلق، وترفضها الدول الكبرى والغنية رفضًا مطلقًا، نقترح أن نتخذ القرارات على أساس نظام التصويت الترجيحيّ، مع إلغاء حق النقض، بحيث يضمن هذا النظام الحيلولة دون سيطرة أي مجموعة إقليمية أو سياسية على المجلس، وكذلك الحيلولة دون تمكين أيّ مجموعة منفردة من عرقلة صدور القرارات عن المجلس.


ثانيًا: السلطة التشريعية:

وتقوم بها الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتبارها الفرع العام الذي تمثل فيه كافة الدول الأعضاء، ولتمكين الجمعية من أن تلعب دورها التشريعي على نحو فعَّال، يتعين عليها أن تقتصر على وضع الخطوط العريضة للسياسات والتوجهات العامة في كافة المجالات، دون الدخول في التفاصيل، وإقرار مشروع البرنامج والميزانيَّة المقترح من جانب الأمانة العامة، بعد قراءته وإقراره مَبْدَئِيًّا من جانب المَجْلِس التنفيذي، ومراجعة أعمال المجلس التنفيذي، وتقويم أدائه، وإصدار التَّوْصِيات والملاحظات على التقارير التفصيليَّة، التي يتعيَّن عليه أن يقدمها دوريًّا للجمعية.

ولتجنُّب أيّ احتِمالٍ للتَّصادُمِ في المواقف بين الجمعية والمجلس ـ: يمكن وضع عدد من الضوابط والآليَّات لتنظيم العلاقة بينهما على نحْوٍ يضمن عدم تعدّي كل منهما على سلطة الآخر، بحيث يصبح للجمعية حقّ الإشراف والتوجيه، ويصبح لِلمجلس سلطة القرار والتنفيذ، وقد تتضمَّن هذه الضوابط والآليات اشتراط حصول القرارات التي قد تضع الجمعية في مواجهة مع المجلس على أغلبية خاصة، ومن خلال نظام خاص للتصويت المرجح يمكن الاتفاق عليه، حتى لا تتعرض الجمعية لهزات نتيجة لاحتمالات الانقسام الحادّ بين أغلبية عدديَّة، لا تملك عناصر القوة الضرورية لضمان فاعلية الأمم المتحدة، وبين أقليَّة يعتبر وجودها ضمانًا لتمكين الأمم المتحدة من العمل بفاعلية؛ ولكن يتعين الحيلولة دون احتكارها، أو سيطرتها المنفردة على سلطة الأمم المتحدة.
غير أن فُرَصَ نجاح نظام يقوم على مثل هذه التوازنات الدقيقة تبدو ضئيلة ما لم يتم الاتفاق مسبقًا وعن طريق القبول العام على نظام جديد لتمويل الأمم المتحدة، يحمي المنظمة ويجعلها بمنأًى عنِ احتمالات تُعَرِّضُها للابتزاز والضغوط من جانب الدول، التي تساهم بنصيب كبير في الميزانية، وسوف نشير إلى بعض ملامح هذا النظام التمويلي فيما بعد.


ثالثًا: السلطة القضائية:

ويتعيَّن أن تمارسها محكمة العدل الدولية، ويعتبر التشكيل الحالي للمحكمة، وكذلك وظائفها التي تحددها لائحتها الأساسية ملائمين، لكن الأمر قد يتطلب إعادة صياغة اللائحة الأساسية للمحكمة، بحيث يصبح الاختصاص القضائي للمحكمة إلزاميًّا، أو على الأقل توسيع نطاق هذا الاختصاص القضائي إلى أوسع حد ممكن، بحيث يشتمل على أكبر قدر من الحالات، وعلى النحو الذي يمكِّن الدول المختلفة من اللجوء بيسر وسهولة إلى جهاز قضائي دائم وثابت.
وكان الدكتور غالي قد أوصى في "خطة السلام" بأن تُقِرَّ جميع الدول الأعضاء بالولاية العامة للمحكمة الدولية، قبل انتهاء عقد الأمم المتحدة الحالي للقانون الدولي سنة 2000 "كما اقترح بالنسبة للحالات التي تحول فيها الهياكل المحلية دون قبول الاختصاص العام للمحكمة، أن تتفق الدول بصورة ثنائية أو متعددة الأطراف على قائمة شاملة بالمسائل التي ترغب في عرضها على المحكمة، وعلى ولاية المحكمة، فيما يتعلق بأحكام تسوية المنازعات الواردة في المعاهدات المتعددة الأطراف":

وهذا اقتراح ملائم تمامًا؛ لكنه قد لا يكون كافيًا لتحويل المحكمة إلى سلطة قضائية فعَّالة في مجتمع دولي منظم, ومن ثم يتعين أن تضاف إلى هذه المقترحات مقترحات أخرى، تتعلَّق بتطوير الوظيفة الإفتائية للمحكمة من ناحية، وتخويل المحكمة من ناحية أخرى سلطة الرقابة الدستورية على القرارات الصادرة عن الأجهزة المختلفة للأمم المتحدة، بما فيها المجلس التنفيذي.
وفيما يتعلق بتطوير الوظيفة الإفتائية، يقترح بعض الباحثين تمكين كل من الأمين العامِّ والمنظمات والأجهزة الدولية الأخرى؛ بل والدول نفسها، سلطة استفتاء المحكمة كمدخل لتطور اختصاصها الإفتائي.

وبصرف النظر عن اعتقادنا بأن مثل هذه المقترحات قد تنطوي على بعض المخاوف والمحاذير، إلا أننا نتفق تمامًا مع الآراء المطالبة بضرورة تطوير الوظيفة الإفتائية للمحكمة، وتوسيع نطاقها إلى أقصى حدٍّ ممكنٍ؛ نظرًا لأهميتها البالغة في تطوير قواعد القانون الدولي، وتحديد مضمون هذه القواعد بدقة.
أما بالنسبة للبُعد الخاص بضرورة مَنْح المحكمة سلطةَ الرقابة على دستورية القرارات الصادرة عن الأفرع الرئيسة للأمم المتحدة، فإن الذي دعا إلى ذلك، وأضفى عليه صيغة عاجلة ومُلِحَّةً هو ما أثارته العديد من قرارات المجلس الصادرة خلال العامين الأخيرين من تحفظات ومشكلات قانونية ودستورية، فعلى الرغم من أن البعض يعتقد أن ممارسات مجلس الأمن في الآونة الأخيرة، التي لا يتفق بعضها، أو يتطابق مع التفسير السليم للميثاق، تعتبر تطويرًا أو تعديلاً عرفيًّا له، إلا أن أصحاب هذا الرأي يعتقدون مع ذلك أن هذا التعديل أو التطوير العرفي "قد أدى إلى انهيار ضوابط الشرعية الدستورية الدولية، الواردة في ميثاق الأمم المتحدة في مجال تدابير الأمن الجماعي الدولي، سواء تعلقت هذه الضوابط بالناحية الموضوعية، أو بالناحية الإجرائية، وأصبحت الشرعية الدولية غير واضحة الحدود والمعالم والضوابط"، ومن أجل وقف هذا الانهيار، وإعادة الاعتبار إلى الشرعية الدولية، وضرورات احترام الميثاق نصًّا وروحًا؛ يطالب الكثيرون بإلحاح الآن بأن "يخضع مجلس الأمن لنوع من الرقابة؛ لضمان مشروعية أعماله وفقًا لنصوص الميثاق، وقواعد القانون الدولي، ومبادئ العدالة".

ومنَ الواضح أنَّ إعادة تنظيم السلطات في الأمم المتحدة لكي تتضمن تحديدًا وفصلاً ورقابة متبادلة بين ما هو تشريعي وما هو تنفيذي، وما هو قضائي، تستوجب إدخال تعديلات جوهريَّة على ميثاق الأمم المتَّحدة، والواقع أنَّ القضيَّة الرئيسة لم تعد الآن هي ما إذا كان تعديل الميثاق أمرًا مرغوبًا فيه أم لا؛ لأنَّ هناك ما يُشْبِهُ الإجماع الآن على أنَّ هذا التعديل بات حتميًّا، على الأقلّ بالنسبة للجزئية الخاصة بتوسيع قاعدة العضوية في مجلس الأمن، لكن المشكلة الأساسية تكمن الآن فيما إذا كان المجتمع الدولي قد وصل إلى درجة النضج الكافي؛ لإقناعه بالإقدام على تعديل جذري على هذا النحو المقترح.

وفي تقديري أن هناك معيارَيْنِ يَصلُحان لاختبار مدى توافر النضج الدولي اللازم للتحرك بفاعلية نحو مجتمع دولي أكثر تنظيمًا وقدرة على وضع نواة لسلطة مؤسَّسِيَّة، مهما كانت متواضعة الصلاحيات، ولكنَّها سُلطة تتضمَّن فصلاً واضحًا، ورقابة متبادلة بين الجانب التنفيذيّ والتشريعيّ والقضائيّ فيها، وهذانِ المعياران هما:

1 ـ مدى استعداد المجتمع الدولي لوضع الترتيبات المنصوص عليها في المادة 43، والخاصة بإنشاء جيش دولي على نحو دائم وثابت، وذلك لا يقتضي تعديلاً في الميثاق، وإنما هو التزام قائم وموجود في الميثاق الحالي.

2 – مدى استعداد المجتمع الدولي لتزويد الأمم المتحدة بنظام مستقل لتمويل نفقاتها، يعتمد بالإضافة إلى الحِصَص الإلزامية على الدول أو المساهمات التطوعية، على فرض ضرائب أو رسوم على بعض المعاملات، أو الخدمات الدولية مثل: الطيران الدولي، مبيعات الأسلحة، العبور في الممرات والأنهار الدولية... إلخ.

وهناك من الباحثين الغَرْبِيِّين من يرى أنَّ مشكلات التخلف قد وصلت في الدول النامية حدًّا يهدد استقرار السِّلْم والأمن الدوليَّيْنِ على نحوٍ خطير، وهو ما أوجب التصدي بشكل فوري لمعالجته، ولذلك يقترح كل من دورفيل وناجمان على سبيل المثال، أنه يتعين أن تضع الدول تحت تصرف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة مواردَ لا تقل عن 2% من الدخل القومي الإجمالي في العالم، فإذا ما قبلت الدول من حيث المبدأ وضْع هذه النسبة تحت تصرف الأمم المتحدة؛ فإن ذلك يعني حصيلة سنوية تقدر بحوالي 440 بليون دولار، وهو مبلغ ضروري جدًّا لحقن اقتصاديات الدول النامية - ومن خلالها الاقتصاد العالمي كله - بجرعة كافية للشفاء من أمراض التخلف، والوقاية من خطره أيضًا.

ويرى هذان الباحثان أنه من الممكن الحصولُ على هذا المبلغ الضخم عن طريق وسائل عديدة، من أهمها: فرض رسوم على رحلات الطيران والاتصالات، وخدمات البريد الدولية، وعلى بعض أنواع المبادلات، والتجارة الدولية،  والمعاملات المالية الدولية.... إلخ.
وفي تقديري أن تبلور اتفاق دولي حول وضع المادة 43 موضع التنفيذ، وتمويل ميزانية الأمم المتحدة بوسائل من بينها الضرائب أو الرسوم المباشرة، وفي حدود تعادل 2% من الدخل الإجمالي لكل الدول، سوف يحيل كل القضايا الأخرى إلى مسائل فنية، يسهل إيجاد حلول علمية لها.


المبحث الثاني: عن الواقع
لا يكفي توافر شروط موضوعية، تدفع في اتجاه التجديد الكامل للمفاهيم، والآليات الخاصة بنظام الأمم المتحدة في مجال السلم والأمن الدولِيَّيْنِ لكي يصبح هذا التجديد ممكنًا؛ بل لا بد أن تتوافر إلى جانب ذلك شروط ذاتية، كافية لنقل عملية التجديد هذه من نطاق الحلم إلى أرض الواقع.
ونقصد بالشروط الذاتية تلك التي تتعلق بإدراك صناع القرار، والنُّخَب الحاكمة، وقادة الفكر، والرأي العام، ومدى اقتناعِهِم بضرورات هذا التجديد، واستعدادهم للعمل من أجل تحقيقه، أو تحمل ما قد يترتب عليه من أعباء وتضحيات.

لكن نظرة موضوعية فاحصة لما يجري على الساحة الدولية، تشير إلى أن المجتمع الدولي لا يبدو ناضجًا بَعْدُ للشروع في تشكيل جيش دولي، وفاءً بالالتزامات المنصوص عليها في المادة: 43 من الميثاق، أو لضَخِّ مواردَ ماليةٍ كبيرة في شرايين اقتصاديات الدول النامية، من خلال مشروع جماعي متعدد الأطراف من أجل التنمية، وشواهِدُنا على ضآلة احتمال التحرك الجِدِّيّ نحو تخطيط وتنفيذ مشروع جماعيّ لمكافحة الفقر كمصدر لتهديد الأمن، ما يلي:
1- أن الدول الغنيَّة والمتقدِّمة لا تنظر في الواقع إلى الأمم المتحدة باعتبارها المنبرَ الأصلح، أو الإطار المؤسَّسِيَّ المناسبَ لحل المشكلات الاقتصادية الدولية، وهي تُفَضِّل العمل من خلال مؤسسات بريتون وودز (الصندوق والبنك)، ومن خلال اتفاقية الجات، ومنظمة التجارة الدولية، وفي غياب تكتل دولي قادر وفعال من جانب دول العالم الثالث، لا تجد الدول المتقدمة نفسها مضطرةً أو راغبةً في أن تنقل ساحة المفاوضات حول أولويات النظام الدولي، والشروط الأفضل لتحقيق تنمية مستدامة إلى ساحة الأمم المتحدة.

2 – أن ظاهرة التكتلات الإقليمية التي برزت مزاياها النسبية، خاصةً بعد نجاح تجربة التكامل الأوروبي، بدأت تأخذ أبعادًا جديدة وخطيرة، خصوصًا بعد قيام منظمتي "النافتا" و"الآسيان"، مما يوحي بأن جهد الدول المتقدمة مركَّز على التكتل الاقتصادي الإقليمي، وليس معالجة المشكلات والمخاطر الدولية على الصعيد العالمي.

3 – ما تزال الدول المتقدمة تُفضِّل صيغةَ المساعدات الثنائية - والتي عادة ما تكون مصحوبة بشروط سياسية مصممة لتحقيق المصالح الخاصة بهذه الدول - على صيغة المساعدات الجماعية التي تُفقِد الدولَ المانحة أيَّ قدرة لها على توجيهها، وتُرَكِّز الدول المتقدمة الآن على تقديم مساعداتها إلى مناطق مختارة، أهمها جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وخصوصًا الجمهوريات التي لديها قدرات نووية؛ لاحتواء خطرها، واستيعابها لاحقًا في منظومة الدول المتقدمة والليبرالية.

4 – تسود الاقتصادَ العالمي حاليًّا موجةٌ من الكساد، تجعل التركيز الأساسي لكل دولة مُنْصَبًّا على قضاياها ومشكلاتها الداخلية، وفي مقدمتها قضايا ومشكلات البطالة والتضخم، والمخدرات، وتَفَشِّي الجريمة المنظَّمة... إلخ، يضاف إلى ذلك أن بعض الدول المتقدمة مشغولةٌ بقضايا ظرفية أو مزمنة، تدفعها في اتجاه الانكفاء على نفسها، وعدم التفكير مؤقتًا على الأقل في مشكلات الآخرين؛ فألمانيا تكاد تكون مستغرَقة بالكامل في محاولة احتواء الآثار الاقتصادية السلبية، الناجمة عن عملية دمج ألمانيا الشرقية، واستيعاب دول شرق ووسط أوروبا في الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة تكاد تكون مستغرَقة بالكامل لإيجاد حل للمشكلات المزمنة في ميزان مدفوعاتها، وتجارتها مع العالم الخارجي، خاصة مع اليابان، وتُرَكِّز اهتمامها في الأمور الاقتصادية على كل ما من شأنه أن يخفِّف فقط من حِدَّة هذه المشكلات، دون التأثير على مكانتها أو وزنها الاستراتيجي في العالم.
وفي هذا السياق يصعب توافُرُ ظروف محلية داخل الدول المتقدمة، تجعلها راغبة أو قادرة على اتخاذ قرارات صعبة من قبيل الموافقة على تخصيص جانب أكبر مِن دخْلها لمساعدات خارجية، تُقدَّم من خلال الأمم المتحدة، أو القَبول بتخويل هذه الأخيرة صلاحيةَ فَرْض رسوم مباشرة على بعض أوجُه النشاط الدولي، أو حتى السماح للأمم المتحدة بأن تتحول إلى ساحة للتفاوض حول أولويات النظام الاقتصادي العالمي.

أما على صعيد القضايا الأمنية والسياسية المباشرة، فإن الوضع الدولي لا يفصح بدوره عن أيّ شواهدَ على تزايُد اهتمام المجتمع الدولي بالأمم المتحدة؛ كإطار مناسب لتسوية أو حل كل الأزمات الدولية، أو لمعاقبة كافة الخارجين على القانون الدولي والشرعية الدولية؛ ودليلنا على ذلك ما يلي:
1 – في مجال التسوية السِّلْمِيَّة للمنازعات: يلاحظ أنه على الرغم من الازدياد الملحوظ والمطَّرد في نشاط الأمم المتحدة، وتدخِّلها المتزايدِ في الشؤون الداخلية للعديد من الدول من خلال مبررات تتعلق بالإرهاب الدولي، أو حماية حقوق الإنسان، أو دعم الشرعية الدستورية، والتعددية السياسية.... إلخ ـ: إلا أن هناك العديدَ من الأزمات الحادَّة التي لا يراد للأمم المتحدة أن تتدخل بشأنها على الإطلاق، ومن أمثلة ذلك القضايا المتعلقة بالصراع العربي – الإسرائيلي.

2 – في مجال حفظ السِّلْم: نلاحظ أن بعض الدول الكبرى ما زالت عازفةً عن المشاركة في أي عمليات لحفظ السلم؛ فالصين لم تشارك حتى الآن بأيّ قوات، وكذلك فإن روسيا الاتحاديةَ تتعامل مع هذه المسألة بحَذَر شديد، يضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة رغم تَحَمُّسِها للمشاركة أحيانًا في بعض عمليات حفظ السلم، إلا أنَّها تَرْفُض رفْضًا قاطِعًا وضع قُوَّاتها لِلْمُشاركة في عمليات الأمم المتحدة تحت أيِّ قيادة غير أمريكية، وهي إمَّا أن ترفض رفضًا تامًّا إرسال أي قوات إلى مسرح الأزمة، كما في حالة أزمة البوسنة والهرسك، وإما أن تشارك من خلال عملية خاصَّة ترتبط بالأمم المتحدة رمزيًّا؛ ولكنها تخضع لإدارتها الكاملة، كما حدث في الصومال عندما قادَتِ الولايات المتحدة تحالُفًا دوليًّا في إطار قوة العمل الموحدة UNITAF     للتدخل هناك، كمقدمة لتمكين الأمم المتحدة من التدخل فيما بعد، وفي أحيان كثيرة قامت الدول الكبرى باتخاذ قرارات بسحب قوَّاتها المشارِكة في عمليات حفظ السلام، دون تشاور مسبق مع الأمين العام... إلخ.

3 – في مجال نزع السلاح وخاصة أسلحة الدمار الشامل: يلاحظ اهتمام الدول الغربية الشديد، خاصَّة الولايات المتحدة الأمريكية، بموضوع تدمير هذه الأسلحة؛ ولكن بشكل انتقائي، وخارج إطار المؤسسات المَعْنِيَّة في الأمم المتحدة، يدل على ذلك موقف الولايات المتحدة من العراق، ومن كوريا الشمالية، ومن مساعداتها السخية لدول وسط آسيا؛ للتخلص من أسلحتها النووية... إلخ، لكنها لا تحرك ساكنًا لحمل إسرائيل على التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

4 – لم ترحّب معظم الدول، وخاصة الدول الكبرى، أو تتحمس كثيرًا لاقتراح الدكتور غالي بالدخول فورًا في مفاوضات لوضع الترتيبات المنصوص عليها في المادة 43 موضع التنفيذ، أو اتخاذ أي خطوات عملية للاستجابة لاقتراحه الخاصّ بتشكيل وحدات إنفاذ السلم، أو حتى بإبداء الاستعداد للالتزام مسبقًا بحجم معين من القوات التي تعلن عن رغبتها للمشاركها بها في عمليات حفظ السلام.
هذه الشواهد كلها وغيرها تؤكد أن المجتمع الدولي عامة، والدول الكبرى على وجه الخصوص، لم يبدأ بعد في اتخاذ أيّ خُطوة ملموسة على طريق التحرك الفعَّال في اتجاه تطوير نظام الأمن الجماعي، والواقع أنه ليس أمام المجتمع الدولي سوى أن يختار من بين بدائلَ ثلاثةٍ:

الأول: القيام بعملية تجديد شامل لهذا النظام، في سياق عملية إصلاح جَذْرِيٍّ لكل هياكلِ وآلياتِ صُنْعِ القرار في الأمم المتحدة.
الثاني: ترك الأمور على ما هي عليه دون تبديل.
الثالث: إدخال تعديلات على الشكل والمظهر الخارجي، دون مَساس بمضمون النظام القائم حاليًّا.

أما البديل الأول: فيبدو مستبعَدًا في الوقت الراهن بسبب عدم توافر الإرادة السياسية لدى الدول الكبرى لإحداث نَقْلَةٍ نوعيَّةٍ في أساليب عمل الأمم المتحدة، ولأن سياق تطور الأحداث الدوليَّة لا يوحي بوجود أيّ عنصر ضاغطٍ في هذا الاتجاه، ذلك أنَّ الإصلاح الجَذْرِيَّ لمؤسَّسات الأُمَم المتَّحدة معناه ببساطة، وفي التحليل النهائي: القَبول بإدارة جماعية مشتركة للنظام العالمي، وشرط توافر هذا القبول غير قائم، فلكي تقبل الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بأن يشاركها أحد في إدارة العالم، وَفْقًا لقواعدَ معروفةٍ سَلَفًا وملزِمة، ومؤسسات واضحة المعالم، يتعيَّن توافُر قَدْر معقول من توازن القُوى، وهي سِمة تبدو غائبة في تلك المرحلة الانتقاليَّة من مراحِل تطوّر النّظام الدولي؛ فهُناك خلل واضح في موازين القوة في النظام الدولي لصالح الولايات المتحدة، وليس من المفيد أو الملائم هنا بحث ما إذا كانت الولايات المتحدة تملك أو لا تملك مقومات الهيمنة المنفردة على العالم؛ لكن الأهمَّ من ذلك أنها تتصرف وكأنها يجب أن تكون القائدَ الفعليَّ لهذا النظام، دون أن تكون على استعداد لتحمل تبعات هذه القيادة، وهذا التوجُّه لا يساعد بالضرورة على تقوية ودعم مؤسسات السلطة الجماعية المشتركة، مُمَثَّلَةً في مؤسسات الأمم المتحدة، فحين تكون الدولة قادرة أو مرشحة لقيادة العالم فإنها لا تهتم عادة بتطوير المؤسسات التي تتيح للآخرين حُقوقًا لمزاحمتها، أو مشاركتها في هذه القيادة؛ وهذا يفسر تفضيل الولايات المتحدة استخدامَ مَعُونَاتِها الخارجيةِ في سياق علاقاتٍ ثنائية، تتحكَّمُ هي في مسارها وفي توجيهها، وكذلك استخدام قواتها المسلحة للتدخل فقط في الأزمات التي تمسُّ مصالحها الاستراتيجية الحيوية، بدلاً من وضعها تحت تصرف إدارة جماعية، قد لا يصبح بمقدورها أن تسيطر على آلياتها، أو تستخدمها بنفس القدر من الحرية.

البديل الثاني: وهو تَرْك الأمور على ما هي عليه يبدو مستبعدًا هو الآخر، ففي تقديري أن المجتمع الدولي لم يَعد يملك مثل هذا التصرف لأسباب عديدة؛ فقد فَجَّرَ الدور الذي لعبته الأمم المتحدة في أزمة الخليج آمالاً وطموحاتٍ ضخمةً في البداية، ولا شك أن تقييم الدور الحالي للأمم المتحدة بالقياس إلى ما حدث في الخليج يُلقي بأحمال وتَبِعات ثقيلة على عاتق التحالف الدولي، الذي أدار أزمة الخليج لكي يُحَسِّنَ من الصورة الحالية للأمم المتحدة.
من ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة ترغب - لأسباب سياسية واقتصادية أيضًا - في إفساح الطريق أمام كلٍّ من اليابان وألمانيا للحصول على مقاعد دائمة في مجلس الأمن، فلم يَعُد بمقدور الولايات المتحدة أن تَقْمَعَ - إلى الأبد - الطموحاتِ السياسيةَ المشروعةَ لأكثر دول المجتمع الدولي ديناميكيةً وكفاءةً من الناحية الاقتصادية، وهي بالإضافة إلى ذلك ترغب في أن يتحمَّل غيرها جانبًا من الأعباء المالية التي تتزايد باطراد؛ بسبب التوسُّع الكبير في عمليات حفظ السلم، التي تَجِدُ الأممُ المتحدة نفسها مضطرة للقيام بها في مناطق كثيرة في العالم؛ لكن ذلك سوف يستدعي بالضرورة إدخالَ تعديل صريح على نصوص الميثاق، وهي مسألة حسَّاسة؛ فسوف يصبح من الصعب جدًّا - في ظل الظروف الدولية السائدة حاليًّا - إقناعُ العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بضرورة تعديل ميثاق الأمم المتحدة، لمجرد ضمّ كل من ألمانيا واليابان فقط إلى عضوية مجلس الأمن الدائمة، ولذلك فمن الأرجح ألا تتمكَّن ألمانيا واليابان منِ احتلال مقعدين دائمين في مجلس الأمن إلا في إطار عملية تعديل أوسع من ذلك لقاعدة العضوية في المجلس، وتوسيع قاعدة العضوية قد يفتح الباب أمام محاولات إدخال تعديلات أخرى أكثر جوهرية على الميثاق.

فإذا كان المُناخ الدوليّ السائد في النظام الدولي حاليًّا لا يشجع على إحداث نَقْلة كبرى في آليات وأساليب عمل الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه لا يسمح باستمرار الوضع الحالي على ما هو عليه الآن؛ بسبب ما قد يتولد عن ذلك من شعور بالإحباط المشحون بأوخم العواقب؛ فلم يتبقَ إذًا سوى البديل الثالث، وهو الأرجح؛ لذلك أتوقع أن تتم خلال السنوات القليلة المقبلة محاولة لإدخال بعض التعديلات على هياكل وآليات صُنع القرار في الأمم المتحدة، توحي بأن شيئًا ما يتحرك نحو الأفضل؛ ولكن ليس بالضرورة بالقَدْر أو في الاتجاه الذي يطمح إليه هؤلاء الذين يرغبون في إصلاح جَذْرِيٍّ، ومن المحتمل أن تَشْتَمِل هذه التعديلات على توسيع قاعدةِ العضوية في مجلس الأمن، وإعادة هَيْكَلَةِ أجهزة صنع القرار في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وأعادة تنظيم السكرتارية، وربما إشراك المنظمات الإقليمية بدور أكبر في تحمُّل أعباء عمليات حفظ السلم والأمن الدوليينِ، لكننا لا نتوقع أن يؤدي هذا التغيير إلى نقلة موضوعية أو جوهرية في طبيعة الأمم المتحدة، والارتقاء بها؛ كسلطة لإدارة المجتمع الدولي.

والواقع أنَّ الدول الكبرى تفضل أن تُبْقِيَ على الأمم المتحدة كقاطرة جاهزة، ومستعدة للحركة، بحيث تستطيع أن تبدأ الحركة حين تقدم لها هي ما تحتاجه من هذا الوقود، وما يكفي منه لقطع المسافة المطلوبة فقط لا غير.
بعبارة أخرى: يبدو من الواضح أن الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، تفضل أن تتعامل الأمم المتحدة مع كل أزمة، وكل حالة على حدة؛ حتى تصبح حرة طليقة في اختيار الأدوات والأساليب التي تتناسب ومقتضيات ظروفها، ومصالحها المتغيرة.
أما دول العالم الثالث: فلا يبدو أنَّ لها استراتيجية خاصة مقبولة ومتفق عليها من جانب كل الأعضاء في الحركة لتطوير الأمم المتحدة، ولا شك أنها سوف تتصارع فيما بينها على المقاعد الدائمة، التي قد تخصَّص لزيادة تمثيل إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في مجلس الأمن.

وعلى أي حال: فسوف يَظل أيّ تطوير فِعْلي للأمم المتحدة - بصرف النظر عن نطاقه - مرهونًا بإرادة الدول الخمس دائمةِ العضوية وحدها؛ ذلك أنه يتحتم قيام هذه الدول مجتمعةً بالتصديق على أيّ تعديل يتم إدخاله على الميثاق؛ لكي يصبح هذا التعديل نافذًا، ومعنى ذلك ببساطة ووضوح شديدينِ: أن أي دولة دائمة العضوية سوف يكون بمقدورها أن تَحُول دون إدخال أيّ تعديل على الميثاق لا ترضى هي عنه، وهذا الوضع يَحُدُّ كثيرًا من نطاق واحتمالات التغيير.

وللأسف فإن الدرس المستخلَص من تطوُّر التنظيم الدولي يشير إلى أن أوقات الحروب الكبرى وحدها هي التي تتيح أمام المبدعين من القادة والمفكرين الفرصة لكي يَمضوا قُدُمًا على طريق وضع أفكارهم الجريئة موضعَ التطبيق، لكن ما أن يتم ذلك حتى تبدأ مشكلات الواقع في الالتفاف حول عنق التجديد.
هكذا كان حُلم عصبة الأمم ممكنًا فقط بعد الحرب العالمية الأولى، وكان حُلم الأمم المتحدة ممكنًا فقط بعد الحرب العالمية الثانية، فهل يحتاج العالم إلى حرب عالمية ثالثة؛ لكي يحاول بناء منظمة حقيقية لإدارة شؤون الكون؟!:
المشكلة أن الحرب العالميَّة الثالثة إذا ما قامت، فلن تترك عالَمًا قابلاً للتنظيم، ومن ثَمَّ فإنَّه يتعيَّن على قادة الفِكر وصُنَّاع القرار في العالم أن يتعلَّموا كيف يحلُمون، ويحوِّلون أحلامهم إلى واقع في زمن السِّلْم.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • توطيد الأسلمة في أوساط معلمنة: المستقبل مجال الفعل

مختارات من الشبكة

  • رؤية الهلال في كل بلد وتحديد المسافة بين البلدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراكز الرؤية بين التحديات والطموح: دراسة حق الرؤية من قانون الأحوال الشخصية بدولة الكويت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نزهة الرؤى في علم الرؤى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة شرح حديث صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (نسخة ثانية)(مخطوط - ملفات خاصة)
  • مخطوطة شرح حديث صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته(مخطوط - ملفات خاصة)
  • معبر الرؤى الشيخ وليد الصالح في محاضرة بعنوان ( الرؤى بين الإفراط والتفريط )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • القضية الفلسطينية بين الرؤية الدينية والرؤية القومية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وقفات رمضانية (6) الموسم الرابع(مقالة - ملفات خاصة)
  • استشراف مستقبل الإشراف التربوي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التمكين لمستقبل أفضل ومساند للمتقاعدين والمتقاعدات(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب