• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

العطاء والتكافل الاجتماعي

العطاء والتكافل الاجتماعي
كيندة حامد التركاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/8/2016 ميلادي - 9/11/1437 هجري

الزيارات: 14588

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العطاء والتكافل الاجتماعي


الإنسان مدَني بطبعه، أي يحتاج إلى ضروب المعاونات التي تتم بالمدنية واجتماع الناس فيها. وهذا الاجتماع للتعاون هو التمدن. فمن العدل إذاً أن نُعين الناس بأنفسنا كما أعانونا بأنفسهم ونبذل لهم عوض ما بذلوا لنا [1].


وقد أثنى النبي الكريم على المعطي المنفق بقوله صلى الله عليه وسلم: (اليَدُ العُلَيا خِيرٌ مِنَ اليَدِ السُفلى وَاليَدُ العُليَا المُنِفَقةُ وَالسُفلَى السَائِلة) [2].


وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، ونفّر من المسألة، بقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ) [3].


إذاً يرتفع المستوى الاقتصادي للمجتمع، إذا كثُر فيه المعطون، وقلّ فيه الآخذون. وحذر الله تعالى من البخل والشح، ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 37].


والإسلام يُقر الإنسان إلى التملك، وميله إلى النسل وميله إلى العلم والمعرفة على شرط ألا تكون ملكيته مُستغِّلة يتحكم عن طريقها في غيره من الأفراد، وقد أيقظ الإسلام فيه روح البذل لغيره، وحبّب إليه المنح والعطاء لصاحب الحاجة [4].


﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات: 19]. إن الزكاة وشتى ضروب العطاء عليها أن تعمل عملها الواسع في تفريج الضوائق، وسد حاجات اليتامى والمساكين والمعوزين. والتربية الاقتصادية تربي عند الإنسان روح العطاء والتواضع، فإذا حاد يوماً عن الطريق الصحيح واغتر بماله وأسرف وبطر، سرعان ما يذّكر الرّزاق الوهاب الذي وهبه المال، فعاد إلى السخاء والبذل والتضحية والتودد إلى عباد الله. إن من واجب العائلة أن تربي أبناءها وبناتها تربية اجتماعية تعلّمها من خلالها التعامل الصحيح مع أشباههم وبناء العلاقات الطيبة مع غيرهم، وتُربي فيهم الاعتقاد بأن الحياة أّخذٌ وعطاء وتعامل على أساس من الاحترام المتبادل والموازنة بين الحق والواجب والفردية والغيرية. وإذا كان صحيحاً أن بعض الناس يُولدون بقدرة على اجتذاب الآخرين، وإيحاء الثقة في نفوسهم والقدرة على تزعمهم وقيادتهم فإنه صحيح أيضاً أن في مكنة البيت الجيد والتربية الحسنة والتوجيه الصحيح أن تُربي في نفس الطفل القدرة على معايشة من حوله ومبادلتهم الاستعداد للتعاون والتضحية والتكافل الاجتماعي. ولذلك كان من واجب البيت، ومن واجب الأمّ والأب أن يقيما في نفس الطفل اتزاناً يُوفقان بين غيريته وأنانيته ويُعلّمانه حسن التعامل مع الناس [5].


وبهذا العطاء المستمر، والبذل المنسجم مع الإيمان، فإن الاقتصاد الإسلامي بما تضمن من مفاهيم سلوكية يعمل باستمرار على الارتقاء بالشخصية الإنسانية نحو المثل العليا، ويدفع بالمجتمع تلقائياً نحو السمو والرفعة. ولا شك في أن من يبذل المال دون انتظار للعوض من شكر في ثواب دنيوي، فإنه بذلك يؤصل في المجتمع أواصر الصلة التي لا تنفصم عراها، ما دام المؤمنون يحيون في الدنيا كالجسد الواحدة، واليد التي تنفق دون علم اليد الأخرى وبذلك تفشو المحبة بين الناس[6].


فالإسلام يكره فوارق الطبقات بين الأمة بحيث تعيش جماعة في مستوى الترف وتعيش جماعة في مستوى الشظف، لمّا يولّد هذا الأمر من أحقاد بين أفراد الأمة الإسلامية. لذلك جعل الشرع ضمان لحقوق الفقراء في أموال الأغنياء من خلال مخصصات لا تخضع للهوى أو المزاج المتقلب بل تسير وفق سبل شرعية منها:

1- الإنفاق في سبيل الله:

الإسلام دين قويم يقوم على البذل والإنفاق، ويضيع الشح والإمساك ولذلك حبّب إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية، وأكفهم ندية، ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر، وأن يجعلوا تقديم الخير إلى الناس شغلهم الدائم، لا ينفكُّون عنه صباح أو مساء.


قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274].

ومن الواجب على المسلم أن يقتصد في مطالب نفسه حتى لا تستنفذ ماله كله؛ فإن عليه أن يشرك غيره فيما آتاه الله من فضله، وأن يجعل في ثروته متسعاً يسعف به المنكوبين ويريحُ المتعبين[7].


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى [8].


وقد أشار القرآن إلى هذه المعنى حين قرن النهي عن التبذير بأمر الإنفاق عل القرابة والمساكين؛ فإن المبذر متلافٌ سفيهٌ، يضيع في شهواته الخاصة زبدة ماله؛ فماذا يبقى بعد للحقوق الواجبة والعون المفروض؟ قال تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 26، 27].


ودعوة الإسلام إلى الجود والإنفاق مستفيضة مطَّردة، وحربه على الكرازة والبخل موصولة متقدة إنه لم يوجد في الدنيا ولن يوجد نظام يستغني البشر فيه عن التعاون والمواساة، بل لا بد لاستتباب السكينة وضمان السعادة من أن يعطف القويّ على الضعيف، وأن يرفق المكثرُ بالمقلِّ، ما دامت طبيعة المجتمع البشري أن تتجاوز فيه القوة والضعف؛ والإكثار والإقلال [9].


والأمر بالإنفاق عقب الأمر بالإيمان بالله ورسوله، يدل بوضوح على أن الأمر للوجوب لا لمجرد الإرشاد أو الندب. واقتران الإيمان بالإنفاق كثير في القرآن[10]. كقوله تعالى: ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 39].


وهذا ما بينه الرسول الكريم في حديثه الشريف بقوله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِن يَومٍ يُصبِحُ العِبَادُ فِيه إِلاَّ مَلَكَان يَنزِلانْ فَيَقُولُ: أحَدَهُمَا الَلهُمَ أَعطِ مُنِفقَا خَلَفَا وَيَقُولُ الآخَرُ الّلهُم أَعطِ مُمِسكَاً تَلَفَاً) [11].


والقرآن يجعل بالإنفاق صفة أساسية من صفات المؤمنين، كإقامة الصلاة التي هي عمود الدين، كما قال الله تعالى في وصف المتقين: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3].


وكان صلى الله عليه وسلم يعلِّم الصحابة أنَّ الإنفاق يجب أن يكون من حلال، وأن يكون عن تروّ وعن سعة حاجة، ولا يكون الرجل محتاجاً إلى المال، فينفقه، ثم يأتي فيسأل الناس.


وفي هذا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَادَ بِلالا، فَأَخْرَجَ لَهُ صُبْرًا مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا بِلالُ؟، قَالَ: ادَّخَرْتُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَمَا تَخْشَ أَنْ يُجْعَلَ لَكَ بُخَارٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، أَنْفِقْ بِلالُ، وَلا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلالاً [12].


وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوفّق بين الأمر بالإنفاق وبين عدم الإنفاق، فإن كان الرجل محتاجاً، لو أنفق لتضرر بنفقته، فإنه يمنعه من ذلك بل ينتهره، وأما إن كان ذا سعة وذا يد عليا، فالإنفاق منه مطلوب. وكان صلى الله عليه وسلم يُعلّم صحابته العدل في الإنفاق بين الأولاد، حتى لا تقع العداوة والشحناء فيما بينهم، ويُسمّي ذلك جَوْراً وزُوراً[13]. كما قال صلى الله عليه وسلم: لأحد أصحابه: لاَ تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ [14].


فالإنفاق واجب الجميع كل حسب طاقته واستعداده وفيما يسره الله له فلا يكون أحدهم كلاً على أخيه أو على الجماعة وهو قادر على العمل كما بينا ذلك من قبل. وقد جعل الإسلام الزكاة فريضة في المال محددة. والصدقة تطوعاً غير محددة، يضاعف أجرها أضعافاً مضاعفة.


عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا بَقِىَ مِنْهَا. قَالَتْ مَا بَقِىَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا. قَالَ: بَقِىَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا [15]. وهنا إشارة إلى عظيم أجر الصدقة.


وقد شرط عليهم كذلك أن يلتزموا جانب القصد والاعتدال، ويتجنبوا السرف والشطط فيما ينفقون من رزق الله الذي أعطاهم، وفيما يستمعون به من الطيبات التي أحلها لهم. ومن ثم تظل حاجتهم الاستهلاكية للمال والطيبات محدودة الاعتدال. وتظل فضله من الرزق معرضه لفريضة الزكاة وتطوع الصدقة وبخاصة أن المؤمن مطالب بتثمير ماله وتكثيره.


والتربية الاقتصادية الإسلامية تنشئ الفرد على البذل والإنفاق الذي هو باب من أبواب الجنة، وباب من أبواب البركة في الرزق المادي والمعنوي كما بينا فيما سبق.


فالمسلم كريم، لا يبخل عن الإنفاق في وجوه الخير، فرضاً أو تطوعاً؛ لأنه لا يجتمع بخل وإيمان في قلب إنسان واحد ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]. فكل فرد قادر على العطاء، وهو راضٍ سعيد، بل إنه بدون هذا العطاء، لا يحس بأن للحياة طعماً.


2- التكافل الاجتماعي:

التكافل في مفهومه الشامل مَعلّمٌ من معالم الأمة الإسلامية. وهو في اللغة: مشتق من كَفِلَ يَكفُلُ، وتكافل القوم أي: كَفِلَ بعضهم بعضاً ووالاه ووقف إلى جانبه.

اصطلاحاً: التزام الأفراد بعضهم نحو بعض في المجالات المادية والمعنوية على حد سواء [16].


لقد أكد الإسلام على التكافل بين أفراد الأسرة، وجعله الرباط المحكم الذي يحفظ الأسرة من التفكك والانهيار.

ويبدأ التكافل في محيط الأسرة من الزوجين بتحمل المسؤولية المشتركة في القيام بواجبات الأسرة ومتطلباتها. قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]. ثم تتسع دائرة التكافل داخل الجماعة ليكون تكافلاً مزدوجاً بين الفرد والجماعة. فأوجب على كل منهما التزامات تجاه الآخر ومازج بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة بحيث يكون تحقيق المصلحة الخاصة مكملاً للمصلحة العامة، وتحقيق المصلحة العامة متضمناً لمصلحة الفرد فالفرد في المجتمع المسلم مسئول تضامنياً عن حفظ النظام العام وعن التصرف الذي يمكن أن يسيء إلى المجتمع أو يعطل بعض مصالحه.


قال الله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]. وقد ورد في فقرة سابقة وجوب المحافظة على الموارد الطبيعية وهذا نوع آخر من التكافل، وهذا التكافل لا يقف عند تحقيق مصالح الجيل الحاضر بل يتعدى ذلك إلى نظرة شاملة تضع في الاعتبار مصالح أجيال المستقبل، وهو ما من شأنه أن يسهم في حل كثير من الأزمات المعاصرة ويحاصر كثير من الأخطار التي تواجه مستقبل البشرية والتي نشأت من جراء لهاث هذا الجيل وراء مصالحه دون اعتبار للمستقبل البشري العام، وهي أخطار ومشكلات كثيرة لعل من أخطرها مشكلة البيئة والموارد الطبيعية.


ومن الضروري لبقاء المجتمع الإنساني أن يكون هناك ميل واستعداد لدى الإنسان كي يساعد غيره في المجتمع الذي يعيش فيه مع أقرانه، وأن يقوى هذا الميل إلى المعاونة في نفس كل فرد بحيث يصبح ذا مظهر عملي في حياة الأفراد بحيث ينشأ بينهم التعاون وتظهر آثاره في سد حاجات الأفراد. ونظراً لأن التعاون له أثره الحيوي في محافظة الإنسان على حياته المادية والمعنوية، فقد لقي رعاية من مظاهر الامتنان الذي امتن به الخالق سبحانه على المجتمع الإسلامي بعد قيامه.


ويُذكر القرآن الكريم هذا المجتمع بنعمة التعاون التي بها عليه بقوله: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103]، ولكي يبقى التعاون ذا أثر حيوي في المجتمع، يجب أن يكون تعاوناً يؤدي إلى الأخوة الإنسانية، وإلى صهر العلاقات بين الأفراد، بحيث تكون علاقة مودة في سبيل المصلحة العامة، وفي سبيل الخير[17]. وقد كان من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ[18].


ومن أهم صور التكافل الاجتماعي التي على الأهل غرسها في أبنائهم:

تعويدهم على الكرم والبذل عند حضور الضيوف، بالحرص على مشاركتهم في الترحيب بالضيوف وخدمتهم، والمشاركة في إعداد قراهم وإكرامهم والجلوس معهم للاستفادة منهم.


زيارة الأسر الفقيرة، وتفقد أحوالهم، ومد يد المساعدة لهم. فبهذه الزيارات تتحقق الصلات، وتقوى الروابط، وتنشأ المشاعر الوجدانية الإيمانية بين المجتمع الواحد، وينتج عنها أثر كبير في قلوب الأبناء فيعرفون نعم الله عليهم، ويقومون بشكرها.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ سبحانه وتعالى" [19]. فيرضون بما قسم الله لهم منها. ويمدون يد العون لإخوانهم في الدين.


فالإسلام نظام كامل وتشريع شامل. يتناول شؤون الدين والدنيا دون انعزالية وفصل يقوم منهجه على نظام فريد، قويٌ في البناء، يقرر الصور المثلى للتعاون وتبادل النفع ورعاية الحرمات وكفالة الحريات. هذه هي أهم معالم التربية الاقتصادية في الإسلام، التي نشَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه عليها، وربّاهم على الأخذ بها، ودعاهم إلى سلوكها، فآتت ثمارها على الصحابة، وعلى المجتمع.



[1] طعيمة، صابر، منهج الإسلام في تربية النشء وحمايته، بيروت، دار الجيل، ط1، 1414هـ/ 1994م، 62.

[2] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الزكاة (12)، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى وأن اليد العليا هي المنفقة وأن السفلى هي الآخذة ( 32)، 2، حديث (1033)، 717.

[3] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الزكاة (13)، باب الحث على النفقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة وإنها حجاب من النار (21)، 6، حديث (2394)، 338.

[4] طعيمة، صابر، منهج الإسلام في تربية النشء وحمايته،277.

[5] عاقل، فاخر، معالم التربية دراسات في التربية العامة والتربية العربية، 70.

[6] الخالدي، محمود، سوسيولوجيا الاقتصاد الإسلامي، عمان، مكتبة الرسالة الحديثة، ط1، 1405هـ/ 1985م، 98.

[7] الغزالي، محمد، خُلق المسلم، 118.

[8] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الزكاة (12)، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى (32)، برقم ( 1036)، 2، 718.

[9] الغزالي، محمد، خُلق المسلم، 119.

[10] القرضاوي، يوسف، دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي، 200.

[11] البخاري، الجامع المختصر، كتاب الزكاة (30)، باب قول الله تعالى: فأما من أعطى واتقى ( 26)، 2، حديث (1374)، 522.

[12] الطبراني، المعجم الكبير،1، حديث (1025)، 342.

[13] الرماني، زيد، معالم التربية الاقتصادية المشكلات والتدابير الوقائية، 43.

[14] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الهبات (24)، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة ( 3)، 3، حديث (1623)،1241.

[15] الترمذي، محمد بن عيسى ( ت 279ه/873 م )، الجامع الصحيح سنن الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون، الأحاديث مذيلة بأحكام الألباني عليها، بيروت، دار إحياء التراث العربي،[1-5]، 4، حديث (2470)، 644.

[16] الفنجري، محمد شوقي، المذهب الاقتصادي في الإسلام، القاهرة، الهيئة المصرية للكتاب، 1406هـ/ 1986م، 165.

[17] طعيمة، صابر، منهج الإسلام في تربية النشء وحمايته، بيروت، دار الجيل، ط1، 1414هـ/ 1994م،272.

[18] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الإيمان (1)، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير (17)، حديث ( 45)، 1، 67.

[19] ابن حنبل، المسند، 2، حديث (7442)، 254.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاقتصاد الإسلامي بين الملكية والتكافل الاجتماعي
  • التكافل الاجتماعي
  • التكافل الاجتماعي والأخوة الإسلامية
  • التكافل الاجتماعي وأساسيات الحياة
  • القرآن يعظم التراحم والتكافل الاجتماعي
  • الطابع الاجتماعي للإنسان

مختارات من الشبكة

  • مضادات حيوية في الحياة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فعل الخيرات ومفاهيم إعجازية للعطاء والوقاية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العطاءات الربانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 20/3/1434 هـ - فضل العطاء والسخاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحت شعار الصدقة إفطار خيري لمسلمات القرم يعزز قيم العطاء(مقالة - ملفات خاصة)
  • من واجبات المربي والمعلم (4): العدل في العطاء بين الأبناء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لذة العطاء .. يؤتي الحكمة من يشاء(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • كن إيجابيا في الحياة تكن فاعلا في العطاء (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عظمة العطاء والجود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كن إيجابيا في الحياة تكن فاعلا في العطاء (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب