• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

مباحث في المنطق الصوري

د. ناصر بن سعيد السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/10/2016 ميلادي - 8/1/1438 هجري

الزيارات: 113247

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مباحث في المنطق الصوري

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فإن علم المنطق ليس علماً ولَّده فكر علماء المسلمين، بل هو مستورد من الخارج، حيث جاء إليهم من الفكر اليوناني وعلى وجه الخصوص جاءهم من الفيلسوف اليوناني أرسطو، وعلى ذلك يسمى المنطق الصوري بالمنطق الأرسطي، ويعتمد المنطق على القياس والاستدلال، ويعتبر المنطق الأرسطي منطق عقيم لا يؤدي لمعرفة جديدة - رأي يخص صاحبه فقط -، ويعرِّف أرسطو - المولود عام 384 قبل الميلاد والمتوفی عام 322 قبل الميلاد - المنطق بأنه آلة العلم وأداة البحث والمعرفة الصحيحة، وهو أول من قام بتدوين المنطق الصوري.

 

ومن خلال هذه المقدمة التعريفية الموجزة عن المنطق الأرسطي ستكون هذه الورقات اليسيرة على ثلاثة مباحث عامة كما يلي:

المبحث الأول: نقد إسلامي على يد مفكري الإسلام.

المبحث الثاني: النقد الفكري الغربي الحديث.

المبحث الثالث: تطور المنهج الصوري وصلته بالمنطق الرياضي (الرمزي).

نسأل الله العلي القدير التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المبحث الأول

نقد إسلامي على يد مفكري الإسلام

من تداعيات الصدمة الحضارية بالغرب الغازي المتفوق برزت تساؤلات فكرية، منها: لماذا تفوق الآخرون علينا؟ وماذا تقدموا وتخلفنا؟ وما عوامل الخلل؟ وكيف النهوض؟.

تعددت الإجابات عبر قرن ونصف بتعدد اتجاهات المفكرين ومشاربهم، بداية بالرواد الأول: (الطهطاوي، التونسي، الكواكبي، الأفغاني، محمد عبده)، وكانت الصفة الغالبة عليها، الصفة الدفاعية ضد الآخر المتغلب، وفي مطلع القرن الماضي أصبحت التساؤلات أكثر إلحاحاً وشكلت تحدياً كبيراً للفكر العربي وتطلبت استجابة مختلفة، وتبرز في سماء القرن العشرين جهود كواكب لامعة، أبرزها المشروع الإصلاحي لمحمد عبده الذي تمحور حول إصلاح نمط التفكير الديني، وفي الثلث الأخير من القرن الماضي ظهر مفكرون أخرون أصحاب مشاريع فكرية متكاملة: (حنفي، أركون، العروي، طربيشي، الجابري، زكي نجيب محمود، فؤاد زكريا، محمد جابر الأنصاري).

 

وكانت أولى الإجابات تركز على أن علة التخلف ابتعاد الأمة عن دينها، فلا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها بينما رأت الإجابة الثانية أن التأزم السياسي المتمثل في غياب الديمقراطية، هو الداء المزمن بسبب عجز العرب عن الاتفاق على آلية سياسية تضمن الانتقال السلمي للسلطة، وذهبت إجابة ثالثة إلى أن نظامنا التربوي والتعليمي هو العلة في الإخفاق، ورأت إجابة رابعة أن تخلف العرب يكمن في قصورهم العلمي والتقني لأن التحديات التي واجهتهم خلال القرون الخمسة الأخيرة كانت تقنية، ولم تجد استجابة سليمة منهم.

 

وهناك من رأى في الاشتراكية العربية حلاً، واستراح قطاع كبير إلى تحميل الاستعمار مسؤولية التخلف، واتجه آخرون إلى أن العلة كامنة في العقلية العربية لافتقادها الروح النقدية والنظرة التاريخية، كما يقول ذلك الجابري في مشروعه الفكري الضخم (نقد العقل العربي)، ولعل الجابري هو الذي بلور وطرح مصطلح (العقل العربي) في ساحة التداول الفكري فراج وانبهر به كثيرون حتى بان زيفه، فالعقل بمعنى القدرة الذهنية واحدة لدى البشر، وهو أعدل الأشياء قسمة بينهم (ديكارت) فلا يوجد عقل عربي أو إسلامي بإزاء عقل غربي أو مسيحي، ولا يمكن أن يكون للعرب عقل مختلف عن عقول بقية الشعوب، لكن الشعوب تختلف في طرق تفكيرها وفي فاعلية هذا التفكير في مواجهة التحديات.

 

وقد رصد كثير من المفكرين جوانب القصور في منهج التفكير العربي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بسبب النزعات المؤثرة في كفاءته:

1- النزعة الماضوية: العقلية العربية أسيرة الماضي المجيد، تعيد إنتاج مقولات السابقين وتبحث في الماضي حلولاً لمشكلات الحاضر.

2- النزعة الذكورية: العقلية العربية تنتقص من المرأة وتؤمن بأعلوية الرجل.

3- النزعة التقديسية: للتاريخ، ينتقي من التاريخ اللحظات المضيئة ويغيب ألف عام من الصراعات والانقسامات والظلام.

4- النزعة الإقصائية: الفكر العربي فكر إقصائي للآخر اعتقاداً بأنه يملك الحقيقة المطلقة.

5- النزعة الارتيابية في الآخر: يحتل وهم التآمر العالمي علينا المساحة العظمى من تفكيرنا.

6- النزعة التمجيدية للذات: وتعظيم محاسنها بمقابل انتقاص الآخر والمغالاة في سلبياته[1].

 

وفي مجال المعرفة اليقينية والوصول إليها، نجد ابن تيمية أيضًا هو أول من تحرر من الفلسفة العقلية اليونانية، وهذا لا يمنع من أن بعض علماء الإسلام أمثال أبي حامد الغزالي الذي نقد الفلسفة اليونانية في كتابه: (تهافت الفلاسفة)، إلا أن الغزالي بقي أسيرًا لمنطق أرسطو، وهو أول من صرح بوجوب اتخاذه ميزانًا للعلوم، وفي كتابه: (القسطاس المستقيم) نجد كثيرًا من الحجج القرآنية قد صاغها في أقيسة منطقية أرستطالية[2].

 

ويؤكد ابن تيمية أن المنطق اليوناني لا فائدة فيه، ولا يوصل إلى حقيقة، فلو كان صحيحًا يوصل إلى حقيقية يقينية أو يحسم خلافًا، لما بقي في الناس قضية يختلفون من أجلها، ولا سرٌّ إلا توصلوا إلى اكتشافه وفهموه، ولما شاعت الفرق والمذاهب الفلسفية المتضاربة التي يهدم بعضها بعضًا. ويضيف: إننا لا نجد أحدًا من أهل الأرض حقق علمًا من العلوم وصار إمامًا فيه بفضلِ المنطق، لا من العلوم الدينية ولا غيرها، فالأطباء والمهندسون وغيرهم يحققون ما يحققون من علومٍ بغير صناعة المنطق، وقد صنف في الإسلام علوم النحو، والعروض، والفقه، وأصوله، وغير ذلك، وليس في أئمة هذه الفنون مَن كان يلتفت إلى المنطق، بل عامتهم كانوا قبل أن يعرف المنطق اليونان[3].

 

والنقد الموضوعي العام لمنطق أرسطو: لم يقبل المسلمون منذ البداية منطق أرسطو كونه قاعدة للتفكير أو منهجاً للاستنباط والاستدلال، ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة، أوضح بعضها الإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه- وأوضح بعضها علماء الأصول والكلام، وكان لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى - النصيب الوافر في نقد المنطق الأرسطي وتفنيده مبيناً أنه لا يصلح طريقاً للاستدلال في المنهجية الإسلامية، وهناك أسباب عامة لرفض المنطق الأرسطي متمثلة في النقاط التالية:

1-أنه يقوم على خصائص اللغة اليونانية، وهي مخالفة للغة العربية، وتطبيقه في العلوم الإسلامية يؤدي إلى متناقضات عديدة، وهذا ما قرره الشافعي وكان عارفاً باللغة اليونانية، وفارساً كبيراً في اللغة العربية، حيث يقول: (ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرطاطاليس).

 

2- أنه يقوم على (الميتافيزيقيا) أنها مخالفة لعقائد المسلمين، إذ كانت نظرتهم إلى الإله يشوبها الانحراف والوثنية، فمباحثهم الإلهية تقوم على الإلحاد، لأنها تعتمد على القياس الشمولي، وتطبيقه مستحيل في حق الذات العلية وصفاتها، لأن الله تعالى لا يمكن إدراجه تحت مقدمة كلية وهو ليس جزءًا حتى يندرج تحت الكل -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً-.

 

3- أنه يؤدي إلى التكلف وتقييد الفطرة بقوانين صناعية متكلفة في الحد والقياس، وهي غير مستطاعة إلا لقلة من الناس، ولو كانت النجاة مقصورة على العلم بها لقل الناجون.

 

4- أن المنطق الأرسطي يتنافى مع روح البحث التجريبي، ويعتمد على البحوث، الفلسفي النظري، وقوانينه ذهنية صورية لا تأتى بجديد لأن النتائج متضمنة في المقدمات، فهو يرتبط بكليات ذهنية مجردة، ولا يتعامل مع الواقع المحسوس.

 

5- أن المنطق الأرسطي يقوم على الثبات المطلق في قوانينه وكلياته، فهو لا يفي بحاجات الإنسانية المتغيرة والمتطورة باستمرار.

 

6- أن منهجيته في الاستدلال دخيلة على فكر المسلمين، ولم يسلكه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما سلكوا طرقاً للاستدلال تتمشى مع الفطرة ومع أسلوب القرآن، وتنفي بالوصول إلى العلم الصحيح وإلى تحقيق اليقين في بساطة ويسر، فلسنا بحاجة إليه، وليس يوجد قصور في المنهجية الإسلامية حتى نعوضه بهذا المنطق الصوري المعقد.

 

7- أن المنطق الأرسطي لايعترف بيقينية التواتر، فهو يجعل التواتر يفيد العلم الشخصي فقط، فالقضايا المعلومة بالتواتر يختص بها من يعلمها فقط، أما اليقين في العلم فهو يستفاد من القضايا الكلية المنطقية، ويترتب على ذلك هدم التواتر في الإسلام وعدم يقينية القرآن والسنة وهدم النبوة والرسالة، وهذا أمر بالغ الخطورة على الإسلام[4].

 

المبحث الثاني

النقد الفكري الغربي الحديث

الحضارة الغربية تشهد في صورتها الحديثة والممتدة منذ العصور الوسطى، وبشكل خاص مع مجيء عصر النهضة، تطورات واتسمت بسمات يصعب إن لم يستحل العثور على شبيه لها في تاريخ الحضارات الإنسانية، ولأن حيزاً كهذا ليس المكان الملائم للدخول في موضوع كبير كهذا فلعله يكفي الوقوف ولو باختصار عند بعض المفاهيم الأساسية التي لعبت وما تزال تلعب دوراً مركزياً في تشكل الثقافة الغربية، وعلى النحو الذي أشار إليه المفكر وعالم الاجتماع الألماني (ماكس فيبر) بقوله: (إن من أبرز ما اتسمت به الحضارة الغربية هو تطور ما يسميه الهوية العقلانية المنتظمة، فعلى الرغم من أن الحضارات الإنسانية المختلفة وعلى مر العصور شهدت أشكالاً وأنظمة ثقافية من أنواع متباينة: علوم، موسيقى، عمارة، أنظمة سياسية، الخ)، فإن الغرب هو الوحيد - حسب قول ماكس فيبر - الذي طور النظام العقلاني ليصير بارزاً له. وربط (ماكس فيبر) بين ذلك النظام العقلاني والنظام الاقتصادي، وأسهم في الحضارة الغربية، هو الرأسمالية. ويقول كذلك مفصلاً هذا الكلام: (بالإضافة إلى الأنماط القديمة من الرأسمالية التي اتسمت بطغيان اللاعقلانية والتخمين طور الغرب شكلاً مغايراً جداً من الرأسمالية التي لم تظهر في مكان آخر: التنظيم الرأسمالي العقلاني للنشاط البشري الحر ذي الصبغة الرسمية)[5].

 

الفكر الغربي فيه تياران كبيران أحدهما هو التيار الغالب في المؤسسات والشخصيات الأكاديمية ولاسيما في أوربا وهو الفكر الذي بدأ في القرن الثامن عشر وانتشر في أوربا كلها ثم في أمريكا، وهو الفكر الذي سماه أصحابه بالفكر التنويري والذي غلب عليه الصدام مع الدين، والتيار الآخر هو التيار المحافظ الذي ظل مرتبطاً بالدين النصراني نوعاً من الارتباط والذي ما يزال له تأثيرًا كبيرًا على السياسة ولاسيما في الولايات المتحدة.

 

ولكن الفكر الغربي كان وما يزال فيه تيارات مخالفة لهذين التيارين الغالبين كتيار الفكر الماركسي، ثم إن كونه غربياً لا يعني أنه الفكر الذي يسير في ضوئه كل الغربيين إذ أن من الغربيين من ظل منتمياً إلى الدين، ومنهم من أنكر أساس هذا الفكر بفطرته[6].

 

ويمكن القول: أن علم المنطق هو علم الممكن من حيث هو ممكن أو هو العلم الذي يأخذ بعين الاعتبار صورة الفكر دون مادته.

والمنطق الصوري منطق يدور بين المنطق الخالص والمنطق التطبيقي، ويفسر (هاملتن) التصور تفسيراً فقط مما أعانه على إزالة الفرق بين الكيف والكم لصالح الكم مخالفاً بذلك المنطق الصوري الذي كان متمسكاً بضرورة التمييز التام بين الأمور الكيفية والأمور الكمية على أساس أن الأولى مكونة من عناصر متجانسة مجمعة بعضها محتوى ومندرج في بعضها الآخر وأن الكم مؤلف من أجزاء متجانسة مجمعة ومصفوفة بعضها إلى جانب بعضها الآخر وهذا التمييز بين المفاهيم الكيفية والكمية أزاله (هاملتن) مما أخذه بعده (جورج بول) والمنطقيون الرياضيون لتحويل القضية التقليدية إلى معادلة رياضية لإنشاء المنطق الرياضي.

 

وإذا كان كل استدلال يرتد إلى استنباط ينصب على الجزئي يصبح المنطق الصوري في صورته القياسية بلا موضوع ما دامت القضايا الكلية غير موجودة، وهنا يفارق (ستوارت مل) المنطق الاستقرائي الذي ينطق من الوقائع لكي يرتفع بتجمع الاستنباطات الجزئية إلى قوانين عمومها عموم تجريبي وضامنها مبدأ العلية الكلية متكون هو في ذاته من التجربة، فالمنطق التجريبي نوعان: (المنطق الاسمي الواقعي، والمنطق الاستقرائي)[7].

 

المبحث الثالث

تطور المنهج الصوري وصلته بالمنطق الرياضي (الرمزي)

المنهج الصوري يبحث في الأحكام والبراهين من حيث صورتها بصرف النظر عن مادتها ويطلق على منطق أرسطو، أو على المنطق القياسي بوجه عام، وتطور المنهج الصوري على مراحل بارتباطه بالفيلسوف أرسطو، كما يلي:

• المنطق قبل أرسطو:

سقراط: كان يستخدم طريقة إثارة الأسئلة على طلابه ويطلب منهم تحديد المفاهيم، فكانت النتيجة أن سقراط أسس موضوعين من مواضيع المنطق القديم هما: الاستقراء، والحدود والتعريفات.

 

أفلاطون: كان يستخدم طريقة الجدل الصاعد والنازل، وكان يستخدم طريقة التقسيم المنطقي وهو قائم على تصنيف الأشياء من حيث ماهيتها وعلاقة بعضها ببعض، وكان أيضاً يطالب في محاوراته البدء بالتعريف الكلي ثم تطبيقه على الجزئيات.

 

وما سار عليه سقراط وأفلاطون كان لأجل الوصول إلى اليقين المعرفي، لكن لم يصل إلى درجة التصنيف العلمي الدقيق، إذ أن طريقتهما لا تقوم على مقدمات واضحة بينة بذاتها.

 

• المنطق عند أرسطو:

يقترن ذكر المنطق بأرسطو أكبر عقلية فلسفية عرفها التاريخ، فإن أرسطو لم يبدأ فلسفته من الصفر بل صاغ ما خلفه له الفيلسوفان قبله سقراط وأفلاطون صياغة علمية، فجعل له ضوابط وقواعد وأشكال، وسماه: (آلة العلم).

 

• المنطق بعد أرسطو:

أولاً: ظل المنطق بعد أرسطو على ما هو عليه حتى القرن السادس عشر، وذلك لأن رجال الكنيسة يحرمون النظر الفلسفي والبحث العقلي ظناً منهم أن ذلك يفسد العقيدة الدينية، فلم يدخل على المنطق أي تطورات عدا زيادات يسيرة من الشراح في بعض القضايا، مثل:

1- فرفريوس: زاد على الكليات النوع، فأصبحت الجنس والفصل والعرض العام والخاص والنوع، وأسماها: (مبحث الكليات الخمس).

2- الرواقيون: اقتصر اهتمامهم على القضية الشرطية رغم أن أرسطو لم يتحدث عنها بل اكتفى بالقضية الحملية.

 

ثانياً: لم يدم حكر الكنيسة طويلاً فمع اتصال الغرب بالشرق وترجمة كتب الفلسفة ظهر المنطق الجديد، وقد استفاد من نقد المناطقة الإسلاميين للمنطق الأرسطي، ومر المنطق الجديد بعدة مراحل، وهي كالتالي:

1- المنطق الاستقرائي: دعا إليه الفيلسوف الإنجليزي (فرنسيس بيكون)، وكان منطقه قام على التجريب والتفسير العقلي البحت، واعتبر منطق أرسطو لا يصل بالإنسان إلى تحقيق العلم اليقيني، وكان المنطق الاستقرائي تقدماً حقيقياً للعصر.

 

2- المنطق الرياضي: دعا إليه الفيلسوف الإيطالي (جاليليو) وكان له اكتشافات في علم الفلك وعلم الطبيعة مما ساعده في نجاحه في المنطق، وساعده الفيلسوف (ويلهام ليبيتز).

 

3- المنطق الرمزي: رغم التسميات العديدة التي يشار بها إليه، مثل: رياضي، جبري، حسابي، إلا أنه يتميز بثلاث خصائص:

• استخدام الرموز العقلية التي تدل بالشكل المباشر أي التصورات كعلامة الضرب (×).

• استخدام المنهج الاستنباطي حيث فيه القدرة على توليد عدد من الأحكام الجديدة بواسطة عدد قليل من القواعد.

• استخدام المتغيرات التي لها مواضيع محددة من الدلالات، كرمز (س، ص) في المعادلات.

 

4-المنطق التجريبي: ويقوم المنطق التجريبي على التجربة والتحليل والتركيب.

صلة المنهج الصوري بالمنطق الرياضي (الرمزي): بدأ بالاتجاه الرياضي في عقلية التفكير الحديث يرتكز على فكرة الكم دون الكيف، وبذلك فقد تجاوز منهج التفكير في المنطق القديم حيث أن الرياضيات هي المنطق العلمي الحقيقي للعقل، ولقد نقد (ديكارت) منطق أرسطو على هذا الأساس وأكد بأننا إذا اكتشفنا القوانين الرياضية للمادة، فإننا سنصل إلى الحقيقة النهائية، ومن هنا أدخل (ديكارت) التفسير الكمي في الفيزياء بدلاً من التفسير الكيفي فحقق نجاحاً مذهلاً في منهجه العلمي أو في تطبيق منطقه الرياضي.

 

ويعتبر (ليبنتز) من أوائل الذين شرعوا في تطوير المنطق الرمزي ونادى بإنشاء لغة علمية عالمية يمكن بواسطتها تمثيل كافة التصورات العلمية، وذلك من خلال التوافق والتأليف بين الرموز العقلية، وكذلك أكد (ليبنتز) في بحوثه الرياضية على أن الحساب العالمي للاستدلال العقلي يمكن أن يكون اختراعاً مفيداً في تحقيق منهج آلي يتم فيه حل كل المشكلات التي يعبر عنها باللغة العالمية، ورغم أن أرائه بقت مجرد اقتراحات لم تنال حظها في التطبيق: إلا أنها تدل على مدى تقديس (ليبنتز) للرياضيات وإيمانه بها، ولذلك لا عجب أن امتدت تصوراته الرياضية ليرى أن المنطق يقترن بالماورائيات والأخلاق أيضاً، فهو صورة واحدة لعلم اللاهوت الطبيعي، والقانون الطبيعي. فحقائقها وبراهينها يمكن أن نصلها عبر المبادئ الذهنية التي هي فطرية. [8].

! ! !

انتهى البحث

وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين



[1] انظر: نقد العقل المسلم، عبدالحميد الأنصاري، ص2.

[2] انظر: تجديد التفكير الديني في الإسلام، محمد إقبال، ترجمة عباس محمود، ص 1.

[3] انظر: نقض المنطق، ابن تيمية، ص 16.

[4] انظر:مناهج البحث عند مفكري الإسلام، علي النشار، ص 273 - 275.

[5] انظر: الغرب في النقد العربي الحديث، سعد البازعي، ص28.

[6] انظر: نقد للفكر الغربي بمنهج علمي، جعفر شيخ إدريس، ص2..

[7] الصفحة الرسمية على الفيس بوك للشيخ مختار الطيباوي، الاطلاع على الصفحة في تاريخ 17 /6 /1436هـ.

[8] انظر: نظرة في تطور المنطق، عماد الدين الجبوري، ص 3-7.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لغة الرياضيات والمنطق
  • تحريم الإمام النووي لعلم المنطق
  • حلاوة المنطق لا تغني عن العمل

مختارات من الشبكة

  • شرح الاسم الموصول(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف الاجتهاد لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر قاعدة (إعمال الكلام أولى من إهماله) على مباحث فحوى الدلالات عند الأصوليين (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإعاقة العقلية: مفهومها - أسبابها - بعض متلازماتها (مباحث في التربية الخاصة) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإعاقة البصرية: المفهوم - التصنيفات - الخصائص (مباحث في التربية الخاصة) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • جداول من كتاب (مباحث في علوم القرآن) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مباحث الألفاظ في أُصول الحنفية - دراسة في كتاب التلويح في كشف حقائق التنقيح(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الأغلاط اللغوية بين الصحيح والفصيح "مباحث لغوية من وحي مجالسة علماء كبار" (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • مباحث حديثية (شـرح المنظومـة البيقونية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مباحث في ترجمة الحافظ مغلطاي بن قليج (689 - 762هـ) (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب