• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

في الماء بركة وشفاء

في الماء بركة وشفاء
عبدالستار المرسومي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/3/2019 ميلادي - 12/7/1440 هجري

الزيارات: 18472

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في الماءِ بركةٌ وشفاءٌ

 


 

الماء خلقٌ من خلق الله تعالى، فيه إعجاز وبركة وشفاء، وضعَ الله تعالى فيه من الأسرار الكثيرة ما يُثير العجب، ولعل من أهم تلك الأسرار أنَّ الله تعالى جعله الأساس في خلق كل المخلوقات الحية؛ قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ﴾ [النور: 45].

 


 

جاء في أضواء البيان للشنقيطي رحمه الله قوله: "وقال بعض العلماء: هو الماء المعروف؛ لأن الحيوانات إما مخلوقة منه مباشرة؛ كبعض الحيوانات التي تتخلَّق من الماء، وإما غير مباشرة؛ لأن النُّطَف من الأغذية، والأغذية كُلُّها ناشئة عن الماء، وذلك في الحبوب والثمار ونحوها ظاهر، وكذلك هو في اللحوم والألبان والأسماك ونحوها؛ لأنه كله ناشئ بسبب الماء"[1].

 


 

والماء طاهر مبارك، ففي طهارته قال تعالى:

 

 

• ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾ [الفرقان: 48].

 


 

 

• ﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ [الأنفال: 11].

 


 

 

• وأما بركته فقد جاءت في قوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ [ق: 9].

 


 

 

وعموم الماء سواء كان مطرًا أو مياه أنهار أو مياه عيون هو ماء واحد، يتكوَّن من نفس المركبات، وله نفس الصفات والبركة بشكل عامٍّ، ما عدا أنه قد يحصل اختلاف يسير في نقاوته ونسب بعض العناصـر والأملاح فيه، باستثناء ماء زمزم فله خصوصية استثنائية معروفة، وأن مياه العيون تبقى لها خصوصية أيضًا؛ قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ﴾ [يس: 34]؛ لذلك عندما يصف الله تعالى الماء الذي يتلذَّذ به أهل الجنة، فيذكره إنه من العيون؛ قال تعالى: ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴾ [الرحمن: 66]، وقال تعالى: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [المطففين: 28]، وقال تعالى: ﴿ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ﴾ [الإنسان: 18].

 


 

والماء سائل، شديد السيلان، فمن المستحيل الحفاظ على الماء في كفِّ اليد مدة طويلة، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ [الرعد: 14]، وفسَّـرَ العلماء ﴿ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ﴾ [الرعد: 14] بالقابض الماء باليد، فإنه لا يحكم منه على شيء لكثرة سيولته، والعرب تضـرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلًا بالقابض الماء باليد؛ كقول الشاعر:

 

فأصْبَحْتُ مما كانَ بَيْني وبينَها *** مِنَ الوُّدِّ مثلَ قابضِ الماءِ باليدِ

 


 

وخلافًا للقاعدة العامة أيضًا، فإنه كلما ضغطت على الماء ازدادت سيولته؛ لهذا لا يمكن إنتاج الثلج بالضغط على الماء، ومن خصوصية الماء أنَّ ذِكرَ الماء كشفاء في القرآن الكريم جاء مع ماء العيون، وتحديدًا في شفاء نبي الله أيوب عليه السلام من مرضه، فقد دعا أيوب عليه السلام الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84]، قال البيضاوي في تفسيره: ((والضُّـرُّ بالضمِّ خاصٌّ بما في النفس كمرض وهزال))[2].

 


 

فكان ضرُّ أيوب عليه السلام هو المرض بالدرجة الأساس، فلما شعر أيوب عليه السلام بتفاقُم حالته الصحيَّة، وتردِّيها دعا ربَّه تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [ص: 41]، فجاءه الجواب من ربِّه تعالى بقوله تعالى: ﴿ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾ [ص: 42]، واركض؛ يعني: اضـرب الأرض برِجْلِك فنبعت عين ماء، فاغتسل منها أيوب عليه السلام، فبرئ ما بجسده وشرب، فبرئ ما بداخله وشفي، وهذا دليل على الشفاء بالماء.

 


 

قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره: "وجملة ﴿ اركض برِجلِك ﴾... إلخ مقولة لقول محذوف؛ أي: قلنا له: اركض برِجْلك، وذلك إيذان بأن هذا استجابة لدعائه.

 


 

والرَّكْض: الضرب في الأرض بالرِّجْل، فقوله: "بِرِجْلِكَ " زيادة في بيان معنى الفعل؛ مثل: ﴿ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ [الأنعام: 38]، وقد سمَّى الله تعالى ذلك استجابة في سورة الأنبياء؛ إذ قال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ﴾ [الأنبياء: 84]، وجملة ﴿ هَذَا مُغْتَسَلٌ ﴾ مقولة لقول محذوف دَلَّ عليه المقول الأول، وفي الكلام حَذْفٌ دلَّتْ عليه الإشارة، فالتقدير: فركض الأرض فنبع ماء، فقلنا له: ﴿ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾ [ص: 42]، فالإشارة إلى الماء؛ لأنه الذي يغتسل به ويشرب.

 


 

ووصْفُ الماء بذلك في سياق الثناء عليه مشيرًا إلى أن ذلك الماء فيه شفاؤه إذا اغتسل به، وشَرب منه؛ ليتناسب قول الله له مع ندائه ربَّه لظهور أن القول عقب النداء؛ هو قول استجابة الدعاء من المدعو، و"مغتسل" اسم مفعول من الفعل اغتسل؛ أي: مغتسل به، فهو على حذف حرف الجر وإيصال المغتسل القاصـر إلى المفعول؛ مثل قوله:

 

تَمرُّون الديارَ ولم تعُوجوا

 


 

ووصفه بـ "بارِد"؛ إيماء إلى أن به زوال ما بأيوب من الحُمَّى من القروح؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحُمَّى من فَيْح جهنَّمَ فأطفئوها بالماء))؛ أي: نافع شافٍ، وبالتنوين استُغني عن وصف "شـراب"؛ إذ من المعلوم أنَّ الماء شراب، فلولا إرادة التعظيم بالتنوين، لكان الإِخبار عن الماء بأنه شراب إخبارًا بأمر معلوم، ومرجع تعظيم "شـراب" إلى كونه عظيمًا لأيوب وهو شفاء ما به من مرض[3].

 


 

وقد أثبتت التجارب الحديثة أن الماء هو المكون المهم في تركيب مادة الخليَّة، وهي وحدة البناء في كلِّ كائن حي نباتًا كان أم حيوانًا، وأثبت علماء الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعُلات والتحوُّلات التي تتم داخل الأجسام الحية، فهو إما وسط أو عامل مساعد أو داخل في التفاعل أو ناتج عنه، وأثبت علم وظائف الأعضاء أن الماء ضروري لقيام كل عضو بوظائفه التي بدونها لا تتوافر له مظاهر الحياة ومقوماتها[4].

 


 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، قال: فحسـَر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبَه حتى أصابَه مِن المطر، فقلنا: يا رسول الله، لمَ صنعتَ هذا؟ قال: "لأنَّه حديثُ عَهْدٍ بِربِّه تعالى"[5].

 


 

قال الإمام النووي رحمه الله: "معناه: أن المطر رحمةٌ، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى؛ فيتبركُ بها".

 


 

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الناس باستخدام الماء لعلاج الارتفاع في درجة حرارة الجسم (السخونة)، فهو يقول صلى الله عليه وسلم: ((الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوها بِالْمَاءِ))[6]، فارتفاع درجة حرارة الجسم مُؤشِّر على وجود المرض، ولا بُدَّ من خفض حرارة الجسم ليستمر الجسم بمقاومة الأمراض سواء كان سببها الفيروسات أو البكتيريا، وأفضل طريقة هي الكمادات الباردة أو استعمال الماء البارد، كما أن للماء فوائد علاجية لا تُعَدُّ ولا تُحصى، وحديثًا أصدرت جمعية مكافحة الأمراض اليابانية قائمة بتجارب أجرتها باستخدام نظرية العلاج بالماء، وأكدت نتائجها العلاج الشافي لعلاج العديد من الأمراض.

 


 

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه الطب النبوي: "الماء مادة الحياة وسيد الشراب، وأحد أركان العالم؛ بل ركنه الأصلي... وهو بارد رطب، يقمع الحرارة، ويحفظ على البدن رطوباته، ويرد عليه بدل ما تحلل منه، ويُرقِّق الغذاء وينفذه في العروق... والماء وإن كان في الأصل باردًا رطبًا، فإن قوته تنتقل وتتغيَّر لأسباب عارضة توجب انفعالها، فإن الماء المكشوف للشمال المستور عن الجهات الأُخَر يكون باردًا، وفيه يبس مكتسب من ريح الشمال، وكذلك الحكم على سائر الجهات الأُخَر، والماء الذي ينبع من المعادن يكون على طبيعة ذلك المعدن، ويُؤثِّر في البَدَن تأثيره.

 


 

إنَّ "نقص كمية الماء في الجسم عن المستوى المطلوب يُؤدِّي إلى الصداع والأرق، وعُسْـر الهضم والإمساك، وإذا كان النقص كبيرًا، فإن عمل الجسم يختلُّ، ويضطرب نظامُه، ثم يبدأ الجسم بالجفاف حيث تجِفُّ خلاياه، وتظهر التجاعيد على الجلد نتيجة ذلك"[7].

 


 

الوضوء:

 

وقد جاء ذكر الوضوء في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6]، وتبدو أهمية الوضوء بارتباطه بالصلاة التي هي عماد الدين ونور اليقين، والوضوء تطهُّر مادي ومعنوي؛ لذلك أثنى الله على المتطهرين المتوضِّئين دائمًا بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].

 


 

ولقد اهتمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء، وحث المؤمنين عليه بقوَّة، وجعله نصف الإيمان بقوله صلى الله عليه وسلم: ((الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ))[8]، وعظَّم صلى الله عليه وسلم منزلة وسَمْت المستمر والمواظب على الوضوء، فقال: ((إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ))[9]، وكان صلى الله عليه وسلم يومًا قد توضَّأ وضوءه المعهود، فقال لمن حوله تشجيعًا لهم وتعظيمًا في أجر المتوضئ: ((مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[10]، كل هذه الخصوصية والاهتمام بالوضوء هي من أجل دفع الفرد على الوضوء المستمر لما له من أهمية من المناحي كافة كما أسلفنا، وخاصة الصحيَّة.

 


 

ماء زمزم:

 

وماء بئر زمزم خير ماء على وجه الأرض بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ ماءٍ على وجه الأرض، ماءُ زمزم فيه طعامٌ من الطُّعم، وشفاءٌ من السقم))[11]، وقد كان اعتماد ماء زمزم كشفاء ضمن شفاءات القرآن الكريم في هذا البحث لسببين:

 

الأول: أنه ماء؛ ولكنه ماءٌ خاصٌّ، له خصوصيته وبركته وتركيبته.

 


 

الثاني: أنه ذكر ضمنًا في القرآن الكريم وليس تصريحًا، وذلك في قصة إبراهيم عليه السلام وزوجه هاجر وولده إسماعيل عليهم السلام جميعًا؛ إذ قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].

 


 

فلقد جعل الله تعالى أفئدةً من الناس وهم قبيلة جُرْهم العربية تهوي إلى هاجر وإسماعيل عليهما السلام بسبب أن الله تعالى قد أنعم عليهما بعين ماء؛ هي زمزم، "فعن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُما، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: صَهٍ؛ تُرِيدُ نَفْسَها، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ: بِجَناحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ، وَتَقُولُ بِيَدِها هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِن الْمَاءِ فِي سِقَائِها وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ))[12].

 


 

وبماء زمزم غُسِل صدرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يُهيَّأ لرحلة المعراج إلى السماء بمعية جبريل عليه السلام، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: ((فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم))[13].

 


 

وماء زمزم ماءٌ مباركٌ، فقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ))[14]، وهي إضافة لبركتها فإنها شفاء، وقال بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زَمْزَمُ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ))[15].

 


 

وزيادة على كل ذلك من كون ماء زمزم مباركًا، وشفاءً من الأمراض، وطعامًا من الجوع، وأنه خير ماء على وجه الأرض؛ فإنه لما يُشـرب له، بمعنى أن الله تعالى يُحقِّق للعبد نيَّتَه التي يشرب من أجلها العبد ماء زمزم من غير الأشياء التي ذُكرتْ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ماءُ زمزم لما شُـرِبَ له))[16]، وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في حق ماء زمزم: ((ماء زمزم: سيِّدُ المياه، وأشرفُها وأجلُّهَا قدرًا، وأحبُّها إلى النفوس، وأغلاها ثمنًا، وأنَفَسُها عند الناس، وهو هَزْمَةُ[17] جبريلَ عليه السلام، وسُقْيَا الله إسماعيلَ عليه السلام، وثبت في "الصحيح" عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأبي ذَرٍّ، وقد أقام بين الكعبة وأستارِها أربعينَ ما بين يومٍ وليلةٍ، ليس له طعامٌ غيرُه؛ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إنها طَعَامُ طُعْمٍ))، وزاد غيرُ مسلم بإسناده: ((وشفاءُ سُقْمٍ)) [18].

 

 



[1] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن؛ محمد الأمين الشنقيطي، ج4، ص 142.

[2] تفسير البيضاوي؛ البيضاوي، ج4، ص104.

[3] التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور؛ ابن عاشور التونسي، ج23، ص165.

[4] العلاج بالماء قديمًا وحديثًا؛ ماهر حسن محمود، ص6.

[5] صحيح مسلم 2120.

[6] صحيح البخاري 3261.

[7] معجزة الماء والرقية الشرعية (بحث)، د. دسوقي أحمد محمد عبدالحليم، ص6.

[8] صحيح مسلم 556.

[9] صحيح البخاري 136.

[10] صحيح البخاري 159.

[11] المعجم الأوسط؛ للطبراني 3912.

[12] صحيح البخاري 3364.

[13] صحيح البخاري 349.

[14] صحيح مسلم 6513.

[15] مسند البزار 3929.

[16] سنن ابن ماجه 3062.

[17] جاء في فيض القدير شرح الجامع الصغير؛ للمناوي: "هَزْمة جبريل: بفتح الهاء، وسكون الزاي؛ أي: غمزته بعقب رجله؛ قال الزمخشري: من هزم في الأرض هزمة إذا شق شقة، والهزم بلغة اليمن باطن الأرض".

[18] الطب النبوي؛ ابن قيم الجوزية، ص 132-133.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح حديث: لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب
  • شرح حديث: لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب
  • فضل صدقة الماء وإهدائه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أحجية الماء (قصيدة عمودية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح جامع الترمذي في (السنن) - ما جاء أن الماء من الماء(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • فقه أحكام المياه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: الماء من الماء(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الماء المتغير بطاهر يشق صون الماء عنه(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • حديث: إذا كثرت ذنوبك فاسق الماء على الماء تتناثر ذنوبك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • في حكم بيع فضل الماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الماء في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أحاديث عن فضل الوضوء(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- جزاك الله خيرا
أبو محمد المشهداني - العراق 19-03-2019 07:13 PM

جزاك الله خيرا أستاذنا العزيز .. مقالة مهمة

1- شكر
حسين نجيب أبوحافظ - مصر 19-03-2019 03:20 PM

جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب