• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

المنهجية والتأويل

المنهجية والتأويل
د. منتهى صالح عبدالعزيز أبو عين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/8/2017 ميلادي - 13/11/1438 هجري

الزيارات: 37776

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنهجية والتأويل


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، الخبير العليم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

إن منهجية فن التأويل، مصطلح يطرح رؤى جديدة ومناهج متنوعة نظراً لكثرة المسائل التي تثار في تأويل النصوص في الإسلام، ولعل هذه الرؤى المنهجية تحتل اليوم الصدارة في ميدان الأبحاث المنهجية الدينية والنفسية والإنسانية وغيرها، وكون الحضارة الإسلامية تميزت بكثرة المناهج في التأويل وتعدد الاجتهادات واختلاف الآراء، فكان هذا التميز دليل على معاني التسامح وقبول الاختلاف والحوار الهادف والفكر المنظم والاجتهاد والتأويل، وذلك كله وفق ضوابط الفكر الإسلامي ليؤدي إلى التقارب ونبذ الخلاف، وهذا يحتاج إلى التفتح المنهجي من أجل مواكبة التحديات الفكرية التي ظهرت في الآونة الأخيرة لتوائم متطلبات العصر الحديث، بفكرة التجديد المنهجي للتأويل، فلا بد من أن تكون هناك منهجية تأويلية تشبع التطلعات المعرفية للبحث عن الحقائق والغايات والمقاصد الصحيحة.

 

لذا فالمعنى المنهجي هو الذي يحول التأويل من نظرية ثابتة إلى نظرية متغيرة متحركة يفصل أحادية المعنى وأولويته ليفتح على إمكانيات لا حصر لها، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7] [1].

 

وفي الآية دلالة واضحة على أن التأويل ابتداء هو لله عز وجل، ثم ذكر سبحانه ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ ، إذن لا بد من الرسوخ في العلم حتى يستقيم التأويل.

 

هدف البحث:

1- نشر ثقافة الاختلاف وتعدد الاجتهادات وتعدد مناهج التأويل وتجددها على مر العصور ضمن ضوابط الفكر الاسلامي.

2- الوصول إلى مناهج تأويلية ملائمة للتغيرات والمستجدات تقوم على مبدأ إمكانية إيجاد حلول نافعة لما يعانيه العالم عموما من أفكار الخلاف والتنازع.

 

أهمية البحث:

1- بيان أهمية المنهجية في التأويل وطرقها مما يؤدي إلى حل مشكلات المجتمع المسلم.

2- تفنيد حبس نصوص الإسلام في منهجية واحدة للتأويل.

 

منهج البحث:

الوصفي التحليلي الذي يقوم على دراسة الواقع القائم لغياب المنهجية المتجددة في الوصول إلى التأويل الصحيح للنصوص.

 

مشكلة البحث:

1- غياب دور المنهجية المتجددة في الوصول إلى التأويل الصحيح للنصوص.

2- وقوع الكثير من المشكلات في المجتمع الإسلامي نتيجة التأويلات الخاطئة والخلاف المستمر بين التيارات المختلفة.

 

خطة البحث: وتشمل:

التمهيد: التعريف بمفهوم التأويل والمنهجية.

المبحث الأول: المنهجية الصحيحة في التأويل.

وفيه: مطلبان:

المطلب الأول: منهج التأويل في الإسلام.

المطلب الثاني: منهج أهل السنة والجماعة.

 

المبحث الثاني: الإشكالية المنهجية في التأويل.

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: إشكالية قراءة النص.

المطلب الثاني: إشكالية المعنى في التأويل.

المطلب الثالث: إشكالية الفهم في التأويل.

المطلب الرابع: الإشكالية المنهجية الحديثة.

 

الخاتمة: وتشمل النتائج والتوصيات

♦♦♦♦♦


المنهجية والتأويل

التمهيد

التعريف بمفهوم التأويل والمنهجية

إن النصوص على اختلاف أنواعها ومجالاتها، سواء كانت تشريعية دينية أو أدبية أو نفسية أو طبية أو هندسية أو غير ذلك، تتفق في كونها ذات بنية لغوية تابعة للفهم والتفسير، لذا فغالباً ما يلجأ إلى تأويل محتوى هذه النصوص على تنوع تخصصاتها.

 

أولاً: مفهوم التأويل لغة واصطلاحاً

1-التأويل في اللغة:

من مادة (أول) تفيد معنى الرجوع، والعود، والأول: الرجوع: آل الشيْ يؤول أولاً ومآلاً: رجع، وأول إليه الشيء: رجعه، وآلت عن الشيْ: ارتددت، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ [آل عمران: 7] [2].


وقيل التأويل: المرجع والمصير، مأخوذ من آل يؤول إلى كذا أي صار إليه، وأولته: صيرته إليه.[3] وقيل: أول الحكم إلى أهله: أي أرجعه ورده إليهم، وآل الجسم اذا نحف، وتأويل الكلام: عاقبته وما يؤول إليه [4]، قال تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 53] [5] والكلام إنما يرجع ويعود ويستقر ويؤول إلى حقيقته التي هي عين المقصود به، وهذا المعنى الوارد في الكتاب والسنة؛ والتأويل رد الشيء إلى الغاية المرادة منه علما كان أو فعلاً، ففي العلم نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ [آل عمران: 7] [6].

 

وفي الفعل نحو قوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ [7] أي بيانه الذي هو غايته المقصودة منه، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [8]، قيل: أحسن معنىً وترجمةً.[9]

 

2- التأويل في الاصطلاح:

للتأويل عند العلماء معانٍ متعددة ومنها:

• التأويل حقيقة ما يؤول إليه الكلام، وإن وافق ظاهره أو خالفه، فهو تفسير الكلام وبيان معناه، [10] وهذا المعنى المراد بلفظ التأويل في الكتاب والسنة، كقوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 53] [11]، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده، سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن.[12].

 

• والتأويل يأتي بمعنى التفسير عند المفسرين، قال مجاهد: إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره وبيان معانيه، وهذا مما يعلمه الراسخون.

 

• والتأويل يأتي بمعنى صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى ما يخالف ذلك، لدليل منفصل يوجب ذلك، ويكون هذا التأويل مخالفاً لما يدل عليه اللفظ ويبينه، وهذا ما اصطلح عليه العلماء المتأخرين المتخصصين في الفقه واصوله وعلم الكلام، وهذا المعنى الذي حذر منه علماء السلف واتفقوا على ذمه، وحذروا من أهله، ورموا في أثارهم بالشهب [13].

 

وهذا المعنى هو الذي عليه أكثر من تكلم من المتأخرين في مسألة الصفات والقدر وما شابهها، وهو من أعظم أصول الضلال والانحراف حيث صار ذريعة لغلاة الجهمية والباطنية والشيعة والمتصوفة وغيرهم، في تأويل التكاليف الشرعية على غير مقصودها أو إسقاطها أو تأويل الاسماء والصفات [14].

 

• والتأويل: رد الكلام إلى غايته الواقعية وحقيقته المادية والعلمية بإعادته إلى أصله ودلالته وحسن فهمه، والرد لا بد أن يكون علمياً.

 

من خلال النظر في التعريف اللغوي والاصطلاحي للتأويل نتبين أن هناك تقارب بين المعنيين، فما يؤول إليه الكلام من معنى ظاهر أو باطن ويكون هو عين المقصود من الكلام، وإن كان غير ذلك فهو معنى فاسد ومذموم ولا يلتفت إليه.

 

ثانياً: مفهوم المنهج لغة واصطلاحا

1- المنهج لغة: من نهج، يقال: نهج فلان الأمر نهجاً؛ أي أبانه وأوضحه، ونهج الطريق: سلكه، وقيل أنهج الطريق: وضح واستبان، وصار نهجاً واضحاً بيناً، والمنهج: الطريق الواضح المستقيم، قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]، وفي الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترككم على طريق ناهجة [15].


2- المنهج اصطلاحا: لم يذكر العلماء المتقدمون تعريفا للمنهج، إلا أننا نستطيع القول بأن المنهج له تعريفات عديدة ومنها الآتي:

• المنهج: مجموعة الركائز والأسس المهمة التي توضح مسلك الفرد أو المجتمع أو الأمة لتحقيق النتائج الإيجابية التي يصبو إليها كل منهم [16].

 

• نمط التفكير الإنساني، وبخاصة التفكير التأملي، والتفكير الاستقصائي المنظم، للأفكار في ميدان المعرفة على مختلف أنواعها[17]


• فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة إما من أجل الكشف عن الحقيقة حين نقوم بها جاهلين أو من أجل البرهنة عليها للآخرين حين نكون لها عارفين [18]

 

المبحث الأول

المنهجية الصحيحة في التأويل

إن قضية المنهج مهمة جداً في التأويل، وخاصة في النواحي العلمية، وفي النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، ولقد ذخر التاريخ بكوكبة من العلماء كان أعظمهم قدرا وأكبرهم أثرا في تأويل النصوص، أوضحهم منهجا، كما أن الساحة العلمية عبر التاريخ واجهت مشكلات عديدة من أخطرها غياب المنهج الصحيح في التأويل أو عدم وضوحه للمتلقي.

 

المطلب الأول: منهج التأويل في الإسلام.

إن المستقرئ لحال العلماء في الإسلام قديما وحديثا، يجد أن لهم أصولا راسخة ومنهجا واضحا بنوا عليه مذاهبهم وتأويلاتهم، لذا تحقق النفع من علومهم ومنهجهم، وبقدر الاهتمام بالمنهج من قِبل العَالِم يهيئ الله له القبول، والاستفادة من علمه ومنهجه، ومن أجدر النماذج ذكرا الفقيه الفذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث حصل له من الأثر العام والخاص ما يقل نظيره وفي معظم فنون العلم المختلفة، من التفسير والأصول والفقه والعقيدة والأحكام والفتوى وغيرها، مما أكسبه ثروة علمية ومنهجية قوية في التأويل يندر نظيرها.

 

ولا بد للمنهج أن يكون متجدداً بعيدا عن مناهج وتصورات خرقاء، والتجديد صناعة إنسانية متفردة تقوم على قلب عاقل مخلص، وفهم ذكي أساسه نظرة فاحصة وهمة عالية تفرد بها أولو العزم من العلماء والباحثين.

 

إن المعنى المنهجي للتأويل هو الذي يحًول التأويل من نظرية ثابتة إلى نظرية متحركة وينفصل عن أحادية المعنى وأولويته ليفتح على إمكانيات لا حصر لها، ويتجلى التأويل في أبهى صوره عندما ينصهر أفق القارئ (المؤول) في أفق النص، وتلتحم المعاني عند كل إحداثية زمانية ومكانية، فالنصوص على اختلاف مجالاتها تشريعية أدبية ودينية تتفق في كونها ذات بنية لغوية تابعة للفهم والتفسير، لذا فغالبا ما يلجأ إليه في التأويل محتوى هذه النصوص على تنوع تخصصاتها، لأن التأويل فيه تشتت كبير، فلا يكون منضبطا بقواعد محددة تحكم عملية الفهم، وبهذا لا تصلح أن تكون علما قائما بذاته.

ولعل الوصول إلى المعنى الصحيح المراد في التأويل لا بد له من منهجين:

1- المنهج الوصفي اللغوي.

2- المنهج النفسي.

 

لأن المؤول لا يغوص في النص إلا بملكة لغوية ثرية وقدرة على استبطان النفوس البشرية، وعلى الصعيد الموضوعي تعمل اللغة كوسيط فعًال بين المخاطِب والمخاطَب من أجل فك شفرة المعنى، فعلى القارئ أن يأخذ مكان وزمن المؤلف في محاولة فهم العصر الذي عاش فيه، ومعرفة دوافع التأليف والكتابة والمؤثرات الخارجية ذات الصلة المباشرة بشخص الكاتب، حيث هناك فرق بين المعنى ودلالة التأويل، فالمعنى يعود على مراد الشارع ودلالة التأويل تختص بما يعنيه النص للحاضر.

وأساسيات التأويل في الإسلام عديدة ومنها الآتي:

1- علاقة الفهم بالتفسير

2- علاقة الواقع بالنص والقارئ

3- علاقة اللغة بالنص

4- علاقة المعنى بالنص

5- علاقة المعنى بالواقع تنزيلاً وتطبيقاً.

 

ويجب بالتالي أن يتطابق المعنى مع النص لإمكانية التطابق مع المنهج، حتى ندرك مقصد الشارع، وكلما حاد المنهج عن إمكانية التطابق مع المعنى والنص فلا يمكن معرفة مقصد الشارع.

 

والنصوص عوالم تنتقل من عصر إلى عصر، ومن زمن بعيد إلى زمن حي منتعش بالأحداث، فالقول بأن المعنى هو عين ما أراده الشارع يبقى مجرد ادعاء ووهم لا يمكن التأكد من صحته وسلامته، وأما الأمر الثابت فهو النص بحروفه المادية والذي يقبل التأويل باستمرار، ومن أجل الوصول إلى المعنى لا بد أن يحسن المتأوَل الفهم الخاص الذي يخدم الواقع الحالي.

 

أما المنهجية المتبعة في التأويل والتي تعتبر القاعدة الأساسية في فهم النصوص في الإسلام عند معظم العلماء فهي تعتمد على معرفة [19] الآتي:

• الاطلاع على التأويل الخاص لله عز وجل الواحد القهار، ولا يعلمه أحد من الناس، كالغيبيات، ومثاله: قول الله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ﴾ [20].

 

• الاطلاع على التأويل الخاص بالرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن، فلا يمكن التأويل بدون الاطلاع على تأويل الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الله قد أوكل إلى الرسول ببيان القرآن وتأويله، فلا يمكن الوصول إلى علم التأويل إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أول صلى الله عليه وسلم القرآن من وجوه عديدة من أمره ونهيه وفرائضه وحدوده، ومن ذلك أنصبة الزكاة وكيفية الصلاة وعدد ركعاتها وأوقاتها وغير ذلك الكثير، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [21].


• الاطلاع على التأويل من خلال العلم بلسان العرب واللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وهذا القسم هو موضع التأويل الذي ترك للمتأولين المتدبرين الناظرين المفسرين، ليكون الأمر واسعاً لاستيعاب كل ما هو جديد، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [22]، وقال تعالى: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [23].

 

المطلب الثاني: منهج أهل السنة والجماعة

المنهج المعتمد عند أهل السنة والجماعة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، والسلف الصالح، وقد تعددت التأويلات وتميزت واختلفت باختلاف الاجتهادات وتعدد الآراء والأفهام للصحابة والسلف والمجتهدين والمتأولين، وهذا إنما هو شاهد على مرونة النصوص وعمقها ومخزونها من المعاني والإيحاءات التي تصلح لكل متغيرات الحضارة والتطور، وما هذا إلا نهج وطريق لحل الكثير من المشكلات التي تواجه الأمة، ولا بد من قبول الاختلاف والتأويل والاجتهاد وفق ضوابط الفكر الإسلامي والمقاصد العامة للشريعة وعلى رأسها مقصدي العدل والتسامح؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [24]، فالاختلاف سنة الله في خلقه ولكنه لابد أن يؤتي ثماره الإيجابية في التأويل للنصوص حسب الحاجة.

 

وقد كان صلى الله عليه وسلم يتأول بعض آيات القرآن، وقد ورد عن أسامه بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار، على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعد بن عبادة، قبل وقعة بدر فمر بمجلس فيه عبد الله ابن أبي بن سلول وذلك قبل أن يسلم، فإذا المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين وعبدة الأوثان واليهود، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فغشيت المجلس عجاجة الدابة، فخًمر عبد الله ابن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجلسنا فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا؛ ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته، فسار حتى دخل على سعد بن عباده فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا سعد ألم تسمع ما قال ابو حباب يريد عبدالله بن أبي، قال "كذا وكذا" قال سعد: يا رسول الله اعف عنه واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه ويعصبوه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك،"[25] فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وكان أصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى، قال تعالى: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ [26]، وقال تعالى: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [27]، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو بما أمره الله به، فأمر الله عز وجل الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالعفو والصفح عن أهل الكتاب والمشركين حتى أتى أمر الله بقتال الكافرين.

 

لقد كان صلى الله عليه وسلم يتأول الآية بالتطبيق العملي لها الذي أمره الله به بالعفو والصفح، والتنفيذ الفعلي لمضمونها حيث كان يعفو ويصفح فعلا، حتى أنزل الله آيات بعد ذلك تأذن له بقتالهم، فالتأويل الفعلي للآية ليس مجرد الفهم والتفسير النظري، ولكنه التحقيق الواقعي، والأمثلة في ذلك كثيرة، [28].

 

وكما كان صلى الله عليه وسلم يتأول القرآن بتنفيذ أوامره وتحقيقها عملياً، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا لا يخرجون عن تأويل الرسول صلى الله عليه وسلم، فيطبقون أوامر النصوص عمليا، ومن ذلك: ما حدًث به سعيد بن جبير أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يصلي حيثما توجهت راحلته، ويقول: قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، يتأول قول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [29]، فكان يرى رضي الله عنه جواز التطوع على الراحلة حيثما توجهت به، ولا يشترط استقبال القبلة، فتأول ظاهر الآية.

 

ووقفة مع الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، الذي كان من أعلم الصحابة بالقرآن الكريم وفقهه ومنهجه وتأويله المميز حيث لقب بترجمان القرآن، وكان ذلك من بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالفقه في الدين وعلم التأويل، [30] فصار يعلم تأويله ومعانيه وأحكامه وفقهه، وبذلك نستطيع القول أن التأويل علم مستقل قائم بذاته، وهو يحصل بالتعلم والتحصيل والاكتساب، والفطنة والموهبة الربانية، فجمع بين التفسير القائم على معرفة أسباب النزول وفهم اللغة ثم التأويل الصائب والفهم الصحيح الدقيق ومعرفة عمق الآيات ومآلها كعلم من علوم القرآن، [31] فالتأويل إزالة ما في النصوص من غموض وإشكال وفهمها فهما صائبا وتأويلها تأويلا صحيحا، واستنباط لطائفها ودلالاتها واستخراج حقائقها وإشاراتها.

 

المبحث الثاني

الإشكاليات المنهجية في التأويل

إن الاهتمام بالمنهج الصحيح في التأويل من قِبل المؤول يهيئ الله له القبول والاستفادة من علمه، ومن ذلك ما نراه عند بعض النماذج من العلماء الذين كتب الله لهم القبول، فالعالم الجليل الفذ شيخ الإسلام ابن تيمية الإمام الحجة المجتهد قامع المبتدعين رحمه الله حيث حصل له من الأثر العام والخاص ما يقل نظيره في معظم فنون العلم من التفسير والتأويل والاحكام والفقه والعقيدة والفتوى وغيرها، مما أكسبه ثروة علمية ومنهجية قوية في التأويل يندر نظيرها.

 

وأن يكون الواقع المتغير هو القضية الأهم في فهم النصوص، بخلاف ما تم الانشغال به على مر العصور السابقة من علاقة العقل بالنقل وأسبقية كل منهما على الآخر فلا بد من أن نحقق انسجاما بينهما لحل الإشكاليات الحالية والمستقبلية، والتأويل لا بد له من منهجية تجمع بين المرجعية الدينية والعقدية واللغوية والنحوية والبلاغية والتاريخية والاجتماعية ثم الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص، فالمنهجية المحورية للتأويل يجب أن تعتمد على معرفة الواقع بحيث تسلط الضوء على حلً المشكلات الراهنة.

 

إشكالية الفهم والمعنى وقراءة النص:

نرى أن قراءة النصوص ومعرفة معانيها وفهمها، لا بد أن يكون على مراحل من أجل الوصول إلى المقصد المراد الصحيح لهذا النص ويتم ذلك من خلال:

المطلب الأول

إشكالية قراءة النص

قراءة النص، فكل ناظر في النص ومتدبر له، لا بد أن يطلع على تفسير النص أولاً من مصادره الموثوقة، ويقوم بعد ذلك بفهم النص فهما وافيا يصل به إلى المعنى المراد، ومن ثم يستطيع تأويله وملاحظة لطائفه وحقائقه ودلالاته، فهذه الأمور من القراءة والفهم ومعرفة المعنى من خلال التفسير تأخذ بنا إلى التأويل الصحيح، ويكون تأويلاً معتمداً.

 

وبالتالي فإن المتأول بعد اطلاعه على التفسير المعتمد على الرواية والمأثور، وتفسير النص بنص آخر من قرآن أو سنة أو أقوال للصحابة أو التابعين مع معرفة أسباب النزول وتفسير الغريب والناسخ والمنسوخ وتوجيه القراءات والشواهد الشعرية والمعاني اللغوية إنما جمع كل هذا في منهج تفسيره وتوصل بها إلى التفسير الظاهر للنص، والمعنى القريب المتبادر منها، نظراً لما عنده من معطيات تساعده على الوصول إلى التفسير الصحيح، وهذا هو بداية فهم النص ثم بعد ذلك يأتي التأويل الذي ينتقل بالمفسر ليكون مؤولا للنص، وهنا تبدأ مهمة المؤول بإمعان النظر في النص وتركيبه وتحليله وتدبره لاستخراج لطائفه وإشاراته وإيحاءاته فيأتي بالمعنى البعيد غير المتبادر إلى الذهن وغير الظاهر للمفسر، فيقف على المقصود والغرض ويزيل اللبس والاشتباه والغموض والإشكال [32].


• فالتأويل تأمل صاف عن كل شائبة، وعمل ذاتي ليس له اعتماد على ما سبقه إلا في حدود أن يبقى التأويل في دائرة الحل، فالتأويل ثمرة تظهر شخصية المتأول وإتقانه وتدبره في النص، فالتأمل روح التأويل وهي من فتوحات الله سبحانه لمن يشاء، وتتفاوت التأويلات في عمقها وفاعليتها وتأثيرها، وأبلغها ما كان بإخلاص وبتوفيق الله والقبول.

 

المطلب الثاني

إشكالية المعنى في التأويل

معرفة المعنى، بما أن القراءة المرحلة الأولى للتأويل، فإن معرفة المعنى أيضا ذات أهمية فائقة تسبق التأويل، فالنصوص إشارات ورموز لا حياة فيها، ربما نستطيع القول بهذا، والقارئ بمعرفة المعنى للنص يعمل على إحياءه وبث الروح فيه حتى يخرج للمتلقي بقوة، فالمعنى للنص يكون غالبا مباشر وهذا المعنى الأولي، وهناك معنى غير مباشر فهو المعنى التأولي، وبهذا فالنص ذو معان روحية ومجازية تظهر وتتولد ولا تنفك عنه.

 

وبالاستقراء للنماذج التفسيرية التي تبين المعاني للنصوص نلاحظ أن هناك تطابقاً بين النص والمعنى، من حيث احتمال النص للمعنى لغويا ونحويا؛ وتطابق بين النص والمعنى مع الخطوط العريضة للمقاصد العامة للقرآن والسنة والشريعة؛ وكذا تطابقاً بين النص والمعنى بالنسبة للواقع تنزيلا وتطبيقا؛وهذا ما كان يأخذ به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون.

 

ولذا نرى التعددية للمعنى القرآني والانفتاح الدلالي، فاللغة تنأى بنفسها عن الاطار الصوري الجامد إلى حركة المدلول وتجدد المعنى، فالعام يراد به الخاص والخاص يراد به العام [33]، وهكذا، فالقرآن نزل على سبعة أحرف ولكل قراءة معان مختلفة، واللغة تقتضي السمات الكثيرة والمتنوعة التي تؤثر على التأويل والوصول للمعنى المراد، وباللغة مع القراءات مستوى اصطلاحي يفوق كل المستويات المتعارف عليها في قدرته على اصطلاحات جديدة للتعبير عن التأويل والمقصدية المرادة من النصوص؛ وهذا التأويل في حقيقته يكشف عن الاصطلاحات التي تتطلبها المعارف الجديدة لمواكبة المتغيرات، وبيان المعاني البعيدة للنصوص، التي توحي بها كلماتها وجملها وتراكيبها عن طريق الإشارة واللطيفة والإيحاء والتأمل من أهم طرق الاستنباط بالدراسة والتدبر وإعمال النظر والوصول إلى معنى آخر تحتمله النصوص ولا يخالف الكتاب والسنة [34].

 

المطلب الثالث

إشكالية الفهم في التأويل

الفهم للنصوص، فالتأويل في المفهوم التقليدي يهدف إلى فهم حقيقة النصوص، من خلال معانيها المتعددة، وربما يختلط المفهوم التأويلي للنص مع التفسير، وما التأويل إلا أداة معرفية من أجل بلوغ الحقيقة والوصول إلى الفهم الصحيح للنص، خاصة اذا كان ظاهر اللفظ لا يعبر عن مقصد الشارع.

 

وإمكانية الفهم التي تناولت النص بالتفسير والتأويل، ما هي إلا طرح يبرر جهود الفلسفة الحديثة لإظهار أهمية التأويل عن طريق الفهم سواء من حيث كيفية فهم النص أم من حيث كيفية فهم الفهم [35].


والفهم للنص يؤول إلى التأويل السليم الصحيح على أن يكون التأويل قد أحاط اللفظ بفهم ومعنى صحيح في الاعتبار؛ وأن يكون وضع اللفظ والمعنى قابلا للتأويل لغة بوجه من وجوه الدلالة حقيقة أو مجازاً أو كناية [36].


ولا يتم الفهم إلا عن طريق معرفة المعنى، ويتبين ذلك من خلال الكشف عن دلالة المعنى بالطرق التي انتهجها الأصوليون ونذكر منها منهج الحنفية في دلالة المعنى التي تقودنا إلى الفهم وهي:

• عبارة النص والتي تبين دلالة الكلام على المعنى المقصود المتبادر فهمه.
• إشارة النص التي تبين دلالة الكلام على معنى غير مقصود من السياق وليس مراد به مباشرة.
• دلالة النص، وهي دلالة اللفظ عن طريق مناط الحكم أو علته [37].

 

المطلب الرابع

الإشكالية المنهجية الحديثة

هناك العديد من الإشكاليات المنهجية الحديثة التي ظهرت بمسميات عديدة، وهناك العديد من التطبيقات العملية للخطاب العلماني في نظريته التأويلية سواء كان ذلك في العقيدة أو النبوة أو الغيبيات وكذا في الأحكام والحدود والأسرة وغيرها، وهذه التطبيقات العلمانية لهذه النظرية أدت إلى:

1- التشكيك في موثوقية النصوص.

2- أسبقية العقل على النصوص.

3- سلطة الواقع.

4- نزع القداسة عن النصوص.

 

والإشكالية التي وقع بها هؤلاء هي التعامل غير العلمي لهذه النظرية، وعدم استقرارها، مما أدى إلى مساواة النصوص الشرعية (القرآن والسنة) بالنصوص الحديثة للثقافات المختلفة الغربية والشرقية، وبالتالي وجدت المغالطات الكبيرة، والله تعالى قال: ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ ﴾ [38].


والنقطة المفصلية بين التفسير الإسلامي للنصوص الدينية (القرآن والسنة) وبين النظريات التأويلية الحديثة، هي الإيمان بمصدرية النصوص ومقاصد الشارع سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالقراءات التأويلية الحديثة وقعت في إشكالية معرفية كبرى حيث نقلت الصراع التاريخي في فهم النصوص المقدسة بين طريقة الكنيسة وطريقة عصر الأنوار كما يسمونه، ونقل ذلك كله إلى الساحة الإسلامية وهذا النقل هو إسقاط للواقع الغربي على الواقع الإسلامي بدون مراعاة الظروف الدينية والاجتماعية وغيرها [39].


والإشكالية الأكثر خطورة في النظريات التأويلية العلمانية ومن على شاكلتها، أن منهجها يمارس تحت غطاء علمي كما يبدو في الظاهر، إلا أن حقيقتها لم تخل من أغراض مسمومة لإسقاط النصوص وأهلها في معتركات التيه والتخلف والرجعية والشك وبالتالي الوقوع بالمحظور من الشركيات وغيرها والله المستعان، وبالتالي فقدت هذه النظريات النزاهة العلمية والحيادية في البحث والتطبيق.

 

لذا فالنظريات التأويلية الحديثة لا يمكن معالجتها بالبحوث فقط بل يجب التصدي لها من عدة جوانب، من أجل العمل على تفنيدها وبيان بطلانها وزيفها وأهدافها المسمومة.

 

وأخيرا لا بد لنا من عودة وتوقف ونظر لما أصاب الأمة من فرقة وتشتت ومشكلات تحتاج منا إلى حلول وعمل جاد مثمر وفكر منظم وحوارات نافعة وقبول الاختلاف وتعدد طرق الاجتهاد والتأويل وفق ضوابط ومعطيات الفكر الإسلامي الشامخ الزاخر بكل ما هو جديد ومفيد لكل زمان ومكان ولكل مستجد والاختلاف لا يؤدي إلى الخلاف، بل هو طريق الألفة والتقارب وقبول الآخر، فلا بد من التسامح ونبذ الخلاف وقبول وجهات النظر المختلفة القائمة على المنهج العلمي الصحيح، وهذا من مرونة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان وملاءمته لكل الظروف والمعطيات المتجددة على مر الزمان.

 

الخاتمة:

أثر التطواف حول المنهجية والتأويل فإنه يمكن أن نخلص إلى ما يأتي من نتائج وتوصيات:

أولاً: النتائج

1- ثمة معان كثيرة ومتعددة للتأويل والمنهجية المتبعة فيه.

2- للمنهجية دور فعًال ومثمر في الوصول إلى التأويل الصحيح.

 

ثانياً: التوصيات

1- العمل على إثراء المكتبة الحديثة بنماذج منهجية حديثة للوصول إلى التأويل الصحيح.

2- التصدي للمناهج المنحرفة في تأويل النصوص ببيانها وبيان منتسبيها.

3- الاهتمام بفقه الاختلاف بين المناهج المتبعة للتأويل والعمل على تدريسها من أجل نبذ الخلاف.

 

ختم البحث بذكر أهم النتائج والثمار من خلال مباحثه والتوصيات التي توصل إليها؛ رب يسر وأعن واختم بخير يا كريم

 

المصادر والمراجع

أولاً: القرآن الكريم.

ثانيا: المصادر والمراجع:

1- الإكليل في المتشابه والتأويل، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، دار الإيمان للنشر، الاسكندرية، مصر.

2- تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي الطبري، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط1، دار هاجر للطباعة والنشر، 1422هـ/2001م.

3- التفسير والتأويل في القرآن، صلاح عبد الفتاح الخالدي، الأولى، دار النفائس،، عمان، 1416هـ/1999م.

4- التفسير والمفسرون، محمد السيد حسين الذهبي، السابعة، مكتبة وهبة، القاهرة، 2000م.

5- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمد بن عبد الله الألوسي، ت: علي عبد الباري عطية، الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415ه.

6- صحيح البخاري، محمد بن اسماعيل أبوعبد الله البخاري، ت: محمد زهير الناصر، الأولى، دار طوق النجاة، 1422هـ.

7- صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

8- عبد الرزاق عفيفي ومعالم منهجه الأصولي، مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثامن والخمسون، 1420هـ.

9- فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر، دار المعرفة، بيروت.

10- قراءة في كتاب ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر، ياسر المطرفي، 2011م، شبكة الألوكة، www.alakah.net.

11- لسان العرب، محمد بن علي أبو الفضل جمال الدين ابن منظور، الثالثة، دار صادر، بيروت، 1414هـ.

12- مجموع الفتاوى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، 1416هـ/ 1995م.

13- مسند الإمام أحمد بن حنبل، أبوعبدالله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، ت: شعيب الأرنؤوط، الأولى، مؤسسة الرسالة، 1421هـ/ 2001م.

14- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الرابعة، مكتبة الشروق الدولية.

15- معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا القزويني، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ/1979م.

16- المفردات في غريب القرآن، أبو القاسم الحسين بن محمد الراغب الأصفهاني، الأولى، دار القلم، دمشق، 1412هـ.

17- مناهج البحث المعاصرة في أصول الفقه، عبد الله الصالح، مجلة جامعة دمشق، العدد الثاني، 2002م.

18- الموافقات، إبراهيم بن موسى بن محمد الشاطبي، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، السعودية.

19- نظرية التأويل في الفلسفة العربية الإسلامية، عبد القادر فيدوح، دار الأوائل للنشر والتوزيع، 2005م.

20- نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف، محمد بن عبد الله بن علي الوهيبي، دار المسلم، السعودية.

21- الهرمنيوطيقا والإشكالية في فهم القرآن الكريم، ريمة عسكراني، جامعة عبد القادر للعلوم الإسلامية، قسنطينة.

22- الوجيز في أصول الفقه، عبد الكريم زيدان، السادسة، مؤسسة قرطبة.



[1] آل عمران (7).

[2] آل عمران (7).

[3] لسان العرب، ابن منظور، ج11/ ص32-34.

[4] مقاييس اللغة، ابن فارس، ج1/ ص159؛ التعريفات، الجرجاني، ص 34.

[5] الأعراف (53).

[6] آل عمران (7).

[7] الأعراف (53).

[8] النساء (59).

[9] معجم مفردات ألفاظ الفرآن، الأصفهاني، ص27.

[10] الإكليل في المتشابه والتأويل، ابن تيمية، ص26-32.

[11] الأعراف (53).

[12] صحيح البخاري، رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله فسبح بحمد ربك واستغفره، (4683) * صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، (484).

[13] مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج4/ ص68-70، وأنظر ج3/ ص54-68.

[14] الفتاوى، مرجع سابق،ج13/ ص 278* نواقض الإيمان الاعتقادية، الوهيبي محمد، ج2/ ص20.

[15] لسان العرب، ج 11/ ص 32-34*.

[16] مجلة البحوث الإسلامية، عبد الرزاق عفيفي ومعالم منهجه الأصولي، العدد الثامن والخمسون، 1420هـ.

[17] دونالد شون وجون ديوى، شبكة الالوكة، www.alukah.net.

[18] مجلة جامعة دمشق، عبد الله الصالح، مناهج البحث المعاصرة في أصول الفقه، العدد الثاني، 2002م.

[19] التفسير والتأويل في القرآن، الخالدي، ص 195

[20] الأعراف (187)

[21] النساء (103)

[22] يوسف (2)

[23] الشعراء (195)

[24] هود(118، 119)

[25] البخاري، كتاب التفسير، باب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب، (4566)

[26] آل عمران (186)

[27] البقرة (109)

[28] ) انظر: البخاري، كتاب التفسير، باب سورة النصر (4967)، (4968)، حديث عائشة رضي الله عنها في تأويل الرسول لسورة النصر بالتطبيق والتنفيذ (يتأول القرآن) فيقول سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك في ركوعه وسجوده.

[29] البقرة (115)

[30] ورد الدعاء لابن عباس بروايات عديدة في البخاري ومسلم والسنن ومسند الامام أحمد بزيادة لفظ واختلاف لفظ، أنظر: البخاري، كتاب الوضوء، وكتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم علمه الكتاب، (3756)

[31] تفسير الطبري، ج1 / ص 75

[32] أنظر: التفسير والتأويل في القرآن، الخالدي، ص135

[33] الموافقات، الشاطبي، ص256

[34] روح المعاني، الآلوسي،ج1/ ص2 ؛ التفسير والمفسرين، الذهبي، ص12

[35] نظرية التأويل في الفلسفة العربية الإسلامية، فيدوح عبد القادر،ص16

[36] الموافقات، الشاطبي، 526

[37] الوجيز في أصول الفقه، عبد الكريم زيدان، ص365-366

[38] الفرقان (5)

[39] قراءة في كتاب ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر، ياسر المطرفي، شبكة الألوكة www.alukah.net





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من غرائب التأويل!
  • ماذا عن الهرمينوطيقا أو التأويلية؟
  • دراسات مصطلحية: لفظ التأويل أنموذجا
  • معنى التأويل وأنواعه في القرآن

مختارات من الشبكة

  • القراءة المنهجية في درس النصوص الأدبية: الإشكالات المنهجية والمعرفية والديداكتيكية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قراءة مختصرة لكتاب الدفاع عن الإسلام بين المنهجية والهمجية (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قراءة مختصرة لكتاب "الدفاع عن الإسلام بين المنهجية والهمجية" (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الضوابط المنهجية لتقويم الكتابات النقدية المعاصرة صحيح البخاري إنموذجا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الضوابط المنهجية لتطوير البحوث العلمية قراء في تحقيق الدكتور همام سعيد لشرح علل الترمذي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المنهجية المتكاملة في إدارة المشاريع المعاصرة لأحمد يوسف دودين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المنهجية في بيان الحق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إستراتيجيات القراءة المنهجية (Methodology) فيما يخص الشأن الفكري والثقافي: ضرورة أم ترف؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أسس المنهجية المغازية عند الإمام الصالحي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المنهجية المعرفية القرآنية وتجديد الفكر المقاصدي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب