• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم
علامة باركود

الإمام ابن عثيمين الفقيه الكبير والزاهد العظيم

الإمام ابن عثيمين الفقيه الكبير والزاهد العظيم
عبدالله ميزر الحداد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/5/2022 ميلادي - 15/10/1443 هجري

الزيارات: 17596

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإمام ابن عثيمين الفقيه الكبير والزاهد العظيم

 

في كل زمان من الأزمنة، وفي كل عصر من العصور يهيئ الله للأمة علماء ربانيين، وفقهاء وزهادًا، يحفظون للأمة دينها، وينشرون العلم والمنهج الصحيح، الذي يرتضيه الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.

 

ومن هؤلاء العلماء الربانيين الكبار بل من أوائلهم وعظمائهم: صاحب الفضيلة والمعالي، بحر العلوم، ومستودع الحكم؛ سماحة الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين؛ المعروف بابن عثيمين رحمة الله عليه.

 

لم يكن ابن عثيمين عالمًا وفقيهًا فحسب، بل كان شمسًا تضيء الدرب وقمرًا ينير الطريق.

 

ابن عثيمين هو إنسان نادر من الربانيين الكبار الذين وصلوا إلى أعلى درجات الولاية، وأعظم درجات الاصطفاء.

 

كان الإمام ابن عثيمين عالمًا وفقيهًا، ومربيًا عظيمًا، ومفسرًا ومحدِّثًا، وبعبارة مختصرة: كان ابن عثيمين موسوعة متنقلة تمشي على الأرض.

 

إن الكلمات تعجز، والعبارات تقف حائرة عندما يأتي الحديث عن إمام الأئمة، وشيخ الشيوخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

 

فإذا تحدثت في العقيدة والتوحيد، تجد ابن عثيمين في المرتبة الأولى مقررًا وشارحًا ومصنفًا.

 

وإذا أتيت إلى الحديث والتفسير، تجد ابن عثيمين قد نال من ذلك النصيب الأوفى؛ فهو بعلمه الغزير خليفة أحمد والبخاري، ووريث ابن كثير والطبري.

 

وأما في الفقه والنحو، فمن يدرك ابن عثيمين؟ ومن يستطيع اللحاق به؟ وحسبه أنه مؤلف السفر العظيم المسمى (الشرح الممتع على زاد المستقنع).

 

وأما في الزهد، فابن عثيمين هو الزاهد الكبير الذي ترك الدنيا ومغرياتها ومتعها، ورغب فيما عند الله، وما عند الله خير وأبقى.

 

لقد ضرب سماحة الإمام ابن عثيمين مثلًا رائعًا في الزهد، ذكَّرنا من خلاله بسير أسلافنا، وبطريقة الصالحين الكبار؛ كالثوري، وأحمد بن حنبل.

 

إن ابن عثيمين هو نسيج وحده، وهو أمة وحده، بلغ العلياء في العلم والفقه، والورع والزهد، وحب الخير للناس، ومساعدة الناس، وإرشاد المسلمين وتعليمهم أمور دينهم، واستحق الإمام ابن عثيمين بعلمه وورعه أن يكون من أكابر المجددين والمصلحين، الذين يجددون للناس دينهم ويصلحون أحوالهم.

 

وأنا على تقصيري وعجزي لست أهلًا للتحدث عن إمام الإسلام في زماننا، وشيخ الشيوخ؛ العلامة الفقيه الموسوعي ابن عثيمين رحمه الله تعالى، ولكنه جهد المقل المعترف بالعجز والتقصير، ساعيًا لتوضيح العلامة ابن عثيمين، وتجلية حياته ومواقفه العلمية؛ راجيًا من الله العون والتوفيق والسداد، وأن أنصف هذا الإمام العظيم من خلال بيان سيرته.

 

اسمه ونسبه:

هو الإمام الرباني العظيم شيخ الإسلام والمسلمين، إمام أهل السنة في زماننا، العلامة الفقيه المفسر المحدث الأصولي المتفنن الزاهد الورع، أبو عبدالله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل الوهيبي التميمي، المعروف بالإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى، وأجزل له الثواب.

 

مولد الإمام ابن عثيمين:

ولد الإمام ابن عثيمين في مدينة عنيزة إحدى مدن القصيم في المملكة العربية السعودية، في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1347هجرية.

 

ومنذ ذلك الحين ما زال الإمام ابن عثيمين منارة علم وهدى يهتدي بها السائرون، ويستضيء بها المسلمون.

 

ولقد ولد الإمام ابن عثيمين في أسرة كريمة معروفة بالدين والاستقامة؛ مما كان له أطيب الأثر في نشأته.

 

أسرة الإمام ابن عثيمين:

ولد الإمام في أسرة علمية صالحة، ومن أسرته وشيوخه الذين تتلمذ عليهم جده لأمه الشيخ عبدالرحمن بن سليمان آل دامغ رحمه الله تعالى.

 

والإمام ابن عثيمين متزوج من امرأة واحدة، وله خمسة أولاد هم:

عبدالله، وعبدالرحمن، وإبراهيم، وعبدالعزيز، وعبدالرحيم.

 

وللإمام من الإخوة اثنان؛ هما:

الدكتور عبدالله كان رئيسًا لقسم التاريخ في جامعة الملك سعود في الرياض، والأمين العام لجائزة الملك فيصل، وله كذلك أخ اسمه عبدالرحمن.

 

حلية الإمام ابن عثيمين وصفاته:

كان الإمام ابن عثيمين ربعة من القوم، كث اللحية، وهي لحية قد اشتعلت شيبًا.

 

أزهر اللون، مليح الوجه، متبلج الأسارير، وضَّاء الجبين، باسم المحيا، أكحل العين، ذكي النظر، خافض البصر، ضليع الفم، براق الثنايا، لطيف الروح، خفيف الجسم، قليل اللحم، قوي العزم، خفيض الصوت، بديع النغمة، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم فعليه البهاء، جميل الحديث، فصيح إذا لفظ، نصوح إذا وعظ، لا يقول هجرًا، ولا ينطق هذرًا، كلامه يثمر علمًا، ويبين حكمًا، ويوضح شرعًا.

 

هذا عن صفات الإمام الخلقية والجسدية، وأما عن أخلاقه وشمائله، فقد كان الإمام ابن عثيمين واسع العلم، غزير المعرفة، متبعًا للسنة، إمامًا لأهلها، مجانبًا للبدعة، متصديًا لأهلها.

 

كان عظيم الأخلاق، طيب الشمائل، كريم الروح، سخي النفس، عَلَمًا من أعلام المسلمين، وشيخًا من شيوخ المؤمنين.

 

كان الإمام ابن عثيمين أمة في رجل، نعم كان أمة وحده، جمع الله فيه الفضائل، ووهب له المحاسن، ورفع في العالمين درجته.

وليس على الله بمستنكر
أن يجمع العالم في واحدِ

كان الإمام ابن عثيمين زاهدًا عظيم الزهد، ورعًا شديد الورع، علمًا من أعلام الزهد، ولا أبالغ إن قلت: إنه زاهد الزمان الأوحد.

 

كان الإمام ابن عثيمين رحمه الله رضي الخلق، حسن السمت، لطيف التعامل، خفيف الظل، دائم الابتسامة، حسن الوجه، متهلل الجبين، لين الجانب، مهذب العبارة، لا يستكبر ولا يتعاظم، حفيًّا بالعلماء، متأسيًا بهم، مترحمًا عليهم، تحلى بأجمل الأخلاق، لا يدخر وسعًا، ولا يعرف كللًا، ولا يضن بعلمه، ولا يفتر عن نهجه، ولا يبخل بعونه، ولا يحتفظ بكتبه، ولا يتمسك بحقوق تأليفه.

 

عنصر كريم، ومعدن شرف عظيم، أصل راسخ، وفرع شامخ، ومجد باذخ، متمكن في علمه، متأنٍّ في كلامه، مدقق في عباراته، موثق لنصوصه، محترم لجمهوره، مهتم بطلابه، معتنٍ بمريديه، مكرم لمجيئيه، مسعد لمسامريه، مؤنس لمجالسيه، عالي الهمة، عظيم الغيرة، ساكن الهيبة، رقيق الحاشية، خفيض الصوت، ذكي الفؤاد.

 

وهبه الله توقد القريحة، ونفاذ البصيرة، وقوة الفهم، ووضوح الحجة، وبيان المحجة، وجمال الروية، وصفاء النية، وسلامة الطوية، مع كريم الخلق، وطيب التعامل، ونقاء السيرة، وحسن الإبانة، وعميق الديانة، وأداء الأمانة، وتألق اللغة، وتأنق العبارة، ودقة الإشارة، وعذوبة اللفظ، وغزارة الحفظ، ومتانة الكلام، وإجادة الإفهام، وجزالة الأسلوب، وكسب القلوب.

 

إلى غير ذلك من الصفات والخصال والشمائل الحميدة الرشيدة؛ فرحمه الله ورضي عنه.

 

وأغلب هذا الكلام نقلناه من كتاب (ابن عثيمين الإمام الزاهد).

 

نشأة الإمام ابن عثيمين وطلبه للعلم:

نشأ الإمام ابن عثيمين في بيئة علمية في مدينته عنيزة، وحفظ القرآن الكريم على يد جده لأمه؛ الشيخ عبدالرحمن بن دامغ رحمه الله، ثم توجه إلى طلب العلم، فتعلم الخط والحساب، وبعض فنون الآداب.

 

وكان الإمام ابن عثيمين قد رُزق ذكاء وزكاء وهمة عالية، وحرصًا على التحصيل العلمي، وحضور مجالس العلماء الكبار، وعلى رأسهم العلامة المفسر الكبير عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى، الذي كان يسكن عنيزة، فتوجه الإمام ابن عثيمين إلى مجلسه لينهل من معين علمه.

 

وكان العلامة السعدي قد عين اثنين من طلابه لتعليم الصغار؛ وهما: الشيخ علي الصالحي، والشيخ محمد بن عبدالعزيز المطوع، فدرس الإمام ابن عثيمين في بداية الأمر عليهما، وقرأ عليهما كتبًا عدة؛ منها (مختصر العقيدة الواسطية) للشيخ السعدي، والآجرومية، وألفية ابن مالك، وغيرها من الكتب.

 

وبعدها رحل الإمام ابن عثيمين لطلب العلم في الرياض حين فتحت المعاهد العلمية سنة 1372 هجرية فالتحق الإمام للدراسة فيها.

 

يقول الإمام ابن عثيمين عن تلك الفترة:

"دخلت المعهد العلمي في السنة الثانية، والتحقت به بمشورة من الشيخ علي الصالحي، وبعد أن استأذنت من الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله، وكان المعهد العلمي في ذلك الوقت ينقسم إلى قسمين: خاص، وعام، فكنت في القسم الخاص، وكان في ذلك الوقت من شاء أن يقفز بمعنى أنه يدرس السنة المستقبلة له في أثناء الإجازة، ثم يختبرها من أول العام الثاني، فإذا نجح انتقل إلى السنة التي بعدها، وبهذا اختصرت الزمن، ثم التحقت بكلية الشريعة في الرياض منتسبًا، وتخرجت منها).

 

واستغل الإمام ابن عثيمين وجوده في الرياض، فدرس على سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى، وقرأ عليه من صحيح البخاري، وبعض رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، وبعض الكتب الفقهية.

 

يقول الشيخ ابن عثيمين عن شيخه الإمام ابن باز:

(لقد تأثرت بالشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه الله، من جهة العناية بالحديث، وتأثرت به من جهة الأخلاق أيضًا وبسط نفسه للناس).

 

وبعد وفاة شيخه العلامة عبدالرحمن السعدي سنة 1376 هجرية بفترة استلم الإمام ابن عثيمين إمامة الجامع الكبير في عنيزة خلفًا لشيخه، وحينها تصدر للتدريس مكان شيخه.

 

وقد نقلنا ما سبق من كتاب (ابن عثيمين الإمام الزاهد) للشيخ مسفر الزهراني.

 

شيوخ الإمام ابن عثيمين:

درس الإمام ابن عثيمين على يد مشايخ كثيرين في عنيزة ثم في الرياض؛ وإليك أسماء أبرز مشايخه:

1- العلامة الكبير عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى المفسر المشهور والعالم الجليل، صاحب التفسير الشهير باسم: (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)، في ثمانية مجلدات، وله غيره الكثير من المؤلفات الممتعة.

 

وتخرج على يد الشيخ السعدي علماء كبار، وفقهاء أجلاء، وأكبرهم وأجلهم سماحة الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

 

وكانت أكثر استفادة ابن عثيمين وطلبه للعلم على يد الشيخ السعدي، فقد لازمه أحد عشر عامًا، ينهل من معين علمه الصافي، وكان من طلابه البارزين؛ ولذلك كان هو خليفة الشيخ في إمامة الجامع الكبير في عنيزة والتدريس فيه والإفتاء.

 

2- سماحة الإمام الأجل عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى:

الإمام الكبير والعلامة الشهير، شيخ الإسلام، ومفتي المسلمين، وهو أحد أشهر علماء الأمة في هذا الزمان.

 

درس عليه الإمام ابن عثيمين في الرياض، كما مر معنا.

 

3- العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى، المفسر الكبير والشيخ الجليل، صاحب التفسير الممتع المشهور باسم: (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن).

 

درس عليه الإمام ابن عثيمين في المعهد العلمي بالرياض.

 

قال عنه الإمام ابن عثيمين: "استفدنا من علمه وسمته وخلقه وزهده وورعه".

 

4- الشيخ علي الصالحي رحمه الله تعالى، وهو من كبار تلاميذ العلامة السعدي.

 

5- الشيخ محمد بن عبدالعزيز المطوع رحمه الله تعالى.

 

قرأ عليه الإمام ابن عثيمين كتبًا مختلفة، وهو أيضًا من كبار تلاميذ العلامة السعدي.

 

6- الشيخ عبدالرحمن بن سليمان آل دامغ رحمه الله تعالى، وهو جد الإمام لأمه، وقد حفظ على يديه القرآن الكريم.

 

7- الشيخ عبدالرحمن بن علي بن عودان رحمه الله تعالى.

 

قرأ عليه الإمام بعض كتب الفقه، كما درس عليه علم الفرائض (المواريث).

 

تلاميذ الإمام ابن عثيمين:

كان سماحة الإمام ابن عثيمين من العلماء القلة الذين تشد إليهم الرحال، ويتوافد إلى بابهم طلاب العلم من كل مكان؛ رغبة في الاستفادة من معين علمه، والتزود من عظيم معارفه، وللإمام تلاميذ كثر في مختلف العلوم، وسنذكر اثنين من كبار تلاميذه وعلمائهم على سبيل المثال، ولولا خشية الإطالة، لذكرنا الكثير منهم:

1- العلامة الكويتي عثمان الخميس، وهو شيخ معروف، وعالم واسع العلم، اشتهر بمناظراته للرافضة على وسائل الإعلام، واهتم بالرد على الشبهات الرافضية، ومن مؤلفاته كتاب الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين رضي الله عنهما.

 

وكتاب حقبة من التاريخ، وكان يشرح كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، منذ فترة قريبة، حفظه الله تعالى.

 

2- الشيخ العلامة الأديب ناصر بن مسفر الزهراني، يعود نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما، فهو قرشي نسبًا، زهراني حلفًا، وهو من كبار تلاميذ الإمام ابن عثيمين، والإمام ابن باز، وهو شيخ واسع العلم، وشاعر من أفضل الشعراء في عصرنا، وهو أول من ألف كتابًا عن سيرة الإمام ابن عثيمين بعد وفاته سماه: (ابن عثيمين الإمام الزاهد)، وهو كتاب عظيم ماتع رائق.

 

علوم الإمام ابن عثيمين:

كان الإمام ابن عثيمين بحرًا من بحور العلم، واسع الاطلاع، غزير المعرفة، كثير النفع والإفادة للناس عامة، ولطلبة العلم خاصة.

 

ومن الجميل في سماحة الإمام ابن عثيمين أنه عالم موسوعي، برع في مختلف العلوم، وبلغ العلياء في كل الفنون.

 

ففي العقيدة هو الإمام الكبير، والعالم الجليل الذي جمع كبريات المسائل بعلمه، ويبسط أعقد الأمور بفهمه العميق الراسخ، ومن يناظر مؤلفات الإمام في العقيدة - كالقول المفيد - يجد سعة العلم وغزارة الفهم ودقة التعبير وجودة الشرح.

 

وفي الفقه هو الإمام الفقيه الذي لا يشق له غبار، الذي برع في الفقه، ونبغ نبوغًا ما وصل إليه منذ أزمان إلا القلة، ولا أدل على ذلك من كتابه العظيم وسفره الجليل: (الشرح الممتع على زاد المستقنع).

 

وأما في الحديث وفقهه ومعناه ومصطلحه، فهو آية عظيمة في ذلك؛ يبسط المعقد، ويشرح المشكل، ويبين معنى المستغرب، وكل ذلك بأسلوب واضح ماتع رائق.

 

وبالجملة، فقد كان سماحة الإمام ابن عثيمين مجددًا من مجددي الدين، وعلمًا من أعلامه، وإمامًا من أئمته.

 

ولا ريب أن الإمام ابن عثيمين مجدد للدين من سادات المجددين، ولا يوجد ما يمنع تعدد المجددين في الزمان الواحد، فقد يوجد أكثر من مجدد عظيم في زمان واحد، وفي زماننا قد هيأ الله تبارك وتعالى ثلاثة مجددين عظماء، جدد الله بهم الدين، وأيَّده؛ وهم: الإمام الكبير ابن باز، وصاحب الترجمة الإمام الجليل ابن عثيمين، والإمام العظيم الألباني، رحمهم الله جميعًا.

 

فالإمام ابن عثيمين مجدد من خيرة المجددين وساداتهم.

 

قال الشيخ ناصر بن مسفر الزهراني وهو يتحدث عن الإمام ابن عثيمين وعلومه في مقدمة كتابه الممتع (ابن عثيمين الإمام الزاهد):

"ألقت إليه رئاسة العلم مقاليدها، وملكته طريفها وتليدها، فأظهر مكنون قديمها، في ثوب جديدها، واختار بذكائه أفضل الآراء وسديدها.

 

طلعت شمس الفقه من أفق أفكاره، وتفجرت ينابيع العلم من خلال آثاره، وجرت في نفوس المحبين روائع أنهاره، جلا بكلامه الأبصار الكليلة، وشحذ بمواعظه الأذهان العليلة، وسلك في طريق العلم خير وسيلة، ولن يهزم من كان الكتاب والسنة دليله.

 

إنه بدر العلوم اللائح، وقطرها الغادي الرائح، وعقال الأفكار عن جامح، وعنوان اللطف والعفو والتسامح.

 

تستخرج الجواهر من بحوره، وتحلى الأوراق بقلائد سطوره.

 

شيخ المعارف وإمامها ومن في يديه زمامها.

 

يحوك الألفاظ على قدر المعاني، ويسوق الكلام حسب الأماني.

 

إذا أذكى سراج الفكر أضاء ظلام الأمر، واستنبط روائع العلوم، وأبان عن بديع الفهوم.

 

لقد كان رحمه الله فيما نحسبه من حزب الله المفلحين وأوليائه الناصحين، ومن أئمة الإسلام المعدودين، الذين حفظوا على الناس روعة الدين ...".

 

وقد أجاد الشيخ ناصر بن مسفر، وأفاد في هذه الفقرة، وعبر فيها بالتعابير الماتعة الرائقة.

 

مؤلفات الإمام ابن عثيمين:

كان سماحة الإمام ابن عثيمين غزير العلم، واسع المعرفة، وكان بحق موسوعة علمية كبيرة، وجامعة تخرج على يديها آلاف الطلبة، ومن مظاهر غزارة العلم عند الإمام كثرة مؤلفاته، وتنوعها في مختلف العلوم والفنون، فألف في التفسير، وألف في الفقه والعقيدة والحديث ومصطلحه، وهكذا في جميع الأبواب.

 

وبعض مؤلفات الإمام فرغت من تسجيلات صوتية له، ودروس صوتية، ثم طبعت في كتاب مستقل كشرح الأربعين النووية.

 

وتتميز مؤلفات سماحة الإمام بالتوسع في الشرح، واستيعاب الموضوع من جميع نواحيه، وتتميز كذلك باتباع الدليل، حتى وإن خالف مذهبه الحنبلي، وتتميز بالاهتمام بآثار السلف، وغيرها من المميزات العظيمة التي ميزت كتب الإمام ابن عثيمين عن غيرها، وجعلتها في الذروة العليا من حيث سعة العلم، ورحابة الصدر أثناء الشرح والتوسع والاتباع لنهج طريق السلف الصالح.

 

وقد بلغت مؤلفات الإمام ابن عثيمين عددًا كبيرًا تجاوز المائة، ووصلت إلى 181كتابًا ورسالة، وكلها من المؤلفات العظيمة في مختلف العلوم الشرعية، ولنذكر بعضًا من مؤلفاته وكتبه التي ذاعت شهرتها في الآفاق، وتداولها الخاصة والعامة؛ فمن مؤلفاته:

كتاب "الشرح الممتع على زاد المستقنع"، وهو من أهم مؤلفاته وأعظمها، وكتاب "القول المفيد على كتاب التوحيد"، وكتاب "التعليق على صحيح البخاري"، وكتاب "التعليق على صحيح مسلم"، وكتاب "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام"، وكتاب "شرح رياض الصالحين"، وكتاب "شرح الأربعين النووية"، وكتاب "تنبيه الأفهام بشرح عمدة الأحكام"، وكتاب "شرح مشكاة المصابيح"، وكتاب "شرح نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر"، وكتاب "شرح المنظومة البيقونية"، وكتاب "التمسك بالسنة النبوية وآثاره"، وكتاب "شرح العقيدة الواسطية"، وكتاب "فتح رب البرية بتلخيص الحموية"، وهو أول كتاب طبع للإمام.

 

وكتاب "شرح الأصول الثلاثة"، وكتاب "شرح كشف الشبهات، ومعه شرح ستة أصول عظيمة مفيدة".

 

وكتاب "شرح نونية ابن القيم"، وكتاب "تقريب التدمرية"، وكتاب "شرح تقريب التدمرية"، وكتاب "شرح العقيدة التدمرية"، وكتاب "شرح العقيدة السفارينية"، وكتاب "شرح اقتضاء الصراط المستقيم"، وكتاب "مباحث في أصول الدين"، وكتاب "رسالة في القضاء والقدر"، وكتاب "الأدلة على بطلان الاشتراكية"، وكتاب "التعليق على لمعة الاعتقاد"، وكتاب "عقيدة أهل السنة والجماعة"، وكتاب "القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى"، وكتاب "الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع"، وكتاب "أصول في التفسير"، وكتاب "شرح أصول في التفسير"، وكتاب "شرح مقدمة في التفسير"، وكتاب "الإلمام ببعض آيات الأحكام"، وكتاب "التعليق على القواعد الحسان في تفسير القرآن"، وكتاب "أحكام من القرآن الكريم"، وكتاب "فوائد التقوى من القرآن الكريم"، وكتاب "تفسير سورة الفاتحة والبقرة"، وكتاب "تفسير سورة آل عمران"، وكتاب "تفسير سورة النساء"، وكتاب "تفسير سورة المائدة"، وكتاب "تفسير سورة الكهف"، وكتاب "تفسير جزء عم"، وكتاب "التعليق على الكافي في فقه الإمام أحمد"، وكتاب "التعليق على الروض المربع"، وكتاب "فقه العبادات"، وكتاب "صفة الصلاة"، وكتاب "مجالس شهر رمضان"، وكتاب "رسالة في زكاة الحلي"، وكتاب "مناسك الحج والعمرة"، وكتاب "فقه الحج"، وكتاب "تلخيص أحكام الفرائض"، وكتاب "مجموعة أسئلة تهم المرأة المسلمة"، وكتاب "الأصول من علم الأصول"، وكتاب "نيل الأرب من قواعد ابن رجب"، وكتاب "شرح نظم الورقات"، وكتاب "شرح مختصر التحرير"، وكتاب "مختارات من إعلام الموقعين"، وكتاب "مختارات من زاد المعاد"، ومن مؤلفات الإمام ابن عثيمين كتاب "التعليق على نور اليقين في سيرة سيد المرسلين"، وكتاب "شرح ألفية ابن مالك"، وكتاب "شرح الآجرومية"، وكتاب "شرح الدرة اليتيمة في النحو"، وكتاب "مكارم الأخلاق"، وكتاب "حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة"، وكتاب "من مشكلات الشباب"، وكتاب "دور المرأة في إصلاح المجتمع"، وكتاب "موقف المسلم من الفتن"، وكتاب "العلم"، وكتاب "شرح حلية طالب العلم"، وكتاب "المناهي اللفظية"، وكتاب "فتاوى نور على الدرب"، وكتاب "الضياء اللامع من الخطب الجوامع".

 

وغير ذلك الكثير من الكتب والمؤلفات الجليلة.

 

وأنت ترى هذا العدد الهائل من مؤلفات الإمام، وكل هذا، وما ذكرت إلا قرابة نصف مؤلفاته، فرحمه الله، ورضي عنه، ما أوسع علمه وأكثر نفعه!

 

المناصب التي تولاها الإمام ابن عثيمين:

بعد أن تعرفنا على سيرة هذا الإمام العظيم، والشيخ الرباني الجليل، وتعرفنا على صفائه ونقائه، وسعة علمه، واقتران القول بالعمل في سيرته العطرة، فلا بد أنه قد تولى المناصب الرفيعة، ووصل إلى المراتب العالية، ولا عجب، فالإمام ابن عثيمين تتزين به المناصب، وتزداد به جمالًا وبهاء، ولقد التزم سماحة الإمام ابن عثيمين في كل المناصب التي تولاها السيرة الحسنة، والورع والزهد، وإفادة الناس وحب النفع لهم، والحرص على الخير.

 

ولقد كان الإمام زاهدًا في كل المناصب، وما تولى منصبًا إلا لينفع الناس؛ ومن المناصب التي تولاها الإمام:

1- عضوية هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية منذ عام 1407 هجرية وحتى وفاته رحمه الله.

 

2- بدأ التدريس في الجامع الكبير بعنيزة عام 1370 هجرية في حياة شيخه العلامة السعدي، ثم تم تعيينه مدرسًا في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374 هجرية.

 

3- تولى إمامة الجامع الكبير في عنيزة والخطابة فيه والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية عام 1376 هجرية، ولما كثر الطلاب وتجاوزوا المئات، انتقل الإمام للتدريس في الجامع الكبير بعنيزة بدل المكتبة.

 

4- تولى التدريس في كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم منذ عام 1398 هجرية وحتى وفاته.

 

5- أسس جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة عام 1405 هجرية، واستمر رئيسًا لها حتى وفاته.

 

6- كان عضوًا في المجلس العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، واستلم رئاسة قسم العقيدة فيها.

 

7- عضوية لجنة الخطط ومنهاج المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وألف بعض المناهج الدراسية فيها.

 

8- التدريس في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف في رمضان والحج والعطل الصيفية.

 

فهذه أبرز مناصب الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

 

جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام:

في عام 1414 هجرية أعلن فوز الإمام ابن عثيمين بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام من قبل القائمين على الجائزة.

 

وقد ذكرت اللجنة عدة أسباب أدت إلى منح الإمام الجائزة؛ منها:

1- تحليه بأخلاق العلماء الفاضلة.

 

2- انتفاع الكثيرين بعلمه تدريسًا وإفتاء وتأليفًا.

 

3- مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كبيرة.

 

ولا يخفى على المطلعين أهمية هذه الجائزة ومكانتها، وسماحة الإمام رحمه الله جدير بكل جائزة وثناء.

 

الزهد في حياة الإمام ابن عثيمين:

كان سماحة الإمام ابن عثيمين زاهدًا عظيمًا من كبار الزهاد، ومن أعلام الزهد ليس في عصرنا فحسب، بل في تاريخ الإسلام الطويل.

 

كان زهد الإمام ابن عثيمين زهدًا حقيقيًّا صافيًا نفيًا نابعًا من إيمان عميق ورغبة عظيمة فيما عند الله، وما عند الله خير وأبقى.

 

كان الإمام ابن عثيمين يستطيع أن ينال من زينة الدنيا وزهرتها ما يشاء، وما يحلو له بسبب مكانته العالية وشهرته الذائعة، ولكنه ترك هذا كله، وخلف الدنيا ومتاعها وراء ظهره، غير مبالٍ بها ولا ناظر لها.

 

لقد ارتمت الدنيا بزينتها ومتاعها أمام أقدام الإمام ابن عثيمين، لكنه رفضها، وفضل الزهد والتخفف من الدنيا؛ ليبني داره في الآخرة في جنات النعيم بإذن الله.

 

كان الإمام ابن عثيمين زاهدًا في كل شيء، وكانت ثيابه التي يرتديها لا تساوي إلا ثمنًا زهيدًا، وكان قمة في البساطة، وكان لا ينام على سرير، بل ينام على الأرض أو على حصير يؤثر في جنبه؛ يقول الشيخ عائض القرني: (دخلت مرة على الشيخ ابن عثيمين في مكة المكرمة فوجدت بيده إبرة يخيط بها ثوبة).

 

لقد أهدى أحد الأمراء في المملكة العربية السعودية منزلًا للإمام ابن عثيمين، فاعتذر عن السكن فيه مفضلًا التبرع به.

 

يحدثنا الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن التركي عن موقف من مواقف الزهد في حياة الإمام ابن عثيمين؛ فيقول ضمن كلام له عن الإمام:

"والأمر الثاني مفاجأته لي وأنا مدير للجامعة بتقديم ظرف بداخله مبلغ من المال، فسألته عن قصته، فذكر أنه قدم له مقابل محاضرات ألقاها في كلية الشريعة وأصول الدين في القصيم، وكان وقتها رحمه الله على ملاك معهد عنيزة العلمي، وإن وقت هذه المحاضرات اقتطعه من الوقت المخصص لتأليف المقررات الدراسية للمعاهد العلمية، وبذلك لا أستحق ما صرف لي".

 

فلله در هذا الإمام العظيم ما أحسنه! وما أعظمه!

وقد نقلنا هذه التفاصيل من كتاب (ابن عثيمين الإمام الزاهد).

 

وفاة سماحة الإمام ابن عثيمين:

لو كُتب الله لأحد الخلود في هذه الدنيا، لكان سيدنا ونبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه أحق الناس به، ولكن الموت لكل إنسان سنة الله في عباده، ولن تجد لسنة الله تبديلًا.

 

إن هذه الدنيا دار عمل، فلا خلود لأحد فيها، والموافاة يوم القيامة.

 

مرض سماحة الإمام ابن عثيمين في آخر حياته، واكتشف مرضه متأخرًا في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني، ثم أُجريت له فحوصات أخرى في مستشفى الملك فيصل التخصصي، واختلف الأطباء في طريقة العلاج النافعة، ثم سافر سماحته إلى أمريكا للاطمئنان على صحته، وهناك استقر رأي الأطباء على علاج الإمام بالأشعة، وجرعات مخففة من الكيماوي أولًا، ثم بالكيماوي وحده لاحقًا.

 

وعاد الإمام إلى المملكة، وبدأ رحلة العلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وعولج بالأشعة فعلًا.

 

ولكن الأطباء رأوا أن سلبيات علاجه بالكيماوي أوضح من إيجابياته ففضلوا عدم علاجه به، وهكذا كان مرض الإمام ابن عثيمين، وجاور الإمام في المسجد الحرام في شهر رمضان سنة 1421 هجرية في أيامه الأخيرة.

 

وفي يوم الأربعاء الخامس عشر من شوال سنة 1421 هجرية، وقبيل صلاة المغرب توفي هذا القمر المنير سماحة الإمام ابن عثيمين في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، وهز نبأ وفاته العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه.

 

وصلى على سماحة الإمام في يوم الخميس السادس عشر من شوال في المسجد الحرام، وصلى عليه عشرات الآلاف من الناس قدموا للصلاة عليه من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، يتقدمهم وزير الداخلية السعودي يومها الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود والعلماء الكبار، وكانت جنازة الإمام جنازة مهيبة عظيمة شهدها عشرات الآلاف، وامتلأت الشوارع والساحات بهم وما وصلت الجنازة إلى السيارة إلا بعد جهد من شدة الزحام، ثم دُفن، رحمه الله تعالى.

 

وفي يوم الجمعة صلى على الإمام ابن عثيمين صلاة الغائب في المسجد الحرام، وفي كل مساجد المملكة العربية السعودية وخارجها.

 

وتوالت برقيات التعزية ومقالات الرثاء، وكلمات الوفاء لهذا الإمام الجليل.

 

وقام الملك فهد بن عبدالعزيز وولي العهد حينها الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعزية أسرة الإمام.

 

وكتب الأئمة الكبار مقالات رائعة في رثائه، وعلى رأسهم سماحة العلامة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ والعلامة عبدالله بن جبرين.

 

وتوالت المقالات الجميلة التي تتحدث عن الإمام بعد وفاته لمدة أسبوعين، وقد جمعها الشيخ ناصر بن مسفر الزهراني في كتابه الممتع (ابن عثيمين الإمام الزاهد).

 

وبلغت أكثر من ستمائة صفحة.

 

وهكذا توفي البدر المنير والشيخ الأجل؛ سماحة الإمام ابن عثيمين، وفقدت الأمة رجلًا يقدر بألف رجل.

 

فقدت الأمة رجلًا، لا أظنه يتكرر، فقدت الفقيه والمفسر والمحدث والزاهد والورع.

 

كان الإمام ابن عثيمين مثالًا رائعًا للعالم الصادق المخلص الذي أفنى حياته في سبيل نشر العلم، ونفع الناس، ونصرة الإسلام والدعوة.

 

قصائد في مدح الإمام ابن عثيمين:

قيلت في الثناء على سماحة الإمام ابن عثيمين ورثائه، ومدحه القصائد الكثيرة، وأبدع المحبون في مدح الإمام؛ وسنذكر بعض هذه القصائد الجميلة لنختم بها مقالنا هذا.

 

قال مشعل حمود العتيبي راثيًا الإمام ابن عثيمين:

في شهر شوال نصف الشهر ودعنا
شيخ جليل إمام عالم ورعُ
ابن العثيمين أعلى الله منزله
في جنة الخلد لا خوف ولا هلعُ
جل المصاب وهال الخطب أمتنا
بموت عالمنا قد عمنا الفزعُ
بكى القصيم ونجد والحجاز على
شيخ العلوم وكل الناس قد فجعوا
يبكيه علم وطلاب ومسجده
وكل من راية الإسلام قد رفعوا
مات الحبيب وكل الناس تعرفه
بعلمه الجم بالأخلاق مجتمعُ
قد كنت أعرفه والكل يعرفه
بالزهد والعلم ليس المال والطمعُ
يا شيخ والله إن القلب منفطر
على الفراق وجرح القلب يتسعُ
يا ناصر السنة الغراء في زمن
تكاثرت حولنا الأوهام والبدعُ

 

قال خالد بن علي الدويغري يرثي الإمام ابن عثيمين:

خبر وربي للفؤاد يقطع
دمعت له عيني وعز المضجعُ
خبر وربي لا يزال مدويًا
من هوله صم الجبال تصدعُ
خبر أتى من حول مكة ناعيًا
الشيخ مات وكل أذن تسمعُ
خبر أتى ينعى العثيمين الذي
كل القلوب له تجل وترفعُ
ينعى الإمام الفذ عالم عصرنا
شيخ جليل زاهد متورعُ
تلك المصيبة إنها لكبيرة
صبرًا فلله العظيم المرجعُ
ولقد فجعنا بابن باز قبله
إن المصائب خرقها لا يرقعُ
فالأرض تبكي والسماء حزينة
والله يفعل ما يشاء ويصنعُ
والفقه يرثي والصحاح عليلة
والروض يبكي والضياء اللامعُ
يوم الخميس ويا لها من لحظة
إذ كفنوا الشيخ الجليل وأسرعوا
في مكة قد قال مقلة عينها
إذ قدموه عليه كبر أربعُ
حملوه نحو العدل كان مسيره
حضر الجميع وشاهدوه وودعوا
يا لحد مهلًا فيك شمس زماننا
قد غيبت والنور باقٍ يسطعُ

 

هذه هي سيرة شيخ الأئمة وإمام الشيوخ وفقيه الزمان وزاهد العصر والأوان.

 

هذه سيرة القمر المنير والشيخ الجليل والسيد الكبير والفقيه الألمعي.

 

إن الإمام ابن عثيمين هو شعلة أضاءت الطريق للكثير والكثير، وما زالت تضيئه، وستظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

 

إنني أعرف وأعترف أنني لست بأهل للتحدث عن الإمام ابن عثيمين، ومن أنا حتى أتحدث عن شيخ الإسلام، وإمام الأعلام، وفقيه الأمة، وعالم العصر.

 

ولكنه محاولة لخدمة تراث الإمام وعلمه من خلال تبيان سيرته العطرة وحياته الزاهرة.

 

وبهذا أرجو أن أكون قد بينت سيرة سماحة الإمام الجليل العظيم ابن عثيمين بصورتها الناصعة المشرقة.

 

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الميامين، ومن تبعهم إلى يوم الدين.

 

المصادر والمراجع:

1- كتاب ابن عثيمين الإمام الزاهد؛ ناصر بن مسفر الزهراني.

 

2- مجموعة مقالات عن حياة الإمام منشورة في الصحف والمواقع الإلكترونية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رقائق منتقاة من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله
  • ثناء العلامة ابن عثيمين على شيخ الإسلام ابن تيمية
  • توجيهات للمعلمين من العلامة ابن عثيمين

مختارات من الشبكة

  • كلام الإمام مالك رحمه الله في الرجال من خلال التاريخ الكبير للإمام البخاري رحمه الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج الإمام الشاطبي في الفتوى من خلال كتاب: (فتاوى الإمام الشاطبي) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الأحاديث التي في مسند الإمام أحمد من طريق الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التراث العلمي عند الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة مسند الإمام أبي حنيفة النعمان برواية الإمام أبي بكر المقرئ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • متن الزبد في علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي للشيخ الإمام أحمد بن رسلان الشافعي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • إذا رفض الإمام الجمع بين الصلاتين في المطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من مصنفات ابن عثيمين: أئمة وأعلام في الميزان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب سيرة الإمام أحمد بن حنبل (PDF)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب