شؤون بحثية وشجون تراثية (4)

شؤون بحثية وشجون تراثية (4)

1- أول الناطقين بالحكمة:

♦ أول مَنْ نطق بالحكمة أنوش بن شيث بن آدم كما في "مختصر المنتظم" لابن الجوزي ص ٨٥- ٨٦. فهل رُوِيَ شيءٌ مِنْ حِكَمهِ؟ هذا موضوعٌ جديرٌ بالتتبُّع.

♦ ♦ ♦ ♦

2- تاريخ إعارة الكتب:

الوصولُ إلى الكتاب بطريقة مجانية، والاستفادة مما فيه، لا يتمُّ إلا عن طريق الإعارة، فمتى نشأت هذه المنفعة؟ وكيف؟ ولماذا؟ وما أحكامها الشرعية؟ وما أخبارها التراثية؟ ومن الذين أعاروا؟ ومن الذين امتنعوا؟ وما دور المكتبات العامة والأشخاص في ذلك؟

وما هو وضع الاستعارة الآن؟ وهل للاستعارة مخاطر، وما هي مخاطرها؟ وكيف تتمُّ الاستعارة؟ وهل هي بمقابل أم بلا مقابل؟ وما هي الطرائفُ التي حصلتْ في ذلك؟

هذه الأفكار وغيرها هي ما تمَّ تناولُه في المحاضرة التي ألقيتُها في معرض الكتاب في الشارقة موسم 2016م، وهي مرتبطة -كما هو واضح- ارتباطًا وثيقًا بالكتاب، وهي فصلٌ مثيرٌ ومؤثرٌ من تاريخه.

♦ ♦ ♦ ♦

3- تنبيهٌ في الفهرسة:

يجبُ على الـمُفهرس أنْ يقرأ مقدمةَ الكتاب المخطوط الذي يفهرسهُ قراءة جيدة، حتى لا يقع في الوهم نتيجة الاستعجال، وأضربُ على ذلك مثلًا:

هناك كتابٌ عنوانه: "فصْلُ الخطاب فيما تَنزَّلتْ به عنايةُ الكريم الوهّاب".

وقد سُمِّيَ في "فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية: التصوف" (2/ 563): "لسان الإلهام في حظيرة الإنعام"، ذلك أنَّ المؤلفَ بدأه بقوله: "هذا كتابٌ سمّاهُ لسانُ الإلهام في حظيرةِ الإنعام: "فصْلَ الخطاب فيما تَنزَّلتْ به عنايةُ الكريم الوهّاب"، خاطبتُ به الوارثَ مني...". فأخذَ المفهرسُ الجملةَ الأولى ظانًّا أنها هي العنوان، فحصلَ هذا الوهمُ!

♦ ♦ ♦ ♦

4- قُضاة الحوائج:

في تاريخنا مفاخر، منها العملُ التطوعيُّ المتمثلُ بقضاء حوائج الناس، والقائمون بذلك كثيرون، منهم –على سبيل المثال- الشيخ عبدالعزيز بن دلف البغدادي (ت: 637هـ): جاء في ترجمته في" الذيل على طبقات الحنابلة":

"قال ابنُ النجار: كان كثير العبادة، دائم الصوم والصلاة، وقراءة القرآن منذ كان شاباً، وإلى حين وفاته. وكان مسارعاً إلى قضاء حوائج الناس، والسعي بنفسه إلى دور الأكابر في الشفاعات، وفك العناة، وإطلاق المعتقلين، ودفع المؤن والتنقيلِ من جهة العُمّال، يفعلُ ذلك مع القريب والبعيد والغريب، بصدرٍ منشرحٍ، وقلبٍ طيبٍ. وكان محباً لإِيصال الخير إلى الناس، ودفع الضرر عنهم، كثير الصدقة والمعروف، والمواساة بماله حال فقره وقلة ذات يده، وبعد يسارهِ وسعةِ ذات يده...

"وقال ابنُ الساعي:...كان لا يمل من الشفاعة، وقضاء حوائج الناس، حتى لو قيل: إنه لم يبق ببغداد من غني ولا فقير إلا قضاه حاجة، لكان حقًّا"[1].

وأدعو أنْ يتولى باحثٌ نابهٌ جادٌّ جمعَ تراجم هؤلاء في كتاب، وسيكون كتابًا نافعًا محفِّزًا دالًا على الخير عن طريق القدوة.

♦ ♦ ♦ ♦

5- الدعاء للتلاميذ:

التلاميذ كالأبناء، والاهتمامُ بشأنهم من القربات، والعلاقةُ بين التلميذ والشيخ في تراثنا علاقةٌ مميزةٌ.

وجاء في ترجمة الإمام أبي إسحاق الجبنياني (ت: 369هـ) في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض: أنه قال: "بلغني عن معلِّمٍ عفيفٍ رُئِيَ وهو يدعو حول الكعبة ويقول: اللهم أيّما غلامٍ علمتُهُ فاجعله مِنْ عبادك الصالحين. فبلغني أنه خرجَ على يديه نحو من تسعين بين عالٍم وصالحٍ"[2].

ومن البحوث النافعة جمعُ تراجم مَنْ دعا لطلابه وبيان ثمار هذا الدعاء، لا سيما في هذا الوقت الذي بدأتْ فيه العلاقةُ بالتراجع، والبرود، وغلبة المصلحة المادية عليها.

♦ ♦ ♦ ♦

6- حول أعمال المنجد:

جاء في "مَسْرَد بحوث الدكتور صلاح الدين المنجد المنشورة مرتبة حسب سنيّ نشرها" ضمن كتاب "مقالات ودراسات مهداة إلى الدكتور صلاح الدين المنجد" ص٤٧١-٤٩٦ جاء أنَّ (عفاف محمد واصل الحافظ) قامتْ بنشر عددٍ من أعمال الدكتور صلاح الدين المنجد، وهي:

♦ مسجد دمشق.

♦ خطط دمشق.

♦ ولاة دمشق في العهد السلجوقي.

♦ الظرفاء والشحّاذون في بغداد وباريس. ط دار الحياة بيروت، وط٣.

♦ رسائل ونصوص (٢).

♦ رسائل ونصوص (٣).

♦ المؤرِّخون الدمشقيون في العهد العثماني وآثارهم المخطوطة.

♦ اللغات في القرآن لابن عباس.

♦ قواعد فهرسة المخطوطات العربية.

وقد تكرَّرتْ في هذه كلِّها هذه العبارة: "ونشرَتْهُ عفاف محمد واصل الحافظ مُصوّراً في دبي بدون تاريخ". وسألتُ شقيقَها الأستاذ محمد مطيع الحافظ عن هذا فاستغرَبه وعجبَ منه، ولم يعرفْ مصدرَ هذه المعلومات، وأكدَّ أنها لا صحة لها.

♦ ♦ ♦ ♦

7- قراءة القرآن بالفارسية:

هذا موضوعٌ تناوله العلماء بالبحث، ومنهم القرطبي في "تفسيره" (7/ 5969)، وللشيخ جلال الحنفي البغدادي بحثٌ في ذلك، نشرَه في جريدة الثورة - كانت تصدرُ في بغداد-، ثم أعادتْ نشرَهُ مجلةُ "الرسالة الإسلامية" - كانت تصدرُ عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العراقية - فليُنظر ففيه فوائد.

♦ ♦ ♦ ♦

8- جملة محيرة:

جاء في كتاب "الإماء الشواعر" لأبي الفرج الأصبهاني في ذكر الجارية "متيم الهشامية" ص 92 - 93: "وحدَّثني أبو العباس الهشامي، عن أبيه، وعن غيره من أهله: أنَّ متيمًا مرَّتْ على باب مولاها، فرأته وعليه المزابل، وهو مسود، فوقعتْ مغشياً عليها، ثم أفاقتْ، وقالتْ:

يا منزلاً لم تبل أطلالهُ حاشا لأطلالك أنْ تبلى والعيشُ أولى ما بكاهُ الفتى لا بدَّ للمحزون أنْ يسلى

فابتاعها، وقد كاد من يطلبها أن يأخذها".

وعلَّق المحققان الدكتور نوري القيسي والدكتور يونس السامرائي على الجملة الأخيرة بقولهما: "كذا العبارة، وهي قلقةٌ وغير واضحة المراد، فمن الذي ابتاعها؟ ولعل هناك شيئًا ساقطًا من الخبر".

ورجعتُ إلى طبعة الدكتور جليل العطية ص 121 فلم أجدْ هذه الجملة: "فابتاعها، وقد كاد من يطلبها أن يأخذها" أصلاً. وقد أضافَ الدكتور العطية إلى الخبر تتمةً من كتاب "الأغاني" وغيرهِ. فمن أين جاءتْ هذه الجملة وأين ذهبتْ؟

والطبعتان صدرتا في عام واحد[3].

♦ ♦ ♦ ♦

9- ذيل تاريخ بغداد لابن النجّار:

هذا كتابٌ من أهم الكتب في تاريخ بغداد وأوسعها، ومما يُؤسف عليه أن أغلب أجزائه مفقودة، وقد أكثرَ العلماء من النقل عنه، ومنهم السيوطي في كتبه المتنوعة، وأقترحُ أن يقوم باحث بتتبعِ هذه النقول وجمعِها وإفرادِها بالنشر، ومن الممكن البدءُ بمؤلفات السيوطي، ففيها مادةٌ جيدةٌ.

♦ ♦ ♦ ♦

10- الهند:

سافرتُ إلى الهند مرتين، وقد زرتُ دلهي، وديوبند، وسهارنفور، وتهانه بهون، وكاندهله، ولكنو، ورائي بريلي، ومليح آباد، وعلي كره، وأكرا، وكيرلا، وزرتُ عشرين جامعة ومركزًا، ودخلتُ المكتبات الخطية، وحصلتُ على مؤلفات مخطوطة ومطبوعة قيمة، ولقيتُ العلماءَ الكبار والشباب، والطلاب، وألقيتُ محاضراتٍ كثيرة، ووقفتُ على قبورِ العلماء داعيًا لهم، ومنهم: الإمام ولي الله الدهلوي، والإمام أنور الكشميري، والإمام عبد الحي اللكنوي وقصدتُ بيتَه، وقبر الشيخ أبي الحسن الندوي وزرتُ بيتَه كذلك.

وفي الهند عجائب وغرائب، والحديثُ عنها ذو شجون.