• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

تيسير الوصول إلى شرح ثلاثة الأصول (2)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2009 ميلادي - 3/12/1430 هجري

الزيارات: 30589

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فصل في: [أن الحنيفية ملة إبراهيم - عليه السلام]

قال المؤلف - رحمه الله -: "اعلم - أرشدك الله لطاعته - أن الحنيفية ملة إبراهيم: أن تعبد الله مخلصًا له الدين، وبذلك أمر الله جميعَ الناس وخلَقَهم لها؛ كما قال - تعالى -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]،ومعنى يعبدون: يوحِّدون، وأعظم ما أمر الله به التوحيدُ، وهو إفراد الله بالعبادة، وأعظم ما نهى عنه الشرك، وهو دعوة غيره معه؛ والدليل قوله - تعالى -: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]".


الشرح

في هذه الرسالة، المؤلف - رحمه الله - يتكلَّم عن أصل عظيم، وهو التوحيد، ونبذ ضده، وهو الشرك، وذلك بالْتزام الملة الحنيفية.
والكلام على قول المؤلف من عدة وجوه:
قوله: "اعلم أرشدك الله لطاعته":
هذا دعاء من المؤلف - رحمه الله - فيه تلطُّفٌ للمدعو، وكل من يقرأ الرسالة بأن يرشده الله لطاعته.
والرشد: هو الاستقامة على طريق الحق، وهو ضد الغي؛ لأن الغي هو الضلال - نسأل الله السلامة والعافية.
والطاعة: هي موافقة أمر الشرع، بفعل المأمور، واجتناب المحظور.

ما هي الحنيفية؟
يقول المؤلف - رحمه الله -: "اعلم - أرشدك الله لطاعته - أن الحنيفية ملة إبراهيم: أن تعبد الله مخلصًا له الدين".

Ÿ الحنيفية: أصلها مأخوذ من الحنف، والحنف في اللغة: هو الميل؛ فالحنيف: هو المائل عن الشرك قصدًا وإخلاصًا إلى التوحيد، ففي الحنيف معنى الإخلاص لله - تعالى - فهو المقبِل على الله - تعالى - المعرِض عما سواه؛ ولذا امتدح الله - عز وجل - إبراهيم - عليه السلام - بذلك، فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل: 120]، والقانت هو الطائع الخاشع؛ ولذا قال المؤلف: "الحنيفية ملة إبراهيم".


قوله: "أن تعبد الله": العبادة في اللغة:

الذلُّ والخضوع، تقول العرب: طريق مُعبَّد؛ أي: مذلَّل، وفي الشرع كما عرَّفها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "العبادة: اسم جامعٌ لكل ما يحبُّه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الظاهرة والباطنة"[1]. 
فيدخل في التعريف الصلاةُ والزكاة والصيام والحج، والمحبةُ والخوف والرجاء، والتوكلُ والاستعانة، ونحو ذلك مما سيأتي بيانه - بإذن الله.

وقوله: "مخلصًا له الدين":
والإخلاص: هو أن يقصد العبدُ بعمله رضا الله وثوابَه، لا شيئًا من حطام الدنيا، فمن جمع بين هذين الأمرين، وهما: العبادة والإخلاص لله - تعالى - فيها، فقد جاء بالحنيفية، ودل عليهما أدلة كثيرة، منها:
Ÿ قوله - تعالى -: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5].
Ÿ وقوله - تعالى -: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 2، 3].
Ÿ وقوله - تعالى -: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
Ÿ وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [ النساء: 36].

ومن لم يأتِ بأحد هذين الأمرين، وهما العبادة والإخلاص، لم يأتِ بالحنيفية، وبناءً عليه عُرف أن من يدْعون غير الله، ويعبدون القبور والأضرحة، ويذبحون لها، ويطوفون بها، ونحو ذلك، وقعوا في الشرك الأكبر، وإن سمَّوا أنفسَهم مسلمين، فهم ليسوا كذلك؛ لأنهم ليسوا على الحنيفية، فهم جاؤوا بعبادات؛ ولكنهم لم يخلصوا بها لله - تعالى - فهم ليسوا حنفاء.

بالحنيفية أمر الله - عز وجل - جميع الخلق، ولذلك خلقهم:
واستدل المؤلف لذلك بقوله - تعالى -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومعنى يعبدون: يوحِّدون.
ففي هذه الآية دلالةٌ على أن الله خَلَقَ الخلقَ وأوجدهم؛ لأجل أن يأتوا بالملة الحنيفية، فيعبدوه ويخلصوا له العبادة، فأمر بذلك الجن والإنس.
والجن: عالم غيبي لا نراه؛ لأنه مخلوق من نار، بخلاف الإنس، فهم مخلوقون من طين؛ قال - تعالى -: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 14، 15].

فعالم الجن عالم مخفي، واجتماع الجيم مع النون في لغة العرب يدلُّ على الستر، فلاستتارهم سُمُّوا جنًّا، وهم مكلَّفون بالعبادة والتوحيد، ومنهيُّون عن المعصية والشرك، يدل عليه ما استدل به المؤلف: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وفسَّر المؤلف (يعبدون) بـ (يوحدون)، والتوحيد: هو إفراد الله بالعبادة - كما سيأتي.
وبالحنيفية أمر الله - تعالى - جميع الأمم؛ قال - تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25].

التوحيد أعظم ما أمر الله به عباده:
التوحيد في اللغة: مِن وحَّد يوحِّد توحيدًا؛ أي: جعله واحدًا لا ثاني له، وفي الشرع عرَّفه المؤلف بقوله: إفراد الله بالعبادة.
وتعريف المؤلف هنا تعريفٌ لتوحيد الألوهية، ولم يأتِ بغيره من أنواع التوحيد؛ لأنه أراد بيان التوحيد الذي حصل فيه النزاعُ والجدال، وشُرع من أجله الجهاد، والذي بُعثتْ من أجله الرسلُ - عليهم السلام - وهو توحيد الألوهية.

وقوله: "إفراد الله بالعبادة"؛ أي:
تفرده - جل وعلا - بكل شيء: أقوالنا، وأفعالنا، ومقاصدنا.
وأما تعريف التوحيد بمعناه العام، فهو إفراد الله - تعالى - بالربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.

وهذه هي أنواع التوحيد الثلاثة:

1- توحيد الربوبية: هو أفراد الله بالخلق والتدبير؛ قال - تعالى -: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16].
2-وتوحيد الألوهية: هو إفراد الله - تعالى - بالعبادة، وهو الذي ذكره المؤلف، وتقدَّم سبب إيراده؛ قال - تعالى -: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62].
3- وتوحيد الأسماء والصفات: هو إفراد الله - تعالى - بما سمَّى به نفسَه، ووصف به نفسَه في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بإثبات ما أثبته، ونفي ما نفاه، من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. 

أعظم ما نهى الله عنه الشركُ:
الشرك في الأصل بمعنى النصيب، تقول: أشرك مع الله غيره؛ أي: جعل لغيره نصيبًا معه.
وفي الشرع -كما قال المؤلف -: هو دعوة غير الله معه، ومعنى ذلك أن يصرف شيئًا من العبادة لغير الله - تعالى - كأن يصرفها لمَلَكٍ، أو نبي، أو صالح من الصالحين، أو غيرهم من المخلوقات، فمن فعل ذلك، فقد وقع في الشرك، الذي هو أعظم ما نهى الله عنه.

لماذا الشرك أعظم ما نهى الله عنه؟
الجواب: لأن أعظم حقٍّ على العبد في هذه الدنيا حقُّ الله - تعالى - وحقُّ الله - تعالى - إفرادُه بالعبادة، فإذا أشرك مع الله غيره، ضيَّع أعظمَ الحقوق، وارتكب أعظم ما نهى الله - تعالى - عنه؛ ويدل على ذلك حديثُ ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت أو سئل رسول الله: أيُّ الذنب عند الله أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك))[2].

ولذا فإن الذي يترتب على الشرك أشياءُ عظيمة، منها:
1- أن الله - تعالى - لا يغفر لمن لم يتب منه؛ قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
2- أن الله حرَّم عليه الجنة، فهو خالد مخلَّد في نار جهنم؛ قال - تعالى -: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72].
3- أنه بذلك حبطتْ أعمالُه؛ قال - تعالى -: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88].
وبناءً على ما تقدم؛ يتبيَّن أنه من أشرك فقد ظَلَمَ نفسه، وأوردها المهالك؛ قال - تعالى -: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
- استدل المؤلف بقوله - تعالى -: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36].

وفي هذه الآية فائدتان:
1- أنها جمعتْ بين الأمر بالعبادة والإخلاص لله - تعالى - بقوله - تعالى -: {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}، وهذه هي الملة الحنيفية - كما تقدم.
2- قوله - تعالى -: {شَيْئًا} نكرة في سياق النهي؛ فهي تفيد العموم؛ أي: ولو كان أي شرك، ولو يسيرًا، ولو شركًا أصغر، فإن الله - تعالى - ينهاكم عن ذلك.

فصل في: [بيان الأصول الثلاثة]
قال المؤلف - رحمه الله -:
"فإن قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتُها؟
فقل: معرفة العبد ربَّه، ودينَه، ونبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم -".


الشرح


شرع المؤلف في تفصيل وبيان ما أجمله من قبل، وهي الأصول الثلاثة، فقدَّم لها هذه المقدمة؛ ليفصِّل بعد ذلك.
والكلام على هذه المقدِّمة من عدة وجوه:
ما معنى الأصول؟
الأصول: جمع أصل، وهو ما يُبنى عليه غيرُه، ومن ذلك أصل الجدار، وهو أساسه؛ أي: قاعدته التي في الأرض التي بُني عليها الجدار، وكذلك أصل الشجرة الذي يتفرع منه الأغصان؛ قال - تعالى -: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24]، وهذه الأصول الثلاثة التي أرادها المؤلف هي قواعدُ وأسسٌ عليها يدور الدِّين.

ابتدأ المؤلف - رحمه الله - هذا الفصلَ بطريقة الاستفهام، وهذا من حُسن التعليم الذي وُفِّقَ له المؤلف، ولأن ما سيعرضه أمرٌ في غاية الأهمية؛ أراد المؤلف أن ينتبه الإنسانُ لما سيُلقى له، ولقد وُفِّقَ المؤلف في حسن تعليمه من وجهين:
الأول: أنه في أوَّل هذه الرسالة أجمل ما سيعرضه، ثم بدأ بالتفصيل؛ ليكون السامع والقارئ عارفًا لمحتوى هذه الرسالة أولاً، ثم يتعرف على تفاصيل ما تحتويه؛ كما قال - تعالى -: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الأنعام: 143]، هذا مجمل، ثم جاء التفصيل: {مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 143]، {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 144]، وكذلك السُّنة: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم)) ثم فصَّل.

الثاني: طريقة السؤال والجواب التي سلكها الشيخ - رحمه الله - والتي فيها لفتٌ لانتباهِ المتعلِّم، وشحذٌ لهمته ولما سيُلقي عليه، وهي طريقة نبويَّة؛ فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل أصحابَه؛ حتى تتهيأ أذهانُهم للجواب، ثم يجيبهم، وهذا كثير في السُّنة، كقوله: ((أتدرون من المفلس؟))، وقوله لمعاذ: ((أتدري ما حقُّ الله على العباد، وحق العباد على الله؟))، وقوله: ((يا أبا المنذر، أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظمُ؟))، وغيرها من النماذج، وهذا من حسن تعليمه - صلى الله عليه وسلم - واقتفى أثرَه مؤلفُ الرسالة.

الأصول الثلاثة التي ذكرها الشيخ هي الأصول التي سيُسأل عنها المرءُ في قبره، وهي التي عليها مدار الدِّين - كما تقدم - فمن عرَفها في الدنيا حقَّ المعرفة، كان ثابتًا عند السؤال في قبره، وكان ناجيًا من أهوال ما بعده.

ويدل على ذلك: حديث أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن العبد إذا وُضع في قبره، وتولَّى عنه أصحابُه - وإنه لَيسمعُ قرع نعالهم - أتاه ملكان فيقعدانه، فيقولان له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؛ محمد - صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله))[3].

وعن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27]، قال: ((نزلتْ في عذاب القبر، فيقال له: من ربُّك؟ فيقول: ربي الله، ونبيِّي محمد - صلى الله عليه وسلم - فذلك قوله - عز وجل -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}[4].

وعن أبي داود من حديث البراء أيضًا: ((ويأتيه ملكانِ فيُجلسانه، فيقولان له: من ربُّك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم)).


[الأصل الأول: معرفة العبد ربه]

قال المؤلف - رحمه الله -:
"فإذا قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتُها؟
فقل: معرفة العبد ربَّه، ودينَه، ونبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم.
فإذا قيل لك: من ربُّك؟
فقل: ربي الله، الذي رباني وربى جميعَ العالمين بنِعَمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه؛ والدليل قوله - تعالى -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، وكلُّ من سوى الله عالمٌ، وأنا واحد من ذلك العالم.
فإذا قيل لك: بِمَ عرفتَ ربَّك؟
فقل: بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السموات السبع، والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهما؛ والدليل قوله - تعالى -: {وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37]، وقوله - تعالى -: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54].
والرب هو المعبود؛ والدليل قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21، 22]، قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة".


الشرح


شرع المؤلف بالتفصيل في هذه الأصول، فبدأ بالأصل الأول، وهو معرفة العبد ربَّه، فسَاقَ هذا الأصلَ مع أدلته.

 

والكلامُ على ما أورده المؤلف في هذا الأصل من عدة وجوه:
Ÿ استهلَّ المؤلف هذا الأصلَ كعادته بطريقته البديعة، وهي الاستفهام: "فإذا قيل لك: من ربُّك؟"، وتقدَّم ما لهذه الطريقة من لفتٍ للانتباه، وتحريكٍ للذهن، والسؤال هنا عن الرب، وأصل الرب في اللغة بمعنى المربي، ويتفرع من هذه الكلمة عدة معانٍ، كـ: (المالك، والمدبِّر، والمتصرف، والمتعهد، والمصلح، والسيد)، كل هذه تدخُل في معنى الرب؛ ولذا قال المؤلف في الجواب: "فقل: ربي الله، الذي رباني وربَّى جميع العالمين"، فربوبيتُه - سبحانه وتعالى - لجميع الخلق، وهي: قيامه - سبحانه - بجميع شؤونهم، وتدبيره لأمرِ خلْقه، لا غنى لأحدٍ عن فضله؛ بل الخلق كلهم فقراءُ إليه، وهو الغني الحميد، لا يستطيعون الانفكاك عنه، ولا الخلاصَ منه، وربوبيتُه - سبحانه - لا تختص بخلقٍ دون خلق؛ بل هي لجميع العالمين، ربَّاهم - جل وعلا - بنِعَمه، فأغدق عليهم نعمه الكثيرة؛ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18].


ونِعَمُ الله على نوعين:
1- نعم محسوسة: وهي النِّعم التي تُحسُّ بلمس أو مشاهدة ونحوهما، مثل: نعمة الرزق من أكلٍ وشراب، وغير ذلك مما يُدرك بالحواس.
2- نعم معنوية: وهي النعم التي لا تدرك بالحواس، فليس لها شاخص يُرى، أو صوت يسمع، ونحو ذلك، مثل: نعمة الإيمان، ونعمة الفهم، وحسن النية، ونحو ذلك.

قوله: "وهو معبودي، ليس لي معبود سواه":
بعد أن أثبت المؤلف الربوبيةَ العامة لكل مخلوق في هذا العالم، أتبَعَ هذا الأمرَ بحقِّ هذه الربوبية، وهو عبادته - سبحانه - على الوجْه الأكمل، فقال: "وهو معبودي"؛ أي: الذي أتقرَّبُ إليه بالعبادة، وبيَّن أن هذه العبادة لا بد أن تكون خاليةً من الشرك، فقال: "ليس لي معبود سواه"، مع أن لفظ "معبودي" يكفي في إفراد الله - سبحانه وتعالى - بالعبادة؛ لأنها لفظة معرَّفة بالإضافة، وهي مما يفيد الحصر في لغة العرب، إلا أنه أكَّد ذلك بالعبارة الأخرى، فهو المستحق للعبادة - سبحانه وتعالى.

Ÿاستدل المؤلف على هذين النوعين من التوحيد - الربوبيةِ والألوهية - بقوله - تعالى -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]. 

وفي هذه الآية شاهدان:
الشاهد الأول: قوله: {لِلَّهِ}، ففيه الإثبات بأنه المعبود وحده لا شريك له، ففي هذا إثبات الألوهية، واللام في {لِلَّهِ} لام الاستحقاق، فهو المستحق لذلك - سبحانه - واللام في {الْحَمْدُ} للاستغراق؛ أي: تستغرق جميع الحمد، وأفضلُ تعريف للحمد ما ذَكَره شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" أن الحمد: هو الإخبار عن صفات المحمود على وجْه المحبة والتعظيم.

فلا بد من أمرين:
1- الإخبار عن صفات المحمود؛ أي: الأخبار التي يُثنى بها عليه.
2- أن يكون على وجه المحبة والتعظيم.

وهذا هو الفارق بين الحمد والمدح؛ لأنه إذا كان إخبارًا عن صفات المحمود من دون محبة وتعظيم، صار مدحًا؛ لأن الإنسان قد يمدح شخصًا وهو لا يحبُّه. 
والشاهد الثاني: قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ففيه إثبات ربوبيته - سبحانه - والربوبيةُ هنا مضافة إلى العالمين، فهي عامة شاملة لكل أحد، سواء كان من العوالم المكلَّفة، وهم: بنو آدم، والجن، والملائكة، هؤلاء كلِّفوا من رب العالمين، فأُمروا بأشياء، ونُهُوا عن أشياء، أو كان من العوالم غير المكلَّفة، الذين عبادتهم تسبيح فطري، لا تكليفي بأمر ونهي؛ قال - تعالى -: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44].

"فإن قيل لك: بِمَ عرفتَ ربَّك؟":
وهذا السؤال يراد به الدليل على ما تقدم؛ أي: بأي شيء عرفتَ الله - تعالى؟ فما هي البراهين التي جعلتْك تؤمن بالله الإيمان الذي تقدم بأنه هو الذي رباك وربى جميع العالمين بنعمه، وهو المعبود - سبحانه - ليس هناك معبود بحق سواه؟

فما الدليل على تفرده - سبحانه - بالربوبية والألوهية؟
ذكر المؤلف برهانًا لذلك الآيات والمخلوقات التي نصبها الله - تعالى - دلالةً على وحدانيته وتفرُّده بالربوبية والألوهية، وذكر أمثلة لكل واحدة منهما، واستدل لها:

أولاً: آياته:
والآيات جمع آية، والآية معناها في اللغة: العلامة، فإذا قيل: آية محمد - صلى الله عليه وسلم - نزول القرآن عليه، معناه: أن علامة النبي - صلى الله عليه وسلم - نزول القرآن.

 

وهنا المؤلف بيَّن أن العباد يعرفون الله - تعالى - بآياته، وهي دلالاته وبراهينه، وهي كثيرة جدًّا، قال الشاعر:

فَوَا عَجَبًا كَيْفَ يُعْصَى الإِلَ        هُ أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ  الجَاحِدُ
وَلِلَّهِ   فِي   كُلِّ    تَحْرِيكَةٍ        وَتَسْكِينَةٍ     أَبَدًا     شَاهِدُ
وَفِي  كُلِّ   شَيْءٍ   لَهُ   آيَةٌ        تَدُلُّ    عَلَى    أَنَّهُ    وَاحِدُ
وآيات الله على نوعين:
1- آيات كونية:

وهي المخلوقات: كالسماء والأرض، والشمس والقمر والنجوم، والنبات والإنسان والحيوان، ونحوها.

 

2- آيات شرعية:

وهي الوحي الذي جاءتْ به الرسل، فهي آيات مقروءة، أنزلها الله - تعالى - على رسله؛ قال - تعالى -: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الحديد: 9]، فالقرآن - وكذلك ما جاء في الإنجيل والتوراة والكتب السماوية من دلائل صحيحة قبل أن تُحرَّف - كل هذا داخل في الآيات الشرعية الدينية.

فهذه الآيات بما فيها من أشياء لا تناقض فيها، وبما جاءت به من مصالح العباد، وبيان طريق سعادتهم في دينهم ودنياهم برهانٌ ودليل على الله تعالى.

والمؤلف - رحمه الله - ذكر من آيات الله - سبحانه - التي تدل عليه: الليل والنهار، والشمس والقمر، فهو ذكر آيات شرعية، وكلا النوعين دالاَّن على الله تعالى - كما تقدم - واستدل بقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37].

ووجه دلالة الليل والنهار:
1- بتعاقبهما، فهذا يذهب، ويأتي هذا بعده، وهكذا، بانتظام كامل، وتناسق بديع؛ كما قال - تعالى -: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].

2- اختلافهما في الطول والقصر، وأخْذ أحدهما من الآخر في وقت دون وقت، كالصيف والشتاء، بشكل مرتب لا عشوائية فيه.

 

ووجه دلالة الشمس والقمر عليه - سبحانه وتعالى -:

1- جريانهما باستمرار منذ أن خلق الله الشمس والقمر، إلى أن يأذن الله - تعالى - بنهاية الكون، فالشمسُ والقمر في سيرٍ دائم لا انقطاع فيه، وفي انتظام بديع يدلُّ على حسن خلق الله - جل وعلا - فالشمس تسير في فلكها في مدة سنة، وهي كل يوم تطلع وتغرب، والقمر يبدو كالخيط، ثم يتزايد نورُه ويتكامل، ثم يتناقص حتى يرجع كالخيط، في تغيُّر مرتب ومنظم.
2- ما فيهما من المنافع؛ فالشمس في نورها وإشراقها، والقمر في ضيائه؛ قال - تعالى -: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5].
ولما كان الشمس والقمر أكبرَ الأجرام، ومن أعظم المخلوقات؛ نبَّه الله - تعالى - إلى أنهما عبدانِ مخلوقان من عبيده، تحت قهره وتسخيره؛ فقال - تعالى -: {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37]. 

ثانيًا: مخلوقاته:
والمخلوقات تدخل تحت الآيات؛ فإن مخلوقاته - سبحانه وتعالى - من آياته - جل وعلا - فيكون كلام المؤلف هنا من باب عطف الخاص على العام على سبيل الاهتمام بالخاص، وذكر للمخلوقات أمثلة، فقال: "ومن مخلوقاته: السموات السبع، والأرَضون السبع، ومن فيهن، وما بينهما".

وتقدَّم أن المخلوقات داخلةٌ في الآيات، ولكن لمزيد اهتمام بها ذَكَرها المؤلف؛ ولأن الإنسان يصبح وهو يرى الأرض والسماء على الدوام، فعينُه أَلِفَتْ ذلك، فأراد المؤلف أن يلفت الانتباه إليهما، وأنهما من الدلائل على الله - تعالى - لأن الإنسان قد يغفل عن كون السماء والأرض كذلك؛ لأن عينه ألفتْ ذلك فلا تتأملها، والله - عز وجل - يقول فيها: {إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الجاثية: 3]، ويقول: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر: 57]، واستدل المؤلف بقوله - تعالى -: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54].


ووجه دلالة السموات والأرض على الله - تعالى -: أما السموات السبع، فسعتُها وارتفاعها، ولطافتها واتساعها، وكواكبها التي فيها، وارتفاعها بغير عَمَدٍ من تحتها، ولا علائق من فوقها، وكِبَر خلقها، وغير ذلك عند التأمل.

 

وأما الأرَضون السبع، فكثافتُها وانخفاضها، وجبالها وبحارها، وقفارها وعراؤها، وما فيها من المنافع وسعة أرجائها.

(ومن فيهن) من أصناف المخلوقات من الحيوانات والنباتات، وسائر الموجودات، وما بين السموات والأرض من الأهوية والسحاب، وغير ذلك مما هو دالٌّ على الله - تعالى.

الرب هو المعبود:
أي: هو المستحق للعبادة، أو هو الذي يُعبد لاستحقاقه للعبادة، وليس كل من عُبد فهو رب.
واستدل المؤلف بقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21، 22]، وفي هذا الاستدلال عدة فوائد، ومنها لفتتان:
اللفتة الأولى: أن هذه الآية هي أول أمرٍ في كتاب الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا}، فأول أمر في كتاب الله - تعالى - هو الأمر بإفراد الله بالعبادة، وأنها سببٌ لحصول الثمرة العظيمة، وهي التقوى.
اللفتة الثانية: أن الله - عز وجل - ذكر في الآية أوصافًا؛ ليبيِّن أن المستحق للعبادة هو الموصوف بهذه الصفات في الآيتين السابقتين، فهو الخالق المدبر الرازق، فكيف تجعلون لله أندادًا وشركاءَ وأنتم تعلمون ذلك؟! فهي أوصاف لا تصلح إلا لإلهٍ يستحق العبادةَ؛ ولذا أنكر الله - تعالى - على من لم يتَّصف بذلك كيف يُعبد؟ فقال - تعالى -: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: 3].

ثم ذكر المؤلف قول ابن كثير؛ تأييدًا للمعنى السابق، وتفسيرًا لما استدل به المؤلف، حيث قال: "الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة"، وليس هذا هو كلام ابن كثير نصًّا؛ وإنما لخَّصه المؤلِّف بهذه العبارة التي تؤدِّي نفس المعنى الذي قاله ابن كثير - رحمه الله.

وابن كثير هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي، المتوفى سنة 774 من هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو من تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، وممن استفاد من ابن القيم، وهو من أخص أصدقائه، له تفسير عظيم مشهور، عمدة التفسير اسمه: "تفسير القرآن العظيم".

الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح

ـــــــــــــــــ
[1] انظر: كتاب "العبودية"، ص 38.
[2] متفق عليه.
[3] رواه البخاري.
[4] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تيسير الوصول إلى شرح ثلاثة الأصول (1)
  • تيسير الوصول إلى شرح ثلاثة الأصول (3)
  • شرح الأصول الثلاثة

مختارات من الشبكة

  • تيسير الوصول إلى شرح ثلاثة الأصول(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • مخطوطة تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول (ج2) (النسخة 6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول (النسخة 5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول (النسخة 4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول (ج 1)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مختصر البلغة في أصول الفقه: مختصر من كتاب (بلغة الوصول إلى علم الأصول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تيسير الوصول في تفسير آمن الرسول: الآية (285 - 286) من سورة البقرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- بارک الله فیکم
خبییب - ایران 20-12-2009 11:46 PM
السلام عليکم ورحمة الله وبرکاته
جزاكم الله خيرا موقعکم رائع جدا أعانکم الله أکثر من هذا علی نصرتکم لکلمة التوحيد
1- بارك الله فيكم
عبدالعزيز الزايد 22-11-2009 03:54 PM
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه .
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب