• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم
علامة باركود

ذكريات ومواقف مع الشيخ محمد يونس الجونفوري

محمد زياد التكلة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2017 ميلادي - 16/10/1438 هجري

الزيارات: 22377

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة كتاب: الفرائد في عوالي الأسانيد وغوالي الفوائد

تخريج د. محمد أكرم الندوي لشيح الحديث محمد يونس الجونفوري

منشورات مكتبة نظام اليععقوبي الخاصة، البحرين ط1، 1436 -2015م

بقلم: محمد زياد بن عمر التُّكْلَة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد:

فإن خدمة العلماء بالتخريج والتأليف ومزيد التعريف كان وما يزال من سنن أهل العلم، من البر بآبائهم في الدين، والهادين لشريعة سيد المرسلين، والناشرين للسنة والعلوم بين العالمين.

وإن من العلماء الربانيين المعاصرين الذين لهم قدم صدق فيما نحسب ونرجو: شيخنا العلامة المحدّث المحقق الزاهد الجليل محمد يونس الجونفوري حفظه الله ورعاه، وشفاه وعافاه وقواه، شيخ الحديث في جامعة مظاهر العلوم بسهارنفور، إحدى كبريات المدارس الإسلامية في العالم اليوم.

 

فإن هذا العالم الجليل وافر المناقب، رفيع المراتب[1]، ومع زهده ومزيد تواضعه قيض الله له من نشر مآثره وفضائله وعلومه؛ حتى تعدت بلاده وبلاد العرب إلى أقاصي البلدان، وفي ذلك مما يرجوه المحب من نشر القَبول وعاجل البشرى ما تقر له العيون، وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا.

 

ففي زياراتي لإنجلترا رأيت عند أحد كبار أصحابه المفتي الشيخ الجليل شبّير أحمد في بلاكبيرن خزانة حافلة بها مجلدات كثيرة جُمعت فيها تقريرات وحواشي شيخنا على صحيح البخاري وغيره من الكتب، بالعربية والأوردية، ومنها ما كُتب على ظهور مظاريف الرسائل، لضيق يد شيخنا!

 

وكذلك قام أحد أجلاء أصحاب الشيخ، وهو فضيلة الشيخ المكرم محمد أيوب السورتي بجمع كثير من رسائل شيخنا وتحقيقاته وتخريجاته باللغتين العربية والأوردية، وطبع إلى ساعته أربع مجلدات كبار في مدينة ليستر، باسم اليواقيت الغالية.

 

وهكذا الشيخ البحاثة والعالم المفيد محمد أكرم الندوي حفظه الله ورعاه، بلديّ شيخنا، ونزيل مدينة أكسفورد حالًا، فقد خرّج لشيخنا هذا الكتاب المفيد في ترجمته ومروياته، وطرزه بفوائد وفرائد، توافق اسمًا ومسمى، تراه تحت يديك ويغنيني عن وصفه.

فكانت هذه الأعمال شموسًا في جو العلوم منيرة، وما عابها في أن مطلعها الغرب!

 

وقد رغب مني الشيخ محمد أكرم أن أكتب له مقدمة لهذا الكتاب المفيد، وألحّ على ذلك، وأحسن فيّ الظن وهو أكبر مني سنا وعلما وقدرًا، مع وجود جماعات من أصحاب شيخنا من أهل بلاده ومن العرب كلهم أولى به مني طول صحبة وإفادة واختصاص، مع ما هم فيه من علم وفضل، مثل الشيخين شبير أحمد ومحمد أيوب، وكثيرين، ومن العرب المشايخ أحمد عاشور، وعبد الله التوم، ومحمد الحريري، وعادل الحرازي، ولكن انشرح الصدر لكونها فرصة للمساهمة في بر شيخنا الجليل، فقبلت هذا التكليف الذي هو منه تشريف، ورغب أيضًا أن أصححه وأعلّق عليه ما يتيسر، فما وسعني إلا الامتثال لأمره، فأصلحتُ بعض الهنات اليسيرة والتطبيعات، وعلقتُ أشياء مميِّزًا لها باسمي، خصوصًا في النواحي الإسنادية[2]، وإن كان لا عطر بعد عروس، ورغب أن أقيّد بعض ما لمسته من شيخنا من مواقف علمية وتربوية وانطباعات، فأقول مستعينًا بالله:

• إن شيخنا حفظه الله ورعاه قد درّس لأكثر من نصف قرن، وتخرج عليه عشرات الآلاف في بلده من طبقات عدة، وأخذ عليه الآلاف في أسفاره، ولا سيما في الحرمين الشريفين الذين يُكثر شيخنا من زيارتهما، وكذلك في إنجلترا، حيث يستقر بعض كبار أصحابه.

 

والآخذون عنه منهم المقل والمستكثر، فإحصاء المواقف منهم شيء متعذر، والعبدُ الفقير هو من صغار الطبقة الأخيرة من تلامذته، ولربما كان في تقييد أصحاب الطبقة الأخيرة ما ينفع في أشياء، مثل مسألة المواقف والآراء الأخيرة، ومع ذلك لا غنى عن الرجوع لكبار ملازمي الشيخ؛ كمن أسلفت، ولكن ما لا يدرك كله لا يُترك قله، ولكل مجتهد نصيب.

 

أعود فأقول: إن هذا الأمر السالف مما يُغبط به الشيخ، من كثرة التلاميذ وانتشارهم، وكون عدد معتبر منهم ممن له جهد بارز في الدعوة والتعليم والإرشاد في بلاد شتى، حتى في البلاد النائية كإنجلترا وجنوب أفريقيا، فيُرجى لشيخنا من امتداد الأجور العاجلة والآجلة ما يرفع به درجاته ومنزلته، تقبل الله منا ومنه.

 

ومثل ذلك يُرجى له الأجور العظيمة جراء طول مدة ابتلائه ومرضه، فإنه -عافاه الله- أمضى كثيرًا من عمره يصابر الأمراض والآلام، بل قال لنا حاكيا عن الحال لا شكاية: إنه مسحور! نسأل الله له تمام الأجر والعافية.

 

• إن أبرز ما يُلمس من شيخنا شدة تعظيمه للسنّة، وهو متمثل فيه حالًا ومقالًا، فلا أعرفه يقدّم على السنّة شيئا، ويعظّم أئمة السلف والسنّة من المتقدمين والمتأخرين إجلالا عجيبًا، ناهيك عن الصحابة جميعهم، رضي الله عنهم.

 

ومن تعظيمه للعلم والسنة أن مجلسه مجلس وقار وهيبة وأدب وسمت، لا يُرفع فيه صوت أثناء قراءة الحديث، ولا يرضى أي تشويش، أو رنّة جوّال مما تسمّح به بعض الطلبة، أو وضع كتاب على الأرض، أو وضع شيء على الكتاب، فكأنما على رؤوسهم الطير، بل إن مما تناقله الناس صورة التقطت للشيخ خلسة -فهو لا يبيح التصوير- وهو جالس يدرس في سكينة وقد حط على كتفه طير!

 

وإذا أعطي كتابا لبعض العلماء من احترامه لما فيه ربما وضعه على رأسه، رأيت ذلك منه لما أعطيته مصورة مخطوطة كتاب بر الوالدين للإمام البخاري -وكان أفادني بها الشيخ خالد السباعي المغربي-، وكانت أول مرة يقف فيها على الكتاب: وضعه على رأسه، وبكى.

 

وهكذا لما أرسلت له كتابي عن سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله، وكان في جدة، قال لي زميلنا الشيخ محمد الحريري: لما أعطيته الكتاب قبّله ووضعه على رأسه، وأثنى على الشيخ المترجَم. وكذلك فعل لما أهديته جزء اعتقاد الإمام البخاري، وأعطيته مؤخرًا وهو بالمستشفى في المدينة مصورة ورقة مخطوطة منقولة عن جزء لأبي عبد الله الحاكم في حديث صلاة ركعتين بعد أذان المغرب، وتحدث عن الحاكم، وقال إنه إمام حافظ ناقد جهبذ، لكن بعض الناس انطبع عندهم أنه متساهل بسبب المستدرك، وإلا فكتبه الأخرى متينة مليئة بالعلم والنقد.

 

ومن ذلك لما قرأت عليه لامية ابن تيمية بكى بكاء شديدًا –وهو أصلا كثير الخشوع والبكاء- وأثنى عليه ورفع شأنه، وقال: إنه عالم محقق جليل، وإن ما رمي به من انحراف في الاعتقاد غير صحيح، فإنه موافق لمذهب السلف، وسبق أن كان لشيخنا أثرٌ على أحد أفاضل أصحابنا ممن تكلم ضد ابن تيمية أمامه، فرد عليه شيخنا وأرشده إلى مكانته، وكان سبب خير جعل أخانا يراجع كلامه فاحصًا وانقلب عنده الموقف من شيخ الإسلام، نسأل الله التوفيق والثبات للجميع.

 

ولعل من أكثر من يجري لسانه بالثناء عليهم الإمام البخاري، حتى صرّح أنه على مذهبه في العقيدة وفي الفقه، وكذلك الحافظ ابن حجر، فإنه كثيرًا ما يقول: هو عمّي في الحديث!

 

وهو دائم الوصية بالسنة والتمسك بالسنن وعدم التعصب، وعمليًّا يطبق السنن الثابتة وإن خالفت المذهب، مثل الجمع بين الصلاتين في السفر.

ومن نافلة القول سمعناه مرارًا يشدد النكير على أهل وحدة الوجود، ويصرح بزندقة رموزها بأسمائهم، ولا سيما ابن عربي.

وكان صاحبنا الشيخ محمد الحريري وفقه الله قد أرسل لي جملة فوائد عن شيخنا في هذا الباب، أثبتُّها معزوة إليه آخر الكتاب.

 

• ومما لمسته من شيخنا شدة عنايته بالعلم رغم كبر السن والمكانة، حتى وهو في شدة المرض، فكم رأيناه يسأل ويفرح بكتب السنّة المطبوعة حديثًا، ولما زرته وهو في العناية المركزة مؤخرًا بالمدينة المنورة كان وهو على الفراش والأجهزة موصلة به فرح جدًّا ببعض الآثار والأخبار الجديدة التي أُبلغ بها، والعثور على بعض المخطوطات لكتب كان يُظن فقدانها، حتى لقد أخبرنا مرافق شيخنا البار الشيخ يونس بن أحمد نزيل لندن أن شيخنا لم يفرح وينشط منذ مرضه الأخير كما سر بهذه الأخبار.

وتقدم الكلام عن بعض الكتب التي كان بكى الشيخ لما رآها.

 

وهكذا في زيارة له بالدوحة كان وقت راحته وعلى الغداء يرى كتابًا حديثيًّا لم يكن طالعه فيقرأ فيه أو قد يطلب قراءته عليه.

وكان قبيل زيارته للدوحة في الحج، وسمع بمقدم مسند العصر شيخنا عبد الرحمن بن عبد الحي الكتاني للحج أيضا، فسعى لمقابلته بالكرسي المتحرك مع تلميذه الشيخ عبد الله التوم، وقطع مسافة إلى أن لقيه، واستجازه وسمع منه، وكان يتحدث بغبطة لما جاء الدوحة أنه لقي تلميذ صاحب الرسالة المستطرفة المحدّث محمد بن جعفر الكتاني –يعني الشيخ عبد الرحمن- وأخذ عنه.

 

والشيء بالشيء يُذكر فقد لقيتُ شيخنا عبد الرحمن -حفظه الله- في فاس بعد أسابيع وتحدث بدوره مغتبطا أن أحد كبار علماء الهند جاءه في الحج للرواية، وأنه تعجب من سعيه له مع مكانته وصعوبة حركته، وأنه سعد بلقائه.

 

ولما زرته في سفرة أخرى مع ولديّ بالمدينة كان مريضًا متعبًا، ولكن لما أخبرته أن معي جزءًا حديثيًا للإمام القدوري صاحب المختصر المشهور بالفقه الحنفي، طلب قراءته عليه، وسُرّ به.

 

• والشيخ زاهد حقيقي في الدنيا، نعم، أمضى كثيرا من عمره ضيق ذات اليد، وما تزوج، ولكنه -ولا سيما بعد انتشار تلامذته وفضله- كان لو أراد الدنيا لأتته، فإن من تجار بلده وغيرها من لو أشار الشيخ بإشارة لانهالت عليه الأموال[3]، بل ذُكر لي أن الشيخ لا يميز بين النقود، ولا كم تشتري! ويسّر الله له من الفضلاء من يخدمه ويسعى له احتسابًا، وهو لا يطلب شيئا، ولعل من خيرة من رأيتهم الأخ الحبيب يونس بن أحمد المدني نزيل لندن، أسأل الله أن يسخر له من يبره نظير خدماته العظيمة لشيخنا، ولكل من خدمه ويخدمه.

 

ومن زهد شيخنا بنفسه ما رأيته يقول بالدوحة مخاطبا نفسه وهو يبكي: من أنا حتى يكرمني الناس هكذا؟ ومن أكون؟

وهكذا أخبرني الشيخ محمد أيوب أنه عانى كثيرًا مع الشيخ حتى قدر يخرج له رسائله، وأخبرني الشيخ المفتي شبير أنه وزوجه نسخا تقريراته وحواشيه الكثيرة على البخاري، والشيخ لا يرضى أن تخرج!

 

• ومما رأيت من الشيخ الحنو على الأطفال، انتهزت إحدى زياراته للمدينة وأتيتُ معي بابنيّ عمر وعلي أصلحهما الله، فما إن جلسا عنده حتى رحّب بهما، وطلب منهما الإنصات له، وحدثهما بالأولية الحقيقية، وأوصاهما على صغر سنهما، ودعا لهما دعاء كثيرًا، ورضي أن أقرأ لهما شيئا من الحديث رغم مرضه وتعبه البالغ، ولم يسمح إلا أن نتغدى كلنا معه، وأجلسهما قربه، ورأيت أثر هذه الزيارة عليهما تجاه الشيخ، وبلغني نحو ذلك مع بعض أولاد أصحابنا، فجزاه الله خيرًا.

 

وكذلك لما كان شيخنا في زيارة الدوحة كان صاحبنا الشيخ النبيل خالد بن محمد بن غانم بن علي آل ثاني مصطحبا لابنه محمد أصلحه الله ووفقه، فكان شيخنا يتبسط له ويلاطفه ويلقبه بسفيان، لقصة سفيان بن عيينة المروية مسلسلةً بالتبسم، وأسندها له الشيخ من كتاب الكفاية للخطيب البغدادي.

 

• من فوائد شيخنا أنه قال لنا: إنه لما ألف قديمًا رسائله في الأحاديث الموضوعة في السنن الأربعة ما رضي أن يخرجها، فلما أخرج الإمام الألباني ضعيف السنن قال سهّل ذلك عليّ امتصاص نقمة بعض الناس ممن يدعي أنها صحاح! ولكن متى خرجت الرسائل؟ بعد نحو ربع قرن من إخراج الألباني!

ومنها: لما قرأت عليه مسلسلات الشاه ولي الله قال: إن كثيرًا من هذه المسلسلات واهية وأسانيدها متكلم فيها، وكان مشايخنا ينبهون على ذلك إجمالا قبل قراءتها.

ومنها: أن الشيخ له عناية بعلل الحديث، وبأحكام الأئمة النقاد، ويقف عندها، وأثّر ذلك في بعض طلبته.

 

وأمر عناية شيخنا بتحقيق المسائل أشهر من أن يُذكر، وكذا كونه من أعلم الناس بصحيح البخاري خاصة، وأنه يستدرك على الشروح المشهورة من كتبٍ غير المظان[4]، ولكن أُشير إلى أمر استوقفني مما قلّت العناية به عند المحدّثين المتأخرين، وهو أن أحد الطلبة الواردين طلب أن يكتب له إجازة، فحبّر إجازة نفيسة تظهر فيها الدقة والعناية بألفاظ الأداء عند المتأخرين، وضبط الأسماء، والتحرير في مواضع منها ظاهر، ونبّه على سند المعمرين، ويدلك على شدة تثبته ما يذكره من فوت سماع الورقة في الكتاب والدرس بسبب المرض! ثم طبعت بعدُ باسم التآنس ضمن مجموع رسائله، وقمتُ برفع الإجازة بخط شيخنا مع المطبوع من مدة على الشابكة بمنتدى الرواية في ملتقى أهل الحديث لمن أحب رؤيتها[5].

 

ومنها: أن شيخنا يحرص على المبادرة بالتحديث بالأولية لمن يراه أتاه مستجيزا، لتحقيق الشرط.

 

• مما رأيته في الشيخ أنه يشجع بعض الطلبة، فيقول لبعضهم أنت رجل مبارك، وكلهم يحبونك. ولبعضهم: قراءتك فيها خشوع ومحبة. ولبعضهم: أنت محب ومتتبع لتراث المحدّثين. ومما أفرحني والله وسرني قوله لي غير مرة: إنني أُلقي في قلبي محبتك. أحبّه الله وأكرمه وأسعده.

 

• ومما رأيته في الشيخ أنه لا يكاد يسكت عن منكر يراه، أو حتى مخالفة للأفضل، إذا رأى حليقًا أو مقصرًا أو مسبلًا نصحه فورًا، وذُكر لي أنه يفعل ذلك حتى إذا زاره بعض المعظَّمين عند أهل الدنيا. وأذكر لما لقيته في مطار الدوحة أول وصوله لزيارتها كنتُ وصلتُ قبله بوقت قصير بالطائرة من إنجلترا، وألبس ثوبًا أسودًا اتقاءً للبرد هناك، وليتحمل أكثر ما قد يحصل من طول السفر لوجود عدة محطات قبل انطلاقي من لندن للدوحة، فبعد أن سلمت عليه عاتبني لماذا لا ألبس البياض كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب؟ ولمّا أخبرته بالأمر وأنني وصلت للتَوِّ عَذَرني.

 

• ومع هيبة الشيخ الكبيرة فإنه قد يداعب بعض من هو محب له، وربما يحصل ذلك في مجالس عامة! وهنا طرفة حصلت معنا في الدوحة أواخر سنة 1434، حيث كانت هناك قراءة على شيخنا في مقر سكنه بما تسمح به راحته وصحته، ريثما يحين موعد المجلس العام، ففي إحدى المرات قال الشيخ لمرافقيه: نادوا لي زيادًا ليتغدى معي. ولما جئت قال لهم: دعوه يتغدى معي، فإذا انتهى الغداء اضربوه وأَخْرِجوه! فقلت له: لا مشكلة، ولكن زد في الضرب وزد في السماع! (إشارة لقصة هشام بن عمار مع الإمام مالك) فضحك شيخنا وسرَّه الجواب.

 

وكنت ألمس منه انشراحًا وتنشُّطًا لما أطرحه عليه من نوادر المحدّثين السالفين وأهل العلم.

ثم حان موعد المجلس العام يوم الجمعة 27 ذي الحجة، وحضره المئات من داخل قطر وخارجها، وأبى صاحبنا الشيخ عبد الله التوم أن يكون القارئ فيه رغم أنه أولى الموجودين في نظري مع الشيخ أحمد عاشور، وما إخال ذاك إلا لخبرته بالشيخ! فرُشّحت لأقرأ عليه المجلس الأول في صحيح البخاري، وحصل أن شيخنا –شفاه الله وعافاه- مازحني أمام الملأ بأني طويل، والعرب عندها أن الطويل (..كذا)! فضحكتُ والحضور!

 

• وبعد؛ فهذه بعض الانطباعات والفوائد المتفرقات عن شيخنا من طالب علم صغير إنما استفاد من الشيخ في مرحلة متأخرة، لعل في إثارة مثل ذلك ما ينشط من هو أولى من أصحاب الشيخ لتدوين بعض أخباره وماجرياته.

 

وأعلم أن شيخنا لا يرضى أن أمدحه أو أكتب عنه ما كتبتُ، بل كان في أشياء يقول لنا ولغيرنا: لا تذكروا هذا في حياتي. ولكني أحتسب فيما كتبتُه نشر مآثر عالم قدوة جليل، له حقه الخاص والعام، ولو لو يحصل من ذلك إلا دلالة طالب علم إليه، أو تحفيزه للاقتداء بمناقبه، أو التسبب بدعوة تُرفع له، بطول عمر وعافية وخير، لكفى!

 

وأجدّد الشكر للشيخ البحاثة المبجل محمد أكرم الندوي ما شرَّفني به، وأسأل الله أن يسدِّد مساعيه، ويبارك فيه وفي أهله وماله ودعوته، وأن يجزيه خير الجزاء على خدماته العلمية الجليلة عامة، وعلى هذا العمل المبارك خاصة.

كما أشكر زميلي الشيخ المكرم أبا أحمد محمد الحريري على ما كتبه من فوائد طيّبة ألحقتها بآخر الكتاب، فجزاه الله خيرا.

ولا أنسى الشيخ العالِم المحسن أبا أحمد نظام اليعقوبي على مبادرته بنشر الكتاب ضمن سلسلة مطبوعاته النافعة، كتب الله له الأجر موفورًا، والشفاء والعافية، وأطال عمره بخير وسداد.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

وكتبه: محمد زياد بن عمر التُّكْلَة

حامدًا مصليًّا مسلّمًا

في الرياض، عاشر صفر سنة 1436

جعلها الله سنة عز ونصر للمسلمين



[1] من مناقبه ما اشتهر من علو مكانته المبكرة عند كبار مشايخه، ووُجدت لبعضهم -مثل شيخ الحديث محمد زكريا الكاندهلوي- أسئلة موجهة لشيخنا ابتغاء حل مشكلاتها، مع عبارات التقديم والتبجيل. وكان العلامة الكاندهلوي المذكور قد استخلفه في حياته ليكون شيخ تدريس الحديث محله لما انتقل آخر عمره للمجاورة في المدينة المنورة، مع كثرة العلماء من تلامذته، رحمه الله تعالى. ومنها ما أخبرني به الشيخ عادل الحرازي أن شيخه ومجيزنا العلامة أبا الحسن الندوي كان لا يقوم لأحد، ولكن إذا جاءه الشيخ محمد يونس قام إليه ورحب به ترحيبًا خاصًّا.
[2] وقد عدلتُ وصححت أشياء في الأسانيد بناء على إذن فضيلة الشيخ المخرّج، ولا سيما في صيغ الأداء والسماع، وذكر ما هو أجود سماعًا، وإضافة الرواية عن شيخنا عبد الرحمن الكتاني، مع إبقاء غالب الأسانيد كما كتبها فضيلته، ومن ذلك ما تختلف فيه وجهتا النظر بيننا، مثل إيراده لأسانيد فيها ابن سنة، والنابلسي، وغيرهما، فلم أغيّرها، واكتفيت بالتنبيه والتعليق، فالكتاب كتابُه، ووجهة نظره هي المقدَّمة.
[3] ولما كان شيخنا في آخر قدمة للحرمين اشتد مرضه وأدخل العناية المركزة مدة، ساق الله له بعض الكبار علموا بالشيخ فسعوا في شؤونه، ومنهم الشيخ بكر بن لادن، ورأيت لما كان في العناية المركزة يصطف الزوار لشيخنا طابورا من العلماء وطلبة العلم والعوام والمحبين، ينتظرون الإذن للدخول لوحدة العناية وقت الزيارة، حتى أذكر لما كنتُ عنده برفقة الزميلين الشيخين أحمد عاشور وعبد الله المخلافي، سأل أحد الموظفين حارس الأمن بأواخر وقت الزيارة: هل بقي أحد بالخارج يريد الدخول؟ فأجاب: يوجد جيش ينتظر! أذكر هذا بيانًا لما نلمسه من قبول ومحبة أُلقيت لشيخنا، نسأل الله له المزيد من فضله.
[4] ومن هذا ما أخبرني الشيخ عبد الله التوم أنه أثناء قراءتهم لسنن أبي داود عليه ذكر حديث أبي سعيد الخدري في الرقية بالفاتحة، فقال شيخنا: إنه بحث عند الشراح على موضع القصة، فلم يجد شيئا، ثم ظفر في الثقات لابن حبان أنها في قرية من قرى العرنيين. وهذه مثال لفائدة يعز تحصيلها كما يعلم من يعاني البحث، ولا سيما أن شيخنا ليس ممن يستخدم حافظ العصر؛ كما يقول عن الحاسب الآلي!
[5] وممن خدم شيخنا في النواحي الإسنادية صاحبنا الشيخ المبارك المفيد أحمد بن عبد الملك عاشور حفظه الله، فإنه عمل إجازة مختصرة لشيخنا في كتيب صغير محرر مع وجازته، وكثرت إجازة شيخنا على هذا الجزء في أسفاره الأخيرة.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وفاة شيخ الحديث الإمام المحقق محمد يونس الجونفوري السهارنفوري (1355-1438) رحمه الله تعالى
  • عشرون فائدة متفرقة في السنّة وغيرها عن الشيخ محمد يونس الجونفوري
  • وأظلمت سهارنفور بعد وداع شيخ الحديث!
  • ترجمة شيخنا الشيخ محمد يونس الجونفوري رحمه الله رحمة واسعة

مختارات من الشبكة

  • ذكريات شموع الروضة (7) ذكرياتي مع محمد العبدالله الراشد وأبيه رحمهما الله (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • ذكريات مع فقيد العلم والعمل في الكويت الشيخ وليد بن محمد العلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 15 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 14 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 13 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 12 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 11 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 10 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 9 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكريات مع الشيخ زهير الشاويش ( 8 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب