• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

نجد : الحدود والأهمية

الشيخ علي بن عبدالله النمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/3/2017 ميلادي - 8/6/1438 هجري

الزيارات: 47765

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نجد

الحدود والأهمية


المطلب الأول: حدودها:

قال الشيخ محمود الألوسي: ففي تحديد نَجْدٍ أقوالٌ كثيرة متقاربة المعنى؛ انتهى.

نجد الإقليم: رُقعةٌ عظيمة من جزيرة العرب، يَحدُّها من الشمال مشارف بلاد الشام، ومن الجنوب الربع الخالي، ومن الشرق بلدان الخليج العربي والحدود العِراقية، ومن الغرب سفوح جبال السراة الشرقية، ويقال: كلُّ ما ارتفع عن تِهامة فهو نَجْد.

وقيل: نجد، هو اسم للأرض العريضة التي أعلاها تِهامة واليمن، وأسفلها العراق والشام، وتنقسم إلى: نجد العراق، ونجد الحجاز، ونجد اليمن[1].

وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن (في رده على المعترض في مسبة بلد الشيخ، وأنها بلد مسيلمة، ونجدة الحروري، والقرمطي والأخيصر وابن عصفور):

أي بلد من بلاد المسلمين لم يقع فيها من المكفِّرات والشرك، وعبادة النيران أو الأوثان، أو البدع المضلَّة ما هو من جنس ما حصل باليمامة أو أفحش - إلى أن قال -: والقرمطيُّ بلاده القطيف والخط، وليس من حدود اليمامة، بل ولا من حدود نجد[2].

 

المطلب الثاني: أهميتها:

ما ثبت في فضل الجزيرة العربية فهو طائلٌ نجدًا بلا شك؛ لأنها واحدة من أقاليمها، وما ثبت في فضل العرب، وما ثبت في فضل عرب الجزيرة، فهو طائل أهل نجد بلا شك؛ لأنهم من صميم العرب.

لقد عاشت نجد مدنية وحضارة أصيلة متقدمة، وامتازت بجغرافيَّتها وطبيعتها وتاريخها وثقافتها ولسانها وآدابها وأنسابها، وشرف أهلها وتنافسهم في المحمدة والذكر الجميل، لقد أخذتْ بمجامع قلوب الكثيرين، وامتدت إليها أعين الناظرين، وتأمل قول القائل:

أُكرِّرُ طرفي نحوَ نجدٍ وإنني
إليه وإن لم يُدرِكِ الطرفُ أَنْظُرُ
حنينًا إلى أرضٍ كأنَّ ترابَها
إذا أَمطَرَتْ عودٌ ومسكٌ وعنبرُ
بلادٌ كأنَّ الأقحوانَ بروضةٍ
ونورِ الأقاحي وَشْيُ بُرْدٍ مُحبَّرُ

 

وقال آخر:

فيا حبَّذا نجدٌ وطيبُ ترابِه
إذا هضَّبَتْهُ بالعَشيِّ هواضبُه
وريحُ صبا نجدٍ إذا ما تنسَّمتْ
ضُحًى أو سرَتْ جنْحَ الظلامِ جنائبُه
بأجرعَ مِمْراعٍ كأنَّ رياحَهُ
سَحابٌ من الكافورِ والمِسكُ شائبُه

 

وقال آخر في سياق المدح:

ألا حبَّذا نجدٌ وطيبُ ترابِه ♦♦♦ وغلظةُ دنيا أهل نجد ودينها

قال الحموي: ولم يذكر الشعراء موضعًا أكثر مما ذكروا نجد وتشوقوا إليها من الأعراب المتضمرة[3].

 

وقال الشيخ البغدادي محمود شكري الألوسي: إني طالما اشتقت إلى الوقوف على ما اشتملت عليه قطعة نجد من البلاد، وتُقْتُ إلى كشف اللثام عن أحوال سكنتها الكرام الأمجاد، فإن معرفة حقيقة القوم مما خَفِيت على كثير من الناس إلى اليوم.

وقال أيضا: إن نجدًا من أحسن أقطار الأرض العربية، وأعدلها مِزاجًا وأرقها هواءً، وأعذبها ماءً، وأخصبها أرضًا، وأنبتها أزهارًا ونباتًا، أوديته كالرياض، وأغواره كالحياض، ولم يزل الشعراء قديمًا وحديثًا يترنَّمون بذكره، ويَلهجون بوصف بلادِه وقطرِه، ويعطرون الأندية بنشر خزاماه وعطره[4].

وقال أيضًا: أخلاق أهل نجد هي أخلاق العرب المحمودة، وهي: الوفاء، والغِيرة، وصيانة العِرْض، ومحاماة الدخيل، وصدق اللهجة والشجاعة، والفروسية، ومراعاة الحقوق والعهود، والذكاء المفرط، والحلم وسرعة الانتقال، وحسن الخَلق والخُلق، ولغتهم أفصح لغات العرب اليوم على فسادها، ولهجتهم أحسن كل لهجة، وفيهم الشعراء والأدباء والظرفاء والفصحاء[5].

وقال أيضًا: اعلم أن أهل نجد كلَّهم مسلمون موحدون، بل وجميع سكنة جزيرة العرب، وقد دخلوا في الإسلام في العصر الأول عند ظهور أنوار الشريعة الغرَّاء، وهم على عقائد (السلف الصالح)[6].

 

إلى أن قال: والحاصل أن مذهبهم في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة، وأن طريقتهم طريقة السلف التي هي الطريق الأسلم، بل الأحكم[7].

إلى أن قال: ثم إنهم يستعينون على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة المعتبرة، ومن أجلِّها لديهم (تفسير ابن جرير)، ومختصره (لابن كثير)، وكذا (البغوي)، و(البيضاوي)، و(الخازن)، و(الحدادي)، و(الجلالين)، وغيرها[8].

 

ومن مناقب نجد والجزيرة العربية احتواؤها لقبائل العرب المعروفة، وقد وردَ في معظم تلك القبائل أحاديث خاصة في فضلها ومناقبها، قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله في كتابه الحافل (منهاج التأسيس): وقد جاء في فضل بعض أهلِ نجدٍ - كتميمٍ - ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أحبُّ تَميمًا لثلاث، سمعتهن من النبي صلى الله عليه وسلم: قولُه لما جاءت صدقاتهم: ((هذه صدقاتُ قومي))، وقوله في الجارية التَّميمية: ((أعتقيها؛ فإنها من وَلَد إسماعيل))، وقوله: ((هم أشدُّ أمَّتي على الدجال))، هذا في المناقب الخاصة.

وأما العامة للعرب، فلا شك في عمومها لأهل نجد؛ لأنهم من صميم العرب، وما ورد في تفضيل القبائل والشعوب أدلُّ وأصرحُ في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن الدالة على فضل الساكن والقاطن[9].

 

اعتراض والجواب عليه:

تقدم في المحور الثاني اعتراض بعض المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بأنه من نجد، وقد ذمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نجدًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق ذكره.

وبأنه من المشرق وقد ذمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المشرق في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم ذكره أيضًا.

والجواب عن هذين الاعتراضين من وجوه:

الأول: أن البلاد والنَّسَبَ والجنس والجنسيَّة ونحو ذلك، ليست معيارًا في التقييم: لا مدحًا ولا قدحًا، لا صحةً ولا بطلانًا؛ فمكة والمدينة وغيرهما من البلدان ذات المناقب في الإسلام قد يوجد بها مَن يحارب دين الإسلام، ويدعو إلى البدعة والضلالة، والعكس بالعكس.

 

قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن:

وهل عاب الله ورسوله أحدًا من المسلمين أو غيرهم ببلده ووطنه، وكونه فارسيًّا أو زنجيًّا، أو مصريًّا من بلاد فرعون ومحلِّ كفرِه وسلطنته - إلى أن قال -: بلاد الخليل إبراهيم حران دار الصابئة المشركين عبَّاد النجوم، ودار يوسف دار فرعون الكافر اللَّعين، وسكَنَها موسى بعده وأكابرُ بني إسرائيل، وكذلك مكة المشرَّفة سكنها المشركون وعلَّقوا الأصنام على الكعبة المشرفة، وأخرجوا نبيهم وقاتلوه المرة بعد المرة، أفيستحلُّ مؤمنٌ أو عاقل أو جاهل أن يَلْمِزَ أحد المهاجرين أو من مسلمة الفتح أو مَن بعدهم من المؤمنين بما سلف في مكة؟![10].

 

وقال الشيخ الألباني رحمه الله:

كون الرجل من بعض البلاد المذمومة لا يستلزم أنه هو مذموم أيضًا، إذا كان صالحًا في نفسه، والعكس بالعكس، فكم في مكة والمدينة والشام من فاسق وفاجر، وفي العراق مِن عالم وصالح[11].

 

الثاني: لا يلزم من قوله صلى الله عليه وسلم: ((هناك الزلازل...)) الحديث، قصد عين الصقع المعروف باسم: نجد، إذا يحتمل قصد جهة نجد وناحيتها دون عينها، ومع وجود الاحتمال يسقط الاستدلال.

ويقوي الاحتمال رواية: "وأومأ بيده نحو المشرق"، وفي رواية: "فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: ((هنا الفتنة - ثلاثًا - من حيث يطلع قرن الشيطان))[12]، ولا أحد - سليم الصدر - يخطر بباله أبدًا أن الإشارة لمسكن عائشة رضي الله عنها، حاشاها، وإنما المقصود قطعًا جهة المشرق.

 

الثالث: على تقدير أن المقصود بالحديثين أو أحدهما نجدُ الحجاز، فهل يعني ذلك تنزيله على الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه ودعوته؟!

الجواب: لا، وألف لا، لماذا؟ لأن إنزال الحديثين أو أحدهما على الشيخ وأتباعه ودعوته دعوى تفتقر إلى بينة، ولا بينة هنا.

والدَّعاوِي ما لم تُقيموا عليها ♦♦♦ بيِّناتٍ أبناؤُها أدعياءُ

 

الرابع: ليس في حديث ابن عمر رضي الله عنه غميضةٌ لنجد الحجاز؛ لأن المقصود بنجد في الحديث نجد العراق لا نجد الحجاز، ومَن تتبع طرق الحديث وشواهده، وتدبَّر ألفاظه ورواياته رَوْمًا [طلبًا] لوجه الحديث - اتَّضح له وجهه والمراد منه، بلا إعمال ذهن كبير، وقد أشار الإمام أحمد رحمه الله إلى أهمية جمع الطرق لفهم الحديث.

والحديث، قال البخاري: حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا أزهر بن سعد، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ((اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يَمَننا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا، قال: ((اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يَمَننا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا، فأظنُّه قال في الثالثة: ((هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان))[13].

هنا قالوا: (وفي نجدنا)، ورواه الطبراني من طريق عبيدالله بن عبدالله بن عون، عن أبيه به، قالوا: "يا رسول الله، وفي عِراقنا"[14]، ومن طريق عبدالرحمن بن عطاء، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: فقال رجل: "وفي مشرقنا يا رسول الله"[15].

وجاء من طرق عن توبة العنبري، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه رضي الله عنه، فقال رجل: "يا رسول الله، وفي عِراقنا"[16].

وفي طريق زياد بن بيان، قال: حدثنا سالم بن عبدالله به، فقال رجل: "والعراق يا رسول الله"[17]، وللحديث طرق أخرى وشواهد لا تخلو من مقالٍ، فيها التصريح بالعراق.

وجاء من طرق عن ابن عمر رضي الله عنهما داخل الصحيحين وخارجها، قال: رأيت رسول الله يشير إلى المشرق[18].

 

وروى مسلم: حدثنا ابن نمير: حدثنا إسحاق (يعني ابن سليمان): أخبرنا حنظلة قال: سمعت سالمًا يقول: سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده نحو المشرق...، الحديث[19].

وروى الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير: حدثنا حنظلة به: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده يؤمُّ العراق[20].

 

وقاصمة الظهر: ما رواه مسلم من طرقٍ عن ابن فضيل، عن أبيه، قال: سمعتُ سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنه يقول: يا أهلَ العراق، ما أسألَكم عن الصغيرة، وأركبَكم للكبيرة، سمعت أبي عبدَالله بن عمر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الفتنة تجيء من ههنا - وأومأ بيده نحو المشرق - من حيث يطلع قَرْنا الشيطان))، وأنتم يضرِبُ بعضكم رقابَ بعض[21].

وبعد جمع روايات الحديث وألفاظه، فهِمنا أن المرادَ بنَجْدٍ والمراد بالمشرق، إنما هو ناحية العراق، والروايات يصدق بعضُها بعضًا، وما احتمل في رواية فسَّرتْه وبينته الرواية الأخرى، وهو إن كان اسم نجد يتناول تلك الرقعة المرتفعة من الأرض، فكل ما ارتفع عن تهامة، فهو نجد، فهي ترعى بنجد وتشرب بتهامة، إلا أنه يفرق بين أطرافها؛ حيث يقال: نجد الحجاز، ونجد العراق، ولكل ناحية طبيعة وتاريخ، قال قيس بن عمرو:

وكنتُ كَذِي رِجْلَيْنِ رِجْلٍ صحيحةٍ
ورِجْلٍ بها ريبٌ من الحَدَثانِ
فأمَّا التي صحَّتْ فأَزْدُ شَنُوءةٍ
وأمَّا التي شلَّتْ فأَزْدُ عُمَانِ

 

ثم إن نجد العراقِ هي التي تقع شرق المدينة، قال الخطَّابيُّ: نجدٌ من جهة المشرق، ومَن كان بالمدينة كان نجدُه باديةَ العراق ونواحيها، وهي مشرق أهل المدينة[22].

والمشتهر بالمشرق عند الإطلاق ناحية العراق، قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا عبدالواحد: حدثنا الشيباني: حدثنا يسير بن عمرو، قال: قلت لسَهْل بن حُنيف رضي الله عنه: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئًا؟ قال: سمعتُه يقول - وأهوى بيده قِبَل العراق -: ((يخرجُ منه قومٌ يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيَهم، يَمْرُقون من الإسلام مروق السهم من الرميَّة))[23].

وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا علي بن مسهر، عن الشيباني به، وفيه: "وأشار بيده نحو المشرق"[24].

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقَّتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرقِ العقيقَ[25]، والعقيق مِيقاتُ أهل العِراق، ثم إنَّ منشأ كثير من الفِرَق الضالة بالعِراق، ومنها خرجت الحوادث والفتن، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم.

 

وقد ذكر فحول العلماء أن المراد بنَجْد في الحديث نَجْد العراق، قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن: الأحاديث التي وردت في ذم نجدٍ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لنا في يمننا، اللهم بارك لنا في شامنا))، الحديثَ، قيل: إنه أراد نجدَ العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العِراق من الملاحم والفتن، ما لم يجرِ في نَجْد الحجاز، يعرف ذلك مَن له اطلاع على السير والتاريخ؛ كخروج الخوارج بها، وكمَقْتل الحسين وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة...، وما جرى في ولاية الحجَّاج بن يوسف من القتال وسفك الدماء، وغير ذلك مما يطول عدُّه[26].

وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمه الله: إن المراد بالشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله: هو العراق الذي يحاذي المدينة من جهة المشرق[27].

وقال أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قيل له: وفي نَجْدنا - ((ههنا موضع الزلازل والفتن، ومنها يطلع قرن الشيطان))، فالمقصود بها نجد العراق[28] وشرق المدينة، وقد ورد ذلك صريحًا في حديث ابن عمر، ونصَّ عليه الخطابي وغيره[29].

وقال الشيخ السهسواني: المراد بنجد نجد العراق[30].

وقال الشيخ التويجري: إن الروايات الواردة في طلوع قرن الشيطان من المشرق كلُّها عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، وقد صُرِّح في بعضها أن المراد بالمشرق أرض العراق، فبَطَل بذلك كل ما يتعلق به الملاحدة على أهل الجزيرة العربية[31].

 

وقال الشيخ حكيم محمد: مقصود الأحاديث أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة هي مبدأ الفتنة والفساد، ومركز الكفر والإلحاد، ومصدر الابتداع والضلال، فانظروا في خريطة العرب بنظر الإمعان، يظهَرْ لكم أن الأرض الواقعة في شرق المدينة إنما هي أرض العراق فقط، موضع الكوفة والبصرة وبغداد[32].

وقال الشيخ الألباني: بعض المبتدعة المحارِبين للسنة والمنحرِفين عن التوحيد يطعنون في الإمام محمد بن عبدالوهاب مجدِّد دعوة التوحيدِ في الجزيرة العربية، ويحمِلون الحديث عليه باعتباره من بلاد (نجد)، المعروفة اليوم بهذا الاسم، وجهلوا أو تجاهلوا أنها ليست هي المقصودة بهذا الحديث، وإنما هي (العراق)، كما دل عليه أكثر طرق الحديث، وبذلك قال العلماء قديمًا؛ كالإمام الخطابي، وابن حجر العسقلاني، وغيرهما[33].

 

وقال الشيخ الألباني أيضًا عند لفظة: "ونَجْدنا" - من حديث ابن عمر السابق -: قلت: أي (عِراقنا)، كما في بعض الروايات الصحيحة، وبذلك فسَّره الخطابي والعسقلاني، كما بينتُه في رسالتي (تخريج فضائل الشام: ص 9 - 10 ح8)، خلافًا لما عليه كثير من الناس اليوم، ويزعمون - لجهلهم - أن المقصود بـ(نجد) هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم، وأن الحديث يُشير إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه - حاشاهم - فإنهم الذين رفعوا راية التوحيد خفَّاقة في بلاد نجد وغيرها، جزاهم الله عن الإسلام خيرًا[34].

 

وقال الشيخ السهسواني: وقد ورد الأمر باللحوق بنجد في حديث رأيتُه في زوائد مسند البزار، ولفظه: حدثنا محمد بن عبدالله بن المفضل الحراني: ثنا عثمان بن عبدالرحمن الحرامي: ثنا عبدالرحمن بن ثابت، عن أبي العوام، عن عبدالملك بن مساحق، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنكم ستجندون أجنادًا))، فقال رجل: يا رسول الله، خِرْ لي، فقال: ((عليك بالشام، فإنها صفوة الله من بلاده، فيها خيرة الله من عباده، فمَن رغِب عن ذلك، فليلحق بنجدِه، فإن الله تكفَّل لي بالشام وأهله))، قال البزار: لا نعلمه يُروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد.

 

وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا قِبل نجد، وبعث سرية قِبل نجد، وبعث خيلًا قبل نجد، فلو لم يكن في أهل نجد خيرٌ ما غزا قبل نجد، فإن الغزو المقصود منه بالذات إسلام أهله...، وقد وقَّتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد قرنَ المنازل...، فلو لم يكن في نجد خير فأيُّ حاجة إلى تعيين الميقات لأهلها...، وقد ورد فضل بني تميم في الحديث، والشيخ - محمد بن عبدالوهاب - منهم وهم من أهل نجد، ثم ساق أحاديث في فضل العرب...، قال: فقد علم من هذه الأحاديث فضل العرب على غير العرب، وقد ورد في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((لو كان الإيمان عند الثُّريَّا لنالَه رجال من هؤلاء))؛ [يعني الفرس]، وقد وقع هكذا، فإن كثيرًا من أهل الحديث من أبناء فارس، وإذا أمكن نَيْل جماعة من أهل فارس - الذين هم في الخيرية أدون من أهل نجد التي هي من العرب، وشرهم أزيد من شر أهل نجد - الإيمان، فما ظنُّك بأهل نجد؟[35].

 

فتبين بما سبق أن نجدًا في حديث ابن عمر رضي الله عنه المقصود بها نَجْد العراق، والعراق وجهتها هي المقصودة بالمشرق في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقد قال ابن عبدالبر في شرح حديث أبي هريرة: أما قوله: ((رأس الكفر نحو المشرق))، فهو أن أكثر الكفر وأكبره كان هناك؛ لأنهم كانوا قومًا لا كتاب لهم، وهم فارس ومن وراءهم، ومن لا كتاب له فهو أشد كفرًا من أهل الكتاب[36].

وقال الشيخ ابن سحمان رحمه الله: قد كان بلد الشيخ اليمامة، ولم تكن اليمامة مشرق المدينة، بل مشرق المدينة العراق ونواحيه، فاليمامة ليست مشرق المدينة، ولا هي وسط المشرق بين المدينة والعراق، بل اليمامة شرق مكة المشرَّفة[37].

وقال ناصر الدين الحجازي في رده (النفحة) على إفك الإسكندراني: إن الشرق اسم عامٌّ نهايته مطلع الشمس، وقد ظهر منه فتن كثيرة؛ كفتنة جنكيز خان، وهولاكو، ومَن بعده من التتار، واستطال الأمر، وقتلت الألوف المؤلفة من المسلمين، فما الذي حملت على أن تخصه بأولئك المساكين...، إلخ[38].

فإن قيل: العراق لم تُفتَحْ بعد، فكيف يقال: "وفي نجدنا"، "وفي عراقنا"؟

قيل: كذلك الشام لم تُفتح بعدُ، ومع ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لنا في شامنا))، فبَطَل بما رأيتَ كلَّ ما تمسك به المعترِضون على دعوة الشيخ، وما هذه الاعتراضات إلا ﴿ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ﴾ [النور: 39]، فلله الأمر من قبل ومن بعد.



[1] انظر: معجم البلدان للحموي 5 / 261 - 265، وتاريخ نجد للألوسي ص 45 - 47، وعلماء نجد لابن بسام 1 / 5، وتاريخ نجد الحديث للريحاني ص 21 - 30.

[2] عبداللطيف آل الشيخ: مصباح الظلام ص 295.

[3] الحموي: معجم البلدان 5 / 262.

[4] الألوسي: تاريخ نجد ص 45، 48.

[5] الألوسي: تاريخ نجد ص 82.

[6] الألوسي: تاريخ نجد ص 85.

[7] الألوسي: تاريخ نجد ص 89.

[8] الألوسي: تاريخ نجد ص 90.

[9] عبداللطيف آل الشيخ: منهاج التأسيس ص 92.

[10] عبداللطيف آل الشيخ: مصباح الظلام ص 295 - 296.

[11] الألباني: السلسلة الصحيحة 5 / 305.

[12] البخاري: 2937.

[13] البخاري؛ الفتح: 13 / 45، ح 7094.

[14] الطبراني في الكبير والأوسط؛ الصحيحة: 5 / 302 - 303، قال الشيخ الألباني: إسناد جيد.

[15] مجمع الزوائد 10 / 34 - 35، وعزاه للطبراني في الأوسط لأحمد، قال: ورجال أحمد رجال الصحيح، غير عبدالرحمن بن عطاء، وهو ثقة، وفيه خلاف لا يضر.

[16] قال الشيخ الألباني - الصحيحة 2246 -: أخرجه يعقوب الفسوي في المعرفة 2 / 746 - 748، والمخلص في الفوائد المنتقاة 7 / 302، والجرجاني في الفوائد 164 / 2، وأبو نعيم في الحلية 6 / 133، وابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 120 من طرق عن توبة العنبري، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه به، قال: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

[17] قال الشيخ الألباني: أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 1 / 246 / 1 / 4256، وأبو علي القشيري الحراني في تاريخ الرقة 2 / 20 / 1 - 2، والربعي في فضائل الشام ودمشق 11 / 20، وابن عساكر 1 / 121 - 122...، ثم قال: فالإسناد جيد، ملاحظة: ليس في نسختي للأوسط (عن أبيه)، فيحتمل سقوطها.

[18] البخاري 3105، وأرقامه 2937 ومسلم 2905.

[19] مسلم 2905.

[20] أحمد 2 / 143، قال الشيخ أحمد شاكر (6302): إسناده صحيح، وقال الشيخ التويجري (إيضاح المحجة ص 143): إسناده صحيح رجاله كلهم من رجال الصحيحين.

[21] مسلم 2905.

[22] ابن حجر: فتح الباري 13 / 46 - 47.

[23] البخاري 6535.

[24] مسلم 1068.

[25] ضعيف، رواه أحمد في المسند (شاكر: 3205)، وأبو داود 1740، والترمذي 8329، والبيهقي (الكبرى: 5 / 28)، من طريق وكيع، عن سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما به، ويزيد بن أبي زياد ضعيف، وبه أعلَّه المنذري (مختصر السنن: 1665)، قال: وذكر البيهقي أنه تفرد به، وقال ابن الملقن (الإعلام: 6 / 26): فيه مقال، وقال ابن حجر (فتح الباري: 3 / 390): تفرَّد به يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف، وقال الترمذي (السنن: 832): هذا حديث حسن، وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (3205): إسناده صحيح، ثم نقل عن ابن القطان أنه قال: هذا حديثٌ أخاف أن يكون منقطعًا.

[26] مجموعة الرسائل والمسائل 4 / 264، نقلًا عن دعاوى المناوئين؛ لعبدالعزيز العبداللطيف ص 185.

[27] عبداللطيف آل الشيخ: منهاج التأسيس ص 93.

[28] نجد: ما أشرف من الأرض؛ أعلاه تهامة واليمن، وأسفله العراق والشام، وأوله من جهة الحجاز ذات عرق، ويقال: نجد الحجاز - وهي موضع الشيخ محمد - ونجد اليمن، ونجد العراق.

[29] عبداللطيف آل الشيخ: مصباح الظلام: ص 235.

[30] السهسواني: صيانة الإنسان ص 548.

[31] التويجري: إيضاح المحجة ص 132 - 133.

[32] حكيم: أكمل البيان ص 16 - 17.

[33] الألباني: السلسلة الصحيحة 5 / 305.

[34] الألباني: مختصر صحيح البخاري 1 / 310 - 311.

[35] السهسواني: صيانة الإنسان ص 550 - 558.

[36] ابن عبدالبر: التمهيد 18 / 142.

[37] ابن سحمان: الأسنة الحداد ص 87.

[38] عبدالعزيز العبداللطيف: دعاوى المناوئين ص 190، وانظر ما ذكره ابن بطال شرح الصحيح: 10 / 44 حول ما سبَّبته الفتنة الخارجة من ناحية المشرق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محل إشكال عند منتقدي الدعوة النجدية
  • يا نجد يا حبيبتي!
  • بني نجد إلى العلياء سيروا (قصيدة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة عن الخوف والرجاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الراحة أين نجدها؟(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • عثمان بن بشر وكتابه عنوان المجد في تاريخ نجد لأحلام بنت علي أبو قايد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ذكرياتي عن أهل نجد في الشام، وعَلاقة الشيخ فوزان السابق بحيِّ الميدان والسلفيين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مختارات من "عنوان المجد في تاريخ نجد" المعروف بــــ "تاريخ ابن بشر"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حديث: سرية إلى نجد(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أخبار مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها في مجلة الشرق الأدنى لأمين سعيد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير علماء الدعوة في نجد لمحمد بن سريع السريع(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تسعون موعظة وحكمة من الكتاب النادر (صبا نجد) لابن الجوزي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب