• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (9)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2009 ميلادي - 26/12/1430 هجري

الزيارات: 18753

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رؤية المؤمنين لربِّهم في الآخرة

39- قال المصنِّف - رحمه الله -:

"والمؤمنون يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الآخرةِ بأبْصارِهِم، ويَزُورُونَهُ، ويُكَلِّمُهُم ويُكَلِّمُونَهُ؛ قال اللهُ - تعالى -: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[1].
40- وقالَ - تعالى -: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}
[2]، فلمَّا حَجَبَ أولئك في حالِ السُّخْطِ، دَلَّ على أنَّ المؤمنين يَرَوْنَهُ في حالِ الرِّضَا، وإِلَّا لم يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ.



الشرح

وتحت هذا الفصل عِدَّةُ مباحث:
المبحث الأول: تقسيم مسألة رؤية الله - تعالى - إلى ثلاثة أقسام:
أولًا: رؤية الله - تعالى - في الدنيا:
رؤية الله - تعالى - في الدنيا مستحيلةٌ، دلَّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع:
فمن الكتاب: قولُ الله - تعالى - لموسى: {لَنْ تَرَانِي}[3]، وكان قد طلَب رؤية الله - تعالى.
ومن السُّنَّة: حديث النَّوَّاس بن سمعان في ذكر الدَّجَّال، وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربَّه حتى يموت))؛ رواه مسلم.

وأجمع العلماء على أن الله - عز وجل - لا يراه أحد في الدنيا بعينيه:
نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم، ولو كان الله - جلَّ وعلا - يُرى في الدنيا؛ أي: لو كان ذلك حاصلاً لأحد من العباد، لَحَصَل لكليم الله - تعالى - موسى - عليه السلام - حين سأل ربَّه ذلك، وإن تعجَب فعَجَبٌ من أولئك السفهاء من المبتدعة، الذين يعتقدون أنه قد تحصل رؤية الله - تعالى - في الدنيا لبعض أوليائهم، كما هو موجودٌ في كُتُب الزنادقة والصوفيَّة، وأفتى بعضُ علماء الإسلام - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيميَّة - أن مَن قال: إنَّ أحدًا من الأولياء يرى الله - سبحانه وتعالى - بعينه في الدنيا، فإنه يبيَّن له الدليلُ؛ فإن تاب وإلا قُتل، وإن اعتقد بهذا الاعتقاد مع اعتقاده التفضيل؛ أي: يعتقد بأن أولياءه الذين يزعم أنهم يرون الله في الدنيا أفضل من الأنبياء الذين لَم تَحصُل لهم الرؤيا في الدنيا؛ كموسى - عليه السلام - وغيره من الأنبياء، فإنه يكفر بهذا الاعتقاد، ويقتل مُرْتَدًّا إن كان مُصِرًّا على هذا القول، فالحاصل أن رؤية الله في الدنيا ممتنعة بإجماع العلماء.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة[4]: "وكذلك كل مَن ادَّعى أنه رأى ربه بعينيه قبل الموت، فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة؛ لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحدًا من المؤمنين لا يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت، وثبت ذلك في "صحيح مسلم" عن النوَّاس بن سمعان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه لما ذكر الدجال قال: ((واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربه حتى يموت)).

مسألة: وهل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربَّه؟
هذه المسألة على قسمين:
الأول: هل رأى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه في الأرض؟
الجواب: لم يَرَه أبدًا باتفاق العلماء، وتقدم أنه لَم يره، ولن يراه أحد بعينيه في الأرض حتى يموت.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"[5]: "وكل حديث فيه أنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربَّه بعينه في الأرض، فهو كَذِبٌ باتفاق المسلمين وعلمائهم، هذا شيء لم يَقُلْه أحدٌ من علماء المسلمين، ولا رواه أحد منهم".

الثاني: هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ليلة المعراج؟
فهذا فيه خلاف، قال شيخ الإسلام بعد كلامه السابق: "وإنما كان النِّزاع بين الصحابة في أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هل رأى ربه ليلةَ المعراج؟ فكان ابن عباس - رضي الله عنه - وأكثر علماء السنة يقولون: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه ليلة المعراج، وكانت عائشة - رضي الله عنها - وطائفةٌ معها تُنْكِر ذلك".

وبِنَاءً عليه يُقال:
القول الأول: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه؛ وهذا هو قولُ ابن عباس - رضي الله عنهما - من الصحابة، واختاره ابن خُزيمة في كتاب "التوحيد"[6]، والنووي في "شرح مسلم"[7].
واستدلُّوا بما رواه التِّرمذي، وقال: "حسن غريب"، ورواه النسائي في "الكبرى"، أن ابن عباس ذكر أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه، ولكن جاء في "صحيح مسلم" من حديث ابن عباس- رضي الله عنه - أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بفؤاده مرتين.

وتعددت الروايات عن الإمام أحمد؛ ففي رواية: أنه رأى ربه بعيني رأسه، وفي رواية: أنه رأى ربه بعيني قلبه - أي: رآه بفؤاده - وفي رواية: أنه توقَّف فلا يقال: رآه بعيني رأسه، ولا بعيني قلبه.

والقول الثاني: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لم يَرَ ربه؛ وهذا قول عائشة - رضي الله عنها - وابن مسعود من الصحابة، وهو قول جمهور العلماء.
واستدلوا:
1- بحديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "مَنْ حدَّثكم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله"؛ متفق عليه.
2 - حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل رأيتَ ربك؟ قال: ((نورٌ أنَّى أراه))؛ رواه مسلم؛ ((أنَّى أراه؟!))؛ أي: كيف أراه؟! وهذا نصٌّ في المسألة.
3- حديث أبي موسى الأشعري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرْفَع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار، وعملُ النَّهار قبل عمل الليل، حجابُه النُّور، لو كشفه لأحرقت سُبُحَات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه))؛ رواه مسلم.

ووجه الدلالة: أن الله - عز وجل - لو كشف حجابه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، ومن ذلك مَنْ رآه - لو كان أحدٌ رآه - وهذا دليل على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لم يره.

وهذا القول هو الراجح - والله أعلم - على أنه يقال: إنه لا تَعَارُضَ بين القولين، ولا اختلاف بين الصحابة أصلاً - كما قال جمع من أهل العلم؛ منهم: الإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية - وأن الخلاف خلاف لفظي[8].

والجمع بين القولين: بأن يُحْمَل قول ابن عباس: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه ليلة المعراج، أنه رآه بعيني قلبه لا بعيني رأسه - أي: رآه بفؤاده - لأن الذي رُوِيَ عن ابن عباس حديثٌ مطلقٌ بأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه، وحديث آخر مقيَّد بأنه رآه بفؤاده، فيحمل المطلق على المقيَّد؛ لأنه لَم يُرْوَ عن ابن عباس أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بعينَي رأسه، ويحمل قول عائشة - رضي الله عنها - أنه لَم يرَهُ بعيني رأسه، فلا خلاف حينئذٍ، فيكون مَنْ نَفَى الرؤية حملها على رؤية البصر، ومَنْ أثبتها حملها على رؤية الفؤاد.

قال شيخ الإسلام: "وليس في الأدلة ما يقتضي بأنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة صريحًا، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النُّصوص الصحيحة على نفيه أدلُّ؛ كما في "صحيح مسلم"، عن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل رأيتَ ربك؟ فقال: ((نور أنَّى أراه؟!))، وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك، ولو كان قد وقع ذلك لذكره كما ذكر ما دونه"[9].

مسألة أخرى: هل يُمكن لأحد أن يرى الله في المنام؟
الصحيح: أنه قد يرى المؤمن ربه في المنام.

ويدل على ذلك: ما رواه أحمد والترمذي من أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رأيت ربي في المنام في أحسن صورة))، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صورٍ متنوِّعة على قدْر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحًا لَم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة، ولها تعبيرٌ وتأويل؛ لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق".

وبناء على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية: فمَنْ أنعم الله عليه بأن رأى ربه في المنام، فليتذكر أن رؤيا المنام غير رؤية الحقيقة، فلا يذهب لذهنه ما يراه من الأوصاف في منامه بأنها كأوصاف الحقيقة أبدًا؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربه حتى يموت))[10]، فهذه هي الرؤية الحقيقية العيانية.
 
ثانيًا: رؤية الله في الآخرة قبل دخول الجنة:
اختلف أهلُ العلم في رؤية الله - تعالى - في المحشر وقبل الحساب: هل هي خاصة للمؤمنين؟ أو أنها عامة لأهل المحشر كلهم؛ مؤمنهم ومنافقهم وكافرهم؟

وقبل ذكر الخلاف لا بد من معرفة عدة أمور:
الأول: أهل السنة والجماعة متَّفقون على أن المؤمنين يرَوْن ربهم في المحشر، فلم يخالفْ في ذلك أحد.
الثاني: أهل السنة والجماعة مُتَّفِقون على أن رؤية الله في عَرَصَات يوم القيامة لا تكون رؤية نعيمٍ وتكريمٍ وتلذُّذٍ إلا للمؤمنين، بخلاف غيرهم من الكفار والمنافقين، فعلى قول أنهم يرونه، فإنها ليست رؤية نعيم وتكريم.
الثالث: أن الخلاف في هذه المسألة نشأ بعد المائة الثالثة؛ أي: في بداية القرن الرابع، وأما قبل ذلك فلَم يكُن الخلاف مَوْجُودًا عند السلف - رحمهم الله - وإنما كانت المسألة السائغة عندهم: هل يُرى الله - جل وعلا - أو لا يُرى؟
الرابع: أن الخلاف في هذه المسألة ليس من الخلاف الذي يؤثِّر في الاعتقاد، فسواء قيل بأن الكفار والمنافقين يرونه أو لا يرونه؛ فالقضية قضيةُ نظرٍ واجتهادٍ، ولا تؤثِّر في الاعتقاد، ولشيخ الإسلام ابن تيمية قصة في هذه المسألة، حينما حصل النزاع والفرقة والعداوة بين أهل البحرين بسبب هذه المسألة، فكتبوا لشيخ الإسلام يسألونه، وبيَّن لهم أن هذه المسألة من المسائل التي لا يحصل بها هجران وتبديع وافتراق، فليستْ من مسائل الأصول التي يكون فيها موالاة أو معاداة، وإنما هي من المسائل الاجتهادية.

وخلاف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:
القول الأول: إن رؤية الله في المحشر تكون لأهل الموقف جميعًا للمؤمنين والكافرين، ومنهم المنافقون.
وقالوا بأن الكفار يرَوْنه ابتداءً، ثم يحجبون عن رؤيته؛ لقوله - تعالى -: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[11]، ولكنهم قالوا: إنَّ رؤية الكفَّار لله - تعالى - رؤية عذاب، واستدلُّوا بالأحاديث التي فيها تكليم الله - تعالى - لأهل المحشر وقت الحساب؛ كحديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وكلاهما في الصحيحين، وفيه: أنَّ الله - عز وجل - يقول لأهل المحشر: ((من كان يعبد شيئًا فليتبعه، فيذهب الذين يعبدون الطواغيت، ويأتي اليهود والنصارى فيمثل لهم شيطان عزير، وشيطان المسيح))، والحديث فيه دلالة على تكليم الله لهم؛ حيث قال: "مَنْ كان يعبُد شيئًا فليتبعه"، فقالوا: ما دام أنه يكلمهم فهم يَرَوْنه، فجعلوا من التكليم دليلاً على الرؤية، والصواب أنه لا يلزم من التكليم الرؤية؛ فهذا قول مرجوح - والله أعلم.

والقول الثاني: إنه يراه المؤمنون والمنافقون دون الكافرين الأصليين، واختار هذا القول ابن خُزيمة في "التوحيد".
واستدلوا بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الصحيحين بعدما ذكر ذهاب كل طائفة من الكفار مع معبودهم فيلقون في النار - كما تقدم - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله - تبارك وتعالى - في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله - تبارك وتعالى - في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه))؛ الحديث.

القول الثالث: إن الرؤية في المحشر خاصة بالمؤمنين فقط، واختار هذا القولَ النوويُّ، وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله[12].
واستدلوا بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الصحيحين الذي تقدم؛ ففي أوله: أن ناسًا قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هل تُضَارُّون في رؤية القمر ليلة البدر؟))، قالوا: لا يا رسول الله، قال: ((هل تُضَارُّون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟)) قالوا: لا، قال: ((فإنكم تَرَوْنَه كذلك))، وأما غير المؤمنين فلا يَرَوْنَ ربهم؛ لقوله - تعالى -: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[13].
وردَّ أصحابُ هذا القول على أصحاب القول الثاني بأن استدلالهم ليس فيه دلالة على أن المنافقين يرَوْن ربهم.

قال النووي: "ثم اعلم أنَّ هذا الحديث قد يُتَوَهَّمُ منه أنَّ المنافقين يرَوْن الله - تعالى - مع المؤمنين، وقد ذهب إلى ذلك طائفةٌ، حكاه ابن فورك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وتبقى هذه الأمةُ فيها منافقوها فيأتيهم الله - تعالى)) وهذا الذي قالوه باطل، بل لا يراه المنافقون؛ بإجماع من يُعْتَدُّ به من علماء المسلمين، وليس في هذا الحديث تصريحٌ برؤيتهم الله - تعالى - وإنما فيه أن الجمع الذي فيه المؤمنون والمنافقون يرون الصورة، ثم بعد ذلك يرون الله - تعالى - وهذا لا يقتضي أن يراه جميعهم، وقد قامتْ دلائلُ الكتاب والسنة على أنَّ المنافق لا يراه - سبحانه وتعالى - والله أعلم".

ثالثًا: رؤية الله - تعالى - في الجنة:
باتفاق أهل السنة والجماعة: أن المؤمنين يرَوْن ربهم في الجنة، والجنة لا يدخلها إلا نفسٌ مؤمنةٌ، ورؤية الله في الجنة أعظم نعيم، ورؤية المؤمنين لربهم في الجنة دلَّ عليها الكتاب والسنة والإجماع:

فمن الكتاب:
1- قوله - تعالى -: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[14]؛ {نَاضِرَة}؛ أي: حسنة من النضارة، و{نَاظِرَة} من النظر. 
قال الإمام البيهقي في كتابه "الرؤية": "هذا تفسيرٌ قد استفاض واشتهر فيما بين الصحابة والتابعين، ومثله لا يقال إلا بتوقيف، وفسَّروا قوله - تعالى -: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، قال ابن عباس: {نَاضِرَةٌ}: حسنة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}: ناظرة إلى الخالق، وقال عكرمة: ناضرة من النعيم، إلى ربها ناظرة تنظر إلى الله نظرًا".
2- وقوله - تعالى -: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[15]، فالحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم، كما سيأتي.

من السنة: 
فالأحاديث متواترة عن الصحابة في إثبات هذا المعتقد، ومن ذلك:
1- حديث صهيب قال: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}، قال: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى منادٍ: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا، يريد أن يُنْجِزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يُثَقِّل موازيننا، ويبيِّض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، ويُجرنا من النار؟! فيكشف الحجاب؛ فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة))؛ رواه مسلمٌ، وهكذا فسرها الصحابة - رضوان الله عليهم - كأبي بكر الصديق، وحذيفة، وأبي موسى، وابن عباس.
2- حديث جرير بن عبدالله، قال: كُنَّا جُلُوسًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: ((إنكم ستَرَون ربكم عيانًا، كما ترون هذا القمر لا تُضَامُّون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا))؛ يعني بذلك: صلاة الفجر والعصر؛ والحديث متفق عليه.
3- حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن))؛ متفق عليه.

وأجمع المسلمون على إثبات رؤية الله - تعالى - في الجنة ولم يخالف ذلك إلا مبتدع.
 
قال الإمام أحمد: "ومَن لَم يقل بالرؤية فهو جهميٌّ، وقال مرَّة: هو زنديق، وقال أيضًا: وقد بلغه عن رجل قال: إن الله لا يُرى في الآخرة، فغضب غضبًا شديدًا وقال: مَنْ قال: إن الله لا يُرى في الآخرة، فهو كافر - أو فقد كفر - عليه لعنة الله وغضبه، كائنًا من كان من الناس، أليس يقول الله - عز وجل -: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وقال: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؟! وقال أيضًا: "يُسْتَتَاب، فإن تاب وإلا قُتل"، وقال أيضًا: "نؤمن بها - أي: الرؤية - وأحاديثها، ونعلم أنها حق". 
 
الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح
ـــــــــــــــــــــ
[1] [القيامة: 22- 23].
[2] [المطففين: 15].
[3] [الأعراف: 143].
[4] "مجموع الفتاوى" 3/ 389.
[5] "مجموع الفتاوى" 3/ 386.
[6] "التوحيد" (ص 226).
[7] "شرح مسلم" (3/ 12).
[8] انظر: "منهاج السنة النبوية" (2/ 636، 637).
[9] انظر: "مجموع الفتاوى" 6/ 580.
[10] رواه مسلم.
[11] [المطففين: 15].
[12] انظر: "شرح مسلم"؛ للنووي (1/ 35)، وانظر: "مجموع الفتاوى" (6/ 465).
[13] [المطففين: 15].
[14] [القيامة: 22، 23].
[15] [يونس: 26].




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (1)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (2)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (3)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (4)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (5)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (6)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (7)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (8)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (10)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (11)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (12)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (13)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (14)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (16)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (17)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (18)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (19)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (20)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (21)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (22)

مختارات من الشبكة

  • تيسير رب العباد شرح لمعة الاعتقاد(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقدمة نفع العباد بشرح نهج الرشاد في نظم الاعتقاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نفع العباد بشرح نهج الرشاد في نظم الاعتقاد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تتمة الكلام في قرب العبد من ربه وقرب الرب من عبده(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة فائدة في معنى قرب العبد من ربه وقرب الرب من عبده(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث: ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • أرجوزة سراج العباد في ذكر نبذة من الاعتقاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة هداية العباد إلى المرضى من الاعتقاد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تيسير الخبير البصير في ذكر أسانيد العبد الفقير وحيد بن عبد السلام بالي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب