• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمد بريش / مقالات
علامة باركود

أمراض الصحوة الإسلامية

أمراض الصحوة الإسلامية
د. محمد بريش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/6/2014 ميلادي - 2/9/1435 هجري

الزيارات: 15661

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمراض الصحوة الإسلامية

 

نص محاضرة ألقيت يوم السبت 11 رمضان 1412

الموافق 14 مارس 1992

رابطة العالم الإسلامي

المركز الإسلامي والثقافي ببلجيكا

مسجد بروكسيل

 

الأستاذ محمد بريش

نائب المدير

بالمركز الاسلامي والثقافي ببلجيكا

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

1) مفهوم الصحوة:

الصحوة من صحا يصحو صحواً، أي أفاق، واستيقظ، وانتبه، ووعى. فهي حالة تعتري الموصوف لتدل على عودة وعيه واستفاقته وانتباهه، وهي بذلك مسبوقة بغفلة، أو غفوة، أو نوم، أو سكرة، أو غيبوبة، تتجلى في غياب الوعي بشكل مقصود أو مفروض، طبيعي أو اصطناعي، طال زمانه أو قصر. فالنوم مثلا طبيعي، والسكر أمر إرادي، والتنويم شيء قسري، وكلها حالات مبعدة لحسن الإدراك، مفقدة للوعي، تدل على نهاية فترتها انتقال الجسد إلى حالة متميزة باسترجاع الإدراك المبعد، واستعاذة الوعي المفقود، وهي التي تسمى صحوة.

 

وكما أن النوم الطبيعي يكون بعد الإعلان عن علامات تنبئ به، فإن الصحوة الطبيعية تسبقها علامات تدل على حصولها، وتتقدمها حالات من الحس والإدراك الواعي تنبئ بفجرها. وكما أن التنويم غالبا ما يكون بشكل اصطناعي وقسري من خلال عوامل خارجية، فإن الصحوة كذلك يمكنها أن تكون إجبارية بفعل عوامل خارجية، تدفع الجسد الغافل أو السكران إلى ولوج مراتب الصحو واستعاذة الوعي.

 

كذلك الشبه في تدرج النوم أو الغفلة أو السكرة، وتدرج الإفاقة أو التنبه أو الصحوة، فالنوم والغفلة والسكرة يتمكن كل منهم من الجسد على مراحل تطول أو تقصر، لكنها تبدأ بفقدان الوعي بالمحيط، لتنتهي بفقدان الوعي بالذات. والإفاقة والتنبه والصحوة يبدأ شريان كل منهم في الجسد انطلاقا من الوعي بالذات، وانتهاء بالوعي المحيط ومكوناته وتقلباته.

 

والجسد هنا ذات إنسانية أو مجتمعات بشرية، فما يوصف به الفرد يوصف به مجازا المجتمع، فيكون الوصف متشابها حين عموم الوصف على غالبية أفراد المجتمع الموصوف، فهي مجتمع في غفوة إذا ميّزت الغفلة غالية أفراده، وهو مجتمع صاح إذا عمت الصحوة جزءًا هامًّا منهم.

 

ونحن حين نقول الصحوة الإسلامية نريد بالموصوف المجتمع الإسلامي وليس الإسلام. فالإسلام لا غفوة له، ولا نوم يعتريه، فهو نور وهاج يشع على الدوام، وقلب نابض يخفق باستمرار إلى أن شاء الله. والغفوة التي اعترت المجتمعات الإسلامية كانت غفلة من تلك المجتمعات عن الإسلام، وليست بأي حال غفوة الإسلام.

 

ولعل عنوان المحاضرة حين اطلع عليه المتتبعون، قد أثار لدى العديد منهم دوافع السؤال، ما الأمراض وما العلل؟ وهل يستقيم القول بالصحوة والمرض معا؟ ونُطمئن السائلين أننا حين نخص الأمراض بالذكر، فإننا لا نقصد إلى إجحاف الصحوة حظها من الإنجازات الهامة والمواقف الثابتة، ولا إبعاد صلاحيتها في الدلالة على سريان الروح في الأمة، والشهادة على الوقوف في وجه الصعاب والشدائد، ولكننا نهدف إلى تسليط الضوء على مناطق الخلل في حركتها، ونقصد مزيدا من التحليل لمعوقاتها ونقائصها، راجين المساهمة في تمهيد الصعاب وإزالة العوائق لتوصيف العلاج الأنجع لأزمة الأمة، كي تعود إلى قوتها صلبة العود، قوية البنية، سالمة من كل عيب بإذن الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

 

فتشخيص المرض هو بحد ذاته نوع من الصحوة، وضرب من الإدراك، ودلالة على الرغبة في تطهير الجسد من العوائق، بل هو برهان على وجود المناعة في وجه الصعاب والشدائد، أضف إلى أنه خضوع للسنن الربانية، وعمل بالتوجيهات الإلهية، والمتجلاة في قوله عز وجل ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾، فقد لا نستطيع تغييرًا في صفوف غيرنا، ومكونات خصومنا، ولكننا نسبيًّا أقدر على إصلاح أمورنا، وتقوية ذواتنا، وعلاج أمراضنا.

 

وقبل أن نعرض للأمراض، يحسن بنا أن نتكلم عن موضوع الصحوة وأسبابها.

 

2) موضوع الصحوة وأسبابها:

ما اتفقت كلمة الخبراء والمفكرين والمثقفين والمحللين مسلمين وغير مسلمين في عصرنا على شيء مثل اتفاقها على أن الأمة الإسلامية في سائر شعوبها، وفي مقدمتها الشعب العربي، قد عاشت وتعيش أزمة فكرية، تتجلى في شكل غياب ثقافي، وتخلف علمي، وكسوف حضاري، وتتجسد في عجز الخطاب الفكري منذ عصور الانحطاط عن إيصال مضمون ومحتوى الخطاب الإسلامي السليم قرآنًا وسنة وشريعة وأخلاقًا، وإن اختلفوا - كل في اختصاصه وحسب نهجه ورؤاه - في تحديد الأسباب ووسائل العلاج.

 

فلقد ظلت الأمة الإسلامية تعاني داخليًّا من ويلات التفرقة، والمنازعة على السلطة والجاه، والمزايدات السياسية والتعصبات المذهبية لكسب مزيد من الأنصار بين الفصائل المتنازعة، والتيارات المتحاربة، وخارجيًّا من جروح الاعتداء الأجنبي، والمكر العدواني، ودسائس العدو بمختلف أشكاله، بشكل كبل أيديها، وأذهب قوتها، وأضعف شوكتها، وهمش دورها، بل سلب خيراتها واسترق شعوبها، وأفسد مجتمعاتها.

 

فلما استولى الكفر على معظم ديار الإسلام، وقعت الصدمة المدوية الزلزال، وسرى في الأمة تيارات فكرية وثقافية يدعو فريق منها إلى نهج سبيل الغرب، مدعين أن لا مناص من ذلك، ويدعو آخر إلى العودة للدين، والحماية بالتراث حتى لا تمسخ الذات، كما نادى آخرون بالعمل بمشاريع ملفقة، تأخذ من المشروع الغربي محتواه، ومن المشاريع الإسلامية جملة من ألوانها وبعض ثيابها.

 

والحس بالتأزم، أدى بطبيعة الحال، إلى طرح العديد من مشاريع النهوض والإصلاح على العقل المسلم، فعرضت اجتهادات وآراء لمشاريع متنوعة، ليس هذا مجال الخوض في تفاصيل محتوياتها وموضوعاته، كما عمد المشروع الغربي بطرق مختلفة وأساليب متنوعة إلى ادعاء عالميته، والقول بحقيقته، وسلامة منهجه، ودوام صلاحيته.

 

وتحت وطأة المشروع الحضاري الغربي وسيادة خطابه مع تعدّد أبواقه، والاشتغال بآثار المشكلات عن دراسة أسبابها الفكرية، اهتمت معظم المشاريع المعروضة للنهوض بعالم الأشياء، ولم تعط عالم الأفكار القدر الذي يستحقه، مما أفقدها التخطيط المطلوب، والنظرة الموضوعية الشمولية، والتقويم المستمر، وذلك بسبب النظرات التجزيئية، الأمر الذي أدى إلى السقوط والإحباط، وتعقيد المشكلة أكثر فأكثر، بدلاً من تقديم الحل المناسب لها، والخروج بالصحوة من طور الولادة إلى طور الرشد واكتمال البنية.

 

ولعل ما صرف بزوغ الصحوة بشكل مكتمل وهاج انصرف الفكر الإسلامي قبل استقلال الشعوب الإسلامية في جزء كبير منه إلى الانشغال بحماية الأمة وتوجيه اهتماماتها وطاقاتها، نظرًا لظروف الصراع المرير الذي كانت تخوضه الأمة ضد أعدائها، والناتج عن احتلال أهم وأكثر ديار المسلمين من طرف الدول الغربية الغازية، وتحويل بعضها إلى مناطق حماية ونفوذ، وبعضها الآخر إلى أسواق ومجالات حيوية، وكان طبيعيًّا أن يتجه ذلك الفكر لتحقيق ما انتدب نفسه إليه إلى إعطاء الأولوية لقضيتين أساسيتين: حفظ العقيدة من ناحية، وتعبئة الأمة للمواجهة السياسية من ناحية أخرى.

 

وبهذا وجد نفسه بعد تحقيق الاستقلال أنه لم يعر تجديد ذاته وصقل أدواته اهتمامًا كبيرًا، وذلك لكون معظم طاقاته استهلكت من طرف القضيتين السابقتين، ثم إذا بقي في تلك الطاقات فضلة، وجهت باتجاه القضايا الفقهية لإعادة تقديمها وشرحها واختصارها ومقارنتها بالقضايا القانونية للفكر الغربي، أما معالجة أزمته التي كانت السبب في فتح الثغور وانهيار المرابط في وجه العدو الغازي، ودراستها ومعرفة أسبابها والإفادة من التجربة الميدانية التي سمحت بها مختلف أشكال المواجهة مع المستعمر، ومن ثم إقامة البناء المعرفي والثقافي على ضوء ذلك، فلم يعطها الفكر الإسلامي وخطابه إلى وقت قريب ما تستحقه من العناية والاهتمام، وما تستلزمه من الدرس والتحليل.

 

3) أمراض الصحوة:

يصعب على الدارس للواقع الإسلامي وتاريخه الحديث حصر أمراض الأمة المعيقة لاكتمال صحوتها، والمانعة من تمام انتباهها ويقظتها، ولكننا حين نعمل عين النقد في سير الشعوب الإسلامية وحركاتها، بمختلف أنواعها وأشكالها، نرى أن أغلبها مصاب بالأدواء التالية:

• التفرقة.

• الغلو.

• معارضة الحكم.

• شخصنة القضايا.

• تجريم الآخر.

• الاستخفاف والاستهزاء.

• تضخيم الجانب السياسي.

• ضعف التشجيع على البحث العلمي.

• التفقه المتسرع والحكم السريع.

• التجرؤ على الفتوى بفتات العلم.

• الغرور.

• الارتجال.

• تقديس التراث.

• الميول إلى التقليد الأعمى أو التجديد بدون ضوابط.

 

أ- التفرقة:

التفرق مذموم بنص الكتاب والسنة، يقول الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.

 

وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾؛ لأن الفرقة أصل للنزاع، وقوله جل وعلا: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾.

 

هذا بخصوص نص الكتاب الكريم، أما السنة فقد وردت فيها أحاديث كثيرة، نذكر منها من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام"؛ رواه البخاري ومسلم.

 

ومن حديث أبي هريرة: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا"؛ رواه البخاري ومسلم.

 

ولخطر آفة التفرق، جاءت الآيات البينات مفصلة للعلاج في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾.

 

ومن حديث أبي الدرداء: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين"؛ رواه الترمذي وأبو داود.

 

ومن حديث مولى الزبير عن الزبير: "دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، البغضاء هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا"؛ رواه الترمذي.

 

وعدم التفرق لا يعني الوحدة الكاملة في الفهم والإدراك والوعي، وعدم السماح بتعدد الآراء والاجتهادات، بل المذموم التفرق في الأصول والأسس، والاختلاف في المقاصد والأهداف، أما الاختلاف في الفروع فهو ضرورة ورحمة وسعة.

 

ب- الغلو:

يجد الغلو أصوله في ضعف البصيرة بحقيقة الدين، والجهل بأصوله ومقاصده، والتباس المفاهيم، وضعف المعرفة بالتاريخ والواقع وسنن الكون والحياة، وعدم المعرفة بلغات الأقوام وعادات الشعوب وتاريخها وواقعها وقضاياها المتأزمة.

 

ومن مظاهر الغلو:

• اجتناب الوسطية في قضايا الإسلام، والتطرف لرأي اجتهادي دون غيره.

 

• تحجير دائرة الشرع الواسعة في جزئيات من العبادات والحدود.

 

• الجهل بقواعد الفقه وفنونه، فقاعدة "الأصل في الشيء الإباحة" تنعكس لتصبح الأصل في الشيء الحرمة، و"الأصل في الكلام الحقيقة" تنعكس لتصبح الأصل في الكلام الكذب والمغالطة، و"الأصل في الحكم البراءة" تنقلب إلى الأصل في الحكم الإدانة، وهكذا دواليك.

 

وكثيرا ما يلجأ الغلاة إلى التشدد في سد الذريعة، وحسبك ما أصاب جزءًا هامًّا من الأمة بسبب هذا التشدد وهو المرأة، فكم من أمر حُرمته بحجة سد ذريعة الفساد والإفساد، حتى إنها حرمت من مساجد الله، وغالي البعض بحيث لا يفهم من كلامه وآرائه إلا أن الله عز وجل قد أخطأ في خلق المرأة، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

 

مع أن الدين فقه بالسعة والمرونة، فالنبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا فيقول "يسروا ولا تعسروا"، حتى في الحدود نجده يقول وينصح: "ادرؤوا الحدود بالشبهات"، لكن طائفة من الدعاة والشباب لا تهوى إلا التشدد والتضييق على الناس، بحجة أننا في عالم طغى فيه الفساد، والأولى بالناس التشدد حيطة وأمنًا.

 

3) محاربة السلطات:

قد تقول لي: إن المسلمين في هذا البلد مثلاً يعانون من ضيق السلطات بهم، فأجيبك أن قولك فيه الكثير من الصدق، لكن الواقع يتفجر شهادة بأنها سمحت بما لم تسمح به عديدًا من الحكومات الإسلامية، ونحن أعجز بأن ندير جريدة واحدة، لا أقول يومية، ولكن أسبوعية، أو نصف شهرية بل حتى شهرية، رغم توفر الإمكانات البشرية والمادية، ولا يجازفن أحد بادعاء أننا منوعون من ذلك، ولكن الحق ولا نخاف أن نصدع به أننا ضعاف وغثاء لم تبلغ بنا الصحوة بعد درجات نتبصر بها أهمية ذلك وقيمته.

 

4) التعصب المذهبي أو الأيديولوجي:

قد نجد من الشباب المتحمس لنبذ المذاهب، واصفًا إياها بمختلف النعوت المنحطة، مدعيًا أنها فرقت الأمة فرقًا وشيعًا، كل حزب بما لديهم فرحون، مضيفًا إلى أن وحدة الصف تتطلب نفض اليد من المذاهب، والرجوع إلى الكتاب والسنة، وأن الأئمة رجال ونحن رجال، وهذا قول حق أريد به السطو على كيان الأمة.

 

فالمذاهب ليست ديانات منفردة بذاتها، ولكن الأحكام الشرعية فيها القطعي الدلالة والظني الدلالة، وتلك سعة الإسلام ومرونته، فلم ينه الله المؤمنين عن السؤال حين كان ينزل الكتاب إلا لإثبات المرونة في عديد من الأحكام، وتجنب القول القاطع فيها لو دار حولها السؤال، فنزلت في حكمها الآيات: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ... ﴾.

 

فالمذاهب منظومة كاملة صالحة للتطبيق، لا تختلف مع غيرها في القطعي من الأحكام إطلاقًا، ولكن في مجال الاجتهاد والاستنباط في الظني منها، أو إعمال التعارض والترجيح بين النصوص، استلهمت أفكارًا ووجهت توجيهات ورجحت ترجيحات، بشكل مانع للحيلة على نصوص الشرع، متماسك الأطراف واضح الدلالات.

 

مثل قانون السير في بريطانيا الأحقية للشمال، وفي غيرها الأحقية لليمين، ولا بد من نظام موحد للسير، وإلا صعب تحديد المسؤوليات.

 

نعم حين خفت نبض الاجتهاد في المذهب، وكثر التقليد وتقديس اجتهادات أصحابه، أصابه الجمود، لأن جميع بنوده أخذت من طرف المقلد في حكم القطعي، والعلة المفسدة هنا التقليد المفرط وليس المذهب.

 

فالمرونة ضرورية، لكن التقييد ضروري كذلك، ومن هنا كان للمذهب دوره، وإلا تلاعب الناس في أمور دينهم وحياتهم، فيكون الأمر في الزواج أو الطلاق أو التجارة مرة يراد به كذا ومرة كذا، ولا ينبغي أن نسى أن جزءًا هامًّا من الشريعة هو في المعاملات، وجزءًا هامًّا في المعاملات كالعقود والتجارات، وهذه تحتاج إلى توحيد المصطلحات في العمل بفهم اليوم وانتقال إلى ما يخالفه غدًا.

 

المذاهب كانت بمثابة ما ينشر اليوم من القوانين بالجريدة الرسمية، تفسر المستنبط من الأحكام من الكتاب والسنة، والقول بالرجوع إلى الكتاب والسنة وضرب المذاهب عرض الحائط قول فيه تَجَنٍ على الحق، وإبطال لسبل تحقيقه، واستخدام للهوى في التفسير والاستنباط.

 

ونلاحظ تدبدب الذين قالوا بترك المذاهب في حركتهم وخُطَى سيرهم، فلم يحققوا تقدمًا يذكر إلا فرقة وشقاقًا في صف المسلمين عليهم عواقبها بقدر ما ساهموا في إيجاد بواعثهما وأسبابهما، وتركوا ابن حنبل ليأخدوا بالألباني، وابتعدوا عن الشافعي ليأخذوا بالسيد سابق، فهم أبدلوا علما بآخر، ألا في الفتنة سقطوا.

 

ما العلاج؟

العلاج حسب ما نراه يكمن أساسًا في مراجعة حركة الأمة وشكل أدائها لأمانتها ومهامها المحددة من طرف الله عز وجل في قوله ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ وهذا أمر لا يتأتى إلا من خلال أمور ثلاثة؛

• فقه بالدين.

• فقه بالدعوة.

• فقه بالواقع.

 

ففقه الدين يكمن من المعرفة الراسخة لشرع الله وحدوده وأوامره ونواهيه.

فهو فقه بالعقيدة وفقه بالشريعة، وفقه الدعوة يحتاج أساسًا إلى تضلع فقهي في الأمور التالية:

• فقه الأصول.

• فقه السنن.

• فقه المقاصد.

• فقه الاختلاف.

• فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد.

 

وفقه الواقع يفرض فهمًا واسعًا للواقع المعاصر من مختلف جوانبه وقضاياه، وتبحرًا في علومه فنونه موضوعًا ومنهجًا ولغة، ووعيًا بالتقلبات والتطورات ومختلف الاحتمالات الممكنة لذلك التطور، خلال استيعاب واع للماضي واستشراف ذكي للمستقبل.

 

ومن الفقه في الدين معرفة الظني والقطعي، والمحكم والمتشابه، وإدراك المفاهيم والدلالات.

 

ومن الفقه بالدعوة: الحرص على وسطية الإسلام وترك التنطُّع وتجنب القطع أو الإنكار في المسائل الاجتهادية، ودفع المسلم إلى الانشغال بهموم الأمة الكبرى، مع تركيز الدعوة إلى التعاون في المتفق عليه، والتسامح في المختلف فيه، واحترام الرأي الآخر وإحسان الظن به، ومن فقه الدعوة كذلك الحرص على وجود مناخ من النقد، وجو من الحرية في عرض الأفكار والآراء وتقديم الاجتهادات مع ما يلزم من الإخلاص والتجرد من الأهواء، والتحرر من التعصب للأشخاص والمذاهب والطوائف، والبعد عن المراء واللدد في الخصومة، والجدال بالتي هي أحسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • "إيـقـاظ" الـصحـوة الإسلامية !!
  • الصحوة الإسلامية والانقطاع التربوي
  • الصحوة الإسلامية ورجال الاجتماع
  • شواهد وظواهر على عودة الإسلام ماضيا وحاضرا
  • تأثير الصحوة الإسلامية على الطالبات
  • صحوة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها
  • الصحوة الإسلامية وقواعد المعلومات

مختارات من الشبكة

  • أمراض الصحوة الإسلامية (PDF)(كتاب - موقع د. محمد بريش)
  • أمراض المال(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • حملة طبية لعلاج أمراض العيون بالنيجر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حصون للوقاية من آثار وباء كورونا النفسية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طبيب أمراض النساء والتوليد وعلاج العقم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الصحافة الاقتصادية الإسلامية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الدرس العاشر: أمراض القلوب وعلاجها(مقالة - ملفات خاصة)
  • أمراض القلوب وشفاؤها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشماتة من أمراض القلوب(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • التحذير من أمراض القلوب(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
أحمد محمود - بنين 20-12-2015 08:04 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله المولى عن الإسلام والمسلمين كل خير.إنها بمثابة نجدة تقدمها للأمة الجمعاء.أسال الله العلي القدير أن ينفع بها .
والسلام عليكم ورحم الله وبركاته
أخوكم / أحمد محمود

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب