• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اللغات العروبية: دراسة في الخصائص
    د. عدنان عبدالحميد
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للتسخير في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج التنافس والتدافع
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الاستشراق والعقلانيون المعاصرون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    عجائب الأشعار وغرائب الأخبار لمسلم بن محمود ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صحة الفم والأسنان في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وعملية الترجمة
    أسامة طبش
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

العلاقات الدولية بين الوفاق والصدام (الجزء الثالث) النظريات التفسيرية للصراعات الدولية بعد الحرب الباردة

العلاقات الدولية بين الوفاق والصدام (الجزء الثالث) النظريات التفسيرية للصراعات الدولية بعد الحرب الب
ميسون سامي أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/10/2021 ميلادي - 25/2/1443 هجري

الزيارات: 5341

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلاقات الدولية بين الوفاق والصدام، الجزء الثالث

النظريات التفسيرية للصراعات الدولية بعد الحرب الباردة


في الوقت الذي تميل فيه كلٌّ من الواقعية والليبرالية إلى التركيز على العوامل المادية، فإن المقاربات البنائية تركز على تأثير الأفكار؛ فالبنائية حلَّت بشكل كبير محل الماركسية كمنظور راديكالي للشؤون الدولية، وقد ساهمت نهاية الحرب الباردة في إضفاء الشرعية على النظريات البنائية؛ لأن الواقعية والليبرالية أخفقتا في استباق هذا الحدث، كما أنهما وجدتا صعوبة كبيرة في تفسيره، بينما تمتلك البنائية تفسيرًا له، ومن وجهة نظر بنائية فإن القضية المحورية في عالم ما بعد الحرب الباردة هي كيفية إدراك المجموعات المختلفة لهوياتها ومصالحها، ورغم أن التحليل البنائي لا يستبعد متغيرَ القوة فإن البنائية تركز بالأساس على كيفية نشوء الأفكار والهويات، والكيفية التي تتفاعل بها مع بعضها البعض[1].

 

مثَّلت الحرب الباردة بداية ظهور عامل الحضارة والثقافة في تفسير الصراع، وقد عوَّلت بعض الكتابات والدراسات العالمية المتخصصة في العلاقات الدولية في السنوات الأخيرة على دور الثقافة والقيم والأفكار في العلاقات الدولية، وتناولت بالتحليل قضايا الهويات والمصالح والمعايير[2]، رغم أن الثقافة لم تغِبْ من قبلُ عن كل الدراسات الأكاديمية؛ فمن الثابت أن المدارس الأوروبية كالألمانية والفرنسية والإنجليزية على سبيل المثال في تخصص العلاقات الدولية لم تستبعد الثقافة والتاريخ والاجتماع في دراستها لعلم السياسة والعلاقات الدولية، وطوَّرت منهجيات عديدة لهذه الدراسة، ولكن الذي استبعدها هو المدرسة العقلانية الأمريكية، والتي هيمنت للدرجة التي جعلت البعض يتساءل: هل علم السياسة هو علم أمريكي؟[3].

 

الدول المهيمنة على مستوى العلاقات الدولية هي كذلك مهيمنة على مستوى التنظير لها، فحقل العلاقات الدولية يعرف منذ عقود هيمنة أمريكية واضحة، وأصبغت عليه صبغة أمريكية خالصة، بسبب صعود وبروز الولايات المتحدة على مسرح القوة العالمية، إضافة إلى الاستعدادات الفكرية والظروف السياسية والفرص المؤسساتية التي كانت متاحة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، حتى كان يعتقد أن عالم العلاقات الدولية، ومضمونه هو مجرد رواية لتاريخ السياسة الأمريكية، بدليل أن من يسيطر على هذا التخصص هم العلماء الأمريكيون، وهم الذين يختارون موضوعات العلاقات الدولية وترتيبها وفق الخيارات السياسية الأمريكية واحتياجاتها، وهم الذين يدعون آليات تفسيرها ومفاهيمها، كما يكون للمال الأمريكي وأجهزة الاستخبارات والدوائر الرسمية دور كبير في تحديد أولويات نظريات العلاقات الدولية؛ لذلك يعتبر مجال العلاقات الدولية إحدى أدوات تحقيق المصالح الأمريكية على المستوى الدولي من خلال ما يطرحه من مفاهيم ونظريات يدَّعي أنها علمية وعالمية، وقد اعترف بعض الباحثين أنه بعد نهاية الحرب الباردة أصبح الحقل الأكاديمي للعلاقات الدولية أكثر تنوعًا وتحررًا من الهيمنة الأمريكية، ونالت مواضيع جديدة حظًّا من اهتمام الباحثين على الصعيد العالمي؛ من بينها النزاعات الإثنية، والبيئة، ومستقبل الدول، وقضايا حقوق الإنسان[4].

 

وتشكل الثقافة بما تحتويه من عادات وتقاليد، ومنظومة اجتماعية، وطرق حياة، ودين وتاريخ وتراث، وغير ذلك - جزءًا محوريًّا في بناء وصياغة الهُوِيَّةِ؛ سواء على صعيد الأفراد والجماعات والدولة الوطنية، أو الكيان القومي الإقليمي، والهوية في المحصلة هي مجموعة علاقات مشتركة مع الآخرين، ومع الجغرافيا، وجوهرها الثقافة الذاتية لخلق أنا مختلف عن الآخر[5].

 

وقد شهدت العشرية الأخيرة من القرن العشرين تزايُدَ الاهتمام بتصور الثقافة، وقد تزامن ذلك مع بروز الاتجاه البنائي الذي يركز على أهمية الأفكار والضوابط، وتعتبر نظرية صدام الحضارات أحد أعراض هذا الاتجاه التفكيري[6]، ويرى صاموئيل هينتنجتون مؤلف نظرية صراع الحضارات أن الصراع القديم والمنتظر وقوعه إنما هو صراع حضارات، ويقصد بالحضارات الأديان[7]، فالنزاعات والانقسامات في العالم سيكون مصدرها حضاريًّا وثقافيًّا، والنزاعات الدولية سوف تحدث بين أممٍ ومجموعاتٍ لها حضارات مختلفة، ذلك أن الخطوط الفاصلة بين الحضارات ستكون هي خطوط المعارك في المستقبل[8].

 

ويستند هينتنغتون في طرحه على القول بأن الانتماءات الثقافية الواسعة أصبحت الآن تحل محل الولاءات القومية، ويعتبر هذا الاتجاه وجهًا من أوجه الاهتمام الواسع بالقضايا الثقافية في الأوساط الأكاديمية، كما أنه وفي جانب منه يعتبر ردة فعل على تصاعد حدة النزاعات الإثنية والوطنية والثقافية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي[9]، ثم إن الدول بعد الحرب الباردة أضحت تحدد مصالحها انطلاقًا من البعد الحضاري؛ إذ تتعاون الدول المتماثلة ثقافيًّا، وتتحالف مع بعضها البعض وهي في صراع – في نفس الوقت - مع تلك الدول ذات الثقافات المختلفة والمتنوعة[10].

 

وقد اعتبر صاموئيل هينتنجتون أن الحرب البوسنية وحرب الخليج كانت حروبًا بين حضارات وأديان، فحرب البوسنة كانت حرب حضارات؛ لأن المشاركين الرئيسيين الثلاثة كانوا ينتمون إلى حضارات مختلفة، ويتبعون ديانات مختلفة (الصرب، والكروات، والمسلمون)، والدول والمنظمات الإسلامية تجمعت وراء مسلمي البوسنة بشكل عام، وعارضت الكروات والصرب، والدول والمنظمات الأرثوذكسية أيَّدت الصرب، وعارضت الكروات والمسلمين، والحكومات والنخب الغربية أيدت الكروات، وعاقبت الصرب، وكانت غير مبالية بالمسلمين أو خائفة منهم بشكل عام، على الرغم من أن البوسنيين كانوا علمانيين سابقًا وذوي توجه أوروبي، والقوى الأوروبية يظهرون صراحة أنهم لا يريدون دولة إسلامية (تركيا) في الاتحاد الأوروبي، ولا يسعدهم أن تكون دولة إسلامية أخرى (البوسنة) في القارة الأوروبية، كذلك حرب الخليج تحولت إلى حرب حضارات؛ الغربيون دعموا هذا التدخل بأغلبية ساحقة، والمسلمون في جميع أنحاء العالم فهموه على إنه حرب ضدهم؛ فتجمعوا ضد ما رأوه مرحلة أخرى من مراحل الاستعمار الغربي[11].

 

ومن أهم النظريات الثقافية التي حاولت تقديم تفسير للصراعات والحروب الدولية هي نظرية نهاية التاريخ، ونظرية صدام الحضارات.

 

أولًا: نظرية نهاية التاريخ:

نشر فوكوياما فكرته هذه في مقالة عام 1989 تحت عنوان "نهاية التاريخ"، ثم ضمها في كتاب بنفس العنوان نشر عام 1992؛ حيث أعلن فرانسس فوكوياما نهاية التاريخ مع الانتصار الكوني والشامل للديمقراطية الليبرالية عبر العالم؛ باعتبار ذلك يشكِّل المعنى الأسمى للتاريخ؛ وحيث لم تعد هناك تحديات حقيقية كفيلة بمنافسة النظام الليبرالي، فقد اعتبر أزمة الشيوعية نهاية التاريخ بانقضاء التناقض في (الفكر) بين الرأسمالية والشيوعية، وكان تصوره أن التحولات الجارية الآن تعني حل التناقضات التي شغلت فكر البشرية طويلًا[12]؛ حيث ادَّعى فرانسيس من خلال كتابه أن العقل البشري لن يبدع مستقبلًا أفضل من النظام السياسي الديمقراطي، وقد احتدمت مناقشات عالية الصوت والصدى في ربيع 1989 حول هذه النظرية[13].

 

تقوم أطروحة نهاية التاريخ عند فوكوياما على فكرة أساسية؛ مفادها أنه بنهاية الحرب الباردة انتصرت الأفكار الليبرالية والديمقراطية ورأسمالية السوق؛ باعتبارها تجسِّد النموذج الإنساني الأرقى والأمثل؛ إذ يرى فوكوياما أن التاريخ قد انتهى، وانتهى معه الصراع على القضايا الكبرى؛ بمعنى أنه لا توجد تناقضات جوهرية في إطار الليبرالية الحديثة بعد فشل الأنظمة البديلة، ويعتبر فوكوياما أن الديمقراطية تشكل نقطة النهاية للتطور الأيديولوجي للإنسانية، والشكل النهائي للحكومة، كما أن التوسع العالمي للديمقراطية يقلل من استخدام القوة، ومن ثَمَّ يبشر فوكوياما بزمن عالمي للديمقراطية وحرية السوق تتضاءل فيه الصراعات؛ بسبب عدم وجود فكر مغاير أو منافس لديمقراطية السوق[14].

 

وقد قسم فرانسس فوكوياما العالم إلى قسمين: عالم تاريخي غارق في الاضطرابات والحروب والفوضى، وهو العالم الذي لم يلتحق بالنموذج الديموقراطي الأمريكي، وعالم آخر ما بعد التاريخي الديموقراطي الآمن على الطريقة الأمريكية[15]، وسوف توجد محاور عديدة يصطدم على امتدادها هذان العالمان[16]:

المحور الأول: هو البترول، فالإنتاج النفطي يبقى في الحقيقة محصورًا في العالم التاريخي وهو مصيري بالنسبة لنشاط العالم ما بعد التاريخي السليم.

 

المحور الثاني: هو الهجرة من البلدان الفقيرة وغير المستقرة نحو بلدان غنية وآمنة، وهذا التدفق السكاني يضمن مستقبلًا مواصلة الدول ما بعد التاريخية الاهتمام بالعالم التاريخي.

 

فقد تنبأ فوكوياما بانقسام الصراعات الدولية والمجتمعات في المستقبل إلى شطرين؛ أحدهما: هو العالم التاريخي، ويتمثل في دول الجنوب التي ستبقى تعاني الصراعات الإثنية والأيديولوجية، والثاني هو عالم ما بعد التاريخ وهو العالم الرأسمالي الغربي، يرى فوكوياما أن دول العالم الثالث كانت وما زالت تعيش في عصر التناقضات الكبرى بسبب صراعات متعددة الأسباب؛ كالدينية والقومية وغيرها[17]، وقد اعتبر عوامل القومية والدين من العوائق التي تحول دون تطبيق الديموقراطية[18]، فقد طرح فوكوياما الدين والقومية كأعداء جُدُدٍ للرأسمالية في صراعها مع العالم الغارق في التاريخ؛ حيث يقف هذا العامل عائقًا في طريق انتشار القيم الرأسمالية وتعميمها، وليس هناك من طريق أمام المجتمعات غير الغربية للخروج من عالم ما قبل التاريخ إلا اتباع النموذج الغربي، وتحديدًا النموذج الأمريكي سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا[19].

 

وقد ركز فوكوياما بصورة كبيرة على الإسلام كمصدر حقيقي ثانوي، يمكنه لبعض الوقت الاقتراب من منافسة الليبرالية؛ باعتبار أن الإسلام يشكل نظامًا أيديولوجيًّا آخر متماسكًا شأن الليبرالية والشيوعية، وله نظام أخلاقي خاص، وعقيدة في العدالة السياسية والاجتماعية، ودعوته ذات طابع شمولي تتوجه لكل الناس ... وعلى الرغم من أنه - أي الإسلام - هزم الديمقراطية الليبرالية في أجزاء متعددة من العالم الإسلامي، حتى في البلدان التي لم يستطع فيها استلام السلطة مباشرة، فإنه لا يمارس أية جاذبية خارج الأصقاع الإسلامية، ولن يتمكن من منافسة الديمقراطية في عقر دارها في مجال الأفكار[20]، وفي رأيه أن الأطراف غير الغربية من العالم ستكون في المستقبل المنظور كأطراف متلقية للقيم الغربية[21].

 

وكرؤية تقيمية يمكن القول: إن خطاب (النهاية) هو خطاب انتصاري يحمل في طيَّاته رسالة متعجرفة أغرَتْه بعض الوقائع الدولية، وجعلته يعتقد أن (أنا التاريخ)، ومركزها أوروبا وأمريكا قد حققت ذاتها، ومن ثَمَّ فعلى باقي العوالم المسارعة للالتحاق بالتاريخ الكوني، ومن ثَمَّ فإن الجنوب محكوم عليه - وفق هذه النظرة - بالتبعية الدائمة، وسيبقى فاعلًا سلبيًّا يملأ العالم مجاعات وتهديدات، ويعرض عالم ما بعد التاريخ لعدم الاستقرار[22]، وإذا كانت الديمقراطية بنظره قيمة عالمية فالغرب لا يطبق القيم بطريقة عالمية، فالتغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان ومسائل التعذيب، يشير إلى أزمة النظام الرأسمالي، وهي أزمة ليست عابرة[23].

 

ثانيًا: نظرية صدام الحضارات:

نشر صاموئيل هنتغتون أطروحته حول صدام الحضارات في مقال له عام 1993 في المجلة الأمريكية (شؤون خارجية) ثم حوَّله إلى كتاب عام 1996، تبنَّت نظرية صدام الحضارات لصاحبها صاموئيل هنتنغتون صراحة فكرة اعتبار الحضارة العامل الجديد الذي سيتحكم في صيرورة العلاقات الدولية، وأن ظاهرة التصادم بين الحضارات ستحل محل الحرب الباردة؛ باعتبارها الظاهرة المركزية للصراع الدولي، ومن ثَمَّ فالانقسامات الكبرى في العالم ستكون انقسامات ثقافية تتصادم في إطارها مجموعة من الكتل الحضارية المتنافسة[24].

 

فالصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة حسب هنتغتون يشهد تحولًا من الصراع الأيديولوجي والاقتصادي إلى الصراع الثقافي؛ حيث يرتبط الأمن الدولي بصورة متزايدة بالهوية الثقافية بدلًا من ارتباطه بسيادة الدولة أو الأمة، ويعتبر هنتغتون في هذا السياق أن الصراعات بين المجموعات في الحضارات المختلفة ستكون أكثر توترًا أو أكثر استدامة وعنفًا من الصراعات بين المجموعات في الحضارة نفسها، وسوف يعبر الصدام الثقافي عن نفسه على مستوى الصراع على الموارد من جهة، وعلى مستوى المنافسة على القدرات والنفوذ ضمن النظام الدولي، كما أن المحرك الرئيسي لهذا التنافس هو ما بين الغرب بصفة الحضارة المسيطرة من جهة، والبقية من جهة أخرى[25].

 

وركز هنتنغتون في أطروحته على أن الحضارة الإسلامية والصينية تمثلان التحدي الأكبر للحضارة الغربية، ورأى أن دراسة الحضارات والثقافات وليست الدول هو المجال الذي يمكن من خلاله دراسة مستقبل الصراعات الكونية[26]، ويهتم هنتغتون بالتحدي الذي يفرضه الإسلام على الغرب اهتمامًا خاصًّا لأن معدل الولادات فيه أعلى من الحضارات الأخرى من جهة، ولانبعاث شعبيته في نهاية القرن العشرين من جهة أخرى، بالإضافة إلى ذلك يعني رفض الإسلام للقيم الغربية والتأثير الأمريكي أنه مُقدِّر لهاتين الحضارتين أن تصطدما عند نقطة ما، فإذا تحالفت الصين مع الدول الإسلامية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، فسيكون خطر الحرب كبيرًا جدًّا[27].

 

ويوصي صاموئيل هنتغتون الحضارة الغربية بضرورة التجديد الحضاري لنفسها على اعتبار أن بعض الحضارات غير الغربية يمكن أن تشهد إعادة انبعاث يهدد الغرب في مركزه القيادي للعالم، في إشارة منه إلى الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية، ووجه الربط بين الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية من جهة أن أكثر النزاعات خطورة في جنوب آسيا هو النزاع حول إقليم كشمير الذي تشترك فيه القوى الرئيسة الثلاثة في النظام – أي: الصين والهند وباكستان - وقد أصبح إقليم كشمير محل نزاع منذ عام 1947 بعد تقسيم شبه القارة الهندية إلى دولتين؛ هما: الهند وباكستان من طرف بريطانيا، وفي عام 1962 دخل طرف جديد في معادلة النزاع حول كشمير تمثل في الصين التي تمكَّنت خلال حربها الحدودية مع الهند عام 1962 من احتلال جزء من الإقليم، وفي عام 1963 تنازلت باكستان عن جزء من إقليم كشمير لصالح الصين، ومنذ ذلك الحين أصبح الإقليم المتنازع عليه مقسَّمًا بين الهند وباكستان والصين، وما يزيد في تعقيد النزاعات الحدودية في النظام الإقليمي لجنوب آسيا هو أخذها لأبعاد عرقية ودينية وحضارية وإستراتيجية، بينما يكتسي نزاع كشمير بعدًا حضاريًّا حسب صموئيل هنتغتون؛ فجنوب آسيا هي ملتقى لثلاث حضارات إنسانية كبرى (الكونفوشيوسية والإسلامية والهندية)، وهذا ما يمكن أن يكون مدخلًا لفهم وتفسير العلاقات والنزاعات، وأنماط التحالفات ضمن النظام الإقليمي لجنوب آسيا، فإقليم كشمير يقع حسب هنتغتون في خط الصدع، ومن ثَمَّ فهو يُعَدُّ من النزاعات المستعصية للحل والتي تستمر لمدة طويلة، وتُخلِّف عددًا كبيرًا من الضحايا، ويفسر هنتغتون التحالف الصيني - الباكستاني على أنه انعكاس للسعي لجعل العلاقة تعاونية وغير عدائية بين الحضارتين الكونفوشيوسية والإسلامية، والمعاديتين للحضارة الهندوسية؛ انطلاقًا من مبدأ أن العدو المشترك يخلق مصالح مشتركة، ومسلمو كشمير لا يسعون إلى إثبات هويتهم الإقليمية فقط، أو إلى تأكيد عدم ارتباطهم بالهند العلمانية، بل يريدون نشر قيمهم الإسلامية الأصولية، وتأكيد انتمائهم لباكستان والعالم الإسلامي[28].



[1] العلاقات الدولية: عالم واحد، نظريات متعددة.

[2] العالم المصنوع دراسة في البناء الاجتماعي للسياسة العالمية، حسن الحاج علي.

[3] التدخل الدولي الإنساني وأثره في مبدأ سيادة الدول، م. د. قحطان حسين طاهر، جامعة بابل/ كلية الدراسات القرآنية، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، العدد 32، نيسان، 2017، ص: 10، 11.

[4] ينظر: المصدر نفسه، ص: 40 - 42.

[5] إدارة الصراعات وفض المنازعات، ص: 181.

[6] ينظر: العلاقات الدولية: عالم واحد، نظريات متعددة.

[7] صدام الحضارات ... إعادة صنع النظام العالمي، صامويل هنتنجتون، ترجمة طلعت الشايب، ط2، 1999م، ص: 505.

[8] المصدر نفسه، ص: 521.

[9] ينظر: العلاقات الدولية: عالم واحد، نظريات متعددة.

[10] النظريات التفسيرية للعلاقات الدولية بين التكيف والتغير في ظل تحولات عالم ما بعد الحرب الباردة، الدكتور عبدالناصر جندلي، جامعة الحاج لخضر – باتنة كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، مقالة في مجلة الفكر، العدد الخامس، ص: 128.

[11] ينظر: صدام الحضارات ... إعادة صنع النظام العالمي، ص: 204، 401، 468، 472.

[12] الزلزال السوفيتي، محمد حسنين هيكل، دار الشروق، القاهرة، بيروت، ط2، 1990، ص: 11.

[13] ينظر: نهاية التاريخ والإنسان الأخير، فرانسيس فوكوياما، فريق الترجمة دكتور فؤاد شاهين، دكتور جميل قاسم، رضا الشايبي، مركز الإنماء القومي، لبنان، بيروت، 1413ه - 1993م، ص: 23، 68.

[14] تحليل الصراعات الدولية المعاصرة: بين الأبعاد الثقافية والاعتبارات الإستراتيجية، ص: 183.

[15] نهاية التاريخ والإنسان الأخير، ص: 258.

[16] المصدر نفسه، ص: 259.

[17] تحليل الصراعات الدولية المعاصرة: بين الأبعاد الثقافية والاعتبارات الإستراتيجية، ص: 183.

[18] ينظر: نهاية التاريخ والإنسان الأخير، ص: 258.

[19] تحليل الصراعات الدولية المعاصرة: بين الأبعاد الثقافية والاعتبارات الإستراتيجية، ص: 184، وينظر: نهاية التاريخ والإنسان الأخير، ص: 29، 207.

[20] نهاية التاريخ والإنسان الأخير، ص: 71.

[21] النظريات التفسيرية للعلاقات الدولية بين التكيف والتغير في ظل تحولات عالم ما بعد الحرب الباردة، ص: 128.

[22] مستقبل العلاقات الدولية من صراع الحضارات إلى أنسنة الحضارة وثقافة السلام، ص: 60،61، نقلًا عن تحليل الصراعات الدولية المعاصرة: بين الأبعاد الثقافية والاعتبارات الإستراتيجية، ص: 39.

[23] ينظر: (تحليل الصراعات الدولية المعاصرة: بين الأبعاد الثقافية والاعتبارات الإستراتيجية، ص: 41، 42، 185) و(الحروب وتوازن القوى دراسة شاملة لنظرية توازن القوى وعلاقتها الجدلية بالحرب والسلام، ص: 34).

[24] مستقبل العلاقات الدولية من صراع الحضارات إلى أنسنة الحضارة وثقافة السلام، ص: 43، نقلًا عن تحليل الصراعات الدولية المعاصرة: بين الأبعاد الثقافية والاعتبارات الإستراتيجية، ص: 107.

[25] تحليل الصراعات الدولية المعاصرة: بين الأبعاد الثقافية والاعتبارات الإستراتيجية، ص: 186.

[26] الدين والهوية إشكالات الصدام والحوار والسلطة، ص: 26.

[27] المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية، ص: 281.

[28] ينظر: الدور الصيني في النظام الإقليمي لجنوب آسيا بين الاستمرار والتغير 1991-2006، ص: 99، 102.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلاقات الدولية بين الوفاق والصدام (الجزء الأول)
  • العلاقات الدولية بين الوفاق والصدام (الجزء الثاني) النظريات التفسيرية للصراعات الدولية قبل الحرب الباردة

مختارات من الشبكة

  • العلاقات الدولية بين الوفاق والصدام (الجزء الرابع) رؤية نقدية للنظريات التفسيرية للصراعات الدولية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قاعدة ذهبية للمحافظة على جودة ومتانة العلاقات البشرية بين أطراف العلاقات(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تدبير علاقة الصائم مع غيره(مقالة - ملفات خاصة)
  • تسويق العلاقات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قضايا فقهية في العلاقات الدولية حال الحرب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي(PDf)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام والآخر في العلاقات الدولية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • صور من العلاقات الزراعية في العراق إبان القرن الثامن عشر (دراسة في وثائق تاريخية جديدة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الحروب - الاعتذار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الحروب - البغضاء)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب