• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

كتاب الزكاة (4/8)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/8/2009 ميلادي - 27/8/1430 هجري

الزيارات: 70758

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضمن شرح الفقه الواضح في المذهب والقول الراجح على متن زاد المستقنع
كتاب الزكاة (4/8)

باب زكاة النقدَيْن

فيه سبع مسائل:
النقدان: مُثنَّى نَقْد، ونقد الشيء تمييزه وإظهار زيفه، وكشْف حاله؛ ولذا سُمِّي الذهب والفِضة بالنقدين، أو لأنَّ النقد هو الإعطاء، ومنقود؛ أي: مُعطى.
فالمراد بالنقدين الذَّهب والفِضة، ويدخل فيهما ما كان عوضًا عنها كالأوراق النقدية اليوم.

المسألة الأولى:
دلَّ على وجوب زكاة الذَّهب والفِضة الكتابُ والسُّنة والإجماع:
فمِن الكتاب قوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].

ومن السُّنة حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما مِن صاحب ذهب ولا فِضة لا يؤدِّي منها حقَّها إلاَّ إذا كان يوم القيامة صُفِحت له صفائحُ من نار، فأُحْمِي عليها في نار جهنَّم، فيُكوى بها جنبُه وجبينُه وظهرُه، كلَّما بردت أُعيدتْ له في يومٍ كان مقدارُه خمسين ألف سَنَة، حتى يُقضَى بين العباد، فيرى سبيلَه إمَّا إلى الجنَّة، وإمَّا إلى النار))، وفي رواية: ((ما مِن صاحب كَنْز لا يؤدِّي زكاتَه إلاَّ أُحمي عليه في نار جهنم...))؛ رواه مسلم.

ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك في كتابه "الإجماع" (ص: 48).

المسألة الثانية:
نصاب الذهب والفضة:
أولاً: نصاب الذهب: لم يصحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حديثٌ في تحديد نصاب الذهب، ولكنِ انعقد إجماعُ العلماء على أنَّ نصاب الذهب عشرون مثقالاً، ولا زكاة فيما دون ذلك، ونقل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحد من السلف؛ [انظر الإجماع لابن المنذر (ص: 48)، وانظر التمهيد لابن عبدالبر (20/145)، وانظر شرح مسلم للنووي (7/53،49،48)، وانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (25/12)].

إذًا؛ دليل نصاب الذَّهب إجماع العلماء على أنَّ مَنْ عنده (20 مثقالاً)، ففيه زكاة، وخالف في ذلك الحسن البصري من السَّلف، فقال: أربعين - كما نقل ذلك ابن المنذر.

كم تساوي العشرون مثقالاً؟ العلماء يُحدِّدون ويقدرون المثقال بحَبِّ الشعير، فيقولون بأن المثقال:72 حبَّة شعير معتدلة، لم تقشَّر، وقُطع من طرفيها ما دقَّ وطال.
واختلف في (72 حبة شعير) كما تساوي بالجرام؟ أي: إن المثقال الواحد كم يساوي جرامًا؟
فقيل: (3،5) جرامات، وعليه فنصاب الذهب 3،5×20=70جرامًا
وقيل: (3،60) جرامًا، وعليه فنصاب الذهب 3،60×20=72جرامًا
وقيل: (4،25) جرامًا، وعليه فنصاب الذهب 4،25×20=85 جرامًا

وهذا القول الأخير هو اختيار الشيخ ابن عثيمين، وعليه فإنَّ 20 مثقالاً = 85 جرامًا من الذهب الخالص.

قال شيخُنا ابن عثيمين في "الممتع" (6/97): "وقد حررتُ نصاب الذهب فبلغ خمسة وثمانين جرامًا من الذهب الخالص"؛ [وانظر "كتاب الزكاة" (ص: 91) للدكتور عبدالله الطيار، و"فقه الزكاة" (1/260) للدكتور القرضاوي، فقد قدراه بـ (85) جرامًا].

إذًا مَن كان عنده (85) جرامًا من الذَّهب الخالص، فقد بلغ النِّصاب فعليه الزكاة، ومَن كان دون ذلك، فلا زكاة عليه، وهذا في الذهب الخالص الذي يُسمِّيه الناس اليوم (عيار 24)، وفي أيدي الناس من الذهب غير الخالص الذي يكون مخلوطًا بموادَّ إضافية كعيار (21)، وعيار (18)، وسيأتي أنَّ النِّصاب به يختلف.

ثانيًا: نصاب الفضة:
نصاب الفضة: مئتا درهم، ويدل على ذلك:
1- حديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر، وفيه: "وفي الرِّقَة إذا بلغتْ مائتي درهم ربع العشر"؛ رواه البخاري، والرِّقَة: هي الفضة.
وهذا النِّصاب مقدَّر بالعدد (200) درهم، وهي تساوي بالوزن (خمس أواق).
لحديث أبي سعيد- رضي الله عنه - مرفوعًا: ((ليس فيما دون خمس أواقٍ من الوَرِق صدقة))؛ متفق عليه، والورق هو الفِضَّة.
2- انعقد الإجماعُ على أنَّ نصاب الفضَّة (200) درهم.
والمئتا درهم تساوي مائةَ وأربعين مثقالاً، وبه قال جمهورُ العلماء؛ لأنَّهم يَعتبرون بالوزن مستدلِّين بحديث أبي سعيد، وفيه: ((خمس أواق))، والأواق من آلات الوزن، وشيخ الإسلام يرى أنَّ العبرةَ بالعدد مستدلاًّ بحديث أنس - رضي الله عنه - وفيه ((مائتي درهم))، وهذا عدد.

وكم تساوي المائة والأربعون مثقالاً؟
بناءً على أنَّ المثقال الواحد يساوي (4،25) جرامًا، فنصاب الفِضَّة 4،25×140= 595 جرامًا.

وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين؛ [انظر "الممتع" (6/9) و"مجموع فتاواه" (18/93)، و"مجالس رمضان" (ص: 77)، وهو اختيار الدكتور القرضاوي في "فقه الزكاة" (1/260)].

إذًا مَن كان عنده (595) جرامًا من الفِضَّة، فقد بلغ النصاب، وعليه الزكاة، ومن كان دون ذلك فلا زكاةَ عليه.

ثالثًا: الأوراق النقدية:
الأوراق النقدية اليومَ من الرِّيالات والجنيهات وغيرهما من العملات التي تقوم مقامَ الذَّهب والفضة لا شكَّ أنَّ فيها زكاة؛ لأنَّ البدل له حُكم المبدل، ولكن الخلاف: هل تُقدَّر الأوراق النقدية بنصابِ الذَّهب أو بنصاب الفضَّة؟
فقيل: تقدر بنصاب الذهب.
والتعليل: لأن الذهب قيمة ثابتةٌ غالبًا، وعليه فمَن عنده مال يريد أن يعرف هل بلغ نصابًا أم لا؟ يسأل مَن يبيع الذهب كم يساوي غرام الذهب، فينظر هل ما عنده من الأوراق النقدية يبلغ قيمة (85) غرامًا من الذهب أم لا؟ فإن كان يبلغ فعليه زكاة، وإلاَّ فلا زكاةَ عليه.

وقيل: تُقدَّر بنصاب الفضَّة.
والتعليل: لأن نصاب الفضة مجمعٌ عليه وثابتٌ في السُّنة الصحيحة.

وعليه مَن كان عنده مال يريد أن يعرف هل بلغ نصابًا أم لا؛ ينظر كم يساوي غرام الفضة اليوم.

والأظهر والله أعلم: أنه يُنظر أيُّهما أحظُّ للفقراء، فيقدَّر النصاب به لأنَّه هو الأنفع للفقراء.

مثال ذلك: رجل عنده (600) ريال وسأل عن غرام الذهب فقيل له: إنَّ الغرام الواحد يساوي (20ريال)، وسأل عن غرام الفِضة، فقيل له: إنَّ الغرام الواحد يساوي ريالاً واحدًا، فبتقدير الذهب يُساوي ما معه (30) غرامًا من الذهب، وبتقدير الفِضة يساوي (600) غرام فضة، فهو بتقدير الفِضة يُخرج زكاة، وبتقدير الذَّهب لا يُخرج.

والأحظُّ للفقراء اليوم الفضة، ولا سيِّما عندنا في المملكة - فغرام الذهب اليوم بستين ريال تقريبًا، ولو اعتبرنا نصابَ الذهب لكان فيه إضرارٌ بالفقراء، وعليه نقول 85×60=5100 ريال، فمن كان عنده دون (5100) فلا زكاة عليه، ولا شكَّ أنَّ في هذا إضرارًا بالفقراء.

ولو اعتبرناها بالفضَّة لكان أحظَّ لهم، ولوجبت الزكاة على أكبرِ عدد من المسلمين، ولو قُدِّر أنه في بلد من البلدان الأحظ للفقراء هو التقدير بالذهب لقُدِّر به.

فائدة:
لا تجب الزَّكاة في الذَّهب والفضَّة عمومًا حتى يبلغ النصاب، فلو كان الذهب أو الفضة مخلوطين بغيرهما كنُحاس أو جواهرَ ولآلئ، فإنَّها لا تحتسب في تكميل النِّصاب، سواء كان مغشوشين أو خُلطَا عمدًا، فلا بدَّ أن يكون خالصَين من الشوائب في بلوغ النصاب، وعليه فإنَّ الذهب الموجود في أيدي الناس اليوم يختلف باختلاف عياره، فالذهب الخالص هو ما كان عياره (24)، وما كان دون ذلك في عياره فهو مخلوط، وكلَّما قلَّ عياره فهو يعني كثرةَ المواد المضافة، وهذه الموادُّ المضافة لا يصحُّ اعتبارها من جملة نصاب الذهب، ولا بدَّ من مراعاة ذلك عند الفتوى، فإذًا سيختلف النصاب باختلاف عياره تبعًا للعمليات الحسابية التالية:
1- ما كان عياره (24) 85 x 24 ÷ 24 = 85 غرامًا، وهذا هو نِصاب الذهب الخالص الذي عليه تجري المسائل.
2- ما كان عياره (21) 85 x 24 ÷ 21 = 97.14 غرامًا، فهذا هو النِّصاب المعتبر في الذهب إذا كان عيارُه (21).
3- ما كان عياره (18) 85 x 24 ÷ 18 = 113.33 غرامًا.
4- ما كان عياره (16) 85 x 24 ÷ 16 = 127.5 غرامًا.

وهكذا في حساب كلِّ ذهب إذا اختلف عيارُه على الطريقة السابقة؛ انظر "فقه زكاة الحلي" للصبيحي (ص: 24 - 25).

قال النووي في "المجموع" (5/467): "إذا كان له ذهبٌ أو فضة مغشوشة، فلا زكاةَ فيها حتى يبلغ خالصُها نصابًا".

المسألة الثالثة:
القدر الواجب في زكاة الذهب والفضة:
مَن كان عنده من الذَّهب ما يبلغ (85 غرامًا) فأكثر، ومن الفضة (595 غرامًا) فأكثر، فإنَّه يخرج القدرَ الواجب في الزكاة، وهو رُبع العُشْر وهذا بإجماع العلماء؛ [انظر شرح النووي لصحيح مسلم (7/54)، وانظر السلسبيل للبليهي (1/293)].

ولحديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر وفيه: "وفي الرِّقَة ربع العُشر"؛ رواه البخاري.

وربع العشر هو ما يساوي (2.5) بالمائة يقسم ما عنده على مائة، ثم يضربه في (2.5)، وأسهل منه طريقة، أن يقسم ما عنده من المال الزكويِّ على أربعين، وما خرج فهو القدرُ الواجب إخراجُه في الزكاة.

وكذلك الأوراقُ النقدية فالواجبُ فيها رُبُع العُشْر، فيقسم ما عنده من مال على أربعين، وذلك بعدَما ينظر هل بلغ ما عنده من المال النصابَ أم لا؟ على ما سبق بيانُه.

فإذا قلنا: إنَّ الأحظَّ للفقراء أن يقدَّر المال بنِصاب الفضَّة - كما هو معروف عندنا في المملكة، وربَّما في غالب البلدان - يكون حسابُ زكاة الأموال النقديَّة على خطوتين:
الخطوة الأولى: أن يستخرجَ نِصابَ المال:
يسأل عن جِرام الفضَّة يسأل الصيارفةَ أو أصحابَ محلاَّتِ الذهب، فيقول: كم يُساوي جرام الفضَّة هذا اليوم؟ ثم يضرب العددَ الذي يقوله الصيارفةُ في نصاب الفضَّة (595)، والناتج من ذلك هو نِصاب المال الذي تَجبُ فيه الزكاة.
مثال ذلك: لو قيل له: إنَّ الغرام من الفضَّة يساوي نصفَ ريال، يكون الحساب كالآتي:
نصف ريال ×595=297،5ريالاً، فهذا هو النِّصاب، فمَن عنده هذا المال، فعليه زكاةٌ، ومن كان دون ذلك، فلا زكاةَ عليه.
مثال آخر: لو قيل له: إنَّ الغرام من الفضة يساوي ريالين، يكون الحساب كالآتي:
2×595=1190، فمَن كان عنده هذا المال، فعليه الزكاةُ، وإلاَّ فلا زكاةَ عليه.

الخطوة الثانية: أن يُخرِج رُبُع العُشْر:
وذلك بعدَما يتحقَّق أنَّ ما معه من المال بَلَغ النِّصاب، عندها يُخرِج المقدارَ الواجب في الزكاة، وهو رُبُع العُشْر ما يساوي (2.5) بالمائة، وتقدَّم أنَّ أسهل طريقةٍ أن يَقسِم ما معه من المال على أربعين.
مثال ذلك: رجلٌ عندَه عشرة آلاف يُريد أن يخرج زكاتَها، فلو فرضْنا أنَّ عشرة آلاف تبلغ النِّصاب، يكون الحساب كالآتي:
10000÷40= (250ريال) هذه قيمة زكاته.

المسألة الرابعة:
هل يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب؟
المذهب: أنَّه يُضمُّ نصابُ الذهب إلى الفضة، ونصابُ الفضة إلى الذهب في تكميل النِّصاب.
والتعليل: لأنَّ مقصود الذهب والفضة واحدٌ، فكلُّ واحد منهما يُقصد به الشراءُ، فهما قيمة للأشياء، فيُكمِّل أحدُهما نِصابَ الآخَر.
مثال ذلك: لو أنَّ عندك نصفَ نصاب الذهب (عشرة مثاقيل)، وهي تساوي مائة دِرهم مثلاً، وعندك نصف نصاب الفضَّة (مائة درهم)، لوجبتْ عليك الزكاة على قول المذهب؛ لأنَّه يُضمُّ أحدُهما إلى الآخَر، وبِضمِّهما يكون عنده مائتا درهم.

والقول الثاني: أنه لا يُضم أحدُهما إلى الآخر، وهو القول الراجح، والله أعلم.

ويدلُّ على ذلك:
1- حديثُ أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((ليس فيما دون خمسة أواق صدقة)).
ووجه الدلالة: أنَّ مَنْ عنده دون الخمس أواق من الفضَّة، فليس عليه زكاةٌ، سواء كان عندَه من الذهب ما يكمل به أو لا؛ لأنَّ الحديث عامٌّ فيمَن عندَه ما يكمل به، ومَن ليس عنده.
وكذا يُقال في العكس لو نقص نِصابُ الذهب، فإنَّه لا يكمل به من الفضَّة.

2- أنَّه يجوز التفاضلُ عند مبادلتهما إذا كان يدًا بيد، ممَّا يدلُّ على أنَّهما جِنسان مختلفان؛ إذ لو كانا جنسًا واحدًا لَمَا جاز التفاضُل بينهما؛ أي: زيادة أحدهما على الآخر، عندَ المبادلة؛ لأنَّه يُعتبر رِبًا، ويدلُّ على جواز التفاضل حديثُ عُبادةَ بن الصامت - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((الذهبُ بالذهب، والفضَّة بالفضة.... فإذا اختلفتْ هذه الأجناسُ، فبِيعوا كيف شِئتم إذا كان يدًا بيد))؛ رواه مسلم (1587).

3- التعليل بأنَّ المقصود من الذهب والفضة واحد، تعليلٌ لا يجعل المالَين مالاً واحدًا، فهذا البُرُّ لا يُضم إلى الشَّعير، مع أنَّ مقصودهما واحد، وهو القوت، فكذلك يُقال في الذهب والفِضَّة، فلا يُضمُّ أحدُهما إلى الآخر.

مسألة:
تضمُّ قيمة عروض التجارة إلى الذهب أو إلى الفضة:

مثال ذلك: رجلٌ عنده نصف نصاب الفضَّة (مائة درهم)، وعنده عُروض تجارة - محلاَّت أقمشة أو مواد غذائية مثلاً - وأخرج قيمتَها فإذا هي تساوي (مائة درهم)، فهنا نضمُّ قيمةَ عروض التِّجارة إلى نِصاب الفضَّة، ونخرج زكاته.
مثال آخر: رجل عنده (50 غرامًا) من الذهب، وعنده محلٌّ تجاري فيه ما يساوي (35) غرامًا من الذهب، فهنا نضم قيمةَ عروض التجارة إلى نِصاب الذهب، ونُخرج زكاته.

وهذا قول المذهب، بل لا خِلافَ بين أهل العِلم في ذلك، قال ابن قدامة في "المغني" (4/210): "لا أعلم فيه خلافًا"؛ أي: لا خلافَ في ضمِّ قيمة عروض التجارة إلى نصاب الذهب أو الفضة.
والتعليل: لأنَّ قيمة عروض التجارة تُقدَّر بنصاب الذهب أو الفضة حسبَ الأحظِّ للفقراء، كما تقدَّم في حساب الأوراق النقدية، فلمَّا كانت قيمة عروض التجارة تُقدَّر بنصاب الذهب أو الفضة صارتْ مع أحدهما كالجنس الواحد.

المسألة الخامسة:
ما يُباح للرجل من التحلي بالذهب والفضة:
وفائدة ذِكْر هذه المسألة في كتاب الزكاة تَعلُّقُها بمسألة زكاة الحليِّ المستعمل، فإذا عَرَف الرجل، وكذلك المرأةُ ما يُباح لهما من التحلِّي، واقتنيا الذهبَ والفضَّة، فإنَّ هناك مسألةً تترتَّب على ذلك، وهي زكاةُ هذا الذهب والفضة.

القسم الأول: ما يُباح للرِّجال من الذهب والفضَّة:
أولاً: ما يُباح للرِّجال من الفضَّة.
المذهب: أنَّه يُباح للرجل من الفضَّة عدَّةُ أمور منها: ما ذكره صاحب الزاد، وهي:
أ‌- الخاتم: وهذا جائز بإجماع العُلماء كما نقله النووي في "المجموع" (4/444)، وشيخ الإسلام في "الفتاوى" (25/63)، ويدلُّ على ذلك حديثُ ابن عمر: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - اتَّخذ خاتمًا من وَرِق"؛ رواه البخاري (7/51)، ومسلم (54، 55)،
ب‌- وغيرهما، والوَرِق: بكسر الراء، وقد تُسكَّن، وهي الفضَّة؛ انظر: "النهاية" مادة: ورق.
فائدة: اشترط بعضُهم - ومنهم الكاساني من الحنفية - ألاَّ يزيدَ وزن الفضَّة في الخاتم عن مثقال، فإن زاد فهو مُحرَّم، مستدلاًّ بحديث بُريدةَ مرفوعًا: ((اتَّخِذْه من ورق، ولا تُتمَّه مثقالاً))؛ والحديث رواه أبو داود، والترمذي وضعفه، في سنده عبدالله بن مسلم، قال عنه أبو حاتم: يُكتب حديثُه، ولا يُحتجُّ به؛ انظر: "تهذيب السنن" للخطابي (6/115)، والصواب: أنَّه لا يُشترط ذلك.
ب- قبيعة السيف: القبيعة: هي المِقْبَض، والتحليةُ بالفضَّة تكون في طَرَف مقبض السيف.
ج- حلية المِنْطَقة: وهي ما يُشدُّ في الوسط مِن حزام ونحوه، ويُسمَّى (الحياصة)، فيجوز للرَّجل أن يُزيِّن المنطقة بالفضَّة.

هذا ما ذَكَره صاحبُ الزاد، ويُضاف إليها على قول المذهب من الآلات السَّيف والرمح وأطراف السهام والدروع والخوذة - وهي ما يجعله المحارِب على رأسه ليَقيَه - والران - وهي شيء يُلبس تحتَ الخفِّ كالخف - ونحوها.

واستدلوا:
بحديثِ ابن عمرَ المتقدِّم في اتخاذ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - خاتمًا مِن وَرِق.

تحلية بعض الصحابة سيوفَهم بالفضَّة، منهم عمر بن الخطَّاب- رضي الله عنه - كما جاء في مصنَّف عبدالرزاق (9665)، وابن أبي شيبة (5235)، والبيهقي (4/143): "أنَّ ابن عمر - رضي الله عنه - قال: "إنَّ سَيفَ عمر بن الخطاب كان محلًّى بالفضَّة".

وأيضًا ما رواه البخاري: أنَّ عروة بن الزبير قال: "كان سيفُ الزُّبير محلًّى بفضَّة"، قال هشام بن عروة: "وكان سيف عروةَ محلًّى بفضَّة".

ولِمَا في تحلية آلات الحرْب من إغاظة للأعداء؛ ولذلك جاز لبسُ الحرير والخيلاء في الحرْب، وكلُّ شيء فيه إغاظة الأعداء فإنَّه عملٌ صالح، وفيه ثواب قال – تعالى - {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120].

والقول الثاني: أنَّ الفضَّة مباحة للرَّجل مطلقً،ا لا تختصُّ بأشياء معيَّنة، سواء كانتِ الفضَّة قليلة أو كثيرة، من دون إسراف، ولا تشبُّه بالنِّساء، كالسوار والقِلادة، فإنَّه حينئذٍ حرام لعِلَّة التشبُّه.

وهذا القول روايةٌ عن الإمام أحمد، واختاره شيخُ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (21/87)، وابن حزم في "المحلىَّ" (10/86)، والصنعاني في "سبل السلام" (1/28)، والشوكاني في "السيل الجرار" (4/121،) وشيخنا ابن عثيمين في "الممتع" (6/107).

واستدلوا:
1- بما استدلَّ به أصحابُ القول الأول من اتِّخاذ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - خاتمًا من وَرِق، كما في حديث ابن عمر، وبتحلية بعضِ الصحابة سيوفَهم بالفضة كما سبق.
ووجه الدلالة: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أباح الفضَّة مفردةً كالخاتم، أو تابعةً لغيرها كحلية السيف، فيُباح ما في معنى هذه الأشياء.
2 - حديث أم سلمة: "أنَّها اتَّخذت جُلْجُلاً من فضَّة فيه شَعرٌ من شَعْر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ رواه البخاري.
والجُلْجُل: هو الإناء الصغير.
3- عدم وجودِ نصٍّ صحيح صريح في تحريم لِباس الفضَّة على الرِّجال، بل ورد نصٌّ يدلُّ على أنَّ الأصلَ فيه الحِلُّ والجواز، وهو حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبًا))؛ رواه أحمد، وأبو داود، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/273): "إسناده صحيح".

وهذا القول هو الراجح - والله أعلم - وأنَّه يجوز للرجل الفضَّة مطلقًا، إلاَّ أن يكون في ذلك إسرافٌ أو تشبُّه بالنِّساء أو الكفرة، فالفضة للرِّجال الأصلُ فيها الجواز مطلقًا، فيجوز للرجل لبسُ الخاتم أو الساعة، أو النظَّارات، ونحوها من الفضَّة على القول الراجح.

وأمَّا المذهب: فاستدلوا بتحريم ذلك بأنَّه وَردَ تحريم الأكْل والشُّرْب في آنية الفضَّة والذهب، فحرم لبسهما.

ونوقش هذا الاستدلال: بأنَّ باب اللِّباس أوسع من باب الآنية، وقد ورد حديثُ حذيفة المتفق عليه في تحريم الأكْل والشرب في آنية الذهب والفضة، وهذا في باب الآنية، وأمَّا باب اللِّباس فأوسع، ووجه ذلك أن التحلِّي بالذهب والفَّضة للنِّساء جائزٌ باتِّفاق العلماء، وكذا الفضَّة للرِّجال، فهي مباحة لعدمِ الدَّليل على التحريم، والتخصيصُ ببعض الأشياء كالتي في قول المذهب تخصيصٌ يحتاج إلى دليل، ولا دليلَ على ذلك، وأمَّا الذهب للرِّجال، فسيأتي الحديث عنه.

فوائد في التختم بالفضة:
1- أن الأصل في التختم أنه جائز - كما سبق - وسُئل الإمام أحمد - كما في مسائل أبي داود - عن لبس الخاتم؟ فقال: "ليس به بأس، ولكن لا فضْل فيه"[1].
2- يُسن لبس الخاتم عند الحاجة إليه، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "أنَّ الملوكَ لا يقبلون إلا كتابًا مختومًا، فاتَّخذَ النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من فضة"[2].
3- الأفْضل أن يجعل فصُّ الخاتم مما يلي باطن الكف؛ ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتم فضة في يمينه، فيه فصٌّ حبشي، كان يجعل فصه مما يلي كفه"[3]. 
4- يَجُوز أن يجعل الخاتم في يمينه أو يساره، فكلاهما وارِدٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدل على اليمين حديث أنس - رضي الله عنه - السابق، وأما اليسار فقد جاء في حديث أنس - رضي الله عنه - أيضًا قال: كان خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه، وأشار إلى الخنصر من يده اليُسرى"[4].
قال الألباني في "الإرواء": "وجُملة القول: إنه صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - التختُّم باليمين واليسار، فيحمل أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل هذا تارة، وهذا تارة"[5].
5- أين يوضع الخاتم؟
الأفضل في الخنصر، ويكره في الوسطى والسبابة، ويباح في الإبهام والبنصر.
ويدل على أفضلية وضعه في الخنصر: حديث أنس المتقدِّم، ويدل على كراهة الوسطى والسبابة حديث علي: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتختم في أصبعي هذه أو هذه، قال: فأومأ إلى الوسطى والتي تليها"[6]، وما بقي فالأصل فيه الإباحة، وهما الإبهام والبنصر.
وذكر ابن رجب عن طائفة من العلماء: أن الكراهة للرجال دون النساء[7].
6- لا يجوز لبس الدِّبلة، وهي عبارة عن خاتم يلبسه الزوجان بعد الخطوبة أو عقد القَرَان.

فلا يَجُوز لأمْرَيْن:
أ- لأنَّ فيه تشبُّهًا بالنصارى.
ب - لما فيها من اعتقادات باطلة، كأن يعتقد أنها من أسباب التآلُف والمحبَّة بين الزَّوْجَيْن، وهذا نوع من الشِّرك؛ لأنه بهذا جعل هذا الشيء سببًا للتآلُف والمحبة، ولم يثبت أنه سبب، لا شرعًا ولا حسًّا، ومن تَعَلَّق شيئًا وُكِلَ إليه، وربما صحب ذلك أحكام باطلة، كأن يعتقد أنه لو خلع الخاتم لفسخ النكاح بين الزوجين، فإن سلم المسلم من الأمر الثاني، فهو محرَّم للأمر الأول، وهو التشبُّه.

فائدة: الصحيح جواز التختُّم بالحديد للرجال؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((التمسْ ولو خاتمًا من حديد))[8]، ولعدم الدليل الصحيح في النهْي عن ذلك[9].

ثانيًا: ما يُباح للرِّجال منَ الذهَب:
المذهب: وهو ما ذكره صاحب "الزاد": أنه يباح للرجال من الذهب أمران:
الأول: قبيعة السيف.
ويدل على ذلك:
1-تحلية بعض الصحابة سيوفهم بذلك؛ منهم: سهل بن حُنَيْف، كما جاء في "مصنف ابن أبي شيبة": أن عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف، قال: "رأيت في قائم سيف سهل بن حُنَيْف مسمارًا من ذهب"[10].
2-لما في تحلية آلات الحرب من إغاظة للأعداء، وبيان ما للمسلمين من قدرة مالية فيغيظهم ذلك.

الثاني: ما دعت الضرورة لوضعه كأنف من ذهب، أوسن، أو رباط أسنان، ونحوها.
ويدل على ذلك: 
1-أن عرفجة بن أسعد قُطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفًا من فضة، فأنتن عليهم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتخذ أنفًا من ذهب[11].
2- ما ورد عن بعْض السلَف: أنهم شدوا أسنانهم بالذهب[12].
3- النصوص العامة التي تدل على رفْع الحَرَج، وأنَّ الضرورات تُبيح المحْظُورات.

هذا ما ذكره المذهب، وهو الصواب - والله أعلم - ويُضاف إلى ذلك، فيقال: إنَّ الذَّهَب للرجال على أقسام:
1- قبيعة السيف، وما فيه إغاظة للأعداء، فهذا جائز - كما تقدَّم.
2- ما دعتْ إليه الضرورة، وهذا جائز بلا خلاف.
3- وما سوى ذلك فهو محرَّم باتِّفاق العلماء، فلا يَجُوز للرجُل لبس الذَّهَب.

ويدل على ذلك:
أ-حديث ابن عباس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً عليه خاتم من ذهب، فنزعه من يده وطرحه، وقال: ((يعمد أحدكم إلى جمرة من نار، فيضعها في يده))[13].
ب- حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أُحِلَّ الذهب والحرير لإناث أمتي، وحُرِّمَ على ذكورها))[14].

واختلَفَ العلماء في اليسير من الذهب إذا كان تابعًا لغيره، (كأن يكون خاتم فضة فيه يسير من ذهب، أو ساعة أو نظارة فيها يسير من ذهب، أو ثوب فيه خيط من ذهب ونحوه مما كان يسيرًا لكنه تابعٌ لغيره، اختلفوا في ذلك:
القول الأول: أنه محرم، ولو كان يسيرًا تابعًا، وبه قال جمهور العلماء، خلافًا للأحناف.

واستدلوا:
1- بحديثي ابن عباس وأبي موسى السابقين.
ونوقِش هذا الاستدلال: بأن هذين دليلان على ما كان ذهبًا على وجه الانفراد لا تابعًا لغيره.
2- حديث أسماء بنت يزيد: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يصلح من الذهب شيء ولا بصيصة))[15]، وبصيصة: أي بَريقًا أو لَمَعانًا.

والقول الثاني: أنه يَجُوز الذهب اليسير التابع، كما يجوز الحرير اليسير التابع أقل من أربعة أصابع كما تقدم في أول كتاب الصلاة، فقالوا: يجوز الذهب اليسير التابع إذا كان أربعة أصابع فأقل، وهذا القول لأبي حنيفة، وهو رواية في المذهب، واختارَهُ شيخ الإسلام ابن تيميَّة.

واستدلوا:
1- بحديث معاوية - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الذهب إلا مقطعًا[16]، والمقطع: الشيء اليسير.
2- حديث المسْوَر بن مخرمة، وفيه: "فخرج - أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب"[17].

وهذا الحديثُ قويُّ الدلالة على أنَّ اليسيرَ التابع منَ الذهب مُباح، كالزر في الثوب، وهذا القول هو الأظهر، والله أعلم، وحديث المسور بن مخرمة مُخَصص للأدلة العامة في تحريم الذهب على الرجال.

القسم الثاني: ما يُباح للنِّساء من الذهب والفضة:
يجوز للمرأة أن تلبسَ الذهَب والفضة باتِّفاق العلماء؛ ولحديث أبي موسى - رضي الله عنه - المتقدِّم: ((أُحلَّ الذهَب والحرير لإناث أمتي، وحُرِّم على ذكورها))، فتلبس المرأة ما جرت العادة بلبسه؛ كالقلادة، والخاتم، والسوار، والخلخال، وغيرها مما تلبسه النساء، ولو كان الذهب كثيرًا ما لم يصلْ ذلك إلى حد الإسراف.

المسألة السادسة:
حكم زكاة الحلي المستعمَل:
وسواء استعملت المرأة الذهَب بنفسها، أو استعمل الذهب الذي لها غيرُها بأن أعارتْه لغيرها، فهذا كله يسمَّى استعمالاً، فهل تجب الزكاة في الحلي المستعمل؟

القول الأول: وجوب الزكاة في الحلي المستعمل إذا بلغ نصابًا:
وهذا ما أفتى به ابن مسعود، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، ورواية عن أحمد[18]، واختاره الثوري والأوزاعي وابن حزم في "المحلى"[19]، ومنَ المتأخِّرين الصَّنْعاني في "سُبُل السلام"[20]، والشيخ ابن باز وشيخنا ابن عثيمين في مجموع فتاواه[21]، واستدلوا بأدلة عامة وأدلة خاصة:

 أدلتهم العامة:
1- عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].
2- وعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم: ((ما من صاحب ذهبٍ ولا فضةٍ، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نارٍ، فأحمي عليها في نار جهنّم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إمَّا إلى الجنَّة، وإمَّا إلى النَّار))، قيل: يا رسول اللّه، فالإبل؟ قال: ((ولا صاحب إبلٍ لا يؤدِّي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها... الحديث)).

ووجه الدلالة: أن عموم الآية والحديث يوجب الزكاة في جميع أنواع الذهب والفضة إذا بلغت نصابًا، ومن ذلك زكاة الحلي، ومَن قال بخروج الحلي المباح من هذا العموم، فليأتِ بالدليل، وأن المراد بالكنْز في الآية هو ما لم تؤد زكاته، وهذا مرويٌّ عن ابن عمر وجابر وغيرهما.

ونوقِشَ هذا الاستدلال بما يلي:
أولاً: الآية لا تدل على وُجُوب زكاة الحلي المستعمل لأربعة وجوه:
1 - أنَّ هذه الآية لها منطوق ومفهوم، فمنطوقها يدل على تحريم اكتناز الذهب والفضة إذا لم تؤدَّ زكاتهما، ومفهومها يدل على أن الأشياء التي لا تعد كنزًا ليست مقصودة في هذه الآية، فلا يجب إنفاق شيء منها، وما أُعدَّ للُّبس والاستعمال؛ كالحلي، والخاتم، والأنف، وغيرها، لا تُعدُّ كنْزًا لا لغة ولا شرعًا؛ لأنها خرجتْ بالاستعمال عن كونِها كنْزًا.
2- أنَّ المراد بالمكْنوز من الذهب والفضة في الآية الدراهم والدنانير للأثر والنظر.
فأما الأثر: فإنَّ هذا التفسير هو المنْقول عن ابن مسعود - رضي الله عنه[22] - وأما النظر فلأن النقود هي التي تكنز وتنفق، وأما الحلي المستعمل فليس معدًّا للإنفاق، بل هو معدٌّ للزينة، والله - عز وجل - يقول {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].
3 - أن إدخال الحلي المستعمَل من الذهب في عموم الآية؛ لأنه كنز لم تؤدَّ زكاتُه؛ استدلالاً بقول ابن عمر وجابر - رضي الله عنهما - لا يصلح أن يكون حجة؛ لأنهما ممن يذهب إلى القول بعدم وجوبهما كما سيأتي، وهما أعلم الناس بدلالة قولهما، وهذا يدل على أنهما لا يقصدان دخول الحلي المستعمل في الكنز المراد بالآية، وإلاَّ لكان في رأيهما تناقُض، والأولى أن يقال: قولهما في تفسير الكنز في الآية عام، وفتياهما بعدم وجوب زكاة الحلي خاص، والخاص مقدَّم على العام.
4- لو قلنا بالاستدلال بعُمُوم الآية على وجوب زكاة الحلي، فإنَّ هذا العُمُوم مخصوص بعَمَل جَمْع من الصحابة، وفتاواهم بعدم وجوب زكاة الحلي المستعمل، وهم أقرب الناس للتنزيل والأعلم بالتأويل، ولو كان الاستدلال صريحًا، أو فيه ما يدل على وجوب زكاة الحلي المستعمل، لما خالفوه بأعمالهم وأقوالهم، مما يدل على أنَّ الآية لا تكون دليلاً على وُجُوب زكاة الحلي المستعمَل.

ثانيًا: استدلالهم بعموم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - غير متَّجه أيضًا لما يلي:
1- أنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها... ))، الحق المطلوب تأديته في الحديث حق مُجمَل، والمجمل لا يجوز العمل به قبل بيانه، كما هو مُقَرَّر في القواعد الأصولية، وحينما نبحث عن بيان لما يجب إخراجه من زكاة الحلي المستعمل، لا نجد في السُّنَّةِ ما يُبَيِّن ذلك، والوارد في السُّنَّةِ مقدار ما يتعلَّق بالأثمان من الذهب (وهي الدنانير)، والفضة (وهي الورق)، والرِّقَة والدراهم، وأما الحلي فهو خارج عن هذا البيان؛ بدليل التفريق في الاتِّخاذ، فالحلي اتخذ للزينة والتحلِّي، لا للثمينة كما في أصْل الذهَب والفضة، إذًا الحلي خرجت هذا الأصل، وهذا التفريق جاءت به الشريعة من وجه آخر؛ حيث أبيح للرِّجال والنساء امتلاك الذهب والفضة بنيَّة الثمنية، أما امتلاكهما بنية الزينة، فيباح للنساء دون الرجال؛ لأنها خرجت من أصل الثمنية إلى أصل الألبسة والتحلي.
2- أن هذا الحديث جاء فيه ذكر وجوب الحق في الإبل والبقر والغَنَم، والموجبون لزكاة الحلي لا يقولون بعموم الزكاة في الإبل، والبقر، والغنم، فهم يفرِّقون بين السائمة بأنها تجب فيها الزكاة، وبين المعلوفة بأنها لا تجب فيها الزكاة، فهم لا يقولون بوجوب الزكاة مطلقًا في الإبل والبقر والغنم، مع أن عموم الحديث يفيده؛ حيث لم يَرِد التفريق فيه، وكذلك يُقال في الذهَب والفضة، فلا يُقال بعموم الزكاة فيهما مطلقًا؛ استدلالاً بحديث أبي هريرة، فعمومه لا يصلح للاستدلال بوجوب الزكاة في كل ذهب وفضة، بما في ذلك الحلي، كما أن عموم الحديث لا يصلح للاستدلال بوجوب الزكاة في كل إبل وبقر وغنم.
3- أنه ورد في الحديث بيان لحق من حقوق الإبل؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ومن حقها حلبها يوم وردها))، وفي حديث جابر عند مسلم قال في حق الإبل والبقر والغنم: ((إطراق فحلها وإعارة دلوها، ومنيحتها وحلبها على الماء، وحَمْل عليها في سبيل الله))، وهذا يدل على أن مفهوم الحق المراد في الحديث أعم من الزكاة المفروضة، بدلالة ما ورد في الحديث من الأشياء التي لا علاقة لها بالزكاة، وكذا يُقال في الذهب والفضة، فالحق المراد فيهما أعم من الزكاة، وليس فقط الزكاة، والتفريق بين الحقَّيْن يحتاج إلى دليل.
4- لو قُلنا بالاستدلال بعُمُوم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - على وُجُوب زكاة الحلي، فإن هذا العموم دخله التخصيص الذي دخل عموم الآية كما تقدَّم.

أدلتهم الخاصَّة:
1- حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى في يدي فتخات من ورق، فقال: ((ما هذا يا عائشة؟))، فقلت: صنعتهن لأتزين بهن يا رسول الله، قال: ((أفتؤدين زكاتهن؟))، فقلت: لا، فقال: ((هن حسبك من النار))؛ رواه أبو داود، والحاكم وصَحَّحَه.
2- حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مَسكتان من ذهب، فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا؟))، قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما؛ رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وقال ابن حجر في البلوغ: إسناده قوي.
3- حديث أم سلمة - رضي الله عنها -: أنها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب، فقالت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: ((إذا أديت زكاته، فليس بكنز))، رواه أبو داود، والدارقطني، والحاكم[23].

وجه الدلالة: أن هذه الأحاديث نص في وجوب زكاة الحلي إذا كان معدًّا للاستعمال، والاستدلال بها ظاهر الدلالة، فوجب المصير لهذا الحكم.

ونوقشت هذه الأحاديث بمناقشتين:
الأولى: نوقِشَتْ في سندها: حيث تكلَّم في إسنادها بعض العلماء - وهم جبال في الحديث - وقالوا: هي أحاديث لا تقوم بها حجة، وممن ضعفها وذكر أنه لا يصح في هذا الباب شيء، الشافعي في "المجموع"[24]، والترمذي في "جامعه"[25]، وابن العربي في "أحكام القرآن"، وابن حزْم في "المحلى"[26]، وابن رجب في "أحكام الخواتم"[27]، وابن الجوزي في "تنقيح التحقيق"[28]، وأبو حفص عمر الموصلي في "جنه المرتاب"[29]، وغيرهم[30].

الثانية: نوقِشَتْ هذه الأحاديث في متنها على القول بصحة سندها بما يلي:
1- أنَّ ما ذُكر في الأحاديث السابقة من المسكتين، وهما: السوران، والفتخان، والأوضاح، لا يبلغ النصاب كما نص على هذا الصنعاني في "سبل السلام"[31]، وتقدَّم أن نصاب الذهب (85) غرامًا.
2- أن هذه الأحاديث مجملة، فلم يأتِ فيها مقدار الزكاة الواجب إخراجه.
3- ليس في الأحاديث اشتراط النِّصاب، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفسر عن بلوغ النصاب.
4- ليس في الأحاديث اشتراط مضي الحول، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ألزم بالزكاة ولم يستفسر عن مضي الحول.
5- في حديث أم سلمة - رضي الله عنها - إشكالٌ في قوله: ((أوضاحًا من ذهب)) من حيث اللغة، فالأوضاح إنما هي نوع من أنواع حلي الفضة، وسميت بذلك لبياضها كما ذكر ابن الأثير في "النهاية".

والقول الثاني وهو قول المذهب: عدم وجوب الزكاة في الحلي المستعمل، وهذا قول جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين، فهو ثابت عن سبعة من الصحابة: جابر بن عبدالله، وعبدالله بن عمر، وأنس، وعبدالله بن مسعود، وعائشة، وأختها أسماء، وأسماء بنت عميس[32]، قال الإمام أحمد في رواية الأثرم: "فيه عن خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم"، وليس لهذا الجمع من الصحابة مخالف إلا ما رُوي عن ابن مسعود في قول آخر له قال عنه الحافظ في "الدارية"[33]: إسناده ضعيف جدًّا، وكذا رويت آثار أخرى لا تخلو من مقال.

قال الحسن البصري: "لا نعلم أحدًا من الخلفاء قال في الحلي زكاة"، وقال يحيى بن سعيد: سألت عمرة عن زكاة الحلي فقالت: "ما رأيتُ أحدًا يزكيه"، والأثران رواهما ابن أبي شيبة في المصنف[34]، وهو قول جمهور العلماء من الأئمة، فهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وهو قول ابن خزيمة في "صحيحه"[35]، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى"[36]، وابن القيم في "إعلام الموقعين"[37]، واختار هذا القول من المتأخرين الشيخ محمد بن عبدالوهاب في مؤلفاته في الفقه[38]، والشوكاني في "السيل الجرار"[39]، والشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه[40]، والشيخ عبدالله بن حميد، والشيخ السعدي، والبسام، وصالح الفوزان، وابن جبرين، وغيرهم.

واستدلوا بـ:
1- حديث زينب امرأة ابن مسعود، قالت: كنت في المسجد فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((تصدقن ولو من حليكن))؛ رواه البخاري.
ووجه الدلالة: قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي"[41]: "هذا الحديث الذي ذكره أبو عيسى، والذي ذكره البخاري يوجب بظاهره أنه لا زكاة في الحلي؛ لقوله للنساء: ((تصدقن ولو من حليكن))، ولو كانت الصدقة واجبة لما ضرب المثل به في صدقة التطوُّع".
2 - حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس في الحلي زكاة))؛ رواه البيهقي، والديلمي.

ونوقِشَ هذا الاستدلال: بأنه معلول لأن في سنده (عافية بن أيوب)، قال عنه البيهقي: (مجهول)، لكن أبا زرعة سُئِل عنه فقال: (ليس به بأس)، وقال عنه ابن الجوزي في التحقيق: (ما عرفنا أحدًا طعن فيه)، وذكر الشنقيطي في "أضواء البيان"[42]: أن من قال ثقة يقدَّم على قول من قال إنَّه مجهول؛ لأنه اطَّلع عليه، ومن حفظ حجة على مَن لم يحفظ، فالأخْذ بتوثيق بما فيه مقدَّم على غيره، وذكر الشيخ الألباني للحديث علة أخرى، وهي ضعف (إبراهيم بن أيوب) الراوي عن (عافية)، ناقلاً تضعيفه من كتاب "لسان الميزان" المطبوع، وذكر أنه لم يسبقه أحد إلى الطعن في هذا الحديث من قبل (إبراهيم بن أيوب)، وبيَّن الدكتور إبراهيم الصبيحي في فقه "زكاة الحلي"[43]، أنَّ هذا ناشئ من تصحيف وَقَع في نسخة المطبوع، بعد الرجوع إلى مخطوطتين لـ"لسان الميزان"، وبيَّن أن مَن يسمَّى بـ(إبراهيم بن أيوب) في كتب الرجال عددهم خمسة، وأن المقصود في حديث جابر هو (إبراهيم بن أيوب الحوارني الدمشقي) من العبَّاد، ولم يضعفه إلا أحمد بن محمد بن عثمان المقدسي دون تفسير لهذا الجرح، فاعتبره البعضُ حسنًا صالحًا للاعتبار.

3 - ما رواه مالك في "الموطأ": أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها، لهنَّ حلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة، واعتبر ابن حزم[44] أن هذه الرواية مروية من أصح طريق.
ووجه الدلالة: أن هذا عمل عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وحكم حليِّها لا يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره، وتقدم أن هذا رأي جمع من الصحابة، ومنهم عبدالله بن عمر- رضي الله عنه - فإن أخته حفصة كانت زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وحكم حُليِّها لا يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يخفى عليها حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه.
4 - أن الزكاة فرضت في الأموال المعدَّة للنماء دون ما أعد للقنية والانتفاع، فلا تجب في الدُّور التي تُسكن، ولا في عبيد الخدمة، ولا في الثياب التي تُلبس، ولا في أثاث البيت ونحوه مما أُعدَّ للانتفاع به والاستعمال، والأصل فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة))، والحلي المستعمل أنما يدخل تحت هذا الأصل؛ لأنه لا ينمو بل ينقص، وما خرج عن الأموال النامية فلا زكاة فيه، وهذا الأصل لا يُخرج منه إلا بدليل ناقل.
5- أنه لم يرد في الحلي دليل صحيح يوجب زكاته، والأصل براءة الذِّمَّة حتى يأتي دليل ناقل عن هذا الأصل، والعمومات لا تكفي للاستدلال على أنه تقدَّم الجواب عنها.
6- أن الزكاة شعيرة من شعائر الإسلام وإيجابها في الحلي أمر تَعمُّ به البلوى، فلا يوجد بيت من بيوت المسلمين إلا وفيه ذلك، فكيف لم يأت فيه بيانٌ عامٌّ تتناقله الأمة، حتى لا يعلم به أقرب الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟! بل نُقل عنهم خلاف ذلك، ولم ينقل عن الخلفاء الراشدين من بعده أيضًا مع أنه أمر تعمُّ به البلوى[45].

وهذا القول هو الأظهر والله أعلم، ولا يخفى أن الاحتياط في هذه المسألة أفضل، وأن المرأة تخرج زكاة حليِّها إذا بلغ النصاب، واختار الشيخ محمد الأمين الشنقيطي القول الثاني وقال: "وإخراج زكاة الحلي أحوط"[46].

وقد أُلِّفَت في هذه المسألة كتبًا من أجودها وأمتعها كتاب الدكتور إبراهيم الصبيحي "فقه زكاة الحلي"، وكتاب للدكتور عبدالله الطيار "زكاة الحلي في الفقه الإسلامي"، وكتاب للشيخ فريح البهلال "امتنان العلي بعدم زكاة الحلي"، وكلهم رجَّحوا عدم وجوب الزكاة في الحلي المستعمل.

فائدة: إذا كان الحلي من الجواهر أو الياقوت، فلا زكاة فيه بإجماع العلماء، كما نقل ذلك ابن عبدالبر في "الاستذكار"[47].

المسألة السابعة: تجب زكاة الذهب في الحالات الآتية:
1- إذا أُعدَّ للكراء (أي للتأجير).
والتعليل: لأنه خرج بذلك من كونه مُعدًّا للاستعمال إلى كونه مُعدًّا للنماء والثمنية، فيرجع إلى الأصل وأنه تجب فيه الزكاة.
2- إذا كان مُعدًّا للنفقة.
والتعليل: لأنه خرج بذلك من كونه مُعدًّا للاستعمال إلى كونه مالاً يُدَّخر، يستفاد منه عند الحاجة إليه، كأن يكون عند امرأة ذهب اشترته أو أهدي إليها لا تريد أن تستعمله، وإنما تريد أن تدَّخره، فإذا احتاجت إلى شراء شيء باعت منه، واشترت بقيمته ما تريد، فهذا فيه زكاة؛ لأنه أشبه النقود، وهذا بإجماع العلماء.
3- إذا كان الذهب محرَّمًا.
كأن يكون على صورة روح؛ كفراشة، أو ثعبان، أو أي حيوان، أو كأن يكون ذهبًا فيه إسراف، أو كأن يكون ذهبًا مغصوبًا، أو ذهبًا عند رجل يلبسه، فهذا كله محرم، فتجب فيه الزكاة، وهذا باتفاق العلماء[48].

وهذه الحالات الثلاثة تجب فيها زكاة الذهب على قول المذهب أيضًا؛ لأنه خرج عن كونه معدًّا للاستعمال، أو لأنه استعمل استعمالاً محرمًا.

الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح

ـــــــــــــــــــ
[1] "مسائل أبي داود" (ص262).
[2] رواه البخاري (65)، ومسلم (2092).
[3] رواه مسلم.
[4] رواه مسلم.
[5] "الإرواء" 4/304.
[6] رواه مسلم.
[7] انظر: "أحكام الخواتيم" ص94.
[8] رواه البخاري (5149)، ومسلم (1425).
[9] انظر: "أحكام الخواتيم"؛ لابن رجب (ص48)، و"الممتع"؛ لشيخنا 6/125.
[10] "مصنف ابن أبي شيبة" (5234).
[11] رواه أبو داود (4232)، والترمذي (1770)، والنسائي (5162)، وأحمد (1258).
[12] انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" 8/498، 499.
[13] رواه مسلم (2090).
[14] رواه أحمد (4/307، 394)، والنسائي (8/161)، والترمذي (1720)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[15] رواه أحمد، والحديث ضعيف؛ لأن في سنده شهر بن حوشب.
[16] رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وضعف الحديث الخطابي في "معالم السنن" 6/128، وأعلَّه بالانقطاع، لكن قال المنذري في "الترغيب" (1/275): لكن روى النسائي عن قتادة عن أبي شيخ أنه سمع معاوية فذكر نحوه وهذا متصل، وأبو شيخ ثقة مشهور".
17] رواه البخاري.
[18] انظر: "المغني" 4 / 220.
[19] "المحلى" 6 / 92.
[20] "سبل السلام" 2 / 263.
[21] "مجموع فتاوى ابن عثيمين" 18 / 157.
[22] انظر: "تفسير ابن كثير" (4/83)، و"الدر المنثور" (7/333).
[23] (مَسَكَتان): مثنى واحده مَسَكَة: وهي السوار من الذهب والخلاخيل، (فتخات) جمع فَتَخة: وهي الخواتم، (أوضاح) جمع وَضَح: نوع من حلي الفضة).
[24] "المجموع" 5 / 490.
[25] "الترمذي" 3/ 30.
[26] "المحلى" 6 / 97.
[27] "أحكام الخواتم" ص 196.
[28] "تنقيح التحقيق" 2 / 1425.
[29] "جنه المرتاب" ص 313.
[30] وانظر علل هذه الأحاديث وانتقاد إسنادها بالرجوع لكتب أهل العلم السابق ذكرها، وابن حزم مع أنه يرجح وجوب زكاة الحلي، إلا أنه يضعف هذه الأحاديث لأنه يستدل بالأدلة العامة التي سبقت، ومن أهل العلم من حسَّن هذه الأحاديث بشواهدها.
[31] "سبل السلام" 2 / 263.
[32] انظر: "المجموع" 5 / 492، و"المغني" (4 / 421).
[33] "الدارية" 1 / 259.
[34] "المصنف" 3 / 155.
[35] "صحيح ابن خزيمة" 4 /34.
[36] "الفتاوى" 25 / 16.
[37] "إعلام الموقعين" 2 / 100 - 110.
[38] 1 / 239.
[39] "السيل الجرار" 2 / 21.
[40] 4 / 95.
[41] "عارضة الأحوذي" 3 / 130.
[42] "أضواء البيان" 2 / 446.
[43] "زكاة الحلي" ص 42.
[44] "المحلى" 6 / 79.
[45] وانظر: كلام الشوكاني في "السيل الجرار" 2 / 21.
[46] انظر: "أضواء البيان" 2 / 126.
[47] "الاستذكار" 3/153.
[48] انظر: "أضواء البيان"؛ للشنقيطي 2/126.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كتاب الزكاة (1/8)
  • كتاب الزكاة (2/8)
  • كتاب الزكاة (3/8)
  • كتاب الزكاة (5/8)
  • كتاب الزكاة (6/8)
  • زكاة في شهر البركة
  • كتاب الزكاة (7/8)
  • الزكاة.. وجوبها وأحكامها
  • كتاب الزكاة (8/8)
  • مع الهارب من الزكاة
  • الزكاة: حكم وأحكام

مختارات من الشبكة

  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تخريج الأحاديث والآثار الواردة في كتاب المغني للموفق ابن قدامة المقدسي من بداية مسألة التكفين في القميص والمئزر واللفافة من كتاب الجنائز إلى نهاية باب زكاة الزروع والثمار من كتاب الزكاة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الأصول في النحو(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الصيام من كتاب العمدة في الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي (600 هـ) (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إجماعات ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع) في كتابي: (الشهادات والدعاوى)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
3- سؤال كم يساوي عيار 333على ذهب الدول العربيه
سؤال - المانيا 08-08-2010 11:02 PM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
كم يساوي عيار 333على الذهب المتعارف اهوا ذهب 18 او 12 او غيرها
جزاكم الله الف خير

2- شكر
مروان - المملكه العربيه السعوديه 18-12-2009 03:36 PM
اشكر كل من قام على هذا الموقع وجزاكم الله كل خير انا عندي اختبار في مادة الفقه في احدى الجامعات في المدينه واستفدت كثير منكم وجزاكم الله خير
1- عليكم درس
بنت ناس - الرياض 14-11-2009 03:52 AM
مشكورين
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب