• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات
علامة باركود

نهر التاريخ: رؤية إسلامية

نهر التاريخ: رؤية إسلامية
أ. د. عبدالحليم عويس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/8/2016 ميلادي - 24/11/1437 هجري

الزيارات: 9541

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نهر التاريخ

رؤية إسلامية


تاريخ البشرية ماض وحاضر واستشراف للمستقبل... والتخوم الفاصلة بين هذه الأدوار تكاد تكون ذائبة؛ والماضي يعيش فينا ولا نستطيع إنكاره، والمستقبل فينا كالماضي سواء بسواء... إنها أضلاع الزمان الثلاثة التي لا تنفصل....

 

وعندما يتم الضغط على الماضي وحده تصاب الأمة بمرض الغياب التاريخي... كما أن الضغط على الحاضر -دون وعي بالماضي والمستقبل- غياب عن الذات، مغامرة بالحضارة كلها؛ في رحلة ضياع لسفينة بعدت عن معالمها ومرافئها الثابتة!

•••


كل الأحجار في التاريخ شواهد ناطقة تحكي قصة قوم كانوا هنا وصنعوا شيئًا... ولم توجد بعد أحجار صامتة.. ومن العبث أن نحاول إخراس أصوات الماضي التي تخاطب عقولنا ووعينا التاريخي الفطري الذي يقول لنا: إننا جنس خاص.. إنسان تاريخي... كائن يموت أفراده، وتموت بعض شرائحه... لكنه باق إلى اللحظة الحاسمة... القارعة!!

•••


في أحقاب متفاوتة من التاريخ الإنساني وضعت العناية الإلهية شارات ثابتة تأخذ بيد كل حضارة تريد الإقلاع من جديد نحو الإنسانية النقية...

قدم لنا أبونا آدم أول شارة حين أخطأ وتاب... فإدراك الخطيئة والإقلاع عنها خاصة إنسانية متفردة...

وقدم هابيل الشارة الثانية حين رفض أن يكون القاتل ورضي أن يكون المقتول... في سبيل المبدأ...

وقدم كل نبي شارة أخرى هي خلاصة حياته ودعوته... إن هذه الشارات التي بدأت بآدم ثم نوح، وإبراهيم... وانتهت بمحمد (عليهم السلام) هي معالم الهدى في التاريخ... وكلها ذات جوهر واحد ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ﴾ [نوح: 3]، والخلاف بينها في التفاصيل الملائمة لحياة الإنسان عبر التاريخ...

 

والانحراف في تاريخ الإنسانية جاء من ابتعادها عن هؤلاء الهداة العظماء... إنها اصطرعت بعيدًا عنهم... وتصارعت باسمهم بعيدًا عن الحوار الباحث عن الحق.... ودفعت أجيالًا كاملة لرفضهم... واخترعت النظريات ضدهم...

ولن يعود التاريخ إنسانيًا إلا إذا انصهر العقل في بوتقة الإنسانية، ليكون عقل إنسان... لا عقل شيطان!!

أجل: إن في تيار التاريخ تصاميم سابقة وثابتة... لكنها لا تحول - ولم تحل - دون الإبداع... إنها معالم ثابتة دائمًا حتى لا تتوه الإنسانية في الصحراء!!

في نهر التاريخ يتدفق الماضي موصولًا بالحاضر والمستقبل... وتظهر القداسة في بعض العصور كما تظهر النجوم العالية التي يسترشد بها الملاحون في الليالي الطويلة المظلمة... فليست البشرية بمجموعها مقدسة، كما أن هذه الإنسانية ليست مجموعة حيوانات مفترسة... إنها هذا وذاك... إنها أصلًا... ((في أحسن تقويم)).. لكنها في أكثر مراحل التاريخ: في ((أسفل سافلين)).. وستتبادل البشرية هذه الأدوار المتعاقبة إلى يوم القيامة...

 

وعندما يتآمر بعض المنسوبين إلى الإنسانية فيحاولون تحطيم فترات القداسة والمثال، فإنهم يسعون -بوعي أو بغير وعي- لقيادة الإنسانية إلى نسبية كاملة، وإلى ليل طويل معتم؛ لا نجوم فيه (!!) وستغرق السفينة لا محالة... فالعقل والبصر لا يغنيان عن إشارات البصيرة الثابتة، وكواكب الحقيقة!!

كانت البشرية لا شيء... عدمًا لا ذكر له... أحيتها العناية الإلهية... وسوف تميتها بعد سلسلة حضارات متصارعة.... ثم تحييها ليوم الحساب الأخير... فهكذا كانت لها بداية... وكان لها سياق وجود حي هو: هذا التاريخ وهذه الحضارات.. ثم سيكون لها رجعة إلى الله للحساب النهائي!!

لا استمرار أبدي... بل هي رحلة مغلقة... لها بداية ونهاية... بطلها الإنسانية... ولن تكون هذه الرحلة عبثًا باطلًا...

فالعناية الإلهية لا تخلق للهو ولا للعب... وحاشاها... إنها أعظم من أن تجعلنا دمى، أو قطع شطرنج... إن لنا وجودًا بقدر مسؤوليتنا... إننا مكلفون بمهمة خالدة...

 

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 16 - 18]. والحق ((رسالة الأنبياء))... حداة القافلة الإنسانية وهداتها....

وفي النهاية تنتهي فصول الكتاب والملحمة ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 104].

فالغاية الإنسانية المحتومة... والمصير المحكوم بأعمال الناس، وبفاعلية الإنسان الإيجابية الصالحة في التاريخ... ﴿ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ﴾ [الأنبياء: 94]، لكن إذا انتهت دورة تاريخية وأغلق الستار؛ فمحال أن يعود أصحابها قبل يوم البعث: ﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [الأنبياء: 95].

إنهم مسؤولون... لقد كانوا أحرارًا، وكانت لديهم شارات الطريق وشروط الصلاحية ومؤهلات البقاء... لكنهم صدفوا عن كل ذلك واعتمدوا على أبصارهم المحدودة؛ وعقولهم المكبلة بإطار وعي الزمان والمكان، وخبرة الجيل الواحد... فاستحقوا الموت...

لقد استمرؤوا أن يكونوا مستهلكين في التاريخ.. مجرد موضوع من موضوعاته.... ولم يرتفعوا إلى مستوى خلافة الله في صناعة الحضارة، وعمارة العالم وتسخير كونه... لقد عاشوا في دائرة الذات والمطالب الجسدية، ولم يهتموا بالمطالب الروحية، ولا بغايات الوجود...

•••


نعم: إن نهر الزمان متدفق موصول لا تكاد تنفصل فيه لحظات الماضي عن لحظات الحاضر عن المستقبل، لكن ذلك لا يعني أن الزمان لا يمكن تقسيمه إلى ماض وحاضر ومستقبل، وأن هذا التقسيم له وجود في الواقع؛ وهو وجود شعور ووعي وحياة والغاية داخلية وخارجية معًا، فكل كائن حي له غاية خاصة به تتعاون جميع أجزائه من أجل تحقيقها إنها غايته الداخلية التي تنسجم مع الغاية الخارجية؛ التي تربط كل غاية داخلية بالغاية الخارجية العامة؛ وهي تحريك أجزاء الكائنات نحو مصير واحد، يتم فيه الوصول إلى يوم السعادة الأبدية أو الشقاء الأبدي أو الفناء الأبدي.

إن وجود يوم ينتهي فيه التاريخ البشري ويتم فيه الحساب العام حقيقة لا بد من التسليم بها؛ فإن القول بأن التاريخ البشري -الذي له بداية يعترف بها الجميع- ليس له نهاية؛ هو أمر لا ينسجم ومنطق العقل، ولا الدين كله... إنه يفقد التاريخ معناه، ويجعله بلا معنى، والفرق بين التصور اللاهوتي (اليهودي والمسيحي) للغاية التاريخية، وبين التصور الإسلامي... أن الغائية في التصور الإسلامي لا تقفز فوق مؤهلات الدنيا، ولا تختزل الدنيا بكل ما تتطلبه من معقولية وإيجابية اعتمادًا على الغاية النهائية... إنها تبتعد إلى الآخرة عن طريق الدنيا، وبقدر الإيجابية في الدنيا- مع استقامة الوسائل، وشرف الغايات - تكون الدرجة في الآخرة.

 

إن الفلاسفة العقليين في عصر التنوير (الأوروبي) قد حاولوا علاج الخلل في التصوير اللاهوتي للغائية؛ لكنهم سقطوا في حفرة أعمق فجعلوا الغاية دنيوية بحتة... إنهم قد يكونون معذورين... فاللاهوت المسيحي يسيء إلى الدنيا إساءة بالغة، ويجعلها صفرًا في الرحلة إلى الخلود... بينما هي الطريق... إنه يقول: اهجر الدنيا؛ تضمن الآخرة، وازهد في الطيبات... ولا تعمر... ودع ما لقيصر لقيصر... وحسبك أن تؤمن بالمخلص الذي انتحر[1] من أجلك... أما التصور الإسلامي فيدعوك إلى المشاركة الكاملة في الدنيا تعميرًا وأكلًا من الطيبات، ومقاومة للباطل، وصناعة لمؤسسات الحق، ونشرًا للخير والمنفعة... وأنت عندما تموت في هذا الطريق تكون قد عبرت الدنيا عبورًا كريمًا، وأديت واجبك بهذا الحضور الدنيوي المكثف.. وإياك والغياب عن الدنيا وتركها للباطل يمرح فيها، وإياك أيضًا أن تجعل أهدافها -مثل الفلاسفة العقليين- دنيوية بحتة... إن عناية الله توجه التاريخ البشري وترعاه، وتقوده ليوم لا ريب فيه، لكن ذلك لا يتم على حسابك أيها ((الإنسان))... أيها الفاعل والصانع للتاريخ والحضارة - برعاية الله.... إنك مسؤول مسؤولية كاملة... وعلى قدر مسؤوليتك تحاسب، وعناية الله تعفيك من الحساب عن الكوارث الطبيعية، وعن كل ما هو فوق طاقتك!!

إن حركة التاريخ أمامنا قد تصيبنا بنوع من الضبابية في الرؤية، وقد يخيل إلينا -في بعض اللحظات- أن الغاية غير معقولة، لكن عدم إدراكنا لمعقوليتها لا يعني عدم وجودها، فعقولنا المجزأة، والتي تعمل بطريقة محكومة بالبيئة وبمؤثراتنا الذاتية لا تقوى على رؤية المعقول الكلي...

لنتذكر هنا قصة موسى والخضر عليهما السلام.

 

إن ((كانط)) شعر بهذه الأزمة وتساءل: ((إن أحدًا لا يستطيع تجنب شعور معين بالامتعاض، عندما يلاحظ أفعال الناس التي تعرض على المسرح الكبير للعالم؛ فالأفراد يظهرون الحكمة هنا وهناك، ولكن نسيج التاريخ الإنساني -ككل- يبدو أنه منسوج من الحماقة، وتفاهة الأطفال، وغالبًا من الآثام الطفيلية، وحب الدمار. ونتيجة ذلك فإننا في النهاية حائرون في معرفة ما هي الفكرة التي نصوغها عن نوعنا الذي نشعر بفخر عظيم بمميزاته))[2].

لكن ((كانط)) لا يلبث أن يجيب عن هذا اعتمادًا على فكرته المعروفة في فلسفة التاريخ، وهي فكرة ((التقدم)). فهو يرى ((أننا إذا اكتفينا فعلًا بالنظر إلى الأحداث التاريخية من وجهة نظر الأفراد المعنيين فقط فلن يصادفنا هناك سوى جمع مضطرب من الوقائع غير المرتبطة، والتي لا تعني شيئًا في ظاهرها)).

ولكن الأمر قد يختلف إذا حولنا انتباهنا إلى أحداث النوع الإنساني بأسره؛ بدلًا من أحداث الفرد. فإن ما يبدو من وجهة نظر الفرد فوضى وبلا قانون قد يبدو بالرغم من ذلك ذا نظام ومتعقلًا إذا نظر إليه من وجهة نظر الأنواع.

والوقائع التي بدأت فيما مضى بلا قيمة تبدو وكأنها تخدم هدفًا أكبر؛ فقبل كل شيء: إنه من الممكن أن يتبع التاريخ كما في الطبيعة، أو العناية الإلهية (يستخدم كانط الكلمتين بمعنى واحد) خطة طويلة المدى غايتها البعيدة هي الأنواع الإنسانية ككل، وقد يكون ذلك بتضحية بخير ومنفعة للفرد[3].

ويلتقي مع ((كانط)) في فكرة ((التقدم المطرد)) كثير من فلاسفة التاريخ في عصر التنوير؛ فقد أشار ((أكتون)) إلى أن التاريخ (علم تقدمي) وقال: إننا مرغمون على افتراض أن التقدم في الأمور الإنسانية هو الفرض العلمي الذي يكتب التاريخ وفقًا له[4]. وكان المؤرخ جيبون -أبرز مؤرخي عصر التنوير- من المتحمسين لفكرة التقدم المطرد لدرجة أنه زعم (بأن كل عصر في العالم أضاف وما زال يضيف إلى الثروة الحقيقية للسلامة الإنسانية وسعادتها ومعرفتها، وربما فضيلتها)[5]، وقد سمي زعمه هذا (النتيجة السازة الخاصة)، ومن الغريب أنه كتب هذه النتيجة في كتابة المعروف عن انحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها، (الفصل الثامن والثلاثين).. لكن فكرة التقدم المطرد سرعات ما انهارت على يد فلاسفة تاريخ القرن العشرين وعلى رأسهم شبنجلر، وتوينبي.

وعلى الرغم من وجود بعض العناصر اللاهوتية في فلسفة توينبي، ومن بعض تفاؤله الحذر بمستقبل للمسيحية... إلا أن الفكر اللاهوتي كان أمره قد انتهى، ولم يعد يحظى إلا بقليل من التقدير؛ ذلك لأن إلغاء دور الإنسان الأساسي في صناعة التاريخ أمر لا يمكن قبوله، كما أن القول بأن حوادث التاريخ تخضع لقدرة ربانية؛ لا تترك للإنسان دورًا يوازي مسؤوليته هو أمر مرفوض أيضًا؛ بل إن هذا الفكر اللاهوتي الذي يسميه الفيلسوف والمؤرخ ((غوستاف لوبون)) اعتقادًا صبيانيًا[6] قد أساء إلى التصور الإسلامي لفلسفة التاريخ؛ لأن كثيرًا من الأوروبيين وتلاميذهم الشرقيين لم يحاولوا دراسة الإسلام دراسة مستقلة بعيدة عن الفكر اللاهوتي العام.

ولم يكن خطأ الفكر اللاهوتي في إغفاله الدور الأساسي للإنسان فحسب... بل أيضًا في إغفاله للسنن الكونية والاجتماعية التي تخضع لها جميع حوادث التاريخ. والإسلام وهو وحده التصور الذي جمع بين وجود ((الغاية)) للتاريخ، ووجود ((معنى)) لكل وقائعه إن ظاهرًا أو باطنًا، وإن عاجلًا أو آجلًا، ووجود ((عناية إلهية)) ووجود دور أساسي ((للإنسان)) وخضوع الإنسان والطبيعة لسنن كونية،... هذه الأبعاد هي أضلاع لمعادلة متكاملة متوازنة تحكم حركة التاريخ، وتحقق للإنسان القدر المنطقي من الحرية الذي يتوازى مع قدراته وإمكاناته الزمانية والمكانية... وليس بينها أي تناقض كما يتصور الفكر اللاهوتي أو المفكرون العقليون!!

•••


إن الفكر العلماني التنويري كان منفعلًا في مواجهة الفكر اللاهوتي، وكان –بالتالي- معبرًا عن (أزمة روحية) وهو يقرر - كما يقول برجسون ((إن من العبث أن يحاول الإنسان أن يعين للحياة غاية، بالمعنى الإنساني لهذه الكلمة. فإن الغاية -بهذا المعنى- معناها وجود نموج من قبل لا يعوزه إلا أن يتحقق بالفعل، أي أننا نفترض -حينئذ- في الواقع أن كل شيء موجود دفعة واحدة، وأن المستقبل يمكن أن يقرأ في الحاضر... بينما الحياة تقدم وتتابع واستمرار))[7].... ولم يتساءل هذا المفكر: إلى متى سيظل هذا التتابع والاستمرار؟ إن أمامنا كثيرًا من الحضارات قد اندثرت أو تحولت إلى ذرات في جسم حضاري أخرى؛ بعد أن ابتلعتها في أحشائها وحولتها إلى جزء منها، ويومًا ما ستصل الحضارة الغربية إلى ساعة الأفول، أو الانتحار، أو الامتلاء، لدرجة الموت؛ وقد تقوم حضارة أخرى أكثر روحانية وإنسانية وتوازنية... لكن التسلسل والدور لا يمكن أن يستمرا متتابعين دون نهاية، فوجود الزمان المطلق المتحرر المجرد -يمثل معنى شعريًا- أكثر منه معنى واقعيًا...!!

﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [التغابن: 7] .



[1] التصور المسيحي يرى أن المسيح عليه السلام قبل أن يقتل طواعية من أجل التكفير عن خطيئة أبينا آدم وخطايا أبنائه، وكان يستطيع -كابن لله- أن ينقذ نفسه، أي أنه -بإيجاز- انتحر، والإسلام يرفض عملية القتل أصلًا، ويرى أن الله أنقذه من أيدي اليهود، ورفعه إليه، كما أنه برفض الانتحار!!

[2] و.هـ.وولش: مدخل لفلسفة التاريخ، ترجمة أحمد حمدي، مؤسسة سجل العرب، مصر 1962م، ص: 166.

[3] وولش: مدخل لفلسفة التاريخ 167.

[4] إدوارد كار: ما هو التاريخ، ترجمة أحمد حمدي، نشر مؤسسة سجل العرب 1962، ص: 144.

[5] إدوارد كار: المرجع السابق، ص143.

[6] فلسفة التاريخ: ترجمة عادل زعيتر، نشر دار المعارف بمصر، 1954م، ص: 57.

[7] عبد الرحمن بدوي: شبنجلر: 23، نشر مكتبة النهضة بمصر، 1941م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حركة التاريخ
  • رؤية في كتابة التاريخ
  • فلسفة التاريخ عند الفيلسوف الألماني هيجل (1770م - 1831م)
  • أهمية دراسة التاريخ
  • نهر اﻷسئلة

مختارات من الشبكة

  • منظومة النهر لمن برز على شاطئ النهر للسيوطي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نهر التاريخ .. رؤية إسلامية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • الأنهار والرواسي: إعجاز قرآني ولغز علمي(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • رؤية نقدية لمجموعة ( عندما يظمأ النهر ) لخالد الطبلاوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أشرف حشيش .. الشاعر النهر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نهر النيل فيمن تكلم فيه في تاريخ الفسوي بجرح أو تعديل (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نهر هارب (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من فضائل النبي: أعطاه الله نهر الكوثر في الجنة، حوض الكوثر ليسقي منه أمته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ادرس الجغرافيا تفهم العالم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • روسيا: مدرسة إسلامية تنظم احتفالية على ضفاف نهر الفولغا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب