لكي تكون مثقف الفكر

لكي تكون مثقف الفكر

إن من متطلبات عصرنا - وكل عصر - أن يرتقي الإنسان بشخصيته فيكون مُثقف الفكر، واسع الاطلاع، غزير المعرفة، سريع البديهة، متعدد العلاقات والخبرات. كل هذه الأمور هي أمور تراكمية مكتسبة تزداد وتنقص حسب دائرة علاقات الفرد واحتكاكه المباشر وغير المباشر وخبراته التي تبدأ مع ميلاد الإنسان وتنتهي بموته، والعمل على بلوغ الكمال فيها أو القرب من ذلك واجب ومطلوب.

• من الألقاب التي يتباهى بها الإنسان أن يُقال عنه إنه " مثقف "، والثقافة من الكلمات التي تعددت معانيها ومفاهيمها من مكان لمكان ومن عصر لآخر ولكني أستطيع أن أضع تعريفاً ومختصراً للثقافة على أنها: " جاهزية الفرد لما قد يطرأ له أو ما قد يواجهه من أمور في المواقف والمجالات والأوقات المختلفة ".

أولاً: أسس وضوابط لا بد أن ينتبه إليها كل من أراد أن يكون مثقفاً:

1- من أبجديات صفات الإنسان المثقف أن يكون على دراية دقيقة شاملة بطبيعة العصر الذي يعيش فيه وذلك لأن الجاهل بطبيعة عصره ربما يقدم العلاج للصحيح ويمنعه عن المريض فيكون كمن يهدي الحسناء لكسيح أشل قعيد، وهذا ما دفع أحد المفكرين إلى القول: " إن المشكلة ليست في جهلنا بالإسلام، بل المشكلة في جهلنا بالعصر! ". ولقد كان لدقة علم النبي صلى الله عليه وسلم بطبيعة عصره أثراً بالغاً في نجاح الدعوة وانتشارها، فمن علمه صلى الله عليه وسلم بطبيعة عصره أنه صلى الله عليه وسلم وجه المسلمين في الهجرة الأولى إلى الحبشة دون غيرها، ووجه المسلمين في الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة دون غيرها، وأوفد الوفود إلى بلدان دون غيرها، وأحسن استقبال الوفود وأنزل الزعماء منازلهم...

2- إن من أول حقوق العقل الذي أودعه الله تعالى الإنسان دون غيره من المخلوقات أنه يحتاج إلى إعماله في كل ما هو مفيد وفي كل ما من شأنه إعلاء قدر صاحبه وإهمال هذا العقل - كشأن أي عضو آخر - يؤدي به إلى البلادة والضمور وبالتالي يكون صاحبه مطية سهلة لكل راكب حيث تتقاذفه الآراء والأهواء فما يؤمن به اليوم يُنكره غداً، وما أنكره بالأمس يعتنقه ويدافع عنه اليوم. إن العقل هو خط الدفاع الأول وحائط الصد المنيع الذي يقي صاحبه من التضليل والتغييب والأفكار الهدامة والانسياق وراء كل ناعق.

3- الثقافة منها الثقافة الموسوعية التي تلم بأكثر من مجالٍ ثقافي، والثقافة التخصصية التي تكتفي بالإلمام بكل جوانب علم واحد من جوانب العلوم الإنسانية. والذي نعنيه في هذا الموضوع سيتناول الحديث عن الثقافة الموسوعية كمطلب من مطالب العصر وهذا لا يقلل من شأن الثقافة التخصصية ولكن لكل حدث حديث.

4- إن الثقافة الموسوعية يجب أن تكون شاملة كل ما هو مُفيد وبنَّاء وهادف من الثقافات الإنسانية بما لا يتعارض مع قواعد الدين ومبادئه، ولا مع القيم والمبادئ والمعتقدات المجتمعية الصحيحة. وبالتالي فإن شمولية الثقافة لا تعني الانغماس والذوبان والتنصل من الأصول وذلك رداً على من يخلطون بين شمولية العلم وبين شمولية الثقافة، فالعلم كوني ولكن الثقافة مجتمعية أصولية.

5- لا أحب أن يُفهم من ذلك أن الثقافات الأخرى كلها شر أو ضلال، فكم فيها من علم نافع، وكم فيها من عمل صالح، وكم فيها من خلق كريم، وإنجازات هائلة، ولكنها قد تنبثق من الفهم الإنساني قبل أن تنبثق من الفهم العقائدي وبالتالي فموازينها قد تختل وقد تختلف باختلاف المكان والزمان والإنسان على عكس الثقافة المنبثقة من فهم عقائدي ثابت مهما اختلف الزمان والمكان والإنسان ومن هنا وجب التنويه.

6- إن الثقافة بهذا المفهوم لا ترتبط بشخص دون آخر، ولا بمهنة دون أخرى، ولا بمجتمع دون آخر، ولا بمستوى تعليمي دون آخر، ولا بسن دون آخر. فالثقافة هي ذلك النهر المتدفق الذي ينهل منه الجميع وفق حاجته وبما يفي بمتطلباته، وما مثال الأديب والمفكر والصحفي والشاعر والمترجم وعضو مجلس النواب وعضو مجمع اللغة العربية عباس محمود العقاد بخفي على أحد وهو الذي لم ينل من التعليم سوى المرحلة الابتدائية.

7- إن تحقيق هذا المطلب المُلِح يُعد غاية في الصعوبة إلا على من جعله هدفاً حيوياً وخطط له وسعى إلى تحقيقه بكل جدية ومهارة، ولكن من ارتجل في تحقيق هذا المطلب واكتفى بزهرة من كل بستان دون معرفة فن تنسيقها ودون الدراية بشذاها وعبيرها لانقلبت عليه نقمة وكان التخلي عنها أفضل من حملها.

8- المثقف هو ذلك الشخص الذي لديه القدرة التفكير العميق وربط الأسباب بالمسببات والمقدمات بالنتائج للوصول إلى الرؤى والتصورات الشاملة وأن يكون لديه القدرة كذلك على عرض هذه الرؤى والتصورات بأسلوب يجعل الآخرين يقتنعون بحجته أو يجعلها ممكنة التبني والتنفيذ.

9- المثقف الحقيقي يتصف بشجاعة فكرية ويقتحم المُسلمات أو كمل يقولون " يفكر خارج الصندوق " ولا يُسلِّم بكل ما يسمع، ولا يكتفي بالأفكار الجاهزة مثل العوام ومعظم المتعلمين بل يعتمد التمحيص والتحري والتحليل والنقد... فلا هو إسفنجة تمتص كل السوائل ولا ببغاء يردد كل ما يسمع دون إعمال للعقل.

10- المثقف الحقيقي قد يعتبره المجتمع مُتمرداً على واقعه وبالتالي قد يعامله المجتمع بجفاء أو بسخرية وقد يصل الحال به إلى أن ينبذه المجتمع بسبب افكاره الغير مألوفة أو التي تختلف عن مسلمات المجتمع وموروثاته السائدة. ما أود أن أقوله في هذه النقطة هو أن المثقف لا يجب أن يتأثر بكثرة ناقديه ولا بقلة مؤيديه فالوقت جزء من العلاج في هذه النقطة وصاحب الرؤى والأفكار حياته ممتدة بامتداد ما يتركه من رؤى وأفكار موضوعية بناءة.

ثانياً: قائمة بالمهارات التي تجعل من الشخص مثقفاً حسب رؤية جامعة برينستون بولاية نيو جيرسي الأمريكية:

1- القدرة على التفكير، والكلام، والكتابة بشكل واضح.

2- القدرة على التفكير بشكل ناقد ومنهجي.

3- القدرة على تصور المشاكل وحلها.

4- القدرة على التفكير بشكل مستقل.

5- القدرة على اتخاذ المبادرة والعمل بشكل مستقل.

6- القدرة على العمل بالتعاون مع الآخرين والتعلم التعاوني.

7- القدرة على الحكم على ما يعنيه أن نفهم شيئاً جيداً.

8- القدرة على التمييز بين المهم من التافهة، والدائم من المؤقت.

9- الألفة مع أنماط مختلفة من الفكر (بما في ذلك الكمي والتاريخي والعلمي والجمالي).

10- عمق المعرفة في حقل معين.

11- القدرة على رؤية الروابط بين التخصصات والأفكار والثقافات.

12- القدرة على متابعة التعلم مدى الحياة.

ثالثاً: الضروريات اللازمة لصياغة الشخصية العصرية المثقفة هي:

قبل الحديث عن هذه النقطة وقبل أن نسرد بنودها لابد وأن ننوه ونقر أن...

1- ديننا الإسلامي دين شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً. فالإسلام يسع الوطن والحكومة والأمة، ويسع الخلق ويحث على القوة، ويأمر بالعلم ويشجع الثقافة، ويحث على العقيدة الصادقة والعبادة الصحيحة سواء بسواء.

2- تراثنا من الثقافة الإسلامية لا يتعارض مع تراثنا من الثقافة العربية، وأن العلم لا يتعارض مع الإيمان، وأن العقل لا يتعارض مع النقل، إلا إذا تم تشويه أحدهما أو تحريفه.

3- إن التعارض بين الأصالة والمعاصرة يكون عندما تفهم الأصالة على أنها الجمود والاحتباس الاختياري في سجن الماضي، وعندما تفهم المعاصرة على أنها الانقياد الأهوج والاتباع الأعمى للثقافات الأخرى.

4- الاكتفاء بالموروث من التراث لا يفي بمتطلبات العصر كما أن إهمال الموروث من التراث سيجعلنا في مهب الريح كالنبات الذي لا جذور له وسيفقد الأمة هويتها وأصالتها وعراقتها.

5- المواءمة مطلوبة والتوازن مطلوب بما لا يتعارض مع صحيح الدين وبما لا يتعارض مع صحيح القيم والمبادئ والأعراف سواء بسواء.

6- غزارة الجانب الثقافي والمعرفي لا تغني عن تجويد وإتقان التخصص الأساسي. لو افترضنا أن هناك عشر وحدات للاستيعاب داخل المخ فلنجعل نصفها للتخصص الأساسي والنصف الآخر لكل المجالات الثقافية والمعرفية الأخرى.

• من هذا المنطلق ومن خلال هذه المفاهيم حاولت أن أضع في السطور القادمة بعض الأسس والضروريات اللازمة لصياغة الشخصية العصرية المثقفة والتي يمكن البناء عليها والدوران في فلكها والنسج على منوالها بما يتوافق مع ظروف كل إنسان وطبيعة عمله وعلاقاته والمجتمع والعصر الذي يعيش فيه.

الضروريات اللازمة هي:

1- احرص على المراجعة المستمرة على ما سبق أن حفظته من سور القرآن الكريم.

2- احرص على حفظ السور والآيات التي ورد الحديث بفضلها والترغيب في قرائتها مثل سورة (الكهف - الملك - يس - الدخان - آية الكرسي - خواتيم سورة البقرة...) وكذلك المقاطع المتعلقة ببعض الأحكام أو التي تزيدك خشوعاً في صلاتك.

3- تعرف على معاني موجزة لبعض المصطلحات القرآنية مثل (ناسخ - منسوخ - متشابه - مُحكم - مُفصَّل - مثاني - مئين..).

4- احرص على اقتناء تفسير مُبسط ومُختصر للتعرف على معاني بعض المفردات القرآنية ومعرفة تفسير موجز لما تحتاجه من آيات وأحكام.

5- تعرف على مبادئ التجويد وأساسيات النحو والبلاغة.

6- احرص على حفظ أدعية اليوم والليلة وأذكار الصباح والمساء ويُعينك على ذلك معرفة فضل كل ذكر أو دعاء تردده.

7- احرص على مراجعة مُتون ما تحفظه من أحاديث نبوية والتأكد من صحتها حتى لا تستشهد بحديث ضعيف ولا موضوع ولا ترتجل المعنى... الخ.

8- التعرف على شخصية النبي صلى الله عليه وسلم من حيث (نسبه - أسماؤه - زوجاته - أبنائه - بناته - طعامه - عاداته وأحواله..).

9- حاول أن تحفظ 50 حديثاً جديداً في أبواب مختلفة مع مُراعاة الضابط السابق.

10- تعرف على معاني موجزة لبعض مصطلحات علم الحديث مثل (الحديث النبوي - الحديث القدسي - السند - المتن - الآحاد - المتواتر - موقوف - مرفوع - صحيح - حسن - غريب - مُرسل - ضعيف - منكر..) ما أمكن ذلك.

11- احرص على اقتناء كتاب به شرح مُبسَّط لبعض الأحاديث مثل (شرح الأربعين النووية - رياض الصالحين).

12- تعرف على سيرة ذاتية مبسطة عن أشهر رواة الأحاديث من الصحابة، وهم حسب ترتيبهم في عدد الأحاديث التي قاموا بروايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم (أبو هريرة - عبد الله بن عمر - أنس بن مالك - أم المؤمنين عائشة - عبد الله بن عباس - جابر بن عبد الله - أبو سعيد الخدري - عبدالله ابن مسعود - عبدالله بن عمرو بن العاص - عمر بن الخطاب - علي بن طالب) رضي الله عنهم أجمعين.

13- تعرف على سيرة ذاتية مبسطة عن رواة الحديث الستة، وهم (البخاري - مسلم - الترمذي - النسائي - ابن ماجه - أبو داود).

14- معرفة نبذه مختصرة عن أهم وأشهر الغزوات والسرايا والمعاهدات والتحالفات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

15- تعرف على ألقاب الصحابة والصحابيات ومناسبة هذه الألقاب.

16- معرفة نبذه مختصرة عن السيرة الذاتية للخلفاء الراشدين وأئمة المذاهب وأبرز ما تم من أحداث في عهد كل منهم.

17- معرفة نبذه مختصرة عن أهم وأشهر الحروب والمعارك والفتوحات الإسلامية.

18- معرفة نبذة مختصرة عن التسلسل الزمني والتاريخي للعصور الإسلامية (الأموي - العباسي - الفاطمي - الأيوبي - المماليك - العثمانيين - العصر الحديث) مع معرفة أبرز الأحداث في كل عصر وكذلك أبرز القادة والشعراء والعلماء..

19- معرفة نبذة مختصرة عن الأديان السماوية " من مصادرها الصحيحة ".

20- معرفة نبذة مختصرة عن أولي العزم من الرسل.

21- معرفة نبذة مختصرة عن السنن الكونية والمعجزات التي أيد الله تعالى بها الأنبياء.

22- معرفة نبذة مختصرة عن الحضارات القديمة (الفرعونية - البابلية - الفارسية - الأشورية - اليونانية - الإغريقية - الهندية - الجزيرة العربية - وسط إفريقيا – شمال إفريقيا).

23- معرفة نبذة مختصرة عن مباديء العلوم الكونية (الفلك - الفضاء - الجيولوجيا - البحار - الحيوان)

24- معرفة نبذة مختصرة عن الظواهر الطبيعية (البراكين - الزلازل - الأعاصير - النواة) من حيث (أبرز أماكنها - أسبابها - أثارها - كيفية التعامل معها..).

25- معرفة نبذة مختصرة عن مباديء العلوم الشرعية مثل (العقيدة - القرآن - الحديث - الفقه).

26- معرفة نبذة مختصرة عن مباديء العلوم الاجتماعية والإنسانية مثل (علم النفس - علم الاجتماع - علم الاقتصاد - علم السياسة - علم الأثار).

27- معرفة نبذة مختصرة عن المصطلحات الشائعة..

28- معرفة أبرز التيارات الموجودة على الساحة من حيث (النشأة - المبادئ - الرموز - التأثير).

29- التعرف على أساسيات التنمية البشرية مثل (الأنماط الشخصية - فن الحوار - فن التواصل - إدارة الاجتماعات واللقاءات والمناظرات - التوظيف الأمثل - لغة الجسد).

30- التعرف على رواد ومشاهير.

31- التعرف على مبادئ الإسعافات الأولية والطب البديل.

32- التعرف على وظائف أعضاء الجسم ومراحل النمو.

33- القراءة في كتب تربية الأبناء والحياة الزوجية والالتحاق بدورات في هذا الجانب أو عن طريق التثقف الذاتي عن طريق الشبكة العنكبوتية.

34- الحرص على اقتناء (مُعجم وجيز - قاموس في اللغة الإنجليزية باعتبارها الأكثر انتشاراً واستخداماً - أطلس جغرافي - كتاب مبسط في قواعد اللغة الإنجليزية - كتاب عن مبادئ الكمبيوتر..).

35- الحرص على استخدام مفردات اللغة الثانية التي تلم بها مع مراعاة المكان والزمان والأشخاص.

36- الحرص على حفظ واستخدام بعض المصطلحات الإنجليزية - الأقوال المأثورة - الحكم - مع مراعاة استخدام ذلك حسب متطلبات المكان والزمان والأشخاص.

37- التعرف على بعض عادات وتقاليد الشعوب والدول وعلى اللهجات والأزياء المختلفة وخاصة في الدول العربية.

38- التعرف على الموضة السائدة لتواكبها في شؤونك كلها بما لا يتعارض مع القواعد والمبادئ الثابتة للدين والعُرف.

39- القراءة في كتب الأمثال الشعبية ومناسبتها.

40- القراءة في كتب الحكم - الأقوال المأثورة - الألغاز.

41- القراءة في كتب قصص التراث والنوادر.

42- الحرص على متابعة مجموعة متنوعة من المواقع والقنوات الإخبارية المحلية والعالمية سواء باللغة العربية أو الإنجليزية.

43- الحرص على متابعة البرامج الوثائقية واقتناء ما له صلة مباشرة بمجال عملك.

44- الحرص على متابعة برنامج حواري للاستفادة من طريقة عرض الموضوعات وطريقة تناولها.

45- التعرف على أهم التضاريس في العالم بصفة عامة ودولتك والمحافظة التي تقيم فيها بصفة خاصة.

46- التعرف على الدول وعواصمها وأعلامها وعملاتها، وما تشتهر به بصفة عامة وكذلك التعرف على التقسيم الإداري لدولتك والمحافظة التي تقيم فيها بصفة خاصة.

47- احرص على أن يكون من بين أصدقائك ومعارفك مجموعة أفراد من دول عربية وأجنبية للتواصل المباشر وللإثراء اللغوي سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها مع مراعاة عدم الانسياق وعدم الذوبان.

48- الحرص على القيام برحلات داخلية وخارجية لإثراء الجانب الثقافي والمعرفي ولزيادة الخبرات وتوطيد العلاقات.

49- احرص على أن يكون أصدقائك ومعارفك من وظائف ومهن وأعمار وأوساط اجتماعية مختلفة.

50- تعرف على نظرية تشغيل الأجهزة المنزلية والكهربائية التي تستخدمها وكيفية القيام بأعمال الصيانة الدورية أو الطارئة وكذلك كيفية تلاشي أخطارها.

51- احرص على أن تكون هواياتك هادفة ومفيدة وغير مكلفة مثل (زراعة النباتات - تربية الطيور - فك وتركيب الأجهزة القديمة).

52- احرص على أن يكون لديك مكتبة كتب ومكتبة إلكترونية مُقسمة المجالات والفروع والعمل على تزويدها المستمر بالكتب والبرامج وكذلك الحرص على وجود مكان مريح ومناسب للقراءة والاطلاع.

53- احرص على ألا يكون استخدامك للأجهزة الحديثة استخداماً تقليدياً بل احرص على التعرف على أسرارها وكذلك احرص على اقتناء الحديث منها بما يتوافق مع دخلك وعملك والوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه.

54- احرص على تدوين كل ما تخشى نسيانه وكل ما يصعب الحصول عليه مرة أخرى (معلومات - أرقام - عناوين - بريد إلكتروني - مواعيد - أسعار - جهات خدمية - استفادات).

55- احرص على زيارة معارض الكتب والمكتبات العامة وقصور الثقافة والصالونات الثقافية للمشاركة وللتعرف على المستجدات.

56- احرص على حضور مناقشة الرسائل العلمية مرتين في العام كحد أدنى.

57- الاشتراك في مسابقة ثقافية أو بحثية مرة كل عام على الأقل.

58- اجعل لنفسك أستاذاً في كل مجال من المجالات ترجع إليه للاستشارة عند الحاجة لذلك.

59- حاول مُراسلة الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية لضمان استمرارية العطاء والبذل.

60- احرص على توثيق كل ما تحصل عليه من معلومات وكل ما تكلف بإعداده من معلومات من مصادرها الصحيحة عن طريق المختصين أو المراجع أو عن طريق الشبكة العنكبوتية.

• بالطبع هذه النقاط ليس هي كل شيء فمن المؤكد أن هناك نقاط وجوانب ومجالات أخرى ولكن كما قلت أن هذه النقاط هي ما يمكن البناء عليها والدوران في فلكها والنسج على منوالها بما يتوافق مع ظروف كل إنسان وطبيعة عمله وعلاقاته والمجتمع والعصر الذي يعيش فيه.

• رابعاً: لكي تؤتي كل هذه الضوابط والنقاط ثمارها المرجوة لابد من ملاحظة ما يلي:

1- لا يجب أن ننظر إلى كل هذه النقاط على أنها كم هائل من الصعب تحقيقه فالثقافة والتعليم والتعلم أمور مستمرة مدى الحياة " من المهد إلى اللحد ".

2- اعلم أنك كلما نهلت من العلم والثقافة كلما زدت مكانة وحُسناً وأدباً.

3- لا يوجد إنسان لا يسهر، ولا يوجد إنسان لا يتعب ولا يوجد إنسان لا يُضحي ولكن شتان الفرق بين من يسهر ويتعب ويضحي من أجل غاية نبيلة ومن يسهر ويتعب ويضحي من أجل منكر ورذيلة.

4- لابد أن نوقن أن مخ الإنسان قد أودعه الله تعالى قدرة هائلة على الفهم والاستيعاب والحفظ والتذكر وأمامنا نماذج لا تحصى من الأفراد الذين أحسنوا استغلال هذه القدرة. وقديماً قيل: " كل إناء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع ".

5- لا يجب أن ننظر إلى كل هذه النقاط على أنها مُكلفة أو مُرهقة مادياً بل ننظر إليها على أنها استثمار في بناء الإنسان على مدى حياته وذلك هو الاستثمار الأمثل. وإذا كنت تستكثر النفقة على بناء ذاتك وكيانك فانظر لمن يبدد ماله وثروته في اقتناء ما لا فائدة منه سوى مُجاراة الآخرين أو بحثاً عن شهرة زائفة وألقاب فارغة.

6- سبيلك إلى الاستمرارية واستعذاب كل مجهود في ذلك الجانب هو تقوى الله تعالى وحسن الاستعانة به سبحانه، استغلال الوقت، حسن التنظيم، الدقة، المثابرة، اغتنام الفرص. كل هذه العوامل لها أثر كبير في تحقيق هذا المستهدف.

7- كل هذا الكم الهائل من المعلومات عبارة عن ثروة كبيرة يجب الإنفاق منها بحكمة بالغة دون إفراط ولا تفريط فهي كالملح للطعام يستخدم بحكمة حسب الحاجة والضرورة فقط.

8- الحرص على توريث كل هذه الصفات للأبناء ومحيطك الأسري بصفة خاصة، ولكل من ترى فيه مؤهلات النبوغ في هذا الجانب بصفة عامة.

9- اعلم:

• إذا لم تداوم على مراجعة العلم فإنه سيتفلت منك ويُنسى.

• لا يزال المرء عالمًا ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنَّه قد علم فقد جهل.

• العلم ما نَفَع، ليس العلم ما حُفِظ.

10- يقول القروي:

تلقَّطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها وسَلْها، ولا يخجِلكَ أنكَ تَسألُ إِذا كنتَ في إعطائِكَ المالَ فاضلاً فإنكَ في إعطائكَ العلمَ أَفضَلُ

• تلك عشرة كاملة بها وبغيرها تخف وطأة التعلم وتهون مصاعبه وتذلل عقباته وتحقق غاياته.

• ختاماً: إن حسن تطبيق ما مضى كفيل أن يخرج لنا شخصية مُثقفة...

1- معتدلة ووسطية الفكر، مُحبة للحق وكارهة للظلم.

2- مُحبة للسلام كارهة للحروب والفوضى.

3- ساعية للإصلاح نابذة للفساد.

4- حريصة على التعايش وقبول الآخر بما لا يتعارض مع الثوابت والمبادئ.

5- حريصة على التسامح كارهة لكل مظاهر التعصب والعنف والإكراه والاعتداء المادي والمعنوي.

• إن من يُحسن فهم دينه ويحسم غايته يأبى إلا أن يكون له باعاً في كل فروع الثقافة ودُروبها.

• إن حدثك في أصول الدين هِبته وعظمت قدره لعذب حديثه عنها وبلاغة منطقه ودقة فهمه لها.

• وإن حدثك في الشعر والأدب والبلاغة والتراث خلت وكأنه يقضي حياته بين الكتب ودِفافها.

• وإن حدثك عن الحياة ودروبها ما ظننته إلا شيخاً طاعناً في السِّن قد عركته الحياة وعركها.

• وإن سكت عن الحديث علمك هيبة الوقار والسكينة وجلالها.

• هكذا من يُحسن فهم دينه ويحسم غايته إن جلست معه شعرت وكأنك تقلب صفحات كتاب قد حوى من العلوم جُل أسرارها، أو أنك تجلس في حجرة قد ملئت الرجال كل أركانها.

• إن عجزت أن تكون مثله فالزمه مُلازمة السوار للمعصم والشجرة لظلها.

• وإن كنت لا هذا ولا ذاك قضيت حياتك هائماً فيها تلاطم أمواجها.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا من لدنك علماً.