• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

ثناء الله تعالى على نفسه (3)

ثناء الله تعالى على نفسه (3)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/8/2020 ميلادي - 24/12/1441 هجري

الزيارات: 11313

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثناء الله تعالى على نفسه (3)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ، الْبَرِّ الرَّحِيمِ؛ لَهُ فِي خَلْقِهِ آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى عَظَمَتِهِ، وَلَهُ فِي عِبَادِهِ أَفْعَالٌ دَالَّةٌ عَلَى حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى هِدَايَتِهِ وَرِعَايَتِهِ وَنِعْمَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَهَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَعَلَّمَهُمُ الْحِكْمَةَ وَالْقُرْآنَ، وَفِي الْقُرْآنِ مَعْرِفَتُهُ سُبْحَانَهُ وَمَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 102- 103]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَأَخْشَاهُمْ لَهُ، وَأَنْصَحُهُمْ لِخَلْقِهِ؛ فَعَلَّمَنَا مَنْ هُوَ رَبُّنَا، وَمَا دِينُنَا، وَمَا عَاقِبَتُنَا وَجَزَاؤُنَا، وَبَلَّغَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، وَبَيَّنَ الْبَيَانَ الْعَظِيمَ ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 128]، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوهُ سُبْحَانَهُ وَأَثْنُوا عَلَيْهِ، وَالْهَجُوا بِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ، وَأَحْسِنُوا عِبَادَتَهُ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ. خَلَقَكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا، وَرَعَاكُمْ صِغَارًا وَكِبَارًا، وَرَزَقَكُمْ وَلَوْلَا رِزْقُهُ سُبْحَانَهُ لَهَلَكْتُمْ، وَهَدَاكُمْ لِمَا يُصْلِحُكُمْ وَلَوْلَا هِدَايَتُهُ لَضَلَلْتُمْ؛ فَعَظِّمُوهُ بِقُلُوبِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ، وَعَظِّمُوهُ بِجَوَارِحِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ بِإِتْيَانِ الطَّاعَاتِ، وَمُجَانَبَةِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ فَمَنْ هَانَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِهِ فَانْتَهَكَ حُرُمَاتِهِ هَانَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ هَانَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَذَّبَهُ ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الْحَجِّ: 18].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَثِيرٌ، وَهُوَ ثَنَاءٌ أَثْنَى بِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ مَلَائِكَتُهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ إِلَى الْبَشَرِ؛ لِيُغْرَسَ فِي قَلْبِ قَارِئِ الْقُرْآنِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتُهُ وَخَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ، فَلَا يَبْقَى فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مُعَظَّمٌ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَبِذَلِكَ يَنَالُ سَعَادَةَ الدُّنْيَا بِرَاحَةِ الْقَلْبِ وَطُمَأْنِينَتِهِ، وَفَوْزَ الْآخِرَةِ بِلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُ، وَمَنْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَرْضَاهُ، وَمَنْ أَرْضَاهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ فَلَنْ يَحْزَنَ وَلَنْ يَخَافَ أَبَدًا.

 

وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ بِالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، فَحَيَاتُهُ سُبْحَانَهُ حَيَاةٌ كَامِلَةٌ لَا يَرِدُ عَلَيهَا مَوْتٌ وَلَا مَرَضٌ وَلَا نَوْمٌ وَلَا نُعَاسٌ، وَهُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. وَعِلْمُهُ سُبْحَانَهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يُحِيطُ الْخَلْقُ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ، وَقُدْرَتُهُ فَوْقَ كُلِّ قُدْرَةٍ، وَكُلُّ قُدْرَةٍ لِمَخْلُوقٍ فَهِيَ مِنَ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهَا لِخَلْقِهِ، وَإِنْ شَاءَ سَلَبَهَا عَنْهُمْ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

وَأَثْنَى سُبْحَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُلْكِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْمَلِكُ ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾ [طه: 114]، وَكَوْنُهُ سُبْحَانَهُ مَلِكًا فَهُوَ مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهُ مُلْكُ كُلِّ شَيْءٍ ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الْفُرْقَانِ: 2]، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ﴾ [الزُّمَرِ: 6]، ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ [الْمُلْكِ: 1].

 

وَلَيْسَ لَهُ سُبْحَانَهُ وَارِثٌ لِمُلْكِهِ كَمَا لِلْبَشَرِ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَكَذَلِكَ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ؛ لِاسْتِغْنَائِهِ سُبْحَانَهُ عَنِ الشُّرَكَاءِ ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾ [الْفُرْقَانِ: 2]، وَكَوْنُهُ سُبْحَانَهُ مُتَفَرِّدًا بِالْمُلْكِ فَذَلِكَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى الْخَلْقِ؛ إِذْ تَتَوَجَّهُ قُلُوبُهُمْ إِلَيْهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ؛ وَلِذَا كَانَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ مَأْمُورًا بِهِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 111].

 

وَمُلْكُهُ سُبْحَانَهُ شَامِلٌ لِلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَيَقْرَأُ الْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَفِيهَا: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 4]، وَيَوْمُ الدِّينِ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَفِي هَذَا الْمُلْكِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غَافِرٍ: 16]، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: »يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَبِمَا أَنَّ الْمُلْكَ مُلْكُهُ سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَيَمْنَعُهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ ﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 247]، ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 26].

 

وَبِمَا أَنَّ الْمُلْكَ كُلَّهُ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّ إِرَادَتَهُ غَالِبَةٌ، وَمَشِيئَتَهُ نَافِذَةٌ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ؛ وَلِذَا أَثْنَى سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ فَلَا يَقَعُ إِلَّا مَا يَشَاءُ وَيُرِيدُ ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 1]، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [هُودٍ: 107]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [الْحَجِّ: 14]. فَكُلُّ مَا يَقَعُ فِي الْكَوْنِ فَبِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى الْكُفْرَ لِعِبَادِهِ، وَلَا يُحِبُّهُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ شَاءَهُ كَوْنًا وَقَدَرًا؛ ابْتِلَاءً مِنْهُ سُبْحَانَهُ لِلْعِبَادِ ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ﴾ [يُونُسَ: 99]، ﴿ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [الرَّعْدِ: 31]، ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النَّحْلِ: 93]، وَفِي شِرْكِ الْمُشْرِكِينَ: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ﴾ [الْأَنْعَامِ: 107]، ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 112].

 

فَالْهِدَايَةُ بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ ﴿ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 142]، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ ﴾ [الْحَجِّ: 16]، ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 88]، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تَتَعَلَّقَ الْقُلُوبُ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنْ تَتَوَجَّهَ النُّفُوسُ إِلَيْهِ، سَائِلَةً إِيَّاهُ الْهِدَايَةَ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ.

 

وَمَا يَقَعُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ وَالْحُرُوبِ بِمَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ؛ لِتَتَحَقَّقَ سُنَّةُ التَّدَافُعِ فِي الْأَرْضِ، وَهِيَ مِمَّا يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ لِتُعْمَرَ الْأَرْضُ، وَلِيَتَعَلَّمَ الْبَشَرُ ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 251]، ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 253].

 

وَكُلُّ مَشِيئَةٍ لِلْمَخْلُوقِ فَهِيَ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا كَانَتْ إِلَّا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَ أَنْ تَكُونَ ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التَّكْوِيرِ: 29].

 

فَسُبْحَانَ رَبِّنَا الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَلَهُ الْحَمْدُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 36-37].

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ....

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَثْنُوا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَهْلُ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غَافِرٍ: 64- 65].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

كَثَافَةُ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ تُبْرِزُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ؛ فَالْخَالِقُ رَبٌّ رَحِيمٌ شَكُورٌ قَدِ اتَّصَفَ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، وَالْمَخْلُوقُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ لِلَّهِ تَعَالَى، لَا حَيَاةَ لَهُ وَلَا سَعَادَةَ وَلَا طُمَأْنِينَةَ إِلَّا بِعُبُودِيَّتِهِ لِخَالِقِهِ سُبْحَانَهُ، وَرُكُونِهِ إِلَيْهِ، وَسُرُورِهِ بِهِ، وَاعْتِمَادِهِ عَلَيْهِ.

 

وَإِذَا أَيْقَنَ الْمُؤْمِنُ أَنَّ الْمُلْكَ كُلَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْزَنُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْمُلْكِ سُبْحَانَهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيمَا فَاتَهُ، وَيَقِينُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَكْتُبُ لَهُ إِلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ يَطْرُدُ الْحُزْنَ عَنْهُ، وَيُحِلُّ بِهِ الطُّمَأْنِينَةَ وَالرَّاحَةَ، فَيَرْضَى عَنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

وَيَقِينُهُ بِأَنَّ الْمُلْكَ لِلَّهِ تَعَالَى يُرْضِيهِ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَيُزِيلُ عَنْهُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ مَا أَصَابَهُ مِمَّا يَكْرَهُهُ فَهُوَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُسْنُ ظَنِّهِ بِاللَّهِ تَعَالَى يَجْعَلُهُ لَا يَظُنُّ بِاللَّهِ تَعَالَى إِلَّا خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُقَدِّرُ لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ وَلَوْ كَرِهُوهُ، وَلَوْ كُشِفَ الْقَدَرُ لِمُؤْمِنٍ لَمَا اخْتَارَ إِلَّا مَا اخْتَارَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى أَرْحَمُ بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِمَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَضُرُّهُ.

 

وَإِذَا أَيْقَنَ الْمُؤْمِنُ أَنَّ الْمُلْكَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْأَمْرَ أَمْرُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَقَدَرِهِ؛ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَخَلَا مِنَ التَّعَلُّقِ بِالْمَخْلُوقِينَ، أَوِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْأَسْبَابِ اعْتِمَادًا كُلِّيًّا، بَلِ اعْتِمَادُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَخْذِهِ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِمَا يُرِيدُ. وَأَلَحَّ فِي الدُّعَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ قَلْبَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ دُونَ سِوَاهُ. فَإِنْ حَصَلَ لَهُ مُرَادُهُ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا آتَاهُ، وَفَرِحَ بِتَعَلُّقِ قَلْبِهِ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنْ فَاتَهُ مَطْلُوبُهُ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ بِهِ خَيْرًا بِفَوَاتِهِ.

 

وَمَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ لَمْ يَظْفَرِ النَّاسُ مِنْهُ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يُغَيِّرْ دِينَهُ لِتَرْغِيبِهِمْ، وَلَمْ يَتَنَازَلْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِتَرْهِيبِهِمْ، بَلْ قَلْبُهُ سَلَمٌ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثناء الله تعالى على نفسه (1)
  • ثناء الله تعالى على نفسه - خطبة (2)

مختارات من الشبكة

  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (7) ثناء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ربه سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (6) ثناء جملة من الأنبياء على ربهم سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (5) ثناء يعقوب ويوسف على الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • {ختم الله على قلوبهم..}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحياء من الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعريض والتلميح في الحوار وثناء المحاور على نفسه عند الحاجة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الثناء على الله وتنزيهه عن النقص (للأطفال)(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • موقف الشيعة من آيات الثناء على عموم الصحابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • موقف الشيعة من آيات الثناء على السابقين الأولين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/12/1446هـ - الساعة: 17:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب